إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة



    وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة


    المبحث الأول



    معنى الاعتصام بالكتاب والسنة وأدلة وجوبه



    لقد أمر الله الأمة بالاجتماع واتحاد الكلمة وجمع الصف على أن يكـون أساس هذا الاجتماع الاعتصام بالكتاب والسنة ، ونهى عن التفرق وبـين خطورته على الأمة في الدارين . ولتحقيق ذلك أمرنا بالتحاكـم إلى كتـاب الله تعالى في الأصول والفروع ونهينا عن كل سبب يؤدي إلى التفرق .

    فالطريق الصحيح إلى النجاة هو التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسـوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فإنهما حصن حصين وحرز متين لمن وفقه الله تعـالى . قـال تعـالى : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران : 103) . فقد أمر الله تعالى بالاعتصام بحبل الله ، وحبل الله هو عـهد الله أو هو القرآن كما قال المفسرون ، إذ العهد الذي أخذه الله على المسـلمين هو الاعتصام بالقرآن والسنة . فقد أمر الله تعالى بالجماعة ونهى عن التفـرق والاختلاف . قال تعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (الحشر : 7) . وهذا شامل لأصول الدين وفروعه الظاهرة والباطنـة .

    وأن ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به واتباعه ولا تحل مخالفتـه ، وأن نص الرسول على حكـم الشيء كنص الله تعالى لا رخصة لأحـد ولا عذر له في تركه ، ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله . قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (الأنفال : 20) . فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بطاعتـه وطاعة رسـوله ، وزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له . ولهذا قـال : وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ أي تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره .

    وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (النساء : 59) .

    قـال الحافظ ابن كثير : (أطيعوا الله ، أي اتبعوا كتابه ، وأطيعوا الرسول أي خـذوا سنته ، وأولي الأمر منكـم أي فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصيـة الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله) . وقوله فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قال مجاهد : أي إلى كتاب الله وسنة رسـوله .

    *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*


    وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الديـن وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعـالى : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (الشورى : 10) . فما حكـم به الكتـاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق ، فماذا بعد الحق إلا الضلال . ولهذا قال تعـالى : إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أي ردوا الفصـل في الخصومات والجهالات إلى الكتاب والسنة ومن لا يرجع إليهما في ذلـك فليس مؤمنًا بالله ولا اليوم الآخر . وقوله ذَلِكَ خَيْرٌ أي التحـاكم إلى كـتاب الله وسنة رسوله ، والرجوع إليهما في فصل النـزاع خير وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي وأحسن عاقبة ومآلا كما قال السدي وقال مجاهد : (وأحسـن جزاء وهو قريب) . وفي كتاب الله آيات كثـيرة وردت في وجـوب الاعتصام بالكتاب والسنة والرجوع إليهما في كل الأمور .

    وأما الأدلة من السنة على وجوب التمسك بالكتاب والسنة فمنها مـا رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : إن الله يرضى لكـم ثلاثًا ويسخط لكـم ثلاثًا ، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم . ويسخط لكـم ثلاثًا ، قيل وقال ، وكثرة السؤال وإضاعة المال . وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي . وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : تركتكـم علـى البيضـاء ليلـها كنهارها لا يزيغ عنها بعد إلا هالك . وجاء في حديث العربـاض بـن سارية قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : عليكـم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعـدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ .
    وقد بشر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم المتمسكين بسنته من أمته بأعظم بشـارة وأشـرف مقصد يطلبه كل مؤمن ويسعى إلى تحقيقه من كان في قلبه أدنى مسكة مـن إيمان ألا وهو الفوز بدخول الجنة . جاءت هذه البشـرى في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : كل أمتي يدخلون الجنة إلا مـن أبى . قـالوا ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقـد أبى . وأي إباء ورفض للسنة أعظم مـن مخالفـة أمـره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم ؟ وذلـك بالإحداث والابتداع في الدين .

    ومعلوم أن الفرقة الناجية هي التي كانت على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهي الجماعة . قال أبي بن كعب رضي الله عنه : عليكم بالسبيل والسـنة فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشـية الله فتمسه النار أبدًا وإن اقتصادًا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خـلاف سبيل وسنة .

  • #2
    رد: وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة

    المبحث الثاني :



    التحذير من البدع

    تعريف البدعة:


    البدعة لغة : هي الاختراع على غير مثال سابق ومن ذلـك قول الله تعالى : بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي مخترعهما .


    وشرعًا : ما خالف الكتاب والسنة ، أو إجمـاع سـلف الأمـة من الاعتقادات والعبادات المحدثة في الدين .

    خطر البدع :

    إن البدع والمحدثات في الدين لها خطورة عظيمة ، وآثار سيئة على الفرد والمجتمع بل وعلى الدين كله أصوله وفروعه . فالبدع : إحداث في الديـن ، وقول على الله بغير علم وشرع في الدين بما لم يأذن به الله ، والبدعة سـبب في عدم قبول العمل وتفريق الأمة ، والمبتدع يحمل وزره ووزر من تبعـه في بدعته ، كما أن البدعة سبب في الحرمان من الشرب من حوض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فعن سـهل بـن سـعد الأنصاري ، وأبي سعيد الخـدري رضي الله عنهما أن رسـول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قـال : أنا فَرَطُكم على الحوض من مرّ علي شرب ، ومن شرب لا يظمأ أبدًا . ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقوِل إنهم من أمتي ، فيقال : إنك لا تدري مـا أحدثوا بعدك . فأقول : سحقاَ لمن غيّر بعدي . والفرط : الذي يسبق إلى المـاء .

    وسحقًا : أي بعدًا .
    والبدعة تشويه للدين ، وتغيير لمعالمه . والخلاصة أن البدعة خطر عظيم على المسلمين في أمر دينهم ودنياهم .



    *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*



    أسباب البدعة :

    للبدع أسباب كثيرة أعظمها البعد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم ومنهج السلف الصالح ، الأمر الذي يؤدي إلى الجهل بمصادر التشريع .

    ومن أسباب انتشار البدع ، التعلق بالشبهات والاعتماد على العقل المجرد وجلساء السوء ، والاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يستدل بها المبتدعة على بدعهم ، والتشبه بالكفار ، وتقليد أهل الضلال ونحو ذلـك من الأسباب الخطيرة .
    خطر البدع :
    من تأمل الكتاب والسنة وجد أن البدع في الدين محرمة ومردودة علـى أصحابها من غير فرق بين بدعة وأخرى ، وإن كانت تتفاوت درجـات التحريم بحسب نوعية البدعة .


    ومن المعلوم أن النهي عن البدع قد ورد على وجه واحد في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالـة . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد . فدل الحديثان على أن كل محدث في الدين فهو بدعة ، وكل بدعة ضلالة مردودة ، ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة ، ولكن التحـريم يتفـاوت بحسب نوع البدعة فمنها ما هو كفر صراح كالطواف بالقبور تقربـا إلى أصحابها ، وتقديم الذبائح والنذور لها ، ودعاء أصحابها والاسـتغاثة بهـم ، ومنها ما هو من وسائل الشرك كالبناء على القبور ، والصـلاة والدعـاء عندها ، ومنها ما هو فسق ومعصية كإقامة الأعياد التي لم ترد في الشـرع ، والأذكار المبتدعة والتبتل والصيام قائما في الشمس .

    *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

    تعليق


    • #3
      رد: وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة

      *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*


      المبحث الثالث :


      ذم التفرق والاختلاف

      الأدلة على ذم التفرق :
      لقد ذم الله التفرق ونهى عن الطرق والأسباب المؤدية إليه . وقد جـاءت النصوص من الكتاب والسنة التي تحذر من التفرق والاختلاف وتبين سـوء عاقبته وأنه من أعظم أسباب الخذلان في الدنيا ، والعذاب والخزي وسـواد الوجوه في الآخرة . قال تعالى : وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (آل عمران : 105-107) . قال ابن عباس : (تبيض وجـوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة) .


      وقال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (الأنعام : 159) .
      فقد دلت الآيات على ذم التفرق وخطورتـه علـى الأمـة في الدنيـا والآخرة ، وأنه سبب هلاك أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ، وسـبب كل انحراف وقع في الناس .
      وأما السنة فقد جاءت فيها أحاديث كثيرة في ذم التفرق والاختـلاف والحث على الجماعة والائتلاف فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبـو داود عن معاوية رضي الله عنه أنه قام فقال : ألا إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قام فينا فقـال : ألا إن من قبلكـم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة . وإن هذه الأمـة ستتفرق على ثلاث وسبعين ملة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنـة وهي الجماعة . فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بافتراق أمته على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون في النار ، لا ريب أنهم الذين خاضوا كخوض الذيـن مـن قبلهم ثم هذا الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، إما في الدين فقط وإمـا في الدين والدنيا ثم يؤول إلى الدين . وقد يكون الاختلاف في الدنيـا فقـط . وعلى كل حال فإن الفرقة والاختلاف لا بـد مـن وقوعـهما في الأمـة والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم يحذر أمته منه لينجو من الوقوع فيه من شاء الله له السلامة .


      *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

      الاختلاف والتفرق سبب هلاك الأمم السابقة :

      إذا تأملنا القرآن والسنة وجدنا أن سبب هلاك الأمم السابقة هو التفرق وكثرة الاختلاف لاسيما الاختلاف في الكتاب المنـزل عليهم .


      قال حذيفة رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه : (أدرك هذه الأمة ، لا تختلف في الكتـاب كما اختلفت فيه الأمم قبلهم) ، لما رأى أهل الشام وأهل العراق يختلفون في حروف القرآن الاختلاف الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم . فأفاد ذلك شيئين :
      أحدهما : تحريم الاختلاف في مثل هذا .
      والثاني : الاعتبار بمن كان قبلنا ، والحذر من مشابهتهم . قال تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (البقرة : 176) . وقوله : وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ (آل عمران : 19) .
      ومن السنة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : ذروني مـا تركتكم فإنما هلك من كان قبلكـم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائـهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم . فقد أمرهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في هذا الحديث بالإمساك عما لم يؤمروا به ، معلـلا بأن سبب هلاك الأولين إنما كان كثرة السؤال ، ثم الاختلاف على الرسـل بالمعصية أي بمخالفتهم لما أمرتهم به أنبياؤهم .

      *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

      هل الاختلاف رحمة :
      يدعي بعض الناس أن الاختلاف رحمة اعتمادًا على حديث موضـوع : (اختلاف أمتي رحمة) . وهذا القول مردود بالكتاب والسنة والعقل . وقـد ذكرنا بعض الآيات والأحاديث الواردة في ذم الاختلاف والتفـرق . وفي ذلك كفاية لمن تدبر وتأمل .


      بل قد دل القرآن على أن الاختلاف لا يتفق مع الرحمة بل هو ضدهـا . قال تعالى : وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ (هود : 118 ، 119) .
      والحديث الذي استدل به أصحاب هذه الدعوى باطل ولا يصح بحـال ، ولا يوجد في شيء من كتب السنة . وهذا كافِ في بطلان هذه الدعـوى ، يضاف إلى ذلك مخالفته للمعقول ، فإنه لا يتصورَ عاقل أن الاختلاف رحمة ، بعدما عرفنا المفاسد الخطيرة الناتجة عنه من التشاحن والتباغض والتهاجر بـل وربما القتال والحروب التي كثيرًا ما ثارت بين الناس بسـبب الاختـلاف ، حتى في بعض مسائل الفروع .

      *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

      طريق الخلاص من الفرقة والاختلاف :

      ومن المعلوم أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هي الجماعة . والجماعـة هم الذين يسيرون وفق منهج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم وأصحابه لا يعدلون عن ذلـك ولا يحيدون عنه يمينًا أو شمالًا .


      قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام : (إن الجماعة ما كان عليه النبي وأصحابه والتابعون لهم بإحسان) . فطريق الخلاص هو اتباع منـهج أهـل السنة والجماعة قولًا وعملًا واعتقادًا ، وعدم مخالفتهم أو الشذوذ عنهم .
      قال تعالى : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (النساء : 115) .
      وقـال تعالى : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (الأنعام : 153) .
      وفي السنة ما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : لا تجتمع أمتي على ضلالة- أو قال : أمة محمـد على ضلالة- ويد الله على الجماعة .
      وبهذا نختم القول بأن طريق الخلاص وعنوان السعادة التمسك بكتـاب الله تعالى ، ذلك الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد وكذلك التمسك بالسنة المطهرة الثابتة عـن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فإنهما أي الكتاب والسنة هما المصدران الوحيدان لعقيدة الإسلام وشريعته . فـأي منهج جانب هذا الطريق فإنه منهج خاسر ، فالتمسك بالسنة هـو سـبيل المؤمنين ، وطريق الوصول إلى مرضاة رب العالمين ، والحصن الحصين ، وهـذا هو المنهج الذي يحفظ الله به الأمة من بدع المبتدعين وانتحـال المبطلـين ، وتأويل الجاهلين وتحريف الغالين . وهو الطريق الذيَ صلحت بـه أحـوال الأمة في صدر الإسلام ، ولا فلاح لنا ولا نجاح إلا بالرجوع إليه . يقول إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله : (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) ، وما صلح به أولها هو العمل بكتاب الله وسنة رسـوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم ومما ينبغي على المسلم في هذا الجانب أن يكون العمل بالكتـاب والسـنة مقيدًا بفهم السلف الصالح ومنهجهم لقـول الله تعـالى : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (النساء 115) .
      فاتباع سبيل المؤمنين وهم الصحابة وأتباعهم من الأئمة المهديين بإحسان هو سبيل النجاة نسأله تعالى أن يوفق الأمة الإسلامية للتمسك بكتاب ربها وسنة نبيها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم واتباع سبيل المؤمنين . وآخر دعوانـا أن الحمـد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



      من كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
      لنخبة من العلماء
      الشيخ صالح السحيمي والشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد والشيخ إبراهيم الرحيلي

      تعليق


      • #4
        رد: وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة

        جزاكم الله خيرا ونفع بكم

        تعليق


        • #5
          رد: وجوب الإعتصام بالكتاب والسنة

          المشاركة الأصلية بواسطة شاعرة النيل مشاهدة المشاركة
          جزاكم الله خيرا ونفع بكم
          وخيرا جزكم
          مرحبا بكم معنا

          تعليق


          • #6
            للنفع

            تعليق

            يعمل...
            X