لا شك أن المرء يتأثر بما حوله من الظروف والأحوال فالبيئة مؤثرة ,
وبمن يعايشهم ويساكنهم من الأصدقاء والمقربين فالمرء على دين خليله ,
بل وبمن يواجههم من الأعداء فأهل الثغور ليسوا كغيرهم من أهل القرى والأمصار في عقر دور الإسلام ,
بل إنه يتأثر بما يقتني من أنواع الحيوانات ! ,
ولقد عقد الإمام ابن القيم - رحمة الله عليه - مبحثا دقيقا في " ابن آدم واكتساب الصفات الحيوانية " ,
واستفاده من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " التواضع في أهل الغنم والكبر في أهل الخيل والإبل " , الخُيَلاءُ والفَخْرُ في أهلِ الخيْلِ والإبِلِ والسكينةُ في أهلِ الغَنَمِ
الراوي: أبو هريرة المحدث:أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 16/104
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فهؤلاء الذين يرعون الغنم يكتسبون صفة التواضع من حال أغنامهم التي لا تكاد ترفع رأسها عن الأرض وهي محنية العنق للأسفل ,
في حين أن أولئك الذين يمتلكون الخيل والإبل يرثون منها الكبر إذ هي عالية الرأس مشرئبة العنق على الدوام إلا ما يكون من حال الطعام ونحوه مما هو قليل عارض .
ولذلك تجد القرآن يتحدث عن هؤلاء الأعراب الأغلاظ الجلاف - إذ ذاقو قسوة الصحراء وعالجوا الصخور والجبال - واصفا إياهم بأنهم أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ,
ولكن في الوقت ذاته يوضح القرآن استثناءا , فيقول " ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق مغرما عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته "
فالواجب على من استسلم للشرع وانقاد للدين أن يضبط انفعالاته وتوجهاته وفقا لمراد الله منه فإنما هو عبد ,
وألا يسمح لمؤثر خارجي أن يسيطر عليه فيحول وجهته عن حدود الشرع فهذا مقتضى التكليف
م.محمد جمال بدوى(بتصرف)
تعليق