السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة المشاركة رقم 23 (صندوق فتاوى الدعوة)
بارك الله فيك أخي الحبيب
بداية ليست المشكلة في الأدلة ولكن المشكلة في من نكلمه ولو كان صاحب علم لما قال أن القول بفرضية النقاب تشدد فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم لا في القديم ولا في الحديث وما قال بذلك إلا كسير وعوير وهما كما تعلم يرددون ما يسمعون بغير علم وكفى بالمرء إثما يدخله النار أن يحدث بكل ما سمع
ولا أظنك أخي الحبيب تسأل عن الأدلة فهي واضحة تمام الوضوح والاختلاف فقهي وقد يسعنا ذلك فلكل فريق أدلته وأهل الحق يترمون الأدلة مهما كان قائليها وقد قتل الموضوع بحثا في كتب العلم ولترجع حتى إلى كتاب التفسير الوسيط لشيخ الأزهر نفسه وستجد فيه العجب وكثير من الأدب مع الأدلة بل يتضمن كلامه القول برجاحة القول بالوجوب أو على الأقل شرعيته
ولحسن الحظ أن "التفسير الوسيط"، يدرَّس في المعاهد الأزهرية
يقول الشيخ عبد المنعم الشحات جزاه الله خيرا في مقال له نقلا عن التفسير الوسيط للدكتور سيد طنطاوي سابقا وشيخ الأزهر حاليا:
ومما جاء فيه في تفسير قوله -تعالى-: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور:31)، ما يلي:
"وقال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر، بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، (إِلا مَا ظَهَرَ) على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.
قلت -أي القرطبي-: وهذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما، عادة وعبادة، صح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما.
يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة، أن أسماء بنت أبى بكر -رضي الله عنهم- دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: (يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا) وأشار إلى وجهه وكفيه. وقال بعض علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك.
هذا، وفي هذه المسألة كلام كثير للعلماء فارجع إليه إن شئت" انتهى كلام الدكتور طنطاوي.
وقال الدكتور طنطاوي في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) (الأحزاب:59):
"وقوله: (يُدْنِينَ) من الإِدناه بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعَلَى. وهو جواب الأمر، كما في قوله -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (إبراهيم:31)، والجلابيب: جلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة، فوق ثيابها.
والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًا، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبعدًا عن مكان التهمة والريبة" انتهى كلام الدكتور طنطاوي.
ودكتور "محمد سيد طنطاوي" صاحب "التفسير الوسيط" الذي مال إلى قول من يقول بوجوب ستر وجه المرأة في موضع لا سيما إن كانت جميلة، وذكره قولاً واحدًا دون أن يشير إلى الخلاف في موطن آخر، ليس هو بالذي يناظر فتاة صغيرة مدعيًا أن "النقاب عادة لا علاقة لها بالدين".
إذن فلنفترض أنهما شخصان فـُقد أحدهما يوم تولى الأخر منصب الإفتاء، ومن بعده مشيخة الأزهر، ولكن الأول ممثل حقيقي للأزهر وللعلم والعلماء وغير خارق لإجماع الأمة ولا خارج من منهجها. انتهى
قلت (أبو أنس): وقد جمعت من التفسير الوسيط نفسه أكثر من ذلك فيما يقرب من خمس صفحات كاملة لعلي آتيكم بها قريبا هنا بمشيئة الله.
ولعلك أخي الحبيب تجد في ما يلي دليل مفحم لكل ذي عقل يفرق بين الحجاب والخمار والنقاب فتأمل فهو كلام بديع أنقله بتصرف من كلام العلماء:
الفرق بين
الحجاب
والخمار
والنقاب
أولا الحجاب
1-المعنى اللُّغوي للحجاب:
الحجاب معناه الستر ومنع الرؤية ,لذا يقال للستر الذى يحول بين الشيئين حجاب لأنه يمنع الرؤية بينهما.
2-المعنى الشرعى للحجاب:
الحجاب شرعا نذكره فى الفقه بمعنى حجاب المرأة المسلمة لأنه يستر المرأة عن الرؤية ويمنع الرجال الأجانب أن يروها.
3-الأدلة:-
*لقد وردت لفظة"حجاب" فى القرأن الكريم فى سبعة مواضع, وكلها تدور حول هذا المعنى وهوالستر والمنع, وهذه المواضع هى:-
(1)فى سورة الأعراف الأية46:-
{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}
*قال القاسمى فى تفسيره:أى بينهما سور أوسترأوحاجز يمنع الرؤية.
*وفى تفسير الجلالين: حجاب أى حاجز.
*قال ابن كثير وقاله القرطبى والطبرى أى حاجز مانع.
(2)فى سورة الاسراء الأية45:-
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً}
*هنا نجد المولى عزوجل وصف الحجاب بالستر,ومعنى كون الحجاب مستورا أى عن العيون كما ذكرذلك القاسمى فى تفسيره.
*وجاء فى تفسير الجلالين: أي ساترا لك عنهم فلا يرونك.
*قال ابن كثير:مستورا عن الأبصار فلا تراه.
*وذكر القرطبى فى تفسيره: وقوله: "مستورا" فيه قولان: أحدهما - أن الحجابمستور عنكم لا ترونه. والثاني: أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه؛ ويكونمستورا به بمعنى ساتر.
*وفى فتح القدير: حجاباً: أي إنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمنبينك وبينه حجاب يمرون بك ولا يرونك، ذكر معناه الزجاج وغيره، ومعنىمستوراً ساتر.
(3)وفى سورة مريم الأية17:-
{ فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً}
*قال ابن كثير:أى استترت منهم وتوارت.
*وذكر القرطبى فى تفسيره: فـاتـخذت من دون أهلها سترا يسترها عنهم وعنالناس وقال: حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّفـاتّـخَذَتْ مِنْ دونِهِمْ حِجابـا من الـجدران.
*وقال السعدى:أى سترا ومانعا.
(4) وفى سورة ص الأية32:-
{ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}
*فى تفسير الجلالين: أي استترت بما يحجبها عن الأبصار.
*وذكر القرطبي فى تفسيره: " والتواري الاستتار عن الأبصار، والحجاب جبل أخضرمحيط بالخلائق؛ قاله قتادة وكعب.
وقيل: هو جبل قاف. وقيل: جبل دون قاف. والحجاب الليل سمي حجابا لأنه يستر ما فيه.
*وفى فتح القدير: والحجاب: ما يحجبها عن الأبصار.
(5) وفى سورة فصلت الأية5:-
{ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}
*ذكرالقرطبى فى تفسيره: وقيل: ستر مانع عن الإجابة. وقيل: إن أبا جهلاستغشى على رأسه ثوبا وقال: يا محمد بيننا وبينك حجاب. استهزاء منه. حكاهالنقاش وذكره القشيري. فالحجاب هنا الثوب.
*وفى تفسيرالطبرى: ومن بيننا و بينك يا محمد ساتر لا نجتمع من أجله نحن وأنت, فيرى بعضنا بعضا, وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين.
*وقال السعدي في تفسيره: فلا نراك. القصد من ذلك ، أنهم أظهروا الإعراض عنه.
(6) وفى سورةالشورى الأية51:-
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ}
*فى تفسير البغوي و فى تفسير الجلالين وفى فتح القدير وذكرذلك أيضا القرطبى والطبرى فى تفسيرهما:
بأن يسمعه كلامه ولا يراه كما وقع لموسى عليه السلام. *قال ابن كثير: {أومن وراء حجاب} كما كلم موسى عليه الصلاة والسلام, فإنه سأل الرؤية بعدالتكليم فحجب عنها.
(7)وفى سورة الأحزاب الأية53"أية الحجاب":-
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}
*فى التفسير الميسر:أى من وراء ستر.
*ذكرابن كثير: أى:لا تنظروا إليهن بالكلية, ولو كان لأحدكم حاجة يريدتناولها منهن, فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب.
*وذكرالطبرى:أى من وراء ستر بينكم وبينهن.
*وفى فتح القدير:أى من وراء ستر بينكم وبينهم.
*وفى تفسيرالبغوى: أي: من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظرإلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم متنقبة كانت أو غيرمتنقبة.
*وفى تفسيرالسعدى: يكون بينكم وبينهن ستر ، يستر عن النظر ، لعدم الحاجة إليه . فصار النظر إليهن ممنوعا بكل حال.
اذا نستنتج من ذلك
أن لفظة "الحجاب" تدور بين الستر والمنع, فالحجاب هو حجب المرأة تماما عن الرؤية بحيث لاترى اطلاقا,فللمرأة أنتحتجب عن الرجال الأجانب فى بيتها بجدران بيتها وبالستائر السميكة داخلالبيت,
إذا فالحجاب هو قرار المرأة فى بيتها,ويؤيد ذلك قول الله عزوجل:{وقرن فى بيوتكن}.
- ولكن هنا سؤال: ماذا تفعل المرأة اذا خرجت من بيتها؟!!!
هنا نقول أن الحجاب له صورتان: خمار ونقاب.
وانتبهوا أيها الأخوة والأخوات فربما سيعلم ذلك كثير من الأخوة والأخوات لأول مرة.
ثانيا الخمار
1-المعنى اللغوى للخمار:الخمار من مادة (خمر) أى غطى,اذا الخمار هو الغطاء.
2-المعنى الشرعى للخمار: هو ما تخمرالمرأة به وجهها أى أن المرأة تغطى وجهها بالخمار.
3-الأدلة:
- قول الله عز وجل:{وليضربن بخمرهن على جيوبهن}
*قال الحافظ بن حجر امام أهل الحديث فى فتح البارى:
فى كتاب الأشربة فى الحديث رقم5253:-
"سميت الخمر خمرا لأنها تخامرالعقل أى تستره ومنه الحديث(خمروا أنيتكم) ومنه خمارالمرأة لأنه يستر وجهها".
وقال سميت خمراً لأنها تخمر حتى تدرك كما يقال خمرت العجين فتخمر أي تركته حتى أدرك, وقيل سميت خمراً لأنها تغطى حتى تغلي.
*وذكرأيضا فى كتاب الأشربة – باب تغطية الاناء الحديث رقم5683 )...وخمروا أنيتكم..) قال والتخمير أى التغطية.
- وقد يقول قائل ليس هذا دليل صريح وواضح فى معنى الخمار بأنه يقصد به غطاء وجه المرأة,
- نقول وأعظم دليل على صحة ماذكرناه مايلى:
أولا:- حديث الافك,
وحديث الافك حديث طويل ولكننا سنذكر الشاهد منه فقط,
ورد حديث الافك فى صحيح البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى الله عنها حينمارأها صفوان بن المعطل السلمى لما تخلفت عن الجيش ونامت وجاء صفوان ووقعتعينه عليها وكان صفوان يعرف السيد عائشة لأنه كان يراها قبل نزول أيةالحجاب,فلما رأها صفوان وعرفها استرجع أى قال إنا لله وانا اليهراجعون,لأنه رأى زوجة النبى قد تخلفت عن الجيش,
فقالت السيدة عائشة- وروى ذلك الامام البخارى فى كتب المغازى من صحيحه حديث رقم -4193:- كلاما نصه مايلى:((فعرفنى حين رآنى قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفنى فخمرت وجهى بجلبابى ...)),
وفى رواية أخرى((فسترت وجهى بجلبابى)).
ثانيا:- روى الحاكم فى المستدرك وقال حديث صحيح على شرط البخارى ومسلمورواه الامام مالك فى الموطأ قال حدثنى مالك عن هشام بن عروةعن فاطمة بنتالمنذر أنها قالت :كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت ابى بكرالصديق
اذا أيها الأخوة والأخوات ورد لفظ الخمار فى الحديثين السابقيت وقد فسرامعنى الخمار الموجود فى الأية, وذكرنا حديث الافك الذى هو فى أعلى درجاتالصحة وهو حديث متفق عليه,فهل تريدون دليلا أقوى من ذلك!!!
نستنتج من ذلك أن معنى الخمار :
ماتخمر المرأة به وجهها أى تستر وتغطى وجهها كله ولا يظهر من وجهها شئ
**فالحجاب هو الدرجة الأولى والأوسع والأشمل ثم يليه الخمار.
ثالثا النقاب:
1-المعنى اللغوى للنقاب:
النقاب جمع نقب ومعناه لغويا "ثقب".
2-المعنى الشرعى للنقاب:
هو غطاء للوجه وسمى بالنقاب لوجود نقبين بمحاذاة العينين حتى ترى المرأةالطريق من خلال هذين النقبين
*وقال ابن منظور فى لسان العرب:"النقاب هو غطاءالوجه للمرأة مع اظهارعين واحدة للتعرف على الطريق.
3-الأدلة:
*روى البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:"لا تنتقب المحرمة ولاتلبس القفازين". وهذا الحديث رواه أيضا أبوداوود و النسائى والترمذى و البيهقى ومالكوأحمد.
# وقوله صلى الله عليه وسلم" لاتنتقب المحرمة" معنى ذلك أن غير المحرمة يجب عليها أن تنتقب_أى تلبس النقاب.
والخلاصة
* أن حجاب المرأة المسلمة على ثلاث درجات وهى:
1-الحجاب:
وهو حجب المرأة وقرارها فى بيتها وعدم خروجها من بيتها الا لضرورة.وهو أعلى الدرجات
2- الخمار:
وهو اذا خرجت المرأة من بيتها فعليها أن تغطى بدنها وأن تغطى وجهها كله ولا يظهر منه شيئ.وهذا أقل من الحجاب.
3- النقاب:
وهو اذا خرجت المرأة من بيتها فعليها أن تغطى بدنها ووجهها معاظهار عينها (عينا واحدة) لترى بها الطريق.
والله أعلم
تنبيه:
أنبه على بعض كلام بعض أهل العلم على عدم جواز إظهار العينين وأن السنة تدل على أن الأصل إظهار عين واحدة فقط ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان فيه ضرورة ملحة يفتي بها عالم.
أما غطاء الوجه الذي يظهر الحاجبين وجزء من الخدين فلا شك أن ذلك فتنة ولو سمعت من تفعل ذلك ما يقال عنها لامتنعت عن ذلك
فإياك أختنا الفاضلة العفيفة من حجاب الموضة فلن يغن عنك من الله شيئا.
والله أعلم
إجابة المشاركة رقم 23 (صندوق فتاوى الدعوة)
كيف أقيم الحجة علي شخص يقول أن النقاب ليس فرض وأنه تشدد
بارك الله فيك أخي الحبيب
بداية ليست المشكلة في الأدلة ولكن المشكلة في من نكلمه ولو كان صاحب علم لما قال أن القول بفرضية النقاب تشدد فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم لا في القديم ولا في الحديث وما قال بذلك إلا كسير وعوير وهما كما تعلم يرددون ما يسمعون بغير علم وكفى بالمرء إثما يدخله النار أن يحدث بكل ما سمع
ولا أظنك أخي الحبيب تسأل عن الأدلة فهي واضحة تمام الوضوح والاختلاف فقهي وقد يسعنا ذلك فلكل فريق أدلته وأهل الحق يترمون الأدلة مهما كان قائليها وقد قتل الموضوع بحثا في كتب العلم ولترجع حتى إلى كتاب التفسير الوسيط لشيخ الأزهر نفسه وستجد فيه العجب وكثير من الأدب مع الأدلة بل يتضمن كلامه القول برجاحة القول بالوجوب أو على الأقل شرعيته
ولحسن الحظ أن "التفسير الوسيط"، يدرَّس في المعاهد الأزهرية
يقول الشيخ عبد المنعم الشحات جزاه الله خيرا في مقال له نقلا عن التفسير الوسيط للدكتور سيد طنطاوي سابقا وشيخ الأزهر حاليا:
ومما جاء فيه في تفسير قوله -تعالى-: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور:31)، ما يلي:
"وقال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر، بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، (إِلا مَا ظَهَرَ) على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.
قلت -أي القرطبي-: وهذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما، عادة وعبادة، صح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما.
يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة، أن أسماء بنت أبى بكر -رضي الله عنهم- دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: (يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا) وأشار إلى وجهه وكفيه. وقال بعض علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك.
هذا، وفي هذه المسألة كلام كثير للعلماء فارجع إليه إن شئت" انتهى كلام الدكتور طنطاوي.
وقال الدكتور طنطاوي في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) (الأحزاب:59):
"وقوله: (يُدْنِينَ) من الإِدناه بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعَلَى. وهو جواب الأمر، كما في قوله -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (إبراهيم:31)، والجلابيب: جلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة، فوق ثيابها.
والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًا، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبعدًا عن مكان التهمة والريبة" انتهى كلام الدكتور طنطاوي.
ودكتور "محمد سيد طنطاوي" صاحب "التفسير الوسيط" الذي مال إلى قول من يقول بوجوب ستر وجه المرأة في موضع لا سيما إن كانت جميلة، وذكره قولاً واحدًا دون أن يشير إلى الخلاف في موطن آخر، ليس هو بالذي يناظر فتاة صغيرة مدعيًا أن "النقاب عادة لا علاقة لها بالدين".
إذن فلنفترض أنهما شخصان فـُقد أحدهما يوم تولى الأخر منصب الإفتاء، ومن بعده مشيخة الأزهر، ولكن الأول ممثل حقيقي للأزهر وللعلم والعلماء وغير خارق لإجماع الأمة ولا خارج من منهجها. انتهى
قلت (أبو أنس): وقد جمعت من التفسير الوسيط نفسه أكثر من ذلك فيما يقرب من خمس صفحات كاملة لعلي آتيكم بها قريبا هنا بمشيئة الله.
ولعلك أخي الحبيب تجد في ما يلي دليل مفحم لكل ذي عقل يفرق بين الحجاب والخمار والنقاب فتأمل فهو كلام بديع أنقله بتصرف من كلام العلماء:
الفرق بين
الحجاب
والخمار
والنقاب
أولا الحجاب
1-المعنى اللُّغوي للحجاب:
الحجاب معناه الستر ومنع الرؤية ,لذا يقال للستر الذى يحول بين الشيئين حجاب لأنه يمنع الرؤية بينهما.
2-المعنى الشرعى للحجاب:
الحجاب شرعا نذكره فى الفقه بمعنى حجاب المرأة المسلمة لأنه يستر المرأة عن الرؤية ويمنع الرجال الأجانب أن يروها.
3-الأدلة:-
*لقد وردت لفظة"حجاب" فى القرأن الكريم فى سبعة مواضع, وكلها تدور حول هذا المعنى وهوالستر والمنع, وهذه المواضع هى:-
(1)فى سورة الأعراف الأية46:-
{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}
*قال القاسمى فى تفسيره:أى بينهما سور أوسترأوحاجز يمنع الرؤية.
*وفى تفسير الجلالين: حجاب أى حاجز.
*قال ابن كثير وقاله القرطبى والطبرى أى حاجز مانع.
(2)فى سورة الاسراء الأية45:-
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً}
*هنا نجد المولى عزوجل وصف الحجاب بالستر,ومعنى كون الحجاب مستورا أى عن العيون كما ذكرذلك القاسمى فى تفسيره.
*وجاء فى تفسير الجلالين: أي ساترا لك عنهم فلا يرونك.
*قال ابن كثير:مستورا عن الأبصار فلا تراه.
*وذكر القرطبى فى تفسيره: وقوله: "مستورا" فيه قولان: أحدهما - أن الحجابمستور عنكم لا ترونه. والثاني: أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه؛ ويكونمستورا به بمعنى ساتر.
*وفى فتح القدير: حجاباً: أي إنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمنبينك وبينه حجاب يمرون بك ولا يرونك، ذكر معناه الزجاج وغيره، ومعنىمستوراً ساتر.
(3)وفى سورة مريم الأية17:-
{ فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً}
*قال ابن كثير:أى استترت منهم وتوارت.
*وذكر القرطبى فى تفسيره: فـاتـخذت من دون أهلها سترا يسترها عنهم وعنالناس وقال: حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّفـاتّـخَذَتْ مِنْ دونِهِمْ حِجابـا من الـجدران.
*وقال السعدى:أى سترا ومانعا.
(4) وفى سورة ص الأية32:-
{ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}
*فى تفسير الجلالين: أي استترت بما يحجبها عن الأبصار.
*وذكر القرطبي فى تفسيره: " والتواري الاستتار عن الأبصار، والحجاب جبل أخضرمحيط بالخلائق؛ قاله قتادة وكعب.
وقيل: هو جبل قاف. وقيل: جبل دون قاف. والحجاب الليل سمي حجابا لأنه يستر ما فيه.
*وفى فتح القدير: والحجاب: ما يحجبها عن الأبصار.
(5) وفى سورة فصلت الأية5:-
{ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}
*ذكرالقرطبى فى تفسيره: وقيل: ستر مانع عن الإجابة. وقيل: إن أبا جهلاستغشى على رأسه ثوبا وقال: يا محمد بيننا وبينك حجاب. استهزاء منه. حكاهالنقاش وذكره القشيري. فالحجاب هنا الثوب.
*وفى تفسيرالطبرى: ومن بيننا و بينك يا محمد ساتر لا نجتمع من أجله نحن وأنت, فيرى بعضنا بعضا, وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين.
*وقال السعدي في تفسيره: فلا نراك. القصد من ذلك ، أنهم أظهروا الإعراض عنه.
(6) وفى سورةالشورى الأية51:-
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ}
*فى تفسير البغوي و فى تفسير الجلالين وفى فتح القدير وذكرذلك أيضا القرطبى والطبرى فى تفسيرهما:
بأن يسمعه كلامه ولا يراه كما وقع لموسى عليه السلام. *قال ابن كثير: {أومن وراء حجاب} كما كلم موسى عليه الصلاة والسلام, فإنه سأل الرؤية بعدالتكليم فحجب عنها.
(7)وفى سورة الأحزاب الأية53"أية الحجاب":-
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}
*فى التفسير الميسر:أى من وراء ستر.
*ذكرابن كثير: أى:لا تنظروا إليهن بالكلية, ولو كان لأحدكم حاجة يريدتناولها منهن, فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب.
*وذكرالطبرى:أى من وراء ستر بينكم وبينهن.
*وفى فتح القدير:أى من وراء ستر بينكم وبينهم.
*وفى تفسيرالبغوى: أي: من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظرإلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم متنقبة كانت أو غيرمتنقبة.
*وفى تفسيرالسعدى: يكون بينكم وبينهن ستر ، يستر عن النظر ، لعدم الحاجة إليه . فصار النظر إليهن ممنوعا بكل حال.
اذا نستنتج من ذلك
أن لفظة "الحجاب" تدور بين الستر والمنع, فالحجاب هو حجب المرأة تماما عن الرؤية بحيث لاترى اطلاقا,فللمرأة أنتحتجب عن الرجال الأجانب فى بيتها بجدران بيتها وبالستائر السميكة داخلالبيت,
إذا فالحجاب هو قرار المرأة فى بيتها,ويؤيد ذلك قول الله عزوجل:{وقرن فى بيوتكن}.
- ولكن هنا سؤال: ماذا تفعل المرأة اذا خرجت من بيتها؟!!!
هنا نقول أن الحجاب له صورتان: خمار ونقاب.
وانتبهوا أيها الأخوة والأخوات فربما سيعلم ذلك كثير من الأخوة والأخوات لأول مرة.
ثانيا الخمار
1-المعنى اللغوى للخمار:الخمار من مادة (خمر) أى غطى,اذا الخمار هو الغطاء.
2-المعنى الشرعى للخمار: هو ما تخمرالمرأة به وجهها أى أن المرأة تغطى وجهها بالخمار.
3-الأدلة:
- قول الله عز وجل:{وليضربن بخمرهن على جيوبهن}
*قال الحافظ بن حجر امام أهل الحديث فى فتح البارى:
فى كتاب الأشربة فى الحديث رقم5253:-
"سميت الخمر خمرا لأنها تخامرالعقل أى تستره ومنه الحديث(خمروا أنيتكم) ومنه خمارالمرأة لأنه يستر وجهها".
وقال سميت خمراً لأنها تخمر حتى تدرك كما يقال خمرت العجين فتخمر أي تركته حتى أدرك, وقيل سميت خمراً لأنها تغطى حتى تغلي.
*وذكرأيضا فى كتاب الأشربة – باب تغطية الاناء الحديث رقم5683 )...وخمروا أنيتكم..) قال والتخمير أى التغطية.
- وقد يقول قائل ليس هذا دليل صريح وواضح فى معنى الخمار بأنه يقصد به غطاء وجه المرأة,
- نقول وأعظم دليل على صحة ماذكرناه مايلى:
أولا:- حديث الافك,
وحديث الافك حديث طويل ولكننا سنذكر الشاهد منه فقط,
ورد حديث الافك فى صحيح البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى الله عنها حينمارأها صفوان بن المعطل السلمى لما تخلفت عن الجيش ونامت وجاء صفوان ووقعتعينه عليها وكان صفوان يعرف السيد عائشة لأنه كان يراها قبل نزول أيةالحجاب,فلما رأها صفوان وعرفها استرجع أى قال إنا لله وانا اليهراجعون,لأنه رأى زوجة النبى قد تخلفت عن الجيش,
فقالت السيدة عائشة- وروى ذلك الامام البخارى فى كتب المغازى من صحيحه حديث رقم -4193:- كلاما نصه مايلى:((فعرفنى حين رآنى قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفنى فخمرت وجهى بجلبابى ...)),
وفى رواية أخرى((فسترت وجهى بجلبابى)).
ثانيا:- روى الحاكم فى المستدرك وقال حديث صحيح على شرط البخارى ومسلمورواه الامام مالك فى الموطأ قال حدثنى مالك عن هشام بن عروةعن فاطمة بنتالمنذر أنها قالت :كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت ابى بكرالصديق
اذا أيها الأخوة والأخوات ورد لفظ الخمار فى الحديثين السابقيت وقد فسرامعنى الخمار الموجود فى الأية, وذكرنا حديث الافك الذى هو فى أعلى درجاتالصحة وهو حديث متفق عليه,فهل تريدون دليلا أقوى من ذلك!!!
نستنتج من ذلك أن معنى الخمار :
ماتخمر المرأة به وجهها أى تستر وتغطى وجهها كله ولا يظهر من وجهها شئ
**فالحجاب هو الدرجة الأولى والأوسع والأشمل ثم يليه الخمار.
ثالثا النقاب:
1-المعنى اللغوى للنقاب:
النقاب جمع نقب ومعناه لغويا "ثقب".
2-المعنى الشرعى للنقاب:
هو غطاء للوجه وسمى بالنقاب لوجود نقبين بمحاذاة العينين حتى ترى المرأةالطريق من خلال هذين النقبين
*وقال ابن منظور فى لسان العرب:"النقاب هو غطاءالوجه للمرأة مع اظهارعين واحدة للتعرف على الطريق.
3-الأدلة:
*روى البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:"لا تنتقب المحرمة ولاتلبس القفازين". وهذا الحديث رواه أيضا أبوداوود و النسائى والترمذى و البيهقى ومالكوأحمد.
# وقوله صلى الله عليه وسلم" لاتنتقب المحرمة" معنى ذلك أن غير المحرمة يجب عليها أن تنتقب_أى تلبس النقاب.
والخلاصة
* أن حجاب المرأة المسلمة على ثلاث درجات وهى:
1-الحجاب:
وهو حجب المرأة وقرارها فى بيتها وعدم خروجها من بيتها الا لضرورة.وهو أعلى الدرجات
2- الخمار:
وهو اذا خرجت المرأة من بيتها فعليها أن تغطى بدنها وأن تغطى وجهها كله ولا يظهر منه شيئ.وهذا أقل من الحجاب.
3- النقاب:
وهو اذا خرجت المرأة من بيتها فعليها أن تغطى بدنها ووجهها معاظهار عينها (عينا واحدة) لترى بها الطريق.
والله أعلم
تنبيه:
أنبه على بعض كلام بعض أهل العلم على عدم جواز إظهار العينين وأن السنة تدل على أن الأصل إظهار عين واحدة فقط ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان فيه ضرورة ملحة يفتي بها عالم.
أما غطاء الوجه الذي يظهر الحاجبين وجزء من الخدين فلا شك أن ذلك فتنة ولو سمعت من تفعل ذلك ما يقال عنها لامتنعت عن ذلك
فإياك أختنا الفاضلة العفيفة من حجاب الموضة فلن يغن عنك من الله شيئا.
والله أعلم
تعليق