إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة + تفاعلاتكم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة + تفاعلاتكم

    بسم الله الرحمان الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله

    أيها الإخوة الأفاضل، هل تظنون أن محتوى هذه المقالة مخالف للكتاب والسنة وفهوم سلف الأمة ؟
    إذا قلتم لا تخالف، فما هو موقفكم من الأحداث الجارية؟
    وبماذا تردون على رواد "أساليب" التصدي للإنقلابيين (الواقع المعاش) ؟
    وعلى ضوء ما يجري كيف تنصحون بالعودة إلى الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح والفتن سنة ماضية ؟
    وكيف ترون أساليب الإقناع إن شاء الله ووفق؟

    لا تتخاذلوا...واعلموا أننا مسؤلون أمام العزيز الحكيم مالك يوم الدين الله سبحانه وتعالى لا إله إلا هو وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير

    **********

    أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة
    كتبه : د. عارف عوض الركابي -عفى الله عنه
    منقول

    حديث الناس في المجالس العامة والخاصة والصحف ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الالكتروني في هذه الأيام عن رفع الدعم والغلاء وسوء الأحوال الاقتصادية في بلادنا وارتفاع سعر الدولار والهبوط الشديد لسعر الجنيه ... ويأتي هذا الحال في الوقت الذي تشهد فيه بعض مناطق البلاد حروباً وقتلاً وسفكاً للدماء وتفلتات أمنية ، وبالتالي فإن حالنا حال سيء في ناحيتين مهمتين في الحياة وهما (الأمن) و(الغذاء) ..
    يتحدث الكثيرون عن الأسباب والعلاج، ويصدق المثل في تلك التحليلات الكثيرة المتباينة بأن (وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ).. فكلٌ يحلل وفق ما لديه من معلومات أو قناعات..
    إن لله تعالى في هذا الكون سنناً لا تتبدّل ولا تتغير {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا} –الأحزاب62-.. من تلك السنن أن بقدر إعراض الناس عن دين الله وبعدهم عن أوامره ووقوعهم في نواهيه تكون العقوبات والمصائب والبلايا ، لا تتخلّف هذه السنة الكونية ولا تتبدّل ، قال الله تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} –النحل112- هذه هي النتيجة التي يصل إليها المعرضون عن دين الله وعن توجيهاته وتوجيهات رسوله عليه الصلاة والسلام.
    ومن يتأمل العقوبة التي حكاها لنا القرآن الكريم وحصلت في موقف فيه النبي عليه الصلاة والسلام ومعه أفضل البشر بعد الأنبياء وهم صحابته الكرام عليهم رضوان الله وذلك في يوم أحد فقد قال الله تعالى : {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} –آل عمران 165- .. (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ) ومثله درس آخر في غزوة حنين .. {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا..} -طه 124- فهل عقلنا وتعلمنا هذا الدرس العظيم ؟!
    وفي المقابل الرخاء مع صحة المعتقد والإقبال على الله { لْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(4) } -قريش- .. {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً..} -النحل 97- .. {..فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} -طه 97-
    وقد يصحب الإعراض عن أوامر الله تعالى المجاهرة بالإعراض العصيان وقد ورد الوعيد الشديد للمجاهرين والمجاهرات فقد قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين...).. رواه البخاري ومسلم، فالمجاهرون عرضوا أنفسهم للهلاك والضياع بسبب مجاهرتهم ولم تشملهم معافاة الله لهم ..
    وإذا نظرنا في واقعنا وحالنا وجدنا أنواعاً من الإعراض والمجاهرة بالمخالفات الشرعية ، ومؤسف أن كثيراً من وسائل الإعلام تساهم في نشر الفساد والمجاهرة ، فالشرك بالله وعبادة غيره من المخلوقين تنتشر في جهات كثيرة في بلادنا وبعض وسائل الإعلام تنشر ذلك والأمن بين الخالق سبحانه أنه لمن لا يشركون به شيئا قال الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} -الأنعام 82- وفسر النبي عليه الصلاة والسلام الظلم الوارد في الآية بأنه الشرك بالله وقد قال الله تعالى : {..إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} -لقمان 13-.. والبدع والمعاصي تنشر في الليل والنهار ، ومن المؤسف أن شهر رمضان الماضي تنافست فيه بعض القنوات لتقديم الأغاني وجمع للرجال والفتيات يغنون في وقت صلاة التراويح والملايين يتابعون ذلك وغيره من البرامج الآثمة السيئة التي لا تحل في غير أي زمان فكيف بشهر التوبة والقرآن والصيام والقيام ؟!! ولم ينته شهر رمضان إلا والبلاد تغرقها (مطرتان) ويهلك الكثيرون ويهلك الكثير من الممتلكات والمنازل ويتشرد الآلاف ويرحمنا الناس وتأتينا الإغاثات والمعونات من أشد بلاد الله فقراً !!! {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} -الروم 41- .. فقد ربط الله تعالى بين الفساد وهو نتيجة وبين أفعال الناس وتصرفاتهم.
    هذا هو الداء وهذا هو الدواء، وهذه هي سنة الله الكونية، فعلى الحريص على الإصلاح وتغير الحال أن يحسن وصف الدواء لنفسه ولغيره، فالفساد الذي ينتزع به حق الله في العبادة، أو حق نبيه عليه الصلاة والسلام في الاتباع والطاعة من أهم ما يجب أن يعتنى بحسمه، وكذلك الفساد العقدي الخطير الذي انتشر في بعض جهات بلادنا بالطعن في زوجات النبي الكريم وصحابته الكرام وهو طعن يراد منه الطعن في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا من أسوأ أنواع الفساد في أرض الله تعالى ومن الطعن في القرآن والسنة اللذان شهدا بفضلهم وعدالتهم رضي الله عنهم وأرضاهم ... فالمد الشيعي من أخطر أنواع الفساد الذي ينتشر في البلاد ، ومن صور الفساد انتهاك الأعراض واللعب بأعراض المسلمين ، فامتلأت الشوارع بمناظر مخجلة ، ومؤذية ، بل سوح (ساحات) الجامعات وصالات التعليم تشهد فساداً واضحاً ولا حياء لهؤلاء ، وغيرها من صور الفساد كالظلم وأكل الأموال بالباطل سواء المال العام أم الخاص .
    قال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} -الأنعام 129-
    في تفسير هذه الآية نقرأ في تفسير القرطبي –رحمه الله- ما يلي : "وهذا تهديد للظالم إن لم يمتنع من ظلمه سلط الله عليه ظالما آخر. ويدخل في الآية جميع من يظلم نفسه أو يظلم الرعية ، أو التاجر يظلم الناس في تجارته أو السارق وغيرهم. وقال الفضيل بن عياض: إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم فقف ، وانظر فيه متعجبا. وقال ابن عباس: إذا رضي الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم ، إذا سخط الله على قوم ولى أمرهم شرارهم ..." أ.هـ.
    وفي تفسير السعدي –رحمه الله- نقرأ : "كذلك من سنتنا (أي سنة الله تعالى) أن نولي كل ظالم ظالماً مثله، يؤزه إلى الشر ويحثه عليه ، ويزهده في الخير وينفره عنه ، وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها، البليغ خطرها. والذنبُ ذنبُ الظالم ، فهو الذي أدخل الضرر على نفسه ، وعلى نفسه جنى { ..وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } -فصلت 46- ومن ذلك أن العباد إذا كثر ظلمهم وفسادهم ، ومنْعهم الحقوق الواجبة ، ولَّي عليهم ظلمة ، يسومونهم سوء العذاب ، ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله ، وحقوق عباده ، على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين.كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا ، أصلح الله رعاتهم ، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف ، لا ولاة ظلم واعتساف..." أ.هـ
    ورحم الله هؤلاء الأئمة ، فلمّا علموا وأدركوا آيات الله الشرعية ، وتأملوا آياته وسننه الكونية ، نطقوا بالحكمة وأحسنوا النصح .. فهل من متعظ ؟!
    ولمزيد من التوضيح والبيان فقد جاء عن سيد ولد عدنان عليه الصلاة والسلام ما يلي : عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ :لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ، وَشِدَّةِ الْمَؤُونَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا.وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ ، إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
    أتمنى أن ندرك هذه السنة الكونية التي يجريها الله تعالى في خلقه ، ويتغير بسبب ذلك حالنا فنعلن توبة صادقة وصالحة ونقبل على دين الله تعالى ونعبده على هدي نبيه عليه الصلاة والسلام ونجتهد في الاستقامة على طاعته سبحانه وتعالى ونتناصح ونتعاون على البر والتقوى حتى يغير الله ما بنا ويرحمنا، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} -الرعد 11-.

    *****
    اللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا...كي تنصرنا وتمكن لنا ديننا الذي ارتضيت لنا...آآآمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه
    والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل
    والحمد لله
    التعديل الأخير تم بواسطة -لطفي-; الساعة 14-10-2013, 09:24 PM. سبب آخر: القسم مخصص للشباب فقط (حذف عبارة أيتها الأخوات الفضليات)
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم:
    { اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال و الأهواء و الأدواء } - الألباني "صحيح الجامع" -

  • #2
    رد: أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة + تفاعلاتكم

    فتح الله عليكم نريد مثل هذه المقالات دائما التى تطرح حلول للواقع +تقييم
    التعديل الأخير تم بواسطة -لطفي-; الساعة 14-10-2013, 09:16 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة + تفاعلاتكم

      السلام عليكم

      وفتح الله عليكم أخي الكريم أحمد وعلى إخواننا المسلمين في كل مكان.

      أيها الإخوة في الله ليس الأمر بالهين فنرجوا من الله أن يفتح عليكم وتسهموا في هذا الموضوع الهام وإن لم ندلي بدلونا فيما يحدث من نوازل وفتن فما فائدة تحصيل العلم بعد الإيمان بالله وتوحيده !؟ فكلكم مسؤلون أما الله سبحانه وتعالى...هيا خذوا أقلامكم (أقصد لوحة الفاتيح) وتوكلوا على الله العزيز الغفور...


      والحمد لله
      التعديل الأخير تم بواسطة -لطفي-; الساعة 14-10-2013, 09:18 PM. سبب آخر: القسم غير مخصص للأخوات(حذف عبارة أيها الأخوات)
      قال رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم:
      { اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال و الأهواء و الأدواء } - الألباني "صحيح الجامع" -

      تعليق


      • #4
        رد: أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة + تفاعلاتكم

        أخونا الفاضل ابن الجبل أعتذربداية على حذف مقال الرئيس السادات وخوارج العصر لأن لمنتدى الذى استقيت منه هذا المقال ينتمى للسلفية التجريحية أو المدخلية أو الجامية وقد تم التحذير منهم

        أسباب انهيار السلفية التجريحية
        الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد.....
        إذ أكتب هذا المقال التي انتقد فيه سلفية يحسبها كثير من الشباب أنها تمثل السلف الصالح، و تحرس الشريعة الإسلامية، فإني أقصد بالذات أولئك الشباب الجامعيين و طلبة العلم الشرعي، ممن ركب الله فيهم عقولا صحيحة، و لهم ذهن سيال، قد دجنت هذه السلفية عقولهم بخطاب مغلوط ، و شعارات دينية محتلة، لا تمت لها بصلة وثيقة، أو توضع في غير موضعها، من وصف أهل الحق بالضلال و الزيغ و الفتنة ، و تغليف تأصيلاتها بشعارات:" السنة، و الحق، و الطائفة المنصورة و الفرقة الناجية، و السلف، و أهل السنة"، فينغلق عقل هذا الشباب، أو يحجز عليه فلا يستطيع التمييز، أو لا يتلقى من العلم ما يستطيع التمييز به بين منهج السنة الحقيقي، و بين منهج هؤلاء المركب من قواعد سنية ممزوجة بقواعد خارجية و تصرفات شخصية، وسوء فهم وترتيب للأدلة الشرعية، و بعد عن الواقع، و عجز عن فصل علمي واضح بين اجتهادات أئمة السنة والأصول الشرعية
        .
        هذا المنهج الذي أدخل هؤلاء الشباب فيما يشبه العلمانية الدينية، و فصلهم عن الحياة الإسلامية العاملة، و قتل فيهم روح العمل للإسلام، و الدعوة إليه لا إلى الأشخاص ، فصاروا عقولا ساكنة عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لا تتحرك إلا لإيذاء العلماء و الدعاة، و قطع طريق الدعوة إلى الله أمامهم
        .
        لأنه إذا انفردت الحياة عن الدين فسدت أحوال الناس، وقد صار هؤلاء الشباب بمعزل عن حقيقة الإيمان و كمال الدين، و صار الدين عندهم في محل رحمة، لا في محل علو وعز ،فلما غلب عليهم العجز عن تكميل الدين، و الجزع لما قد يصيبهم في إقامته من البلاء ضعفت طريقتهم في الدعوة إلى الله، و اقتصرت على تتبع أخطاء العلماء، أو افتعالها إن لم توجد ،لأنه لا شيء لهم يعملونه غير ذلك
        .
        و إن غلب على بعضهم الحماس للدين، لكنهم أعرضوا عما لا يتم الدين إلا به من الجماعة الواعية العاملة لبسط الدين على حياة المسلمين برمتها.
        فإلى هؤلاء الشباب ممن يملكون عقولا صحيحة، و نفوسا آبية، و فطرة سليمة أقول: ألا ترون مآسي هذه الجماعة، و كيف أصبحت الأمة تئن من خذلانها و شقها لصفوف أهل السنة ؟
        !
        يلاحظ المتتبعون لأحوال السلفية التجريحية المتقلبة أنها في المدة الأخيرة دخلت في طور الاحتضار و التلاشي، فأصبح الحوار العلمي الصادر عنها حوارا داخليا في الصميم، وعندما أقول الحوار العلمي فإني أقصد حملات السب و الشتم و التجريح المتبادلة، و إن شابها شيء من العلم
        .
        وقد بدأ هذا الانهيار يوم جعلت هذه السلفية مهمتها في الدين التطبيق الحرفي لمسألة هجر المبتدع و التحذير منه،و لا أقصد هنا المبتدع حسب معايير هذه السلفية، فهذا شأن آخر ، ولكن المبتدع وفق المعايير الشرعية، فبدلا من التضييق عليه بشغل المساحات الفكرية و الاجتماعية، و ما يتفرع عنها، التي ينشط فيها وحجزها لنفسه نظرا لاهتمامه بحياة الناس الواقعية، و اقتراحه البدائل لهم انسحبت السلفية التجريحية إلى مجال مطاردته فيما أصاب فيه، و أجاد في استعماله، كخطابه للمعاندين للدين، و مزاحمته العلمانية في مراكز نفوذها و نشاطها
        فالأفكار المعادية للدين أصبحت اليوم تجتاح المجتمعات الإسلامية، و تكتسح المجالات الحيوية للأمة، كالجامعات، مستعملة خطابا ملغما بشبهات المعتزلة و العقلانيين من المتكلمين، تزعزع به مكانة القرآن و السنة في نفوس المسلمين و عقولهم
        .
        و إذا كنا نتفهم سبب إغفال هذه السلفية لهذا الخطر، و أن تكوينها العلمي، و أفقها المعرفي، وربما أحيانا بيئتها الضيقة، المتكونة من العناصر المشابهة لها، و المنقطعة عن العالم الخارجي عنها، و العاجزة كلية عن توجيه أي خطاب إسلامي موضوعي وصحيح لأي طبقة من طبقات المجتمع الثقافية أو الاجتماعية خارج جماعتها
        .
        فمن يخاطب هؤلاء الناس الذين ليسوا علمانيين، ولا شيوعيين، ولا رافضة، و لكن فيهم الاستعداد لأن يصيروا من عناصر هذه الدعوات الباطلة؟!
        ولكننا لا نتفهم هجومها على العلماء و الدعاة و المفكرين المسلمين الذين تنبهوا باكرا لهذا الوباء ، وكيف جعلتهم إما يرضون بتهميش أنفسهم، أو تضييع وقتهم في الرد على تفاهاتها ، و استفراغ الجهد في كشف حقيقتها.
        فلم تفهم هذه السلفية، ولم تدرك وجه الاختلاف بين المبتدع في زمن السلف، وفي تصورهم، أي: المبتدع الذي لا يملك أي مسوغ شرعي على بدعته، ففي أقل أحواله هو أكبر سنا من بدعته في الأصول، وبين مبتدع هو ضحية و نتاج سنين وقرون من التأصيل لهذه البدع ،و تزيينها بالأدلة البدعية ذات الاشتباه الشرعي، أو هي من البدع العملية التي أفرزتها الأحاديث الضعيفة و الموضوعة، و التي لم يكن أصحابها أبدا محل هجر عند السلف.
        فبدلا من إظهار السنة بالدعوة الجميلة التي تبرز محاسنها، و تفوقها في التأصيل و الأسلوب المعتمد على الملاطفة و الإقناع، و الذي يظهر باللزوم مساوئ البدعة و ضعف تأصيلها
        .
        فبدلا من إثبات محاسن الشريعة، وما فيها من الأمر بمصالح العباد، وما ينفعهم من النهي عن مفاسدهم وما يضرهم، وأن الرسول الذي بعث بها بعث رحمة كما قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }.
        ووصف نبيه بالرحمة فقال :{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ }،راحت هذه السلفية تحاول إظهار مساوئ البدعة، و هذا خلط كبير إذ مساوئ البدعة لا تكشف محاسن السنة و لكن العكس صحيح.
        ولما نفذ مخزون المعرضين للتجريح و الذم، أو قل لم يتضرر من هذا المنهج التجريحي المبتدعون الحقيقيون، لأنهم ينشطون في مساحات لا تنشط فيها هذه السلفية، و لا جمهورهم هو جمهورها
        .
        قامت السلفية التجريحية بتعويض النقص بالتسلط على أبناء دعوتهم، و لذلك لم يتأثر بهذا المنهج إلا أهل السنة الذين شوهت صورتهم عند الموافق و المخالف
        .
        ومن أبرز العلامات التي تدلك على بدعية هذا المنهج التجريحي التخريبي و أنه صورة مشوهة، و اختزال فاحش مخل لمنهج السلف، ما تعانيه هذه الجماعة من تآكل داخلي، فلم تعد تستهوي إلا الأحداث، ممن لا يعرف رأسه من قدميه في الدين، أو أصحاب المصالح من الفاشلين في العلم ، الذين يغطون عجزهم و تقصيرهم في حمل رسالة الإسلام إلى كل الآفاق الثقافية و الفكرية بابتغاء العنت لدعاة و علماء السنة العاملين بصدق
        .
        فمنهج هؤلاء هو إفرازات لصفات نفسية تعتري شعورهم فتؤثر على فكرهم و تجعلهم يميلون دائما لناحية التعنت و التصلب،و لذلك لا يستهويهم من صنوف العلم إلا مقالات الطعن في فلان و كشف ضلالات علان، و لعل عداد المواقع الالكترونية يكشف لك عدد القراء لمثل هذه المقالات، و عدد قراء المقالات العلمية.
        وهذا الأمر عرف قديما في الخوارج، و حتى تتحقق منه في القوم فإليك بعض أوجه التشابه، تفهم من خلالها أن القواعد المعمول بها في منهج هؤلاء أقصد قواعد الجرح و التعديل، هي قواعد الخوارج، و ليست قواعد أهل الحديث و السنة.
        ومعلوم أن للخوارج عقيدة معروفة كما لهم منهج معروف في التعامل مع الأخطاء التي هي في نظرهم أخطاء، و يتسم هذا المنهج بالتسرع في الحكم بموجب الخطأ، و عدم اعتباره للاجتهاد و التأويل وعدم العلم، وغيرها من أعذار شرعية صحيحة.
        كما أن علاقتهم ببعضهم البعض ينظمها التوجس من الإخوان، و الحذر منهم، و الكمين لبعضهم البعض، كأنهم لا همّ لهم إلا تصيّد الأخطاء، فهم دائما في استعداد لتلقفها ، و يتوقعونها في كل حين، لذلك عرفوا في التاريخ بسرعة الانشقاق و الانشطار، فكلما حدث فيهم موضوع علمي انقسموا إلى فرقتين أو ثلاث.
        و اليوم نجد بعض من ينتسب للسلف قد أخذ بمنهجهم في إهدار حسنات المؤمنين و التركيز على أخطاء أهل العلم، أو بالأحرى تخطئتهم ولو كانوا مصيبين حتى يذعنوا لهم، و يستسلموا لهم، و لا يصدرون إلا عن رأيهم و أمرهم.
        ولبيان أن منهج هذه السلفية الشاذة و المنحرفة عن منهج السلف الصالح أذكرـ كتبته سنة 2003م ـ بعض أوجه التشابه و المقاربة بينهم و بين الخوارج، نلمس من خلالها منهج هؤلاء الحقيقي، ومن أين استمدوه،
        ـ يتعامل هؤلاء في العلم ومع الناس بكثير من القواعد الضعيفة يخرجونها في قالب السنة، وذلك بالتعبير عنها بألفاظ أهل السنة و الجماعة ومصطلحاتهم، وحتى تعرف ضررهم على الدعوة الإسلامية ، وتعرف أن الألفاظ إذا خالفت مدلولاتها لا تكون عنوانا للحق، ولا للسنة مهما كان الحال،فهذه بعض قواعدهم:
        1 ـ يخلو فكرهم من الشرط والاستثناء حتى يظهر عليهم ذلك عمليا، فلا يقيدون أحكام التفسيق و التبديع و التحريم بالشروط و الموانع، فمتى صدر من المسلم قولا أو فعلا يخالفهم فسقوه و بدعوه.
        ولهذا تجدهم لا يثبتون مرتبة ثالثة، فالناس عندهم إما سنيون و إما مبتدعون، أما سنيون وقعوا في بدعة أو مخالفة فلا.
        و عليه، لا يقولون بالموازنة حتى عند الترجمة المطلقة كما يقول بها أئمة السنة قديما و حديثا لأنها قول ثالث ، ولا يفاضلون بين المخالفين لهم لأنه قول ثالث ،و لا يقولون بالمصلحة و المفسدة لأنه قول ثالث ،و كذلك الغلاة من الأمة كالخوارج الناس عندهم إما مؤمن و إما كافر.
        كذلك لا يفرقون بين مرحلة و مرحلة، بين فترة وفترة، بسبب سوء فهمهم لقاعدة التبديع و التفسيق و التحريم و التكفير، فعندهم طاعة الرسول واجبة في جميع الأحوال و بدون شروط أو انتفاء موانع، أما أهل السنة فيعبر ابن تيمية عن منهجهم المأخوذ من الكتاب و السنة و الإجماع فيقول في(المجموع){71/19}: (( طاعة الرسول إنما تمكن مع العلم بما جاء به و القدرة على العمل به، فإذا ضعف العلم و القدرة صار الوقت و قت فترة في ذلك الأمر فكان و قت دعوة و نبوة في غيره.))
        و ينعكس هذا على هذه الفئة فلا يفرقون في مسألة هجر المبتدعة و مقاطعتهم بين الفترة التي يكون فيها العلم بالسنة منتشرا و أهل السنة أقوياء، بيدهم الحكم والولايات و القضاء، وبين الفترة التي تكون فيها السنة مندرسة و أهلها مستضعفين ليس بأيديهم شيء كما صح عن الإمام أحمد و ابن تيمية و كما صح عن ابن عباس و علي بن أبي طالب في قصة ابن الكواء
        .
        2 ـ يعتقدون أن من يخالفهم من العلماء العدول منحرف عن السنة اجتهادا أو بغير اجتهاد، و أحسن حالهم تخطئته إن كان كبيرا أو صاحب نفوذ.
        3ـ اعتقادهم أن من خالفهم ولم يرجح ما رجحوا فقد ابتدع، فإن كان صغيرا أو ضعيفا لا سلطة له حطوا عليه و تعصبوا عليه ورموه بكل مصيبة، و إن كان من الأكابر تجاهلوه أو حطوا عليه في خاصتهم، أو تأولوا له إذا خافوا سطوته ..
        4ـ يرتبون على تبديع المخالف أحكام الهجر و المقاطعة و التحذير و غير ذلك وهي عند أهل السنة متوقفة على شروط أخرى، ولا يصار إليها في كل حال، فيجعلون ما ابتدعوه من الأقوال المجملة دينا يوالون عليه و يعادون من أجله
        .
        5 ـ عندهم المخالف مبتدع يجب مقاطعته و هجره و ذمه وعدم ذكر محاسنه، ، أما أن يكون سنيا سلفيا مخالفا مجتهدا أو مخطئا يرد عليه و يناظر، ويبين خطأه بدون أن يقاطع و يذم بإطلاق لقيام مصلحة معارضة لذلك فلا.
        أو يكون سنيا أخطا في مسألة أو مسألتين فيرد عليه خطاه بدون أن يبدع و يحذر منه فلا
        .
        6 ـ لا يقبلون التنازل عن الخلاف الفرعي لأجل الألفة و الوحدة، ولا يقولون بالمصلحة والمفسدة، و يتمسكون بالعمل الشرعي الواحد مهما كان، ولو كان في التمسك به ضياع أعمال شرعية عظيمة، و مصالح أكبر منه بكثير، ثم ينسبون ذلك للسلف.
        وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم ترك قتل المنافقين لأجل أمر معنوي ليس هو الألفة، وتنازل عن اسم الرسالة في صلح الحديبية وغير ذلك من أمثلة
        .
        7 ـ يمتحنون الناس باسم السلفية و يعلقون عليه النجاة و الهلاك، ولا يتنازلون عن هذا الاسم ـ في الخطاب ـ إذا فرق الأمة و شتتها،ولو من أجل قبول الناس الحق و غير ذلك،فلا تجدهم يتعاملون بالأسماء الشرعية كمسلم ومؤمن،فهذا نادر جدا فيهم بل جل تعاملهم هو سلفي، مبتدع.
        فإذا قلت لهم مثلا:هل يمكن أن يوجد سلفي يرتكب ذنوبا، فيشرب الدخان؟
        يقول لك: لا أبدا هذا لا يكون، فهو في الحقيقة جعل السلفية مرتبة من مراتب الإيمان، ربما أعلى من مرتبة الإحسان، فإذا سألته: ألا يوجد من السلفيين من ينم، و من يكذب، و من لا يصل رحمه، ومن يتخلف عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،وغير ذلك من الذنوب؟ فكيف علقت النجاة و الهلاك على اسم السلفية؟
        وبناء على مفهومهم للسلفية يجعلونها مذهب بعض أهل العلم، مما يستلزم أن عوام الأمة ليسوا من الفرقة الناجية، بل الفرقة الناجية طائفة من الناس لها مذهب دقيق في الدين في العقيدة و المنهج، أما السواد الأعظم فلا يجدون له مكانة في الفرقة الناجية، وعندما يعلقون الوعد العام و الوعيد العام على المعين، فالخطر الدامس قادم
        .
        8 ـ لهم ورع من جنس الورع الفاسد الناشئ عن قلة العلم وفساد القصد، فالخوارج قتلوا ابن خباب و دفعوا بعد أن تشاجروا ثمن تمرة أكلها أحدهم، وقد سقطت من نخلة نصراني، فالواحد منهم يتورع أن يمشي حاسر الرأس، أو أن يراه الناس في غير زيه الرسمي، ولا يتورع أن يضلل أهل السنة، و يطعن في أعراض المسلمين بالكذب و البهتان، و أن يضلل الأبرياء، ويسب حتى الموتى أو يلعنهم ؟
        قال أحدهم لصديق لي : الآن عرفت السلفية الحقيقية ،فقال له صديقي: ولم؟! فقال له: كنت سابقا أترحم على سيد قطب!
        9ـ يقرؤون السنة يحسبونها لهم وهي عليهم، فتجدهم يلهجون بالسنة وهم أبعد الناس عن معرفتها، و أنا أدعوك إلى أن تقرأ كل رسائلهم في المنهج فحاول أن تجد فيها حديثا واحدا من أحاديثه صلى الله عليه وسلم في الرفق و الحلم و اللين، لا يجدون لها مكانا في منهجهم.
        فلا تجد في مراجعهم النصوص التي تخالف هواهم، وهذا دليل آخر على بدعتهم ومجانبتهم لهدي النبي صلى الله عليه و سلم، فمثلهم مثل سائر الفرق الزائغة تأخذ بعض السنة فتجعلها ديدنها وتهمل البقية فلا تلتفت إليها، وهذا وجه آخر تظهر به المفارقة بينهم وبين السنة
        .
        10 ـ مهاجمة أهل السنة و الجماعة خصوصا و المسلمين عموما، و تتبع عوراتهم شغلهم الشاغل، و يذرون المنصرين و العلمانيين و الزنادقة وغيرهم، فلا تجد لواحد منهم ردا على هؤلاء، و تجد له عشرات الردود على أهل السنة و الجماعة بل لهم المئات منها.
        فإن ذكروا بعض هؤلاء فهو مجرد كلام بدون أدلة و لا حجج ولا جهد مبين، وهم من الأسباب غير المباشرة أو ذات التأثير العكسي لانتشار الأفكار الغالية في بعض الجماعات ، فعندما نحيد عن الموضوع ولا نخوض فيه بمصداقية، ولا نعمل على إزالة أسبابه يعتقد المخالف ضعف حجتنا فلا يعيرها أدنى اهتمام، فهؤلاء يعيشون في عالم و الناس في عالم آخر، و يظنون أن الناس سيلتفتون لتصنيفاتهم بمجرد أن يحذروا من الناس، فمتى لم يثبتوا مصداقيتهم و جدارتهم العلمية كيف يريدون من الناس أن يسمعوا لهم و يتبعوهم، بل الناس في الحقيقة يرونهم جهالا، لا يعرفون من دينهم إلا تقسيم الناس إلى سلفي بسلفيتهم ومبتدع.
        11 ـ يعتدي بعضهم على بعض لأدنى المخالفة، ويؤذون المسلمين ويقولون: هذا غيرة على الحق و دفاعا عن السنة، و إنما هو تعد لحدود الله و ظلم لعباده وصد عن سبيله، ولهذا فأكبر علاماتهم أن أهل السنة و الجماعة منهم في تعب، و المبتدعين الحقيقيين العلمانيين و المنافقين و الظلمة الحقيقيين منهم في راحة، وهذا ضد ما نعت الله به المؤمنين حيث قال:{أشداء على الكفار رحماء بينهم }(الفتح)، و قال:{أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} (المائدة).
        12 ـ لا يقولون بتفاضل المبتدعة، بل هم عندهم كلهم مبتدعة، يجب هجرهم و مقاطعتهم وعدم ذكر محاسنهم بحال، فعندهم المبتدع في الأحكام كالمبتدع في أصول الدين يعامل نفس المعاملة، و لذلك ينزلون نصوص السلف التي قالوها في الجهمية و المعتزلة على أهل السنة و الجماعة الذين يخالفونهم ، ولا يفرقون بين رؤوس البدعة و بين عوام أتباعهم من المقلدة الصرفة، و يعاملون الجميع نفس المعاملة ،و لذلك لا تجد في كتبهم هذا التفصيل، ثم ينسبون هذا للسلف الصالح، وهذا باطل من وجوه كثيرة، لأنه عند السلف المعتزلة خير من الرافضة و من الخوارج، لأن المعتزلة تقر بخلافة الخلفاء الأربع، ويتولون أبا بكر و عمر و عثمان، و جمهورهم يتولون عليا، ومنهم من يفضله على الصحابة، و إن كان فيهم من يفسقه أو يفسق أحد المقتتلين في موقعة الجمل، وهم يعظمون الذنوب و يتحرون الصدق، ولا يختلقون الكذب كالرافضة، و لا يرون اتخاذ دار غير دار الإسلام كالخوارج، ولهم كتب في تفسير القرآن و نصر الرسول، و لهم محاسن كثيرة يترجحون بها على الخوارج و الروافض، وهم قصدهم إثبات توحيد الله و رحمته و حكمته و صدقه و طاعته و أصولهم الخمس على هذه الصفات الخمس، لكنهم غلطوا في بعض ما قالوه في كل واحد من أصولهم الخمس (دقائق التفسير){144/2}.
        و أهل السنة يفضلون مرجئة الفقهاء على غيرهم، ويعدون بدعتهم من بدع الأقوال وليست من بدع العقائد، و يفضلون الأشاعرة على سائر المتكلمين، ويشهدون بسينيتهم في بعض البلاد التي لا يوجد فيها من هو أفضل منهم ،ويعرفون قدر كثير من العلماء المنتسبين لهم ، وقدر ردودوهم على الشيعة و المعتزلة و الفلاسفة وقدر ملوكهم الذين حموا بيضة الإسلام ، و يفضلون صوفية الأعمال على صوفية الأقوال الحلولية والاتحادية.
        13ـ لا يفرقون بين البدعة الصادرة من مسلمين مؤمنين معظمين للرسول و الصحابة، معظمين لكتاب الله ابتدعوها لجهلهم أو لاجتهاد سائغ، قصدوا بها طاعة الله فوقعوا فيها ، و لم يقصدوا بها مخالفة الرسول ولا محاداته، و بين بدع كالرفض و التجهم و الحلول مما كان مبدؤها من قوم منافقين مكذبين لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم مبغضين له.
        14 ـ كذلك لا يفرقون بين هؤلاء المكذبين للرسول، المبغضين لما جاء به، و بين قوم من أهل الخير و الإيمان من الصادقين، دخلوا في شيء من بدع هؤلاء، لان الحق التبس عليهم كمن قال بقول جهم في القدر، أو في غير ذلك، فيجعلونهم في سلة واحدة.
        فأصلهم كأصل الخوارج جعلوا المسلمين كالمجرمين، و المتقين كالفجار، و المحبين للنبي صلى الله عليه و سلم كالمبغضين له، و المحبين المتولين للأئمة أمثال أحمد و سفيان ومالك و الشافعي و ابن تيمية و الذهبي كالمبغضين لهم، المخالفين لهم، المحتقرين لهم بلسان الحال أو لسان المقال.
        15 ـ هم مع أهل السنة و الجماعة في عدم تكفير المبتدع و الفاسق، ومع الخوارج في إهدار حسناته، ففي الأسماء مع أهل السنة، و في الموازنة والحكم مع الخوارج، و إذا قدر أن فرقوا بين أنواع الموازنة في الكتابة فإنهم عمليا يذمون الموازنة بإطلاق، فإن زعموا أنهم سلفية في الأسماء و الأحكام التي تقتضي عند أهل السنة التفاضل، فإنهم لا يطردون هذه العقيدة في الموازنة، و الولاء و البراء، و الشدة و اللين.
        16 ـ يسمون أنفسهم:"السلفية" و "أهل السنة" دون بقية أهل القبلة، و دون بقية أهل السنة و الجماعة، فيسمون من يخالفهم من أهل السنة و الجماعة بأسماء يختلقونها، كمتحزب و مميع و تكفيري وقطبي و غير ذلك، والسلف الصالح لم يكونوا ينكرون على المسلمين انتحال السنة و الجماعة، و لكن ينكرون عليهم مخالفة السنة و الجماعة، فلا ينكر على أحد من المسلمين التسمية بالاسم الشرعي لأنه مطلوب شرعا.
        17 ـ علامة الغلاة كالخوارج و المعتزلة الاختلاف الشديد بينهم، و التكفير لبعضهم بعضا، قال ابن تيمية في (المجموع){52/4}: (( ففي المعتزلة من الاختلافات و تكفير بعضهم بعضا حتى يكفر التلميذ أستاذه من جنس ما بين الخوارج)).
        قلت: وهؤلاء علامتهم الاختلاف، ففي كل يوم يختلفون فيما بينهم، و يبدعون بعضهم البعض، و يضللون بعضهم البعض، و الناس تعرف ذلك جيدا، فإن كان الرجل سنيا قد عرف حالهم تركهم لحالهم وانصرف عنهم.
        18 ـ التعمق و التنطع في دعوى السنة، حتى يخرجون أقواما منها بالخطأ اليسير، أو بالتأويل الفاسد، و يطعنون في الناس بسبب المخالفة، وعلامة التنطع و التعمق إعطاء الأشياء الصغيرة قيمة فوق أصول الدين و أركانه، فمن يجعل موضوع السترة أو اللباس أو اللحية أو النشيد أصلا يوالي و يعادي من أجله فهو متنطع متعمق بلا شك، و الأخبار في هذا كثيرة لا يحتملها هذا المقال، ولا أريد أن أشينه بها.
        ومن بدعهم اعتبار الإسبال علامة فارقة في المنهج السلفي، و كذلك الأخذ من اللحية، و تغطية الرأس!
        19 ـ يحرمون ما أحل لله من نكاح المسلمات، فينهون عن نكاح من لم تكن مثلهم ليس على سبيل المعاقبة و سد الذريعة بل يجعلون تحريم نكاحهم حكما مؤبدا،ولهم في ذلك كلام مشهور في الإخوانية و التبليغية .... وهذا تحريم لما أحل الله، وهو نوع من الشرك به سبحانه و تعالى، قال الخطابي: ((أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين و أجازوا منا كحتهم و أكل ذبائحهم و أنهم لا يكفرون ماداموا متمسكين بأصل الإسلام.)) (الفتح){300/12}.
        20 ـ يستحلون الأعراض المحرمة بحجة الجرح و التعديل، و التعريف بحقيقة الرجال،و ما يسمونه علم الجرح و التعديل هو علم صياغة الإشاعة وطرق ترويجها .
        21 ـ كذلك يتخذون زيا واحدا من اللباس، لا يخرجون عنه تعبدا وقربة ليس من قبيل العادة، قال ابن تيمية في ( الاستقامة){260/1}: (( ولاريب أن كثيرا من النساك و العباد و الزهاد قد يكون فيه شعبة من الخوارج، و إن كان مخالفا لهم في شعب أخرى، فلزوم زي معين من اللباس سواء كان مباحا أو كان مما يقال إنه مكروه، بحيث يجعل ذلك دينا و مستحبا و شعارا لأهل الدين، هو من البدع أيضا فكما أنه لا حرام إلا ما حرمه الله، فلا دين إلا ما شرعه الله)).
        ونحن نعلم أن الله تعالى لم يحرم نكاح الإخوانية و التبليغية و الصوفية و الأشعرية، ولم يحرم لباس إلا القميص وما يشبهه، ولم يحرم الصلاة على موتى المسلمين، و الصلاة خلف أئمتهم، و إنما فعله السلف لأجل المصلحة و بضوابط، فالسني يقول: لا يصلي على المبتدعة الدعاة أهل الفضل من الأئمة عقوبة لهم، لا لأنه لا تجوز الرحمة لهم.
        و هؤلاء يقولون : لا يصلى أحد على كل مبتدع، فلا يفرقون بين من يجوز له الامتناع من الصلاة عليه ومن لا يجوز له، ولا يفرقون بين المبتدع الداعية و مقلدته، فجعلوا أنفسهم أئمة يقتدى بهم، وهم في الحقيقة إذا امتنعوا عن الصلاة على أحد المسلمين لم يلحظهم أحد، لان المصلى يبقى ممتلئا فهم قلة و أقل من القليل، وحتى عندما يموت الناس لا تظهر عليهم الرحمة وطلب العذر وسؤال المغفرة للميت.
        22 ـ ينتحلون اتباع أئمة السنة و يخالفونهم في المنهج، في كيفية الدعوة،فأئمة السنة يقولون باللين و الشدة، و هؤلاء يقولون بالشدة فقط، وأئمة السنة يفرقون بين أنواع المبتدعة في أخذ العلم و النظر في كتبهم، وهؤلاء يرون الكل شيئا واحدا، بل لا يقولون مثل هؤلاء الأئمة بالمصلحة و المفسدة في معاملة المبتدع، فلزم أنهم مخالفون لهؤلاء الأئمة في المنهج، قد خالفوا من ينتحلون إتباعه، فخابوا و خسروا لأنهم يذمون و يخالفون ما في سلفهم.
        23 ـ الخوارج يأمرون و ينهون و يقاتلون المسلمين لإزالة الفتنة زعموا، وفعلهم أعظم الفتنة، و المرجئة ينكلون عن الأمر و النهي و القتال في سبيل الله القتال المشروع، الذي يكون به الدين كله لله، و تكون به كلمة الله هي العليا خوفا من الفتنة، وهم قد سقطوا في الفتنة.
        وهؤلاء لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر إلا فيما اعتقدوه مخالفا لهم، أما فسق الأعمال و الظلم و الطغيان فلا يأمرون فيه بالمعروف ولا ينهون عنه خوف الفتنة زعموا.
        و يهجرون ويقاطعون ويذمون و يحذرون من المسلمين عموما، ومن أهل السنة خصوصا طلبا للإزالة الفتنة زعموا، وعملهم هذا أعظم الفتنة، إذ لا يفرقون بين السني و المبتدع، ولا يفرقون بين البدع الظاهرة الواضحة المخالفة لأهل السنة و الجماعة، و بين مسائل الاجتهاد و الخلاف السائغ، و لا بين المعذور و غير المعذور، كما لا يفرقون بين زمن الدعوة و التعليم، وزمن المعاقبة و التأديب.
        فدعوتهم لا يكون بها الدين الجامع، ولا تكون بها كلمة الله هي العليا، إذ ينكلون عن أمر الأقوياء و الولاة و التجار و الأصحاب بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر اقتصر عندهم على معاملة المبتدع، أما العقيدة و الأعمال و السلوك و الأخلاق و السياسة و الدعوة إلى الله، فليس عندهم فيها أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر، ولذلك يعادون كل قاص واعظ، ولو لم يعتمد الحكايات المكذوبة، ولم يدع إلى العقائد الباطلة.
        24 ـ حقيقة دعوتهم الأمر بإتباعهم و بالتوبة إليهم، لا اتباع الرسول و التوبة إلى الله، و ينهون عن مخالفتهم، لا مخالفة الكتاب و السنة ..
        25 ـ يزعمون زورا أن المبتدعة يلبسون على الناس بانتحال اتباع ابن تيمية و أحمد حتى يغروا الناس بقولهم وتنطلي عليهم بدعهم، وهذا باطل عظيم إذ لم يكن في يوم ما انتحال اتباع أحمد و ابن تيمية شعار المبتدعة، بل شعار المبتدعة إظهار بدعهم في قوالب السنة وذم الإمام أحمد و ابن تيمية تصريحا أو تلميحا، فيسمون الأشياء بتسميتها الشرعية و يقصدون بدعهم و باطلهم، فمتى كان ديدن الرجل الاستشهاد بأئمة السنة فهو سني قد يخطئ، ولكن لا يكون المبتدع أبدا ممن يداوم على الاستشهاد بأئمة السنة.
        وعليه، يظهرون باطلهم في القوالب الشرعية، كأن ينسبون بدعهم للسلفية، وهذه بعض اللامحات قس عليها أعمالهم ، قال ابن القيم في (إغاثة اللهفان){81/2}: (( أخرج الظلمة الفجرة الظلم و العدوان في قالب السياسة و عقوبة الجناة {...}و أخرج الروافض الإلحاد و الكفر و القدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله و أوليائه و أنصاره في قالب محبة أهل البيت و التعصب لهم وموالاتهم، و أخرجت الإباحية و فسقة المنتسبين إلى الفقر و التصوف بدعهم و شطحهم في قالب الفقر و الزهد و الأحوال و المعارف و محبة الله ونحو ذلك، و أخرجت الاتحادية أعظم الكفر و الإلحاد في قالب التوحيد و أن الوجود واحد{...} و أخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات أفعالها و أعيانها في قالب العدل، وقالوا:لو كان الرب قادرا على أفعال عباده لزم أن يكون ظالما لهم، فاخرجوا تكذيبهم بالقدر في قالب العدل، و أخرجت الخوارج قتال الأئمة و الخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
        و اخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة بحسب تلك البدع، فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق.))
        و أخرجوا باطلهم في تفريق المسلمين و تشتيت وحدتهم في قالب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، وهذه بدعة الخوارج ينكرون المنكر بما هو أنكر منه.
        كما أخرجوا ظلم المسلمين و البغي عليهم و العدوان عليهم بالزيادة على القدر المشروع في المبتدعين، و إلحاق السنيين بالمبتدعين، في قالب منهج السلف الصالح في هجر المبتدعة، و السلف إنما يقولون بالهجر في موضعه و التأليف في موضعه، و الصحابة عاملوا صبيغا ومن هو مثله ثلاث معاملات مختلفة، و هؤلاء يريدون معاملتهم معاملة واحدة، وهي التي تتفق من نفسيتهم الحرورية و شدتهم الموسوية
        .
        فهؤلاء الذين ينسبون أنفسهم لأهل السنة كاهل الباطل يخرجون باطلهم في قوالب شرعية، و يأتون بالأسماء الشرعية بصورها دون حقائقها و مقاصدها.
        و الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، و السلام عليكم.
        الشيخ مختار الأخضر طيـباوي

        تعليق


        • #5
          رد: أحوالنا الراهنة .. وسنن الله الكونيّة + تفاعلاتكم

          و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
          بارك الله فيك أخونا الفاضل على هذا الكلام الراق و جعله في ميزان حسناتك
          تقييم

          تعليق

          يعمل...
          X