الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية
( الجزء الثاني )
لفضيلة الشيخ
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
حفظه الله
س1- ما رأي الشرع في عمليات التجميل كأن يكون في وجه الإنسان تشوه فيجري له عملية إزالة، أو يكون في أنفه طول زائد أو اعوجاج فتجرى له عملية تعديل وما أشبه ذلك، وجهونا؟ وهل يدخل هذا في تغير خلق الله؟
جـ - لا شك أن الجمال مباح أو مستحب، لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((إن الله جميل يحب الجمال ))فمتى كان ممكنا تجميل البدن بلباس أو اكتحال أو ادّهان أو اغتسال وتنظيف فإن ذلك مندوب، كما جاء الشرع بسنية خصال الفطرة كقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وغسل البراجم، والمضمضة، والاستنشاق.
فلعل ما ذكر من هذه العمليات داخل في المباح وإن لم يذكره الفقهاء، فقد تقدم الطب، وعرف الأطباء ما لم يكن معروفا في السابق من إجراء العمليات في الجوف وشق البطن، وزرع بعض الأعضاء: كالكبد والكلية والقلب والعين ونحوها، وتركيب الأسنان، وتحسين الوجه أو الأنف داخل في الجائز إذا لم يترتب عليه ضرر، فلا يدخل في وعيد النامصة والواشمة والواشرة والمتفلجات للحسن؛ لما في هذه الأشياء من الغش وإظهار خلاف الأصل بحيث يُظَنُّ بها الشباب والفتوة، ولأن هذه الأفعال غير ثابتة، بل تتغير دائما، فيحتاج إلى تجديد الوشر والتفلج والنمص بخلاف عملية التحسين للأنف ونحوه، والله أعلم.
لفضيلة الشيخ
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
حفظه الله
س1- ما رأي الشرع في عمليات التجميل كأن يكون في وجه الإنسان تشوه فيجري له عملية إزالة، أو يكون في أنفه طول زائد أو اعوجاج فتجرى له عملية تعديل وما أشبه ذلك، وجهونا؟ وهل يدخل هذا في تغير خلق الله؟
جـ - لا شك أن الجمال مباح أو مستحب، لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((إن الله جميل يحب الجمال ))فمتى كان ممكنا تجميل البدن بلباس أو اكتحال أو ادّهان أو اغتسال وتنظيف فإن ذلك مندوب، كما جاء الشرع بسنية خصال الفطرة كقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وغسل البراجم، والمضمضة، والاستنشاق.
فلعل ما ذكر من هذه العمليات داخل في المباح وإن لم يذكره الفقهاء، فقد تقدم الطب، وعرف الأطباء ما لم يكن معروفا في السابق من إجراء العمليات في الجوف وشق البطن، وزرع بعض الأعضاء: كالكبد والكلية والقلب والعين ونحوها، وتركيب الأسنان، وتحسين الوجه أو الأنف داخل في الجائز إذا لم يترتب عليه ضرر، فلا يدخل في وعيد النامصة والواشمة والواشرة والمتفلجات للحسن؛ لما في هذه الأشياء من الغش وإظهار خلاف الأصل بحيث يُظَنُّ بها الشباب والفتوة، ولأن هذه الأفعال غير ثابتة، بل تتغير دائما، فيحتاج إلى تجديد الوشر والتفلج والنمص بخلاف عملية التحسين للأنف ونحوه، والله أعلم.
س
2- ما هي فوائد الزواج الصحية والاجتماعية ؟
جـ - لما ركب الله - تعالى - في الإنسان هذه الشهوة أباح له قضاء وطره بالنكاح الحلال، وجعل له شروطا يتم بها إحلاله، وله فوائد عديدة: منها حفظ النسل ومعرفة النسب والأقارب بخلاف الزنا، الذي تضيع به الأنساب. ومنها تكثير الأمة، الذي رغب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم )) .
ومنها غض البصر، فإن العادة أن الأعزب يمتد نظره إلى النساء، ويقع في حرج وألم شديد، وقد قال الشاعر:
ومنها غض البصر، فإن العادة أن الأعزب يمتد نظره إلى النساء، ويقع في حرج وألم شديد، وقد قال الشاعر:
كـل الحوادث مبداها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
وفي الحديث إن النظرة سهم مسموم من سهـام إبليس ومنها حفظ الفرج عـن الوطء الحرام، وقـد دل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ))متفق عليه.
ثم فيه إخراج المني الذي خلق في البدن، وبه تشتد الشهوة، فحبسه واحتقانه يضر بالصحة ويوهن البدن، وقد ذكر الأطباء أنه إذا طال احتقانه واحتباسه في البدن أحدث أمراضا رديئة كالجنون والصرع والوسوسة وكثرة الهموم والأحزان، وأن احتباسه يحيله إلى كيفية سمية تسبب أمراضا رديئة، ولولا أن الله قدر إخراجه بالاحتلام لأضر بالبدن ضررا بيِّنًا.
ثم من فوائد النكاح: كف النفس عن التطلع إلى الحرام والتحدث والهم والتفكير في قضاء الوطر بعد حصول ذلك بالوطء الحلال.
ومن فوائده: إعفاف المرأة التي قد ركب فيها شهوة وميل إلى الرجال لقضاء هذا الوطر الجنسي، الذي يدفع كلا من الزوجين إلى التقارب.
وأعظم فوائده: الاتباع والاقتداء بالأنبياء وخاتمهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت عنه أنه قال: ((لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني )) .
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر مرفوعا: ((خير متاع الدنيا المرأة الصالحة ))وروى ابن ماجه عن ابن عباس رفعه: ((لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح ))وفيه فوائد سوى ما ذكرنا، والله أعلم.
س
3- ما هي كفارة من أتى زوجته في وقت الحيض ؟
جـ - ورد فيه حديث عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار ))رواه أحمد وأهل السنن قال أبو داود هكذا الرواية الصحيحة، قال: ((دينار أو نصف دينار )) .
وفي الحديث كلام كثير حول رفعه ووقفه واضطرابه، لكن ذلك لا يضره، كما صححه ابن حجر في ( التلخيص الحبير )، والشوكاني في ( النيل )، فعلى هذا تكون الكفارة دينارا أو نصف دينار، أي بالخيار.
وقيل: إذا كان الدم أحمر، فدينار، وإذا كان دما أصفر فنصف دينار. رواه الترمذي وفي رواية لأحمد ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في الحائض تُصاب دينارا، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار ))هكذا في نيل الأوطار.
ثم إن الدينار يساوي أربعة أسباع الجنيه السعودي، فيسأل عن صرف الجنيه، ويخرج أربعة أسباعه إن كان في أول الحيض، وسبعيه إن كان الوطء في آخر الحيض، وقد ذهب كثير من العلماء وأكثر الأئمة إلى أن الواجب التوبة والاستغفار، ولعل تركهم العمل بالحديث لما فيه من الاختلاف، ولكن ذلك لا يعلل به، وقد حرم الله – تعالى - وطء الحائض بقوله: ((فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ))والنهي يفيد التحريم، ومن فعل محرما فعليه كفارة ذلك الذنب، والله أعلم.
س4- إذا استقاء الصائم فخرج كل ما في بطنه فهل يفسد صيامه أم لا؟
جـ - ورد حديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض )) رواه أحمد وأهل السنن وابن حبان والحاكم وصححه وروى مالك مثله عن ابن عمر موقوفا، ففيه أن من خرج منه القيء بدون اختيار فهو معذور ولا قضاء عليه، فليتم صومه. وأما من تعمد إخراجه بإدخال إصبعه في فمه، أو عصر بطنه بيديه، أو شم ما له رائحة كريهة متعمدا فقد فسد صومه، فعليه قضاء ذلك اليوم ولو أكمل صومه. هذا هو موجب الحديث، ويعم ذلك من خرج كل ما في بطنه ومن لم يخرج منه إلا ملء الفم، فإن الجميع يصدق عليه أنه قيء خرج من الفم، وأحس بطعم الطعام في فيه، فيعتبر عمده مفطرا، ويلزمه القضاء، والله أعلم.
س5- لدغة العقرب والحية والنملة هل رقيتهم واحدة، أم لكل واحدة منهم رقية خاصة؟ وما هي؟
جـ - الرقية بالقرآن أو بما تيسر منه مفيدة، وكذا بما ثبت في السنة من الأدعية، كما في حديث أبي سعيد في رقية اللديغ الذي هو سيد حي من العرب، وفيه: فانطلق يتفل عليه، ويقرأ ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))فكأنما نشط من عقال.
فإن كلام الله - تعالى - هو الشفاء التام، كما قال تعالى: ((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ))وفاتحة الكتاب هي أم الكتاب، وفيها أصول أسماء الله - تعالى - ومجامعها وإثبات المعاد والتوحيد وطلب الهداية من الله تعالى.
ومن رقية ذوات السموم سورة ( قل هو الله أحد ) وسورتا المعوذتين، لما في سورة الإخلاص من التوحيد العلمي الاعتقادي، وما في المعوذتين من الاستعاذة من الشرور جملة وتفصيلا.
ومن الرقية أيضا الأدعية العامة الواردة في الأحاديث: مثل حديث أبي سعيد وفيه: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ))رواه مسلم ومنها ما ورد في الحديث أنه يضع يده على موضع الألم ويقول: ((أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ))وأما النملة فهي قروح تخرج في الجنبين يحس صاحبها كأن نملة تدب عليه وتعضه، وقد ذكر ابن القيم عن الخلال رقية النملة، عن الشفاء بنت عبد الله أنها عرضت رقيتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرها، فقالت: بسم الله ضلت حتى تعود من أفواهها، ولا تضر أحدا، اللهم اكشف البأس رب الناس. كانت ترقى بها على عود سبع مرات، وتقصد مكانا نظيفا وتدلكه على حجر بخل حاذق، وتطليه على النملة، والله أعلم.
س6- كنت في زيارة لأحد أقاربي بالمستشفى، فطلبوا مني التبرع بالدم، وذلك في نهار رمضان فتحرجت هل أفعل أم لا، وأخيرا تبرعت، فهل هذا يفطر الصائم؟
جـ - وردت أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم ))ونظرا لكثرتها وتعدد رواتها وطرقها ذهب إلى القول بها الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وخالفه الأئمة الثلاثة، وحيث إن الأدلة، واضحة الدلالة وما خالفها لا يقوى على معارضتها لعدم صراحته، فأرى أن إخراج الدم الكثير عمدا يفسد الصوم. فالتبرع بالدم عادة يكون كثيرا، حيث إن القصد منه إسعاف المريض الضعيف، فيلحق بالحجامة كما يلحق بها الفصد والشرط وتعمد إخراج الرعاف الكثير، وإلحاقا بخروج الدم من الحائض والنفساء، فإنه مفطر بالإجماع، والله أعلم.
س7- رجل منوم في المستشفى، وقد جاء وقت إخراج الفطرة بعد صيام رمضان ولا يستطيع الخروج من المستشفى لتوزيع الفطرة، فهل يوكل أحد أقاربه يخرجها من بيته، وإذا أخرجها قريبه من بيته هو فهل تجزئ؟
جـ - هذا الإخراج مما تدخله النيابة، فحيث إنه معذور لعجزه عن إخراج هذه الصدقة بنفسه، فإن له أن يوكل أخاه أو صديقه، ليخرجها عنه وعن أهل بيته، بل يجوز التوكيل حتى للقادر القوي، فإن تفرقة الزكاة عمل زائد على إخراجها من المال، فمتى وكل المالك من يقبض الزكاة ثم يعطيها لمستحقها جاز له ذلك، وهكذا لو دفع إليه ثمن الفطرة ليشتريها ثم يتصدق بها على الضعفاء والمعوزين، أو أمره أن يأخذ من بيته بإذن أهله مقدارها طعاما ويعطيه للفقراء، فكل ذلك لا بأس به، والله أعلم.
س8- امرأة عليها نذر أن تصوم أيام البيض من كل شهر واستمرت على ذلك، ولكن في أحد الشهور دخلت المستشفى، وجلست فيها أسبوعا وصادف ذلك أيام البيض، ولا تستطيع صيامها في المستشفى، فهل يسقط عنها أم تصومها مع الشهر الثاني؟
جـ - عليها أن تقضيها، أي تصوم ثلاثة أيام بعد خروجها من المستشفى من غير البيض، وهكذا يفعل من فاته فعل قد ألزم به نفسه، فإنه يقضيه بعد فواته، ويجزئه: كمن نذر صلاة ليلة ففاتت عليه بنوم أو مرض أو شغل فإنه يصلي ذلك في النهار، لقوله تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً ))وفي الصحيح عن عائشة (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصلِّ تهجده بالليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ))فهو دليل على قضاء النفل ولو لم يكن منذورا فقضاء النذر أولى بالجواز.
س9- هل يجوز للمرأة أن تطوف وهي حاملة طفلها حيث إنه قد يكون فيه نجاسة؟
جـ - عليها قبل البدء في الطواف أن تطهره وتغسل ثيابه، وتحفظه بما يمنع تعدي النجاسة إن خرجت، ثم تطوف به محمولا إن لم تجد من يمسكه مدة الطواف، وخشيت عليه التأثر وكثرة البكاء، فقد ثبت في الصحيح ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالجماعة وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب ))مع احتمال خروج النجاسة منها أثناء حمله لها، فإذا جاز الحمل في الصلاة ففي الطواف أولى للعذر في الحمل خشية الضياع ونحوه، والله أعلم.
س10- ذهب جماعة للحج، وفي يوم عرفة أصيب أحدهم بمرض فلم يستطع إكمال أعمال الحج الباقية فماذا يلزمه؟
جـ - يعمل عمل المحصر، فقد قال تعالى: ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ))أي يذبح عنه شاة، أي واحدة من الغنم، ويتحلل. فإن كان قد وقف بعرفة نهارا أو ليلا زمن الوقوف، فما بقي عليه إلا الطواف والسعي، فله أن يؤخره حتى يشفى، ويتم حجه، ويفدي عن واجبات الحج التي تركها: كالانصراف من عرفه نهارا، وترك المبيت بمزدلفة وبمنى ويوكل من يرمي عنه، ثم يحلق وينحر هديه، فإن لم يكن وقف بعرفة فهو كالمحصر يذبح هديا ويتحلل أو يتحلل بعمرة كمن فاته الوقوف، فإن كان اشترط عند إحرامه بقوله: ((فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ))تحلل ولا شيء عليه، والله أعلم.
وفي الحديث كلام كثير حول رفعه ووقفه واضطرابه، لكن ذلك لا يضره، كما صححه ابن حجر في ( التلخيص الحبير )، والشوكاني في ( النيل )، فعلى هذا تكون الكفارة دينارا أو نصف دينار، أي بالخيار.
وقيل: إذا كان الدم أحمر، فدينار، وإذا كان دما أصفر فنصف دينار. رواه الترمذي وفي رواية لأحمد ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في الحائض تُصاب دينارا، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار ))هكذا في نيل الأوطار.
ثم إن الدينار يساوي أربعة أسباع الجنيه السعودي، فيسأل عن صرف الجنيه، ويخرج أربعة أسباعه إن كان في أول الحيض، وسبعيه إن كان الوطء في آخر الحيض، وقد ذهب كثير من العلماء وأكثر الأئمة إلى أن الواجب التوبة والاستغفار، ولعل تركهم العمل بالحديث لما فيه من الاختلاف، ولكن ذلك لا يعلل به، وقد حرم الله – تعالى - وطء الحائض بقوله: ((فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ))والنهي يفيد التحريم، ومن فعل محرما فعليه كفارة ذلك الذنب، والله أعلم.
س4- إذا استقاء الصائم فخرج كل ما في بطنه فهل يفسد صيامه أم لا؟
جـ - ورد حديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض )) رواه أحمد وأهل السنن وابن حبان والحاكم وصححه وروى مالك مثله عن ابن عمر موقوفا، ففيه أن من خرج منه القيء بدون اختيار فهو معذور ولا قضاء عليه، فليتم صومه. وأما من تعمد إخراجه بإدخال إصبعه في فمه، أو عصر بطنه بيديه، أو شم ما له رائحة كريهة متعمدا فقد فسد صومه، فعليه قضاء ذلك اليوم ولو أكمل صومه. هذا هو موجب الحديث، ويعم ذلك من خرج كل ما في بطنه ومن لم يخرج منه إلا ملء الفم، فإن الجميع يصدق عليه أنه قيء خرج من الفم، وأحس بطعم الطعام في فيه، فيعتبر عمده مفطرا، ويلزمه القضاء، والله أعلم.
س5- لدغة العقرب والحية والنملة هل رقيتهم واحدة، أم لكل واحدة منهم رقية خاصة؟ وما هي؟
جـ - الرقية بالقرآن أو بما تيسر منه مفيدة، وكذا بما ثبت في السنة من الأدعية، كما في حديث أبي سعيد في رقية اللديغ الذي هو سيد حي من العرب، وفيه: فانطلق يتفل عليه، ويقرأ ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))فكأنما نشط من عقال.
فإن كلام الله - تعالى - هو الشفاء التام، كما قال تعالى: ((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ))وفاتحة الكتاب هي أم الكتاب، وفيها أصول أسماء الله - تعالى - ومجامعها وإثبات المعاد والتوحيد وطلب الهداية من الله تعالى.
ومن رقية ذوات السموم سورة ( قل هو الله أحد ) وسورتا المعوذتين، لما في سورة الإخلاص من التوحيد العلمي الاعتقادي، وما في المعوذتين من الاستعاذة من الشرور جملة وتفصيلا.
ومن الرقية أيضا الأدعية العامة الواردة في الأحاديث: مثل حديث أبي سعيد وفيه: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ))رواه مسلم ومنها ما ورد في الحديث أنه يضع يده على موضع الألم ويقول: ((أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ))وأما النملة فهي قروح تخرج في الجنبين يحس صاحبها كأن نملة تدب عليه وتعضه، وقد ذكر ابن القيم عن الخلال رقية النملة، عن الشفاء بنت عبد الله أنها عرضت رقيتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرها، فقالت: بسم الله ضلت حتى تعود من أفواهها، ولا تضر أحدا، اللهم اكشف البأس رب الناس. كانت ترقى بها على عود سبع مرات، وتقصد مكانا نظيفا وتدلكه على حجر بخل حاذق، وتطليه على النملة، والله أعلم.
س6- كنت في زيارة لأحد أقاربي بالمستشفى، فطلبوا مني التبرع بالدم، وذلك في نهار رمضان فتحرجت هل أفعل أم لا، وأخيرا تبرعت، فهل هذا يفطر الصائم؟
جـ - وردت أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم ))ونظرا لكثرتها وتعدد رواتها وطرقها ذهب إلى القول بها الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وخالفه الأئمة الثلاثة، وحيث إن الأدلة، واضحة الدلالة وما خالفها لا يقوى على معارضتها لعدم صراحته، فأرى أن إخراج الدم الكثير عمدا يفسد الصوم. فالتبرع بالدم عادة يكون كثيرا، حيث إن القصد منه إسعاف المريض الضعيف، فيلحق بالحجامة كما يلحق بها الفصد والشرط وتعمد إخراج الرعاف الكثير، وإلحاقا بخروج الدم من الحائض والنفساء، فإنه مفطر بالإجماع، والله أعلم.
س7- رجل منوم في المستشفى، وقد جاء وقت إخراج الفطرة بعد صيام رمضان ولا يستطيع الخروج من المستشفى لتوزيع الفطرة، فهل يوكل أحد أقاربه يخرجها من بيته، وإذا أخرجها قريبه من بيته هو فهل تجزئ؟
جـ - هذا الإخراج مما تدخله النيابة، فحيث إنه معذور لعجزه عن إخراج هذه الصدقة بنفسه، فإن له أن يوكل أخاه أو صديقه، ليخرجها عنه وعن أهل بيته، بل يجوز التوكيل حتى للقادر القوي، فإن تفرقة الزكاة عمل زائد على إخراجها من المال، فمتى وكل المالك من يقبض الزكاة ثم يعطيها لمستحقها جاز له ذلك، وهكذا لو دفع إليه ثمن الفطرة ليشتريها ثم يتصدق بها على الضعفاء والمعوزين، أو أمره أن يأخذ من بيته بإذن أهله مقدارها طعاما ويعطيه للفقراء، فكل ذلك لا بأس به، والله أعلم.
س8- امرأة عليها نذر أن تصوم أيام البيض من كل شهر واستمرت على ذلك، ولكن في أحد الشهور دخلت المستشفى، وجلست فيها أسبوعا وصادف ذلك أيام البيض، ولا تستطيع صيامها في المستشفى، فهل يسقط عنها أم تصومها مع الشهر الثاني؟
جـ - عليها أن تقضيها، أي تصوم ثلاثة أيام بعد خروجها من المستشفى من غير البيض، وهكذا يفعل من فاته فعل قد ألزم به نفسه، فإنه يقضيه بعد فواته، ويجزئه: كمن نذر صلاة ليلة ففاتت عليه بنوم أو مرض أو شغل فإنه يصلي ذلك في النهار، لقوله تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً ))وفي الصحيح عن عائشة (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصلِّ تهجده بالليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ))فهو دليل على قضاء النفل ولو لم يكن منذورا فقضاء النذر أولى بالجواز.
س9- هل يجوز للمرأة أن تطوف وهي حاملة طفلها حيث إنه قد يكون فيه نجاسة؟
جـ - عليها قبل البدء في الطواف أن تطهره وتغسل ثيابه، وتحفظه بما يمنع تعدي النجاسة إن خرجت، ثم تطوف به محمولا إن لم تجد من يمسكه مدة الطواف، وخشيت عليه التأثر وكثرة البكاء، فقد ثبت في الصحيح ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالجماعة وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب ))مع احتمال خروج النجاسة منها أثناء حمله لها، فإذا جاز الحمل في الصلاة ففي الطواف أولى للعذر في الحمل خشية الضياع ونحوه، والله أعلم.
س10- ذهب جماعة للحج، وفي يوم عرفة أصيب أحدهم بمرض فلم يستطع إكمال أعمال الحج الباقية فماذا يلزمه؟
جـ - يعمل عمل المحصر، فقد قال تعالى: ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ))أي يذبح عنه شاة، أي واحدة من الغنم، ويتحلل. فإن كان قد وقف بعرفة نهارا أو ليلا زمن الوقوف، فما بقي عليه إلا الطواف والسعي، فله أن يؤخره حتى يشفى، ويتم حجه، ويفدي عن واجبات الحج التي تركها: كالانصراف من عرفه نهارا، وترك المبيت بمزدلفة وبمنى ويوكل من يرمي عنه، ثم يحلق وينحر هديه، فإن لم يكن وقف بعرفة فهو كالمحصر يذبح هديا ويتحلل أو يتحلل بعمرة كمن فاته الوقوف، فإن كان اشترط عند إحرامه بقوله: ((فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ))تحلل ولا شيء عليه، والله أعلم.
تعليق