إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

    (1) أبو الإلحاد الرقمي في أزمة



    جلس أبو الإلحاد الرقمي القرفصاء يلملم أفكاره ويراكم أوزاره, لم يفتح عليه اليوم بشيء. يا له من يوم عقيم من أيام "الإلحاد الإلكتروني" وياله من نهار مظلم من أيام "التنوير اللاديني"! ترى لم غاب عنه اليوم شيطانه؟ ربما لأنه مال شيئا قليلا عن جادة الإلحاد. تصوروا, لقد خطر بباله لوهلة أن الإسلام قد يكون حقا دين الحق! كيف يحدث مثل هذا لمثله؟ إنه يتصفح أمهات كتب الملة الإسلامية كالعالم النحرير ويغوص في أحشائها كالغواص البصير, يتصيد العثرات, ويقتنص الهفوات, ويفرح بالتصحيف, ولا يبالي بتصحيح ولا تضعيف, يرى الجمال فيتوهم قبحه, ويرى الدليل كالشمس فيحسبه شبهة, يفعل ذلك كله ثم لا يشك في دينه طرفة عين.

    تذكر نفسه يوما وهو في رحلة في بطون السنن والمسانيد, وبين المتون والأسانيد, يحملق في الأسماء والكنى, ويتتبع أخبرنا وحدثنا, وليس له في علم الرواية من أرب, ولا لعنائه من سبب إلا الطمع في اقتناص الشبهات المُردية, لبثها في الأمة المحمدية, طفق أبو الإلحاد يقلب مئات الصحائف دون طائل, فكاد أن ييأس, وقال كالمحدث نفسه: "سحقا سحقا! لقد فضح المنصرون الملاحدة.. لم يتركوا لنا شيئا يصلح شبهة إلا استخلصوه وبثوه على مواقع الشبكة, ثم انبرى له المسلمون ففروه ونقضوه ثم حرّقوه وذروه."

    فجأة وجد شيئا جديدا لم يسبق إليه. جحظت عيناه وتسمرت على الشبهة الموعودة, شبهة بكر, يا ليتهم ابتكروا نظاما لتسجيل براءات الشبهات". بدأ بنسخ ولصق الحديث "الغريب".. ابتسم في شماتة وهو يحدث نفسه: "كيف يصدق المسلمون مثل هذا الكلام": [لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع بــغــل]!!! بدأ يفرع وجوه بيان الشبهة.. "كيف يكون هذا كلام نبي: المرأة تسافر على بــغــل, فكيف تسافر مع بــغــل؟ بدأ بحثا "جوجليا" سريعا عن معاني حروف الجر: كتب: "هل تأتي "مع" بمعنى "على"؟ لم يفض بحثه إلى شيء ذي بال, فزاد سروره. بدأ يدبح مقالته بكلام الأخفش والفراء. حين فرك وجهه أحس بنتوء دقيق على أرنبة أنفه, حاول النظر إليه كهيئة الأحول فرأى سوادا. قام إلى المرآة فشرع يحك البثرة السوداء حتى تفتتت, ثم عاد ليتم مقالته. لما نظر إلى شاشة حاسوبه لم ير "بغلا" وإنما رأى "بعلا" ترى أين ذهبت النقطة؟ نظر مرة أخرى إلى موضع البثرة من أنفه.. ففهم أن نقطة "البغل" زالت من على أنفه, وأن ليس في المكان بغل إلا هو, لم يدر أيضحك أم يبكي, رأى شبهته تتلاشى أمام عينيه كالسراب, تتبع آثارها بفأرة الحاسوب ليلقيها في مثواها الأخير في "سلة المهملات".

    حتى في ذلك اليوم المخزي, لم يشك في إلحاده, فما الذي دهاه اليوم؟ آه لقد تذكر, إنه جاره سليمان, إنه جاره منذ عشر سنين, يحييه, يتبسم في وجهه, يتفقده إن غاب, يهنئه كل عيد, يرسل إليه بين الحين والآخر بعض السمك والمحار, سليمان بحار. تصوروا, إنه لم يعبس في وجهه يوما, ولم يسمع منه كلمة عتاب, ولم ينظر إليه يوما نظرة شزراء. أيعقل أن يكون بهذه الأخلاق, ثم لا يكون لدينه دخل في ذلك؟ فرك أبو الإلحاد جبينه, وشرد للحظات, فعاوده السؤال: "ماذا لو كان هؤلاء على الحق؟" انتفض في مكانه مرتعبا. صفع وجهه مرات لعله يعود لرشده, بعثر أوراقه, أقعى وهو يضع كفه تحت ذقنه, فجأة تبسم, نعم الأمر واضح, كيف شك في إلحاده لأمر كهذا؟ كل ما هنالك أن سليمان إنسان يتصرف بمقتضى آليات التطور التي قرأ عنها في منتديات "الجرب والجذام". سليمان خلايا ذكية تجمعت عبر بلايين السنين واجتازت أهوال العصور الجليدية, واصطفت بمحض الصدفة لتشكل كائنا متطورا يحييه ويبتسم في وجهه. تخيل إنسان "البلتداون" وهو يجري في الأدغال مبتسما. وأي شيء في الابتسامة؟ التطور يفسر كل شيء. لا بد أن أجداد سليمان اكتشفوا أن البسمة تضاعف من فرص النجاة في معركة البقاء. لابد أنهم شهدوا انقراض بعض القبائل العابسة. لابد أنهم جلسوا في الكهوف يتمرنون على هذه الحركة الغريبة, التي لا يكاد يجد لها تفسيرا ماديا إلا بعد مشقة وتكلف وعنت . تخيل "لوسي" وهي تستقي الماء لتغسل أول مولود لها يولد من غير ذيل. لا بد أنها استغربت من هذا الجنين المشوه. وحُق لها, فإن التطور بقي سرا دفينا حتى أفشاه الإمام الأكبر أبو الطفرات شارل دارون. يالهم من مكابرين هؤلاء المسلمون. حتى متى تظل الغشاوة على أعينهم؟ ألم يروا "آردي" كيف أحاط الشعر الناعم وجهها الأسمر؟ لعلها "أفروديت" زمانها. ألم يكفهم جمال عينيها وهي تكتسي شيئا فشيئا ببريق عيون البشر؟ ماذا يريدون منا؟ أيريدون أن نحيي لهم إنسان "أسترالوبيثيكس" حتى يصدقوا العلم؟ طيب لينتظروا قليلا ليروا نهاية الوهم بأعينهم. كريك فينتر سيبهر العالم بابتكار أول "كائن حي مصنع", بعدما "صنع أول خلية صناعية".

    بدأ أبو الإلحاد يغوص في تأملاته المادية حتى كاد يفقد صلته بالواقع, ففك إقعائه ثم انبطح على بطنه. أحس بنفسه ملتصقا بالأرض حتى كاد وجهه يتهشم. شعر بالغثيان. أحس كأن "انفجارا عظيما" يحصل في رأسه, اهتزت أفكاره, اضطربت نفسه, جلس يرتل ترانيم إلحادية "مهدئة" ردد الكلمات التي وجدها في توقيع أحد صناديد منتديات "الجرب والجذام" على أمل أن يشعر بشيء من السكينة. تصور "نيتشه" وهو يعزف مقطوعة شيطانية على "الأوتار الفائقة" فتتموج أشكال مرعبة تكاد تتخطى "حاجز بلانك" حينها انفصل أبو الإلحاد الرقمي عن عالمنا تماما واستحال كالهباء المبثوث يسبح في "العوالم المتوازية".


    الكاتب \ هشام البوزيدي
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو السائب المصرى; الساعة 17-09-2011, 01:18 PM.

  • #2
    رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله كل خير
    وبصراحة صرت أخاف من مدح أي عمل لأي مراقب ولكن اللآن رغماً عني
    هذا الموضوع فيه إبداع والله
    كلام فيه الحجة بدون حجة
    والله أنني عاجز عن وصف هذا الكلام
    بانتظار الجديد وبسرعة أخي الحبيب
    بإذن الله
    بارك الله فيك

    قال الحسن البصري - رحمه الله :
    استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
    [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


    تعليق


    • #3
      رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "


      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      وفيك بارك الله أخي الحبيب كريشان

      هذا المنتدى ليس فيه فرق بين مشرف و مراقب وعضو

      فكلنا اخوة يجمعنا الحب في الله

      والعمل لدين الله

      اللهم أرزقنا الاخلاص في القول والعمل

      أحبك في الله

      تعليق


      • #4
        رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

        كلمات رائعة والعرض أروع بارك الله فيك وجزاك خيرا
        ومنتظرين اليوم الثانى
        أحبك فى الله
        اللهم إنى أسالك أن تعجل بقتل الكلب النصيرى فإنه لا يعجزك

        لاتنسونى من صالح الدعاء

        تعليق


        • #5
          رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "



          أحبك الله الذي أحببتني فيه أخي الحبيب

          الحالم بالتغيير

          وبارك الله فيك ونفع بك

          أحبك في الله

          تعليق


          • #6
            رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

            موضوع طيب يا اخى
            جزاك الله خيرا
            فى انتظار الحلقات الاخرى

            تعليق


            • #7
              رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "



              جزاك الله خيرا أخي أبو السائب على مرورك الطيب

              نفع الله يك وأثابك الفردوس الأعلى

              تعليق


              • #8
                رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "



                (2) أبو الإلحاد ورحلة البحث عن "معرف"


                أبحر أبو الإلحاد على أمواج الشبكة العنكبوتية ليمارس نشاطه "التنويري" وفتح ملفا يختزن فيه كل شبهة يظفر بها يراها قدحا في الإسلام. سمى هذا الملف "تفنيد الدين" بدأ يقلب عينيه بين العناوين المثيرة, لكن سرعان ما اعتراه الملل. شعر أن كل شيء غدا بلا طعم. تذكر الأيام الخالية حين كان شابا مفعما بالحماس. يومها كان يشعر بأنه فيلسوف زمانه, وأن شيخ الأزهر نفسه لا يقوى على مناظرته لسعة اطلاعه وقوة حجته.


                أما اليوم فإنه أصبح يضرب ألف حساب قبل ولوج منتدى إسلامي, فإن ينس فلن ينسى هروبه المخزي آخر مرة لما دخل منتدى "الموحدين لمحاورة الملحدين" وهو ينادي: "هلموا إلي هلموا, أنا مسلم سابق, أنا خريج الأزهر, حفظت القرآن والمتون, ودرست الفقه على المذاهب الأربعة, وجلست للفتوى فيما تعم به البلوى, إلى أن أبصرت النور أخيرا, وخلعت الخوف. وتخلصت من الوهم, أنا تحررت فألحدت, فهل من مناظر؟" يا ليته لم يتسرع في التحدي, يا ليته تجنب لفظ المناظرة, وما له والمناظرة؟ إنه لا يذكر متى قرأ كتابا كاملا في حياته. كل ما يحسنه قراءة نتف هنا وهناك, في الجرائد والمجلات, والقفز الافتراضي من موقع إلى موقع ومن صفحة إلى صفحة, أما المطالعة فإنه لا يملك الأناة التي تتطلبها. طلب المناظرة ففضحه "عبد الهادي" بسؤال واحد. قال له: "ما دمت كما تصف نفسك فأنت أعلم مني بالفقه, فاسمح لي بسؤال - قد حيرني - قبل أن نبدأ المناظرة: [هل يجوز العقد على الجلاّلة المطلقة طلاقا بائنا, أم لا بد من تمام العدة؟]


                طبعا لم يتسرع في الجواب, فلا بد لفارس "الإلحاد الافتراضي" أن يأخذ حِذره في كل حواراته, فكيف إذا كان في منتدى "وهابي"؟ فتح أبو الإلحاد صفحة جديدة, وسأل إمام الشبكة العنكبوتية وبحر العوالم الإلكترونية وحجة العلوم الإنترنيتية "جوجل" : "هل يجوز نكاح المطلقة طلاقا بائنا قبل تمام العدة؟" ولم يخب ظنه, فقد جاء الجواب بإجماع الصحائف الإلكترونية المتخصصة في الفتوى: "لابد من تمام العدة". حين أرسل جوابه مذيلا بالأدلة النقلية التي تشهد باطلاعه, وتؤيد دعواه الإلمام بالفقه المقارن, حينها فات الأوان, لقد بلع أبو الإلحاد الطعم, وتقاطرت عليه الضحكات والتعليقات الساخرة من كل صوب: "يا فقيه الزمان, هل تكفي عدة "الجلاّلة" أم لا بد أن تحبس؟" و "هل يصح العقد بدون ولي؟" و"هل الحكم خاص بجلالة البقر, أم يعم الإبل كذلك؟" و"هل تحرم الجلّالة بالرضاع؟" حين استعان بالبحث الإلكتروني هذه المرة ليفهم سر تندر القوم عليه, كاد يصعق لهول ما قرأ: "الجلاّلة : الدابة التي تتبع النجاسات وتأكل الجلة , وهي البعرة والعذرة..." لم يستطع إتمام القراءة, دارت به الأرض, لم ير فرصة للتملص واختلاق الأعذار, فانسحب في صمت.


                وهاهو الآن يبحث عن معرف جديد. هذه أول خطوة من خطوات "النضال الإلحادي الإلكتروني" بل هي أهمها على الإطلاق. المعرف هو جواز سفرك إلى منتديات المتدينين. يجب أن يكون "المعرف" ناطقا بالإلحاد, لكنهم لا يقبلون الأسماء المستفزة. ثمة شبه بين معرفات الملاحدة وبين البهارات, فلكليهما نكهة خاصة, لكن لا بد من القصد, فلو أسرفت فيهما صار الطعم غير مستساغ. إذن فليجرب: "ملحد ولا فخر", معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم. "فارس التطور" معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم. "مجرد صدفة" معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم. "لاديني ملتزم" معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم. "قبطان تائه", معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم. "أبو طفرة" معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم. تبا, هل هناك معرف لم يحجزه الزملاء؟ طيب, لأجرب شيئا غريبا: "تراكتور", ضغط الزر فأتم التسجيل: "مرحبا بك "تراكتور" سيتم تفعيل اشتراكك قريبا. ابتسم, و بدأ يهيئ السيناريو المناسب لهذا المنتدى. ترى هل يضع اسطوانة: "مسلم سابق" أم يعدل عنها إلى نشيد: "سئمت الإلحاد"؟ لا هذا ولا ذاك. "تراكتور" يوحي بالقوة والثقة, تخيل نفسه جرارا ينسف العقائد ويزلزل الإيمان.. فليدخل بشعار: "حتى متى تصدقون الخرافات؟" لكنه تردد, فقد علمته التجارب أن هذه الافتتاحية تنطوي على مجازفة كبيرة. ماذا عساه يفعل إذن؟ آه, هذه فكرة جيدة. بدأ يكتب موضوعه. بدأ بالعنوان: "أوشك أن أسلم, لولا حديث "صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عنزة" وكتبها بسكون النون, وسأل: "أليست الصلاة إلى الحيوان ذريعة إلى الشرك.. وبدأ يتحدث عن التوحيد والرواسب الوثنية, وعن الحج والحجر الأسود... إلى أن أرشده أول مجيب إلى الفرق بين العنَزة والعنْزة فانسل هاربا كعادته. وكانت هذه نهاية معرف آخر لم يعمر إلا يوما أو بعض يوم. وبقي الموضوع اليتيم شاهدا على أزمة أبي الإلحاد الرقمي أو "تراكتور".


                يتبع إن شاء الله



                تعليق


                • #9
                  رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

                  هذا هو حالهم دائما
                  جزاك الله خيرا اخى الحبيب
                  فى انتظارك دائما

                  تعليق


                  • #10
                    رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

                    بارك الله فيك على هذا الموضوع الأكثر من رائع.. ..

                    بانتظار المزيد.....

                    أحبكم في الله..

                    اسمح لنا بنشره

                    تعليق


                    • #11
                      رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      جزاك الله كل خير أخانا الحبيب في الله
                      موضوع فيه الفائدة والمتعة
                      بارك الله فيك
                      بانتظار البقية بإذن الله

                      قال الحسن البصري - رحمه الله :
                      استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
                      [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


                      تعليق


                      • #12
                        رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

                        المشاركة الأصلية بواسطة أبو السائب المصرى مشاهدة المشاركة
                        هذا هو حالهم دائما
                        جزاك الله خيرا اخى الحبيب
                        فى انتظارك دائما

                        جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبو السائب على مرورك الطيب

                        أحبك في الله


                        تعليق


                        • #13
                          رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

                          المشاركة الأصلية بواسطة ahmadof مشاهدة المشاركة
                          بارك الله فيك على هذا الموضوع الأكثر من رائع.. ..


                          بانتظار المزيد.....

                          أحبكم في الله..


                          اسمح لنا بنشره

                          وفيك بارك الله أخي الحبيب أحمدوف

                          وأحبك الله الذي أحببتني من أجله

                          لك الحرية في نشره اخي الحبيب

                          أسأل الله أن ينفع بك

                          فأنا لست الى ناقل للموضوع

                          فقد ذكرت اسم الكاتب في بداية الموضوع

                          أحبك في الله

                          تعليق


                          • #14
                            رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "

                            المشاركة الأصلية بواسطة كريشان مشاهدة المشاركة
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                            جزاك الله كل خير أخانا الحبيب في الله
                            موضوع فيه الفائدة والمتعة
                            بارك الله فيك

                            بانتظار البقية بإذن الله

                            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                            وفيك بارك الله أخي كريشان

                            وجزاك الله خيرا على هذا المرور الطيب

                            تعليق


                            • #15
                              رد: أبو الإلحاد : يوميات ملحد افتراضي " متجدد باذن الله "



                              (3) أبو الإلحاد في زمن الصحوة



                              خرج أبو الإلحاد من بيته في ذلك المساء متعطرا في كامل زينته. سار إلى بيت صديقه وهو يمني النفس بليلة بألوان الطيف. يا له من عفريت صاحبه شفيق! إنه يعرفه منذ أيام الثانوية. إنه عملة نادرة في هذا الزمان. إنه آخر الصعاليك; لا يتهيب من شيء, ولا ينكص أمام نزوة, ولا يضع لرغائبه حدودا ولا فواصل.

                              ظل أبو الإلحاد يأتيه منذ سنوات آخر الأسبوع لينعم بساعات ينضبط فيها المزاج. طرق الباب وهو يتوقع أقذع الشتائم, فإن قاموس التحية الذي تعارف عليه الرجلان من الصنف الذي ينبه عليه في وسائل الإعلام بأنه لا يصلح للأطفال. فتح شفيق الباب وكان وجهه غريبا, كان غريبا جدا, كان على وجهه معنى لم يره عليه من قبل, أو لنقل لقد غاب عنه شيء طالما لازمه. لم تتح له المفاجأة أن يتعرف أي شيء هو بالضبط, لكنه اختار أن يتجاهل الأمر, فبادر صاحبه على عادته: "ماذا جرى لك يا ثور؟ كأنك ما قمت بعد من النوم"

                              فأجابه: "لا أبدا, كنت أصلي." فغر أبو الإلحاد فاه, وألجمته الصدمة برهة, ثم راجعه في ذهول: "كنت تعمل إيش؟" فأعاد عليه كلامه: "كنت أصلي العشاء"..

                              فانفجر ضاحكا: "نعم نعم, كيف انطلى علي مكرك؟ أنت تمزح, يا شيطان, أفزعتني!"

                              قاطعه شفيق قائلا: "أنا لا أمزح, لقد تبت إلى الله." مضت لحظات في صمت استعاد فيها أبو الإلحاد شريط ذكرياته في هذا البيت, تذكر المجون والفجور. كان دوما يتوقع من شفيق كل شيء, يتوقع منه كل سوء, فهو متقلب المزاج, وتمر به ساعات يكون فيها أشرس من ذئب, لكنه لم يتوقع شيئا كهذا الذي يحصل الآن أبدا. تأمل مرة أخرى في وجه صديقه, فوجد هدوءا لم يره عليه من قبل. فقال له مداعبا يريد تدارك ما جاء من أجله, ويتمنى أن ينتهي هذا الموضوع الغريب الذي يوشك أن يقلب لون ليلته من الأحمر إلى الرمادي فالأسود.

                              قال له: "حسنا مادمت قد فرغت من الصلاة, فدعنا ندخل, الليلة لنا ونحن لها..." نظر إليه شفيق في سكينة وقال: "انتهت تلك الليالي إلى غير رجعة." فسأله أبو الإلحاد: "ماذا تعنى؟" فرد عليه: "أعني أني اليوم إنسان جديد" أمسك بكتفه وهو يقول: "نعم, لكنك لن تصبح متزمتا, تعال, هذا مستحيل. ليس أنت." فقاطعه قائلا: "لا تخف لا أنوي أن أصير متزمتا لكني مسلم, هذا كل شيء." فحاول أبو الإلحاد إلى آخر رمق أن ينقذ ليلته فقال وهو يتكلف الضحك: " حسنا يا شيخ, صليت العشاء, فافعل ما تشاء, شوية لربه وشوية لعبده" وحاول الدخول فحال شفيق بينه وبين الباب. حينها أحس أبو الإلحاد بشيء غريب, أحس لأول مرة بتفاهة إلحاده. إنه يقف أمام رجل يعرفه دهرا ولا يستطيع أن يمنعه من أن يشق طريقه بعيدا عنه. بدا له شفيق كأنه سفينة تبحر أمامه, وهو يقف في المرسى عاجزا ينظر إليها, ولا يملك أن يوقفها ولا أن يصعد إليها. أحس برغبة في الصياح أو البكاء أو الفرار, لكن نفسه كانت في غاية الضعف. نظر إلى صديقه وسأله: "وماذا عن صداقتنا؟"

                              فأجابه: "تستطيع أن تزورني متى شئت, لكن انس ما كنا نجتمع عليه." حينها استدار أبو الإلحاد ومضى يجر رجليه, مضى وهو لا يكاد يصدق ما جرى.

                              أحس بريح تعصف في رأسه. مشى يحدث نفسه: إنه زمان صعب يا ابا الإلحاد. إن التزمت يزحف من كل حدب وصوب." أينما ولى رأى أصحاب اللحى, وسمع الأذان وتلاوة القرآن. حتى التلفزيون لم يعد آمنا, بالأمس كان يقلب القنوات وهو يحمل بيسراه سيجارة, فجأة بدا شيخ وقور ينظر إلى عينيه مباشرة ويقول له معاتبا: "ليش تدخن يا ابني, حرام عليك!" قفز في موضعه, وأطفأ الجهاز. ثم هاهو الساعة يمضي أمام المسجد, يجب أن يسرع. هذا أوان انصراف الناس من صلاة العشاء. فجأة وجد نفسه في بحر بشري. مر به شاب في العشرين. فأهداه ظرفا مغلقا, أخذه منه وانصرف مسرعا. وقبل أن يدخل حارته مر برجل عجوز نزل من سيارة أجرة, وهو يحمل حقيبة كبيرة, لم يشعر بنفسه إلا وهو يساعد العجوز في حمل متاعه, وضعه أمام باب بيته وهم بالانصراف, فالتفت إليه الشيخ فدعا له: "الله يرزقك شربة من حوض النبي يا ابني." ارتبك ولم يدر بأي شيء يجيب, خرجت من أحشائه كلمة طرقت أذنيه وهو لا يكاد يصدق ما قال, لقد قال أبو الإلحاد:


                              "آمين!"


                              لو نطق هذه الكلمة في مجلسه مع زملائه; إذن لظنوه جن.

                              ندم أشد الندم أنه ساعد الشيخ; بل ندم على خروجه من بيته هاته الليلة العجيبة. لا بد أن الصدفة تعبث بليلته وتحيك له مؤامرة تكاد تذهب بصفاء إلحاده. نعم كل ما جرى له صدفة, مروره أمام المسجد صدفة لا شك في ذلك, دعاء الشيخ أمر يحصل مع أمثاله من الأميين كل يوم, يدعون ويتمتمون بأشياء لا معنى لها طيلة نهارهم وليلهم, وما له ولهم؟.. كل ذلك حصل اتفاقا, لكن أن يصلي شفيق ليلة الأحد, وأن يصمد أمام إغراء السمر ورنين الكؤوس ودخان الشيشة كأنه راهب في كنيسة, هذا قطعا مما يأبى عقلي أن يصدقه بسهولة, فكيف يكون صدفة؟ لا بد لي من تفسير لهذا الانقلاب المفاجئ, ولا بد من عمل شيء أمام هذا الطوفان المتشدد, لا بد من تكثيف جهود دعاة التنوير, لا بد لهم من الوقوف في وجه زحف القنوات الدينية. استرسل في أفكاره حتى وصل بيته. وحين استلقى على فراشه, وأحس بشيء من الهدوء يعود إلى أفكاره, تذكر الظرف. فتحه في شرود, فوجد فيه سواكا وقطعة مسك, شعر بالاشمئزاز, ثم أخذ منه قرصا إلكترونيا كتب على غلافه بخط كوفي عريض: "لماذا لا تصلي؟" ألقى به بعيدا كأنه جمرة ملتهبة, وتسارع تنفسه, وأحس بضيق في صدره, أشعل سيجارة, وقال يحدث نفسه: "لن ينفعني في اجتياز هذه الليلة المشئومة إلا النوم, فلأنم كي ينتهي هذا الكابوس. خلع حذائه وأطفأ السراج.. وتمنى لو كان يؤمن بإله فيدعوه بشيء واحد لا ثاني له: "أن يلقي عليه طوفانا من النوم" لكن الإلحاد يضرب جذوره في أعماق نفسه, فأي إله يدعو؟.. أغمض عينيه فظهر له وجه شفيق الجديد مستنيرا, وهو يقول له: "لقد كنت ميتا فولدت من جديد." اجتهد في دفع هذا الخاطر, فظهر له الشيخ وهو يمسك يده ويقول: "الله يرزقك شربة من حوض النبي يا ابني." تخيل الصراط وخطاطيفه, تخيل نفسه يتحدر في جهنم, فتح عينيه, تصبب عرقا, تخيل أن صديقه شفيق جاءه وهو يليبس قميصا أبيض وقال له: "ليش ما تصلي؟" عندها قام أبو الإلحاد وأحضر كوب ماء وأخرج من جيبه علبة, أخذ منها حبتين, بلعهما ثم أتبعهما ماء, وما هي إلى دقائق حتى سمع له غطيط.


                              يتبع بإذن الله


                              تعليق

                              يعمل...
                              X