السر وراء تعليم الغراب لقابيل
كيف يواري سوءة أخيه
قال تعالى :" فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي
سَوْءَةَأَخِيهِ" (المائدة31).
ذكر ابن كثير (رحمه الله) ما مختصره قال السدي لما مات الغلام تركه
بالعراء ولا يعلم كيف يدفن , فبعث الله غرابين أخوين ,
فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ,فحفر له , ثم حثي عليه ,
فلما رآه قال
" يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي " (المائدة31) ,
وقال ابن عباس جاء غراب إلى غراب ميت فحث عليه من التراب حتى واراه.
لقد ثبت علميا بالدراسة والملاحظة أن الغراب هو أذكي الطيور وأمكرها
على الإطلاق ,ولا يدانيه في الذكاء والمكر إلا بعض الببغاوات ,
ويعلل ذلك بأن الغراب يملك أكبر حجم لنصفي المخ بالنسبة إلى
حجم الجسم في كل الطيور المعروفة
وللغربان محاكم تلتزم قوانين العدالة الفطرية ففي حالة اغتصاب طعام
الفراخ الصغار تقوم جماعة الغربان بنتف ريش الغراب المعتدي
حتى يصبح عاجزا عن الطيران كالفراخ الصغار
قبل اكتمال نمو ريشها ,
وفي حالة اغتصاب العش وتهدمه في مراحل الدفاع عنه تكتفي محكمة
الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدَى عليه ,
وقد يتبع ذلك الطرد من الجماعة إذا تكررت الأخطاء من هذا النوع ,
وفي حالة اغتصاب أنثي غراب آخر فإن جماعة الغربان تقضي
بقتل المعتدي ضربا بمناقيرها حتى الموت .
وتنعقد محاكم الغربان عادة في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض
فضاء واسعة , تتجمع فيه هيئة المحكمة في الوقت المحدد ,
وينحي الغراب المتهم تحت حراسة مشددة ,
وتبدأ محاكمته فينكس رأسه ,
ويخفض جناحيه , ويمسك عن النعيق اعترافا بذنبه .
وهكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض أفضل مما يقيمه كثير
من بني الإنسان ,
فالعدل في الغربان من الأمور الغريزية الفطرية لأنها لا تشرع لنفسها ,
ولكنها تتحرك بفطرتها المسلمة بأن الحاكمية لله وحده
ومن أهم بنودها التشريع.
قال تعالى:
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الارْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ
مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
الانعام (٣٨)
تعليق