أين الشرخ؟!
المتأمل بصدق في حاله مع الله، يجد أن هناك ثمة ثغرات!!
يتكرر بسببها وقوعه في المعصية!! أو حرمانه من التوفيق!!
أو الحيلولة بينه وبين أمنياته التي يظن في تحقيقها إعانته على القرب من الله!!
فإلى متى سيهرب العبد أو يسوف في هذه المواجهة مع نفسه؛ للوقوف على هذه الثغرات، أو إن شئت فقل : (لاكتشاف هذا الشرخ في علاقته مع الله جل وعلا؟!)
دعونا نحاول تهيئة البيئة المناسبة لتلك المواجهة الهامة بين العبد ونفسه، لعل الله أن ينجي بسببها أي صادق منَّا في طلب النجاة!!
وعليه . . فليتخيل كل منَّا نفسه وحيداً في مكان بعيد!! فوق قمم الجبال!!
أو في صحراء شاسعة فسيحة، وليس معه أو حوله أحدٌ من البشر!!
يرفع بصره إلى السماء الواسعة . . يناجي ربه . . وهو يستشعر أنه سوف ينتقل بعد هذه المناجاة على الفور من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة!!
غير أن الله قد هيأ له هذه المواجهة قبل خروجه من الدنيا بثوانٍ معدودةٍ؛ كفرصة أخيرة لاستدراك نفسه، والوقوف على ذلك الشرخ؛ وإصلاحه قبل فوات الأوان!!
يواصل النظر في جنبات هذه السماء المترامية الأطراف، ويناجي ربه قائلاً :
يارب . . هذا حالي لا يخفى عليك!! وهذا ضعفي ظاهرٌ بين يديك!!
حاولت وسعي الصدق معك . . ولكني لضعفي ما صدقت!!
منحتني الفرصة تلو الأخرى . . ولكني للعهود نكثت . . وللمعاصي ارتكبت!!
أعلم أن ما تراكم على قلبي من الران، قد حال بيني وبين صفاء رؤيتي لآثار معصيتي!! فلا أدري بأيِّها حرمت توفيقك . . ولا أدري بأيُّها أبتعدت عن رحابك؟!
غير أن ما أبقيته لي على نفسي من البصيرة؛ يجعلني أستشعر جُل ما وقعت فيه من تلك المعاصي!!
فرحماك ربي . . بعبدٍ ضعيف تبرأ لك من نفسه الأمارة بالسوء!! ووقف ببابك . . لا يملك بعزتك في أمر دنياه وآخرته إلا رجاء رحمتك!!
فهل تمُنَّ عليه بطهارة قلبه قبل لقائك؟!
يا أرحم الراحمين . . ارحمني بمعرفة أسباب عدم توفيقي وحرماني . . لعلي أعقد العزم على التوبة والتبرأ منها؛ قبل زوال قدمي من الدنيا وانقضاء مهلة آجالي!!
يارب . . قارنت بين سعة رحمتك وضيق قبري؛ فلم أجد منقذاً لي إلا أنت!!
يارب . . أذنت دنياي بالرحيل . . وقد كنت أتمنى فيها رضاك عني . . والقرب منك!!
فلا تحرمني صدق التوبة بزللي وهواني . . وامنن عليَّ بها بواسع عفوك وغفرانك . . لعلي أسعد بها قبل وبعد القدوم عليك . . فإنك أهل التقوى وأهل المفغرة!!
********************************
حاول في أجواء تلك المناجاة تسليط الأضواء بصدق على كل ما كان منك من تلك الزلات والمعاصي؛ ومحاولة استعراضها جميعاً أمام عينيك؛ لتعرف هل حدث هذا الشرخ بسبب زلة الشهوة، أو أكل المال الحرام، أو كثرة الكلام فيما لا يعنيك، أو الغيبة أو النميمة، أو ظلم الآخرين، أو الكبر والخيلاء، أو الغرور أو التألي على الله!!
فإن وجدت نفسك قد اغترفت منها جميعاً . . فالزم باب الكريم ولا تبرحه وأنت على هذه الحال، فإما أن يفتح لك الباب؛ فتكون من الفائزين . . وإما أن تستمر بقية حياتك على هذه الحال من المذلة والانكسار لله؛ حتى يأتيك أجلك وأنت على هذه الحال؛ حيث يرجى والله في سعة رحمة الله لك القبول!!
فالزم قلبك المهابة من ربك . . تضع يديك على الشرخ!!
واصدق مع الله؛ لتصلح العمل فيما بقي من عمرك
ينصلح لك بإذن الله ذلك الشرخ!!
تعليق