السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء
وبعد...فهذا بحث لطيف قد اطلعت عليه وأحب أن أشارك إخوتي هذه الإفادات الهامة من مناقشات أهل العلم
قال صاحب المبحث - جزاه الله خيرا -
اتفقت المذاهب الأربعة على استحباب مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء بل إن الحنابلة وغيرهم يرون مشروعية المسح بعد القنوت في الصلاة بخلاف الشافعية
واختار العز بن عبد السلام من الشافعية والشيخ تقي الدين ابن تيمية من الحنابلة عدم مشروعية ذلك وهو قول ضعيف في مذهب الحنفية
وإليك بعض أقوال أهل العلم في ذلك :
من أقوال الحنفية:
وفي الفتاوى الهندية 5/318 : ( مسح الوجه باليدين إذا فرغ من الدعاء قيل : ليس بشيء , وكثير من مشايخنا - رحمهم الله تعالى - اعتبروا ذلك وهو الصحيح وبه ورد الخبر , كذا في الغياثية .) اه
وانظر قريبا من ذلك في شرح الحصكفي 1/507
من أقوال المالكية
في الفواكه الدواني 2/330 : ( واختلف هل يرفع يديه عند الدعاء أو لا ؟
وعلى الرفع فهل يمسح وجهه بهما عقبه أم لا ؟ والذي في الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : { أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه } . فيفيد أنه كان يرفعهما ويمسح بهما وجهه .) اه
وفي الفواكه الدواني أيضا 2/335 ، وفيه أيضا 1/281،
من أقوال الشافعية
فتاوى ابن حجر 1/137 : ( وسئل ) رضي الله عنه - وحشرني في زمرته - عن تقبيل اليدين بعد كل دعاء خارج الصلاة هل له أصل كمسح الوجه بهما أم لا ؟ وإذا كان له أصل فهل هو صحيح , أو خبره ضعيف
( فأجاب ) - فسح الله في مدته - : بأني لم أر له أصلا صحيحا ولا ضعيفا بعد مزيد البحث والتفتيش ; فلا ينبغي فعله .) اه
وفي مغني المحتاج 1/370، وفي حاشية البجيرمي على شرح المنهج 1/208،
من أقوال الحنابلة
في المغني لابن قدامة 1/449 : ( ولنا , قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك , ولا تدع بظهورهما , فإذا فرغت فامسح بهما وجهك } . رواه أبو داود , وابن ماجه . ولأنه فعل من سمينا من الصحابة . وإذا فرغ من القنوت فهل يمسح وجهه بيده ؟ فيه روايتان :
إحداهما , لا يفعل ; لأنه روي عن أحمد أنه قال : لم أسمع فيه بشيء . ولأنه دعاء في الصلاة , فلم يستحب مسح وجهه فيه , كسائر دعائها .
الثانية : يستحب ; للخبر الذي رويناه . وروى السائب بن يزيد , { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع يديه , ومسح وجهه بيديه } . ولأنه دعاء يرفع يديه فيه , فيمسح بهما وجهه , كما لو كان خارجا عن الصلاة ) اه
وفي غذاء الألباب 2/516، وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية 2/219 : (
مناقشة الأدلة (وهذا من كلام الباحث)
استدل الجماهير على مشروعية المسح بالأحاديث الواردة في مشروعية المسح وهي وإن كانت ضعيفة فتتقوى بمجموعها فقد جاءت من وجوه :
عن عمر وابن عباس وعن السائب بن يزيد عن أبيه , وعن الزهري مرسلا وبالآثار الواردة في ذلك :
1-2-حديث عمر وابن عباس رضي الله عنهما:
قال الحافظ في بلوغ المرام : ( عن عمر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه . أخرجه الترمذي .
وله شواهد منها عند أبي داود من حديث ابن عباس وغيره ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن ) اه
وحديث عمر صححه الترمذي 5/131 فقال : صحيح غريب
قال الصنعاني في سبل السلام 4/427 : وفيه دليل على مشروعية مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء . قيل وكأن المناسبة أنه تعالى لما كان لا يردهما صفرا فكأن الرحمة أصابتهما فناسب إفاضة ذلك على الوجه الذي هو أشرف الأعضاء وأحقها بالتكريم .) اه
3-حديث السائب بن يزيد عن أبيه :
وفي سنن أبي دواد 2/79 : ( حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه ) اه
4-حديث ابن عمر رضي الله عنه :
روى الطبراني 12/323 : عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" إن ربكم حي كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرا ، لا خير فيهما ، فإذا رفع أحدكم يديه فليقل : يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت ، يا أرحم الراحمين - ثلاث مرات - ثم ذا رد يديه فليفرغ الخير على وجهه \" . )اه
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/263 : وفيه الجارود بن يزيد وهو متروك .
5-مرسل الزهري :
وفي مصنف عبد الرزاق 2/247 : ( عن معمر عن الزهري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند صدره في الدعاء ثم يمسح بهما وجهه , قال عبد الرزاق : وربما رأيت معمرا يفعله وأنا أفعله ) اه
وهذا مرسل صحيح والمرسل حجة عند الجمهور وغير حجة عند الشافعي وبعض أهل الحديث إلا أن يعتضد به ما يقويه وهو هنا كذلك
ثم لو فرض أن الوارد في ذلك حديث واحد فقط وهو ضعيف فإن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال كما هو مقرر
آثار الصحابة والأئمة:
روى البخاري في الأدب المفرد ص 214 : ( حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح قال أخبرني أبى عن أبى نعيم وهو وهب قال رأيت بن عمر وبن الزبير يدعوان يديران بالراحتين على الوجه ) اه
وفي مصنف عبد الرزاق 2/252 :
( باب مسح الرجل وجهه بيده إذا دعا : عن بن جريج عن يحيى بن سعيد : أن بن عمر كان يبسط يديه مع العاص , وذكروا أن من مضى كانوا يدعون ثم يردون أيديهم على وجوههم ليردوا الدعاء والبركة
قال عبد الرزاق : رأيت أنا معمرا يدعو بيديه عند صدره ثم يرد يديه فيمسح وجهه ) اه
قلت (أبو أنس):
أظنكم الآن قد اقتنعتم بجواز مسح الوجه بعد الدعاء خارج وداخل الصلاة وكذلك حدث مع كثير من الأخوة بل وطلبة العلم
وقفت على هذا الكلام في ملتقى أهل التفسير على الشبكة العنكبوتية
وهو مبحث لطيف للأخ عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي،
و لا شك أن هذا الكلام له نصيب من القوة العلمية ولكن ليس العبرة بكثرة الأدلة ولكن حتى لا يغتر أحد بما تقدم نقله وكلها آثار عن العلماء ولا سند لها صحيح،
فسوف أنقل بتوفيق الله شيئا من روائع الشيخ المبارك (أبي إسحق الحويني) - حفظه الله –
فقد جاء في فتاواه الحديثية ردا شافيا في هذا الموضوع و كان مضمون الرد كما يلي:
يسأل الطالب عن أحاديث :
مسح الوجه باليد بعد الدعاء ، ويذكر أن جدالاً حادًا وقع بين طائفتين من الشباب ، فمن قائل : إنه جائز ، ومن قائل : إنه بدعة ، واحتج القائلون بالبدعية بقول سلطان العلماء العز بن عبد السلام : إنه لا يفعله إلا الجهال ، فنرجو تحقيق المقام واستيفاء الكلام لشفاء الصدور .
• فالجواب :
أن استيفاء الكلام لتحقيق المقام يحتاج إلى بسط حجج الفريقين ، ثم المحاكمة بينهما على وجه الإنصاف ، والموضوع هاهنا لا يسمح بذلك ، ولكنني سأجمل البحث من غير إخلال بالمقصود إن شاء الله تعالى .
- أما الأحاديث :
فقد ورد مسح الوجه بعد الدعاء من حديث ابن عباس وعمر بن الخطاب والسائب بن خلاد ويزيد بن سعيد الكندي رضي الله عنهم .
- أما حديث ابن عباس :
فأخرجه ابن ماجه ( 1181 - 3866 ) ، وابن نصر في ( قيام الليل ) ( 141 ) ، وابن حبان في ( المجروحين ) ( 1/ 268 ) ، والحاكم ( 1/ 536 ) ، والبغوي في ( شرح السنة ) ( 5/ 204 ) ، وابن الجوزي في ( الواهيات ) ( 2/ 840 ) من طريق صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظي ، عن ابن عباس مرفوعًا : ( إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك ، ولا تدعو بظهورهما ، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك ) ، وهذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا ، وصالح بن حسان قال البخاري : ( منكر الحديث ) ، ولخص الحافظ حاله فقال في ( التقريب ) : ( متروك ) ؛ لذلك سُئل أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث فقال - كما في ( علل الحديث ) ( 2/ 351 ) - : ( هذا حديث منكرٌ ) .
ولم يتفرد به صالح ، فتابعه رجل مجهولٌ عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعًا ، وساق حديثًا فيه : ( سلوا الله ببطون أكفكم ، ولا تسألوه بظهورها ، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم ) ، أخرجه أبو داود ( 1485 ) ، والبيهقي في ( الكبرى ) ( 2/ 212 ) ، وفي ( الدعوات الكبير ) ( ق39 / 1 ) من طريق عبد الملك بن محمد بن أيمن ، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق ، عمن حدَّثه ، عن محمد بن كعبٍ ، قال أبو داود : ( روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب ، كلُّها واهيةٌ ، وهذا الطريق أمثلها ، وهو ضعيفٌ أيضًا ) .
قلتُ : وله علتان :
_ الأولى : ضعف عبد الملك بن محمد .
والثانية : جهالة الراوي عن كعب ، وتابع هذا المجهول عيسى بن ميمون عن محمد بن كعبٍ به ، أخرجه ابن نصر في ( قيام الليل ) ( ص141 ) ، وقال : ( عيسى بن ميمون ليس هو ممن يحتج بحديثه ) .
أما حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأخرجه الترمذي ( 3386 ) ، وعبد بن حميد في ( المنتخب ) ( 39 ) ، وأبو محمد الجوهري في ( حديث أبي الفضل الزهري ) ( جـ 5/ ق 97 / 1 ) ، والطبراني في ( الأوسط ) ( جـ 2/ ق 142/ 1 ) ، والحاكم ( 1/ 536 ) من طريق حماد بن عيسى ثنا حنظلة بن أبي سفيان ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مدَّ يديه في الدعاء لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه ) .
قال الترمذي : ( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى ، وهو قليل الحديث ، وقد حدَّث عنه الناس ) .
وقال الطبراني :
( لا يُروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به حماد بن عيسى ) .
قلتُ : وهو ضعيفٌ ، ضعفه أحمد وأبو حاتم والدارقطني وغيرهما ، وقال ابن حبان والحاكم : ( يروي أحاديث موضوعة عن ابن جريج وغيره ) ، ولذلك قال الذهبي في ( سير النبلاء ) ( 16 / 67 ) : ( أخرجه الحاكم في( مستدركه ) ، فلم يُصب ، وحماد ضعيف ) ، وقال العراقي في ( المغني ) ( 1/ 305 ) : ( سكت عليه الحاكم وهو ضعيفٌ ) .
أما حديث السائب بن خلاد
فأخرجه الطبراني في ( الكبير ) ( جـ 7 رقم 6625 ) من طريق عمرو بن خالد الحراني ثنا ابن لهيعة ، قال : سمعتُ حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص يذكر أن خلاد بن السائب حدثه عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع راحتيه إلى وجهه .
قال الهيثمي في ( المجمع ) ( 10 / 169 ) :
( فيه حفص بن هاشم بن عتبة وهو مجهول ) ، واضطرب ابن لهيعة في سنده ومتنه ، فرواه يحيى بن إسحاق عنه عن حبان بن واسع عن خلاد بن السائب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه ، أخرجه أحمد ( 4/ 56 ) ، فلم يذكر ( السائب بن خلاد ) في إسناده ، ورواه قتيبة بن سعيد قال : ثنا ابن لهيعة ، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه .
أخرجه أبو داود ( 1492 ) ، والفريابي في ( كتاب الذكر ) - كما في ( النكت الظراف ) ( 9 / 106 ، 107 ) للحافظ - والطبراني في ( الكبير ) ( جـ 22 رقم 631 ) من طريق قتيبة ، فصار الحديث من ( مسند يزيد بن سعيد الكندي ) ، والحديث مضطربٌ وضعيف من كل وجوهه ، وقال الحافظ في ( أمالي الأذكار ) : ( فيه ابن لهيعة ، وشيخه مجهولٌ ) ، فالصواب أنه لا يصح حديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، وتسامح الحافظ ابن حجر ، فقال في ( بلوغ المرام ) ( ص284 ) : ( مجموع هذه الأحاديث يقضي بأنه حديث حسنٌ ) ،
أما مذاهب العلماء
في ذلك فقال ابن نصر في ( قيام الليل ) :
( ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث ، وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد وسُئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر ؟ فقال : لم أسمع فيه شيئًا ، ورأيت أحمد لا يفعله ، وسُئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ؟ فأنكر ذلك وقال : ما علمتُ ، وسُئل عبد الله - يعني ابن المبارك - عن الرجل يبسط يديه فيدعو ، ثم يمسح بهما وجهه ؟ فقال : كره ذلك سفيان - يعني : الثوري ) . ا هـ .
وكذلك أنكره البيهقي في ( رسالته إلى أبي محمد الجويني ) ( 2/ 286 ) ( مجموعة الرسائل المنيرية ) ، ولم يثبت حديثًا واحدًا فيها .
قلتُ :
وأقوى ما رأيتُهُ في هذا الباب ما أخرجه البخاري في ( الأدب المفرد ) ( 906 ) من طريق محمد بن فليح قال : أخبرني أبي عن أبي نعيم - وهو وهب - قال : رأيتُ ابن عمر وابن الزبير يدعوان ، يريدان بالراحتين على الوجه ، وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في ( أمالي الأذكار ) ، وسنده محتمل للتحسين وإلى الضعف ما هو ، ومحمد بن فليح وأبوه فيهما مقالٌ معروف .
فالصواب في هذا الباب ما ذهب إليه الثوري وابن المبارك ومالك وأحمد بن حنبل من كراهية ذلك ،
والله أعلم .
هذا ما تيسر وجزاككم الله خيرا
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء
وبعد...فهذا بحث لطيف قد اطلعت عليه وأحب أن أشارك إخوتي هذه الإفادات الهامة من مناقشات أهل العلم
قال صاحب المبحث - جزاه الله خيرا -
اتفقت المذاهب الأربعة على استحباب مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء بل إن الحنابلة وغيرهم يرون مشروعية المسح بعد القنوت في الصلاة بخلاف الشافعية
واختار العز بن عبد السلام من الشافعية والشيخ تقي الدين ابن تيمية من الحنابلة عدم مشروعية ذلك وهو قول ضعيف في مذهب الحنفية
وإليك بعض أقوال أهل العلم في ذلك :
من أقوال الحنفية:
وفي الفتاوى الهندية 5/318 : ( مسح الوجه باليدين إذا فرغ من الدعاء قيل : ليس بشيء , وكثير من مشايخنا - رحمهم الله تعالى - اعتبروا ذلك وهو الصحيح وبه ورد الخبر , كذا في الغياثية .) اه
وانظر قريبا من ذلك في شرح الحصكفي 1/507
من أقوال المالكية
في الفواكه الدواني 2/330 : ( واختلف هل يرفع يديه عند الدعاء أو لا ؟
وعلى الرفع فهل يمسح وجهه بهما عقبه أم لا ؟ والذي في الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : { أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه } . فيفيد أنه كان يرفعهما ويمسح بهما وجهه .) اه
وفي الفواكه الدواني أيضا 2/335 ، وفيه أيضا 1/281،
من أقوال الشافعية
فتاوى ابن حجر 1/137 : ( وسئل ) رضي الله عنه - وحشرني في زمرته - عن تقبيل اليدين بعد كل دعاء خارج الصلاة هل له أصل كمسح الوجه بهما أم لا ؟ وإذا كان له أصل فهل هو صحيح , أو خبره ضعيف
( فأجاب ) - فسح الله في مدته - : بأني لم أر له أصلا صحيحا ولا ضعيفا بعد مزيد البحث والتفتيش ; فلا ينبغي فعله .) اه
وفي مغني المحتاج 1/370، وفي حاشية البجيرمي على شرح المنهج 1/208،
من أقوال الحنابلة
في المغني لابن قدامة 1/449 : ( ولنا , قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك , ولا تدع بظهورهما , فإذا فرغت فامسح بهما وجهك } . رواه أبو داود , وابن ماجه . ولأنه فعل من سمينا من الصحابة . وإذا فرغ من القنوت فهل يمسح وجهه بيده ؟ فيه روايتان :
إحداهما , لا يفعل ; لأنه روي عن أحمد أنه قال : لم أسمع فيه بشيء . ولأنه دعاء في الصلاة , فلم يستحب مسح وجهه فيه , كسائر دعائها .
الثانية : يستحب ; للخبر الذي رويناه . وروى السائب بن يزيد , { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع يديه , ومسح وجهه بيديه } . ولأنه دعاء يرفع يديه فيه , فيمسح بهما وجهه , كما لو كان خارجا عن الصلاة ) اه
وفي غذاء الألباب 2/516، وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية 2/219 : (
مناقشة الأدلة (وهذا من كلام الباحث)
استدل الجماهير على مشروعية المسح بالأحاديث الواردة في مشروعية المسح وهي وإن كانت ضعيفة فتتقوى بمجموعها فقد جاءت من وجوه :
عن عمر وابن عباس وعن السائب بن يزيد عن أبيه , وعن الزهري مرسلا وبالآثار الواردة في ذلك :
1-2-حديث عمر وابن عباس رضي الله عنهما:
قال الحافظ في بلوغ المرام : ( عن عمر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه . أخرجه الترمذي .
وله شواهد منها عند أبي داود من حديث ابن عباس وغيره ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن ) اه
وحديث عمر صححه الترمذي 5/131 فقال : صحيح غريب
قال الصنعاني في سبل السلام 4/427 : وفيه دليل على مشروعية مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء . قيل وكأن المناسبة أنه تعالى لما كان لا يردهما صفرا فكأن الرحمة أصابتهما فناسب إفاضة ذلك على الوجه الذي هو أشرف الأعضاء وأحقها بالتكريم .) اه
3-حديث السائب بن يزيد عن أبيه :
وفي سنن أبي دواد 2/79 : ( حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه ) اه
4-حديث ابن عمر رضي الله عنه :
روى الطبراني 12/323 : عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" إن ربكم حي كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرا ، لا خير فيهما ، فإذا رفع أحدكم يديه فليقل : يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت ، يا أرحم الراحمين - ثلاث مرات - ثم ذا رد يديه فليفرغ الخير على وجهه \" . )اه
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 10/263 : وفيه الجارود بن يزيد وهو متروك .
5-مرسل الزهري :
وفي مصنف عبد الرزاق 2/247 : ( عن معمر عن الزهري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند صدره في الدعاء ثم يمسح بهما وجهه , قال عبد الرزاق : وربما رأيت معمرا يفعله وأنا أفعله ) اه
وهذا مرسل صحيح والمرسل حجة عند الجمهور وغير حجة عند الشافعي وبعض أهل الحديث إلا أن يعتضد به ما يقويه وهو هنا كذلك
ثم لو فرض أن الوارد في ذلك حديث واحد فقط وهو ضعيف فإن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال كما هو مقرر
آثار الصحابة والأئمة:
روى البخاري في الأدب المفرد ص 214 : ( حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح قال أخبرني أبى عن أبى نعيم وهو وهب قال رأيت بن عمر وبن الزبير يدعوان يديران بالراحتين على الوجه ) اه
وفي مصنف عبد الرزاق 2/252 :
( باب مسح الرجل وجهه بيده إذا دعا : عن بن جريج عن يحيى بن سعيد : أن بن عمر كان يبسط يديه مع العاص , وذكروا أن من مضى كانوا يدعون ثم يردون أيديهم على وجوههم ليردوا الدعاء والبركة
قال عبد الرزاق : رأيت أنا معمرا يدعو بيديه عند صدره ثم يرد يديه فيمسح وجهه ) اه
قلت (أبو أنس):
أظنكم الآن قد اقتنعتم بجواز مسح الوجه بعد الدعاء خارج وداخل الصلاة وكذلك حدث مع كثير من الأخوة بل وطلبة العلم
وقفت على هذا الكلام في ملتقى أهل التفسير على الشبكة العنكبوتية
وهو مبحث لطيف للأخ عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي،
و لا شك أن هذا الكلام له نصيب من القوة العلمية ولكن ليس العبرة بكثرة الأدلة ولكن حتى لا يغتر أحد بما تقدم نقله وكلها آثار عن العلماء ولا سند لها صحيح،
فسوف أنقل بتوفيق الله شيئا من روائع الشيخ المبارك (أبي إسحق الحويني) - حفظه الله –
فقد جاء في فتاواه الحديثية ردا شافيا في هذا الموضوع و كان مضمون الرد كما يلي:
يسأل الطالب عن أحاديث :
مسح الوجه باليد بعد الدعاء ، ويذكر أن جدالاً حادًا وقع بين طائفتين من الشباب ، فمن قائل : إنه جائز ، ومن قائل : إنه بدعة ، واحتج القائلون بالبدعية بقول سلطان العلماء العز بن عبد السلام : إنه لا يفعله إلا الجهال ، فنرجو تحقيق المقام واستيفاء الكلام لشفاء الصدور .
• فالجواب :
أن استيفاء الكلام لتحقيق المقام يحتاج إلى بسط حجج الفريقين ، ثم المحاكمة بينهما على وجه الإنصاف ، والموضوع هاهنا لا يسمح بذلك ، ولكنني سأجمل البحث من غير إخلال بالمقصود إن شاء الله تعالى .
- أما الأحاديث :
فقد ورد مسح الوجه بعد الدعاء من حديث ابن عباس وعمر بن الخطاب والسائب بن خلاد ويزيد بن سعيد الكندي رضي الله عنهم .
- أما حديث ابن عباس :
فأخرجه ابن ماجه ( 1181 - 3866 ) ، وابن نصر في ( قيام الليل ) ( 141 ) ، وابن حبان في ( المجروحين ) ( 1/ 268 ) ، والحاكم ( 1/ 536 ) ، والبغوي في ( شرح السنة ) ( 5/ 204 ) ، وابن الجوزي في ( الواهيات ) ( 2/ 840 ) من طريق صالح بن حسان عن محمد بن كعب القرظي ، عن ابن عباس مرفوعًا : ( إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك ، ولا تدعو بظهورهما ، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك ) ، وهذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا ، وصالح بن حسان قال البخاري : ( منكر الحديث ) ، ولخص الحافظ حاله فقال في ( التقريب ) : ( متروك ) ؛ لذلك سُئل أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث فقال - كما في ( علل الحديث ) ( 2/ 351 ) - : ( هذا حديث منكرٌ ) .
ولم يتفرد به صالح ، فتابعه رجل مجهولٌ عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعًا ، وساق حديثًا فيه : ( سلوا الله ببطون أكفكم ، ولا تسألوه بظهورها ، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم ) ، أخرجه أبو داود ( 1485 ) ، والبيهقي في ( الكبرى ) ( 2/ 212 ) ، وفي ( الدعوات الكبير ) ( ق39 / 1 ) من طريق عبد الملك بن محمد بن أيمن ، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق ، عمن حدَّثه ، عن محمد بن كعبٍ ، قال أبو داود : ( روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب ، كلُّها واهيةٌ ، وهذا الطريق أمثلها ، وهو ضعيفٌ أيضًا ) .
قلتُ : وله علتان :
_ الأولى : ضعف عبد الملك بن محمد .
والثانية : جهالة الراوي عن كعب ، وتابع هذا المجهول عيسى بن ميمون عن محمد بن كعبٍ به ، أخرجه ابن نصر في ( قيام الليل ) ( ص141 ) ، وقال : ( عيسى بن ميمون ليس هو ممن يحتج بحديثه ) .
أما حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأخرجه الترمذي ( 3386 ) ، وعبد بن حميد في ( المنتخب ) ( 39 ) ، وأبو محمد الجوهري في ( حديث أبي الفضل الزهري ) ( جـ 5/ ق 97 / 1 ) ، والطبراني في ( الأوسط ) ( جـ 2/ ق 142/ 1 ) ، والحاكم ( 1/ 536 ) من طريق حماد بن عيسى ثنا حنظلة بن أبي سفيان ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مدَّ يديه في الدعاء لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه ) .
قال الترمذي : ( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى ، وهو قليل الحديث ، وقد حدَّث عنه الناس ) .
وقال الطبراني :
( لا يُروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به حماد بن عيسى ) .
قلتُ : وهو ضعيفٌ ، ضعفه أحمد وأبو حاتم والدارقطني وغيرهما ، وقال ابن حبان والحاكم : ( يروي أحاديث موضوعة عن ابن جريج وغيره ) ، ولذلك قال الذهبي في ( سير النبلاء ) ( 16 / 67 ) : ( أخرجه الحاكم في( مستدركه ) ، فلم يُصب ، وحماد ضعيف ) ، وقال العراقي في ( المغني ) ( 1/ 305 ) : ( سكت عليه الحاكم وهو ضعيفٌ ) .
أما حديث السائب بن خلاد
فأخرجه الطبراني في ( الكبير ) ( جـ 7 رقم 6625 ) من طريق عمرو بن خالد الحراني ثنا ابن لهيعة ، قال : سمعتُ حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص يذكر أن خلاد بن السائب حدثه عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع راحتيه إلى وجهه .
قال الهيثمي في ( المجمع ) ( 10 / 169 ) :
( فيه حفص بن هاشم بن عتبة وهو مجهول ) ، واضطرب ابن لهيعة في سنده ومتنه ، فرواه يحيى بن إسحاق عنه عن حبان بن واسع عن خلاد بن السائب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه ، أخرجه أحمد ( 4/ 56 ) ، فلم يذكر ( السائب بن خلاد ) في إسناده ، ورواه قتيبة بن سعيد قال : ثنا ابن لهيعة ، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه .
أخرجه أبو داود ( 1492 ) ، والفريابي في ( كتاب الذكر ) - كما في ( النكت الظراف ) ( 9 / 106 ، 107 ) للحافظ - والطبراني في ( الكبير ) ( جـ 22 رقم 631 ) من طريق قتيبة ، فصار الحديث من ( مسند يزيد بن سعيد الكندي ) ، والحديث مضطربٌ وضعيف من كل وجوهه ، وقال الحافظ في ( أمالي الأذكار ) : ( فيه ابن لهيعة ، وشيخه مجهولٌ ) ، فالصواب أنه لا يصح حديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، وتسامح الحافظ ابن حجر ، فقال في ( بلوغ المرام ) ( ص284 ) : ( مجموع هذه الأحاديث يقضي بأنه حديث حسنٌ ) ،
أما مذاهب العلماء
في ذلك فقال ابن نصر في ( قيام الليل ) :
( ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث ، وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد وسُئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر ؟ فقال : لم أسمع فيه شيئًا ، ورأيت أحمد لا يفعله ، وسُئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ؟ فأنكر ذلك وقال : ما علمتُ ، وسُئل عبد الله - يعني ابن المبارك - عن الرجل يبسط يديه فيدعو ، ثم يمسح بهما وجهه ؟ فقال : كره ذلك سفيان - يعني : الثوري ) . ا هـ .
وكذلك أنكره البيهقي في ( رسالته إلى أبي محمد الجويني ) ( 2/ 286 ) ( مجموعة الرسائل المنيرية ) ، ولم يثبت حديثًا واحدًا فيها .
قلتُ :
وأقوى ما رأيتُهُ في هذا الباب ما أخرجه البخاري في ( الأدب المفرد ) ( 906 ) من طريق محمد بن فليح قال : أخبرني أبي عن أبي نعيم - وهو وهب - قال : رأيتُ ابن عمر وابن الزبير يدعوان ، يريدان بالراحتين على الوجه ، وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في ( أمالي الأذكار ) ، وسنده محتمل للتحسين وإلى الضعف ما هو ، ومحمد بن فليح وأبوه فيهما مقالٌ معروف .
فالصواب في هذا الباب ما ذهب إليه الثوري وابن المبارك ومالك وأحمد بن حنبل من كراهية ذلك ،
والله أعلم .
هذا ما تيسر وجزاككم الله خيرا
تعليق