إن من أخطر الأمور التى لفتت نظرى بعد تولى مهمة الإشراف العلمى على المنتدى والموقع وجود بعض الألفاظ الشديدة عند وصف المخالفين أو حتى المعادين ممن يتناولهم صاحب المشاركة سواءا بالنقد أو الرد
بل إن بعض هذه الألفاظ تتعدى مرحلة السب والإنتقاص إلى اللعن والإقصاء عن رحمة الله والجزم أحيانا بدخول النار وربنا جل وعلى يقول فى محكم تنزيله )وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفارالله
وقال الطبرى حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة،عن ابن عباس قوله:(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم)،قال: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبِّ آلهتنا، أو لنهجوَنَّ ربك ! فنهاهم الله أنيسبوا أوثانهم، فيسبوا الله عدوًا بغير علم .
وقال حدثنا بشر بن معاذ قال،حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم)، كان المسلمون يسبون أوثان الكفار، فيردّون ذلك عليهم،فنهاهم الله أن يستسِبُّوا لربهم، فإنهم قومٌ جهلة لا علم لهم بالله .
فإذا كان هذا النهى عن السب فى حق المشركين أليس من باب أولى أن يكون فى حق غيرهم من المخالفين حتى وإن تلبس ببدعة أو ضلالة
و إن كان هذا هو الحال مع السب فما بالكم باللعن وأعنى بذلك لعن المعيَّن الحى الذى لم يمت بعد على الكفر كما رأينا مثلا فى لعن بعض الإخوة والأخوات للشيعى الذى تطاول على أمنا عائشة رضى الله عنها .
وقد فصل العلماء فى هذه القضية (لعن المعيَّن) تفصيلا واسعا كما يلى
قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .
واللعن يقع على وجهين :
الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين . أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به . قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .
الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين :
1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) : ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .
2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل : بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض و من سب الصحابة – وغير ذلك .
" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه لا يجوز بحال .( وهو الراجح إن شاء الله وعليه عموم الأدلة)
الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .
الثالث : يجوز مطلقا " اهـ
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .
واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :
1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) . وعند أحمد : فتيب عليهم كلهم . وفي رواية : وهداهم الله للإسلام
أما أصحاب الرأي الثاني فقد استدلوا بأدلة منها ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها: عليكم السام واللعنة، فقال: "يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر". قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم. {حديث صحيح}.
وأيضًا بما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. رواه مسلم.
و الراجح هو رأي الفريق الأول؛ لقوة أدلتهم ولعموم النهي عن اللعن ولوروده على غير المعين غالبًا.
والله تعالى أعلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :
" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى . يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري" اهـ .
وسلم ابن الجوزي على أن ترك اللعن أولى
وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :
" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز ، فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله ، بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم )أ.ه
عقوبة اللعانين بغير حق نسأل الله ألا نكون منهم:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة". رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: "معناه لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار، ولا شهداء وفي الشهادة ثلاثة أقوال: أصحها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات، والثاني: لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم، والثالث: لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله". اه.
ويتضح من هذا الحديث الآتي:
1- أن اللعن يمنع الإنسان من منزلة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى وهي منزلة الشفعاء والشهداء وهذه المنزلة لا تكون إلا لأشخاص مقربين عند الله سبحانه وتعالى كالأنبياء والشهداء وحفظة القرآن كما وردت الأحاديث بذلك.
2- أن الإنسان قد يحرم منزلةً عظيمة عاجلة أو آجلة بسبب قد يظنه هينًا ولكنه عند الله عظيم؛ لأنه منع الإنسان من استحقاق تلك المنزلة، وليس أدل على ذلك من أن الشهيد يغفر له عند أول قطرة من دمه كل شيء، إلا الدين، ويحبس عن دخول الجنة حتى يقضى عنه دينه، وهي منزلة كبيرة يحرم منها عاجلاً لحين قضاء الدين ويحرم اللعان الشفاعةَ والشهادةَ آجلاً إلا أن يتوب،
وهناك عقوبات أخرى أوردتها حين ذكرى لأدلة القائلين بالمنع.
أنا أقول لكل إخوانى نحن لا نحتاج لسب أحد ولا للانتقاص منه فحجتنا ظاهرة و دليلنا صحيح و أسلوب الشتم واللعن يضعف من مواقفنا بغير ضرورة وليس الأقرب لسنة نبينا و أخلاق ديننا
ملحوظة: الوصف لا يشمل ما قدمت من التحذير من السب و اللعن كأن يقول مثلا كذب فلان فى قوله كذا أو افترى وتعدى فى هذا الفعل ولكن أرجو عدم الإسراف فى ذلك و التورع قدر المستطاع فى استعمال تلك الصفات كى لا نقع فى أى تجاوز وإن استطعنا استبدالها بألفاظ أورع و ألا نأتى بها إلا عند عدم التمكن من إبدالها فلنفعل
فليحرص كل منا على البعد عن اللعن حتى نكون من الشفعاء والشهداء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بل إن بعض هذه الألفاظ تتعدى مرحلة السب والإنتقاص إلى اللعن والإقصاء عن رحمة الله والجزم أحيانا بدخول النار وربنا جل وعلى يقول فى محكم تنزيله )وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفارالله
وقال الطبرى حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة،عن ابن عباس قوله:(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم)،قال: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبِّ آلهتنا، أو لنهجوَنَّ ربك ! فنهاهم الله أنيسبوا أوثانهم، فيسبوا الله عدوًا بغير علم .
وقال حدثنا بشر بن معاذ قال،حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم)، كان المسلمون يسبون أوثان الكفار، فيردّون ذلك عليهم،فنهاهم الله أن يستسِبُّوا لربهم، فإنهم قومٌ جهلة لا علم لهم بالله .
فإذا كان هذا النهى عن السب فى حق المشركين أليس من باب أولى أن يكون فى حق غيرهم من المخالفين حتى وإن تلبس ببدعة أو ضلالة
و إن كان هذا هو الحال مع السب فما بالكم باللعن وأعنى بذلك لعن المعيَّن الحى الذى لم يمت بعد على الكفر كما رأينا مثلا فى لعن بعض الإخوة والأخوات للشيعى الذى تطاول على أمنا عائشة رضى الله عنها .
وقد فصل العلماء فى هذه القضية (لعن المعيَّن) تفصيلا واسعا كما يلى
قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .
واللعن يقع على وجهين :
الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين . أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به . قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .
الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين :
1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) : ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .
2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل : بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض و من سب الصحابة – وغير ذلك .
" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه لا يجوز بحال .( وهو الراجح إن شاء الله وعليه عموم الأدلة)
الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .
الثالث : يجوز مطلقا " اهـ
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .
واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :
1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) . وعند أحمد : فتيب عليهم كلهم . وفي رواية : وهداهم الله للإسلام
2- ما رواه البخاري ( 6780 ) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) .
، وأشار الغزالي في الإحياء إلى تحريمه إلا في حق من علمنا أنه مات على الكفر كأبي لهب وأبي جهل وفرعون وهامان وأشباههم، لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله، وما ندري ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر، فإن دعوتك عليه باللعنة معناها أنك تدعو عليه ألا يرحم أبدًا، ولا يكون ذلك إلا بأن يموت كافرًا وهو لا يجوز، أما الذين لعنهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأعيانهم فيجوز أنه صلى الله عليه وسلم علم موتهم على الكفر. اه.
ولذلك فإن العلماء قد انقسموا إلى فريقين: فريق منهم يرى عدم جواز لعن المعين وهم الجمهور وقد استدلوا بأدلة، ومنها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عمر رضي الله من حديث الرجل الملقب بحمار الذى ذكرناه
و عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار".
و عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار".
{"السلسلة الصحيحة" 890}
و عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ"
. {رواه الترمذي وقال: حديث حسن}
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا".
{رواه مسلم}
و عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إن العبد إذا لعن شيئًا، صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها ثم تأخذ يمينًا وشمالاً، فإذا لم تجد مَسَاغا (مدخلاً وطريقًا) رجعت إلى الذي لُعِن، فإن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها".
{حسن. صحيح الجامع: 1668}
{حسن. صحيح الجامع: 1668}
وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ادع الله على المشركين . قال : إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة
و ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن المؤمن كقتله". متفق عليه. قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: جاء في الحديث الصحيح: "لعن المؤمن كقتله" لأن القاتل يقطعه عن منافع الدنيا وهذا يقطعه عن نعيم الآخرة ورحمة الله تعالى، وقيل معنى لعن المؤمن كقتله في الإثم وهذا أظهر. اه.
بل حتى الدواب نهى الشرع عن لعنها: عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت (أي من علاج الناقة وصعوبتها) فلعنتها، فسمع ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقال: "خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة
". قال عمران: فكأني أراها الآن لتمشي في الناس ما يعرض لها أحد. رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: إنما قال هذا صلى الله عليه وسلم زجرًا لها ولغيرها، وكان قد سبق نهيها ونهي غيرها عن اللعن فعوقبت بإرسال الناقة، والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق، وأما بيعها وذبحها وركوبها في غير مصاحبته صلى الله عليه وسلم ، وغير ذلك من التصرفات التي كانت جائزة قبل هذا- أي قبل اللعن- فهي باقية على الجواز لأن الشرع إنما ورد بالنهي عن المصاحبة فبقي الباقي، كما كان. اه.
أما أصحاب الرأي الثاني فقد استدلوا بأدلة منها ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها: عليكم السام واللعنة، فقال: "يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر". قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم. {حديث صحيح}.
وأيضًا بما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. رواه مسلم.
و الراجح هو رأي الفريق الأول؛ لقوة أدلتهم ولعموم النهي عن اللعن ولوروده على غير المعين غالبًا.
والله تعالى أعلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :
" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى . يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري" اهـ .
وقال في موضع آخر : قيل لأحمد بن حنبل : أيؤخذ الحديث عن يزيد ؟ فقال : لا ، ولا كرامة ، أو ليس هو فعل بأهل المدينة ما فعل ؟ وقيل له : إن أقواما يقولون : إنا نحب يزيد ، فقال : وهل يحب يزيد من يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ فقيل له : أو لا تلعنه ؟ فقال : متى رأيت أباك يلعن أحدا؟
وقال الشيخ تقي الدين أيضا في موضع آخر في لعن المعين من الكفار ومن أهل القبلة وغيرهم ومن الفساق بالاعتقاد أو بالعمل : لأصحابنا فيها أقوال :
أحدها : أنه لا يجوز بحال ، وهوة قول أبي بكر بن عبد العزيز .
والثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .
والثالث : يجوز مطلقا .
سئل أحمد بن حنبل عمن قال : لعن الله يزيد بن معاوية . فقال : لا تكلم في هذا ، الإمساك أحب إلي .
قال ابن الجوزي : هذه الرواية تدل على اشتغال الإنسان بنفسه عن لعن غيره . ….
وسلم ابن الجوزي على أن ترك اللعن أولى
قال أبو بكر الخلال في كتاب ( السنة ) الذي ذكره أبو عبد الله في التوقف في اللعنة فيه أحاديث كثيرة لا تخفى على أهل العلم ، ويتبع فيه قول الحسن وابن سيرين فهما الإمامان في زمانهما ، ويقول : لعن الله من قتل الحسين بن علي ، لعن الله من قتل عثمان ، لعن الله من قتل عليا ، لعن الله من قتل معاوية بن أبي سفيان ، ويقول : لعنة الله على الظالمين إذا ذكر لنا رجل من أهل الفتن على ما تقلده أحمد .
قال القاضي : فقد صرح الخلال باللعنة قال : وقال أبو بكر بن عبدالعزيز فيما وجدته في ( تعاليق ) أبي إسحاق : ليس لنا أن نلعن إلا منم لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق الإخبار عنه .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :
" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز ، فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله ، بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم )أ.ه
عقوبة اللعانين بغير حق نسأل الله ألا نكون منهم:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة". رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: "معناه لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار، ولا شهداء وفي الشهادة ثلاثة أقوال: أصحها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات، والثاني: لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم، والثالث: لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله". اه.
ويتضح من هذا الحديث الآتي:
1- أن اللعن يمنع الإنسان من منزلة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى وهي منزلة الشفعاء والشهداء وهذه المنزلة لا تكون إلا لأشخاص مقربين عند الله سبحانه وتعالى كالأنبياء والشهداء وحفظة القرآن كما وردت الأحاديث بذلك.
2- أن الإنسان قد يحرم منزلةً عظيمة عاجلة أو آجلة بسبب قد يظنه هينًا ولكنه عند الله عظيم؛ لأنه منع الإنسان من استحقاق تلك المنزلة، وليس أدل على ذلك من أن الشهيد يغفر له عند أول قطرة من دمه كل شيء، إلا الدين، ويحبس عن دخول الجنة حتى يقضى عنه دينه، وهي منزلة كبيرة يحرم منها عاجلاً لحين قضاء الدين ويحرم اللعان الشفاعةَ والشهادةَ آجلاً إلا أن يتوب،
وهناك عقوبات أخرى أوردتها حين ذكرى لأدلة القائلين بالمنع.
أنا أقول لكل إخوانى نحن لا نحتاج لسب أحد ولا للانتقاص منه فحجتنا ظاهرة و دليلنا صحيح و أسلوب الشتم واللعن يضعف من مواقفنا بغير ضرورة وليس الأقرب لسنة نبينا و أخلاق ديننا
ملحوظة: الوصف لا يشمل ما قدمت من التحذير من السب و اللعن كأن يقول مثلا كذب فلان فى قوله كذا أو افترى وتعدى فى هذا الفعل ولكن أرجو عدم الإسراف فى ذلك و التورع قدر المستطاع فى استعمال تلك الصفات كى لا نقع فى أى تجاوز وإن استطعنا استبدالها بألفاظ أورع و ألا نأتى بها إلا عند عدم التمكن من إبدالها فلنفعل
فليحرص كل منا على البعد عن اللعن حتى نكون من الشفعاء والشهداء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تعليق