وجاء في بعض ألفاظ حديث النزول : من يقرض غير عديم ولا ظلوم . والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا ، لو أردنا استقصاءها لطال الفصل ، وفيما ذكرنا كفاية ، فسبحان من وسع خلقه بغناه ، وافتقر كل شيء إليه ، وهو الغني عما سواه ، ( ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد ) ، ( لقمان : 12 ) .
جليبيب النبي هو اللي بحث عنه
وكمان هو اللي دفنه بإيده
أصل كل همه كان رضا ربه
مش زيّنا شهرة وسط عبيده
رد: معا لحفظ منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول
قال الشيخ حافظ رحمه الله تعالى:
أصل القول بخلق القرآن
وأول ما اشتهر القول بخلق القرآن في آخر عصر التابعين ، لما ظهر جهم بن صفوان شقيق إبليس - لعنهما الله - وكان ملحدا عنيدا ، وزنديقا زائغا ، مبتغيا غير سبيل المؤمنين ، لم يثبت أن في السماء ربا ، ولا يصف الله - تعالى - بشيء مما وصف به نفسه ، وينتهي قوله إلى جحود الخالق عز وجل . ترك الصلاة أربعين يوما ، يزعم يرتاد دينا ، ولما ناظره بعض السنية في معبوده ، قال قبحه الله : هو هذا الهواء في كل مكان ، وافتتح مرة سورة طه ، فلما أتى على هذه الآية ( الرحمن على العرش استوى ) ، ( طه : 5 ) ، قال : لو وجدت السبيل إلى حكها لحككتها ، ثم قرأ حتى أتى على آية أخرى ، فقال : ما كان أظرف محمدا حين قالها ، ثم افتتح سورة القصص ، فلما أتى على ذكر موسى ، جمع يديه ورجليه ، ثم رفع المصحف ، ثم قال : أي شيء هذا ؟ ذكره هاهنا فلم يتم ذكره ، وذكره هاهنا فلم يتم ذكره .
وقد روي عنه غير هذا من الكفريات ، وهو أذل وأحقر من أن نشتغل بترجمته ، وقد يسر الله - تعالى - ذبحه على يد سالم بن أحوز بأصبهان ، وقيل بمرو ، وهو يومئذ نائبها ، رحمه الله - تعالى - وجزاه عن المسلمين خيرا .
وقد تلقى هذا القول عن الجعد بن درهم ، لكنه لم يشتهر في أيام الجعد ، كما اشتهر عن الجهم ، فإن الجعد لما أظهر القول بخلق القرآن ، تطلبه بنو أمية ، فهرب منهم فسكن الكوفة ، فلقيه فيها الجهم بن صفوان ، فتقلد هذا القول عنه ، ولم يكن له كثير أتباع غيره ، ثم يسر الله - تعالى - قتل الجعد على يد خالد بن عبد الله القسري الأمير ، قتله يوم عيد الأضحى بالكوفة ، وذلك لأن خالدا خطب الناس ، فقال في خطبته تلك : أيها الناس ، ضحوا تقبل الله ضحاياكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ، ولم يكلم موسى تكليما ، تعالى الله عما يقوله الجعد علوا كبيرا ، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر .
روى ذلك البخاري في كتابه خلق أفعال العباد ، ورواه ابن أبي حاتم في كتاب السنة له وغيرهما ، وهو مشهور في كتب التواريخ ، وذلك سنة أربع وعشرين ومائة ، وقد أخذ الجعد بدعته هذه عن بيان بن سمعان ، وأخذها بيان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم ، وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله - تعالى - في ذلك سورة المعوذتين ، ثم تقلد هذا المذهب المخذول ، عن الجهم بشر بن غياث بن أبي كريمة المريسي المتكلم ، شيخ المعتزلة وأحد من أضل المأمون ، وجدد القول بخلق القرآن ، ويقال إن أباه كان يهوديا صباغا بالكوفة ، وروي عنه أقوال شنيعة في الدين من التجهم وغيره ، مات سنة ثماني عشرة ومائتين .
ثم تقلد عن بشر ذلك المذهب الملعون قاضي المحنة أحمد بن أبي دواد ، وأعلن بمذهب الجهمية ، وحمل السلطان على امتحان الناس بالقول بخلق القرآن ، وعلى أن الله لا يرى في الآخرة ، وكان بسببه ما كان على أهل الحديث والسنة من الحبس والضرب والقتل ، وغير ذلك ، وقد ابتلاه الله - تعالى - بالفالج قبل موته بأربع سنين ، حتى أهلكه الله - تعالى - سنة أربعين ومائتين ، ومن أراد الاطلاع على ذلك وتفاصيله ، فليقرأ كتب التواريخ ير العجب .
جليبيب النبي هو اللي بحث عنه
وكمان هو اللي دفنه بإيده
أصل كل همه كان رضا ربه
مش زيّنا شهرة وسط عبيده
الشرح:
قال الشيخ حافظ رحمه الله تعالى: ( كذا بالابصار إليه) متعلقان بـ ( ينظر ) أي إلى القرآن في المصحف ، وهو من أفضل العبادات وأجلها . وروى أبو عبيد بإسناد فيه ضعف ، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرؤه ظهرا ، كفضل الفريضة على النافلة . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : أديموا النظر في المصحف . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان إذا دخل ، نشر المصحف فقرأ فيه . وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - إذا اجتمع إليه إخوانه ، نشروا المصحف فقرءوا ، وفسر لهم . وقال ابن عمر رضي الله عنهما : إذا رجع أحدكم من سوقه ، فلينشر المصحف وليقرأ . وذهب كثير من السلف أن قراءة القرآن في المصحف أفضل من على ظهر قلب ; لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف ، وكرهوا أن يمضي على الرجل يومان لا ينظر في مصحفه ، ( وبالأيادي خطه يسطر ) كما قال تعالى : ( إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ) ، ( الواقعة : 77 - 79 ) ، وقال تعالى : ( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة ) ، ( البينة : 2 ) ، وقال تعالى : ( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة ) ، ( عبس : 11 - 14 ) ، وقد كتبه الصحابة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمره ، وفي خلافة أبي بكر وعثمان ، وإلى الآن يكتبه المسلمون ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين .
وقال علي بن أبي طالب نحو ذلك ، وقال أبو بكر - رضي الله عنه - معنى ذلك في محضر الصحابة لم يقل أحد خلافه ، ولو لم يكن الذي في المصحف كلام الله ، لم يحرم مسه على أحد ، ولم يكن من شأنه أن ( لا يمسه إلا المطهرون ) بل ولا كان يحرم توسده ، ولذا أجاز الزنادقة ذلك حيث لم يؤمنوا أن فيه كتاب الله ، وهذا من أسفل دركات الكفر ، قبحهم الله .
جليبيب النبي هو اللي بحث عنه
وكمان هو اللي دفنه بإيده
أصل كل همه كان رضا ربه
مش زيّنا شهرة وسط عبيده
تعليق