السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده . وبعد.
أخى الحبيب ::
إن الحدث الأهم في يوم الجمعة بالنسبة للمسلم هو خطبة الجمعة ، وهي عبادة لها أهدافها ، يتعاون الخطيب المستمعون لتحقيقها ، وكما أن أداء الخطيب لخطبة الجمعة فنٌّ ، كذلك طريقة استماع الحاضرين للخطبة فنٌّ آخر .
ويرتبط هذا الفنّ بالأحكام والآداب الشرعية المتعلقة بالحضور ، وحتى تؤتي الخطبة أُكُلَها وتؤدي دورها ويكون لها أثرها لا بد من تكامل طرفَيْ المعادلة ( الخطيب والمستمع ) في الوصول إلى الأهداف الموضوعة للخطبة .
وكثيراً ما يتم توجيه النقد إلى الخطيب باعتباره الجانب الأهم في المعادلة ، بينما يتم إغفال الدور الهام للمستمع ، ونلاحظ أن الآيات والأحاديث الواردة المتعلقة بخطبة الجمعة موجّهة في الغالب إلى الجمهور الحاضرين ، باعتبارهم الجهة الأكثر عدداً في طبيعة الحال .
إن للخطاب القرآني والتوجيه النبوي أهدافاً شرعية وحِكماً متوخاة من خلال أحكام وآداب الجمعة المستنبطة ؛ كالأمر بالسعي وترك البيع ووجوب الإنصات ، تُخرجها عن الصورة الشكلية التي اعتادها الناس إلى حقيقة أهداف هذه الأحكام بالتفاعل الحقيقي مع خطبة الجمعة تعلُّماً وفهماً وتعليماً وتطبيقاً .
أخى الحبيب ::
قد يكون للخطيب دور فيما يظهر من الخلل في إقصاء الخطبة عن دورها ، إلا أن للمستمع دوراً في ذلك لا يقل أهمية عن دور الخطيب .
ونظراً إلى أن المستمع لا يقيم لخطبة الجمعة تلك الأهمية المطلوبة ويجهل دوره فيها فإنه يتحمّل المسؤولية في بعض مظاهر الخلل ، فترى البعض يجعل وقتها فرصة للاسترخاء أو النوم ، أو يجعل أكبر همّه إحصاء أخطاء الخطيب ؛ للحديث عنها بعد الانتشار في الأرض ، وترى آخرين يصدرون حُكْماً مسبقاً على الخطبة بناء على معرفتهم بتوجّهات الخطيب أو أدائه السابق فلا يجدون فائدة في حكمة يتلقّونها أو فكرة يستمعون لها وإن كانت جديدة عليهم !!!!!
أخى الحبيب ::
إن فن استماع الخطبة يحيط بعمل المستمع قبل التوجُّه إلى الجمعة وأثناء حضوره وبعد خروجه وانتشاره في الأرض ، كما يشمل الجانب الجسدي للإنسان والنفسي والفكري :
* ففي الجانب الجسدي يستعدُّ المستمع للخطبة بأمور عدّة ، منها :
أولاً : أخذ قسط معتدل من النوم ليلة الجمعة ؛ حتى لا يغلبه النعاس أثناء الخطبة ، وذلك باتخاذ الأسباب المؤدية إلى ذلك ؛ كالنوم المبكر وترك السهر الذي اعتاده الناس اليوم فقد ورد النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام وهو عبادة فكيف بمن يفعل محرَّماً أو مكروهاً .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم »
قال الإمام النووي - رحمه الله - : ( والحكمة في النهي عنه أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة .. فاستحبّ الفطر فيه ، فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة ، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة ).
ثانياً : الاعتدال في الطعام والشراب ؛ فلا يخصص يوم الجمعة بصيام ، ولا يثقل معدته قبلها بأنواع الطعام ، ويجعل وقتاً بين تناول الطعام ورواحه إلى الصلاة ، ويجعل للطعام بعد الصلاة نصيباً .
ثالثاً : العمل بالسنن الواردة ؛ كالغسل وهو من آكد السّنن والطيب ، والسواك ، ولبس الحسن من الثياب المناسب لطبيعة المكان ودرجة الحرارة ، فإنها أمور مساعدة على الاستيعاب وتفتّح الذهن وحُسن الاستماع وعدم الانشغال عن الخطبة ، وتمنع النعاس أو النوم
فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : « أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، وأن يستنّ ، وأن يمسّ طيباً إن وجد »
وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - عند أبي داود وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « ما على أحدكم إن وجد ، أو ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته » ، وبوّب البخاري ( باب : يلبس أحسن ما يجد )
رابعاً : عدم التشاغل قبل الجمعة بأمور الدنيا التي تشغل الفكر ؛ كالبيع والشراء وأنواع العقود واللّهو ، وقد جاء النهي عن البيع بعد النداء ويلحق به أنواع العقود ، ولعل الأذان الذي يسبق أذان الجمعة في السوق للتذكير بهذا الأمر .
كما جاء الأمر بالتبكير إلى الجمعة ، والانشغال بأمور الآخرة ؛ كقراءة سورة الكهف والصلاة قبلها تطوّعاً ، قال الله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ](الجمعة : 9) .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرّب بدَنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً أَقْرَن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر »
خامساً : اختيار المكان المناسب في المسجد بحيث يدنو من الإمام ، ولا يستند إلى سواري المسجد وجدرانه إلا لعذر ؛ ليكون شديد الانتباه متيقظاً مشدوداً لكلام الخطيب ، وعليه أن لا يتخطى الرّقاب فيشغل غيره ويؤذيه ، ولا يقيم أحداً ليجلس مكانه ، ولا يجلس مقابلاً بوجهه الناس فينشغل بالاهتمام بهم ويشغلهم .
فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إذا نعس أحدكم يوم الجمعة في مجلسه فليتحوّل من مجلسه ذلك »
وعن أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : « من غسل يوم الجمعة واغتسل ، ثمّ بكّر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام فاستمع ، ولم يلغُ ، كان له بكل خطوة عمل سَنَة أجر صيامها وقيامها ».
طبعاً::كنت أرجو الله أن أكتب هذا الموضوع قبل غداً الجمعة لكن قدَر الله وما شاء فعل .
والحمد لله رب العالمين.
وللحديث بقية إن شاء الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده . وبعد.
أخى الحبيب ::
إن الحدث الأهم في يوم الجمعة بالنسبة للمسلم هو خطبة الجمعة ، وهي عبادة لها أهدافها ، يتعاون الخطيب المستمعون لتحقيقها ، وكما أن أداء الخطيب لخطبة الجمعة فنٌّ ، كذلك طريقة استماع الحاضرين للخطبة فنٌّ آخر .
ويرتبط هذا الفنّ بالأحكام والآداب الشرعية المتعلقة بالحضور ، وحتى تؤتي الخطبة أُكُلَها وتؤدي دورها ويكون لها أثرها لا بد من تكامل طرفَيْ المعادلة ( الخطيب والمستمع ) في الوصول إلى الأهداف الموضوعة للخطبة .
وكثيراً ما يتم توجيه النقد إلى الخطيب باعتباره الجانب الأهم في المعادلة ، بينما يتم إغفال الدور الهام للمستمع ، ونلاحظ أن الآيات والأحاديث الواردة المتعلقة بخطبة الجمعة موجّهة في الغالب إلى الجمهور الحاضرين ، باعتبارهم الجهة الأكثر عدداً في طبيعة الحال .
إن للخطاب القرآني والتوجيه النبوي أهدافاً شرعية وحِكماً متوخاة من خلال أحكام وآداب الجمعة المستنبطة ؛ كالأمر بالسعي وترك البيع ووجوب الإنصات ، تُخرجها عن الصورة الشكلية التي اعتادها الناس إلى حقيقة أهداف هذه الأحكام بالتفاعل الحقيقي مع خطبة الجمعة تعلُّماً وفهماً وتعليماً وتطبيقاً .
أخى الحبيب ::
قد يكون للخطيب دور فيما يظهر من الخلل في إقصاء الخطبة عن دورها ، إلا أن للمستمع دوراً في ذلك لا يقل أهمية عن دور الخطيب .
ونظراً إلى أن المستمع لا يقيم لخطبة الجمعة تلك الأهمية المطلوبة ويجهل دوره فيها فإنه يتحمّل المسؤولية في بعض مظاهر الخلل ، فترى البعض يجعل وقتها فرصة للاسترخاء أو النوم ، أو يجعل أكبر همّه إحصاء أخطاء الخطيب ؛ للحديث عنها بعد الانتشار في الأرض ، وترى آخرين يصدرون حُكْماً مسبقاً على الخطبة بناء على معرفتهم بتوجّهات الخطيب أو أدائه السابق فلا يجدون فائدة في حكمة يتلقّونها أو فكرة يستمعون لها وإن كانت جديدة عليهم !!!!!
أخى الحبيب ::
إن فن استماع الخطبة يحيط بعمل المستمع قبل التوجُّه إلى الجمعة وأثناء حضوره وبعد خروجه وانتشاره في الأرض ، كما يشمل الجانب الجسدي للإنسان والنفسي والفكري :
* ففي الجانب الجسدي يستعدُّ المستمع للخطبة بأمور عدّة ، منها :
أولاً : أخذ قسط معتدل من النوم ليلة الجمعة ؛ حتى لا يغلبه النعاس أثناء الخطبة ، وذلك باتخاذ الأسباب المؤدية إلى ذلك ؛ كالنوم المبكر وترك السهر الذي اعتاده الناس اليوم فقد ورد النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام وهو عبادة فكيف بمن يفعل محرَّماً أو مكروهاً .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم »
قال الإمام النووي - رحمه الله - : ( والحكمة في النهي عنه أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة .. فاستحبّ الفطر فيه ، فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة ، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة ).
ثانياً : الاعتدال في الطعام والشراب ؛ فلا يخصص يوم الجمعة بصيام ، ولا يثقل معدته قبلها بأنواع الطعام ، ويجعل وقتاً بين تناول الطعام ورواحه إلى الصلاة ، ويجعل للطعام بعد الصلاة نصيباً .
ثالثاً : العمل بالسنن الواردة ؛ كالغسل وهو من آكد السّنن والطيب ، والسواك ، ولبس الحسن من الثياب المناسب لطبيعة المكان ودرجة الحرارة ، فإنها أمور مساعدة على الاستيعاب وتفتّح الذهن وحُسن الاستماع وعدم الانشغال عن الخطبة ، وتمنع النعاس أو النوم
فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : « أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، وأن يستنّ ، وأن يمسّ طيباً إن وجد »
وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - عند أبي داود وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « ما على أحدكم إن وجد ، أو ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته » ، وبوّب البخاري ( باب : يلبس أحسن ما يجد )
رابعاً : عدم التشاغل قبل الجمعة بأمور الدنيا التي تشغل الفكر ؛ كالبيع والشراء وأنواع العقود واللّهو ، وقد جاء النهي عن البيع بعد النداء ويلحق به أنواع العقود ، ولعل الأذان الذي يسبق أذان الجمعة في السوق للتذكير بهذا الأمر .
كما جاء الأمر بالتبكير إلى الجمعة ، والانشغال بأمور الآخرة ؛ كقراءة سورة الكهف والصلاة قبلها تطوّعاً ، قال الله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ](الجمعة : 9) .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرّب بدَنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً أَقْرَن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر »
خامساً : اختيار المكان المناسب في المسجد بحيث يدنو من الإمام ، ولا يستند إلى سواري المسجد وجدرانه إلا لعذر ؛ ليكون شديد الانتباه متيقظاً مشدوداً لكلام الخطيب ، وعليه أن لا يتخطى الرّقاب فيشغل غيره ويؤذيه ، ولا يقيم أحداً ليجلس مكانه ، ولا يجلس مقابلاً بوجهه الناس فينشغل بالاهتمام بهم ويشغلهم .
فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إذا نعس أحدكم يوم الجمعة في مجلسه فليتحوّل من مجلسه ذلك »
وعن أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : « من غسل يوم الجمعة واغتسل ، ثمّ بكّر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام فاستمع ، ولم يلغُ ، كان له بكل خطوة عمل سَنَة أجر صيامها وقيامها ».
طبعاً::كنت أرجو الله أن أكتب هذا الموضوع قبل غداً الجمعة لكن قدَر الله وما شاء فعل .
والحمد لله رب العالمين.
وللحديث بقية إن شاء الله
تعليق