معنى مصطلح السلفية و التغيرات التى طرأت على المسلمين منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
أولا معنى السلفيه:-
فى اللغه:هو من تقدمك من آبائك وذوى قرابتك الذين هم فوقك فى السن والفضل والسلف هم المتقدمون وسلف الرجل هم ابواه المتقدمان وقد جاءت كلمة سلف فى القرءان بمعنى مضى. قال تعالى(فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) وقال تعالى(ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء الا ما قد سلف) وقال تعالى(وان تجمعوا بين الاختيين الا ما قد سلف) وقال تعالى فى الصيد قبل التحريم(عفا الله عما سلف)2-من الناحية التاريخيه: فالمراد بالسلف هم الصحابه والتابعون وتابعوهم وليس هذا التحديد الزمنى كافيا فى ذلك بل لا بد ان يضاف الى هذا السبق الزمنى موافقة الكتاب والسنه وروحهما فمن خالف رأيه الكتاب والسنه فليس بسلفى وان عاش بين أظهر الصحابه والتابعين وتابعى التابعينوعلى ذلك فالمراد بمذهب السلف هو ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعون لهم باحسان الى يوم الدين وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد لهم بالأمامه وعرف عظم شأنهم فى الدين وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف كالأئمه الاربعه وسفيان الثورى والليث بن سعد وابن المبارك والنخعى والبخارى ومسلم وسائر اصحاب السنن دون من رمى بالبدعه أو شهر بلقب غير مرضى مثل الخوارج والروافض والمرجئه والجبريه والجهميه والمعتزلهفكل من التزم بعقائد وفقه هؤلاء الائمه كان منسوبا لهم وان باعدت بينه وبينهم الاماكن والازمان وكل من خالفهم فليس منهم وان عاش بين اظهرهم وجمع بهم نفس المكان والزمان
ثانيا متى ظهر مصطلح السلفيه؟:
ظهر مصطلح السلفيه حين دار نزاع حول اصول الدين بين الفرق الكلاميه ومحاولة الجميع الانتساب الى السلف الصالح فكان ينبغى ظهور قواعد واضحه للاتجاه السلفى تميزه عن مدعى الانتساب للسلفيه فمع التطور التاريخى وظهور الفرق المختلفه انحصر مصطلح السلفيه فى المدرسه التى حافظت على العقيده والمنهج الاسلامى طبقا لفهم الاوائل الذين تلقوه جيلا بعد جيل وابرز سماتهم هو التمسك بمنهج النقل. وقد عرفوا فى فترات بأنهم(أهل الحديث) للتمييز بينهم وبين أهل الأهواء كما عرفوا فى أحد الأدوار باسم(أهل السنه والجماعه) استنادا الى الاحاديث التى تحض على الارتباط بالجماعه وتدعوا الى كراهية الاختلاف
ثالثا)التغيرات التى على المسلمين منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى ظهور مصطلح السلفيه:
أولا جيل الصحابه:
بعد انتقال النبى صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الاعلى انقسم المسلمون وقتها الى ثلاث طوائف:الاولى:التى ثبتت على الاسلام نقيا خالصا كما تركه النبى صلى الله عليه وسلم وتضم هذه الطائفه اعيان الصحابه من اهل مكه والمدينه
الثانيه:بقيت على اسلامها ولكنها امتنعت عن دفع الزكاة المفروضه بتأويلات خاطئة وهى طائفة لم تفهم من الدين الا ظواهره فحاربهم الصديق رضى الله عنه حتى عادوا للحقالثالثه:ارتدت ردة شامله عن الاسلام وعادت الى جاهليتها الاولى فحاربهم الصديق رضى الله عنه أيضا حتى أعادهم الى الاسلام.وسمى الطائفة الاولى ب(أهل السنة)وهو معنى قول العلماء:فلان من أهل السنه والجماعة أى ممن لا يرى الخروج عن أئمة الاسلامولقد تضافر أعيان الصحابه لاقامة الدين وارساء قواعده وبذلوا فى سبيل ذلك كل غال وكانت الرغبه ملحه فى توحيد الصفوف وما شهدته الأحداث من منازعات بين الصحابه بعد مقتل عثمان رضى الله عنه لم تكن منازعات ذات آراء عقائديه خاصه بل ظلت جماعه المسلمين بوجه عام محافظة على وحدتها العقائديه فلم تكن هناك نظريات عقائديه تقف وراء هذه المنازعات ولهذا فان الدعوات الغريبه كالسبئيه(نسبة الى عبدالله بن سبأ اليهودى المعروف بابن السوداء كان قائد الفتنه التى انتهت بقتل عثمان ثم تقاتل على ومعاوية رضى الله عنهما)لم تكن هذه الدعوات لتجرؤ على الظهور أمام الملأ بل اختفت فى طيات الفتن
ثانيا:أهل الحديث:
وهم الآخذون بعلم الصحابه رضى الله عنهم والناقلون لما كانوا عليه من أمور الدين وعرفوا أيضا بأنهم أهل الأثر(وهذه النسبه الى الأثر يعنى الحديث وطلبه واتباعه)وامتد ظهورهم وتفوقهم من عصر الخلفاء الراشدين الى عصر بنى أميه وفترة من حكم العباسيينوفى هذه الفتره بدأ الانشقاق الحقيقى بظهور فرقة الخوارج الذين رفعوا شعار( لا حكم الا لله) فكانوا أول حركه تاريخيه تستند على فكر عقائدى تخالف به غالبية المسلمين وتنشق به عنها ولذلك قاتلهم على بن ابى طالب رضى الله عنهم ادراكا منه لخطورة انحرافهم العقائدى.ومن حيث الترتيب الزمنى يمكن أن تعد حركة الشيعه بمثابة الانشقاق الثانى عن الجماعه الاسلاميه.
ولكن انشقاق الخوارج ثم الشيعه لم يؤثر فى الغالبيه العظمى والقاعده العريضه للمسلمين-وهم أهل السنه والجماعه-الذين لم يتميزوا فى هذه الفترة باسم خاص لأنه لا حاجة تدعوهم الى هذا التميز فهم الغالبيه العددية من جانب والتى تجتمع على العقيده الاسلاميه الخالصه النقيه من جانب آخر حيث انهم ملتزمون بالكتاب والسنة دون غيرهما ولم تكن التيارات المنشقه من الخطورة والكثره بحيث تحتاج الى اتجاه معارض يشغل نطاقا واسعا لمواجهتها فالأغلبيه المسلمه المتمسكة بالكتاب والسنه ومنهج الصحابه كانت هى الاصل الذى انشق عنه المخالفون والاصل لا يحتاج الى سمة خاصة تميزه ولكن الذى يوضع له الاسم المعين لتمييزه هو الخارج عن هذا الاصل.لذا لما سأل رجل الامام مالكا-رحمه الله تعالى-عن تعريف أهل السنه أجابه بقوله((الذين ليس لهم لقب يعرفون به لا جهمى ولا رافضى ولا قدرى))......
ثالثا:أهل السنه والجماعه:
لم يأبه المسلمون الأوائل بما ظهر من نظريات فكريه منافيه لما يتناقلونه عمن قبلهم من الصحابه رضوان الله عليهم مطمئنين الى كثرتهم العدديه ولكن لما استفحل الخطر بتعلم الفلسفه وظهور علم الكلام وخوض الخائضين من أهل البدع فى عقائد المسلمين بعقولهم وأهوائهم خاصة فى خلافة المأمون على رأس المائتين من الهجره فما بعدها(المأمون هو بن هارون الرشيد تولى الخلافه بعد مقتل أخيه الأمين اهتم بعلم الكلام واحتضن المعتزله وراجت فى زمنه حركة ترجمة كتب الفلسفه اليونانيه تولى الخلافه بعد المأمون المعتصم)؛ دخل أهل السنه الميدان بمنهج متميز يميز بينهم وبين أهل البدع من المعتزله وغيرهم فكان منهجهم مبنيا على تقديم النقل على العقل وذم الرأى خلافا لمنهج أهل الكلام القائلين بتقديم العقل على النقل لذا صار يطلق لقب (السنى) فى مقابلة لقب( المعتزلى)...
رابعا:محنة الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى:
ابتلى المسلمون فى زمن الامام احمد بمقالة(ان القرءان مخلوق) ويرجع اشتهار هذه المقاله الضاله الى جهم بن صفوان وكان ملحدا عنيدا وزنديقا زائغا وقد تلقى هذه المقاله عن الجعد بن درهم لكنها لم تشتهر فى ايام الجعد كما اشتهرت عن الجهم. فان الجعد لما اظهر هذه المقاله طارده بنو أميه فهرب منهم وسكن الكوفه فلقيه فيها الجهم فتقلد هذه المقاله عنه ولم يكن له أتباع غيره, فلما تمكن منه خالد بن عبدالله القسرى(الأمير) قتله يوم عيد الاضحى بالكوفه. وذلك سنة أربع وعشرين ومائة , وقتل الجهم على يد سالم بن احوز بأصبهان وقيل: بمرو , وهو يومئذ نائبها. ثم تقلد هذه المقاله المخذوله عن الجهم بشر بن غياث بن
أبى كريمة المريسى(المتكلم)شيخ المعتزلة وأحد الذين أضلوا الخليفة المأمون وجدد القول بخلق القرءان وتقلد هذه المقالة عن بشر قاضى المحنة أحمد بن أبى دؤاد وأعلن مذهب الجهميه وحمل الخليفة على امتحان الناس بالقول بخلق القرءان وعلى أن الله لا يرى بالآخره , وكان بسببه ما كان عليه أهل السنه من الحبس والضرب والقتل وغير ذلك.فكان لتمسك الامام أحمد فى هذه المحنه بعقيدة أهل السنه فى هذه المسألة(عقيدة أهل السنه فى القرآن أنه كلام الله غير مخلوق) ومنهجهم فى الاستدلال بالكتاب والسنه أثره فى انتعاش الاتجاه السلفى فى مواجهة خصومه , فالتفت حوله الأمة من جديد لتحافظ على عقيدتها ومنهجها القويم
خامسا: ظهور مصطلح السلفيه:
ظل أهل الحديث من بعد الامام أحمد بن حنبل على المنهج الشرعى المميز لهم الى أن ظهر(أبو الحسن الاشعرى) الذى استخدم المنهج الكلامى فى الدفاع عن عقائد أهل السنة والجماعه فى مواجهة المعتزلة وتابع الاشعرى فى ذلك شيوخ آخرون(كأبى بكر الباقلانى وعبدالقاهر البغدادى وأبى المعالى الجوينى وأبى حامد الغزالى والشهرستانى والرازى والايجى وغيرهم من علماء الاشاعره) ولكن نظريات الاشاعره الكلاميه لم تلق قبولا لدى المتمسكين بمنهج الاوائل أتباع الامام احمد وأهل الحديث والذى اطلق عليهم فى هذه الفتره اسم (الحنابله) لتمييزهم عن الاشاعره وذلك لتمسكهم بعقيدة ومنهج أهل السنه والجماعه التى عليها الامام احمد بن حنبل فكانوا لا يرون التأويل اتباعا لما كان عليه السلف الصالح.أعلن الاشاعره أنهم يدافعون عن العقيده الاسلاميه بواسطة علم الكلام-أو الطرق العقليه-وأنهم يعدون بذلك امتدادا للسلف وأطلقوا على انفسهم لقب(الخلف)تمييزا لهم فصار لقب(السلفيه)يطلق عندئذ فى مقابلة لقب(الخلف).أما الحنابله-أتباع العقيده السلفيه فى ذلك الوقت-فرأوا أن منهج الاشاعره الجديد يعتبر أيضا انسياقا منهم فى التيار الكلامى البدعى وهم فى الاصل أهل حديث لا يحيدون عن منهجهم ولا يقبلون فى ذلك منهجا وسطا.وأتباع المذهب الاشعرى وان كانوا يعدون من أقرب المذاهب الى المذهب السلفى لكونهم أيدوا أهل السنه فى عدة مسائل الا أنهم فى نظر السلفيين ليسوا بسلفيين خلص , لأن المذهب السلفى بمعناه الدقيق يرفض علم الكلام ويلفظه , سواء كان على طريقة المعتزلة أو على طريقة الأشاعرة.....
رابعا السنه و البدعة :
تستعمل كلمة السنة فى مقابل كلمة البدعة والمقصود بالسنة هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتقادا وعبادة وقولا وعملا وكل ما يخالف السنة فهو بدعة.وقد وضع الامام الشاطبى رحمه الله تعريفا محددا للبدعة(فالبدعة عبارة عن طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله).ولقد استطاع السلف الصالح بتفريقهم بين السنة والبدعة أن يحافظوا على دين الاسلام نقيا من شوائب البدع والاهواء.نصل من هذا التتبع التاريخى(الى أن أهل السنة والجماعة هم الامتداد الطبيعى للمسلمين الاوائل الذين تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض , ولا نستطيع أن نحدد لهم بداية نقف عندها كما نفعل مع باقى الفرق.والسؤال عن نشأة أهل السنة والجماعة على وجه التحديد ليس له موضوع كما هو الحال اذا تسائلنا عن منشأ الفرق الأخرى.فالأقرب الى الصحة أن نعتبر أهل السنة كالحلقات الدائرية يتصل بعضها ببعض ويتداخل كل قطر دائرة منها فى الدائرة
الأخرى)
الدكتور علاء بكر
فى الموضوع القادم إن شاء الله سنتكلم عن فضل الصحابة والتابعين والرد على منهج المتكلمين
أولا معنى السلفيه:-
فى اللغه:هو من تقدمك من آبائك وذوى قرابتك الذين هم فوقك فى السن والفضل والسلف هم المتقدمون وسلف الرجل هم ابواه المتقدمان وقد جاءت كلمة سلف فى القرءان بمعنى مضى. قال تعالى(فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) وقال تعالى(ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء الا ما قد سلف) وقال تعالى(وان تجمعوا بين الاختيين الا ما قد سلف) وقال تعالى فى الصيد قبل التحريم(عفا الله عما سلف)2-من الناحية التاريخيه: فالمراد بالسلف هم الصحابه والتابعون وتابعوهم وليس هذا التحديد الزمنى كافيا فى ذلك بل لا بد ان يضاف الى هذا السبق الزمنى موافقة الكتاب والسنه وروحهما فمن خالف رأيه الكتاب والسنه فليس بسلفى وان عاش بين أظهر الصحابه والتابعين وتابعى التابعينوعلى ذلك فالمراد بمذهب السلف هو ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعون لهم باحسان الى يوم الدين وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد لهم بالأمامه وعرف عظم شأنهم فى الدين وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف كالأئمه الاربعه وسفيان الثورى والليث بن سعد وابن المبارك والنخعى والبخارى ومسلم وسائر اصحاب السنن دون من رمى بالبدعه أو شهر بلقب غير مرضى مثل الخوارج والروافض والمرجئه والجبريه والجهميه والمعتزلهفكل من التزم بعقائد وفقه هؤلاء الائمه كان منسوبا لهم وان باعدت بينه وبينهم الاماكن والازمان وكل من خالفهم فليس منهم وان عاش بين اظهرهم وجمع بهم نفس المكان والزمان
ثانيا متى ظهر مصطلح السلفيه؟:
ظهر مصطلح السلفيه حين دار نزاع حول اصول الدين بين الفرق الكلاميه ومحاولة الجميع الانتساب الى السلف الصالح فكان ينبغى ظهور قواعد واضحه للاتجاه السلفى تميزه عن مدعى الانتساب للسلفيه فمع التطور التاريخى وظهور الفرق المختلفه انحصر مصطلح السلفيه فى المدرسه التى حافظت على العقيده والمنهج الاسلامى طبقا لفهم الاوائل الذين تلقوه جيلا بعد جيل وابرز سماتهم هو التمسك بمنهج النقل. وقد عرفوا فى فترات بأنهم(أهل الحديث) للتمييز بينهم وبين أهل الأهواء كما عرفوا فى أحد الأدوار باسم(أهل السنه والجماعه) استنادا الى الاحاديث التى تحض على الارتباط بالجماعه وتدعوا الى كراهية الاختلاف
ثالثا)التغيرات التى على المسلمين منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى ظهور مصطلح السلفيه:
أولا جيل الصحابه:
بعد انتقال النبى صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الاعلى انقسم المسلمون وقتها الى ثلاث طوائف:الاولى:التى ثبتت على الاسلام نقيا خالصا كما تركه النبى صلى الله عليه وسلم وتضم هذه الطائفه اعيان الصحابه من اهل مكه والمدينه
الثانيه:بقيت على اسلامها ولكنها امتنعت عن دفع الزكاة المفروضه بتأويلات خاطئة وهى طائفة لم تفهم من الدين الا ظواهره فحاربهم الصديق رضى الله عنه حتى عادوا للحقالثالثه:ارتدت ردة شامله عن الاسلام وعادت الى جاهليتها الاولى فحاربهم الصديق رضى الله عنه أيضا حتى أعادهم الى الاسلام.وسمى الطائفة الاولى ب(أهل السنة)وهو معنى قول العلماء:فلان من أهل السنه والجماعة أى ممن لا يرى الخروج عن أئمة الاسلامولقد تضافر أعيان الصحابه لاقامة الدين وارساء قواعده وبذلوا فى سبيل ذلك كل غال وكانت الرغبه ملحه فى توحيد الصفوف وما شهدته الأحداث من منازعات بين الصحابه بعد مقتل عثمان رضى الله عنه لم تكن منازعات ذات آراء عقائديه خاصه بل ظلت جماعه المسلمين بوجه عام محافظة على وحدتها العقائديه فلم تكن هناك نظريات عقائديه تقف وراء هذه المنازعات ولهذا فان الدعوات الغريبه كالسبئيه(نسبة الى عبدالله بن سبأ اليهودى المعروف بابن السوداء كان قائد الفتنه التى انتهت بقتل عثمان ثم تقاتل على ومعاوية رضى الله عنهما)لم تكن هذه الدعوات لتجرؤ على الظهور أمام الملأ بل اختفت فى طيات الفتن
ثانيا:أهل الحديث:
وهم الآخذون بعلم الصحابه رضى الله عنهم والناقلون لما كانوا عليه من أمور الدين وعرفوا أيضا بأنهم أهل الأثر(وهذه النسبه الى الأثر يعنى الحديث وطلبه واتباعه)وامتد ظهورهم وتفوقهم من عصر الخلفاء الراشدين الى عصر بنى أميه وفترة من حكم العباسيينوفى هذه الفتره بدأ الانشقاق الحقيقى بظهور فرقة الخوارج الذين رفعوا شعار( لا حكم الا لله) فكانوا أول حركه تاريخيه تستند على فكر عقائدى تخالف به غالبية المسلمين وتنشق به عنها ولذلك قاتلهم على بن ابى طالب رضى الله عنهم ادراكا منه لخطورة انحرافهم العقائدى.ومن حيث الترتيب الزمنى يمكن أن تعد حركة الشيعه بمثابة الانشقاق الثانى عن الجماعه الاسلاميه.
ولكن انشقاق الخوارج ثم الشيعه لم يؤثر فى الغالبيه العظمى والقاعده العريضه للمسلمين-وهم أهل السنه والجماعه-الذين لم يتميزوا فى هذه الفترة باسم خاص لأنه لا حاجة تدعوهم الى هذا التميز فهم الغالبيه العددية من جانب والتى تجتمع على العقيده الاسلاميه الخالصه النقيه من جانب آخر حيث انهم ملتزمون بالكتاب والسنة دون غيرهما ولم تكن التيارات المنشقه من الخطورة والكثره بحيث تحتاج الى اتجاه معارض يشغل نطاقا واسعا لمواجهتها فالأغلبيه المسلمه المتمسكة بالكتاب والسنه ومنهج الصحابه كانت هى الاصل الذى انشق عنه المخالفون والاصل لا يحتاج الى سمة خاصة تميزه ولكن الذى يوضع له الاسم المعين لتمييزه هو الخارج عن هذا الاصل.لذا لما سأل رجل الامام مالكا-رحمه الله تعالى-عن تعريف أهل السنه أجابه بقوله((الذين ليس لهم لقب يعرفون به لا جهمى ولا رافضى ولا قدرى))......
ثالثا:أهل السنه والجماعه:
لم يأبه المسلمون الأوائل بما ظهر من نظريات فكريه منافيه لما يتناقلونه عمن قبلهم من الصحابه رضوان الله عليهم مطمئنين الى كثرتهم العدديه ولكن لما استفحل الخطر بتعلم الفلسفه وظهور علم الكلام وخوض الخائضين من أهل البدع فى عقائد المسلمين بعقولهم وأهوائهم خاصة فى خلافة المأمون على رأس المائتين من الهجره فما بعدها(المأمون هو بن هارون الرشيد تولى الخلافه بعد مقتل أخيه الأمين اهتم بعلم الكلام واحتضن المعتزله وراجت فى زمنه حركة ترجمة كتب الفلسفه اليونانيه تولى الخلافه بعد المأمون المعتصم)؛ دخل أهل السنه الميدان بمنهج متميز يميز بينهم وبين أهل البدع من المعتزله وغيرهم فكان منهجهم مبنيا على تقديم النقل على العقل وذم الرأى خلافا لمنهج أهل الكلام القائلين بتقديم العقل على النقل لذا صار يطلق لقب (السنى) فى مقابلة لقب( المعتزلى)...
رابعا:محنة الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى:
ابتلى المسلمون فى زمن الامام احمد بمقالة(ان القرءان مخلوق) ويرجع اشتهار هذه المقاله الضاله الى جهم بن صفوان وكان ملحدا عنيدا وزنديقا زائغا وقد تلقى هذه المقاله عن الجعد بن درهم لكنها لم تشتهر فى ايام الجعد كما اشتهرت عن الجهم. فان الجعد لما اظهر هذه المقاله طارده بنو أميه فهرب منهم وسكن الكوفه فلقيه فيها الجهم فتقلد هذه المقاله عنه ولم يكن له أتباع غيره, فلما تمكن منه خالد بن عبدالله القسرى(الأمير) قتله يوم عيد الاضحى بالكوفه. وذلك سنة أربع وعشرين ومائة , وقتل الجهم على يد سالم بن احوز بأصبهان وقيل: بمرو , وهو يومئذ نائبها. ثم تقلد هذه المقاله المخذوله عن الجهم بشر بن غياث بن
أبى كريمة المريسى(المتكلم)شيخ المعتزلة وأحد الذين أضلوا الخليفة المأمون وجدد القول بخلق القرءان وتقلد هذه المقالة عن بشر قاضى المحنة أحمد بن أبى دؤاد وأعلن مذهب الجهميه وحمل الخليفة على امتحان الناس بالقول بخلق القرءان وعلى أن الله لا يرى بالآخره , وكان بسببه ما كان عليه أهل السنه من الحبس والضرب والقتل وغير ذلك.فكان لتمسك الامام أحمد فى هذه المحنه بعقيدة أهل السنه فى هذه المسألة(عقيدة أهل السنه فى القرآن أنه كلام الله غير مخلوق) ومنهجهم فى الاستدلال بالكتاب والسنه أثره فى انتعاش الاتجاه السلفى فى مواجهة خصومه , فالتفت حوله الأمة من جديد لتحافظ على عقيدتها ومنهجها القويم
خامسا: ظهور مصطلح السلفيه:
ظل أهل الحديث من بعد الامام أحمد بن حنبل على المنهج الشرعى المميز لهم الى أن ظهر(أبو الحسن الاشعرى) الذى استخدم المنهج الكلامى فى الدفاع عن عقائد أهل السنة والجماعه فى مواجهة المعتزلة وتابع الاشعرى فى ذلك شيوخ آخرون(كأبى بكر الباقلانى وعبدالقاهر البغدادى وأبى المعالى الجوينى وأبى حامد الغزالى والشهرستانى والرازى والايجى وغيرهم من علماء الاشاعره) ولكن نظريات الاشاعره الكلاميه لم تلق قبولا لدى المتمسكين بمنهج الاوائل أتباع الامام احمد وأهل الحديث والذى اطلق عليهم فى هذه الفتره اسم (الحنابله) لتمييزهم عن الاشاعره وذلك لتمسكهم بعقيدة ومنهج أهل السنه والجماعه التى عليها الامام احمد بن حنبل فكانوا لا يرون التأويل اتباعا لما كان عليه السلف الصالح.أعلن الاشاعره أنهم يدافعون عن العقيده الاسلاميه بواسطة علم الكلام-أو الطرق العقليه-وأنهم يعدون بذلك امتدادا للسلف وأطلقوا على انفسهم لقب(الخلف)تمييزا لهم فصار لقب(السلفيه)يطلق عندئذ فى مقابلة لقب(الخلف).أما الحنابله-أتباع العقيده السلفيه فى ذلك الوقت-فرأوا أن منهج الاشاعره الجديد يعتبر أيضا انسياقا منهم فى التيار الكلامى البدعى وهم فى الاصل أهل حديث لا يحيدون عن منهجهم ولا يقبلون فى ذلك منهجا وسطا.وأتباع المذهب الاشعرى وان كانوا يعدون من أقرب المذاهب الى المذهب السلفى لكونهم أيدوا أهل السنه فى عدة مسائل الا أنهم فى نظر السلفيين ليسوا بسلفيين خلص , لأن المذهب السلفى بمعناه الدقيق يرفض علم الكلام ويلفظه , سواء كان على طريقة المعتزلة أو على طريقة الأشاعرة.....
رابعا السنه و البدعة :
تستعمل كلمة السنة فى مقابل كلمة البدعة والمقصود بالسنة هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتقادا وعبادة وقولا وعملا وكل ما يخالف السنة فهو بدعة.وقد وضع الامام الشاطبى رحمه الله تعريفا محددا للبدعة(فالبدعة عبارة عن طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله).ولقد استطاع السلف الصالح بتفريقهم بين السنة والبدعة أن يحافظوا على دين الاسلام نقيا من شوائب البدع والاهواء.نصل من هذا التتبع التاريخى(الى أن أهل السنة والجماعة هم الامتداد الطبيعى للمسلمين الاوائل الذين تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض , ولا نستطيع أن نحدد لهم بداية نقف عندها كما نفعل مع باقى الفرق.والسؤال عن نشأة أهل السنة والجماعة على وجه التحديد ليس له موضوع كما هو الحال اذا تسائلنا عن منشأ الفرق الأخرى.فالأقرب الى الصحة أن نعتبر أهل السنة كالحلقات الدائرية يتصل بعضها ببعض ويتداخل كل قطر دائرة منها فى الدائرة
الأخرى)
الدكتور علاء بكر
فى الموضوع القادم إن شاء الله سنتكلم عن فضل الصحابة والتابعين والرد على منهج المتكلمين
تعليق