كنت أظن . . ولكني اكتشفت . . فقررت!!
الحلقة (20)
(العمل اليسير والأجر الكبير)!!
كنت أظن . . .
إن عظيم الأجر من الله تعالى؛ والذي يطمع فيه العبد؛ لكي يثقل به موازين أعماله يوم القيامة؛ لابد وأن يقترن حتماً بمشقة العمل التي قد يعجز عنها كثير من الناس، إذ أن (الأجر على قدر المشقة) كما يقال، وأن الأجر اليسير إنما يقترن فقط باليسير من الأعمال!!
ولكني اكتشفت . . .
بعد اطلاعي على كثير من أحاديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وسيرة صحابته الكرام رضوان الله عليهم، ومن تبعهم من التابعين وعباد الله الصالحين؛ أنه لا حرج أبداً على فضل الله، وأن عطاء الله في الأجر بلا حدود، وأن الأجر يتعاظم بحسب صدق النية، والدليل على ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح ابن حبان : (سبق درهم مئة ألف درهم)!!فرجل عنده دينار واحد تصدق بنصفه احتساباً لوجه الله الكريم، خير من رجل عنده مليارات الدنانير تصدق بمئة ألف منها رياءً وسمعة!!ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه؛ يفوز بظل عرش الرحمن يوم القيامة!! وآخر قال لأخيه كلمة طيبة، كانت سبب هدايته؛ فيسعد بها في دنياه وآخرته؛ وينال قائلها من الأجر ما لا عد له ولا حصر إلى يوم القيامة!! ورابع ينظر لوالديه نظرة رحمة فيغفر الله له!! وخامس يتجاوز عن مديون له؛ فيتجاوز الله عنه يوم القيامة!! وسادس يقرر إدخال السرور على أخيه المسلم؛ فيدخل الله عليه السرور يوم القيامة!! وسابع يكظم غيظه وقد كانت لديه القدرة على الانتقام لنفسه؛ فيُدعوه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ حتى يخيره من الحور العين ما شاء!!
فأيقنت بأن هناك الكثير والكثير من الأعمال اليسيرة التي يمكن للعبد بها إدراك الجزيل من الثواب!! لأن العمل اليسير إنما تعظمه النية الصادقة والإخلاص لله عز وجل، وأن العمل الكبير إنما تحقره النية الواهية، وما يخالطها من رياء وحب السمعة!!
وأن الشيطان إنما يسعى دوماً لتثبيطنا عن الأعمال الصالحة صغيرها وكبيرها، كي يفوت علينا الكثير من حظوظ الآخرة التي يمكننا الفوز بها بكل سهولة ويسر!!
وعليه فقد قررت . . .
عقد تجارة رابحة مع الله تعالى!!
أقتنص فيها مواطن الأجر ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، جاعلاً من عقد النية الصادقة (القوس) الذي تنطلق منه سهام أعمالي!! باذلاً قصارى جهدي عدم تفويت الصغير منها قبل الكبير، مع الحفاظ الدائم على تجديد النية؛ لأن ذلك التجديد يعتبر بمثابة الوقود الذي يولد الحرص في قلب العبد على اقتناص المزيد من تلك الأعمال!!
فأكف أذاى هنا، وأبذل معروفاً هناك، وأرسم بسمة هنا، وأمسح دمعة هناك، وأذكر الله في تنهيدة، واستغفره من ذنب في خلوة، وأصلح بين متخاصمين في موطنٍ، وأفرج كربة عن مسلم في موطنٍ آخر، وأعين ذا الحاجة المسكين في دار، وأدخل السرور على مسلم في دارٍ آخر، وقبل ذلك وذاك، أبالغ في بر والداي في ليل ونهار، وأحافظ على الصلاة المكتوبة في أوقاتها مع جماعة المسجد إلى غير ذلك من الأعمال!!
فالسعيد من وفقه الله لطاعته، وإن من جزاء الحسنة، الحسنة تتبعها!! فسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض، فباب التجارة مع الله مفتوح، ونحن من بأيدينا تنمية تلك التجارة أو بوارها، والله يمنح الفرصة لعبده؛ لكي يزداد من الأجر؛ بما يسره من أبواب الخير المتعددة والكثيرة، فهل من مغتنم؟!
تعليق