بقلم د. أمير بسام
يعلم الله وحده شدة حبِّي لشباب السلفيين؛ حيث أرى فيهم الشباب الصالح الباحث عن الحق والمبتعد عن المعصية، ولكني لا أدري دوافع بعض شيوخ السلفيين بمصر لتغيير أفكارهم ومواقفهم التي تبنوها طوال الثلاثين عامًا التي حكمها مبارك.
ولستُ بصدد مناقشة المواقف والفتاوى، ولكني أطرح تساؤلات واستفهامات لعل أحدهم يجيبني ليقطع حيرتي ويريح بالي، وأكون له شاكرًا ولِجَميله ذاكرًا.
الاستفسار الأول،
ألا وهو عن موقفهم من انتخابات مجلس الشعب، والدخول كمعارضين لسياسة الدولة، فبعضهم قال: إن الدخول في مجلس الشعب هو دخول في مجلس يحكم بغير ما أنزل الله تعالى، وهذا كفر بواح، وبعضهم قال: إن الانتخابات البرلمانية ما هي إلا تنافس على دنيا فاختاروا مَن هو أنفع لدنياكم.
وعن المعارضة فقد اجتمعوا على أنه لا يجوز معارضة الحاكم، بل لا بدَّ من السمع والطاعة "ولو جلد ظهرك وأخذ مالك"، ومعارضة الحكام ما هي إلا نوعٌ من الخروج على الحاكم، وهي من المعاصي بل من الكبائر.
والاستفسار الآن.. لقد أفتى علماؤهم الآن بأننا علينا أن نواكب الواقع ونُغيِّر من فتاوانا،
علينا أن نخوض انتخابات مجلس الشعب القادم.
ولو افترضنا أنهم قاموا بهذا، ودخل بعضهم إلى مجلس الشعب، وبالطبع سيكونون أقليةً في أول مجلس شعب؛ لأنها أول تجربة لهم، وبهذا فسيصبح لهم:
أولاً: إما يعارضون سياسات الحكومة، وبذلك يكونون خارجين على الحكام، كما أفتوا بذلك وهذا لا يجوز في فتاواهم.
ثانيًا: سيوافقون الحكومة من منطلق سمعهم وطاعتهم للحاكم، ولو كانت هذه الحكومة يسارية تؤمن بمبادئ الاشتراكية، وتسعى بمرجعيتها، فهم بمبدأ السمع والطاعة معهم.
ثم بعد ذلك إذا جاءت انتخابات أخرى وجاءت حكومة ليبرالية تؤمن بالرأسمالية، ومرجعيتها مبادئ الرأسماليين فهم في هذه الحالة: إما يكونون معارضين، وهذا خروج على الحاكم ولا يجوز طبقًا لفتواهم، أو إما يوافقون الحكومة على مبادئها "يسمعون لها ويطيعون"، وبذلك فهم مرة يساريون وأخرى ليبراليون.
هذا ما يمكن أن يحدث طبقًا لفتاواهم وأدبياتهم، ولا أريد منهم إجابة عن سبب نهيهم سابقًا أتباعهم عن الذهاب إلى الانتخابات، أو تشجيعهم على انتخاب مرشحي أولى الأمر، وهم مرشحو الحزب الوطني أو مساندتهم لِمَن هو أنفع لدنياهم من رجال الأعمال المرشحين لمجلس الشعب، وقد رأيت كلَّ ذلك في الدورات الانتخابية التي عايشتها في الأعوام السابقة.
لا أريد أن أعرف أسباب ذلك، أو أدلته الشرعية؛ لأنهم تراجعوا عن كلّ ذلك وأفتوا بعكسه في الأيام القليلة الماضية، ولكني أتساءل وأريد منهم الإجابة.
وأمر آخر يحتاج إلى توضيح، إذا أراد السلفيون مراجعة أفكارهم وفتواهم فيما يخص الدخول في الانتخابات، فإنني أظن أن الأمر له خطواته، ألا وهي دعوة تنطلق منهم لأنفسهم للاجتماع والمناقشة وتمحيص الحقيقة ومراجعة الأدلة، وهذا يأخذ شهورًا أو على الأقل أسابيع، كما فعلت الجماعة الإسلامية حين راجعت مواقفها من الحكام واستخدامها العنف، فقد ظلوا سنوات عديدة وأخرجوا كتبًا وضحت خطأ استدلالاتهم، وغيروا مواقفهم وأبانوا- بعد دراسة- ما ينوون السير عليه والالتزام به.
ولكن بمجرد أن يسقط نظام مبارك فيخرج شيوخ السلفيين كلهم أو جلّهم؛ ليعلنوا أنهم عليهم أن يواكبوا الواقع وعليهم أن يغيروا فتواهم فيما يخص الدخول في مجلس الشعب، فهذا يحتاج إلى توضيح وبيان.
هل نطوّع الشرع للواقع أم نسير وراء الشرع لإصلاح الواقع؟
هل نسير مع الدليل ليعطينا الفتوى والتشريع؟ أم نصدر الفتوى، والتشريع ونبحث لها عن الدليل؟
إن الحق تبارك وتعالى قال
﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾
(الجاثية: من الآية 23)،
إن مَن يجتهد في جمع الأدلة الشرعية لتوافق هواه، ومقصده هو الذي تنطبق عليه الآية السابقة.
إن مَن يحرم دخول الانتخابات حين كان يبطش النظام بخصومه، ويضعهم في السجون والمعتقلات؛ بدعوى أن هذا خروج على الحاكم، وهذه دنيا ولا يصح التنافس عليها، ثم هو نفسه مَن يحلل هذا الأمر الآن، هو متبع لهواه وليس قاصدًا إرضاء مولاه، وإننى أخشى على شيوخ السلف والذي أكن لكثير منهم الاحترام من ذلك.
استفسار آخر
سمعنا بعضهم ينادي بأننا نريد دولة إسلامية وليست مدنية
واستفساري هو:
ما وصفهم لنظام مبارك البائد؟ هل كان نظامًا إسلاميًّا أم غير إسلامي؟
إذا قالوا غير إسلامي فلماذا كانوا يأمرون أتباعهم بالسمع والطاعة وعدم جواز المظاهرات
وإذا قالوا إسلامي فما جدوى ندائهم؟!
هل المقصود إثارة الخوف والذعر لدى الغرب من نجاح الثورة، وإثارة الحفيظة لدى طبقات كبيرة من الشعب.. حتى يتمنوا عودة الحزب الوطني الذي ينتمي كثير منهم إليه.
وأخيرًا وليس آخرًا:
لقد تحركوا، وبسرعة وعلى مستوى القطر المصري، رغم أنهم ليسوا في تنظيم، واحد وليس لهم قيادة واحدة، بل كانوا يعتبرون وجود جماعة منظمة هو بدعة، رغم ذلك كله بدأوا يتحدثون عن المادة الثانية من الدستور، وهي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ويحذرون من المساس بها، رغم أنه لم يتحدث عنها أحد والتعديلات معلوم سلفًا أنها لست مواد فقط ليس منهم المادة الثانية المذكورة ورئيس اللجنة هو المستشار طارق البشرى حفيد شيخ الأزهر الأسبق سليم البشري، ومعروف بتوجهه الإسلامي.. ورغم ذلك يجمعون توقيعات، ويرفعون الأصوات حول موضوع لم يكن محل نقاش.
ترى هل كل ما سبق له علاقة بالوثيقة التي ظهرت على المواقع الإلكترونية باستخدام الدولة لبعض قيادات السلف بإثارة الشبهات على الإخوان المسلمين؟!.
ترى هل كل ما سبق له علاقة بما يسمى الثورة المضادة التي يقودها جهاز أمن الدولة وفلول الحزب الوطني؟!.
هل ما يحدث عن جهل أم عمد وكلاهما مرّ كالعلقم ؟!!.
أرجو أن يجيبني أحد من شيوخ السلف عن ما يدور في ذهني من تساؤلات
ويعلم الله حبي الشديد لشباب السلف، واحترامي لكثير من شيوخهم، فهم رصيد خير للأمة.. ولكنها مجرد أسئلة.
يعلم الله وحده شدة حبِّي لشباب السلفيين؛ حيث أرى فيهم الشباب الصالح الباحث عن الحق والمبتعد عن المعصية، ولكني لا أدري دوافع بعض شيوخ السلفيين بمصر لتغيير أفكارهم ومواقفهم التي تبنوها طوال الثلاثين عامًا التي حكمها مبارك.
ولستُ بصدد مناقشة المواقف والفتاوى، ولكني أطرح تساؤلات واستفهامات لعل أحدهم يجيبني ليقطع حيرتي ويريح بالي، وأكون له شاكرًا ولِجَميله ذاكرًا.
الاستفسار الأول،
ألا وهو عن موقفهم من انتخابات مجلس الشعب، والدخول كمعارضين لسياسة الدولة، فبعضهم قال: إن الدخول في مجلس الشعب هو دخول في مجلس يحكم بغير ما أنزل الله تعالى، وهذا كفر بواح، وبعضهم قال: إن الانتخابات البرلمانية ما هي إلا تنافس على دنيا فاختاروا مَن هو أنفع لدنياكم.
وعن المعارضة فقد اجتمعوا على أنه لا يجوز معارضة الحاكم، بل لا بدَّ من السمع والطاعة "ولو جلد ظهرك وأخذ مالك"، ومعارضة الحكام ما هي إلا نوعٌ من الخروج على الحاكم، وهي من المعاصي بل من الكبائر.
والاستفسار الآن.. لقد أفتى علماؤهم الآن بأننا علينا أن نواكب الواقع ونُغيِّر من فتاوانا،
علينا أن نخوض انتخابات مجلس الشعب القادم.
ولو افترضنا أنهم قاموا بهذا، ودخل بعضهم إلى مجلس الشعب، وبالطبع سيكونون أقليةً في أول مجلس شعب؛ لأنها أول تجربة لهم، وبهذا فسيصبح لهم:
أولاً: إما يعارضون سياسات الحكومة، وبذلك يكونون خارجين على الحكام، كما أفتوا بذلك وهذا لا يجوز في فتاواهم.
ثانيًا: سيوافقون الحكومة من منطلق سمعهم وطاعتهم للحاكم، ولو كانت هذه الحكومة يسارية تؤمن بمبادئ الاشتراكية، وتسعى بمرجعيتها، فهم بمبدأ السمع والطاعة معهم.
ثم بعد ذلك إذا جاءت انتخابات أخرى وجاءت حكومة ليبرالية تؤمن بالرأسمالية، ومرجعيتها مبادئ الرأسماليين فهم في هذه الحالة: إما يكونون معارضين، وهذا خروج على الحاكم ولا يجوز طبقًا لفتواهم، أو إما يوافقون الحكومة على مبادئها "يسمعون لها ويطيعون"، وبذلك فهم مرة يساريون وأخرى ليبراليون.
هذا ما يمكن أن يحدث طبقًا لفتاواهم وأدبياتهم، ولا أريد منهم إجابة عن سبب نهيهم سابقًا أتباعهم عن الذهاب إلى الانتخابات، أو تشجيعهم على انتخاب مرشحي أولى الأمر، وهم مرشحو الحزب الوطني أو مساندتهم لِمَن هو أنفع لدنياهم من رجال الأعمال المرشحين لمجلس الشعب، وقد رأيت كلَّ ذلك في الدورات الانتخابية التي عايشتها في الأعوام السابقة.
لا أريد أن أعرف أسباب ذلك، أو أدلته الشرعية؛ لأنهم تراجعوا عن كلّ ذلك وأفتوا بعكسه في الأيام القليلة الماضية، ولكني أتساءل وأريد منهم الإجابة.
وأمر آخر يحتاج إلى توضيح، إذا أراد السلفيون مراجعة أفكارهم وفتواهم فيما يخص الدخول في الانتخابات، فإنني أظن أن الأمر له خطواته، ألا وهي دعوة تنطلق منهم لأنفسهم للاجتماع والمناقشة وتمحيص الحقيقة ومراجعة الأدلة، وهذا يأخذ شهورًا أو على الأقل أسابيع، كما فعلت الجماعة الإسلامية حين راجعت مواقفها من الحكام واستخدامها العنف، فقد ظلوا سنوات عديدة وأخرجوا كتبًا وضحت خطأ استدلالاتهم، وغيروا مواقفهم وأبانوا- بعد دراسة- ما ينوون السير عليه والالتزام به.
ولكن بمجرد أن يسقط نظام مبارك فيخرج شيوخ السلفيين كلهم أو جلّهم؛ ليعلنوا أنهم عليهم أن يواكبوا الواقع وعليهم أن يغيروا فتواهم فيما يخص الدخول في مجلس الشعب، فهذا يحتاج إلى توضيح وبيان.
هل نطوّع الشرع للواقع أم نسير وراء الشرع لإصلاح الواقع؟
هل نسير مع الدليل ليعطينا الفتوى والتشريع؟ أم نصدر الفتوى، والتشريع ونبحث لها عن الدليل؟
إن الحق تبارك وتعالى قال
﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾
(الجاثية: من الآية 23)،
إن مَن يجتهد في جمع الأدلة الشرعية لتوافق هواه، ومقصده هو الذي تنطبق عليه الآية السابقة.
إن مَن يحرم دخول الانتخابات حين كان يبطش النظام بخصومه، ويضعهم في السجون والمعتقلات؛ بدعوى أن هذا خروج على الحاكم، وهذه دنيا ولا يصح التنافس عليها، ثم هو نفسه مَن يحلل هذا الأمر الآن، هو متبع لهواه وليس قاصدًا إرضاء مولاه، وإننى أخشى على شيوخ السلف والذي أكن لكثير منهم الاحترام من ذلك.
استفسار آخر
سمعنا بعضهم ينادي بأننا نريد دولة إسلامية وليست مدنية
واستفساري هو:
ما وصفهم لنظام مبارك البائد؟ هل كان نظامًا إسلاميًّا أم غير إسلامي؟
إذا قالوا غير إسلامي فلماذا كانوا يأمرون أتباعهم بالسمع والطاعة وعدم جواز المظاهرات
وإذا قالوا إسلامي فما جدوى ندائهم؟!
هل المقصود إثارة الخوف والذعر لدى الغرب من نجاح الثورة، وإثارة الحفيظة لدى طبقات كبيرة من الشعب.. حتى يتمنوا عودة الحزب الوطني الذي ينتمي كثير منهم إليه.
وأخيرًا وليس آخرًا:
لقد تحركوا، وبسرعة وعلى مستوى القطر المصري، رغم أنهم ليسوا في تنظيم، واحد وليس لهم قيادة واحدة، بل كانوا يعتبرون وجود جماعة منظمة هو بدعة، رغم ذلك كله بدأوا يتحدثون عن المادة الثانية من الدستور، وهي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ويحذرون من المساس بها، رغم أنه لم يتحدث عنها أحد والتعديلات معلوم سلفًا أنها لست مواد فقط ليس منهم المادة الثانية المذكورة ورئيس اللجنة هو المستشار طارق البشرى حفيد شيخ الأزهر الأسبق سليم البشري، ومعروف بتوجهه الإسلامي.. ورغم ذلك يجمعون توقيعات، ويرفعون الأصوات حول موضوع لم يكن محل نقاش.
ترى هل كل ما سبق له علاقة بالوثيقة التي ظهرت على المواقع الإلكترونية باستخدام الدولة لبعض قيادات السلف بإثارة الشبهات على الإخوان المسلمين؟!.
ترى هل كل ما سبق له علاقة بما يسمى الثورة المضادة التي يقودها جهاز أمن الدولة وفلول الحزب الوطني؟!.
هل ما يحدث عن جهل أم عمد وكلاهما مرّ كالعلقم ؟!!.
أرجو أن يجيبني أحد من شيوخ السلف عن ما يدور في ذهني من تساؤلات
ويعلم الله حبي الشديد لشباب السلف، واحترامي لكثير من شيوخهم، فهم رصيد خير للأمة.. ولكنها مجرد أسئلة.
تعليق