السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل كان إبليس علمانياً ؟
سؤال قد يبدو غريباً أو طريفاً ... و لكن اترك هذا السؤال الآن جانباً ...
ما هي العلمانية التي أقصدها ؟
أريد أن أعرفها في البداية كي أكون محدداً ...
العلمانية التي أقصدها هي فصل الدين عن الدولة ... و هي أيضاً رفض أن تكون الحاكمية لله ... و هي أيضاً تحكيم الهوى و الرغبات ...
حسناً و لكن هناك أسئلة ربما ظلت حائرة في أدمغة البعض و هي ..
لماذا تعلمن العلماني ؟ و كيف تعلمن العلماني ؟ و ماذا بعد العلمانية ؟
و هذه الأسئلة يمكن الإجابة عليها جملة واحدة ، و ذلك بتتبع المسار الذي سار فيه العلماني حتى تعلمن ، ثم طريقه الذي لو تمادى لوصل إليه بمحطاته المتعاقبة و التي يتوقف البعض فيها ، و يستكمل الآخرون طريقهم حتى النهاية ...
و في البداية لابد أن نفهم طبيعة العلماني ...
هو شخص له فكر و هو مثقف في أحيان كثيرة بدرجات تقل أو تكثر ، غالباً لا يعلم الكثير عن الدين و لا يقرأ القرآن كثيراً ، إن كان يفعل أصلاً ... و لكنه ليس بجاهل بل لديه من العلم الدنيوي مقدار لا باس به ... و يعلم عن الدين نذراً يسيراً و لكنه يحسبه كثيراً ...
لا تكمن مشكلة العلماني في جهله أو علمه ... و لكنها تكمن في غروره بعلمه و إعجابه بعقله ... فالعلماني معجب جداً بتفكيره و لا يرى شيئاً آخر أفضل منه ...
قد يكون قرأ كثيراً فغره ذلك ، لكن ما فاته أن ما قرأه ربما لا يفيد كثيراً ، فالعبرة ليست بالكم و لكن بالكيف ... لا يهم عدد الكتب بقدر ما يهم نوعية الكتب ...
يزن العلماني الثقافة بالكيلوجرام ... فلما ثقل الميزان فرح بذلك و ظن أنه بلغ ما لم يبلغه غيره .... فتكبر ... وهنا تبدأ القصة ..
أول الطريق ......... إنهم محقون ..
أول طريق العلمانية هو الغرور و الإعجاب بالذات و تمجيد الإنسان لعقله ، قد يصل إلى تلك المرحلة بنفسه ، و لكن في الغالب يغذيها فيه من حوله .
و هو الفخ الذي يقع فيه كثير من المتعلمين ، بعد حصوله على الشهادة الجامعية أو ما بعدها ...
يبدأ في الشعور بأن نظرة المجتمع إليه قد تغيرت ، فهناك هالة من التبجيل و الاحترام تحيطه ... عندما يتكلم فكلامه مسموع ، و لو شطح شطحة فكرية اعتبرت إبداعاً ...
و لو كان من أصحاب الكتب أو الظاهرين في أجهزة الإعلام .. تطلق عليه الألقاب المزخرفة كالمفكر الكبير أو المثقف أو العالم أو الفنان أو المحلل أو الخبير ...
في البداية هو يعلم أنها مجرد ألقاب ... و لكن مع التكرار يبدأ في تصديق ما يطلقه عليه الآخرون ...
فيقول لنفسه نعم أنا قيمتي كبيرة و لكني لا أقدر ذاتي ... هؤلاء الناس يرون في ما لا أرى في نفسي
و لكنهم محقون ... أنا الفلتة العبقري الفذ الذي يصعب أن يوجد مثلي ... إنهم محقون ...
المحطة الثانية ......... ما هذا الجهل ؟
ثم ينتقل الإنسان من مرحلة تمجيده لعقله إلى ازدراء عقول الآخرين ... ثم ازدراءهم هم شخصياً فهو يراهم جهلة جامدي الفكر ، لا فائدة منهم ، و أنه من الخسارة أن يتواجد مثله بين هؤلاء ...
في هذه المرحلة يفضل الإنسان أن يتهم الآخرين بالجهل و الرجعية و الظلام و الغباء ... و أن الحديث معهم مضيعة للوقت ...
في حين ينسب لنفسه العبقرية و الذكاء و أنه يرى ما لا يرون هم بنفاذ بصيرته ... و غالباً ما يشعر أيضاً بالاضطهاد و بأن كثرة الأغبياء تغلب شجاعة ذكاءه الفريد الوحيد الذي لا يجد من يناصره ...
المحطة الثالثة .... ما أعظم عقلي ... لا شريك له ..
في هذه المرحلة بعد أن أطاح الإنسان بكل أفكار الآخرين و اعتبرهم سفهاء ... انتقل إلى ما علم من التشريع الإلهي فعرضه على عقله و علمه الذي حصله ....
و هنا حدث صدام آخر .... لماذا حكم الله بذلك ؟ علمي وعقلي هنا يعارضان و هنا يتحفظان ... هذه أوافق عليها ... و هذه لا أعلم حكمتها ...
و هنا سقط في فخ آخر .... فعلمه الذي حصله ليس علماً مطلقاً و لكنه مهما كثر كنقطة في بحر ... و لا يمكنه استناداً عليه أن يقيم التشريع الإلهي
فهو كالطفل الرضيع الذي يحاول تقييم كتاب في ميكانيكا الكم ... و لكن غروره الذي ورثه من المرحلتين السابقتين تسوغان ذلك و تجعلانه مقبولاً ...
و كانت النتيجة أنه فضل عقله على التشريع الإلهي ... فقال سأنفذ ما أقتنع به ... و أترك الباقي و بدأ يقنع نفسه أن الله لم ينزل تشريعاً ليتبع ...
و لكنه في قرارة نفسه لا يصدق هذا التبرير .... و هنا يبدأ الصراع ...
مبروك ... أصبحت علمانياً
المحطة الرابعة .... الإغراق في المادية ...
يحتدم الصراع بين عقل الإنسان بغروره و علمه المحدود و حقيقة وجود تشريع إلهي ، و لكن هذا التشريع قائم على الإيمان بالغيب ...
و هذا الغيب لا يمكن معرفته و التأكد منه .... ببساطة لأنه غيب ... ما الحل ؟ هل ينتصر الغيب على الملموس ، أم الملموس على الغيب ؟
فيقرر أن ينتصر لعقله
و يكون الحل في إنكار كل ما هو غيبي أو كل ما لا يمكن برهنته بالوسائل المادية أو لا تدركه حواس الإنسان ، و بهذه القاعدة يمكن لهذا الصراع النفسي أن تخف وطأته ....
و هكذا يتحول الدين إلى مجرد موروث قديم ورثناه عن آبائنا ... و لا يختلف عن أي موروث آخر أو دين آخر ورثه الآخرون ...
كلها أديان و الهدف واحد و هو عبادة الله مهما اختلفت أسماؤه ... و بث الفضائل بين البشر ... و هذا لا خلاف عليه ( مؤقتاً )
إذن
فلتحيا كل الأديان و أنا ديني الإسلام ... هكذا وجدت آبائي ...
مبروك أصبحت ماسوني الفكر
المحطة الخامسة .... كن صادقاً مع نفسك ...
هنا يرى صاحبنا أتباع هذا الدين يسعون إلى نشره ... و هؤلاء يدافعون عن دينهم ... و هؤلاء يموتون في سبيله
يصرخ .... ما هذا توقفوا .... ما كل هذا الهراء ... علام هذا كله .... فلماذا تنشر و لماذا تدافع و لماذا تموت ؟
أليست كلها أديان و المهم أن يكون لك دين ؟
و لكن ما معنى أن كلها أديان ... من منهم هو الأصح ؟
كن صادقاً مع نفسك مرة .... قل ما تعتقده ... لا تخش شيئاً ... أنا نفسك ... حدثني
في الواقع ... و يبدأ في حديثه لنفسه ....
في الواقع لقد أقر بأنه لا يؤمن بأن هناك شيئاً اسمه الأديان .... إنها من صنع البشر جميعها
و الله لم يقل شيئاً للبشرية ... لقد خلق الناس و تركهم على حريتهم ... يفعلون ما يشاؤون ...
عند الوصول إلى هذه المحطة يكون صاحبنا قد غرق على التوازي في ملذات الدنيا و يريد أن يحلها لنفسه بكل السبل فقرر التخلص مما تمليه عليه الأديان من قيود ... حتى يقلل مرة أخرى من الصراع النفسي...
و شعاره هنا ما دمت لا أؤذي غيري فأنا حر ... و الحرام هو أن أؤذي الآخرين ( مؤقتاً )
مبروك لقد أصبحت لا دينياً
المحطة السادسة ....... ما المانع ؟
بعد ان استغرق صاحبنا في كل ما يدفعه إليه هواه و شهواته ... شطحت شهواته مرة أخرى و لكنها ستدخل هذه المرة في دائرة ما حرمه هو على نفسه ( إيذاء الآخرين ) ... ماذا أفعل هذه الرغبة تتعارض مع الفضائل المتفق عليها ...
ما بال عقلي توقف ... كان دائماً ما يجد المخرج لي ....
و فجأة يظهر الحل أمامه ... و من الذي اتفق على أن هذه هي الفضائل ... أليست الأديان التي كفرت بها سابقاً ؟
نعم و لكني سأؤذي غيري .... ثم ماذا ؟
ماذا سيحدث لك بعد ذلك إن آذيت غيرك ؟
عقاب الله ... الله ؟
و هل أنزل الله من شيء ؟ حتى تتبعه ؟
و لو كان أنزل هل كنت تراك تصدقه و أنت لم تره رأي العين ؟
لقد تحررت من كل شيء و تبقى الشيء الأخير و هو فكرة وجود الإله ... لو تخلصت منها لانطلقت دون قيود تفعل ما تشاء ... لا إله و لا بعث و لا حساب و لا جنة و لا نار ...
المهم مصلحتك و ملذاتك و احرص ألا تصاب بأذى ... فإنما هي حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر ...
و هنا ينكر صاحبنا وجود الإله ... و يصبح إلهه هواه ... يسمع له ويطيع اينما وجهه ... لا يخشى شيئاً إلا أسباب الموت و الذي يعني نهاية هذه الملذات ...
و هكذا ينتهي الطريق بصاحبنا إلى الإلحاد ...
هل تذكر بماذا بدأ الطريق .... لقد كان الكبر و الغرور
و الآن نعود إلى سؤال البداية ...
هل كان إبليس علمانياً ؟
تذكر كيف كان إبليس مع الملائكة ( لم يكن جاهلاً ) ... و انظر كيف كانت حجته في عدم تنفيذ الأمر الإلهي بالسجود
قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين
لقد أغتر إبليس بأصله و علمه ( رغم عدم الأفضلية لا في هذا و لا في ذاك ) و ظن أنه الأفضل
فتكبر على السجود و ازدرى آدم و أصله ... و عصى الأمر الإلهي الذي لم يتوافق مع تفكير إبليس ... فهذا الأمر لم يكن له ما يبرره حسب تفكير إبليس ... و بالتالي رفضه ...
و لكن إبليس شخصياً لم ينكر وجود الله ، و ذلك أن الإله كان معلوماً لديه فلم يستطع إنكاره و لم ينف أن الله هو ربه و خالقه ...
فطلب من الله أن ينظره إلى يوم القيامة
إذن كل مشكلة إبليس أنه لم ير أن حكم الله واجب التنفيذ ، و رأى أن ينفذ ما قبله عقله و يترك ما لا يقبله و نسي أن عقله و علمه محدودين مهما كبرا و لا يجوز المقارنة بعلم الله المطلق ...
فالمحدود مهما كثر بالنسبة إلى المطلق هو صفر ...
في النهاية
إياك و الاغترار بالعقل مهم رجح و العلم مهم كثر و مدح الناس مهما تزخرف ... فهذا هو أول طريق الهلكة ...
و الآن ما رأيك .... هل كان إبليس علمانياً ؟
منقول
هل كان إبليس علمانياً ؟
سؤال قد يبدو غريباً أو طريفاً ... و لكن اترك هذا السؤال الآن جانباً ...
ما هي العلمانية التي أقصدها ؟
أريد أن أعرفها في البداية كي أكون محدداً ...
العلمانية التي أقصدها هي فصل الدين عن الدولة ... و هي أيضاً رفض أن تكون الحاكمية لله ... و هي أيضاً تحكيم الهوى و الرغبات ...
حسناً و لكن هناك أسئلة ربما ظلت حائرة في أدمغة البعض و هي ..
لماذا تعلمن العلماني ؟ و كيف تعلمن العلماني ؟ و ماذا بعد العلمانية ؟
و هذه الأسئلة يمكن الإجابة عليها جملة واحدة ، و ذلك بتتبع المسار الذي سار فيه العلماني حتى تعلمن ، ثم طريقه الذي لو تمادى لوصل إليه بمحطاته المتعاقبة و التي يتوقف البعض فيها ، و يستكمل الآخرون طريقهم حتى النهاية ...
و في البداية لابد أن نفهم طبيعة العلماني ...
هو شخص له فكر و هو مثقف في أحيان كثيرة بدرجات تقل أو تكثر ، غالباً لا يعلم الكثير عن الدين و لا يقرأ القرآن كثيراً ، إن كان يفعل أصلاً ... و لكنه ليس بجاهل بل لديه من العلم الدنيوي مقدار لا باس به ... و يعلم عن الدين نذراً يسيراً و لكنه يحسبه كثيراً ...
لا تكمن مشكلة العلماني في جهله أو علمه ... و لكنها تكمن في غروره بعلمه و إعجابه بعقله ... فالعلماني معجب جداً بتفكيره و لا يرى شيئاً آخر أفضل منه ...
قد يكون قرأ كثيراً فغره ذلك ، لكن ما فاته أن ما قرأه ربما لا يفيد كثيراً ، فالعبرة ليست بالكم و لكن بالكيف ... لا يهم عدد الكتب بقدر ما يهم نوعية الكتب ...
يزن العلماني الثقافة بالكيلوجرام ... فلما ثقل الميزان فرح بذلك و ظن أنه بلغ ما لم يبلغه غيره .... فتكبر ... وهنا تبدأ القصة ..
أول الطريق ......... إنهم محقون ..
أول طريق العلمانية هو الغرور و الإعجاب بالذات و تمجيد الإنسان لعقله ، قد يصل إلى تلك المرحلة بنفسه ، و لكن في الغالب يغذيها فيه من حوله .
و هو الفخ الذي يقع فيه كثير من المتعلمين ، بعد حصوله على الشهادة الجامعية أو ما بعدها ...
يبدأ في الشعور بأن نظرة المجتمع إليه قد تغيرت ، فهناك هالة من التبجيل و الاحترام تحيطه ... عندما يتكلم فكلامه مسموع ، و لو شطح شطحة فكرية اعتبرت إبداعاً ...
و لو كان من أصحاب الكتب أو الظاهرين في أجهزة الإعلام .. تطلق عليه الألقاب المزخرفة كالمفكر الكبير أو المثقف أو العالم أو الفنان أو المحلل أو الخبير ...
في البداية هو يعلم أنها مجرد ألقاب ... و لكن مع التكرار يبدأ في تصديق ما يطلقه عليه الآخرون ...
فيقول لنفسه نعم أنا قيمتي كبيرة و لكني لا أقدر ذاتي ... هؤلاء الناس يرون في ما لا أرى في نفسي
و لكنهم محقون ... أنا الفلتة العبقري الفذ الذي يصعب أن يوجد مثلي ... إنهم محقون ...
المحطة الثانية ......... ما هذا الجهل ؟
ثم ينتقل الإنسان من مرحلة تمجيده لعقله إلى ازدراء عقول الآخرين ... ثم ازدراءهم هم شخصياً فهو يراهم جهلة جامدي الفكر ، لا فائدة منهم ، و أنه من الخسارة أن يتواجد مثله بين هؤلاء ...
في هذه المرحلة يفضل الإنسان أن يتهم الآخرين بالجهل و الرجعية و الظلام و الغباء ... و أن الحديث معهم مضيعة للوقت ...
في حين ينسب لنفسه العبقرية و الذكاء و أنه يرى ما لا يرون هم بنفاذ بصيرته ... و غالباً ما يشعر أيضاً بالاضطهاد و بأن كثرة الأغبياء تغلب شجاعة ذكاءه الفريد الوحيد الذي لا يجد من يناصره ...
المحطة الثالثة .... ما أعظم عقلي ... لا شريك له ..
في هذه المرحلة بعد أن أطاح الإنسان بكل أفكار الآخرين و اعتبرهم سفهاء ... انتقل إلى ما علم من التشريع الإلهي فعرضه على عقله و علمه الذي حصله ....
و هنا حدث صدام آخر .... لماذا حكم الله بذلك ؟ علمي وعقلي هنا يعارضان و هنا يتحفظان ... هذه أوافق عليها ... و هذه لا أعلم حكمتها ...
و هنا سقط في فخ آخر .... فعلمه الذي حصله ليس علماً مطلقاً و لكنه مهما كثر كنقطة في بحر ... و لا يمكنه استناداً عليه أن يقيم التشريع الإلهي
فهو كالطفل الرضيع الذي يحاول تقييم كتاب في ميكانيكا الكم ... و لكن غروره الذي ورثه من المرحلتين السابقتين تسوغان ذلك و تجعلانه مقبولاً ...
و كانت النتيجة أنه فضل عقله على التشريع الإلهي ... فقال سأنفذ ما أقتنع به ... و أترك الباقي و بدأ يقنع نفسه أن الله لم ينزل تشريعاً ليتبع ...
و لكنه في قرارة نفسه لا يصدق هذا التبرير .... و هنا يبدأ الصراع ...
مبروك ... أصبحت علمانياً
المحطة الرابعة .... الإغراق في المادية ...
يحتدم الصراع بين عقل الإنسان بغروره و علمه المحدود و حقيقة وجود تشريع إلهي ، و لكن هذا التشريع قائم على الإيمان بالغيب ...
و هذا الغيب لا يمكن معرفته و التأكد منه .... ببساطة لأنه غيب ... ما الحل ؟ هل ينتصر الغيب على الملموس ، أم الملموس على الغيب ؟
فيقرر أن ينتصر لعقله
و يكون الحل في إنكار كل ما هو غيبي أو كل ما لا يمكن برهنته بالوسائل المادية أو لا تدركه حواس الإنسان ، و بهذه القاعدة يمكن لهذا الصراع النفسي أن تخف وطأته ....
و هكذا يتحول الدين إلى مجرد موروث قديم ورثناه عن آبائنا ... و لا يختلف عن أي موروث آخر أو دين آخر ورثه الآخرون ...
كلها أديان و الهدف واحد و هو عبادة الله مهما اختلفت أسماؤه ... و بث الفضائل بين البشر ... و هذا لا خلاف عليه ( مؤقتاً )
إذن
فلتحيا كل الأديان و أنا ديني الإسلام ... هكذا وجدت آبائي ...
مبروك أصبحت ماسوني الفكر
المحطة الخامسة .... كن صادقاً مع نفسك ...
هنا يرى صاحبنا أتباع هذا الدين يسعون إلى نشره ... و هؤلاء يدافعون عن دينهم ... و هؤلاء يموتون في سبيله
يصرخ .... ما هذا توقفوا .... ما كل هذا الهراء ... علام هذا كله .... فلماذا تنشر و لماذا تدافع و لماذا تموت ؟
أليست كلها أديان و المهم أن يكون لك دين ؟
و لكن ما معنى أن كلها أديان ... من منهم هو الأصح ؟
كن صادقاً مع نفسك مرة .... قل ما تعتقده ... لا تخش شيئاً ... أنا نفسك ... حدثني
في الواقع ... و يبدأ في حديثه لنفسه ....
في الواقع لقد أقر بأنه لا يؤمن بأن هناك شيئاً اسمه الأديان .... إنها من صنع البشر جميعها
و الله لم يقل شيئاً للبشرية ... لقد خلق الناس و تركهم على حريتهم ... يفعلون ما يشاؤون ...
عند الوصول إلى هذه المحطة يكون صاحبنا قد غرق على التوازي في ملذات الدنيا و يريد أن يحلها لنفسه بكل السبل فقرر التخلص مما تمليه عليه الأديان من قيود ... حتى يقلل مرة أخرى من الصراع النفسي...
و شعاره هنا ما دمت لا أؤذي غيري فأنا حر ... و الحرام هو أن أؤذي الآخرين ( مؤقتاً )
مبروك لقد أصبحت لا دينياً
المحطة السادسة ....... ما المانع ؟
بعد ان استغرق صاحبنا في كل ما يدفعه إليه هواه و شهواته ... شطحت شهواته مرة أخرى و لكنها ستدخل هذه المرة في دائرة ما حرمه هو على نفسه ( إيذاء الآخرين ) ... ماذا أفعل هذه الرغبة تتعارض مع الفضائل المتفق عليها ...
ما بال عقلي توقف ... كان دائماً ما يجد المخرج لي ....
و فجأة يظهر الحل أمامه ... و من الذي اتفق على أن هذه هي الفضائل ... أليست الأديان التي كفرت بها سابقاً ؟
نعم و لكني سأؤذي غيري .... ثم ماذا ؟
ماذا سيحدث لك بعد ذلك إن آذيت غيرك ؟
عقاب الله ... الله ؟
و هل أنزل الله من شيء ؟ حتى تتبعه ؟
و لو كان أنزل هل كنت تراك تصدقه و أنت لم تره رأي العين ؟
لقد تحررت من كل شيء و تبقى الشيء الأخير و هو فكرة وجود الإله ... لو تخلصت منها لانطلقت دون قيود تفعل ما تشاء ... لا إله و لا بعث و لا حساب و لا جنة و لا نار ...
المهم مصلحتك و ملذاتك و احرص ألا تصاب بأذى ... فإنما هي حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر ...
و هنا ينكر صاحبنا وجود الإله ... و يصبح إلهه هواه ... يسمع له ويطيع اينما وجهه ... لا يخشى شيئاً إلا أسباب الموت و الذي يعني نهاية هذه الملذات ...
و هكذا ينتهي الطريق بصاحبنا إلى الإلحاد ...
هل تذكر بماذا بدأ الطريق .... لقد كان الكبر و الغرور
و الآن نعود إلى سؤال البداية ...
هل كان إبليس علمانياً ؟
تذكر كيف كان إبليس مع الملائكة ( لم يكن جاهلاً ) ... و انظر كيف كانت حجته في عدم تنفيذ الأمر الإلهي بالسجود
قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين
لقد أغتر إبليس بأصله و علمه ( رغم عدم الأفضلية لا في هذا و لا في ذاك ) و ظن أنه الأفضل
فتكبر على السجود و ازدرى آدم و أصله ... و عصى الأمر الإلهي الذي لم يتوافق مع تفكير إبليس ... فهذا الأمر لم يكن له ما يبرره حسب تفكير إبليس ... و بالتالي رفضه ...
و لكن إبليس شخصياً لم ينكر وجود الله ، و ذلك أن الإله كان معلوماً لديه فلم يستطع إنكاره و لم ينف أن الله هو ربه و خالقه ...
فطلب من الله أن ينظره إلى يوم القيامة
إذن كل مشكلة إبليس أنه لم ير أن حكم الله واجب التنفيذ ، و رأى أن ينفذ ما قبله عقله و يترك ما لا يقبله و نسي أن عقله و علمه محدودين مهما كبرا و لا يجوز المقارنة بعلم الله المطلق ...
فالمحدود مهما كثر بالنسبة إلى المطلق هو صفر ...
في النهاية
إياك و الاغترار بالعقل مهم رجح و العلم مهم كثر و مدح الناس مهما تزخرف ... فهذا هو أول طريق الهلكة ...
و الآن ما رأيك .... هل كان إبليس علمانياً ؟
منقول
تعليق