المدينة الطاغية !
خالد رُوشه | 15/4/1434 هـ
معاناة يومية يلقاها القاطنون في المدن الكبيرة , خصوصا تلك التي افتقدت كثيرا من مقومات الراحة وافتقد سكانها كثيرا من مقومات الحياة الرغيدة..
الشوارع المزدحمة هي اول ما يلفت انتباه آلامك التي تبدأ في الصراخ عندما تتعرض لذلك النوع من القهر اللاإنساني الذي يمر بك يوميا مرات ومرات
التلوث والزحام والضجيج والتسارع في الوتيرة والتصارع على المكتسبات الشخصية ذات المصلحة الخاصة , كلها عناصر تجتمع لتشكل لون الألم والمعاناة التي يشعر بها المواطن في تلك البلاد المترامية الارجاء
كيف نبحث ههنا عن مشاعر الإنسان وكيف - وفي مثل تلك الظروف المتكررة يوميا والتي تقتضي من كل مواطن ساعات من يومه – أن نسأل عن ابداعه أو أن نسأل عن طموحه أو مستوى تميزه الفعلي ؟!
بل انى لنا ان نستطيع أن نتحقق من ميزاته أو صفاته الحقيقية التي يمكنه بها أن يؤثر تأثيرا إيجابيا في مجتمعه الذي يعيش فيه بينما هو يذوب مرارا بين عناصره المميتة !! ؟
القدر الذي تستطيع أن تطلع عليه بمجرد رؤيتك لجوانب حياته هو ذلك القدر الأكثر إيلاما , ذلك القدر الأكثر معاناة .. إذ هو الأكثر بدوا والأكثر أثرا وبروزا في حياته اليومية المقهورة بأثر الاستنزاف النفسي والمعاناة
كثيرون هم الذين تحدثوا وصفا عن حال المواطن في المدن الكبيرة ذات الكثافة السكانية العالية ...بينما أنا هنا أصف حال الإنسان في المدن الاكثر فقرا وهي بالتالي الأكثر قهرا والأكثر تناقضا ..
لا يبقى مكان بين طيات نفسية ذاك المرء سوى لبعض المبادىء والقيم من قبيل الرضا والقناعة والايمان بان مع العسر يسرا , وكلها ولاشك مبادىء وقيم سامية ونافعة ومقدرة غير انها قد تفهم خطا في بعض الأحيان ( كما فهم التوكل – التواكل ) فتسيطر على سلوك الفرد نفسه فتقمع طموحه نحو تعديل جوهري في قدراته الذاتية او نحو طموح مشروع إلى التقدم والرقي والإبداع ...
إنه باختصار يستسلم للقهر من دون أن يشعر وتستسلم نفسه للسير وسط الزحام بلا ادنى بوصلة يمكن ان توجهه نحو ما قد يأمله أو يتمناه ..
المثير ههنا ان الإيمان الذي يتحلى به ذلك الإنسان هو العنصر الاقوى والأكثر اثرا في إبقائه متوازنا إلى حدما اذا اعتبرنا أن الاحتفاظ بالوظيفة والانتظام في الذهاب للعمل يوميا وأداء المطلوب منه وجمع نفقاته الشخصية وبعض من الإدخار هو مظهر من مظاهر التوازن
لاشىء ههنا يمكنه أن يقهر الطغيان في تلك المدن إلا ذلك الإيمان الحق , والثقة الراسخة في الله سبحانه , ثقة في الرزق , وثقة في الرعاية , وثقة في القدرة على الحماية والأمن , وثقة في كفالة الحياة التي قدرت له .
إن رعشة اليد الضعيفة لذلك العجوز بينما ترتفع إلى السماء , تلخص لنا كثيرا من معاني المشهد الذي نتحدث عنه .
وتردد النظرة الرائقة في حدقة عين ذلك الرجل العائل لأسرة كبيرة , بينما هو داخل يهرول إلى المسجد , لايلوي على شىء , ولايلفت نظره شىء سوى صنبور ماء الوضوء , ومنه إلى موقع السجود , يتضرع بين يدي ربه " اللهم استرني واجبرني واكرمني وارحمني "
الغريب أنك إذا سألت أولئك الطيبين فستسمع عجبا من كلمات الرضا والشكر والحمد , وسترى كثيرا من البسمات النقية الشفافة , وتتابعا من تربيتات على كتفيك منهم , قائلة لك " ادع لنا معاك يا أخانا " ... !
خالد رُوشه | 15/4/1434 هـ
معاناة يومية يلقاها القاطنون في المدن الكبيرة , خصوصا تلك التي افتقدت كثيرا من مقومات الراحة وافتقد سكانها كثيرا من مقومات الحياة الرغيدة..
الشوارع المزدحمة هي اول ما يلفت انتباه آلامك التي تبدأ في الصراخ عندما تتعرض لذلك النوع من القهر اللاإنساني الذي يمر بك يوميا مرات ومرات
التلوث والزحام والضجيج والتسارع في الوتيرة والتصارع على المكتسبات الشخصية ذات المصلحة الخاصة , كلها عناصر تجتمع لتشكل لون الألم والمعاناة التي يشعر بها المواطن في تلك البلاد المترامية الارجاء
كيف نبحث ههنا عن مشاعر الإنسان وكيف - وفي مثل تلك الظروف المتكررة يوميا والتي تقتضي من كل مواطن ساعات من يومه – أن نسأل عن ابداعه أو أن نسأل عن طموحه أو مستوى تميزه الفعلي ؟!
بل انى لنا ان نستطيع أن نتحقق من ميزاته أو صفاته الحقيقية التي يمكنه بها أن يؤثر تأثيرا إيجابيا في مجتمعه الذي يعيش فيه بينما هو يذوب مرارا بين عناصره المميتة !! ؟
القدر الذي تستطيع أن تطلع عليه بمجرد رؤيتك لجوانب حياته هو ذلك القدر الأكثر إيلاما , ذلك القدر الأكثر معاناة .. إذ هو الأكثر بدوا والأكثر أثرا وبروزا في حياته اليومية المقهورة بأثر الاستنزاف النفسي والمعاناة
كثيرون هم الذين تحدثوا وصفا عن حال المواطن في المدن الكبيرة ذات الكثافة السكانية العالية ...بينما أنا هنا أصف حال الإنسان في المدن الاكثر فقرا وهي بالتالي الأكثر قهرا والأكثر تناقضا ..
لا يبقى مكان بين طيات نفسية ذاك المرء سوى لبعض المبادىء والقيم من قبيل الرضا والقناعة والايمان بان مع العسر يسرا , وكلها ولاشك مبادىء وقيم سامية ونافعة ومقدرة غير انها قد تفهم خطا في بعض الأحيان ( كما فهم التوكل – التواكل ) فتسيطر على سلوك الفرد نفسه فتقمع طموحه نحو تعديل جوهري في قدراته الذاتية او نحو طموح مشروع إلى التقدم والرقي والإبداع ...
إنه باختصار يستسلم للقهر من دون أن يشعر وتستسلم نفسه للسير وسط الزحام بلا ادنى بوصلة يمكن ان توجهه نحو ما قد يأمله أو يتمناه ..
المثير ههنا ان الإيمان الذي يتحلى به ذلك الإنسان هو العنصر الاقوى والأكثر اثرا في إبقائه متوازنا إلى حدما اذا اعتبرنا أن الاحتفاظ بالوظيفة والانتظام في الذهاب للعمل يوميا وأداء المطلوب منه وجمع نفقاته الشخصية وبعض من الإدخار هو مظهر من مظاهر التوازن
لاشىء ههنا يمكنه أن يقهر الطغيان في تلك المدن إلا ذلك الإيمان الحق , والثقة الراسخة في الله سبحانه , ثقة في الرزق , وثقة في الرعاية , وثقة في القدرة على الحماية والأمن , وثقة في كفالة الحياة التي قدرت له .
إن رعشة اليد الضعيفة لذلك العجوز بينما ترتفع إلى السماء , تلخص لنا كثيرا من معاني المشهد الذي نتحدث عنه .
وتردد النظرة الرائقة في حدقة عين ذلك الرجل العائل لأسرة كبيرة , بينما هو داخل يهرول إلى المسجد , لايلوي على شىء , ولايلفت نظره شىء سوى صنبور ماء الوضوء , ومنه إلى موقع السجود , يتضرع بين يدي ربه " اللهم استرني واجبرني واكرمني وارحمني "
الغريب أنك إذا سألت أولئك الطيبين فستسمع عجبا من كلمات الرضا والشكر والحمد , وسترى كثيرا من البسمات النقية الشفافة , وتتابعا من تربيتات على كتفيك منهم , قائلة لك " ادع لنا معاك يا أخانا " ... !
تعليق