خارطة اللّطف!!
ارجع بذكريات أيامك، فكم من رغبة تمنيت تحقيقها، وحال الله بينك وبين ذلك، ثم مع مرور الأيام؛ تبين لك أن اختيار الله لك كان أفضل من اختيارك لنفسك؟!
إننا لو أمعنَّا النظر في أحوال حياتنا، وربطنا السابق باللاحق منها، لتكونت لدينا خارطة عجيبة، تبعث في النفس عند مشاهدتها؛ كل مشاعر الطمأنينة والسكينة، واستشعار حفظ الله ورعايته لنا، فيلهج اللسان تلقائياً بحمده شاكراً، ومستغفراً على ما قد يكون قد خالط القلب من اعتراض على قضاء الله وقدره!!
هذه الخارطة العجيبة، توضح بكل جلاء، مخاطر العجلة والعاطفية المطبقة على العقل، والجهل التام بالمستقبل المسيطر على بني البشر!! في مقابل علم الله وحكمته ورحمته بنا سبحانه، لذا أضحت جديرة بأن تسمى بالفعل :
(خارطة لطف الله تعالى)
ولأن العبد تستولي عليه مشاعر الرغبة والأمل والتطلع دائماً إلى ما هو أفضل، فسيظل يدور في رحى هذا النوع من الصراع بين رغباته وعجزه في كثيرٍ الأحيان!! من أجل ذلك، جعل الله الإيمان بالقدر (خيره وشره) أحد أركان الإيمان، رحمة به منَّا؛ وكأنه يريد أن يمسح على قلب من يستشعر ألم الحرمان ببرد رحمته؛ كي يخفف عنه ما يجده من المشقة النفسية، بأن يقول له (لقد ارتقيت بصبرك ورضاك بقضائي وقدري منزلة عالية في مراتب الإيمان) في حين أن حقيقة ذلك الحرمان إنما هو في حد ذاته (رحمةٌ من الله بذلك العبد) ولكن العبد المسكين؛ لقصور علمه؛ يعجز عن إدراك ذلك، فيتعامل أرحم الراحمين معه بالرفق والرحمة الواسعة بأن يعوضه بالأجر والمثوبة !!فما أعظمه جل شأنه من إله!!
ولكم أستشعر شموخ ذاك العبد الذي يسعى لتحقيق هدفٍ ما، فإذا ما حيل بينه وبين بلوغه مراده؛ على الرغم من أخذه بجميع الأسباب، فرح واستبشر، وقال بملئ فيه: الحمد لله (شرٌ عافانا الله منه)!!
إنها قلوب تعاملت مع الله بمقتضى الرضا والتسليم، فتعدت بسمو إيمانها محدودية النظرة القاصرة لسائر بني البشر، الذين لا تتعدى أبصارهم في معظم الأحيان ما تحت أقدامهم!!
ألا فليحمد الله كل من أعطاه الله أو منعه، وكل من أجاب الله دعاءه أو أخَّره، فكل قضاء الله لنا خير، ونحن نسير في قافلة آمنة مطمئنة؛ طالما أخذنا بالأسباب، وسلمناأمرنا كله لأرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين سبحانه!!
تعليق