إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُنِير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


    تعدد الزوجات

    تزوج رسول الله صلي الله عليه وسلم إحدى عشرة امرأة، تدثرن باسم أمهات المؤمنين، ومات عن تسع نساء وياله من شرف عظيم ومنزلة رفيعة حظيت بها تلك النساء الكريمات، ولقد تزوج الرسول صلي الله عليه وسلم المرأة الكبيرة، والأرملة والمطلقة والضعيفة، ولم يكن بين تلك الزوجات بكرًا إلا عائشة رضي الله عنها.
    تزوج الرسول صلي الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وجمع بينهن فكان مثالاً في العدل والقسمة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول لله صلي الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها»([رواه الترمذي]).

    ومن صور العدل ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه:
    «كان للنبي صلي الله عليه وسلم تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتمي إلى المرأة الأولى إلا في تسع فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة فجاءت زينب فمد يده إليها فقالت عائشة: هذه زينب، فكف النبي صلي الله عليه وسلم يده»([رواه مسلم]).
    وهذا البيت النبوي العظيم لم يكن كذلك لولا ما كان لرسول الله صلي الله عليه وسلم من توفيق ربه وإلهامه إياه.

    وها هو صلي الله عليه وسلم يشكر ربه قولاً وفعلاً كان صلي الله عليه وسلم يحث نساءه على العبادة ويعينهن على ذلك امتثالاً لأمر الله عز وجل:}وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى{([سورة طه 132]).
    فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلي الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه فإذا أراد أن يوتر أيقظني»([متفق عليه.]).

    وقد حث النبي صلي الله عليه وسلم على أمر قيام الليل وإعانة الزوج والزوجة لبعضهما حتى تأخذ منحى جميلاً في نضح الماء من الزوج أو الزوجة لا فرق. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء»([متفق عليه]).

    ومن كمال المسلم والتزامه بدينه، اعتناؤه بمظهره الخارجي إتمامًا لصفاء داخله ونقائه.
    كان عليه الصلاة والسلام طاهر القلب نظيف البدن طيب الرائحة يجب السواك ويأمر به قال صلي الله عليه وسلم: «لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»([رواه أحمد]).
    وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص، فاه بالسواك([لشوص: الدلك]).([رواه مسلم])
    وعن شريح بن هاني قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي صلي الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك([رواه مسلم]).
    فما أجملها من نظافة واستعداد لاستقبال أهل البيت!

    وكان صلي الله عليه وسلم يقول عند دخول المنزل: «بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى ربنا توكلنا، ثم يسلم على أهله»([رواه مسلم]).
    وليهنأ أهل بيتك بالدخول بالنظافة والبدء بالسلام، ولا تكن أخي المسلم ممن استبدل هذا بالعتاب واللوم والتقريع.


    إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
    فإدعوا لي
    راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

    تعليق


    • #17
      رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


      مزاح رسول الله صلي الله عليه وسلم

      النبي القائد صلي الله عليه وسلم مهموم بأمر أمته، وبجيوشه، وقواده، وبأهل بيته، وبالوحي تارة وبالعبادة أخرى، وهناك هموم أخرى، إنها أعمال عظيمة تجعل أي رجل عاجزًا عن الوفاء بمتطلبات الحياة وبث الروح فيها، ولكنه عليه الصلاة والسلام أعطى كل ذي حق حقه فلم يقصر في حق على حساب آخر وفي جانب دون غيره، فهو صلي الله عليه وسلم مع كثرة أعبائه وأعماله جعل للصغار في قلبه مكانًا، فقد كان عليه الصلاة والسلام يداعب الصغار ويمازحهم ويتقرب إلى قلوبهم ويدخل السرور على نفوسهم كما يمازح الكبار أحيانًا.

      عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله: إنك تداعبنا([تداعبنا: يعني تمازحنا])، قال: «نعم. غير أني لا أقول إلا حقًا»([رواه أحمد.]).
      ومن مزاحه صلي الله عليه وسلم ما رواه أنس بن مالك قال: «إن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: يا ذا الأذنين»([رواه أبو داود]).
      وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان ابن لأم سليم يقال له أبو عمير كان النبي صلي الله عليه وسلم ربما مازحه إذا جاء فدخل يومًا يمازحه، فوجده حزينًا، فقال: «مالي أرى أبا عمير حزينًا» فقالوا: يا رسول الله مات نغره الذي كان يلعب به، فجعل يناديه: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟»([متفق عليه]).

      ومع الكبار كان للرسول صلي الله عليه وسلم مواقف يروي أحدها أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول: إن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام، قال: وكان النبي صلي الله عليه وسلم يحبه وكان دميمًا، فأتاه النبي صلي الله عليه وسلم يومًا يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصر: فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلي الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبي صلي الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلي الله عليه وسلم يقول: «من يشتري العبد» فقال: يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدًا، فقال النبي: «لكن عند الله أنت غال»([رواه أحمد]).
      إنه حسن خلق من كريم سجاياه وشريف خصاله عليه الصلاة والسلام.

      ومع تبسط الرسول صلي الله عليه وسلم مع أهله وقومه فإن لضحكه حدًا فلا تراه إلا مبتسمًا كما قالت عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله مستجمعًا قط ضاحكًا حتى ترى منه لهواته([للهوات: جمع لهات: وهي اللحم التي في أقصى سقف الفم.])، وإنما كان يبتسم»([متفق عليه]).
      ومع هذه البشاشة وطيب المعشر إلا أنه صلي الله عليه وسلم يتمعر وجهه إذا انتهكت محارم الله قالت عائشة رضي الله عنها: قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلي الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه وقال: «يا عائشة: أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله»([متفق عليه، والسهوة كالصفة بين يدي البيت، والقرام، ستر رقيق هتكه: أي أفسد الصورة التي فيه.]).
      فدل هذا على تحريم اتخاذ الصور في البيت إذا كانت بارزة، وأشد منه تحريمًا الصور المعلقة في الجدار أو التماثيل المنصوبة في الأركان وعلى الأرفف والمناضيد، فإن ذلك مع الإثم المترتب عليه يحرم أهل البيت من دخول ملائكة الرحمة في ذلك البيت.

      إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
      فإدعوا لي
      راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

      تعليق


      • #18
        رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


        نوم النبي صلي الله عليه وسلم

        عن أبي رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخذ داخلة إزاره -أي طرفه- فلينفض بها فراشه وليسم الله، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفس فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين»(رواه مسلم ).

        وكان من توجيهه صلي الله عليه وسلم لكل مسلم ومسلمة: « إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن»(متفق عليه ).
        وعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه فنفث فيهما، وقرأ فيهما: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يصنع ذلك ثلاث مرات»( رواه البخاري.).

        عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي»(رواه مسلم ).
        وعن أبي قتادة: «إن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا عرس بليل اضطجع على شقه الأيمن، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه»( ([رواه مسلم]) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والراحة).

        ومع نعم الله عز وجل التي أغدقها علينا، تأمل أخي الحبيب في فراش سيد المرسلين وخاتم النبيين وأفضل الخلق أجمعين خير من وطأت قدمه الثرى.
        عن عائشة رضي الله عنها قالت: «إنما كان فراش رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي ينام عليه من أدم حشوه ليف»(رواه مسلم ).

        ودخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر، فانحرف رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم ير عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوبًا، وقد أثر الشريط بجنب رسول الله صلي الله عليه وسلم فبكى عمر، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: «ما يبكيك يا عمر»؟ قال: والله إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على الله عز وجل من كسرى وقيصر، وهما يعبثان في الدنيا فيما يعبثان فيه، وأنت رسول الله بالمكان الذي أرى! فقال النبي صلي الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة»؟ قال عمر: بلى، قال: «فإنه كذلك»(رواه الإمام أحمد.).

        إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
        فإدعوا لي
        راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

        تعليق


        • #19
          رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


          قيام الليل

          قد أقبل ليل المدينة وخيم بسواده عليها، لكن الرسول صلي الله عليه وسلم أضاء جوانحه بالصلاة وذكر الله وقام ليله يتهجد ويناجي رب الأرض والسموات ويدعو من بيده مقاليد الأمور استجابة لأمر خالقه وبارئه يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا( سورة المزمل).

          عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوم يصلي حتى تنتفخ قدماه، فيقال له: يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟»( رواه ابن ماجه).
          وعن الأسود بن يزيد قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم بالليل فقالت: «كان ينام أول الليل ثم يقوم فإذا كان له حاجة ألم بأهله، فإذا سمع الأذان وثب، فإن كان جنبًا أفاض عليه من الماء وإلا توضأ وخرج إلى الصلاة»( رواه البخاري).

          وصلاة الرسول صلي الله عليه وسلم بالليل فيها من العجب ما يجعلنا نتأمل في طولها ونتخذها قدوة وأسوة.
          عن أبي عبد الله حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: «صليت مع النبي صلي الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح آل عمران فقرأها، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، يقرأ مترسلاً( مترسلاً: أي بتبين الحروف وأداء حقها)، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ثم قام طويلاً قريبًا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبًا من قيامه»( رواه مسلم).

          إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
          فإدعوا لي
          راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

          تعليق


          • #20
            رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


            بعد الفجر

            بعد هدوء ليل المدينة ومع إشراقات الفجر حيث تم أداء صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد كان عليه الصلاة والسلام يجلس بعد صلاة الفجر لذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين،
            عن جابر بن سمرة رضي الله عنه: «أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنًا»( رواه مسلم، ومعنى حسنًا مرتفعة).
            وقد حث عليه الصلاة والسلام على الإتيان بهذه السنة العظيمة وذكر بما فيها من الأجر والمثوبة.
            عن أنس رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: «من صلى الفجر في جماعة،ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة، تامة، تامة، تامة»( رواه الترمذي).

            صلاة الضحى

            قد انتصف النهار واشتدت حرارة الشمس، وأقبلت السموم الحارقة تلفح الوجوه، إنها فترة الضحى، وقت عمل وقضاء حوائج، ومع كثرة أعباء الرسالة ومقابلة الوفود، وتعليم الصحابة، وحقوق الأهل، فقد كان صلي الله عليه وسلم يتعبد الله عز وجل.
            قالت معاذة: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان النبي صلي الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: «نعم أربع ركعات ويزيد ما شاء الله عز وجل»( رواه مسلم).
            وقد أوصى بها صلي الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي صلي الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد»( متفق عليه).

            صلاة النوافل في البيت

            هذا البيت العامر بالإيمان، المليء بالعبادة والذكر، يوصي النبي صلي الله عليه وسلم أن يكون لبيوتنا مثل ذلك، فيقول صلي الله عليه وسلم: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا»( رواه البخاري).
            قال ابن القيم رحمه الله: وكان صلي الله عليه وسلم يصلي عامة السنن والتطوع الذي لا سبب له في بيته، لاسيما سنة المغرب فإنه لم ينقل عنه أنه فعلها في المسجد ألبتة، ولصلاة النوافل في البيت فوائد منها: اتباع سنة النبي صلي الله عليه وسلم، وتعليم النساء والأطفال كيفية الصلاة، وطرد الشياطين منه بسبب الذكر والقراءة وأدعى للإخلاص والبعد عن الرياء.
            إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
            فإدعوا لي
            راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

            تعليق


            • #21
              رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


              بكاء النبي صلي الله عليه وسلم

              كثير من الرجال والنساء يبكون لكن يا ترى كيف يكون البكاء ولمن يكون؟! نبينا عليه الصلاة والسلام كان يبكي مع أن الدنيا في يده لو أرادها، والجنة أمامه وهو في أعلى منازلها، نعم كان يبكي عليه الصلاة والسلام ولكنه بكاء العباد، كان يبكي وهو يناجي ربه في الصلاة وعند سماع القرآن وما ذاك إلا من رقة القلب وصلاح السريرة، ومعرفة عظمة الله عز وجـل وخشيـة منـه
              سبحانه.
              عن مطرف -وهو ابن عبد الله بن الشخير- عن أبيه قال: «أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء»( رواه أبو داود.).
              وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: «اقرأ علي» فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت سورة النساء حتى بلغت وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا قال: «فرأيت عيني رسول الله تهملان»( رواه البخاري.).
              بل تأمل في شعرات بيض تعلو مفرق رسول الله وما يقارب من ثمانية عشر شيبة في لحيته الشريفة، وارع قلبك لتسمع من لسانه الشريف سبب تلك الشعيرات البيض: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت! قال صلي الله عليه وسلم: «شيبتني هود والواقعة والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت(رواه البخاري.).

              إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
              فإدعوا لي
              راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

              تعليق


              • #22
                رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                تواضعه صلي الله عليه وسلم

                كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقًا وأكملهم قدرًا فخلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن»( رواه مسلم) ولقد قال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»( رواه أحمد).

                ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام عدم محبته للمدح والثناء والإطراء.
                عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله»
                ( رواه أبو داود).
                وعن أنس رضي الله عنه: أن ناسًا قالوا: يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال: «يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل»( رواه النسائي).
                وبعض الناس يطري النبي صلي الله عليه وسلم غاية الإطراء فيعتقد أنه يعلم الغيب أو أن بيده الضر والنفع ويجيب الحوائج ويشفي المرضى، والله عز وجل نفى ذلك كله فقال تعالى:
                }قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ{.

                وهذا النبي المرسل خير من أقلته الغبراء وأظلته الخضراء، دائم الإخبات والإنابة إلى ربه، لا يحب الكبر، بل هو رأس المتواضعين وسيد المنكسرين لربه.
                عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك»
                ( رواه أحمد.).
                وألق بطرفك لنبي الأمة عليه الصلاة والسلام في تواضع عجيب وحسن خلق نادر يتواضع فيه للمرأة المسكينة ويمنحها من وقته المليء بالأعمال.
                عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن امرأة جاءت إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقالت له: إن لي إليك حاجة، فقال: «اجلسي في أي طريق المدينة شئت أجلس إليك»
                ( رواه أبو داود).

                يروح بأرواح المحامد حسنها
                فيرقى بها في ساميات المفاخر
                وإن فض في الأكوان مسك ختامها
                تعطر منها كل نجد وغائر

                وكان عليه السلام رأس أهل التواضع وعلمهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت»( رواه البخاري).

                وللمتكبرين في كل عصر وحين يبقى حديث الرسول صلي الله عليه وسلم حاجزًا لهم ورادعًا لكبرهم واستعلائهم.
                عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» رواه مسلم).
                والكبر طريق إلى النار والعياذ بالله، حتى وإن كان مثقال ذرة، وتأمل في عقوبة متكبر يختال في مشيته، كيف سخط الله عز وجل عليه وأنزل به غضبه وأليم عقابه.
                عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه مرجل رأسه: أي ممشطه) يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل(((يتجلجل: أي يغوص وينزل)) في الأرض إلى يوم القيامة»( متفق عليه ).
                إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                فإدعوا لي
                راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                تعليق


                • #23
                  رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                  خادمه صلي الله عليه وسلم

                  هذا الخادم المسكين الضعيف أنزله الرسول صلي الله عليه وسلم منزلة تليق به، قياسًا على دينه وتقواه لا على عمله وضعفه قال عليه السلام والصلاة عن الخدم والأجراء: «هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم»( رواه مسلم).
                  ثم تأمل في خادم يروي عن سيده كلامًا عجيبًا وشهادة مقبولة وثناء عطرًا وهل رأيت خادمًا يثني على سيده مثل ما قال خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم.

                  عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «خدمت رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط، وما قال لي لشيء صنعته [لم صنعته؟] ولا لشيء تركته لم تركته؟»( رواه مسلم).
                  عشر سنوات كاملة ليست أيامًا أو شهورًا إنه عمر طويل فيه الفرح والترح، والحزن والغضب وتقلبات النفس واضطرابها وفقرها وغناها، ومع هذا فلم ينهره ولم يأمره -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام- بل ويكافئه ويطيب خاطر خادمه ويلبي حاجته وحاجة أهله ويدعو لهم.
                  قال أنس رضي الله عنه: قالت أمي: يا رسول الله خادمك ادع الله له، قال: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته»( رواه البخاري).

                  ومع شجاعته عليه الصلاة والسلام فإنه لم يهن ولم يضرب إلا في حق، ولم يقس على الضعفاء الذين تحت يده من زوجة وخادم.
                  عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا ضرب خادمًا ولا امرأة»( رواه مسلم).

                  بل ها هي أم المؤمنين رضي الله عنها تكرر الشهادة لخير الخلق وصفوة الناس أجمعين وقد سارت الركبان بالحديث عن حسن سيرته ونبل معشره حتى شهد له كفار قريش.
                  تقول رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم منتصرًا من مظلمة ظلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله تعالى شيء، فإذا انتهك من محارم الله تعالى شيء، كان من أشدهم في ذلك غضبًا، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثمًا»( رواه البخاري).
                  وكان صلي الله عليه وسلم ينادي بالرفق والأناة قال عليه الصلاة والسلام: « إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله»( متفق عليه).
                  إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                  فإدعوا لي
                  راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                  تعليق


                  • #24
                    رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                    الهدية والضيف

                    في حياة البشر حاجات عاطفية ودخائل نفسية تظهر الحاجة إليها دومًا في المجتمع والأسرة والبيت، ومن الأمور التي تقرب القلوب وتذيب إحن النفوس الهدية، عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها»( رواه البخاري) وهذا الإهداء والشكر من كرم النفوس وصفاء الصدور.
                    وخلق الكرم من أخلاق الأنبياء وسنن المرسلين، ولرسولنا صلي الله عليه وسلم قصب السبق والقدح المعلى في ذلك أليس هو القائل: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه؟»( رواه البخاري).

                    ووالله لم تشهد الغبراء ولا وهادها ولم ير الحجاز ولا الجزيرة، بل ولا الخافقين أنبل أخلاقًا وأكرم صفاتٍ منه صلي الله عليه وسلم كحل عينيك -أيها القارئ- لترى موقفاً من مواقفه العظيمة بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام!!
                    عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن امرأة جاءت إلى رسول الله ببردة منسوجة فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي صلي الله عليه وسلم محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنها لإزاره فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها فقال: «نعم» فجلس النبي صلي الله عليه وسلم في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه فقال له القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلي الله عليه وسلم محتاجًا إليها، ثم سألته، وعلمت أنه لا يرد سائلاً، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني قال سهل: فكانت كفنه»( رواه البخاري).

                    ولا تعجب من خلق من اصطفاه الله عز وجل ورباه على عينه وجعله القدوة، رسول الله صلي الله عليه وسلم يضرب أروع الأمثلة في السخاء والجود،
                    عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى»( متفق عليه.).

                    وصدق الشاعر:
                    وله كمال الدين أعلى همة
                    يعلو ويسمو أن يقاس بثاني
                    لما أضاء على البرية زانها
                    وعلا بها فإذا هو الثقلان
                    فوجدت كل الصيد في جوف الفرا
                    ولقيت كل الناس في إنسان

                    عن جابر رضي الله عنه قال:ما سئل النبي صلي الله عليه وسلم عن شيء قط فقال، لا.
                    ومع هذا العطاء والسخاء في اليد إلا أن سخاءه منقطع النظير في الجود والبذل وطيب النفس وحسن المعاشرة وصدق المحبة.
                    كان من عادته أن يبش (يبتسم) إلى كل من يجلس إليه، حتى يظن أنه أحب أصحابه إلى قلبه.
                    عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «ما حجبني رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا رآني منذ أسلمت إلا تبسم»( رواه البخاري).
                    ولك في وصف شاهد كفاية وعبر.
                    وعن عبد الله بن الحارث قال: «مارأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلي الله عليه وسلم»( رواه البخاري).
                    ولماذا تعجب أيها الحبيب وهو القائل عليه الصلاة والسلام: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»( رواه البخاري).

                    أما خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم أنس رضي الله عنه فقد وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم بصفات عظيمة قل أن تجد بعضها في رجل أو أن تجتمع في أناس، كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أشد الناس لطفًا فما سأله سائل قط إلا أصغى إليه فلا ينصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى يكون السائل هو الذي ينصرف وما تناول أحد يده قط إلا ناوله إياها فلا ينزع صلي الله عليه وسلم يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها منها»( رواه أبو نعيم في الدلائل).
                    مع إكرامه صلي الله عليه وسلم لضيفه والتطلف معه إلا أنه كان رءوفًا بأمته، ولذا فهو ينكر المنكر ولا يقبله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده»( رواه مسلم).


                    إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                    فإدعوا لي
                    راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                    تعليق


                    • #25
                      رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                      الرحمة بالأطفال

                      أهل القلوب القاسية لا يعرف الرحمة وليس للعاطفة في صدورهم مكان إنهم كالحجارة الصماء، جفاف في العطاء والأخذ، وبخل بأرق المشاعر والعوطف الإنسانية أما من منحه الله عز وجل قلبًا رقيقًا وحنانًا دافقًا فهو صاحب القلب المثالي الحنون، تكسوه الرحمة وتحركه العاطفة.
                      عن أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمه»( رواه البخاري.).
                      وهذه الرحمة ليست خاصة لأقاربه فحسب بل عامة لأبناء المسلمين، قالت أسماء بنت عميس زوجة جعفر رضي الله عنها: دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فدعا بني جعفر فرأيته شمهم، وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله، أبلغك عن جعفر شيء؟ قال: «نعم، قتل اليوم» فقمنا نبكي ورجع فقال: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فإنه قد جاء ما يشغلهم»( أخرجه ابن سعد، والترمذي وابن ماجه).
                      ولما كانت عيناه صلي الله عليه وسلم تفيض لموتهم سأله سعد بن عبادة رضي الله عنه: يا رسول الله ما هذا؟ فيقول صلي الله عليه وسلم: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء»( رواه البخاري.).
                      وعندما ذرفت عيناه صلي الله عليه وسلم لوفاة ابنه إبراهيم قال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: «وأنت يا رسول الله »؟ فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى» وقال: إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون»( رواه البخاري.).

                      وخلق الرسول العظيم مدعاة إلى الأخذ به والسير على خطاه فنحن في زمن فقدنا فيه الإحساس بمحبة الصغار وإنزالهم منزلتهم فهم الآباء غدا وهم رجال الأمة وفجرها المنتظر بلغ بنا الجهل والكبر وقلة الرأي وقصر النظر إلى أن تركنا مفتاح القلوب مغلقًا ومضيعًا مع الأطفال والناشئة، أما الرسول صلي الله عليه وسلم فإن المفتاح بيده وعلى لسانه، هاهو يجعل الصبي يحبه ويجعله ويقدره وهو صلي الله عليه وسلم ينزل الناشئ منزلة رفيعة.
                      كان أنس رضي الله عنه إذا مر على صبيان سلم عليهم وقال: «كان النبي صلي الله عليه وسلم يفعله»( متفق عليه).
                      وكما أن للأطفال مشقتهم وتعبهم وكثرة حركتهم إلا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يغضب ولا ينهر الصغير ولا يعاتبه، كان يأخذ صلي الله عليه وسلم بمجامع الرفق وبخطام وزمام السكينة.
                      عن عائشة رضي الله عنها: قالت: «كان النبي صلي الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم فأتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله».

                      أما خطر في بالك أيها القارئ وأنت تتشرف بالجلوس في بيت النبوة أن تداعب صغارك وتمازح أبناءك وتسمع ضحكاتهم وجميل عباراتهم؟ كان نبي الأمة يفعل ذلك كله بأبي هو وأمي صلي الله عليه وسلم.
                      عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ليدلع لسانه للحسن بن علي، فيرى الصبي حمرة لسانه، فيهش له»( رواه البخاري).
                      وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة، وهو يقول: يا زوينب، يا زوينب، مرارًا»( الأحاديث الصحيحة 2141، صحيح الجامع 5025).
                      ورحمته تطال الصغار حتى وهو في عبادة عظيمة «فقد كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها»( رواه البخاري ومسلم).
                      وعن محمود بن الربيع رضي الله عنه قال: «عقلت من رسول الله صلي الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي من دلو، من بئر كانت في دارنا، وأنا ابن خمس سنين»( رواه البخاري ومسلم).

                      وهو عليه الصلاة والسلام يعلم الكبير والصغير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلي الله عليه وسلم يومًا فقال: « يا غلام، إني أعلمك كلمات:احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله»( رواه الترمذي).
                      بعد أن عشنا مع بعض شمائله الكريمة وسيرته العطرة لعلنا نحيي بها القلوب ونقتفي خلفها الأثر في مسيرة الحياة، فبيوتنا تزهر بالصغار، والأطفال الذين يحتاجون إلى حنان الأبوة وعاطفة الأمومة وإدخال السرور على قلوبهم الصغيرة، فينشأ سوي العاطفة سوي الخلق يقود الأمة رجلاً صنعه الرجال والأمهات بعد توفيق الله عز وجل.

                      إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                      فإدعوا لي
                      راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                      تعليق


                      • #26
                        رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                        الحلم والرفق والصبر

                        البطش وأخذ الحقوق قهرًا وجبرًا من سمات الظلمة وأهل الجور ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام أرسى قواعد العدل والنصرة لكل صاحب حق حتى ينال حقه ويأخذه، وقد سير صلي الله عليه وسلم ما منحه الله عز وجل من أمر ونهي للخير وفي سبيل الخير، فنحن لا نخشى في بيته صلي الله عليه وسلم مظلمة ولا بطشًا، ولا تعديًا ولا نهبًا.
                        عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى»( رواه أحمد).
                        وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلي الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: «يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء»( متفق عليه).
                        ولما قفل رسول صلي الله عليه وسلم من غزوة حنين تبعه الأعراب يسألونه فالجئوه إلى شجرة فخطفت رداءه، وهو على راحلته، فقال: «ردوا علي ردائي، أتخشون علي البخل؟ فقال: فوالله لو كان لي عدد هذه العضاة(العض: الشجر الغليظ يبقى في الأرض) نعمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جبانًا ولا كذابًا» رواه البغوي في شرح السنة وصححه الألباني.

                        ومن أنصع صور التربية وجميل التعليم، الرفق في جميع الأمور ومعرفة المصالح ودرء المفاسد.
                        أخذت الغيرة الصحابة وهم يرون من يخطئ وتزل قدمه وسارعوا إلى الإنكار وحق لهم ذلك، ولكن الحليم الرفيق صلي الله عليه وسلم منعهم من ذلك لجهل الفاعل وللضرر المترتب فكان الأولى ما فعله الرسول صلي الله عليه وسلم.
                        عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: «دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين»( رواه البخاري).

                        وصبر الرسول على أمر الدعوة مدعاة إلى التأسي به والسير على نهجه، وعدم الانتصار للنفس،
                        عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلي الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك وقد بعثت إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين»( الأخشبان: الجبلان المحيطان بمكة والأخشب: الجبل الغليظ). فقال النبي صلي الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا»( متفق عليه).

                        وبعض النفوس اليوم تتعجل أمر الدعوة وتأمل في حصد النتائج سريعًا، والانتصار للنفس قدحًا في الدعوة وإخلاصها ولهذا فشلت بعض الدعوات لفشو هذا الأمر بين أفرادها فأين الصبر والتحمل؟!
                        وبعد سنوات طويلة وقع ما أمله الرسول صلي الله عليه وسلم بعد معاناة وصبر وطول جهاد.

                        وكيف يسامى خير من وطيء الثرى
                        وفي كل باع عن علاه قصور
                        وكل شريف عنده متواضع
                        وكل عظيم القريتين حقير

                        عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»( متفق عليه).
                        وذات يوم جاء إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو في جنازة مع أصحابه يهودي اسمه زيد بن سعنة، يتقاضاه دينًا، فأخذ بمجامع قميصه وردائه، ونظر إليه بوجه غليظ، وقال: يا محمد ألا تقضني حقي؟ وأغلظ في القوم، فغضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونظر إلى زيد وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم قال: يا عدو الله، أتقول لرسول الله صلي الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق لو لا ما أحاذر من لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلي الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال: «يا عمر، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فأعطه حقه، وزده عشرين صاعًا من تمر».
                        يقول زيد اليهودي لما زاده عمر عشرين صاعًا من تمر قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال عمر: أمرني رسول الله صلي الله عليه وسلم أن أزيدك مكان نقمتك قال زيد: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا من أنت؟ قال: زيد بن سعنة.
                        قال: الحبر؟" قلت: الحبر، قال: فما دعاك أن فعلت برسول الله صلي الله عليه وسلم ما فعلت، وقلت له ما قلت؟ قال زيد: يا عمر لم يكن له من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنين لم أخبرهما منه: هل يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا فقد اختبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينًا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيًا وأشهدك أن شطر مالي صدقة على أمة محمد صلي الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه أو على بعضهم فإنك لا تسعهم، قال زيد: أو على بعضهم فرجع زيد اليهودي إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وآمن به وصدقه(أخرجه النسائي في مستدركه وصححه).

                        ونحن نتأمل الموقف ونهايته والحوار الطويل فيه لعل لنا نصيبًا من التأسي بقدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام، والصبر على الناس ودعوتهم برفق وحلم.
                        وتشجيعهم إذا أحسنوا وبث روح التفاؤل في نفوسهم عن عائشة رضي لله عنها قالت: «اعتمرت مع النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة حتى إذا قدمت مكة، قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله قصرت وأتممت، وأفطرت وصمت، قال: «أحسنت يا عائشة» وما عاب علي»( رواه النسائي)

                        إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                        فإدعوا لي
                        راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                        تعليق


                        • #27
                          رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                          طعامه صلي الله عليه وسلم

                          الموائد والجفان تروح وتغدو في بيوت علية القوم وأهل الأمر والنهي فيها.. ونبي هذه الأمة تحت يده، البلاد والعباد وترد إليه الإبل محملة بالأرزاق ويفيض بين يديه الذهب والفضة، يا ترى كيف مطمعه ومشربه، أعيشة الملوك أم أرفع وأعظم؟ أطعام الأغنياء والموسرين أم أكمل وأتم؟
                          لا تعجب وأنت تتأمل طعام الرسول صلي الله عليه وسلم وقلته وتقشفه ..
                          يحدثنا أنس رضي الله عنه حيث قال: « إن النبي صلي الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف»( رواه الترمذي).
                          والضفف: قلة المأكول وكثرة الأكلة، والمعنى أنه لم يشبع إلا بضيق وشدة، أو ما شبع في زمن من الأزمان إلا إذا نزل به الضيوف، فيشبع حينئذ لضرورة الإيناس والمجابرة.
                          وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم»( رواه مسلم).
                          وفي رواية: «ما شبع آل محمد منذ قام المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعًا حتى قبض»( متفق عليه).

                          بل كان عليه الصلاة والسلام لا يجد ما يأكل وينام طاويًا لا يدخل جوفه اللقمة،
                          عن ابن عباس رضي الله عنهما: « كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا هو وأهله،لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير»
                          ( رواه الترمذي).
                          وليس الأمر من قلة وندرة، بل كانت تفيض الأموال من تحت يده وتفد إليه النجائب محملة، ولكنه الله عز وجل اختار لنبيه صلي الله عليه وسلم الحال الأكمل والأقوم.
                          قال عقبة بن الحارث رضي الله عنه: صلى بنا النبي صلي الله عليه وسلم العصر فأسرع ثم دخل البيت فلم يلبث أن خرج فقلت أو قيل له فقال: «كنت خلفت في البيت تبرًا -أي ذهبًا- من الصدقة فكرهت أن أبيته فقسمته»( رواه مسلم).

                          والسخاء العجيب والعطاء المنقطع النظير هو ما يخرج من يد نبي هذه الأمة،
                          عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل، فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال:
                          «يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر»( رواه مسلم).
                          ومع هذا العطاء والسخاء، تأمل حال نبي هذه الأمة عن أنس رضي الله عنه قال: « لم يأكل النبي صلي الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزًا مرققًا حتى مات»
                          ( رواه البخاري).
                          وذكرت عائشة رضي الله عنها أنه كان يأتيها فيقول: «أعندك غداء»؟ فتقول: لا، فيقول: «إني صائم»( رواه مسلم).
                          وثبت عنه صلي الله عليه وسلم أنه كان يقيم الشهر والشهرين، لا يعيشه هو وآل بيته إلا الأسودان: التمر والماء(رواه البخاري، ومسلم).

                          ومع هذه القلة في الطعام والندرة في المأكولات فإن خلقه الرفيع وأدبه الإسلامي يدعوه إلى شكر نعمة الله ثم شكر من أعدها وعدم تعنيفه إن أخطأ، فقد اجتهد ولم يصب، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يعيب طعامًا ولا يلوم طابخًا ولا يرد موجودًا ولا يطلب مفقودًا، إنه نبي الأمة لم يكن همه بطنه ومأكله.
                          عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما عاب رسول الله صلي الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه»( متفق عليه).

                          وللأحبة الكرام من تأخذهم المآكل والمشارب أسوق قول شيخ الإسلام ابن تيمية مختصرًا:
                          وأما الأكل واللباس: فخير الهدي هدى محمد صلي الله عليه وسلم وكن خلقه في الأكل أن يأكل ما تيسر إذا اشتهاه، ولا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، فكان إذا حضر خبز ولحم أكله، وإن حضر فاكهة وخبز ولحم أكله، وإن حضر تمر وحده أو خبز وحده أكله، ولم يكن إذا حضر لونان من الطعام يقول: لا آكل لونين، ولا يمتنع من طعام لما فيه من اللذة والحلاوة، وفي الحديث صلي الله عليه وسلم: «لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني».

                          وأمر الله عز وجل بأكل الطيبات والشكر لله فمن حرم الطيبات كان معتديًا، ومن لم يشكر كان مفرطًا مضيعًا لحق الله، وطريق رسول الله صلي الله عليه وسلم هي أعدل الطرق وأقومها والانحراف عنها إلى وجهين: قوم يسرفون فيتناولون الشهوات مع إعراضهم عن القيام بالواجبات، وقوم يحرمون الطيبات ويبتدعون رهبانية لم يشرعها الله تعالى، ولا رهبانية في الإسلام.
                          ثم قال رحمه الله: وكل حلال طيب، وكل طيب حلال فإن الله عز وجل أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، لكن جهة طيبه كونه نافعًا لذيذًا، والله حرم علينا كل ما يضرنا، وأباح لنا كل ما ينفعنا.
                          ثم قال رحمه الله: والناس تتنوع أحوالهم في الطعام واللباس والجوع والشبع، والشخص الواحد يتنوع حاله، ولكن خير الأعمال ما كان لله أطوع، ولصاحبه أنفع
                          (مجموع الفتاوى 22/310 باختصار).
                          إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                          فإدعوا لي
                          راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                          تعليق


                          • #28
                            رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                            الذب عن أعراض الآخرين


                            أكرم المجالس مجالس العلم والذكر، فما بالك إذا توسط صفوة ولد آدم ومعلم الأمة بحديثه وتعليمه وتوجيهه؟ كان من صفاء مجلسه ونقاء سريرته عليه الصلاة والسلام أن يرد المخطئ ويعلم الجاهل وينبه الغافل ولا يقبل في مجلسه إلا كل خير، وإن كان صلي الله عليه وسلم مستمعًا منصتًا لمحدثه إلا أنه لا يقبل غيبة ولا يرضى بنميمة ولا بهتان ولذا فهو يرد عن أعراض الآخرين.

                            فعن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قام النبي صلي الله عليه وسلم يصلي فقال: «أين مالك بن الدخشم»؟ فقال رجل: ذلك منافق لا يحب الله ولا رسوله، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: «لا تفعل ذلك، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله، وإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»( متفق عليه).

                            وكان صلي الله عليه وسلم يحذر من شهادة الزور واقتطاع الحقوق،
                            عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر»؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئًا فجلس فقال: «ألا وقول الزور» فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت»( متفق عليه).

                            ومع محبته لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلا أنه أنكر عليها الغيبة، وأوضح لها عظم خطرها.
                            عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلي الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا، قال بعض الرواة: تعني قصرها، فقالت: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته»
                            ( رواه أبو داود).
                            وقد بشر النبي صلي الله عليه وسلم من يذب عن أعراض إخوانه فقال صلي الله عليه وسلم: «من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقًا على الله أن يعتقه من النار»( رواه أحمد).

                            إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                            فإدعوا لي
                            راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                            تعليق


                            • #29
                              رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ



                              كثرة ذكر الله تعالى

                              للمربي الأول نبي هذه الأمة شأن عظيم مع العبادة ومواصلة القلب بالله عز وجل، فهو لا يدع وقتًا يمر دون ذكر لله عز وجل وحمده وشكره والاستغفار والإنابة، ومع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو العبد الشكور والنبي الشاكر والرسول الحامد، عرف قدر ربه فحمده ودعاه وأناب إليه وعلم قيمة زمنه فاستفاد منه وحرص أن يكون عامرًا بالطاعة والعبادة.

                              عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه»( رواه مسلم).
                              وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنا نعد لرسول الله صلي الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم»( رواه أبو داود).
                              قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»( رواه البخاري).
                              وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نعد لرسول الله صلي الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة «رب اغفر لي، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم»( رواه الترمذي).
                              وتقول أم المؤمنين أم سلمة عن أكثر دعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا كان عندها: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»( رواه الترمذي).
                              إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                              فإدعوا لي
                              راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                              تعليق


                              • #30
                                رد: سلسلة يَوْمُ فِي بَيْتِ رَسُولُ اللهِﷺ ღ النَّبِيَّ الشَاهِد المُبَشِّر النَذِير والسِرَاجً المُ


                                الجار

                                أكرم به جوار رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد كان الجار له منزلة عظيمة في نفس الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
                                «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»( رواه البخاري، ومسلم).
                                وأوصى صلي الله عليه وسلم أبا ذر رضي الله عنه بقوله: «يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك»( رواه مسلم).
                                وحذر من أذية الجار فقال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه»( وراه مسلم، البوائق: الغوائل والشرور).
                                وهنيئًا لجار قال عنه النبي صلي الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره»( رواه مسلم).
                                إلي زُواري الأعِزاء إن قَل تَواجدي مَعكم فأعتذر,وإن غِبت ولم تَجدوني فاذكروني بالخير,فسَأكون وقتها بحاجة للدعاء
                                فإدعوا لي
                                راجيآ من الله أن يَكون مَوعِدي مَعكم حوض النبي مُحمد صلي الله عليه وسلم ثم الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا

                                تعليق

                                يعمل...
                                X