إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الإخوة الكرام
    يسعدنى المشاركة معكم فى هذا المنتدى المبارك
    وهذا أول موضوع لى فى المنتدى والله أسأل أن يوفقنا لما فيه الخير والهدى
    فهذا موضوع جد مهم وخطير وفى البداية فهذا ليس كلامى أنا مجرد ناقل
    لن اضع البحث كله مرة واحدة لأنه طويل ولكن سأضعه على مرات إن شاء الله ليسهل قراءته على الإخوة والأخوات ولا أطيل عليكم.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وكفى,وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى,سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا,إنك أنت العليم الحكيم... اللهم علمنا ما ينفعنا,وانفعنا بما علمتنا,وهيىء لنا من أمرنا رشدا...أما قبل:
    فإن أصل كل فساد مخالفة الحق وتنكب طريقه,وصلاح الأمر كله فى اتباع الحق والتزام طريقه؛والحق هو الوضع الثابت الذى خلق الله عليه المخلوقات أو أرداها أن تكون عليه,ذلك أنه ليس من مخلوق فى الدنيا إلا وخلقه الله-تعالى-وحده لم يشاركه أحد فى خلقه,وليس من مخلوق فى الدنيا إلا وجعله الله-عز وجل-على وضعٍ معين,ودبر أمره بكيفية معينة,وهو- سبحانه وتعالى-كامل منزه عن الخطأ,فالصلاح كله فى خلقه وتدبيره,وكل شىء ينحرف عن الوضع الإلهى والتدبير الربانى يفسد؛فهذه السماوات والأرض خلقها الله بالحق,ودبر أمرهما بحكمته,فصلحتا بخلقه وتدبيره-سبحانه-:( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) سورة الانبياء الاية 22
    والإنسان مخلوق من مخلوقات الله-عز وجل-وصلاح حياته مرهون بمعرفة الحق واتباعه,وفسادها نتيجة محتومة لجهله بالحق,أو تمرده عليه-وإن عرفه-
    ولما كان الله هو الحق,ومنه الحق,وأمره وتدبيره هو الحق,فإن سبب فساد الحياة البشرية كلها هو الكفر بالخالق,والكفر بأمره وتدبيره,وبما أنزل من الحق,وسبب صلاح هذه الحياة كلها هو الإيمان بالله,ولذلك قال عز من قائل:( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) سورة طه الايه 123,124,125
    ولا يتبع هداه إلا من آمن به وذكره,واستشعر وجوده وصفاته وعظمته-سبحانه-ومن نسى ذكر الله أعرض عن هداه.

    والإنسان ممتحن فى هذه الدنيا بهذين الأمرين؛ذكر الله واتباع هداه,أو نسيانه والضلال,فهو على مفترق طريقين لا ثالث لهما,طريق الإيمان والهدى والسعادة فى الدنيا والآخرة,وطريق الكفر والضلال والشقاء فى الدارين,ولذا كان أشرف ما يتعلمه الإنسان ويعلمه لغيره:أمور الإيمان وأركانه ومقتضياته,وأحوط ما يحتاط ويتسلح به معرفة معالم الكفر وأسبابه ومقتضياته... فإن كان على بصيرة من هذين الأمرين الخطيرين,عرف الإنسان طريق سعادته فالتزمه ولم يحد عنه,وطريق شقائه فاجتنبه... وبعد:
    فهذه الصفحات تتعلق بمسألة المساجد المقبورة,اقتطفتها من البحث الذى أعددته فى توحيد الألوهية,ليعين أحبتى الكرام على معرفة الحق فى تلك المسألة التى خاض فيها الكثير بغير علم,فالله المستعان,وعليه التكلان..
    احتياط الشرع لتوحيد الألوهية ...
    عرفنا أن توحيد الإلهية يقوم على إخلاص العبادة لله-تعالى-وعدم الإشراك به فى أى شىء من صورها-التى قدمناها,وفى غيرها مما لم نذكره اتكالا على معرفته-
    ولماكان هذا النوع من التوحيد هو أخطر أنواع التوحيد وأشرفها,فقد احتاط له الشرع أعظم الحيطة,ونفى عنه كل شائبة شرك,وحرَّم كل وسيلة مفضية إلى الإخلال بقواعده؛حتى يبقى مصون الحمى,بعيدا عن عوامل الزيغ والانحراف.
    ولقد بالغ النبى-صلى الله عليه وسلم-فى حماية جناب-جانب-التوحيد,وحذر وأنذر,وأبدأ وأعاد, وخص وعم فى حماية الحنيفية السمحة التى بعثه الله بها,فهى حنيفية فى التوحيد,سمحة فى العمل,كما قال بعض العلماء:هى اشد الشرائع فى التوحيد والإبعاد عن الشرك,واسمحالشرائع فى العمل.
    وسوف أذكر-إن شاء الله-بعض الأمور التى نهى عنها الشرع لكونها ذرائع وطرقا إلى الوقوع فى الذنب الأعظم-الذى هو الشرك بالله-حماية لجناب التوحيد... فمن هذه الأمور والاحتياطات:
    1-نهى الشرع عن كل الألفاظ التى توهم النِدِّيَّة والمساواة بين الله-تعالى-وبين أحد من خلقه؛ كقولك مثلا:أنا فى حمى الله وفلان,أو:أنا متوكل على الله وفلان,أو:ما شاء الله وفلان... وبيَّن أن المخرج من ذلك هو العطف ب"ثم" لا بـ"الواو" قال-صلى الله عليه وسلم-:"لا يقولن أحدكم ما شاء الله وفلان,وليقل ما شاء الله ثم فلان." وذلك لأن العطف بالواو يقتضى المساواة بين المعطوف والمعطوف عليه,بخلاف ثم فإنه حرف يقتضى تأخر المعطوف فى الرتبة عن المعطوف عليه.
    2-نهى الشرع عن كل الألفاظ التى فيها تعظيم لغير الله,أو نسبة تأثير إليه,كقولك مثلا:وحياتك,أو:وحياة أبيك,أو:لولا فلان لكان كذا,أو:لولا صياح الديك-مثلا-أو:نهيق الحمار لسرقنا اللصوص ونحو ذلك.
    3-نهى الشرع عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛لما فى ذلك من التشبه بعبَّادها حيث يتحرون السجود لها فى هذه الأوقات؛قال-صلى الله عليه وسلم-:"لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها."
    4-نهى عن شد الرحال إلى مكان من الأمكنة بقصد التقرب إلى الله بالعبادة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة,فقد روى عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛المسجد الحرام,ومسجدى هذا,والمسجد الأقصى."
    5-نهى أن يقوم الناس بعضهم لبعض على جهة التعظيم,كما روى عنه-صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأصحابه-حين رآهم قاموا له-"لا تقوموا كما يقوم الأعاجم,يعظِّم بعضهم بعضا." وصلى بهم مرة جالسا من وجع,وصلوا وراءه قياما,فأشار إليهم:أن اجلسوا,ثم قال-صلى الله عليه وسلم-لهم بعد أن فرغ من صلاته:"كدتم أن تفعلوا آنفا فعل فارس بعظمائها,يجلس الرجل ويمثل الناس قياما بين يديه."
    6-نهى عن الوفاء بالنذر إذا نذر فى مكان يُعبد فيه صنم,أو يقام فيه عيد من أعياد الجاهلية,فقد جاء النبىَّ-صلى الله عليه وسلم-رجلٌ,فقال:يا رسول الله:إنى نذرت أن أنحر إبلا ببوانة. فسأل النبى-صلى الله عليه وسلم-:هل كان فى هذا المكان صنم من أصنام الجاهلية يًُعبد؟ فقيل:لا. فسأل:هل كان فيه عيد من أعياد الجاهلية يُقام؟ فقيل:لا. فقال للرجل:"فأوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر فى معصية,ولا فيما لا يملك ابن آدم."
    7-نهى عن اعتقاد العدوى والتطير:فقد روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة-رضى الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال:"لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر." قالوا يا سول الله:فما بال الإبل تكون فى الرمل كأنها الظباء,فيجىء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها؟! قال:"فمن أعدى الأول؟" فقوله:"ولا هامة" قال الفراء:الهامة:طير من طير الليل كأنه يعنى البومة. قال ابن الأعرابى:كانوا يتشاءمون بها إذا وقفت على بيت أحدهم يقول:نعت إلىَّ نفسى,أو أحدا من أهل بيتى. وقوله:"ولا صفر" روى أبو عبيدة فى غريب الحديث عن رؤبة أنه قال:هى حية تكون فى البطن,تصيب الماشية والناس,وهى أعدى من الجربعند العرب.اهـ وكأنه يعنى الدودة الشريطية...
    فنفى النبى-صلى الله عليه وسلم-وجود العدوى حماية لجناب التوحيد؛لأن المسلم يجب عليه أن يعتقد أن الله-تعالى-هو الضار النافع,وأنه ما شاء الله كان,ولم يشاء لم يكن,وَرَدَّ النبى-صلى الله عليه وسلم-على هذه الشبهة التى طرحها بعضهم فقال:ما بال الإبل كأنها الظباء فيخالطها الجمل الأجرب فيجربها؟! فقال-صلى الله عليه وسلم-:"فمن الذى أعدى الأول؟ " أى أنه لو صح اعتقاد العدوى,وأن المريض هو الذى يضر السليم,فما الذى أمرض الجمل الأول؟! هذا مع ما رواه البخارى وأحمد عن النبى-صلى الله عليه وسلم-:"فر من المجذوم كما تفر من الأسد." فالعبد ينبغى عليه أن يأخذ بأسباب العافية والصلاح,وهذا عمل الجوارح,وينبغى كذلك أن يعتقد بقلبه أن الله-تعالى-هو الضار النافع,وأن المريض لا يملك أن يضر السليم...
    وقوله-صلى الله عليه وسلم-:"ولا طيرة" التطير:هو التشاؤم,سواء كان بيوم معين,أو شخص معين,أو حدث معين؛لأنه ينافى كمال التوحيد الواجب؛لكونه من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته,وذلك بتعلق القلب به خوفا وطمعا,ومنافاته للتوكل على الله-تعالى-الذى لا ينفع ولا يضر غيره.
    وفى الصحيحين:"لا عدوى ولا طيرة,ويعجبنى الفأل؟ قالوا: وما الفأل؟ قال:"الكلمة الطيبة." قال النووى:
    ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض,فيتفاءل بما يسمعه,فيسمع من يقول:يا سالم,أو يكون طالب حاجة,
    فيسمع من يقول:يا واجد,فيقع فى قلبه رجاء البرء,أو الوجدان,والله أعلم... وإنما أحب النبى-صلى الله عليه وسلم-الفأل؛لأن الناس إذا أمَّلوا فائدة الله ورجوا عائدته عند سبب ضعيف أو قوى,فهم على خير,وإذا قطعوا آمالهم ورجاءهم من الله-تعالى-كان ذلك من الشر,وأما الطيرة فإنها سوء ظن بالله-تعالى-وتوقع البلاء...
    8-نهى عن الإطراء والغلو فى النبى-صلى الله عليه وسلم-والصالحين؛فقد نهى النبى-صلى الله عليه وسلم-أصحابه عن الغلو فيه,والمبالغة فى مدحه,فقال:"لا تطرونى كما أطرت النصارى ابن مريم,وإنما أنا عبد,فقولوا:عبد الله ورسوله." والإطراء:هو مجاوزة الحد فى المدح, والكذب فيه. وقال-صلى الله عليه وسلم-:"لا تتخذوا قبرى عيدا,ولا تجعلوا بيوتكم قبورا, وصلوا علىَّ حيثما كنتم." وقال للوافد الذى قال له أنت سيدنا وابن سيدنا:"إنما السيد الله." وقال للرجل الذى قال له ما شاء الله وشئت:"أجعلتنى لله ندا؟! بل ما شاء الله وحده." وأنكر على معاذ بن جبل-رضى الله عنه-حين دخل عليه,فسجد له,وقال له:"يا معاذ:لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد, لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها,ولكن لا ينبغى السجود إلا لله." ثم قال له:"أرأيت يا معاذ لو مررت على قبرى,أكنت ساجدا له؟ قال:لا. قال:لا تفعل."
    وعن ابن عباس-رضى الله عنهما-فى قوله-تعالى-:(وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ونسرا) قال:هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح,فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم:أن انصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون فيها أنصابا,وسموها بأسمائهم,حتى إذا هلك أولئك,ونُسى العلم عُبدت.
    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن فى فتح المجيد-رحمه الله-:وهذا يفيد الحذر من الغلو ووسائل الشرك,وإن كان القصد بها حسنا,فإن الشيطان أدخل أولئك فى الشرك من باب الغلو فى الصالحين,والإفراط فى محبتهم.
    قال البوصيرى فى البردة فى النبى-صلى الله عليه وسلم-:
    يا أكرم الخلق ما لى من ألوذ به *** سواك عند حدوث الحادث العممِ
    فهذا البيت وما بعده مضمونهما إخلاص الدعاء واللياذ والرجاء والاعتماد فى أضيق الحالات وأعظم الاضطرار لغير الله-تعالى-
    قال ابن القيم-رحمه الله-:ومن أسباب عبادة الأصنام الغلو فى المخلوق,وإعطاؤه فوق منزلته, حتى جعلوا فيه حظا من الألوهية,وشبهوه بالله-تعالى-وهذا هو التشبيه الواقع فى الأمم,الذى أبطله الله-سبحانه-وبعث رسله وأنزل كتبه بإنكاره والرد على أهله... وقال:وما زال الشيطان يوحى إلى عبَّاد القبور,ويلقى إليهم أن البناء والعكوف عليها من محبة أهل القبور من الأنبياء والصالحين,وأن الدعاء عندهم مستجاب,ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بها,والإقسام على الله بها-فإن شأن الله-تعالى-أعظم من أن يُقسم عليه,أو يُسأل بأحد من خلقه-فإذا تقرر ذلك عندهم,نقلهم منه إلى دعائه وسؤاله الشفاعة من دون الله,واتخاذ قبره وثنا تُعلق عليه القناديل والستور,ويُطاف به,ويُستلم,ويُقبَّل,ويُحج إليه,ويُذبح عنده... فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعاء الناس إلى عبادته,واتخاذه عيدا ومنسكا,ورأوا أن ذلك أنفع لهم فى دنياهم وآخرتهم! وكل ذلك مما قد عُلِمَ بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضاد لما بعث الله به رسوله-صلى الله عليه وسلم-من تجريد التوحيد,وأن لا يُعبد إلا الله... فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إلى أن من نهىعنذلك فقد تنقص أهل هذه الرتب العالية,وحطهم عن منزلتهم,وزعم أنه لا حرمة لهم ولا قدر,فيغضب المشركون,وتشمئز قلوبهم,كما قال-تعالى-:(وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) اهـ
    سرى ذلك فى نفوس كثير من الطغام والجهال,وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين,حتى عادَوْا أهل التوحيد,ورموهم بالعظائم,ونفَّروا الناس عنهم,ووالَوا أهل الشرك,وعظموهم,وزعموا أنهم أولياء الله ودينه ورسوله! ويأبى الله ذلك!!! ( وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة الانفال الاية 34
    وفيما ذكرت فى التنبيه على هذا الأمر-الذى انتشر فى زماننا وبين قومنا انتشار النار فى الهشيم-كفاية لمن كان قلب أو ألقى السمع وهو شهيد,ومن أراد الحق فى هذا الأمر-وغيره- فليرجع إلى دلائل الكتاب والسنة الصحيحة؛فإن فيهما ما يشفى الغليل,ويقيم البراهين,ويدحض الشبهات...وقد تكفل الله-تعالى-بالهداية والسلامة من امتثل ما جاء فيهما,واتبعهما حق الاتباع,قال-تعالى-:(فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا)
    وبما ذكرت من كتاب الله-تعالى-ومن سنة النبى-صلى الله عليه وسلم-قد بان الحق,واستبان منهجه:( فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ )؟!!! سورة يونس الاية 32
    ولقد نهج الخلفاء الراشدون سنة نبيهم-صلى الله عليه وسلم-فى الحَيْطة للتوحيد والمحافظة على حماه المقدس,حتى قيل:إن الفاروق-رضى الله عنه-أمر بقطع شجرة الرضوان التى بايع الصحابة-رضى الله عنهم-رسول الله-صلى الله عليه وسلم-تحتها على الموت عام الحديبية؛لما علم أن بعض الناس يذهبون إليها,ويتعمدون الصلاة عندها. وقال مرة-رضى الله عنه-وهو يستلم الحجر الأسود:اللهم إنى أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع,ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك... وعزل خالدا-رضى الله عنه-عن القيادة فى وقت كانت الآمال كلها متعلقة به؛ليتم ما بدأه من انتصارات على الروم,ولكنه خشى أن يُفتن الناس به,فعزله,وولى مكانه أبا عبيدة بن الجراح... وهذا على-رضى الله عنه-يقول لأبى الهياج الأسدى-رحمه الله-:"ألا أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله؟ أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته,ولا صورة إلا طمستها."
    وعلى هذا المنهج الواضح من المحافظة على التوحيد,سار السلف الصالح وأئمة الهدى من بعدهم,لم يسمحوا لأحد أن يخرق سياج التوحيد,أو يستبيح بيضته,حتى نبتت طوائف الشيعة والمتصوفة,فأعملوا فيه معاول هدمهم؛بغلوهم فى أئمتهم وشيوخهم,وتقديسهم للمشاهد والمزارات,وتبركهم بالآثار والمخلفات,وسجودهم على العتبات,وتقديمهم النذور والقربانات... ومازال الأمر يستفحل,والخطر يشتد,حتى وصل إلى ما نشاهده-الآن-فى معظم بلاد الإسلام من إقامة القباب على القبور,وإنشاء المقاصير لها,وتزيينها بالزخارف,وفرشها بالبسط ,وإيقاد السرج عليها,ووضع صناديق النذور عندها,وفتحها للزائرين والزائرات؛يحجون إليها, ويرتكبون عندها كثيرا من الأعمال الشركية؛كالطواف,والتقبيل,ووضع النذور,والتوسل,والمناجاة,وذبح القرابين,وإقامة المهرجانات الجاهلية التى يسمونها الموالد,إلى غير ذلك مما يئن منه الإسلام,وتتفتت على صخرته كل قواعد التوحيد.
    ولطالما هب الغيورون من علماء هذه الأمة وهداتها,ناصحين لها بالإقلاع عن هذه العادات الشركية,ومنذرين لها بسوء العاقبة إن استمرت على هذه الحال,ولكن جهودهم كانت تضيع سدى؛لأن قوى السلطان لا تسندها,وقد جاء فى الأثر:إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.. وليتها حتى قامت على الحياد فى ذلك الصراع المرير بين جند الرحمن وعسكر الشيطان,بل انحازت بكل ثقلها إلى جحافل الشرك والطغيان,واضطهدت كل داعية إلى التوحيد والإيمان...
    وأختم الكلام عن احتياط الشرع لتوحيد الألوهية بمسألتين أردت أن أرجأهما لأطيل النفس فيهما,بسبب ما فيهما من كثير الجدال,فأردت أن أذكر فيهما ما يحق به الله الحق,ويجليه لكل طالب,ثم يكون لى معذرة عند الله-تعالى-فالله المستعان,وعليه التكلان.

  • #2
    رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

    جزاك الله خيراً اخى الحبيب ونفع الله بك

    واثابك الله الجنه

    ولكن لى عندك رجاء

    الآ وهو انك تقتصر اقل حتى تسهل المتابعه من الاعضاء ومن المراقبين ايضاً

    وبارك الله فيك اخى

    واحبك فى الله
    { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
    سورة الرعد الآية 17

    تعليق


    • #3
      رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

      جزاكم الله خيراً ونفع بكم
      [SWF]http://ia600309.us.archive.org/30/items/TvQuran.com__Flash/TvQuran.com_04.swf[/SWF]

      تعليق


      • #4
        رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

        السلام عليكم ورحمة الله
        أخى هذا بحث طويل وأنا أريد وضعه بأكمله لذلك جعلته على مرات ولم أضعه كله مرة واحدة

        تعليق


        • #5
          رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

          السلام عليكم

          وأختم الكلام عن احتياط الشرع لتوحيد الألوهية بمسألتين أردت أن أرجأهما لأطيل النفس فيهما,بسبب ما فيهما من كثير الجدال,فأردت أن أذكر فيهما ما يحق به الله الحق,ويجليه لكل طالب,ثم يكون لى معذرة عند الله-تعالى-فالله المستعان,وعليه التكلان.
          المسألة الأولى:تحريم إقامة المساجد على القبور:
          إن التوحيدَ رأسُ كل خير,ومصدرُ كل حسنة,والشركَ أصلُ كل شر,وسببُ كل سيئة؛لذا حث ربنا-سبحانه-عباده على التوحيد,وأمرهم بالدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة,ولقد علّم الله الأنبياء والملائكة توحيده-سبحانه-فالملائكة إذا قامت الساعة رفعوا رءوسهم من عبادتهم التى لا يفترون عنها,وقالوا:سبحانك ما عبدناك حق عبادتك,إلا أنا لا نشرك بك شيئا... ودعوة كل الرسل لأقوامهم أن اعبدوا الله ولا تشركوا معه أحدا,فآدم أبو البشر موحد,علم أبناءه التوحيد,وبقى أبناؤه على التوحيد عشرة قرون,حتى جاءت الشياطين فاجتالتهم عنه,وأوقعتهم فى الشرك,فأهلك الله المشركين فى زمان نوح,وأبقى الموحدين,حيث أنجاهم فى الفلك المشحون,لكن الشياطين وسوست لأبنائهم حتى أوقعت أجيالا من أحفادهم فى الشرك,فبعث الله هودا فدعاهم للإيمان,ثم نجى الله الموحدين,وأهلك المشركين,ولكن من ذريتهم خرج قوم ثمود الذين بعث الله فيهم صالحا,فدعاهم إلى التوحيد,فمن آمن نجا,ومن كذب هلك... وهكذا الشيطان يدعو من أطاعه ليشرك بالله رب العالمين,ولقد كانت الحيل التى أوقع الشيطان بسببها الشرك فى هذه الأمم محصورة فى سببين اثنين هما:تعظيم الصور والتماثيل,ورفع القبور والبناء عليها,لذا حرم الله-تعالى-التصوير,وحرم رفع القبور والبناء
          عليها,فهذه دعوة الرسل جميعا,وهى دعوة الإسلام,ولا يجوز أن يُقال:حيث إنها حرمت سدا لذريعة الشرك,فهى تحل فى زمان دون زمان,فقد يدعى مدع أن الناس فى أمن من الشرك اليوم,وهذا وهم خاطىء؛فإن العالم كله قام قومة عجيبة لما هدم الأفغان الصنم المعبود"بوذا" تحت زعم أنه تراث إنسانى,وإن النصارى ملئوا كنائسهم بالصور والتماثيل,واليهود رفعوا قبور من يعظمون من موتاهم,والنصارى أكثر فى ذلك,وصار هذا هو دينهم الذى يحرصون عليه.
          واليوم تعجب أن ترى ممن ينتسبون للعلم فى الإسلام من يُهَوِّنُ من شأن رفع القبور وبناء المساجد عليها والصلاة إليها,وليس ذلك إلا حيلة الشيطان السابقة تتكرر فى الناس اليوم ليوقعهم فى الشرك؛لأنه هو الذنب الذى لا يُغفر.
          لذا فإن كل أهل السنة-فى كل زمان ومكان-ليقفون بالمرصاد لذلك الشرك فى بناء القبور ورفعها,وما يُقام لها من محافل وموالد,وما يُصنع عندها من شركيات وبدع... والعلماء وطلاب العلم لا ينبغى أن يغفلوا عن هذا الأمر أبدا,ولا ينثنى عزمُهم فيه مع كثرة المبتدعة والمهوِّنين من ذلك كله من أصحاب المناصب العالية,والألقاب الضخمة الكبيرة.
          ويخطىء من يظن أننا قد انفردنا وحدنا بالدعوة إلى تأثيم أباطيل القبور وبدعها,وإقامة الأضرحة,ووضع الشموع والقناديل عليها,والطواف حولها,والنذر لساكنيها... فإن هناك لفيفا من خيرة العلماء وثقاتهم,تعرف لهم الأمة قدرهم ومكانتهم العلمية فى الدرس والتحصيل والفتيا,ووصل بعضهم إلى رتبة:شيخ الأزهر,ومفتى الديار,ووزير الأوقاف,كلهم حارب بدع القبور وأباطيلها,وسوف أضَمِّنُ هذا البحث-إن شاء الله-عددا من فتاواهم لتحرير هذه القضية التى عمت وطمت... أقول ذلك دفاعا عن أعراض علماء الأزهر,الذين يحاول بعض الناس أن يشوشها,وينعى عليهم أنهم أهل بدع وشركيات,فالأزهر مؤسسة كأى مؤسسة فيها الصالح والطالح,ولا ينبغى أن يُؤخذ الصالح بذنب الطالح,وما الفتاوى التى سأذكرها-إن شاء الله-إلا انتصارا لعلماء الأزهر ولدعوة التوحيد... وأكرر:لسنا وحدنا فى ذلك الميدان,لأنه دعوة الإسلام... دعوة كافة الأنبياء والمرسلين,فهى دعوة رب العالمين,وهى كلمة الله التى ينبغى أن يجاهد كل مسلم لتكون هى العليا... فلسنا وحدنا يا قوم,بل إن ممن أفتى بأنه لا يجتمع مسجد وقبر فى الإسلام الشيخ/عبد المجيد سليم,شيخ الأزهر,وممن أفتى بحرمة البناء على القبور وتزيينها ووضع القناديل عليها الشيخ/محمود شلتوت,شيخ الأزهر,وكذا لجنة الفتوى بالأزهر الشريف,وممن أفتى بحرمة النذر للأولياء والموتى الشيخ/عبد المجيد سليم,شيخ الأزهر,ووزير الأوقاف د/محمود زقزوق,وكذا أفتى بحرمة الطواف حول القبور والتوسل بالأولياء شيخ الأزهر الشيخ/حسن مأمون,وسأحاول أن أضمن هذا البحث شيئا من فتاواهم-إن شاء الله-
          إن مسألة بناء المساجد على القبور,والصلاة فى هذه المساجد قد خاض فيها بعض الناس بغير علم,وقالوا ما لم يقله مِن قبلهم عالمٌ,لا سيما وأكثر الناس لا معرفة عندهم فيه مطلقا,فهم فى غفلة عنه ساهون,وللحق جاهلون,ويدعمهم فى ذلك سكوت العلماء عنهم-إلا من شاء الله,وقليل ما هم-خوفا من العامة,أو مداهنة لهم فى سبيل الحفاظ على منزلتهم فى صدورهم,متناسين قول الله-تعالى-:(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) وقوله-صلى الله عليه وسلم-فى الحديث الحسن عند ابن حبان والحاكم:"من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار."
          وكان من نتيجة هذا السكوت وذلك الجهل,أن آل الأمر إلى ارتكاب كثير من الناس ما حرم الله
          ولعن فاعله-كما سيأتى-وليت الأمر وقف عند هذا الحد,بل صار بعضهم يتقرب إلى الله-تعالى-بذلك! فترى كثيرا من محبى الخير وعمارة المساجد ينفق أموالا طائلة على هذا الأمر,والله المستعان... وخرج علينا من يسم أهل السنة بكونهم حدثاء الأسنان,فى رسالته الباطلة الموسومة بـ"فيض الرحمن فى الرد على حدثاء الأسنان" وينقل كذبا وافتراء على أهل العلم أنهم أباحوا بناء المساجد على القبور والصلاة فى هذه المساجد,وسيتبين كذبه-إن شاء الله-بل ويصل فى التضليل إلى أعظم من ذلك؛إذ يزعم-افتراء وتضليلا-أننا نكذب على العلماء,
          وبالأخص فضيلة الإمام الأكبر الشيخ/عبد المجيد سليم شيخ الأزهر السابق,حيث ادعى أننا نفترى على فضيلته,وأنه لم يقل بالتحريم,وسيتضح كذبه أيضا-إن شاء الله-عند ذكر فتواه.
          أقول:حيث وقع النزاع بيننا وبين غيرنا فى هذه المسألة,فالواجب أن نرد ذلك إلى الكتاب والسنة,وعلى هذا أجمع المسلمون سلفهم وخلفهم,كما نطق بذلك الكتاب العزيز:(فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) ومعنى الرد إلى الله-تعالى-الرد إلى كتابه,ومعنى الرد إلى الرسول-صلى الله عليه وسلم-الرد إلى سنته الصحيحة بعد وفاته,ولذلك فإنى أطيل النفس-إن شاء الله-فى هذه المسألة-وبعض المسائل القليلة الأخرى التى كثر حولها الجدل فى الأزمان المتأخرة-إحقاقا للحق,وإعذارا إلى الله,وقياما بواجب النصيحة للمسلمين,فالله المستعان,وعليه التكلان.

          تعليق


          • #6
            رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

            المشاركة الأصلية بواسطة محمد زيان مشاهدة المشاركة
            السلام عليكم ورحمة الله
            أخى هذا بحث طويل وأنا أريد وضعه بأكمله لذلك جعلته على مرات ولم أضعه كله مرة واحدة

            جزاك الله خيراً اخى الحبيب

            وبارك الله فيك على نقلك الطيب

            ولكن كل ما قصدته انك تقلل شويه حتى يسهل علينا المتابعه انا اعلم ان البحث طويل ولكن

            حتى يسهل علي انا المتابعه وعلى بقيه الاعضاء والمراقبين ايضاَ وهذا فضلا لا امراً ولك ما شئت

            احبك فى الله
            { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
            سورة الرعد الآية 17

            تعليق


            • #7
              رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

              السلام عليكم
              جزاك الله خيرا أخى الكريم
              بعد أن فهمت قصدك إن شاء الله سأحاول تنفيذ ما تريده
              وأسأل الله أن يجمعنا مع نبيه صلى اله عليه وسلم فى الجنة

              تعليق


              • #8
                رد: سلسلة فى اتخاذ القبور على المساجد

                حكم بناء المساجد على القبور:
                اعلم-رحمك الله-أنه لم يخالف أحد من العلماء الذين يعتد بخلافهم فى حرمة رفع القبور والبناء عليها؛فقد قال علامة اليمن/محمد بن على الشوكانى-ت:1255هـ-فى أول رسالة:شرح الصدور بتحريم رفع القبور صـ17:"اعلم أنه اتفق الناس سابقهم ولاحقهم ,وأولهم وآخرهم,من لدن الصحابة-رضى الله عنهم-إلى هذا الوقت,أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التى ثبت النهى عنها,واشتد وعيد الرسول لفاعلها-كما يأتى بيانه-ولم يخالف فى ذلك أحد من المسلمين." وإليك أخى بعض أدلة الإجماع المذكور:
                *:أحاديث النهى عن اتخاذ القبور مساجد:
                1-روى البخارى ومسلم عن عائشة أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم قال فى مرضه الذى لم يقم منه:"لعن الله اليهود والنصارى ؛اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد." قالت:فلولا ذلك أبرز قبره,غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا.
                وقول أم المؤمنين هذا يدل دلالة واضحة على السبب الذى من أجله دفنوا النبى فى بيته,ألا وهو سد الطريق على من عسى أن يبنى عليه مسجدا,فلا يجوز والحالة هذه أن يتخذ ذلك حجة فى دفن غيره-صلى الله عليه وسلم-فى البيت,يؤيد ذلك أنه خلاف الأصل؛لأن السنة الدفن فى المقابر,ولهذا قال ابن عروة فى الكواكب الدرارى:الدفن فى مقابر المسلمين أعجب إلى أبى عبد الله-يعنى الإمام أحمد-من الدفن فى البيوت؛لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته,وأشبه بمساكن الآخرة,وأكثر للدعاء له والترحم عليه,ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون فى الصحارى. فإن قيل:فالنبى قبر فى بيته,وقبر صاحباه معه؟ قلنا:قالت عائشة:إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجدا,ولأن النبى كان يدفن أصحابه بالبقيع,وفعله أولى من فعل غيره,وإنما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك,ولأنه روى"يدفن الأنبياء حيث يموتون" وصيانة لهم عن كثرة الطرق,وتمييزا له عن غيره"
                وقال ابن حجر فى الفتح:باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور من كتاب الجنائز عند قول عائشة:"ولولا ذلك لأبرز قبره"قال:أى لكشف قبره-صلى الله عليه وسلم-ولم يتخذ عليه الحائل,والمراد الدفن خارج بيته,وهذا قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوى؛ولهذا لما وسع جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة؛حتى لا يتأتى لأحد أن يصلى ‘لى جهة القبر مع استقبال القبلة.اهـ وهذا الكلام من ذلكم العالم الكبير,يدل دلالة قاطعة على كذب من ادعى عليه أنه يجيز الصلاة فى تلك المساجد... قال المخالف فى رسالة:فيض الرحمن صـ4:وقال ابن حجر العسقلانى فى فتح البارى[ج3ص69]:وقد تقدم أن المنع من ذلك إنما هو حال خشية أن يصنع بالقبر كما صنع أولئك الذين لعنوا,وأما إذا أمن ذلك فلا امتناع.اهـ ولو أكمل المخالف كلام ابن حجر لكان حجة عليه,وهذا من التدليس المنافى للأمانة؛فإن ابن حجر قال بعد هذا الكلام مباشرة:قد يقول بالمنع مطلقا من يرى سد الذريعة-أى تعظيم المقبور-وهو هنا متجه قوى.اهـ
                قال المعلق على فتح البارى:هذا هو الحق لعموم الأحاديث الواردة بالنهى عن اتخاذ القبور مساجد,ولعن من فعل ذلك؛ولأن بناء المساجد على القبور من أعظم وسائل الشرك بالمقبورين فيها,والله أعلم.اهـ وقال أبو العباس القرطبى فى المفهم:ولهذا بالغ المسلمون فى سد الذريعة فى قبر الرسول-صلى الله عليه وسلم-فأعلوا حيطان تربته,وسدوا المداخل إليها,وجعلوها محدقة بقبره-صلى الله عليه وسلم-ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين
                ,فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة,فبنوا جدارين من ركنى البر الشماليين وتحرفوهما,حتى التقيا على رأس زاوية مثلث من جهة الشمال,حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره,ولهذا الذى ذكرناه كله قالت عائشة:ولولا ذلك لأبرز قبره.اهـ
                2-روى البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى هريرة-رضى الله عنه-أن النبى-صلى الله عليه وسلم-قال:"قاتل الله اليهود؛اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد."
                3-روى البخارى ومسلم وغيرهما عن عائشة-رضى الله عنها-وابن عباس-رضى الله عنهما-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لما حضرته الوفاة جعل يلقى على وجهه طرف خميصة-ثوب من صوف له أعلام-له,فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول:"لعنة الله على اليهود والنصارى؛اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد." تقول عائشة:يحذر مثل الذى صنعوا.
                قال ابن حجر-رحمه الله-وكأنه-صلى الله عليه وسلم-علم أنه مر تحل من ذلك المرض,فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى,فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم.اهـ يعنى من هذه الأمة,وسيأتى التصريح بنهيهم عن ذلك فتنبه.
                4-روى البخارى ومسلم وغيرهما عن عائشة-رضى الله عنها-قالت لما كان مرض النبى-صلى الله عليه وسلم-تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة,يقال لها مارية-وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة-فذكرن من حسنها وتصاويرها.قالت فرفع النبى-صلى الله عليه وسلم-رأسه فقال:أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنَوْا على قبره مسجدا ثم صوروا تلك الصور,أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة" قال ابن رجب فى فتح البارى:هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين,وتصوير صورهم فيها,كما يفعله النصارى,ولا
                ريب أن كل واحد منهما محرم على انفراده؛فتصوير صور الآدميين يحرم,وبناء القبور على المساجد بانفراده يحرم,كما دلت عليه نصوص أخر,يأتى ذكر بعضها,قال:والتصاوير التى فى الكنيسة التى ذكرتها أم حبيبة وأم سلمة كانت على الحيطان ونحوها,ولم يكن لها ظل,فتصوير الصور على مثال الأنبياء والصالحين للتبرك بها,والاستشفاع بها يحرم فى دين الإسلام,وهو من جنس عبادة الأوثان,وهو الذى أخبر النبى-صلى الله عليه وسلم-أن أهله شرار الخلق عند الله يوم القيامة,وتصوير الصور للتأسى برؤيتها,أو للتنزه بذلك والتلهى محرم,وهو من الكبائر,وفاعله من أشد الناس عذابا يوم القيامة؛فإنه ظالم ممثل بأفعال الله التى لا يقدر على فعلها غيره,وإنه-تعالى-ليس كمثله شىء,لا فى ذاته,ولا فى صفاته,ولا فى أفعاله-سبحانه وتعالى-ولعلى-إن شاء الله-أزيد مسألة التصوير هذه بيانا فى موضعها,فالله الموفق.
                5-روى مسلم وغيره عن جندب بن عبد الله البجلى-رضى الله عنه-أنه سمع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قبل أن يموت بخمس-أى بخمس ليال-وهو يقول:"قد كان لى فيكم إخوة وأصدقاء,وإنى أبرأ-أى أمتنع وأنكر-إلى الله أن يكون لى فيكم خليل,وإن الله-عز وجل-قد اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا,ولو كنت متخذا من أمتى خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا,ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد,ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛فإنى أنهاكم عن ذلك." وروى ابن أبى بإسناد صحيح على شرط مسلم عن الحارث النجرانى-رضى الله عنه-قال:سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قبل أن يموت بخمس-أى بخمس ليال-وهو يقول:"ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد,ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛فإنى أنهاكم عن ذلك."
                6-روى أحمد وغيره عن أبى هريرة-رضى الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال:"اللهم لا تجعل قبرى وثنا,لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد."
                7-روى ابن خزيمة وابن حبان وأحمد وغيرهم عن ابن مسعود-رضى الله عنه-قال:سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول:"إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء,ومن يتخذ القبور مساجد."
                8-روى مسلم فى صحيحه من حديث جابر –رضى الله عنه-قال:نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أن يُجَصَّص القبر,وأن يقعد عليه,وأن يبنى عليه.
                ولهذه الأحاديث شواهد كثيرة من أحاديث جمع من الصحابة,بلغت حد التواتر,وجزم بتواترها جمع من أهل العلم؛انظر رسالة:الأمر بالاتباع للحافظ السيوطى الشافعى صـ9,ورسالة:زيارة القبور للبركونى الحنفى صـ6,وأبو عبد الله الكتانى فى نظم المتناثر من الحديث المتواتر رقم:109,وكنت أود ذكرها لولا خشية الإطالة,ولكن فيما ذكرت كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

                تعليق

                يعمل...
                X