الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينًا، وأنزل علينا القرآن هاديًا ونورًا مبينًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وكفى بربك هاديًا ومعينًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة، فما أعظمه مبلغًا صادقًا وأمينًا، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فلعلكم كلكم تنتظرون مواصلة الحديث حول مواضيع أعمال القلوب، ألا فاعلموا أننا اضطررنا هذه المرة إلى أن نقطع هذه السلسلة المباركة، وذلكم للتحدث عن أمر عظيم وخطر جسيم، خطر يهدد كيان المسلمين، وطوفان عظيم ينبغي لكل غيور على هذا الدين أن يحترز منه، هذا الطوفان هو "التنصير والمنصرون" الذي يحلو لهم أن يسموه: التبشير والمبشرون!!
وكلنا يعلم علم اليقين أنه مهما اجتهد المبطلون، وتحالف الكافرون والمجرمون فإنهم لن يمسوا الإسلام بمثقال حبة من خردل من سوء، فما مثلهم إلا كمثل غلام رمى البحر بحجر.
قال الله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ * هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ[الصف:8، 9].
ولكننا نخشى على المسلمين، إننا نخاف عليهم من الوقوع في حبائل الكائدين، لذلك علينا أن نسعى جاهدين للقيام بواجب الذب عن دين رب العالمين، وكما أننا مستيقنون أن الله هو الخالق ثم نسعى إلى التناسل، وكما أننا موقنون أن الله هو الرازق ثم نسعى إلى ابتغاء الرزق، كذلك علينا أن نسعى إلى نصرة دين الله ونحن موقنون أنه مظهره وناصره، لذلك قال تعالى بعد هاتين الآيتين اللتين تلوناهما عليكم: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10، 11]
لذلك ندعو اليوم قلب كل مؤمن غيور ننادي قلب كل من عرف الإسلام دينا وإقدامًا، وعملاً ورسالة، ولم يعرفه استسلامًا وجمودًا، وخوفًا وترددًا، إلى هذا القلب نقدم نُبذا عن التنصير في العالم بمعرفة وسائله وغايته.
فإننا سنسرد على مسامعكم عشرة وسائل يعتمدها المنصرون في دعوتهم ليكون كل منا على حذر:
1- إنهم يحاولون قدر إمكانهم إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداء لهم، قال القس "صمويل زويمر" في أحد مؤتمراتهم: "يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم"، فتراهم لأجل ذلك يبذلون جميع أموالهم لعقد مؤتمرات تقارب الأديان، وبذلك يُهدم صرح الإيمان الذي يقوم على أعمدة الولاء والبراء، قال تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]، وصدق الله حين قال: وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ ٱلَّذِي جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة:120].
2- قديمًا كانوا لا يرسلون إلا القساوسة والطلبة المتفوقين منهم، أما اليوم فهم يركزون ويرتكزون على النصارى الجدد من العرب للقيام بالدعوة في أماكن العمل وخاصة في ميدان الطب والتعليم، قال القس "صمويل": "تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول منهم ومن صفوفهم".
3- إقامة عدة ندوات ودورات تعليمية للمتنصرين الجدد، لا لتعليمهم النصرانية فقط، بل لتعليمهم اللسان العربي لمعرفة نقط ضعفهم.
4- الحث على اختلاط المسلمين بالنصارى بالتشجيع على السفر إلى بلاد الكفر، ومن لم يسافر إليهم جاؤوه عن طريق "الدّش".
5- التركيز على المراسلات عبر المجلات، وهو ما يسمى بركن التعارف.
6- الاعتماد على الإعلام بجميع وسائله، فمنظمة التنصير تملك أكثر من 1500 محطة راديو وتلفزيون، وإحدى وعشرين ألف (21000) جريدة ومجلة مطبوعة على الورق الممتاز لجلب القراء، ولقد وزعت عام 1984م أربع وستون مليون نسخة إنجيل مجانًا، ولقد كشفت السلطات الجزائرية باخرة معبأة بالأناجيل ولم تقبل دخولها، فهذا الذي كشفته، فما بالك بما مر ولم توضع عليه يد المراقبة؟! ومؤخرًا ظهرت عدة قنوات إذاعية باللغة الأمازيغية تدعو بصراحة متناهية إلى التنصير.
7- انتشرت مؤخرًا في المدة الأخيرة الأشرطة السمعية والبصرية (الفيديو)، وذلك بمختلف اللغات واللهجات المحلية، بل وجدنا هذه الأشرطة في عدة مدارس وثانويات يتناقلها الشباب بينهم.
8- إعادة فتح الكنائس، وقد ذكرت الصحف الوطنية أنه قد دق الناقوس في ثلاث كنائس في القطر الجزائري.
9- تشجيع الحروب والفتن في البلدان الإسلامية لإضعافهم ولإثارة الاضطرابات في صفوفهم، إما بالسلاح أو بالفكر وذلك بإحياء النزعات القبلية، فقد نجحوا في إحياء العصبيات الفرعونية بمصر، والفينيقية بالشام، والآشورية بالعراق، والبربرية بالجزائر.
10- تحرير النسل بين شعوب الكنيسة وتحديده بين شعوب المسلمين.
11- تشجيع الأعمال الخيرية والإغراءات الصريحة، وذلك بمساعدة الفقراء المرضى وإيجاد فرص العمل لمن لجأ إليهم.
كل ذلك ـ عباد الله ـ من وسائلهم التي استطاعوا بها التغلغل في صفوف المسلمين، وأين المسلمون؟؟
أين أمة خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف؟
إنهم في سكرتهم يعمهون، وأمام شاشات الكفار خاشعون، وفي الملاعب يصرخون، والصالحون منهم قليلون..
هذه هي غايتهم العمل على تنصير المسلمين، هكذا كانت في أول ظهور التنصير، أما اليوم فغايتهم ما ورد على لسان القس "صمويل زويمر" حيث قال في مؤتمر لهم: "مهمة التبشير التي ندبتكم إليها الدول المسيحية ليست تحويل المسلمين إلى المسيحية، فإن في هذا تكريمًا لهم، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصير مخلوقًا لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها".
فحان الوقت ـ إخوتي الكرام ـ لأن نستيقظ من السكرة وننتبه من الغفلة، وسنوضح إن شاء الله الوسائل التي تقي المسلمين من هذا السرطان المميت، والطوفان المدمر.
ألا فاستمعوا إلى الأساليب الشرعية للوقاية من التنصير وشره المستطير.
1- تعلُّم العقيدة الإسلامية وأركان الإيمان، وتعليمها للصغار، فإن هؤلاء المنصرين ما لجئوا إلى ما لجئوا إليه إلا ليبعدوا المسلمين عن دينهم وعقيدتهم، لأنهم لا حجة لهم ولا علم، وأيقنوا أن الحجة الظاهرة للمسلمين، وكان أول من حاجهم فبين عورتهم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فعندما أقام عليهم الحجة وأوضح لهم المحجة، ولم يسلموا، ناداهم إلى المباهلة فقال لهم:تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ [آل عمران:61]، فعليكم بالعلم النافع، وذلك بتعلم العقيدة الصحيحة والتوحيد الصحيح، وعلموا ذلك كله أولادكم، فإن صغار اليوم هم رجال الغد، فأحسنوا زرعهم وسقيهم ليؤتوا ثمارهم يانعة نافعة.
علينا ـ معاشر المسلمين ـ أن نسعى جاهدين لإخراج جيل رباني يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ولا يتم ذلك إلا بالتربية الصحيحة والقواعد الصريحة. عيب على أمة عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام، عيب على أتباع هؤلاء أن تكون هوايتهم اليوم سماع الغناء وجمع الطوابع وصيد العصافير والمراسلة!! بعدما كانت هوايتهم بالأمس جمع الأحاديث والآثار ، أو السجود بين يدي العزيز الغفار.
علموا أولادكم حب الله وحب رسوله وحب الصحابة وأبطال الإسلام، فإن المحب بالحبيب يقتدي، والزجاجة الفارغة إن لم تملأها بالماء امتلأت بالهواء.
2- إحياء عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، الولاء هو الحب في الله، والبراء هو البغض في الله، قال الله جل جلاله: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ ٱلْحَقّ [الممتحنة:1]، وقال سبحانه: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاؤاْ مّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:3]، وقال عز وجل: لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله)).
كل هذه النصوص نبذها المسلمون وراء ظهورهم نبذ النواة، وانخدعوا بحضارة زائفة زائلة، فسجدوا في محاريب أفكار النصارى وأفلامهم وعاداتهم، حتى صار المسلم يسبح بحمد حضارتهم التي بنيت على أظهر المسلمين، وصار المسلم بدلاً من أن يفتخر بسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، صار يفتخر بإخوان القردة والخنازير، بالكفرة والمشركين الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، حتى الطفل الصغير أصبح لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أكثر مما يعرفه عن أبطال أفلام المغامرات التافهة، هذه العقلية هي أول نجاح حققه النصارى، فشجعهم على المضي في نشاطهم، أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِى هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِى هُوَ خَيْرٌ [البقرة:61]، فنخشى أن نبوء بغضب على غضب، وتضرب علينا الذلة والمسكنة، والله المستعان لا رب سواه.
3- النهي عن الإقامة بين أهل الكفر والإلحاد، فوالله ما سمح النصارى للمسلمين بدخول بلادهم إلا عندما أيقنوا أن المسلم اليوم بينهم أحد رجلين: رجل انخدع ببريق دنياهم، فسرعان ما يذوب في مجتمعاتهم، أو رجل صالح أغلق باب المسجد على نفسه فلا يضر ولا ينفع، وإلا لو كان المسلم المعاصر صورة طبق الأصل للسلف الصالح لما سمح له بالدخول إليهم. واستمع إلى من أدرك هذه الحقيقة وهو يقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين))، وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ((من عاشر مشركًا فهو مثله)).
فالحذر الحذر من التفكير الذي شاع بين المسلمين، إذ تراهم يرغبون من كل عرق في قلوبهم في الذهاب إلى أراضيهم، فهذا يحتج بطلب العلم، وذاك بطلب القوت، فتراهم يحرصون على غذاء الأبدان، ويغامرون بدين الواحد الديان، إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا [الأنفال:70].
وختامًا، اعلموا أن الثمرة التي نرجوها من وراء هذا الموضوع عن التنصير هو:
- الشعور بخطر التنصير والمنصرين على هذه الأمة، فتسارعوا إلى تعلم دينكم وصيانة رأس مال حياتكم.
- إيقاظ الهمم ودفعها إلى خدمة هذا الدين، ولتلاحظوا الفرق الشاسع بين ما يبذله أعداء الله تعالى في سبيل نصرة باطلهم، وبين ما يبذله المسلمون، فهل نفدت أموال المسلمين؟! أم هل استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة؟! يقول الله جل وعلا: هَا أَنتُمْ هَـؤُلاَء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم [محمد:38].
ألا من مشمر لنصر هذا الدين ؟؟؟
ألا من مشمر ؟؟؟
جزى الله مشايخنا الذين نقلنا عنهم هذا كلام خيرا وجمعنا بهم مع سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فى الجنة
أما بعد: فلعلكم كلكم تنتظرون مواصلة الحديث حول مواضيع أعمال القلوب، ألا فاعلموا أننا اضطررنا هذه المرة إلى أن نقطع هذه السلسلة المباركة، وذلكم للتحدث عن أمر عظيم وخطر جسيم، خطر يهدد كيان المسلمين، وطوفان عظيم ينبغي لكل غيور على هذا الدين أن يحترز منه، هذا الطوفان هو "التنصير والمنصرون" الذي يحلو لهم أن يسموه: التبشير والمبشرون!!
وكلنا يعلم علم اليقين أنه مهما اجتهد المبطلون، وتحالف الكافرون والمجرمون فإنهم لن يمسوا الإسلام بمثقال حبة من خردل من سوء، فما مثلهم إلا كمثل غلام رمى البحر بحجر.
كناطح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
قال الله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ * هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ[الصف:8، 9].
ولكننا نخشى على المسلمين، إننا نخاف عليهم من الوقوع في حبائل الكائدين، لذلك علينا أن نسعى جاهدين للقيام بواجب الذب عن دين رب العالمين، وكما أننا مستيقنون أن الله هو الخالق ثم نسعى إلى التناسل، وكما أننا موقنون أن الله هو الرازق ثم نسعى إلى ابتغاء الرزق، كذلك علينا أن نسعى إلى نصرة دين الله ونحن موقنون أنه مظهره وناصره، لذلك قال تعالى بعد هاتين الآيتين اللتين تلوناهما عليكم: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10، 11]
لذلك ندعو اليوم قلب كل مؤمن غيور ننادي قلب كل من عرف الإسلام دينا وإقدامًا، وعملاً ورسالة، ولم يعرفه استسلامًا وجمودًا، وخوفًا وترددًا، إلى هذا القلب نقدم نُبذا عن التنصير في العالم بمعرفة وسائله وغايته.
فإننا سنسرد على مسامعكم عشرة وسائل يعتمدها المنصرون في دعوتهم ليكون كل منا على حذر:
1- إنهم يحاولون قدر إمكانهم إقناع المسلمين أن النصارى ليسوا أعداء لهم، قال القس "صمويل زويمر" في أحد مؤتمراتهم: "يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم"، فتراهم لأجل ذلك يبذلون جميع أموالهم لعقد مؤتمرات تقارب الأديان، وبذلك يُهدم صرح الإيمان الذي يقوم على أعمدة الولاء والبراء، قال تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]، وصدق الله حين قال: وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ ٱلَّذِي جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة:120].
2- قديمًا كانوا لا يرسلون إلا القساوسة والطلبة المتفوقين منهم، أما اليوم فهم يركزون ويرتكزون على النصارى الجدد من العرب للقيام بالدعوة في أماكن العمل وخاصة في ميدان الطب والتعليم، قال القس "صمويل": "تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول منهم ومن صفوفهم".
3- إقامة عدة ندوات ودورات تعليمية للمتنصرين الجدد، لا لتعليمهم النصرانية فقط، بل لتعليمهم اللسان العربي لمعرفة نقط ضعفهم.
4- الحث على اختلاط المسلمين بالنصارى بالتشجيع على السفر إلى بلاد الكفر، ومن لم يسافر إليهم جاؤوه عن طريق "الدّش".
5- التركيز على المراسلات عبر المجلات، وهو ما يسمى بركن التعارف.
6- الاعتماد على الإعلام بجميع وسائله، فمنظمة التنصير تملك أكثر من 1500 محطة راديو وتلفزيون، وإحدى وعشرين ألف (21000) جريدة ومجلة مطبوعة على الورق الممتاز لجلب القراء، ولقد وزعت عام 1984م أربع وستون مليون نسخة إنجيل مجانًا، ولقد كشفت السلطات الجزائرية باخرة معبأة بالأناجيل ولم تقبل دخولها، فهذا الذي كشفته، فما بالك بما مر ولم توضع عليه يد المراقبة؟! ومؤخرًا ظهرت عدة قنوات إذاعية باللغة الأمازيغية تدعو بصراحة متناهية إلى التنصير.
7- انتشرت مؤخرًا في المدة الأخيرة الأشرطة السمعية والبصرية (الفيديو)، وذلك بمختلف اللغات واللهجات المحلية، بل وجدنا هذه الأشرطة في عدة مدارس وثانويات يتناقلها الشباب بينهم.
8- إعادة فتح الكنائس، وقد ذكرت الصحف الوطنية أنه قد دق الناقوس في ثلاث كنائس في القطر الجزائري.
9- تشجيع الحروب والفتن في البلدان الإسلامية لإضعافهم ولإثارة الاضطرابات في صفوفهم، إما بالسلاح أو بالفكر وذلك بإحياء النزعات القبلية، فقد نجحوا في إحياء العصبيات الفرعونية بمصر، والفينيقية بالشام، والآشورية بالعراق، والبربرية بالجزائر.
10- تحرير النسل بين شعوب الكنيسة وتحديده بين شعوب المسلمين.
11- تشجيع الأعمال الخيرية والإغراءات الصريحة، وذلك بمساعدة الفقراء المرضى وإيجاد فرص العمل لمن لجأ إليهم.
كل ذلك ـ عباد الله ـ من وسائلهم التي استطاعوا بها التغلغل في صفوف المسلمين، وأين المسلمون؟؟
أين أمة خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف؟
إنهم في سكرتهم يعمهون، وأمام شاشات الكفار خاشعون، وفي الملاعب يصرخون، والصالحون منهم قليلون..
هذه هي غايتهم العمل على تنصير المسلمين، هكذا كانت في أول ظهور التنصير، أما اليوم فغايتهم ما ورد على لسان القس "صمويل زويمر" حيث قال في مؤتمر لهم: "مهمة التبشير التي ندبتكم إليها الدول المسيحية ليست تحويل المسلمين إلى المسيحية، فإن في هذا تكريمًا لهم، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصير مخلوقًا لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها".
فحان الوقت ـ إخوتي الكرام ـ لأن نستيقظ من السكرة وننتبه من الغفلة، وسنوضح إن شاء الله الوسائل التي تقي المسلمين من هذا السرطان المميت، والطوفان المدمر.
أظنكم كلكم تقولون معي:
أمـا والله مـا فـي قلوبنـا لغير جلال الله والحق موضع
فقد تصبح الدنيا لإبليس شيعة ونحـن لغيـر الله لا نتشيع
فأيـن إذًا عهد قطعناه لربنـا بأنـا له دون البرية خضـع
فأيـن إذًا عهد قطعناه لربنـا بأنـا له دون البرية خضـع
ألا فاستمعوا إلى الأساليب الشرعية للوقاية من التنصير وشره المستطير.
1- تعلُّم العقيدة الإسلامية وأركان الإيمان، وتعليمها للصغار، فإن هؤلاء المنصرين ما لجئوا إلى ما لجئوا إليه إلا ليبعدوا المسلمين عن دينهم وعقيدتهم، لأنهم لا حجة لهم ولا علم، وأيقنوا أن الحجة الظاهرة للمسلمين، وكان أول من حاجهم فبين عورتهم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فعندما أقام عليهم الحجة وأوضح لهم المحجة، ولم يسلموا، ناداهم إلى المباهلة فقال لهم:تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ [آل عمران:61]، فعليكم بالعلم النافع، وذلك بتعلم العقيدة الصحيحة والتوحيد الصحيح، وعلموا ذلك كله أولادكم، فإن صغار اليوم هم رجال الغد، فأحسنوا زرعهم وسقيهم ليؤتوا ثمارهم يانعة نافعة.
علينا ـ معاشر المسلمين ـ أن نسعى جاهدين لإخراج جيل رباني يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ولا يتم ذلك إلا بالتربية الصحيحة والقواعد الصريحة. عيب على أمة عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام، عيب على أتباع هؤلاء أن تكون هوايتهم اليوم سماع الغناء وجمع الطوابع وصيد العصافير والمراسلة!! بعدما كانت هوايتهم بالأمس جمع الأحاديث والآثار ، أو السجود بين يدي العزيز الغفار.
علموا أولادكم حب الله وحب رسوله وحب الصحابة وأبطال الإسلام، فإن المحب بالحبيب يقتدي، والزجاجة الفارغة إن لم تملأها بالماء امتلأت بالهواء.
2- إحياء عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، الولاء هو الحب في الله، والبراء هو البغض في الله، قال الله جل جلاله: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ ٱلْحَقّ [الممتحنة:1]، وقال سبحانه: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاؤاْ مّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:3]، وقال عز وجل: لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله)).
كل هذه النصوص نبذها المسلمون وراء ظهورهم نبذ النواة، وانخدعوا بحضارة زائفة زائلة، فسجدوا في محاريب أفكار النصارى وأفلامهم وعاداتهم، حتى صار المسلم يسبح بحمد حضارتهم التي بنيت على أظهر المسلمين، وصار المسلم بدلاً من أن يفتخر بسيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، صار يفتخر بإخوان القردة والخنازير، بالكفرة والمشركين الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، حتى الطفل الصغير أصبح لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أكثر مما يعرفه عن أبطال أفلام المغامرات التافهة، هذه العقلية هي أول نجاح حققه النصارى، فشجعهم على المضي في نشاطهم، أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِى هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِى هُوَ خَيْرٌ [البقرة:61]، فنخشى أن نبوء بغضب على غضب، وتضرب علينا الذلة والمسكنة، والله المستعان لا رب سواه.
3- النهي عن الإقامة بين أهل الكفر والإلحاد، فوالله ما سمح النصارى للمسلمين بدخول بلادهم إلا عندما أيقنوا أن المسلم اليوم بينهم أحد رجلين: رجل انخدع ببريق دنياهم، فسرعان ما يذوب في مجتمعاتهم، أو رجل صالح أغلق باب المسجد على نفسه فلا يضر ولا ينفع، وإلا لو كان المسلم المعاصر صورة طبق الأصل للسلف الصالح لما سمح له بالدخول إليهم. واستمع إلى من أدرك هذه الحقيقة وهو يقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين))، وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ((من عاشر مشركًا فهو مثله)).
فالحذر الحذر من التفكير الذي شاع بين المسلمين، إذ تراهم يرغبون من كل عرق في قلوبهم في الذهاب إلى أراضيهم، فهذا يحتج بطلب العلم، وذاك بطلب القوت، فتراهم يحرصون على غذاء الأبدان، ويغامرون بدين الواحد الديان، إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا [الأنفال:70].
وختامًا، اعلموا أن الثمرة التي نرجوها من وراء هذا الموضوع عن التنصير هو:
- الشعور بخطر التنصير والمنصرين على هذه الأمة، فتسارعوا إلى تعلم دينكم وصيانة رأس مال حياتكم.
- إيقاظ الهمم ودفعها إلى خدمة هذا الدين، ولتلاحظوا الفرق الشاسع بين ما يبذله أعداء الله تعالى في سبيل نصرة باطلهم، وبين ما يبذله المسلمون، فهل نفدت أموال المسلمين؟! أم هل استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة؟! يقول الله جل وعلا: هَا أَنتُمْ هَـؤُلاَء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـٰلَكُم [محمد:38].
ألا من مشمر لنصر هذا الدين ؟؟؟
ألا من مشمر ؟؟؟
جزى الله مشايخنا الذين نقلنا عنهم هذا كلام خيرا وجمعنا بهم مع سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فى الجنة
تعليق