بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم النيين محمد بن عبدلله الصادق الأمين وعلى آل بيته الطيبيين الأطهار وعلى صحابتة رضوان الله عليهم ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين
اُحييكم بتحية الإسلام ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )
( رجاء لا يدخل إلا صاحب القلب الكبير ... متجدد بمشيئة لله )
ملاحظة مهمة :- ( هذا حوار بيني وبين نفسي ولا أعني بهِ أحداً )
إن حقيقة الإسلام هي الإستسلام لله عزوجل ولإحكامه وإتباع رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وهذه هي مقتضيات شهادة لا إله إلاّ الله محمد رسول الله وفي مشارق الإرض ومغاربها يوجد الملايين ممن يدَّعي هذه الشهادة ولكن رصيد بعضهم من الواقع الدال على إيفائهم بمقتضياتها ضعيف إن لم يكن معدوماً أو مناقضاً لهذه المقتضيات ويبين لنا الإمام الطيلاني في هذا الفصل التناقضات بين الإدعاء والفعل في أسلوب روحاني بسيط ومنطقي
ويحك ! لسانك مسلم ، أما قلبك فلا ، قولك مسلم أما فعلك فلا ، أنت في جلوتك مسلم ، أما في خلوتك فلا !
قلبك فارغ من الإسلام والإيمان والإيقان ، لامعرفة لك ولاعلم ،فأنت هوس والكلام معك ضائع! يامنافقون ! قد قنعتم بالكلام بألسنتكم ، وقلوبكم مشركة بالخلق
تكذب حتى في صلاتك لأنك تقول الله أكبر وفي قلبك إلهاً غيره كل ما تعتمد عليه فهو إلهك ،كل شئ تخاف منه وترجوه فهو إلهك ،قلبك لا يوافق لسانك ، فعلك لايوافق قولك ،قل الله أكبر ألف مرة بقلبك ومرة بلسانك ، ماتستحي تقول لاإله إلاّ الله ولك ألف معبود غيره ،تب إلى الله عزوجل من جميع ما أنت فيه
أرى ظواهركم تشهد بالوحدانية وبواطنكم بالعكس من ذلك ،أرى وجوهكم إلى الكعبة وقلوبكم إلى الدرهم والدينار ! ((من خاف أدلج )) أين الخوف؟ اللهم خلاصاً
كل من لم يتبع النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذ شريعته في يده والكتاب المنُزَّل عليه في اليد الأخرى ولايصل في طريقه إلى الله عزوجل يَهْلَك ويُهلِك ،يَضل ويُضِل ، هما دليلان إلى الحق عزوجل ،القرآن دليلك إلى الحق عزوجل ، والسنة دليلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
ويحك ! تنفق مالك باليمين الكاذبة وتخسر دينك لوكان لك عقل لعلمت أن هذه هي الخسارة بعينها تقول والله عزوجل مافي هذه البلدة مثل هذا المتاع ولاعند أحد مثله ، والله إنه يساوى كذا وكذا ،وإنه عَلَيَّ بكذا وكذا وأنت كاذب في كل ماقلته ثم تشهد بالزور وتحلف بالله عزوجل أنك صادق ،عن قريب يجيئك العمى والزمن تأدبوا رحمكم الله تعالى بين يدي الحق عزوجل من لم يتأدب بآداب الشرع أدبته النار يوم القيامة
كن عاقلاً ! لاتتهوس ولاتتصنع ولاتتكلف ،أنت في هوس وتصنع وتكلف وكذب ورياء ونفاق ،كلُّ همك إستجلاب الخلق اليك
قد صارت الملوك لكثير من الخلق آلهة ، قد صارت الدنيا والغنى والعافية والحول والقوى آلهة ، ويحكم ! جعلتم الفرع أصلاً ، المرزوق رازقاً ، المملوك مالكاً ، الفقير غنياً ، العاجز قوياً، الميت حياً ،لاكرامة لكم ! لانتبعكم ولانتخذ مذهبكم بل نكون ناحية منكم ،على تل السلامة ،على تل السنة وترك البدعة ، على تل التوحيد والإخلاص وترك الرياء والنفاق ورؤية الخلق بعين العجز والضعف والقهر ،إذا عظمت جبابرة الدنيا وفراعنتها وملوكها وأغنياءها ونسيت الله عزوجل ولم تعظمه فحكمك حكم من عبد الأصنام ، تصير ممن عظمت صنمك
أنت عبد خبزك وأدمك وحلاوتك وثيابك وسلطانك
إذا قلت لا اله إلا الله فقد ادعيت ، يقال أيها القائل ألك بينة ؟ ما البينة ؟ إمتثال الأمر والإنتهاء عن النهي والصبر على الآفات والتسليم إلى القدر ، هذا بينة هذه الدعوى ، وإذا عملت هذه الأعمال ما تقبل منك إلاّ بالإخلاص للحق عزوجل ، ولا يقبل قول بلا عمل ولا عمل بلا إخلاص للحق عزوجل وإصابة السنة
أنت همتك القميص والعمامة والأكل والنكاح والدور والدكاكين والقعود مع الخلق والأنس بهم نحِّ همتك عن هذه الأشياء كلها فإن كان لك فيها قَسَمٌ فإنه يجيئك في وقته وقلبك مستريح من تعب الإنتظار وثقل الحرص !! قائم مع الحق عزوجل ،فما لك وهذا التعب في شئ مفروغ منه
إني أراك في قيام وقعود وركوع وسجود وسهر وتعب وقلبك لا يبرح من مكانه ولا يخرج من بيت وجوده ولا يتحول عن عادته ،أصدق في طلب مولاك عزوجل وقد أغناك صِدْقُك عن كثير من التعب
ويحك! كلُّ همك الأكل والشرب واللبس والنكاح وجمع الدنيا والحرص عليها ، عَمّالٌ في أمور الدنيا بطّال في أمور الآخرة
يا أكلة الحرام ! أنتم تمنعون نفوسكم شرب الماء بالنهار ثم تفطرون على دماء المسلمين ومنكم من يصوم بالنهار ويفسق بالليل
عند تغير الأحوال وضيقة الرزق تتغيرون عليه لأجل لقمة ،وعند كسر عرض تكفرون كل نعمة لأجل زوال فرد نعمة ،كأنكم جبارون تتحكمون عليه ،إفعل ولا تفعل ،ولم فعلت ؟وكان ينبغي أن يكون كذا ،هذا بعدٌ ومقتٌ وطرد من أنت يا إبن آدم ؟ أنت مخلوق من ماء مهين ،تواضع لربك عزوجل وذُلَّ له
ضاع عمرك في أكلوا وأكلنا وشربوا وشربنا ولبسوا ولبسنا وجمعوا وجمعنا
إذا أفلح الواحد منكم وعمل طاعة فهي مشوبة بالعجب ورؤية الخلق وطلب الحمد منهم عليها
يامدعين الزهد بأقوالكم وأفعالكم ! قد تلبستم بثياب الزهاد وبواطنكم ملأى رغبة وحسرة على الدنيا ،لو خلعتم هذه الثياب أظهرتم الرغبة التي في قلوبكم لقد كان يكون أحب إليكم وأبعد لكم من النفاق
يامن يدعي العلم ويطلب الدنيا من أبنائها ويذل لهم ! قد أضلك الله على علم ، ذهبت بركة علمك ،ذهب لبه وبقي قشره ،وأنت يامن يدعي العبادة وقلبه يعبد الخلق ويخافهم ويرجوهم ،ظاهر عبادتك لله عزوجل وباطنها للخلق ،كُلُّ طلبك وهمك لما بأيديهم من الدرهم والدينار والحطام ،ترجوا حمدهم وثناءهم ،وتخاف ذمهم وإعراضهم ، تخاف منعهم وترجوا عطاءهم بكثرة تماديك وتخادعك ولين كلامك على أبوابهم ويلك! أنت مشرك منافق ،هراء ،مُداخلٌ زنديق ،ويلك! على من تتبهرج ؟ على من (( يَعْلَمُ خائِنةَ الأَعْيُن وَمَا تُخْفِي الصُّدُور))
أعط الربوبية حقها ،لاتعمل للحمد والثناء ،لا للعطاء ، لاللمنع
يامنافق! إيش تهذي ؟ هذيانك فارغ ! كم تقول أنا ومن أنت؟ ترى غيره وتقول أنا! تأنس بغيره وتقول أنا آنس به ! تسمى نفسك راضياً وذلك معارضة ، تسميها صابرة وبقَّةٌ تزعجك وتُكفِّرك ،لاكلام حتى يصير لحمك ميتاً لكثرة الآلام والآفات فيه ، فلاتؤلمه مقاريض الآفات ، فتصير كُلُّكَ خلوة به ! يخلو قلبك عن الدنيا والآخرة فيكون عدماً بالإضافة إليهما وإلى مافيهما ،ووجودك عند امتثال الأمر والإنتهاء عن النهي، فعله يوجدك ،وفعله يحركك ويسكِّنَك وأنت في غيبته معه ، لايثبت لك مقام حتى يصح لك هذا المقام
إني أراك عند الخلق لاعند الخالق عزوجل ،تؤدي حق النفس والخلق وتسقط حق الحق عزوجل ،تشكر غيره على نعمته!
لاتعمل شيئاً إلا لله عزوجل ،إني أراك كُلَّكَ خطأ لأنك مع النفس والهوى والدنيا والشهوات واللذات ،تُجَرَّدُك بقَّة ،تُسخطك لقمة ،ترضى لرضا نفسك وتسخط لسخطها ،فأنت عبدها ،زمامك بيدها
إن أردت صحبة القوم دنيا وآخرة فوافقه في أقواله وأفعاله وإرادته ،إني أراك قد عكست الأمر ، وجعلت مخالفته ومنازعته دأبك بالليل والنهار ، يقول إفعل ولاتفعل كأنه هو العبد وأنت المعبود،سبحانه ماأحلمه ،لولا حلمه لرأيت ضد ماعندك
يامنافق! أنت عبد الدنيا والخلق ،ترائيهم وتعمل لهم وتنسى نظر الحق عزوجل إليك ، تُظهر أنك تعمل للآخرة وكل عملك وقصدك للدنيا
أنت مستعجل والمستعجل لايقع بيده شئ ،إذا استعجلت كنت من جند الشيطان ومعه ،وإذا توقفت وثبت وتأدبت وصبرت كنت من جند الرحمن ومعه
أنتم خلق كُلِّي ، نفس كُلِّي،هوى كُلِّي،غيبة كُلِّية ،طبع كُلِّي ، ماعندكم من الله عزوجل ولا من العارفين خبر
إني أرى تصاريفك غير تصاريف المراقبين لله عزوجل الخائفين منه ،تواصل أهل الشر والفساد وتفارق الأولياء والأصفياء ، قد فرغت قلبك من الحق عزوجل وملأته من الفرح بالدنيا وأهلها وحطامها
أنت نفس كُلِّية ،هوى كُلّي ،عادة كلية ،ما عندك من التوكل والتوحيد خبر
أنت مجتر على الحق عزوجل بأفعالك ، قد ألقيت جلباب الحياء من عينيك وقد جعلته أهون الناظرين إليك ،أنت آخذ بهواك ومتحرك بهواك فلاجرم يهلكك هواك ، إستح من الله عزوجل في جميع أحوالك وأعمل بحكمه
النفاق قد ثبت على قلبك ، تحتاج إلى الإسلام والتوبة وقطع الرياء
لاتكذب ! فمالك قلبان بل هو قلب واحد ،بأي شئ إمتلأ فما يسع شيئاً آخر
لاَتهْذِ ! أنت تدعي ماليس لك وماليس عندك ،أنت نفسك مستولية عليك والخلق والدنيا كلها في قلبك ، هما في قلبك أكبرمن الله عزوجل ، أنت خارج عن حد القوم وعدّهم ، إن أردت الوصول فاشتغل بطهارة قلبك عن الأشياء كلها ، إمتثل الأوامر وإنته عن النواهي وإصبر مع القدر ، وأخرج الدنيا من قلبك وبعد هذا تعال حتى أتكلم معك أخبرك بما وراء ذلك 0 إن فعلت هذا حصل لك الذي تريد وقبل هذا فالكلام هذيان
كل رغبتك في الدنيا والخلق ،لارغبة لك في ربك عزوجل
مايقع بيدك من الحق عزوجل شئ بنفاقك وفصاحتك وبلاغتك وتصفير وجهك وترقيع مرقعتك وجمع أكتافك وتوكيلك ،كل ذلك من نفسك وشيطانك وشركك بالخلق وطلب الدنيا منهم
يامنافق! ما يقع بيدك بنفاقك وتصنعك ، أنت تربي ناموسك ،تربي قبولك في قلوب الخلق ،تربي قبلة يدك ،أنت مشئوم على نفسك في الدنيا والآخرة وعلى من تربيه وتأمره بإتباعك ، أنت مُراء دجال ونصاب على أموال الناس ،لاجرم لاتكون لك دعوة مجابة ولاموضع في قلوب الصديقين ،قد أضلك الله على علم
أنت أسير الشيطان والهوى والنفس والدنيا والشهوات وماعندك خبر! قلبك في قيد وماعندك خبر!
لابارك الله فيكم يامنافقون !ما أكثركم! كل شغلكم في عمارة مابينكم وبين الخلق وتخريب مابينكم وبين الحق عزوجل
أنت نفس وطبع وهوى ! تقعد مع النسوان الأجانب والصبيان ثم تقول لاأبالي بهم كذبت ! لايوافقك الشرع والعقل ،تضيف ناراً إلى نار ،حطباً إلى حطب ،فلا جرم تشتعل دار دينك وإيمانك ،إنكار الشرع لهذا عام لم يستثنى فيه أحد
يازهاد! وياعباد! أخلصوا وإلاّ فلاتتبعوا ،قد طاب لكم الصوم والصلاة والتخشن في المطعم والملبس من غير نية وإخلاص بل مع حضور النفس ودخول الهوى
كل حديثكم في الغلاء والرخص ،وأحوال السلاطين والأغنياء ،أكل فلان ،لبس فلان ،إستغنى فلان ،تزوج فلان ، كل هذا هوس ومقت و عقوبة ، توبوا وأتركوا ذنوبكم وارجعوا إلى ربكم دون غيره ، أذكروه وانسوا غيره
أمرك مبنى على غير أساس فلاجرم تقع حيطانك ،أساسك البدع والضلالات وبناؤك الرياء والنفاق فكيف يثبت لك بناء ،ذلك هوى وطبع ،تأكل وتشرب وتنكح وتجمع بالهوى والطبع ، ليس لك نية صالحة في شئ من ذلك
قد قام سوق النفاق وأنا مجتهد في إقامة الدين الذي كان عليه نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم والصحابة والتابعون له هذا آخر الزمان ! قد صار معبود أكثركم الدينار والدرهم،قد صاروا كقوم موسى عليه السلام الذين أشربوا في قلوبهم العجل،عِجل هذا الزمان الدينار والدرهم
اني أرى الأكثر منكم محجوبين ! يدَّعون الإسلام وماعندهم من حقيقته شئ ! ويحكم! إسم الإسلام عليكم فحسب لاينفعكم ! تعملون بشرائطه ظاهراً لا باطناً، لايساوي عملكم شيئاً، ليلة القدر لها علامة عند الصالحين من عباد الله عزوجل
تنحَّ ! ماأنت من القوم ! أنت عبد الخلق وعبد النفس والهوى والشهوات
معبود أحدكم درهمه وديناره ،إذا ذهب عنه قامت قيامته ويفوته صلاة جمعة أو جماعة لايبالي ! أويموت له ولد فاسق فاجر يكثر جزعه ويطلب الإستئناس بأحد الخلق
أنت عبد الخلق ،سمنك إذا أقبلوا ،هزالك إذا أدبروا،أنت هالك ،أنت مشرك ، قلبك فارغ من التوحيد ! أنت عبد الخلق ! أنت فارغ من الخيرات ،أنت خارج عن العد ، لاتُعد مع العلماء ولاالمريدين ولاالصالحين
تريدني أنافقك وأليِّن لك في الكلام ، تفرح نفسك وتعجب وتظن أنها على شئ ، لا ولاكرامة لها ! أنا نار ولا يثبت على النار إلاّ السمندل الذي يبيض ويفرخ ويقوم ويقعد في النار
ويحك ! تحفظ القرآن ولاتعمل به ،تحفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاتعمل بها ، تأمر الناس وأنت لاتفعل ، وتنهاهم وأنت لاتنتهي
أنت هوس في هوس ، عدم في عدم ، جهل في جهل ، تأكل كما تأكل الأنعام من غير تفتيش ولاإحتساب ولاسؤال ، من غير نية من غير أمر من غير فعل
إلى متى هذا الإباق عن الحق عزوجل والإعراض عنه؟إلى متى عمارة الدنيا وتخريب الآخرة؟إنما لكل واحد منكم قلب واحد فكيف يحب به الدنيا والآخرة؟كيف يكون فيه الخالق والخلق؟ كيف يحصل هذا في حالة واحدة في قلب واحد؟ هذا كذب
أنت لاتصلح لك الزاوية بل تصلح لك الأسواق ،لايصلح لك أن تطلع على أسرار الله تعالى ،المطلع على أسرار الله تعالى يكون أخرس
إني أراكم تلعبون بكتاب الله عزوجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
ماتستحي تقول بلسانك توكلت على الله وفي قلبك غيره؟
إذا حضرتم مجالس الذكر تحضرونها للفرجة لا للمداواة ،تعرضون عن وعظ الواعظ وتحفظون عليه الخطأ والزلل وتستهزئون وتضحكون وتلعبون ،أنتم مخاطرون برؤوسكم مع الله عزوجل،توبوا من هذا !
إيش هذه الغفلة ؟ما أقسى قلوبكم ! صخور أنتم ؟! أقول لكم وغيري يقول لكم وأنتم على حالة واحدة
ويحك ! قد خسرت ! إستغث إلى الحق ،إرجع إليه بأقدام الندم والإعتذار حتى يخلصك من أيدي أعدائك وينجيك من لجة بحر هلاكك ،تفكر في عاقبة ما أنت فيه وقد سهل عليك تركه
قد كان لك بعض العذر وأنت صبي وشاب إلى الآن ،قد قاربت الأربعين أو قد جاوزتها وأنت تلعب بما يلعب الصغار
الأكثر منكم يتبع كل زاعق وناعق ،الأكثر من المتكلمين كلامهم من ألسنتهم لا من قلوبهم ،زعقات المنافق من لسانه ورأسه وزعقات الصادق من قلبه وسره
هذا عبدُ جاهه ودرهمه ، وهذا عبدُ نفسه وثوبه
هذا عبدُ جاهه ودرهمه ، وهذا عبدُ نفسه وثوبه
الله عزوجل هو المظهر لمن يشاء من عباده ، هو المنادي عليهم ، هو الجامع لقلوب الخلق على من يريد من عباده ، هو المسخِّر ، تريد أنت بنفاقك أن تجمع قلوب الخلق عليك ؟ لا يجئ من هذا شئ
كن عاقلاً ! لاإيمان لك! لاعقل لك! لاتمييزلك! أنت قائم مع الخلق ، مشرك بهم ، أنت هالك إن لم تتب ، تَنَحَّ عن طريق القوم ، تنحَّ عن بابهم ، لاتزاحمهم بأكتاف بنيتك دون قلبك ، لاتزاحمهم بنفاقك ودعاويك وهوسك ، إنما يُزاحم القوم بالقلوب والأسرار ، بأكتاف التوكل والصبر على الآفات والرضا بالأقسام
محبة ليست هينة حتى يدعيها كل أحد،كم ممن يدعيها وهي بعيدة عنه ، وكم ممن لايدعيها وهي عنده ،لاتحقروا أحداً من المسلمين فإن أسرار الحق عزوجل مبذورة فيهم ، تواضعوا في أنفسكم ولاتتكبروا على عبادالله عزوجل ،تنبهوا من غفلاتكم ،ماأنتم إلاّ في غفلة عظيمة كأنكم قد حوسبتم وعبرتم الصراط ورأيتم منازلكم في الجنة ،ماهذا الإغترار العظيم ؟! كل واحد منكم قد عصى الله عزوجل معاصي كثيرة وهو لايتفكر فيها ولايتوب منها ويظن أنها قد نُسيت ،هي مكتوبة في صحائفكم بتواريخ أوقاتها،يُحاسب ويعاقب على القليل والكثير منها
الكِدية من الخلق بالقلب كالكِدية منهم باللسان عندي ،لافرق بينهما من حيث الحقيقة
ويحك! ياجاهلاً بالقدر والمقدِّر ، أتظن أن أبناء الدنيا يقدرون أن يعطوك مالم يقسم لك؟ولكن هذه وسوسة الشيطان الذي قد تمكن من قلبك ورأسك ، لست عبد الله عزوجل ، وإنما أنت عبد نفسك وهواك وشيطانك وطبعك ودرهمك ودينارك ، إجهد أن ترى مفلحاً حتى تفلح بطريقه
أما حضرت مَنْزولاً به قط ؟ ستأتيك نوبتك ويفرغ منك ملك الموت! يأتي حياتك فيقلعها من مكانها ويفرق بينك وبين أهلك ومحابك ،إجتهد أن لااتُقبَض وأنت كاره للقاء الله عزوجل ،قدِّم مالك إلى الآخرة ،إنتظر الموت فإنك ترى عند الله عزوجل خيراً مما تراه في الدنيا
تتأدب مع الخلق بحيث لاترفع صوتك على صوت أحدهم حفظاً لأدبك و تبارز الحق عزوجل بالمعاصي وتعارضه في أفعاله ،قبيحٌ بك !
ماأكسلكم في طاعة الله عزوجل وأقواكم في طاعة عدوه وعدوكم الشيطان الرجيم
ويحك ! كم تتأول وتترخص ! المتأول غادر
كلكم موتى القلوب ، أحياء النفوس والأهوية ، طالبي الدنيا
إلى أي وقت تضيعون عمركم في لاشئ؟ أطلبوا من يدلكم على طريق الآخرة، ياضُلاّلاً عنها!
الله أكبر ياموتى القلوب ! يامشركين بالأسباب !ياعابدين أصنام عقولهم وقواهم ومعإيشهم ورؤوس أموالهم وسلاطين بلادهم وجهاتهم التي ينتمون إليها
قد كان لك بعض العذر وأنت صبي وشاب إلى الآن ،قد قاربت الأربعين أو قد جاوزتها وأنت تلعب بما يلعب الصغار
إذا لم يكن لك علم ولا إخلاص ولا أدب ولاحسن ظن بالشيوخ فكيف يجئ منك شئ ، قد جعلت همك الدنيا وحطامها ،عن قريب يحال بينك وبينها ،أين أنت من القوم الذين همهم همٌّ واحد ،يراقبون الله عزوجل في بواطنهم كما يراقبونه في ظواهرهم ،يهذبون القلب كما يهذبون الجوارح حتى إذا تم لهم هذا كفاهم همَّ الشهوات بأسرها فلا يبقى في قلوبهم إلاّ شهوة واحدة وهي طلب الله عزوجل والقرب منه ومحبته فحسب
يامنافق! طهَّرَ الله عزوجل الأرض منك ! مايكفيك نفاقك حتى تغتاب العلماء والأولياء والصالحين بأكل لحومهم ، أنت وإخوانك المنافقون مثلك عن قريب تأكل الديدان ألسنتكم ولحومكم وتقطعكم وتمزقكم ،والأرض تضمكم فتسحقكم وتقلبكم
إذا لم يكن لك باطن صحيح وقلب خال عما سوى الحق عزوجل وإلاّ فمجرد الخلوة لاينفعك
ويحك! ماتستحي منه عزوجل وقد جعلت دينارك ربك ودرهمك همك ونسيته بالكلية ،عن قريب ترى خبرك
ويحك! إبك حتى يبكى معك ، أقعد في مصيبتك والبس ثياب العزاء حتى يُقعد معك، أنت محجوب وما عندك خبر
كن عاقلاً ! لاتزاحم القوم بجهلك بعد ما خرجت من الكتّاب صعدت تتكلم على الناس ،هذا أمر يحتاج إلى أحكام الظاهر وأحكام الباطن ثم الغنى عن الكل ثم يحتاج إلى أن تقع في ضرورتين :الاولى أن لايبقى في بلدتك غيرك فتتكلم على الناس ضرورة ، والأخرى أنك تؤمر بالكلام من حيث قلبك فحينئذ ترقى إلى هذا المقام لترد الخلق إلى الخالق
أنت لاصدق لك ولاتوحيد ولاإيمان ،إيش اعمل بك ؟ أسُدُّ بك الشق ،أنت خشب نخر لاتصلح إلاّ للنار
يارجالاً ويانساء ! قد أفلح منكم من كان معه ذرة من الإخلاص ،ذرة من التقوى ، ذرة من الصبر والشكر ، إني أراكم مفاليس!
ويلك! ماتستحي تطلب من غير الله عزوجل وهو أقرب إليك من غيره ، تطلب من الخلق مالا حاجة لك إليه، معك كَنْز مكنوز وأنت تزاحم الفقراء على حبة وذرة ،إذا مِتَّ إفتضحت ، تظهر مخابيك ومكاتمك وتأخذ اللعنة من جوانبك ، لو كنت عاقلاً إكتسبت ذرة من الإيمان تلقى الله عزوجل بها
يابائعين الآخرة بالدنيا، يابائعين الحق عزوجل بالخلق، يابائعين ما يبقى بما يفنى ، خسرت تجارتكم وذهبت رؤوس أموالكم ، ويلكم أنتم متعرضون لمقت الله عزوجل وسخطه لأنَّ من تزين للناس بما ليس فبه مَقَته الله عزوج
أما تستحي ؟ جعلت منظر الخلق مزيناً ومنظر الحق عزوجل منجساً
ماأوقحك على الله عزوجل ! ما أقلَّ خوفك منه !ما أكبر تهاونك برؤيته!
لو خُلينا وظاهر العلم لبينا لك ذنوبك وقلنا ياكافر! يافاسق! لكن الشرع قبض أيدينا عن ذلك
ياجمل الطاحون ! أنت في قيام وقعود بلا إخلاص ، تصلي للناس وتصوم وعيناك إلى أطباق الناس وإلى مافي بيوتهم
لاينبغي للعالم أن يدخل على الملوك إلا بعد إتقان إيمانه وإتقائه وقوة علمه بالله وزهده وتمكنه من المعرفة والأنس بالله فيدخلون إليهم بقوى ويخرجون عنهم بقوى
الإسلام يبكي ويستغيث ،يده في رأسه من هؤلاء الفجار ،من هؤلاء الفساق ، أهل البدع والضلال ،من الظلمة ، من اللابسين ثياب الزور ،من المدعين ماليس فيهم
لابارك الله فيكم يامنافقون فما أكثركم ! كل شغلكم في عمارة مابينكم وبين الخلق وتخريب مابينكم وبين الحق عزوجل ،اللهم سلطِّني على رؤوسهم حتى أطهِّر الأرض منهم
أنتم أعداء نعم الله تعالى ، إن كان منه إليكم شر تُظهرون ، وإن كان منه إليكم خير تكتمون ! إذا كتمتم نعم الله تعالى ولم تشكروه عليها سلبها منكم
يتلبس أحدكم بزي الصالحين ، زرقة وصوف وهو عندنا كافر!
أسأل عني منكراً ونكيراً عند مجيئهما إلى قبرك فإنهما يخبرانك عني ، إسمك مذنب ،اسمك غداً محاسَب ومناقَش، أنت في القبر مذموم لاتدري أمن أهل النار أنت أم من أهل الجنة ؟عاقبتك مبهمة فلا تغتر بصفاء حالك ،ماتدري ما إسمك غداًالقدم الأول ماصح لك كيف تصل إلى الثاني ؟ الإسلام ماصح لك فكيف تصل إلى الإيمان ؟ الإيمان ماصح لك فكيف تصل إلى الإيقان ؟ الإيقان ماصح لك فكيف تصل إلى المعرفة والولاية ؟ كن عاقلاً ، ماأنت على شئ ! كل منكم يطلب الرياسة على الخلق بلا آلة فيه ، إنما تصح الرياسة على الخلق بعد الزهد فيهم وفي الدنيا والنفس والهوى والطبع والإرادة ، الرياسة من السماء تَنْزل لا من الأرض ، الولاية من الحق لا من الخلق
كن أبداً تابعاً لا متبوعاً ، صاحباً لا مصحوباً ، إرض بالذل والخمول فإن كان لك عند الحق عزوجل ضد ذلك فهو يجيئك في وقته ، عليك بصحبة العبودية وهي امتثال الأمر والإنتهاء عن النهي والصبر على الآفات
تواصلون الضياء بالظلام في الكد على النفوس التي هي عدوتكم ، ترضون أزواجكم بسخط ربكم ، كثير من الخلق يقدمون رضا أزواجهم وأولادهم على رضا الحق عزوجل
ويحك ! كيف تدعي طريق هؤلاء القوم وأنت مشرك بك وبغيرك من الخلق ؟ لاإيمان لك وعلى وجه الأرض من تخافه وترجوه ، لازهد لك وفي الدنيا شئ تريده ، لاتوحيد لك وأنت ترى غيره في طريقك إليه ، العارف غريب في الدنيا والآخرة وزاهد فيهما وفيما سوى الحق عزوجل في الجملة ،لارغبة له في غيره .
( اللهُم إهدني لهُداك فإنهُ لا هُدا إلا هُداك )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق