الأخبار النبوية الفاصلة في الأحداث العالمية المقبلة:
أحبتي في الله: لا يستطيع عاقلٌ على وجه الأرض فضلاً عن عالم أن يجزم بشكلٍ قاطع وفي وقتٍ محدد بنهاية العالم بقيام الساعة، لا يعلم وقت قيام الساعة ملكٌ مقرب، ولا نبي مرسل، فهذا من علم والغيب الذي استأثر به الله جل وعلا وحده، قال تعالى: (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ )[الأحزاب:63] وقال تعالى: (يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)[النازعات:42-46]. وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أمين وحي السماء جبريل عليه السلام سأل أمين أهل الأرض محمداً صلى الله عليه وسلم: (متى الساعة؟ فقال المصطفى: ما المسئول عنها بأعلم من السائل). ومع ذلك فإن الله جل وعلا أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أمارات الساعة وعلاماتها، بل وعلى كل الأحداث التي ستقع في الكون بين يدي الساعة, فتدبر معي. قال الله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)[الجن:26-27] وقال تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)[البقرة:255] وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال: (كنت أكتب كل شيءٍ أسمعه من رسول الله أريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك، وقالوا: إن رسول الله بشر، يتكلم في الغضب والرضا، قال: فأمسكت عن الكتابة، ثم ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق) قال تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )[النجم:1-5] ومن ثم قال الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الحشر:7] فما من شيءٍ إلا وأخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم. تدبروا ما رواه البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبةً ما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره، علمه من علمه وجهله من جهله). وفي صحيح مسلم من حديث أبي زيد عمرو بن أخطب رضي الله عنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر -ظل النبي واقفاً على المنبر يخطب في الصحابة من الفجر إلى الظهر- قال: فنزل فصلى الظهر ثم صعد المنبر فخطب حتى حضرت العصر، قال: فنزل فصلى -أي: العصر- ثم صعد المنبر فخطب حتى غربت الشمس، قال: فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا) أي: لكلام النبي صلى الله عليه وسلم. فما من شيءٍ وقع، وما من شيءٍ قائمٍ بيننا الآن, وما من حدثٍ سيقع في السنوات المقبلة بين يدي الساعة وإلا وقد أخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فما تحياه الأمة الآن من واقع معاصر، وما سيشهده العالم من أحداثٍ دامية مؤلمة في السنوات المقبلة إلا وأخبر به الصادق الذي لا ينطق عن الهوى. نعم! لقد جسد النبي صلى الله عليه وسلم واقعنا المعاصر تجسيداً دقيقاً، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر, وذراعاً بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لتبعتموهم، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن). وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داود من حديث ثوبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟! قال: كلا, أنتم يومئذٍ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟! قال: حب الدنيا وكراهية الموت). ومع ذلك فقد أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى, عن زوال هذه المحنة وكشف هذه الغمة، وأخبرنا عن نصرة الله للإسلام والمسلمين، وعن إذلال الله للشرك والمشركين، ووالله ثم والله إننا الآن لعلى مقربةٍ شديدةٍ من وقوع هذه البشريات النبوية المحمدية الصادقة مع ما نراه من واقعٍ مُرٍ أليم؛ لأن الذي سيهيئ الكون كله في الأيام والسنوات المقبلة ليحدث على الأرض ما أخبر به الصادق هو ملك الملوك جل جلاله، ومدبر الكون ومسير الأمر الذي يقول للشيء: كن فيكون.
الملحمة الكبرى بين الإسلام والكفر
الهدنة بين المسلمين والروم
أيها الإخوة الكرام: لقد أخبرنا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى أنه بين يدي الملاحم الكبرى في السنوات القليلة القادمة ستكون هدنة بين الروم والمسلمين، والروم أو بنو الأصفر هم الأمريكيون والأوربيون. فستبدأ الملاحم القادمة بهدنةٍ أو بصلحٍ آمن بين الروم -أي بين الأمريكيين والأوروبيين- وبين المسلمين، وأنا أسأل الآن: أو لم تقع الهدنة والصلح الآن بمثل ما أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى؟ روى البخاري وغيره من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي, -موت الحبيب صلى الله عليه وسلم- ثم فتح بيت المقدس) وقد كان فتح بيت المقدس بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عمر بن الخطاب بقيادة أبي عبيدة . (ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم) طاعونٌ ينتشر فيكم كانتشار الداء في الأغنام، وقد وقع الطاعون في عمواس في بلاد الشام وفيه مات أبو عبيدة بن الجراح و معاذ بن جبل وكثيرٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. (ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً) وقد وقع ذلك، فقد تعطي الرجل الآن مائة جنيه أو مائتين فيظل ساخطاً إما لعدم القناعة والرضا وإما لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بحيث لا يكفيه هذا المال لحوائجه وضرورياته. أما العلامة الخامسة قال: (ثم فتنة لا تترك بيتاً في العرب إلا دخلته) يراها كثيرٌ من أهل العلم متمثلةً في وسائل الإعلام بكل صورها وأشكالها، فلم تدع هذه الوسائل الآن بيتاً من بيوت العرب إلا ودخلته. ثم تدبر العلامة السادسة، قال الصادق: (ثم تكون هدنة بينكم وبين الروم، فيغدرون -والغدر شيمة للروم- فيجمعون لكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) والغاية هي الراية، وسميت الراية بالغاية؛ لأنها غاية الجيش، فإذا سقطت الراية ضاعت الغاية وهزم الجيش، فسميت الراية لذلك بالغاية. وفي لفظٍ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة بسندٍ صحيح قال الصادق صلى الله عليه وسلم: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً، فتغزون أنتم وهم -أي أنتم: أيها المسلمون، وهم أي: الروم، والروم كما اتفقنا هم أمريكا وأوروبا- عدواً من ورائهم) وتدبر كل كلمات الصادق (من ورائهم) ولم يقل: من ورائكم، (فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم فتسلمون وتغنمون، ثم تنزلون بمرجٍ ذي تلول -أي: أنتم والروم بمكانً أخضر، يتسم بالخضرة والمياه- فيقوم رجلٌ من الروم فيرفع الصليب، ويقول: غلب الصليب، فيقوم إليه رجلٌ من المسلمين فيقتله، فعندئذٍ يغدر الروم وتكون الملاحم، فيجتمعون لكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً). تدبر معي هذا الكلام النبوي: قد وقعت الهدنة الآن، وهانحن نشهد الآن مرحلة الهدنة والصلح الآمن، معاهدات بين الأمريكيين والأوربيين وكل الأمة بلا استثناء، معاهدات وصلحٌ آمن، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المسلمين سيشاركون أمريكا وأوروبا في قتال عدوٍ مشترك، يا ترى من هذا العدو المشترك؟ هل هو الإرهاب؟ على حد تعبير الأمريكيين والأوربيين وجميع وسائل الإعلام العربية بلا استثناء؟ هل هو المعسكر الشرقي: روسيا و الصين واليابان؟ هل هم الشيعة؟! الجواب: الله أعلم بمراد رسوله. إلا أن أهل الكتاب يؤمنون إيماناً جازماً بهذه المعركة المشتركة، ويسمونها في كتبهم وعقائدهم بمعركة هر مجدون أو هرمجيدو؛ وهرمجدون كلمةٌ عبرية تتكون من مقطعين، المقطع الأول (هر) بمعنى جبل، و(مجدون) أو (مجيدو) هو سهلٌ أو وادٍ، أين هو؟ في فلسطين، في سفرٍ من أسفار أهل الكتاب يسمى بسفر الرؤيا، في الإصحاح السادس عشر، يقول: اجتمعت جيوش العالم كلها في أرضٍ تسمى هرمجدون. يقول الرئيس الأمريكي الأسبق روملد ريجن : إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى هرمجدون. يقول: أورل ريبرتسون صاحب كتاب: (دراما نهاية الزمن) يقول: كل شيءٍ سيمضي في بضع سنوات فستقع المعركة العالمية الكبرى، معركة هرمجدون أو معركة سهل مجيدو . وتقول الكاتبة الأمريكية الشهيرة جريس هالسل -وهذا على حد تعبيرها-: إننا نؤمن كمسيحيين بأن تاريخ الإنسانية سينتهي بمعركة تدعى معركة هرمجدون ، وسيخاض غمارها في سهل مجيدو، قالت: وستتوج هذه المعركة بعودة المسيح إلى الأرض. ويقول القس الأمريكي الشهير جيمس جارتس: كنت أود أن أستطيع القول بأننا ننتظر السلام أو سنحقق السلام، قال: ولكنني أؤمن بأن معركة هرمجدون قادمة وسيخاض غمارها في سهل مجيدو في فلسطين. نعم! إنها قادمة فليعقدوا ما شاءوا من اتفاقيات السلام، إنهم لن يحققوا شيئاً، فهناك أيامٌ سوداء مقبلة، هذه عقيدة القوم في هذه المعركة التي أخبر عنها الصادق الذي لا ينطق عن الهوى بأنها ستكون معركة مشتركة بين الروم أي: الأوروبيين والأمريكيين والمسلمين من جانب وبين عدوٍ آخر من جانب آخر، فيغنم المسلمون بعد سلامتهم في هذه المعركة. فماذا بعد هرمجدون ؟ تدبر جيداً واحفظ هذا الجواب وعلمه امرأتك، وبناتك، وأولادك، فهو كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى, وهو علم الوقت أي علم أو فقه المرحلة القادمة. ماذا بعد هرمجدون؟ أو إن شئت فقل: ماذا بعد المعركة المشتركة بين الروم والمسلمين من ناحية وبين هذا العدو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم من ناحية أخرى؟ انتبه معي! فلقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الروم سيغدرون بنا، وفي فترةٍ يجمعون الجيوش ويعدون العدة لاستئصال شأفة المسلمين من على الأرض حينما يرفع الصليبي الصليب ويقول: غلب الصليب، ويقوم إليه رجلٌ من المسلمين فيقتله. في هذه الفترة الزمنية ورد في حديثٍ في مسند أحمد بسندٍ ضعيف أن المدة التي سيجمع فيها الروم للمسلمين هي مدة حمل المرأة، أي في تسعة أشهر، يجمعون الجيوش ويجيشون الجيوش لاستئصال شأفة المسلمين من على الأرض في هذه المنطقة، وهي منطقة فلسطين و سوريا كما سأبين الآن بكلام الذي لا ينطق عن الهوى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
جزء من محاضرة للشيخ محمد حسان نهاية العالم متى وكيف
تعليق