إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل





    ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ،
    ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
    وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله .
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [آل عمران:102]
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
    رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء:1]
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
    وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب:70-71]
    أما بعد :
    فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد (صلى الله عليه وسلم )
    ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار .
    ثم أما بعد :




    نحمد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
    ليس كمثله شىء وهو السميع البصير،
    القائل في قرآنه العظيم
    "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
    [ آل عمران : 64 ]
    وهو القائل جل جلاله
    "وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا"
    [ الاسراء : 111 ]
    وهو القائل سبحانه وتعالى
    "وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"
    [ البقرة : 135 ]
    والصلاة والسلام على رسولنا الكريم محمد بن عبد الله وعلى السابقين الأكرمين من الأنبياء والمرسلين ،
    وعلى من تبعهم باحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد :
    لاشك بأن من يغمض عينيه عن الحق ويصم أذنيه دون الحق فإنه لن يضر الحق وإنما سيضر نفسه ...
    وستبقى الشمس ساطعة مضيئة لكل ذي عينين ..
    فإلى كل فرد يبحث عن الحق والنور
    نهدي له هذا الموضوع ..
    والله نسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً له ..
    إنه الموفق لكل خير والمعين عليه .





  • #2
    رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

    شبهات حول القرآن
    **********

    الســـــــــؤال
    مـــــــــا هـــــــــو الـــــقرآن ؟
    الجــــــــواب
    الحـــــــمد لله
    القرآن الكريم هو كلام رب العالمين أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور
    "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ"
    [ الحديد : 9 ]
    وقد بين الله في القرآن الكريم أخبار الأولين والآخرين وخلق السماوات والأرضين وفصل فيه الحلال و الحرام وأصول الآداب والأخلاق وأحكام العبادات والمعاملات وسيرة الأنبياء والصالحين وجزاء المؤمنين والكافرين ووصف الجنة دار المؤمنين ووصف النار دار الكافرين وجعله تبيانـــاً لكل شيء :
    "وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين"
    [ النحل : 89 ]
    وفي القرآن الكريم بيان لأسماء الله وصفاته ومخلوقاته والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
    "آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "
    [ البقرة : 285 ]
    وفي القرآن الكريم بيان لأحوال يوم الدين وما بعد الموت من البعث والحشر والعرض والحساب ووصف الحوض والصراط والميزان والنعيم والعذاب وجمع الناس لذلك اليوم العظيم
    "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُ مْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا"
    [ النساء : 87 ]
    وفي القرآن الكريم دعوة إلى النظر والتفكر في الآيات الكونية والآيات القرآنية
    "قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ"
    [ يونس : 101 ]
    وقال سبحانه
    "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا "
    [ محمد : 24 ]
    والقرآن الكريم كتاب الله إلى الناس كافة
    "إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ"
    [ الزمر: 41 ]
    والقرآن الكريم مصدق لما بين يديه من الكتب كالتوراة والإنجيل ومهيمن عليها كما قال سبحانه و تعالى
    "وَأَنْزَلْ نَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ "
    [ المائدة : 48 ]
    وبعد نزول القرآن أصبح هو كتاب البشرية إلى أن تقوم الساعة فمن لم يؤمن به فهو كافر يعاقب بالعذاب يوم القيامة
    كما قال سبحانه
    "وَالَّذِين َ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ "
    [ الأنعام:49 ]
    ولعظمة القرآن وما فيه من الآيات والمعجزات والأمثال والعبر إلى جانب الفصاحة وروعة البيان قال الله عنه
    "لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"
    [ الحشر : 21 ]
    وقد تحدى الله الإنس والجن على أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله أو آية من مثله فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا
    كما قال سبحانه
    "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا"
    [ الإسراء : 88 ]

    ولما كان القرآن الكريم أعظم الكتب السماوية ، وأتمها و أكملها وآخرها ، أمر الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم
    بإبلاغه للناس كافة بقوله
    "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"
    [ المائدة : 67 ]
    ولأهمية هذا الكتاب وحاجة الأمة إليه فقد أكرمنا الله به فأنزله علينا وتكفل بحفظه لنا فقال
    "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "
    [ الحجر : 9 ]

    من كتاب أصول الدين الإسلامي
    للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .

    تعليق


    • #3
      رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

      تجـــــمـــيع القــــــــرآن
      *******

      الســـــــــؤال :
      من الذي كتب القرآن وكيف تم تجميعه ؟

      الجــــــــــــ ـواب :
      أولا : قد تكفل الله تعالى بحفظ هذا القرآن بنفسه فقال :
      " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "
      [ الحجر:9 ]
      قال ابن جرير الطبري في تفسيره (14/8) :
      يقول تعالى ذكره إنا نحن نزلنا الذكر وهو القرآن وإنا له لحافظون قال وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه اهـ
      وقال السعدي في تفسيره (ص : 696) :
      إنا نحن نزلنا الذكر أي : القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة ، وفيه يتذكر من أراد التذكر .
      وإنا له لحافظون أي : في حال إنزاله وبعد إنزاله ، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله، واستودعه في قلوب أمته ، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص ، ومعانيه من التبديل، فلا يحرف مُحَرِّف معنىً من معانيه إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين، ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم، ولا يسلط عليهم عدوا يجتاحهم اهـ
      أنزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقاً ، على مدى ثلاث وعشرين سنة ،
      قال الله تعالى :
      " وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا "
      [ الإسراء:106 ]
      قال السعدي رحمه الله :
      أي : وأنزلنا هذا القرآن مفرقًا، فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل .
      " لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ"
      أي : على مهل ، ليتدبروه ويتفكروا في معانيه، ويستخرجوا علومه .
      " وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا "
      أي : شيئًا فشيئًا ، مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة اهـ
      تفسير السعدي (ص : 760) .

      *************** *

      ثانيا : كانت الكتابة قليلة في العرب ، وقد وصفهم الله بذلك في قوله :
      "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "
      [ الجمعه : 2 ]
      فكانوا يحفظون القرآن في صدورهم ، وقليل منهم كان يكتب بعض آيات أو سور على الجلود والحجارة الرقاق ونحو ذلك .

      *************** **

      ثالثا : نهى النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر عن كتابة شيءٍ سوى القرآن
      ونهاهم عن كتابة كلامه مؤقتا حتى تتوافر همم الصحابة على حفظ القرآن وكتابته
      ولا يختلط كلام النبي صلى الله عليه وسلم بكلام الله تعالى
      فيبقى القرآن محفوظاً من الزيادة فيه أو النقص .

      ***************

      رابعا: وكَّل النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة الأمناء الفقهاء حتى يكتبوا الوحي ، وهم ما عرفوا في تراجمهم بكتاب الوحي كالخلفاء الأربعة وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن ثابت وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .

      *************** **

      خامساً: أنزل القرآن على سبعة أحرف (القراءات السبعه المعروفة) كما صح ذلك
      عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه . رواه البخاري ( 2287 ) ،
      ومسلم ( 818 ) وهي لغات العرب المشهود لها بالفصاحة .

      ***************

      سادساً : بقي القرآن محفوظاً في صدور الحفاظ من الصحابة وعلى الجلود وغيرها
      إلى زمان الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ،
      وفي حروب الردة قتل كثير من حفاظ القرآن من الصحابة
      فخشي أبو بكر- رضي الله عنه - أن يذهب القرآن ويضيع في صدور الصحابة ،
      فاستشار كبار الصحابة لجمع القرآن كاملا في كتابٍ واحدٍ حتى يبقى محفوظاً من الضياع ، وأوكل المهمة إلى جبل الحفظ زيد بن ثابت رضي الله عنه
      فأخرج البخاري في " صحيحه " ( 4986 )
      عن زَيْدَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي ، فَقَالَ : إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ [أي : كثر] يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ . قُلْتُ : لِعُمَرَ كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ عُمَرُ : هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ . قَالَ زَيْدٌ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لا نَتَّهِمُكَ ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ . قال زيد : فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ . قُلْتُ : كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ : هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ . فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ...) حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ فَكَانَتْ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
      العُسُب : جريد النخل ، كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض .
      واللخاف : الحجارة الرقاق .
      وكان الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه يحفظ القرآن ولكن اتخذ منهجا في التثبت
      فكان لا يقبل أن يكتب آية إلا أن يُشهد على ذلك اثنين من الصحابة أنهما سمعاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
      واستمر هذا المصحف بيد الخلفاء إلى زمن
      الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ،
      وكان الصحابة رضي الله عنهم قد تفرقوا في البلاد وكانوا يقرؤون القرآن على حسب ما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحرف السبعة ،
      فكان تلاميذهم يقرأ كل واحد منهم على حسب ما أقرأه شيخه .
      وكان التلميذ إذا سمع قارئاً يقرأ بخلاف قراءته أنكر عليه وخطأه وهكذا
      حتى خشي بعض الصحابة أن تحدث فتنة بين التابعين ومن بعدهم فرأى أن يجمع الناس على حرف واحد وهو لغة قريش التي نزل القرآن عليها أولاً لرفع الخلاف
      وحسم الأمر فاستشار عثمان رضي الله عنه فوافق على هذا الرأي .
      فروى البخاري في "صحيحه" (4988)
      عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَان َ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاه َا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَأَلْحَقْنَاهَ ا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ .
      وبذلك انقطع الخلاف واتفقت الكلمة وبقي القرآن متواترا ومحفوظا في صدور الرجال إلى يوم القيامة
      وكان هذا من حفظ الله تعالى لكتابه مصداقاً لقوله تعالى
      " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "
      [ الحجر:9 ]

      تعليق


      • #4
        رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

        تنقيــــــط القرآن وتشـــــكيله
        *************

        الســــــــــــ ؤال :
        لقد كتب القرآن الأصلي بدون تنقيط أو تشكيل ولكنه نقط بعد وفاة النبي
        والنقطة في اللغة العربية ربما تقلب المعنى رأسا على عقب،
        فما هي الضمانة على مطابقة القرآن الحالي بالأول؟
        فعلى سبيل المثال لماذا كتبت لفظة خليفة في قوله : إني جاعل في الأرض خليفة .
        لماذا لم تكن خليقة بالقاف ؟! ارجو التوضيح . . .

        الجــــــــــــ واب :
        الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
        قبل أن نبدأ الرد على هذا النصراني نود ان نذكره بأنه اذا كان المصحف قد نقط
        وشكل بعد وفاة النبي فإن الاناجيل التي معه قد كتبت بأكملها بعد المسيح بعشرات السنين !! فتأمل الفرق . وهل يعلم هذا النصراني ان المخطوطات العبرية واليونانية للكتاب المقدس كتبت بدون فواصل بين الكلمات كما أن التشكيل في العبرية بدأ في القرن التاسع الميلادي ؟
        أما الرد على السؤال فنقول وبالله التوفيق :
        يقول الله تعالى
        ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )
        [الحجر:9].
        ومن مظاهر حفظ الله تعالى لكتابه أن هيأ له حفظة ضابطين وكتبة
        متقنين في كل عصر وفي كل مصر.
        وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث
        عندما تنزل عليه الآية يأمر أحد كتّابه فيكتبها في موضع كذا من سورة كذا.
        ولم يكن في ذلك الوقت نقط ولا شكل للحروف،
        ذلك لأن هذا القرآن الكريم منقول بالتواتر بالحفظ بالصدور ،
        فهذا هو الأصل الذي ترجع إليه حتى المصاحف ، ولهذا لو لم يبق في الأرض مصحف مكتوب ، فإنه لا يضيع القرآن ، وإنما كانت ولازالت المصاحف المكتوبة بالنقط ،
        ومن قبل التنقيط ، تقابل على مافي الصدور ،
        ولهذا فإن فائدة التنقيط ليست لحفظ القرآن المنقول بالتواتر ، وإنما لتسهيل القراءة على العامة فحسب ، أما القرآن فإنه محفوظ في الصدور ،
        ومعلوم أن المحفوظ في الصدور منقول بالسماع لا يحتاج فيه إلى تنقيط أصلاً ، ولكن هؤلاء الجهال النصارى يظنون أن القرآن لم يحفظ إلا بالخط المكتوب ، واعتمادا على ذلك فحسب نقله المسلمون !!
        ولو كان الأمر كذلك ، لضاع القرآن وحرّف ، ولهذا قال تعالى
        " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ "
        وفي الحديث الذي رواه مسلم
        (( وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظاناً ))
        أي إن اصله في الصدر ، ليس في قرطاس فيغسل الماء ما فيه ،
        وهو في صدرك محفوظ سواء كنت نائماً أو يقظاناً لا يختلف ، ولا تخاف عليه الضياع ، وهكذا نقل من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم بالتواتر إلى يومنا هذا ، يحفظه الملايين في صدورهم ينقلونه إلى الملايين ، حتى إن كثيراً منهم لا يعرف القراءة وإنما يأخذه بالسماع .
        ولو علم السائل بأن هذا المصحف الذي نقرأه اليوم قد كتب وضُبط وفقاً للروايات الصحيحة للقراء الحفظه لما تجرء وسئل سؤاله . .
        فمن هذه الروايات :
        رواية حفص بن سليمان ابن المغيرة الأسدي الكُوفي لقراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن حبيب السلمي عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم .
        وهي رواية متواترة تلاوةً، وحفظاً، وضبطاً، وتدويناً.
        ان هذا القرآن الكريم قد نقل إلينا نقلاً متواتراً عن الرسول الكريم تنقله أمة الإسلام جيلاً عن جيل يحفظونه في صدورهم ويتناقلون المصحف مكتوباً،
        ولهم أسانيدهم الصحيحة المتصلة التي تصلهم بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا سلم من التغيير والتبديل،
        ولا أدل على ذلك من أنك اليوم بعد أربعة عشر قرناً تقرأ المصحف في أقصى بلاد الشرق ثم تنتقل إلى أقصى بلاد الغرب فتجد المصحف هو هو بلا تبديل ولا تغيير.
        فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقّن القرآن للصحابة رضي الله عنهم جميعا ،
        وكان يحفظه منهم العدد الكبير والعشرات ، وكان بعضهم يختص به أكثر من غيره ،
        ولهذا كان المشتهرون بإقراء القرآن من الصحابة سبعة هم
        عثمان وعلي وأبي وزيد بن ثابت وابن مسعود وأبو الدرداء وأبو موسى الاشعري ،
        كذا ذكرهم الذهبي في طبقات القراء ، وقد قرأ على أبيّ جماعة من الصحابة أيضا منهم أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ، وأخذ ابن عباس عن زيد أيضا ،
        وأخذ عنهم خلق من التابعين ،
        فمنهم من كان بالمدينة ابن المسيب ، وعروة وسالم وعمر بن عبد العزيز
        وسليمان وعطاء ابن يسار ومعاذ بن الحارث المعروف بمعاذ القاري
        وعبد الرحمن بن هرمز والأعرج وابن شهاب الزهري ومسلم بن جندب وزيد بن أسلم ،
        وبمكة : عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وعكرمة بن أبي مليكة ،
        وبالكوفة: علقمة والأسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل والحارث بن قيس والربيع بين خيثم ، وعمرو بن ميمون وأبو عبد الرحمن السلمي ، وزر بن حبيش ، وعبيد بن نضيلة ، وسعيد بن جبير ، والنخعي والشعبي ،
        وبالبصرة : أبو عالية وأبو رجاء ، ونصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر والحسن وابن سيرين وقتادة ،
        وبالشام : المغيرة بن أبي شهاب المخزومي صاحب عثمان ، وخليفة بن سعد صاحب أبي الدرداء ،
        وقد انتشرت القراءة بالقرآن من غير هؤلاء عن غير شيوخهم عن غير أولئك الصحابة رضي الله عنهم ، فهو متواتر ينقله الجيل عن الجيل في صدورهم .

        تعليق


        • #5
          رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

          الرد على من يحاول أن يثبت عدم صحة القرآن الكريم
          *************** *******

          الســــؤال :

          قرأت مؤخرا بحثاً كتبه باحثون ألمان عن صحة القرآن .
          بعض ما قالوه نوقش في مقال في مجلة أتلانتك الشهرية بعنوان "ما هو القرآن ؟
          " كتبه توبي ليستر نُشر في عدد يناير 1999 من تلك المجلة.
          لب القضية كان عن وجود نسخة قديمة جدا من القرآن في مسجد في اليمن
          يرى تحريفاً في القرآن الموجود . في بعض المواضع الكتابة التي كانت توجد في هذه النسخة قد مُسحت وكُتب فوقها .
          المقال يحاول أن يلقي الشبهة للمسلمين في نظرتهم للقرآن بأنه موثوق به تماماً ، وحاول أن يثبت أن القرآن عبارة عن كلام يتعرض للتغيير مثل أي كلام آخر.
          أنا غير مسلمة ولكنني أعلم بأن القرآن له مكانة في الإسلام
          كمكانة المسيح في النصرانية بالنظر لهذا ،
          كيف تجيب على محاولة الذي يريد أن يفند صحة القرآن ؟
          وهل يوجد لديك رد آخر على هذا الهجوم على صدق القرآن ؟.


          الجـــــــــواب :

          1. إن ثبوت صحة ما في أيدينا من نسخ القرآن الكريم لم يثبت عندنا بدليل أو بدليلين ،
          بل ثبت بأدلة كثيرة متوافرة لا يقع عليها عاقل منصف إلا ويقطع أنه هو
          كما أنزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم .
          2. وقد تعاقبت الأجيال جيلاً بعد جيل تتلو كتاب الله وتتدارسه بينهم ، فيحفظونه ويكتبونه ، لا يغيب عنهم حرف ، ولا يستطيع أحد تغيير حركة حرف منه ،
          ولم تكن الكتابة إلا وسيلة من وسائل حفظه وإلا فإن الأصل أن القرآن في صدورهم .
          3. ولم يُنقل القرآن لنا وحده حتى يمكن تطرق التحريف المدَّعى إليه ،
          بل نقل تفسير آياته ، ومعاني كلماته ، وأسباب نزوله ، وإعراب كلماته ، وشرح أحكامه ، فأنَّى لمثل هذه الرعاية لهذا الكتاب أن تتطرق إليه أيدي آثمة تحرِّف فيه حرفاً ،
          أو تزيد كلمة ، أو تسقط آية ؟
          4. وإن تحدَّث القرآن عن أشياء غيبية مستقبلية ،
          أنزلها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ليبيِّن أنه من عند الله ،
          وأن البشر لو أرادوا كتابة كتاب فإنهم قد يبدعون في تصوير حادث ، أو نقل موقف ،
          لكن أن يتحدث أحدهم عن أمر غيبي فليس له في هذا المجال إلا الخرص والكذب ،
          وأما القرآن فإنه أخبر عن هزيمة الروم من قبل الفرس ، وليس هناك وسائل اتصال تنقل لهم هذا الحدث ، وأخبر في الآيات نفسها أنهم سيَغلبون فيما بعد في مدة معينة ،
          ولو أن ذلك لم يكن لكان للكفار أعظم مجال للطعن في القرآن .
          5. ولو جئت إلى آية من كتاب الله تعالى فذهبت إلى أمريكا أو آسيا أو أدغال أفريقيا أو جئت إلى صحراء العرب أو إلى أي مكان يوجد فيه مسلمون
          لوجدت هذه الآية نفسها في صدورهم جميعاً أو في كتبهم لم يتغير منها حرف .
          فما قيمة نسخة مجهولة في ( اليمن ) لم نرها يمكن أن يحرِّف فيها أحد العابثين
          في هذا العصر آية أو كلمة ؟
          وهل يقوم مثل هذا الكلام في سوق البحث والنظر ؟
          وخاصة أن القوم يدَّعون البحث والإنصاف والعدل في القول .
          فماذا يكون رد هؤلاء لو جئنا إلى كتاب من كتبهم الموثوقة لمؤلِّفين معروفين ، ولهذا الكتاب نسخ كثيرة في العالم ، كلها على نسقٍ واحدٍ ،
          ثم ادَّعى مدَّعٍ وجود نسخة من هذا الكتاب في بلدٍ ما ، وفيها زيادات وتحريفات عما في نسخهم ، فهل يعتدون بها ؟
          جوابهم هو جوابنا .
          6. والنسخ المخطوطة عند المسلمين لا تثبت بهذا الشكل الساذج ،
          فعندنا خبراء يعرفون تاريخ الخط ، وعندنا قواعد يضبط فيها إثبات صحة هذه المخطوطة كوجود السماعات والقراءات عليها ، واسم وتوقيع من سمعها وقرأها .
          ولا نظن أن هذا قد وجد في هذه النسخة المزعومة من اليمن أو من غيرها .
          7. ويسرنا أن نختم ردنا بهذه القصة الحقيقية والتي حدثت في بغداد في العصر العباسي ، حيث أراد يهودي أن يعرف صدق الكتب المنسوبة لله من أهلها وهي التوراة عند اليهود ، والإنجيل عند النصارى ، والقرآن عند المسلمين .
          فراح إلى التوراة فزاد فيها ونقص أشياء غير ظاهرة جداً ،
          ثم دفعه إلى ورَّاقٍ – كاتب – منهم وطلب نسخ هذه النسخة ،
          قال : فما هو إلا زمن يسير حتى صارت نسختى في معابد اليهود وبين كبار علمائهم .
          ثم راح إلى الإنجيل فزاد فيه ونقص كما فعل في التوراة ،
          ودفعه إلى ورَّاقهم وطلب نسخه فنسخه ،
          قال : فما هو إلا زمن يسير حتى صار يقرأ في كنائسهم وتتناوله أيدي علمائهم .
          ثم راح إلى القرآن فزاد فيه ونقص كما فعل في التوراة والإنجيل ،
          ودفعه إلى ورَّاق المسلمين لينسخه له .
          فلما رجع إليه لاستلام نسخته ألقاه في وجهه وأعلمه أن هذا ليس قرآن المسلمين !
          فعلم هذا الرجل من هذه التجربة أن القرآن هو كتاب الله بحق وأن ماعداه لا يعدو أن يكون من صنع البشر .
          وإذا كان ورَّاق المسلمين قد علم تحريف هذه النسخة فهل يمكن أن تمشي هذه على علماء المسلمين ؟
          وإذا أرادت السائلة تحويل هذه التجربة القديمة إلى واقع حالي فما عليها إلا أن تفعل فعل ذلك اليهودي الذي أسلم وتزيد وتنقص من هذه الكتب الثلاثة ولتر نتيجة تجربتها .
          ولن نقول لها اعرضي نسختك من القرآن على ورَّاق ، بل سنقول اعرضيها على صبيان وأطفال المسلمين ليكشفوا لك خطأ نسختك !
          وقد طبعت بعض الدول الإسلامية مصاحف فيها أخطاء كان مكتشفها من الأطفال الصغار قبل الكبار .
          والله الهادي .

          تعليق


          • #6
            رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

            شبهة حول صفة مكر الله سبحانه
            ***************

            يثير البعض من جهلة النصارى هذه الشبهة حول صفة المكر لله سبحانه وتعالى
            ويقولون كيف يمكن ان تكون هذه الصفة المذمومة لله سبحانه وتعالى ؟
            وللرد عليهم وتبيان جهلهم ننقل لكم ما جاء في مفردات الراغب الأصفهانى
            أن المكر هو صرف الغير عما يقصده بحيلة ، وذلك ضربان :
            مـــــــكر محـــــــــمود
            وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل ، وعلى ذلك قال سبحانه وتعالى:
            { والله خير الماكرين }
            فلا يكون مكره الا خيرا
            ومــــــــــكر مــــــــــذموم
            وهو أن يتحرى به فعل قبيح ، قال تعالى
            {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}

            فاطر: 43 ،
            فالمكر يكون في موضع مدحاً ويكون في موضع ذماً
            فإن كان في مقابلة من يمكر ، فهو مدح ،
            لأنه يقتضي أنك أنت أقوى منه .
            وإن كان في غير ذلك ، فهو ذم ويسمى خيانة .
            ولهذا لم يصف الله نفسه بصفة المكر على سبيل الاطلاق
            وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها أي على سبيل المقابلة والتقييد
            فيقال : يمكر بأعدائه، أو يمكر بمن يمكر برسله والمؤمنين ،
            وقال تعالى
            { ومكرواً ومكر الله والله خير الماكرين }
            آل عمران : 45
            وقوله تعالى
            {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}
            الأنفال : 30
            وقوله تعالى
            {فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين}
            النمل : 51
            وكذلك قوله سبحانه وتعالى
            (( وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ))
            وقوله : (( وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ))
            أي برسلهم ، وبالحق الذي جاءت به الرسل ، فلم يغن عنهم مكرهم ولم يصنعوا شيئاً ،
            وقوله
            (( فلله المكر جميعاً ))
            أي : لا يقدر أحد أن يمكر مكراً إلا بإذنه ، وتحت قضائه وقدره ومشيئته سبحانه وتعالى .
            فلا عبرة بمكرهم ولا قيمة له ولا يلتفت إليه ، فَلِلَّهِ أَسْبَاب الْمَكْر جَمِيعًا , وَبِيَدِهِ وَإِلَيْهِ , لا يَضُرّ مَكْر مَنْ مَكَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا إلا مَنْ أَرَادَ ضُرّه بِهِ , فلا يَضُرّ الْمَاكِرُونَ بِمَكْرِهِمْ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه أَنْ يَضُرّهُ ذَلِكَ .
            ومن هنا نعرف أن المكر هو التدبير، فإن كان فى شر فهو مذموم ، وإن كان فى خير فهو محمود .
            والآن لنرى بعض الصفات المثبته لله في كتاب النصارى المقدس :
            الجبار :
            ونجدها في مزمور [ 24: 8 ] :
            (( من هو هذا ملك المجد. الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال ))
            القهار :
            ونجدها في سفر أيوب [ 30: 11] :
            (( لانه اطلق العنان وقهرني فنزعوا الزمام قدامي. ))
            المذل :
            ونجدها في سفر دانيال [ 4: 37 ] :
            (( فالآن انا نبوخذناصّر اسبح واعظم واحمد ملك السماء الذي كل اعماله حق وطرقه عدل ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على ان يذلّه ))
            ويقول بولس لأهل كورنثوس :
            (( وأخشى أن يجعلني إلهي ذليلاً بينكم عند مجيئي إليكم مرة أخرى ))
            2 كو 12 : 21. انظر أيضا مزمور 88 : 7 .
            المنتقم :
            ونجدها في مزمور [ 18: 47 ] :
            (( الاله المنتقم لي والذي يخضع الشعوب تحتي ))
            وفي حزقيال (( واجعل نقمتي في ادوم بيد شعبي اسرائيل فيفعلون بادوم كغضبي وكسخطي فيعرفون نقمتي يقول السيد الرب ))
            حزقيال 25 : 14
            الضار :
            ونجدها في سفر الأمثال [ 8 : 36 ] :
            (( ومن يخطئ عني يضر نفسه. كل مبغضي يحبون الموت ))
            خالق الشر :
            ونجدها في سفر اشعيا [ 45 : 7 ] :
            (( مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر. انا الرب صانع كل هذه ))
            مضل :
            ونجدها في الرسالة الثانية إلى تسالونكي [ 2 : 11 ] :
            (( ولاجل هذا سيرسل اليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب ))
            وفي سفر حزقيال [ 14 : 9 ] :
            (( فاذا ضل النبي وتكلم كلاما فانا الرب قد اضللت ذلك النبي ))
            الوارث :
            ونجدها في عبرانيين [ 1 :1 ، 3 ]

            فعلى النصارى أن يقرأوا و يفهموا كتابهم قبل أن يفتروا على الإسلام واهله . . والله المستعان ،،،
            وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،


            تعليق


            • #7
              رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

              الرد على الشبهة الخاصة بالآية (إلا ألقى الشيطان في أمنيته)
              تحت عنوان
              ( وحي من الشيطان )
              *************** **

              كتب أعداء الاسلام ما يلي :

              جاء في سورة الحج
              " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ."
              قال المفسرون : إن محمدا لما كان في مجلس قريش أنزل الله عليه سورة النجم فقرأها حتى بلغ أفرأيتم اللاّت والعزّى ومناة الثالثة الأخرى
              فألقى الشيطان على لسانه ما كان يحدّث به نفسه ويتمناه -
              وهو تلك الغرانيق العُلى وإن شفاعتهن لتُرتَجى .
              فلما سمعت قريش فرحوا به ومضى محمد في قراءته فقرأ السورة كلها،
              وسجد في آخرها وسجد المسلمون بسجوده، كما سجد جميع المشركين. وقالوا: لقد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر. وقد عرفنا أن الله يحيي ويميت ولكن آلهتنا تشفع لنا عنده .
              ونحن نسأل : كيف يتنكر محمد لوحدانية الله ويمدح آلهة قريش ليتقرب إليهم ويفوز بالرياسة عليهم بالأقوال الشيطانية؟ وما الفرق بين النبي الكاذب والنبي الصادق إذا كان الشيطان ينطق على لسان كليهما ؟

              الجـــــــــواب :
              هذا الكلام مبني على رواية باطلة مكذوبة ،
              قال عنها ابن كثير وغيره : " لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح " .
              وقد سئل ابن خزيمة عن هذه القصة فقال : من وضع الزنادقة .
              وقال البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، ورواية البخاري عارية عن ذكر الغرانيق .
              وقال الإمام ابن حزم :
              (( والحديث الذي فيه : وانهن الغرانيق العلا ، وان شفاعتهن لترجى . فكذب بحت لم يصلح من طريق النقل ولامعنى للأشتغال به ، إذ وضع الكذب لا يعجز عنه أحد ))
              [ الاسلام بين الانصاف والجحود ] ص 69
              واستناداً إلى القرآن والسنة واللغة والمعقول والتاريخ نفسه
              فإن هذه الرواية باطلة مكذوبة :
              1- لأن أسانيدها واهية وضعيفة فلا تصح .
              2- لأن النبى صلى الله عليه وسلم معصوم في تبليغه للرسالة محتجين بقوله سبحانه وتعالى :
              (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ))
              [ الحاقة : 44 ]
              3- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحترم الأصنام في الجاهلية إذ لم يعرف عنه أنه تقرب لصنم بل قال :
              (( بغض إلي الأوثان والشعر )) .
              هذا وأليك أيها القارىء الكريم التفصيل من كتاب
              ( نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق )
              للعلامة الالباني رحمه الله :

              أولاً : بين يدي الروايات :
              إن هذه القصة قد ذكرها المفسرون عند قوله تعالى :
              "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)"
              [ الحج ]
              وقد اختلفوا في تفسير قوله تعالى :
              ( تمنى ) و ( أمنيته ) ،
              وأحسن ما قيل في ذلك :
              إن ( تمنى ) من " الأمنية "
              وهي التلاوة ، كما قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل :
              تمنى كتاب الله أول ليلة * * * وآخرها لاقى حِمام المقادر
              وعليه جمهور المفسرين والمحققين ،
              وحكاه ابن كثير عن أكثر المفسرين ،
              بل عزاه ابن القيم إلى السلف قاطبة فقال في
              " إغاثة اللهفان " ( 1 / 93 ) :
              " والسلف كلهم على أن المعنى إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته "
              وبيّنه القرطبي فقال في
              " تفسيره " ( 12 / 83 ) :
              وقد قال سليمان بن حرب : إن ( في ) بمعنى : عند ،
              أي ألقى الشيطان في قلوب الكفار عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم كقوله عز وجل
              : ( ولبثت فينا ) ( الشعراء : 18 ) ،
              أي عندنا ، وهذا هو معنى ما حكاه ابن عطية عن أبيه عن علماء الشرق ، وإليه أشار القاضي أبو بكر بن العربي .
              قلت : وكلام أبي بكر سيأتي في محله إن شاء الله تعالى ،
              وهذا الذي ذكرناه من المعنى في تفسير الآية ،
              هو اختيار الإمام ابن جرير ،
              حيث قال بعد ما رواه عن جماعة من السلف ( 17 / 121 ) :
              " وهذا القول أشبه بتأويل الكلام ، بدلالة قوله تعالى :
              'فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "

              [ الحج :52 ]
              على ذلك ، لأن الآيات التي أخبر الله جل ثناؤه أنه يحكمها لا شك أنها آيات تنزيله ،
              فمعلوم بذلك أن الذي ألقى فيه الشيطان ،
              هو ما أخبر تعالى ذكره أنه نَسَخ ذلك منه وأبطله ثم أحكمه بنسخه ذلك ،
              فتأمل الكلام إذن : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تلا كتاب الله وقرأ أو حدّث وتكلم ،
              ألقى الشيطان في كتاب الله الذي تلاه وقرأه ،
              أو في حديثه الذي حدّث وتكلم ، فينسخ الله ما يلقي الشيطان بقوله تعالى
              : فيُـذْهِب الله ما يلقي الشيطان من ذلك ، على لسان نبيه ويبطله .
              هذا هو المعنى المراد من هذه الآية الكريمة ،
              وهي كما ترى ليس فيها إلا أن الشيطان يلقي عند تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم
              ما يفتتن به الذين في قلوبهم مرض ، ولكن أعداء الدين الذين قعدوا له في كل طريق ، وترصدوا له عند كل مرصد ، لا يرضيهم إلا أن يدسوا فيه ما ليس منه ،
              ولم يقله رسوله ، فذكروا ما ستراه في الروايات الآتية ،
              مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة ، وذلك دَيْدَنهم منذ القديم ،
              كما فعلوا في غير ما آية وردت في غيره صلى الله عليه وسلم من الأنبياء ، كداود ، وسليمان ، ويوسف عليهم الصلاة والسلام ،
              فرووا في تفسيرها من الإسرائيليات ما لا يجوز نسبته إلى رجل مسلم فضلاً عن نبي مُـكَرَّم . كما هو مبين في محله من كتب التفاسير والقصص .
              فَحذارِ أيها المسلم أن تغتر بشيء منها فتكون من الهالكين ،
              و " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " كما قال نبيك صلى الله عليه وسلم
              "وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"
              [ الحج :54 ]

              ثانياً : روايات القصة وعللها :
              بعد أن فرغنا من ذكر الفائدة التي وعدنا بها ،
              أعود إلى ذكر روايات القصة التي وقفنا عليها لكي نسردها رواية رواية ،
              ونذكر عقب كل منها ما فيها من علة فأقول :
              1 ـ عن سعيد بن جبير قال : " لما نزلت هذه الآية ( أفرءيتم اللات والعزى )
              ( النجم : 19 ) ،
              قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
              " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترجى "
              فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
              فقال المشركون : إنه لم يذكر آلهتهم قبل اليوم بخير ، فسجد المشركون معه ،
              فأنزل الله
              : "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ"
              إلى قوله
              " عَذَابُ يَوْمٍ عَظيمٍ "
              [ الحج : 52 ـ 55 ] .
              أخرجه ابن جرير ( 17 / 120 ) من طريقين عن شعبة عن أبي بشر عنه ، وهو صحيح الإسناد إلى ابن جبير ، كما قال الحافظ على ما يأتي عنه ،
              وتبعه السيوطي في " الدر المنثور " ( 4 / 366 ) ،
              وعزاه لابن المنذر أيضاً وابن مردويه بعد ما ساقه نحوه بلفظ
              " ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلى " الحديث ،
              وفيه :
              " ثم جاءه جبريل بعد ذلك ، قال : اعرض علَّي ما جئتك به ، فلما بلغ
              " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترجى "
              قال جبريل : لم آتك بهذا ، هذا من الشيطان !
              فأنزل الله :
              "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ "
              [ الحج :52 ] .
              وهكذا أخرجه الواحدي في " أسباب النزول " من طريق أخرى عن سعيد بن حسن ، كما سيأتي .
              وقد روي موصولاً عن سعيد ، ولا يصح :
              رواه البزار في " مسنده " عن يوسف بن حماد عن أمية بن خالد ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ـ فيما أحسبه ،
              الشك في الحديث ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بمكة سورة ( النجم ) حتى انتهى إلى قوله : ( أفرءيتم اللات والعزى ) ( النجم : 19 ) ، وذكر بقيته ،
              ثم قال البزار :
              " لا نعلمه يروى متصلاً إلا بهذا الإسناد ، تفرد بوصله أمية ابن خالد وهو ثقة مشهور ، وإنما يروى هذا من طريق الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس " كذا في " تفسير ابن كثير " ( 3 / 129 ) .
              وعزا الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 4 / 144 )
              هذه الرواية " للبزار ، والطبري ، وابن مردويه " وعزوه للطبري سهو ،
              فإنها ليست في تفسيره فيما علمت ـ إلا إنْ كان يعني غير التفسير من كتبه ،
              وما أظن يريد ذلك ، ويؤيدني أن السيوطي في " الدر " عزاها لجميع هؤلاء إلا الطبري ، إلا أن السيوطي أوهم أيضاً حيث قال عطفاً على ما ذكر :
              والضياء في " المختارة " بسند رجاله ثقات ، من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ،
              فذكر الحديث مثل الرواية المرسلة التي نقلناها آنفاً عن الدر نفسه ، ومحل الإيهام هو قوله : " بسند رجاله ثقات " بالإضافة إلى أنه أخرجه الضياء في " المختارة "
              فإن ذلك يوهم أنه ليس بمعلول ، وهذا خلاف الواقع ،
              فإنه معلول بتردد الراوي في وصله كما نقلناه عن " تفسير ابن كثير "
              وكذلك هو في " تخريج الكشاف " وغيره ،
              وهذا ما لم يرد ذِكرُه في سياق السيوطي ، ولا أدري أذلك اختصار منه ،
              أم من بعض مخرجي الحديث ؟ وأياً ما كان ، فما كان يليق بالسيوطي أن يغفل هذه العلة ، لا سيما وقد صرح بما يشعر أن الإسناد صحيح ،
              وفيه من التغرير ما لا يخفى ، فإن الشك لا يوثق به ، ولا حقيقة فيه ،
              كما قال القاضي عياض في " الشفاء " ( 2 / 118 )
              وأقره الحافظ في " التخريج " لكنه قال عقب ذلك :
              " ورواه الطبري من طريق سعيد بن جبير مرسلاً ، وأخرجه ابن مردويه من طريق أبي عاصم النبيل ، عن عثمان بن الأسود ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس نحوه ، ولم يشك في وصله ، وهذا أصح طرق الحديث . قال البزار . . . " .
              قلت : وقد نقلنا كلام البزار آنفاً ، ثم ذكر الحافظ المراسيل الآتية ، ثم قال :
              " فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضاً " .

              قلت : وفي عبارة الحافظ شيء من التشويش ، ولا أدري أذلك منه ، أم من النساخ ؟ وهو أغلب الظن ، وذلك لأن قوله : " وهذا أصح طرق هذا الحديث " إن حملناه على أقرب مذكور ، وهو طريق ابن مردويه الموصول كما هو المتبادر ، منعنا من ذلك أمور :
              الأول : قول الحافظ عقب ذلك : " فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضاً " ، فإن فيه إشارة إلى أن ليس هناك إسناد صحيح موصول يعتمد عليه ، وإلا لَعرَّج عليه وجعله أصلاً , وجعل الطريق المرسلة شاهدة ومُقَوية له ، ويؤيده الأمر الآتي وهو :
              الثاني : وهو أن الحافظ لما رَدّ على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك ، قال الحافظ :
              " أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلاً ( قلت : يعني في رواته ) ، فإن الجميع ثقات ، وأما الشك فيه ، فقد يجيء تأثيره ولو فرداً غريباً ـ كذا ـ لكن غايته أن يصير مرسلاً ، وهو حجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة ، وهو حجة إذا اعتضد عند من يَرُدّ المرسل ، وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات " .
              فقد سلَّم الحافظ بأن الحديث مُرْسَلٌ ، ولكن ذهب إلى تقويته بكثرة الطرق ، وسيأتي بيان ما فيه في ردنا عليه قريباً إن شاء الله تعالى .
              فلو كان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحاً عند الحافظ ، لرد به على القاضي عياض ، ولما جعل عمدته في الرد عليه هو كثرة الطرق ، وهذا بين لا يخفى .
              الثالث : أن الحافظ في كتابه " فتح الباري " لم يُشِرْ أدنى إشارة هذه الطريق فلو كان هو أصح طرق الحديث ، لذكره بصريح العبارة ، ولجعله عمدته في هذا الباب كما سبق .
              الرابع : أن من جاء بعده ـ كالسيوطي وغيره ـ لم يذكروا هذه الرواية .
              فكل هذه الأمور تمنعنا من حمل اسم الإشارة ( هذا ) على أقرب مذكور ، وتضطرنا إلى حمله على البعيد ، وهو الطريق الذي قبل هذا ، وهو طريق سعيد بن جبير المرسل . وهو الذي اعتمده الحافظ في " الفتح " وجعله أصلاً ، وجعل الروايات الأخرى شاهدة له ، وقد اقتدينا نحن به ، فبدأنا أولاً بذكر رواية ابن جبير هذه ، وإن كنا خالفناه في كون هذه الطرق يقوي بعضها بعضاً .
              قلت : هذا مع العلم أن القدر المذكور من إسناد ابن مردويه الموصول رجاله ثقات رجال الشيخين ، لكن لا بد أن تكون العلة فيمن دون أبي عاصم النبيل ، ويقوي ذلك ، أعني كون إسناده مُعَلاًّ أنني رأيت هذه الرواية أخرجها الواحدي في " أسباب النزول " ( ص 233 ) من طريق سهل العسكري قال : أخبرني يحيى ( قلت : هو القطان ) عن عثمان بن الأسود ، عن سعيد بن جبير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، فألقى الشيطان على لسانه : " تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى " ففرح بذلك المشركون ، وقالوا : قد ذكر آلهتنا ، فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اعرض علّي كلام الله ، فلما عرض عليه ، قال : أما هذا فلم آتك به ، هذا من الشيطان ، فأنزل الله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) الآية ( الحج : 52 ) .
              فرجع الحديث إلى أنه ـ عن عثمان بن الأسود عن سعيد ـ مرسل ، وهو الصحيح ، لموافقته رواية عثمان هذه رواية أبي بشر عن سعيد .
              ثم وقفت على إسناد ابن مردويه ومتنه ، بواسطة الضياء المقدسي في " المختارة " ( 60 / 235 / 1 ) بسنده عنه قال : حدثني إبراهيم بن محمد : حدثني أبو بكر محمد بن علي المقري البغدادي ، ثنا جعفر بن محمد الطيالسي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن عَرْعَرة ، ثنا أبو عاصم النبيل ، ثنا عثمان بن الأسود ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس :
              أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، تلك الغرانيق العلى ، وشفاعتهن ترتجى " ، ففرج المشركون بذلك ، وقالوا : قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل ، فقال : اقرأ علّي ما جئتك به ، قال : فقرأ ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، تلك الغرانيق العلى ، وشفاعتهن ترتجى ، فقال : ما أتيتك بهذا ، هذا عن الشيطان ، أو قال : هذا من الشيطان ، لم آتك بها ! فأنزل الله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) إلى آخر الآية " .
              قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات وكلهم من رجال " التهذيب " إلا من دون ابن عرعرة ، ليس فيهم من ينبغي النظر فيه غير أبي بكر محمد بن علي المقري البغدادي ، وقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " فقال ( 3 / 68 ـ 69 ) :
              " محمد بن علي بن الحسن أبو بكر المقرىء ، حدث عن محمود ابن خداش ، ومحمد بن عمرو ، وابن أبي مذعور . روى عنه أحمد بن كامل القاضي ، ومحمد بن أحمد بن يحي العطشي " ثم ساق له حديثاً واحداً وقع فيه مكناً بـ ( أبي حرب ) ، فلا أدري أهي كنية أخرى له ، أم تحرفت على الناسخ أو الطابع ، ثم حكى الخطيب عن العطشي أنه قال : " توفي سنة ثلاثمائة " ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو مجهول الحال ، وهو علة هذا الإسناد الموصول ، وهو غير أبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم الأصبهاني المشهور بابن المقرىء ، الحافظ الثقة ، فإنه متأخر عن هذا نحو قرن من الزمان ، وهو من شيوخ ابن مردويه مات سنة ( 381 ) إحدى وثمانين وثلاثمائة ، ووقع في " التذكرة " ( 3 / 172 ) " ومائتين " وهو خطأ .
              فثبت مما تقدم صواب ما كنا جزمنا به قبل الإطلاع على إسناد ابن مردويه " أن العلة فيه فيمن دون أبي عاصم النبيل " ، وازددنا تأكداً من أن الصواب عن عثمان بن الأسود إنما هو عن سعيد بن جبير مرسلاً كما رواه الواحدي ، خلافاً لرواية ابن مردويه عنه .
              وبالجملة ، فالحديث مرسل ، ولا يصح عن سعيد بن جبير موصولاً بوجه من الوجوه .
              2 ـ عن ابن شهاب : حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قرأ عليهم : ( والنجم إذا هوى ) ( النجم : 1 ) ، فلما بلغ ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، قال : " إن شفاعتهن ترتجى " سها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا بذلك ، فقال لهم : إنما ذلك من الشيطان ، فأنزل الله : ( ومأ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) حتى بلغ ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) ( الحج : 52 ) .
              رواه ابن جرير ( 17 / 121 ) وإسناده إلى أبي بكر بن عبد الرحمن صحيح ، كما قال السيوطي تبعاً للحافظ ، لكن علته أنه مرسل [3] وعزاه السيوطي لعبد بن حميد أيضاً ، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب قال : فذكره مطولاً ، ولم يذكر في إسناده أبا بكر بن عبد الرحمن ، فهو مرسل ، بل معضل ، ولفظه كما في " ابن كثير " و " الدر " :
              " لما أنزلت سورة ( النجم ) ، وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير ، أقررناه وأصحابه ، ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم ، وأحزنته ضلالتهم ، فكان يتمنى كفَّ أذاهم , ( وفي " ابن كثير " هدايتهم " ) ، فلما أنزل الله سورة " والنجم " قال : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الطواغيت ، فقال : " وإنهن لَهن الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لَهِيَ التي تُرتَجى " فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته ، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة ، ودلقت بها ألسنتهم ، وتباشروا بها ، وقالوا : إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر ( النجم ) سجد وسجد كلُّ من حضر من مسلم ومشرك ، ففشت تلك الكلمة في الناس ، وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة ، فأنزل الله ( ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) ( الحج : 52 ) ، فلما بيّـن الله قضاءه ، وبرّأه من سجع الشيطان ، انقلب المشركون بضلالتهم وعدوانهم للمسلمين ، واشتدوا عليه " [4] .
              وأخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " عن موسى بن عقبة ساقه من " مغازيه " بنحوه لم يذكر ابن شهاب كما في " الدر " ( 4 / 367 ) وغيره .

              3 ـ عن أبي العالية قال : قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جلساؤك عبيد بني فلان ، ومولى بني فلان ، فلو ذكرت آلهتنا بشيء جالسناك ، فإنه يأتيك أشرف العرب ، فإذا رأوا جلساءك أشرف قومك كان أرغب لهم فيك ، قال : فألقى الشيطان في أمنيته ، فنزلت هذه الآية : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، قال : فأجرى الشيطان على لسانه : " تلك الغرانيق العلى ، وشفاعتهن ترتجى ، مثلهن لا ينسى " قال : فسجد النبي صلى الله عليه وسلم حبن قرأها وسجد معه المسلمون والمشركون ، فلما علم الذي أجري على لسانه ، كبر ذلك عليه ، فأنزل الله : ( ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) إلى قوله ( والله عليم حكيم ) ( 52 ) ( الحج ) .
              أخرجه الطبري ( 17 / 120 ) من طريقين عن داود بن أبي هند عنه ، وإسناده صحيح إلى أبي العالية ، لكن علته الإرسال ، وكذلك رواه ابن المنذر ، وابن أبي حاتم .
              4 ـ عن محمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن قيس قالا :
              " جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناد من أندية قريش كثير أهله ، فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه ، فأنزل الله عليه : ( والنجم إذا هوى ( 1 ) ما ضل صاحبكم وما غوى ( 2 ) ) ( النجم ) فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، ألقى عليه الشيطان كلمتين : " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى " فتكلم بها ثم مضى ، فقرأ السورة كلها ، فسجد في آخر السورة ، وسجد القوم جميعاً معه ، ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه ، وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود ، فرضوا بما تكلم به ، وقالوا : قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ، وهو الذي يخلق ويرزق ، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده ، إذا جعلتَ لها نصيباً فنحن معك ، قالا : فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة ، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال : ما جئتك بهاتين ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افتريت على الله ، وقلت ما لم يقل ، فأوحى الله إليه : ( وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينآ إليك لتفتري علينا غيره ) [5] إلى قوله : ( ثم لا تجد لك علينا نصيراً ( 75 ) ) ( الإسراء ) ، فما زال مغموماً مهموماً حتى نزلت عليه : ( ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى . . . ) ( الحج : 52 ) ، قال : فسمع كل من المهاجرين بأرض الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا كلهم ، فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا : هو أحب إلينا ، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان " .
              أخرجه ابن جرير ( 17 / 119 ) عن طريق أبي معشر عنهما ، وأبو معشر ضعيف ، كما قال الحافظ في " التقريب " واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي .
              ثم أخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد المدني ، عن محمد بن كعب القرظي وحده به أتمّ منه ، وفيه : " فلما سمعت قريش ذلك فرحوا ، وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم ، فأصاخوا له ، والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاء به عن ربهم ، ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل ، الحديث " .
              ويزيد هذا ثقة ، لكن الراوي عنه ابن إسحاق مدلس ، وقد عنعنه .
              5 ـ عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين ، فألقى الشيطان في أمنيته فقال : " إن الآلهة التي تدعى ، إن شفاعتهن لترتجى ، وإنها لَلْغرانيق العلى " فنسخ الله ذلك ، وأحكم الله آياته : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) [6] حتى بلغ ( من سلطان ) ( النجم ) ، قال قتادة : لما ألقى الشيطان ما ألقى ، قال المشركون : قد ذكر الله آلهتهم بخير ، ففرحوا بذلك ، فذكر قوله : ( ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض ) ( الحج : 53 ) .
              أخرجه ابن جرير ( 17 / 122 ) من طريقين عن معمر عنه ، وهو صحيح إلى قتادة ، ولكنه مرسل أو معضل . وقد رواه ابن أبي حاتم كما في " الدر " بلفظ أتم منه وهو : " قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام ، نعس ، فألقى الشيطان على لسانة كلمة فتكلم بها ، وتعلق بها المشركون عليه ، فقال : ( أفرءئتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، فألقى الشيطان على لسانه ولغى : " وإن شفاعتهن لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلى " فحفظها المشركون ، واخبرهم الشيطان أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها ، فذلت بها ألسنتهم ، فأنزل الله : ( ومأ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) الآية ( الحج : 52 ) ، فدحر الله الشيطان ولقن نبيه حجته " .
              6 ـ عن عروة ـ يعني ابن الزبير ـ في تسمية الذين خرجوا إلى أرض الحبشة المرة الأولى ( قلت وفيه : ) " فقال المشركون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير ، أقررناه وأصحابه ، فإنه لا يذكر أحداً ممن خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر ، فلما أنزل الله ( عز وجل ) السورة التي يذكر فيها : ( والنجم ) وقرأ : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ) ( النجم ) ، ألقى الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال : " وإنهن لَمِنَ الغرانيق العُلى ، وإن شفاعتهم لتُرتجى " وذلك من سجع الشيطان وفتنته ، فوقعت هاتان الكلماتان في قلب كل مشرك وذلت بها ألسنتهم ، واستبشروا بها ، وقالوا : إن محمداً قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر السورة التي فيه ( النجم ) سجد وسجد معه كل من حضره من مسلم ومشرك ، غير أن الوليد بن المغيرة ـ كان رجلاً كبيراً ـ ، فرفع مِلْءَ كفه تراباً فسجد عليه ، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما المسلمون فعجبوا من سجود المشركين من غير إيمان ولا يقين ، ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان على ألسنة المشركين ـ وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ] وأصحابه لما سمعوا الذي ألقى الشيطان في أمنتة النبي صلى الله عليه وسلم [ وحدثهم الشيطان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأها في ( السجدة ) ، فسجدوا لتعظيم آلهتهم ، ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت الحبشة . . فكَـبُـرَ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أمسى أتاه جبريل ] عليه السلام ، فشكا إليه ، فأمره فقرأ عليه ، فلما بلغها تبرأ منها جبريل عليه السلام [ * وقال : معاذ الله من هاتين ، ما أنزلهما ربي ، لا أمرني بهما ربك ! ! فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شق عليه ، وقال :
              أطعتُ الشيطان ، وتكلمتُ بكلامه وشركني في أمر الله ، فنسخ الله ] عز وجل [ ما ألقى الشيطان ، وأنزل عليه : ( ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) إلى قوله : ( لفي شقاق بعيد ( 53 ) ) ( الحج ) . فلما برأه الله عز وجل من سجع الشيطان وفتنته انقلب المشركون بضلالهم وعداوتهم " .
              رواه الطبراني هكذاً مرسلاً ، كما في " المجمع " ( 6 / 32 ـ 34 و 7 / 70 ـ 72 ) [7] وقال :
              " وفيه ابن لهيعة ، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة " .

              تعليق


              • #8
                رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل


                7- عن صالح قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: إن ذكر آلهتنا بخير ذكرنا إلهه بخير، فألقى في أمنيته: (أفرئيتم اللات و العزى * ومناة الثالثة الأخرى) [النجم]، "إنهن لفي الغرانيق العلى و إن شفاعتهن لترتجى" قال: فأنزل الله (و ما أرسلنا من قبلك من رسولٍ و لا نبيٍ ...) الآية [الحج:52].
                أخرجه عبد حُميد كما في "الدر" (4/366 من طريق السدي عنه، و أخرجه ابن أبي حاتم السدي لم يتجاوزه بلفظ:
                "قال: خرج النبي صلى الله عليه و سلم إلى المسجد ليصلي فبينما هو يقرأ، إذ قال: (أفرئيتم اللات و العزى * و مناة الثالثة الأخرى) [النجم]، فألقى الشيطان على لسانه فقال: "تلك الغرانيق العلى، و إن شفاعتهن لترتجى" حتى إذا بلغ آخر السورة سجد و سجد أصحابه، و سجد المشركون لذكر آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا به قطري مكة يقولون: نبي بني عبد مناف، حتى إذا جاء جبريل عرض عليه فقرأ ذينك الحرفين، فقال جبريل: معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا! فاشتد عليه، فأنزل الله يطيب نفسه: ( و ما أرسلنا من قبلكَ...) الآية [الحج:52]
                قلت : وقد رُوي موصولاً عن ابن عباس أخرجه ابن مرديه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. و هذا إسناد ضعيف جداً، بل موضوع، فقد قال سفيان: " قال لي الكلبي: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب"، و الكلبي هذا اسمه محمد بن السائب، و قد كان مفسراً نسّابة أخبارياً. وقال ابن حبان: كان الكلبي سبائياً من أؤلئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت و أنه راجع إلى الدنيا، و يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، و إن رأوا سحابة قالوا: أمير المؤمنين فيها". قال: و مذهبه في الدين، و وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه، و يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير، و أبو صالح لم ير ابن عباس و لا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف، لا يحل ذكره في الكتب، فكيف الاحتجاج به؟![8]
                و روي من وجوه أخرى عن ابن عباس سيأتي ذكرها، لا يصح شيء منها.
                8- عن الضحاك قال: في قوله ( وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ و لا نبي ٍ) الآيه [الحج:52] فإن نبي الله صلى الله عليه و سلم و هو بمكه أنزل الله عليه في آلهة العرب، فجعل يتلو اللات و العُزّى، و يُكثر من ترديدها، فسمع أهل مكه النبي صلى الله عليه و سلم يذكر آلهتهم، ففرحوا بذلك، و دنوا يستمعون، فألقى الشيطان في تلاوة النبي صلى الله عليه و سلم: "تلك الغرانيق العلى، و منها الشفاعة ترتجى" فقرأها النبي صلى الله عليه و سلم كذلك، فأنزل الله عليه: ( وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ و لا نبيٍ ) إلى قوله: (و الله عليمٌ حكيمٌ*52*) [الحج].
                أخرجه ابن جرير (17/121) قال: حدثت عن الحسين يقول: سمعت معاذاً يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت معاذاً يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول:
                قلت : وهذا إسناد ضعيف منقطع مرسل، الضحاك هذا الظاهر أنه ابن مزاحم الهلالي الخرساني، هو كثير الإرسال، كما قال الحافظ، حتى قيل: إنه لم يثبت له سماع من أحد من الصحابه، و الراوي عنه عبيد لم أعرفه ، و ابو معاذ الظاهر أنه سليمان بن أرقم البصري، و هو ضعيف، كما في "التقريب"، و الراوي عنه الحسين هو ابن الفرج أبو علي و قيل: أبو صالح، و يعرف بابن الخياط و البغدادي، و هو ضعيف متروك، و له ترجمه في "تاريخ بغداد" و "الميزان" و "اللسان" ثم شيخ ابن جرير فيه مجهول لم يُسَمَّ.
                9- عن محمد بن فضالة الظفري، و المطلب بن عبدالله بن حنطب قالا: "رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم من قومه كفّاً عنه، فجلس خالياً، فتمنى فقال: ليته لا ينزل عليّ شيء ينفّرهم عني، و قارب رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه، و دنا منهم، و دنوا منه، فجلس يوماً مجلساً في ناد من تلك الأندية حول الكعبة، فقرأ عليهم (و النجم إذا هوى ) [النجم]، حتى إذا بلغ : ( أفرأيتم الاّت و العزى (19) ومناة الثالثة الأخرى ) [النجم]، ألقى الشيطان كلمتين على لسانه : "تلك الغرانيق العلى، و إن شفاعتهن لترتجى"، فتكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم بهما ثم مضى، فقرأ السورة كلها، و سجد و سجد القوم جميعاً، و رفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه، و كان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، و يقال: إن أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ تراباً فسجد عليه رفعه الى جبهته، و كان شيخاً كبيراً، فبعض الناس يقول: إنما الذي رفع التراب الوليد، و بعضهم يقول: أبو أحيحة، و بعضهم يقول: كلاهما جميعاً فعل ذلك. فرفضوا بما تكلم به رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالوا قد عرفنا أن الله يحيي و يميت، و يخلق و يرزق، و لكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، و أما إذ جعلت لها نصيباً فنحن معك، فكبُر ذلك على رسول الله صلى الله عليه و سلم من قولهم، حتى جلس في البيت، فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام، فعَرَض عليه السورة فقال جبريل: جئتك [10]بهاتين الكلمتين؟!! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: قُلـتُ على الله ما لم يقل، فأوحى الله إليه: (و إن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره و إذاً لا تخذوك خليلاً (73) و لولا أن ثبتناك لقد كِدت تركنُ إليهم شيئاً قليلاً (74) إذاً لأذقناك ضعفَ الحياة و ضعفَ المماتِ ثمّ لا تجدُ لك علينا نصيراً ) [الإسراء].
                أخرجه ابن سعيد في "الطبقات" (ج1 ق1 ص 137) [11]: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يونس بن محمد بن فضالة الظفري عن أبيه، قال: و حدثني كثير بن زيد عن المطلب بن عبدالله بن حنطب قالا:
                قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً، لأن محمد بن عمر، هو الواقدي، قال الحافظ في "التقريب": "متروك مع سعة علمه". و شيخه في الإسناد الأول يونس بن محمد، و والده محمد بن فضالة، لم أجد لهما ترجمة، ثم رأيت ابن أبي حاتم أوردهما (4/1/55 و 4/2/246) و لم يذكر فيهما جرحاً و لا تعديلاً. و في إسناده الثاني كثير بن زيد وهو الأسلمي المدني مُختَلف فيه، قال الحافظ: "صدوق يخطيء".
                ثم هو مرسل فإن المطلب بن عبدالله بن حنطب كثير التدليس و الإرسال، كما في "التقريب". و لذلك قال القرطبي بعد أن ساق الرواية الثانية، و حُكي عن النحاس تضعيفها كما سبق نقله عنه هناك قال: قلت: فذكره مختصراً ثم قال:
                " قال النحّاس : هذا حديث مُنكَر منقطع، و لا سيما من حديث الواقدي".
                10- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ سورة (النجم) و هو بمكة، فأتى على هذه الآية (أفرأيتم اللات و العزى (19) و مناة الثالثة الأخرى (20)) [النجم] فألقى الشيطان على لسانه "أنهن الغرانيق العلى" فأنزل الله: (و ما أرسلنا من قبلك ...) الآية [الحج: 52]، و كذا أورده السيوطي في "الدرر المنثور" (4/267) وقال:
                "أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، و من طريق أبي بكر الهذلي و أيوب عن عكرمة عن ابن عباس، و من طريق سليمان التيمي عمن حدثه عن ابن عباس".
                قلت : فهذه طرق ثلاث عن ابن عباس و كلها ضعيفه.
                أما الطريق الأولى : ففيها الكلبي و هو كذّاب كما تقدم بيانه قريباً.
                و أما الطريق الثانية : ففيها من لم يسمّ.
                و أما الطريق الثالثة : ففيها أبو بكر الهذلي. قال الحافظ في "التقريب": "أخباري متروك الحديث" لكن قد قرن فيها أيوب، و الظاهر أنه السختياني، فلا بد أن يكون في الطريق إليه من لا يُحتَج به لأن الحافظ قال في "الفتح" (8/355) بعد أن ساقه من الطرق الثلاث : " وكلها ضعيف أو منقطع".
                و قد ذكر ما يفيد أن ابن مردويه أخرجها من طريق عباد بن صهيب، و هو أحد المتروكين، كما قال الحافظ الذهبي في ترجمته من "الميزان".
                و له طريق رابع، أخرجه ابن جرير (17/120)، حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي. ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس، "أن نبي الله صلى الله عليه و سلم بينما هو يُصلّي إذ نزلت عليه قصة آلهة العرب، فجعل يتلوها، فسمعه المشركون، فقالوا: إنا نسمعه يذكر آلهتنا بخير، فدنوا منه، فبينما هو يقول: (أفرأيتم اللات و العزى (19) و مناة الثالثة الأخرى (20)) [النجم]، ألقى الشيطان: "إن تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى"، فجعل يتلوها، فنزل جبريل صلى الله عليه و سلم فنسخها، ثم قال له: (و ما أرسلنا من قبلك ...) الآية [الحج: 52].
                رواه ابن مردويه أيضاً كما في "الدرر" (4/366).
                قلت : و هذا إسناد ضعيف جداً، مُسَلسَل بالضعفاء : محمد ابن سعد، هو ابن محمد بن الحسن بن عطية بن جُنادة أبو جعفر العوفي ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/322-323) و قال: "كان ليّناً في الحديث".
                و والده سعد بن محمد ترجمه الخطيب أيضاً (9/126- 127) و روى عن أحمد أنه قال فيه: "لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، و لا كان موضعاً لذلك".
                و عمه هو الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد، و هو متفق على ضَعفه ترجمه الخطيب (8/29- 32)و غيره.
                و أبوه الحسن بن عطية ضعيف أيضاً اتفاقاً، و قد أورده ابن حبان في "الضعفاء" و قال: "مُنكَر الحديث، فلا أدري البَلِيّة منه أو من ابنه، أو منها معاً؟" ترجمته في "تهذيب التهذيب".
                و كذا والده عطية، و هو مشهور بالضَّعف



                ثالثاً : بطلان القصة متناً :
                تلك هي روايات القصة، و هي كلها كما رأيت مُعَلَّة بالإرسال و الضّعف و الجَهالة، فليس فيها ما يصلُح للإحتجاج به، لا سيّما في مثل هذا الأمر الخطير. ثم إن مما يؤكد ضَعفها بل بطلانها، ما فيها من الاختلاف و النّّكارة مما لا يليق بمقام النبوة و الرسالة، و إليك البيان:
                أولاً: في الروايات كلها، أو جُلها، أن الشيطان تكلم على لسان النبي صلى الله عليه و سلم بتلك الجملة الباطلة التي تمدح أصنام المشركين، "تلك الغرانيق العلى، و إن شفاعتهن لترتجى".
                ثانياً: و في بعضها كالرواية الرابعة: "و المؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاء به عن ربهم و لا يتهمونه على خطأ و هم" ففي هذا أن المؤمنين سمعوا ذلك منه صلى الله عليه و سلم، و لم يشعروا بأنه من إلقاء الشيطان، بل اعتقدوا أنه من وحي الرحمن!! بينما تقول الرواية السادسة: "و لم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان" فهذه خلاف تلك.
                ثالثاً: و في بعضها كالرواية (1و 4 و 7 و 9): أن النبي صلى الله عليه وسلم بقي مدة لا يدري أن ذلك من الشيطان، حتى قال له جبريل: "معاذ الله! لم آتك بهذا، هذا من الشيطان!!".
                رابعاً: و في الرواية الثانية أنه صلى الله عليه و سلم سها حتى قال ذلك! فلو كان كذلك، أفلا ينتبه من سهوه؟!
                خامساً: في الرواية العاشرة الطريق الرابع: أن ذلك ألقيَ عليه و هو يصلي!!
                سادساً: و في الرواية (4 و 5 و 9 ) أنه صلى الله عليه و سلم تمنّّى أن لا ينزل عليه شيء من الوحي يَعيبُ آلهة المشركين، لئلا ينفروا عنه!! و انظر المقام الرابع من كلام ابن العربي الآتي (ص50)
                سابعاً: و في الرواية (4 و 6 و 9) أنه صلى الله عليه و سلم قال عندما أنكر جبريل ذلك عليه "أفتريتُ على الله، و قلتُ على الله ما لم يقل، و شركني الشيطان في أمر الله!!".
                فهذه طامّات يجب تنزيه الرسول منها لا سيّما هذا الأخير منها فإنه لو كان صحيحاً لصدق فيه، عليه السلام، - وحاشاه- قوله تعالى: "و لو تقول علينا بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثم لقطعنا من الوتين (46)) [الحاقة]
                فثبت مما تقدم بطلان هذه القصة سنداً و متناً. و الحمد لله على توفيقه و هدايته.
                رابعاً : سبب سجود المشركين مع النبي صلى الله عليه و سلم :
                رب سائل يقول : إذا ثبت بطلان إلقاء الشيطان على لسانه عليه الصلاة و السلام جملة "تلك الغرانيق العلى و إن شفاعتهن لترتجى" فَلِمَ إذن سجد المشركين معه صلى الله عليه و سلم و ليس ذلك من عادتهم؟
                و الجواب ما قاله المحقق الآلوسي بعد سطور من كلامه الذي نقلته آنفاً:
                "و ليس لأحد أن يقول: إن سجود المشركين يدل على أنه كان في السورة ما ظاهره مدح آلهتهم، و إلا لما سجدوا، لأننا نقول: يجوز أن يكونوا سجدوا لدهشة أصابتهم و خوف اعتراهم عند سماع السورة لما فيها من قوله تعالى: "و أنه أهلك عاداً الأولى (50) و ثمود فما أبقى (51) و قوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم و أطغى (52) و المؤتفكة أهوى (53) فغشّاها ما غشّا (54)" إلى آخر الآيات [النجم]. فاستشعروا نزول مثل ذلك بهم، و لعلهم لم يسمعوا قبل ذلك مثلها منه صلى الله عليه و سلم، وهو قائم بين يديْ ربه سبحانه في مقام خطير و جمع كثير، و قد ظنّوا من ترتيب الأمر بالسجود على ما تقدم أن سجودهم و لو لم يكن عن إيمان، كافٍ في دفع ما توهَّموه، و لا تستبعد خوفهم من سماع مثل ذلك منه صلى الله عليه و سلم، فقد نزلت سورة (حم السجده) بعد ذلك كما جاء مصرّحا به في حديث عن ابن عباس. ذكره السيوطي في أول "الإتقان" فلما سمع عُتبة بن ربيعة قوله تعالى فيها: "فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ و ثمود (13)" [فصّلت]! أمسك على فم رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ناشده الرحم و اعتذر لقومه حين ظنوا به أنه صبأ و قال: "كيف و قد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب؟ فخفت أن ينزل بكم عذاب" و قد أخرج ذلك البيهقي في "الدلائل" و ابن عساكر في حديث طويل عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه.
                و يمكن أن يقال على بعد: إن سجودهم كان لاستشعار مدح آلهتهم، و لايلزم منه ثبوت ذلك الخبر، لجواز أن يكون ذلك الاستشعار من قوله تعالى: "أفرأيتم اللات و العزّى (19) و مناة الثالثة الأخرى (20)" [النجم]، بناء على أن المفعول محذوف و قدّروه حسبما يشتهون، أو على أن المفعول: (ألكم الذكر و له الأنثى (21)" [النجم]. وتوهّموا أن مصب الإنكار فيه كون المذكورات إناثاً، و الحب لشيء يعمي و يُصمّ، و ليس هذا بأبعد من حملهم "تلك الغرانيق العلى و إن شفاعتهن لترتجى" على المدح حتى سجدوا لذلك آخر السورة، مع وقوعه بين ذمين المانع من حمله على المدح في البين كما لا يخفى على من سلمت عين قلبه من الغين".
                "و سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك و أتوب إليك".
                محمد ناصر الدين الألباني

                تعليق


                • #9
                  رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                  الرد على شبهة شخصية هامان في القرآن الكريم
                  *************** ******

                  يقول بعض النصارى ان القرآن يحكي في سورة القصص وغيرها من السور أن هامان كان وزيراً لفرعون مع أن هامان كان في بابل وجاء بعد فرعون بنحو ألف سنة !!
                  " وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ "
                  [ القصص:6 ]

                  الجــواب :
                  أولاً : أن هذه الآيات قرئت وتليت على اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ,
                  وكان فيهم العلماء والأحبار فلم ينكر أحد منهم هذا الأمر.
                  ومنهم العالم اليهودي عبد الله بن سلام الذي أسلم ودخل في دين الله . .
                  ثانياً : من أعلم المؤلف بأن هامان كان وزيراً لفرعون ؟
                  وهذا السؤال على معنى أن هامان اسم شخص.
                  ولا أحد أعلمه بأن هامان اسم شخص إلا الرواة الذين لا يوثق بمروياتهم.
                  وإذا أصرّ على أن هامان اسم شخص. فليسلّم بأن فرعون اسم شخص.
                  ومعلوم أنه لقب " الملك " كان لرئيس المصريين فى زمن يوسف ـ عليه السلام ـ
                  وأن لقب " فرعون " كان لرئيس المصريين فى زمن موسى ـ عليه السلام ـ
                  مما يدل على تغير نظام الحكم.
                  وإذا صح أن " هامان " لقب لكل نائب عن الملك ، لا اسم شخص.
                  فإنه يصح أن يُطلق على النائب عن فرعون أو عن أى ملك من الملوك.
                  وعلى ذلك يكون معنى: (إن فرعون وهامان وجنودهما )
                  هو إن رئيس مصر الملقب بفرعون ، ونائبه الملقب بهامان
                  (وجنودهما كانوا خاطئين)
                  ومثل ذلك: مثل لقب الملك الذى يُطلق على رؤساء البلاد ؛ فإنه يطلق على رؤساء فارس واليونان ومصر واليمن وسائر البلاد ،
                  ولا يتوجه على إطلاقه خطأ من أخطاء التاريخ.
                  وفى الإنجيل أن اليهود كانوا يطلقون لقب " المضلّ " على من يخالفهم فى الرأى.
                  وإذا أطلقه العبرانيون على رجل منهم يقولون له: يا سامرى ، بدل قولهم يا مضل.
                  وذلك لأنهم يعتبرون السامريين كفاراً.
                  وإذا أطلقه السامريون على رجل منهم يقولون له: يا عبرانى ، بدل قولهم يا مضل.
                  وذلك لأنهم يعتبرون العبرانيين كفاراً.
                  وإذا سمع العبرانى عنهم كلمة " سامرى "
                  لا يفهم منها أنها اسم شخص ،
                  وإنما يفهم منها أنها لقب للذم.
                  وعن هذا المعنى جاء فى إنجيل يوحنا أن علماء اليهود قالوا لعيسى ـ عليه السلام ـ:
                  " إنك سامرى ، وبك شيطان "
                  ورد عليهم بقوله:
                  " أنا ليس بى شيطان ، لكنى أكرم أبى وأنتم تهينوننى. أنا لست أطلب مجدى. يُوجد من يطلب ويدين "
                  [يو 8: 48ـ50].
                  ثالثاً : ماذا تقول النقوش الهيروغليفية عن هامان ؟
                  المعلومات التي في القرآن الكريم حول مصر القديمة وحكامها تكشف العديد من الحقائق التاريخية التي لم تكن معلنة وغير معروفة حتى أوقات أخيرة . . .
                  هامان مذكور في القرآن في ستة أماكن مختلفة كأحد المقربين إلى فرعون
                  بينما تذكر لنا التوراة أن هامان لم يُذكر في حياة موسى عليه السلام على الإطلاق
                  وأن هامان كان وزيراً وخليلا لأحشوريش ملك الفرس الذي يدعوه اليونان زركيس,
                  وكثيراً من الذين يريدون أن يطعنوا في القرآن و يدعون أن
                  محمد صلى الله عليه وسلم كتب القرآن بالنسخ من التوراة
                  مع أن هناك إختلاف في بعض القصص منها شخصية هامان في القرآن والتوراة ,
                  سخافة هذه الأدعاءات عرضت فقط بعد فك طلاسم الأبجدية الهيروغليفية المصرية قبل
                  200 سنة تقريباً وأسم هامان قد أكتشف في المخطوطات القديمة
                  وقبل هذه الأكتشافات لم يكن شئ معروف عن التاريخ الفرعوني,
                  ولغز الهيروغليفية تم حله سنة 1799 بأكتشاف حجر رشيد الذي يعود الى
                  196 قبل الميلاد وتعود أهمية هذا الحجر بأنه كتب بثلاث لغات :
                  اللغة الهيروغليفية والديموقيطية واليونانية
                  وبمساعدة اليونانية تم فك لغز الهيروغليفية من قبل شاملبيون وبعدها
                  تم معرفة الكثير حول تاريخ الفراعنة وخلال ترجمة نقش من النقوش المصرية القديمة
                  تم الكشف عن أسم ( هامان )
                  وهذا الأسم أشير إليه في لوح أثري في متحف هوف في فينا
                  وفي مجموعة من النقوش كشفت لنا أن هامان كان رئيس عمال محجر البناء
                  وها هي النقوش تكشف لنا حقيقة هامان بعكس ماذكرته التوراة والأنجيل
                  ورداً على الزعم الخاطئ لمعارضي القرآن ,
                  وهامان الشخص الذي عاش في مصر وفي وقت موسى والذي كان أقرب المقربين لفرعون كما ذكر القرآن لنا
                  قال الله تعالى
                  "وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ"
                  [ القصص :38 ]
                  والنقطة المهمة المذكورة في القرآن هي أن هامان هو الشخص الذي أمره فرعون
                  بأن يبني له صرحا ليتطلع لآله موسى وهنا يظهر إعجاز القرآن في حقيقة هامان
                  والتي لم تعرف حقيقته إلا بعد فك رموز اللغة الهيروغليفية بعكس التحريف الذي في التوراة والأنجيل الذي يذكر لنا بأنه كان وزيراً وخليلا لأحشوريش ملك الفرس
                  المصدر : كتاب معجزات القرآن للمؤلف هارون يحيي
                  وجاء في كتاب :
                  اليهود بين القرآن و التوراة و معطيات العلم الحديث
                  للأستاذ عبد الرحمن غنيم
                  تحت عنوان هامان وفرعون ما يلي :
                  قال تعالى : "وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ"
                  [ القصص : 38].
                  يخاطب فرعون وجهاء قومه الذين تمتلئ العيون من مهابتهم ،
                  أنه يرى أنه لا إله غير فرعون ، فينادي هامان طالباً منه أن يبني له من الطين المحروق و هو القرميد بناءً شاهقاً ،
                  "لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِين"
                  تدل هذه الآية على عدة إعجازات غيبية :
                  1. تأليه فرعون لنفسه : في قوله ( ما علمت لكم من إله غيري )
                  والأبحاث الأثرية التي قامت حول الحضارة المصرية القديمة
                  تأكد أن الفراعنة منذ الأسرة الرابعة كانوا يصرحون ببنوتهم للإله رع
                  الذي يمثل إله الشمس التي كان يعبدها قدماء المصريين ،
                  بل إن اسم رع دخل في ألقاب الفراعنة ،
                  مثل "رع نب " أي الرب الذهبي
                  و لعل أوضح دليل على تأليه الفراعنة لأنفسهم كما يقول
                  بريستد عالم الآثار
                  والتي حفظتها نصوص الأهرام هي أنشودة للشمس تربد فيها هوية الملك بإله الشمس ،
                  إن هذه الأنشودة تخاطب مصر ، في تعداد طويل و رائع للمنافع التي تستمتع بها ،
                  تحت حماية و سيادة إله الشمس ،
                  فعلى ذلك يمنح فرعون مصر نفس المنافع ، ولهذا يجب أن يتسلم نفس الهبات من مصر ، و لذا الأنشودة بأكملها تعاد بوضع اسم فرعون أينما يجيء اسم رع أو حورس في الأنشودة الأصلية [1].
                  2. الإعجاز الثاني هو استعمال الفراعنة الأجر في بناء الصروح :
                  فقد طلب فرعون من هامان أن يبني له من الطين المحروق ( الأجر ) صرحاً ،
                  و هذا يعتبر من الإعجاز التاريخي للقرآن الكريم
                  فقد ظل الاعتقاد السائد عند المؤرخين أن الآجر لم يظهر في مصر القديمة قبل العصر الروماني و ذلك حسب رأي المؤرخين
                  مثل الدكتور عبد المنعم أبو بكر في كتابه الصناعات ،
                  تاريخ الحضارة المصرية ص485
                  والذي يرى في ذلك إشكال في رأيه و ما جاءت به الآيات السابقة التي تبين طلب فرعون من هامان أن يبني لي صرحاً من الآجر أو الطين المحروق
                  وظل هذا هو رأي المؤرخين إلى أن عثر عالم الآثار بريستد
                  على كمية من الآجر المحروق بنيت به قبور ،
                  وأقيمت به بعض من أسس المنشآت ،
                  ترجع إلى عصور الفراعين رعمسيس الثاني و مرنبتاح
                  وسيتي الثاني من الأسرة التاسعة عشر (1308 1184 ق. م )
                  وكان عثوره عليها في : "نبيشة " و " دفنه " غير بعيد من بي رعمسيس ( قنطير ) عاصمة هؤلاء الفراعين في شرق الدلتا . [2]
                  3. أما الإعجاز الثالث هو الإشارة إلى أحد أعوان فرعون باسمه " هامان "
                  فقد وجد العلماء الآثار هذا الاسم مكتوباً على نصب أحد فراعنة مصر القديمة
                  وهذا النصب موجود في متحف هوف بفينا كما يأكد هذا النص أن هامان كان مقرباً من فرعون و قد ورد أيضاً أسم هامان في
                  قاموس أسماء الأشخاص في المملكة الجديدة
                  Dictionary of Personal names of the New Kingdom
                  وهو القاموس المستند على مجموعة المعلومات المستقاة من الكتابات المصرية القديمة و وردت الإشارة إلى هامان على أن رئيس البناءين في معامل نحت الحجارة و هذا يتوافق مع القرآن الذي يشير إلى هامان على أنه المسؤل عن تشييد الصروح في مملكة الفرعون [3].
                  _______________ ________
                  [1] تطور الفكر و الدين في مصر القديمة بريستد ص185
                  [2] كتاب الحضارة المصرية تأليف محمد بيومي مهران ج3 ص429
                  [3] كتاب قصة موسى مع فرعون تأليف هارون يحيى

                  تعليق


                  • #10
                    رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                    الرد على ما زعم حول سورة الحفد و الخلع
                    *************** ***

                    السؤال :
                    يزعم النصارى ان هناك سورتين حذفتا من القرآن الكريم
                    وهما سورة الحفد والخلع ونصهما :
                    (( اللهم إنا نستعينك و نستهديك و نستغفرك و نتوب إليك و نؤمن بك و نتوكل عليك و نثني عليك الخير كله .نشكرك و لا نكفرك . ونخلع و نترك من يفجرك .اللهم أياك نعبد و لك نصلي و نسجد .و إليك نسعى و نحفد و نرجو رحمتك و نخاف عذابك الجد بالكفار ملحق ))

                    الجواب :
                    قال صاحب الأنتصار ما نصه
                    (( هذا كلام القنوت المروي أن أبي بن كعب أثبته في مصحفه . لم تـقم الحجة بأنه قرآن منزل بـل هو ضرب من الدعـاء و أنه لو كان قرآناً لنقل إلينا نقل القرآن و حصل العلم بصحته ))
                    وقد روي أنّ أبي ابن كعب أثبت هذا الدعاء في مصحفه، وهو قد أثبتَ في مصحفه ما ليس بقرآنٍ من دعاء أو تأويلٍ
                    ( البرهان في علوم القرآن للزركشي2/ 136).
                    و وجود هذا الدعاء في مصحف أبي بن كعب راجع الى ان بعض الصحابة
                    الذي كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم في صحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها
                    ما ليس من القرآن ..مما يكون تأويلاً لبعض ما غمض عليهم من معاني القر آن
                    أو يكون دعاء يجري مجرى القرآن في أنه يصح الإتيان به في الصلاة عند القنوت .
                    و هم يعلمون انه ذلك كله ليس بقرآن ولكن ندرة أدوات الكتابة
                    وكونهم يكتبون القرآن لأنفسهم وحدهم دون غيرهم .
                    هون عليهم ذلك لأنهم امنوا على انفسهم اللبس و أشتباه القرآن بغيره ،
                    أضف إلى ذلك ان النبي نهى عن كتابة غير القرآن و ذلك كله مخافة اللبس و الخلط و الإشتباه في القرآن الكريم .
                    وقد أورد بعض جهال النصارى في سبيل نشر هذه الشبهة الساقطة بعض الروايات والتي منها :
                    1- عن الأعمش أنه قال: في قراءة أُبَيِّ بن كعبٍ: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. ونثني عليك ولا نكفرك. ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد. ولك نصلي ونسجد. وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك ونخشى عذابك. إن عذابك بالكفار ملحِق
                    2- عن ابن سيرين قال: كتب أُبَيُّ بن كعبٍ في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوذتين، واللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد، وتركهن ابن مسعودٍ، وكتب عثمان منهن فاتحة الكتاب والمعوذتين
                    وعن أُبَيِّ بن كعبٍ أنه كان يقنت بالسورتين، فذكرهما، وأنه كان يكتبهما في مصحفه
                    3- عن عبد الرحمن بن أبزى أنه قال: في مصحف ابن عباس قراءةُ أُبَيِّ بن كعبٍ وأبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. ونثني عليك الخير ولا نكفرك. ونخلع ونترك من يفجرك. وفيه: اللهم إياك نعبد. ولك نصلي ونسجد. وإليك نسعى ونحفِد. نخشى عذابك ونرجو رحمتك . إن عذابك بالكفار ملحِق
                    4 - كما ورد أن بعض الصحابة كان يقنت بِهاتين السورتين:
                    عن عمر بن الخطاب أنه قنت بعد الركوع، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك. ونثني عليك ولا نكفرك. ونخلع ونترك من يفجرك. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد. ولك نصلي ونسجد. وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك ونخشى عذابك. إن عذابك الجد بالكافرين ملحِق
                    و للرد علي هؤلاء الجهلة نقول :
                    * نريد من اي متفقه نصراني ان يذكر لنا رواية واحدة من هذه الروايات و يثبت لنا صحتها .
                    و لضرب مثال واحد فقط لا اكثر :
                    ان الرواية الاولي من كتاب ( غريب الحديث و الاثر ) لابن الاثير،
                    فكعاده النصارى لا تجدهم الا جهلة
                    (( لا يعرفون اي حديث يؤخذ به .... او جهال لا يعرفون في علم الحديث اصلاً ))
                    * كان الصحابة يثبتون في مصاحفهم ما ليس بقرآن من التأويل والمعاني والأدعية،
                    اعتمادًا على أنه لا يُشكل عليهم أنَّها ليست بقرآن و هذا ما فعله ابي بن كعب
                    وسنفصله ان شاء الله في الرد علي شبهة المصاحف عند ابن مسعود .
                    * بعض هذا الدعاء كان قرآنًا منَزلاً، ثم نُسخ، وأُبيح الدعاء به،
                    وخُلط به ما ليس بقرآنٍ، فكان إثبات أُبَيٍّ هذا الدعاء .
                    * نقل عن ابي بن كعب قراءته التي رواها نافع وابن كثير وأبو عمرو، وغيرهم، وليس فيها سورتا الحفد والخلع - كما هو معلوم .
                    * كما أن مصحفه كان موافقًا لمصحف الجماعة
                    قال أبو الحسن الأشعري : قد رأيت أنا مصحف أنسٍ بالبصرة، عند قومٍ من ولدِه، فوجدتُه مساويًا لمصحف الجماعة، وكان ولد أنسٍ يروي أنه خط انس وأملاء أبي بن كعب .
                    و بذلك تكون حجتهم واهية و امهم هاوية . . .


                    وبكتاب إعجاز القران للإمام الباقلاني
                    فصل كبير للمقارنة بين الشعر والقران
                    وخصص منه الباقلاني جزءا كبيراً لشعر إمرؤ القيس
                    وتعرض فيه بكل أمانة لمسألة الفرق بين الشعر والقرآن ,
                    فهل لم يصل هذا الشعر إلى الإمام الحافظ أبي بكر الباقلاني ليرد عليه ويشمله ببحثه .
                    والعجيب أنه بعد بحث طويل لم أجد أي ذكر لهذا الشعر ولا للرد عليه ,
                    فهل لم يكتشف هذا الشعر إلا هؤلاء العلوج في هذا القرن
                    ليفاجئونا بأن القران قد اقتبس أبياتا من شعر إمرؤ القيس ,
                    فيسقط في يدنا ونسلم لهؤلاء الجهابذة بأن كتابنا قد أصابه شئ
                    مما أصاب كتابهم ونصبح كما يقال بمصر ( بالهوا سوا)
                    ومن عجب القول أن تكن تلك الأبيات لإمرؤ القيس
                    ويظهر رسول الله في قريش التي هي أفصح العرب وأحفظهم لشعر الشعراء
                    حتى أنهم يضعون أشهر سبع قصائد مطولات على جدران الكعبة وتسمى المعلقات ,
                    ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسفه دينهم ,
                    ويكسر أصنامهم , ويمحي باطلهم ,
                    ولا يخرج منهم رجل حافظ للشعر , واحد فقط ,
                    ويقل له أنت يا محمد نقلت تلك الأبيات من إمرؤ القيس ,
                    ثم يأت سفيه بعد ألف وخمسمائة سنة ليقل لنا خذوا
                    تلك أبيات إمرؤ القيس التي نقلها نبيكم بقرآنكم .
                    وأكاد أجزم أن هؤلاء السفهاء الذين يرددون هذا الكلام ,
                    لم يقرأوا في حياتهم شيئاً من أشعار إمرؤ القيس أو غيره
                    ولكن مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً ,
                    يلقي إليهم رهبانهم وقساوستهم الكلام فيرددونه كالببغاوات بلا فهم ولا وعلم ولا وعي .
                    وهل هذا الشعر السلس السهل الغير موزون في بعض أبياته شعراً جاهليا ؟
                    وإذا قارنا بين شعر إمرؤ القيس وتلك الأبيات هل نجد أي وجه شبه بينهما ؟
                    وإليك شيئا مما قاله امرؤ القيس لتر الفارق في النظم واللفظ وقوة العبارة :
                    قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل*********ب سقط اللوى بين الدخول فحومل
                    فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها*********ل ما نسجتها من جنوب وشمأل
                    ترى بعر الآرام في عرصاتها******** *وقيعانها كأنه حب فلفل
                    كأني غداة البين يوم تحملوا********* لدى سمرات الحي ناقف حنظل
                    وقوفا بها صحبي علي مطيهم*********ي قولون لا تهلك أسى وتجمل
                    وهل يقارن ذاك الشعر الركيك بقول امرؤ القيس
                    فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى********* بنا بطن خبت ذي خفاف عقنقل
                    وقوله :
                    رفعن حوايا واقتعدن قعائدا *********وحففن من حوك العراق المنمق
                    ثم قوله في النص المدعى
                    (مر يوم العيد في زينته)
                    أليس يوم العيد إحتفالاً إسلامياً ؟
                    فكيف يكن هذا كلام إمرؤ القيس الجاهلي ويذكر فيه يوم العيد
                    وهو من مات قبل مولد نبينا صلى الله عليه وسلم بثلاثين عام أو أكثر
                    والنبي بعث وعمره أربعين سنة
                    أي أن تلك الأبيات بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يزيد عن سبعين عاماً .
                    وعلى افتراض انه شعر جاهلي فهو منحول ,
                    نسب إلى إمرؤ القيس لأن حفاظ شعر إمرؤ القيس لم يذكروه ,
                    فما هو الشعر المنحول ؟
                    النحل في اللغة كما ذكر في لسان العرب وانْتَحَل فلانٌ شِعْر فلانٍ أَو قالَ فلانٍ إِذا ادّعاه أَنه قائلُه. وتَنَحَّلَه: ادَّعاه وهو لغيره. وقال ابن هَرْمة:
                    ولم أَتَنَحَّلِ الأَشعارَ فيها*********ول م تُعْجِزْنيَ المِدَحُ الجِيادُ
                    ويقال: نُحِل الشاعرُ قصيدة إِذا نُسِبَت إِليه وهي من قِيلِ غيره؛
                    وقال الأَعشى في الانتحال:
                    فكيْفَ أَنا وانتِحالي القَوا********* فِيَ، بَعدَ المَشِيب، كفَى ذاك عارا !
                    وقَيَّدَني الشِّعْرُ في بيتِه*********ك ما قَيَّد الأُسُراتُ الحِمارا !
                    وفي مختار الصحاح و نَحَلَهُ القول من باب قطع أي أضاف إليه قولا قاله غيره
                    وادَّعاه عليه و انْتَحَل فُلان شِعْر غيره أو قول غيره إذا ادَّعاه لنفسه
                    وتَنَحّل مثله وفُلان يَنْتَحِلُ مذهب كذا وقبيلة كذا إذا انتسب إليه‏
                    وفي مفردات الفاظ القران للاصفهاني :
                    والانتحال: ادعاء الشيء وتناوله، ومنه يقال: فلان ينتحل الشعر.
                    وقضية نحل الشعر لمشاهير الشعراء قضية مشهورة معروفة
                    في الأدب العربي يعرفها كل باحث ,
                    فليثبت لنا هؤلاء الجهلة أن تلك الأبيات لإمرؤ القيس الجاهلي أولاً ,
                    ثم نناقشهم فيها بعد ذلك وختاماً نقل أن بحثنا هذا ليس دفاعاً عن إمرؤ القيس بل هو دفاعا عن دين الله
                    وختاماً نقل لهؤلاء الجهلة أن إمرؤ القيس سيكن معكم حيث ستذهبون ,
                    وستلاقونه في جهنم , إن لم تسلموا لله وحده قبل موتكم ,
                    وحينما تقابلونه سيمكنكم معرفة أن تلك الأبيات ليست من شعره .

                    كلمة منحول تعني أن هناك من قاله ونسبه لغير صاحبه،
                    وقد زعم طه حسين أن الشعر الجاهلي المنقول إلينا كله منحول،
                    أي كتب في العصر العباسي ونسب لشعراء الجاهلية.
                    وقد نفى في كتابه ( في الشعر الجاهلي )
                    كل ما ينسب الى امرء القيس من شعر الا قصيدتين هما :
                    الأولى : فــقــا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
                    والثانية : ألا أنعم صباحاً أيـهـــا الطلل البالي
                    وقوله لا يخلو في بعض الصور من صحة ،
                    إذ ثمة كثير من الأبيات المنسوبة للجاهليين منحولة ، ومنها هذا البيت
                    بدليل عدم وجوده في ديوان امرىء القيس الذي جمعه المحققون. لأنه منحول.

                    ثم نقول لهم جدلاً إذا صح استدلالكم بتماثل بعض الآيات القرآنية مع شعر امرئ القيس
                    فإن هذا التماثل في بعض الألفاظ لا يعني النقل على كل حال ،
                    ووقوع التماثل أمر طبيعي إذ جاء القرآن بما تعهده العرب في كلامها من أمثلة و استعارات و سوى ذلك من ضروب البلاغة.
                    ثم أن الشعر المنسوب لامرئ القيس هو المنقول عن القرآن كما قد سبق بيانه .

                    ويقول الدكتور عبدالله الفقية من مركز الفتوى في الشبكة الاسلامية بما معناه :
                    ويكفي في الرد على مثل هذه السفسطات والتفاهات ،
                    سقوطها وانحطاطها عند من لديه أدنى نظر :
                    فالآيات من سورة القمر لا تتفق أصلاً مع موازين الشعر العربي حتى يقال إنهما من الشعر مما يدلك على جهل واضعي هذه الشبهة إن صح تسميتها شبهة.
                    ومنها أن السورة مكية وقد تلاها النبي صلى الله عليه وسلم على مشركي قريش
                    وهم في ذلك الوقت من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم
                    وأحرص الناس على العثور على ما يشكك في صدق ما يقوله
                    من أن القرآن كلام الله تعالى منزل من عنده ليس من كلام البشر.
                    وهم نقلة الشعر ورواته ومع ذلك لم يدعوا هذا الادعاء ولا قريباً منه،
                    بل أقروا وأقر غيرهم من فصحاء العرب وبلغائهم أن القرآن الكريم
                    ليس من وضع البشر ولا من تأليفهم،
                    بل أقروا بالعجز عن الإتيان بسورة من مثله مع تحدي القرآن لهم دائماً.
                    إلى غير ذلك من الردود الواضحة.
                    والله ولي التوفيق.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                      غروب الشمس في عين حمئة
                      *************
                      الشبهة
                      ******
                      يزعم أعداء الإسلام الجهلة من يهود ونصارى أن
                      القرآن الكريم يحتوى على خطأ علمي في قول الله سبحانه وتعالى
                      حاكياً عن ذى القرنين
                      (( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ))
                      ويقولون هذا مخالف للعلم الثابت ذلك لأن الشمس لا تغرب في عين ...
                      الرد على الشبهة
                      ********
                      بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
                      جاءت قصة ذي القرنين في سورة الكهف من القرآن الكريم ،
                      ولم يحدثنا القرآن الكريم
                      عن ذي القرنين من هو ؟
                      ولا عن تفاصيل قصته ، ذلك لأن القصد من القصص القرآني،
                      سواء في سورة الكهف أم في غيرها، ليس إعطاء تاريخ وحوادث تاريخية،
                      وإنما القصد هو العبرة،
                      كما قال تعالى: ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ).
                      هنا ذو القرنين، قصته فيها عبرة
                      ملك صالح، مكَّنه الله في الأرض، وآتاه من كل شيء سببًا، ومع هذا لم يطغه الملك.
                      بلغ المغرب، وبلغ المشرق، فتح الفتوح، ودان له الناس، ودانت له البلاد والعباد،
                      ومع هذا لم ينحرف عن العدل، بل ظل مقيمًا لحدود الله،
                      كما قال لهؤلاء القوم:
                      "أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا"
                      [ الكهف: 87&88 ]
                      مع التنبيه على أن ذي القرنين المذكور في القرآن ليس هو
                      الاسكندر المقدوني اليوناني الذي بنى الإسكندرية ،
                      لأن كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد وأن المذكور في القرآن
                      هو الذي كان أرطاطاليس وزيره فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير،
                      فإن الأول كان عبداً مؤمناً صالحا وملكاً عادلاً ... ،
                      وأما الثاني فكان مشركا وكان وزيره فيلسوفا
                      وقد كان بين زمانهما أزيد من ألفي سنة
                      فأين هذا من هذا لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور .
                      قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (1/493) :
                      (عن قتادة قال : اسكندر هو ذو القرنين وأبوه أول القياصرة وكان من ولد سام بن نوح عليه السلام .
                      فأما ذو القرنين الثاني فهو اسكندر بن فيلبس بن رومي بن الأصفر بن يقز بن العيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل كذا نسبه الحافظ ابن عساكر في تاريخه ،
                      المقدوني اليوناني المصري باني إسكندرية الذي يؤرخ بأيامه الروم
                      وكان متأخرا عن الأول بدهر طويل ، كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة وكان أرطاطاليس الفيلسوف وزيره وهو الذي قتل دارا بن دارا وأذل ملوك الفرس وأوطأ أرضهم.
                      أما من هم هؤلاء القوم الذي وصل لهم ذو القرنين ، فالقرآن لم يعرفنا عنهم شيئًا،
                      ولو كان في معرفتهم فائدة دينية أو دنيوية، لعرفنا ولهدانا إلى ذلك .
                      كذلك، أين غربت الشمس ؟ لم يعرفنا القرآن،
                      وكل ما نعلمه أن ذا القرنين اتجه إلى جهة الغرب، حتى وصل إلى أقصى مكان في الغرب،
                      وهناك وجد الشمس في رأي العين كأنما تغرب في عين حَمِئة .
                      والحمأ هو الطين المتغير .
                      فكأنما وجد الشمس تسقط في تلك العين الحمئة ..
                      ولو وقف أحدنا عند الغروب على شاطئ البحر، لوجد الشمس كأنما تسقط في البحر أو تغرب فيه، مع أن الحقيقة غير ذلك .
                      فهي تغرب عن قوم لتشرق عند آخرين.
                      فالمقصود إذن في الآية ( وجدها تغرب في عين حمئة )
                      أي فيما يرى الرائي، وينظر الناظر.
                      ولعل ذا القرنين وصل إلى مكان يتصل فيه النهر بالبحر عند الفيضان كالنيل مثلاً
                      حيث يكون ماؤه معكرًا يحمل الطين، فإذا غربت الشمس تبدو للناظر كأنها تغرب في عين حمئة .. أو لعلها بركة فيها طين ..
                      لم يحددها القرآن بالضبط،
                      وإنما المقصود أنه ذهب إلى أقصى المغرب . كما ذهب إلى أقصى المشرق .
                      وذهب إلى قوم يأجوج ومأجوج، ومع كل هذا ظل على عدله، وعلى إيمانه بربه،
                      واعترافه بفضل الله عليه، في كل ما يفعله،
                      أقام السد العظيم من زبر الحديد، وغيره،
                      ويقول رب العزه على لسان ذى القرنين
                      "قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا"
                      [الكهف: 98]
                      هذا هو المقصود، وتلك هي العبرة ...
                      ملك صالح، مكن له في الأرض ومع هذا لم يطغ ولم يتجبر ولم ينحرف.
                      أما التفصيلات، فلم يعن القرآن بها،
                      كما أن السنة لم تبين لنا شيئًا من تلك التفصيلات كالزمان، والمكان، والأقوام ..
                      وليس في ذلك فائدة مطلوبة، ولو كان فيها الفائدة لذكرها القرآن الكريم.
                      وإنه لجدير بنا أن نقف عند الذي جاء به القرآن، والذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ الدكتور : يوسف القرضاوي بتصرف ]
                      وهذا رد آخر من الأزهر : فى حكاية القرآن الكريم لنبأ " ذو القرنين " حديث عن أنه إبان رحلته:
                      "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا"
                      [الكهف: 86 ]
                      والعين الحمئة ، هى عين الماء ذات الحمأ ، أى ذات الطين الأسود المنتن.
                      ولما كان العلم الثابت قد قطعت حقائقه بأن الأرض كروية ، وأنها تدور حول نفسها وحول الشمس ، فإن غروب الشمس ليس اختفاء فى عين أو غير عين ، حمئة أو غير حمئة.. والسؤال: هل هناك تعارض بين حقائق هذا العلم الثابت وبين النص القرآنى ؟
                      والجواب : ليس هناك أدنى تعارض ـ ولا حتى شبهة تعارض ـ بين النص القرآنى وبين الحقائق العلمية..
                      ذلك أن حديث القرآن هنا هو عن الرؤية البصرية للقوم الذين ذهب إليهم ذو القرنين ،
                      فمنتهى أفق بصرهم قد جعلهم يرون اختفاء الشمس ـ غروبها ـ فى هذه البحيرة ـ
                      العين الحمئة ـ.. وذلك مثل من يجلس منا على شاطئ البحر عند غروب الشمس ،
                      فإن أفق بصره يجعله يرى قرص الشمس يغوص ـ رويدًا رويدًا ـ فى قلب ماء البحر.
                      فالحكاية هنا عما يحسبه الرائى غروبًا فى العين الحمئة ، أو فى البحر المحيط..
                      وليست الحكاية عن إخبار القرآن بالحقيقة العلمية الخاصة بدوران الأرض حول الشمس ،
                      وعن ماذا يعنيه العلم فى مسألة الغروب.
                      وقد نقل القفال ، أبو بكر الشاشى محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر
                      [429ـ507هـ /1037ـ1114م]
                      عن بعض العلماء تفسيرًا لهذه الرؤية ، متسقًا مع الحقيقة العلمية ،
                      فقال: " ليس المراد أنه [ أى ذو القرنين ] انتهى إلى الشمس مشرقًا ومغربًا حتى وصل إلى جِرْمها ومسَّها.. فهى أعظم من أن تدخل فى عين من عيون الأرض ،
                      بل هى أكبر من الأرض أضعافًا مضاعفة.
                      وإنما المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة [ أى البقاع المعمورة والمأهولة ]
                      من جهة المغرب ومن جهة المشرق ، فوجدها فى رأى العين تغرب فى عين حمئة ،
                      كما أنا نشاهدها فى الأرض الملساء كأنها تدخل فى الأرض ،
                      ولهذا قال: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا "
                      [ الكهف : 90 ]
                      ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسّهم وتلاصقهم ، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم.. "
                      القرطبي [ الجامع لأحكام القرآن ]
                      فالوصف هو لرؤية العين ، وثقافة الرائى.. وليس للحقيقة العلمية الخاصة بالشمس فى علاقتها بالأرض ودورانها ، وحقيقة المعنى العلمى للشروق والغروب.
                      فلا تناقض بين النص القرآنى وبين الثابت من حقائق العلوم..
                      والآن لنرى ماذا يقول إنجيل النصارى :
                      جاء في سفر رؤيا يوحنا [ 12 : 1 ] ما يلي :
                      (( وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى راسها اكليل من اثني عشر كوكبا !!!! ونحن نسأل النصارى كيف تكون المرأة متسربله بالشمس , والشمس أكبر من الأرض مليوناً وثلاثين ألف مرة ؟؟؟
                      وإليك عزيزي المتصفح رداً آخر :
                      1- إذا كنت متجهاً غرباً وأمامك جبل فإنك سوف تجد الشمس تغرب خلف الجبل .. ..
                      طبعا لا يفهم أحد من ذلك أن الشمس تختبئ حقيقة خلف الجبل .......
                      وإن كان الذي أمامك بحيرة فستجد الشمس تغرب في البحيرة ..
                      وذو القرنين وصل الى العين الحمئة وقت غروب الشمس فوجدها تغرب في تلك العين ...... وعندما نقول وجدها تغرب خلف الجبل أو وجدها تغرب في العين فذلك الأمر بنسبة له ...
                      والأية ليست مطلقة المعنى بل مقيدة بشخص ذو القرنين ....
                      ومع أن هذا الجواب كافى لكل عاقل ولكن دعونا ننظر إلى سياق القصة
                      2- سياق قصة ذو القرنين .... .....
                      حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا
                      وجدها تطلع على قوم!! فهل يفهم أحد من ذلك أنها تطلع على ظهورهم
                      أو أنها ملامسة للقوم لأنه الله يقول .. وجدها تطلع على القوم ...
                      الواضح أنها بنسبة للذى القرنين كانت تطلع على أولئك القوم ...
                      مرة أخرى الآية مقيدة بذى القرنين وما ينطبق على هذه الآية ينطبق على التى قبلها ....
                      3- ما هو المقصود بمغرب الشمس ؟ هل هو مكان أم زمان ؟
                      من الواضح أن مغرب الشمس هنا يقصد بها الوقت واللحظة التى تغرب فيها الشمس وليس من الضروري أن يكون المقصود هو أقصى ما وصل إليه ذو القرنين جهة الغرب .....
                      والدليل على ذلك يقول النبي في حديث صحيح بما معناه
                      ( ما بقي من هذه الدنيا كما بين العصر إلى مغربان الشمس )
                      فمغرب الشمس و جمعها مغربان الشمس ليست المكان بل هو الوقت الذي تغرب فيه الشمس (ويأكد ذلك معجم لسان العرب) ... ...
                      فذا القرنين وصل الى العين وقت الغروب .
                      فوجد الشمس تغرب في تلك العين .. ثم و صل في ما بعد إلى قوم آخرين وقت الشروق ...
                      4- غروب الشمس هل هو دخولها في الأرض أم إتجهها غرباً ؟
                      في لغة العرب غربت الشمس وغربت القافلة وغرب السفينة تأتى بمعنى واحد
                      وهو إتجهة غربا ً فعندما نقول
                      غرب طير في البحيرة
                      وغربت الطائرة في المحيط
                      وغربت السفينة في البحر
                      وغربت الشمس في البحيرة
                      يعنى إتجهت غربا ( بالنسبة للشخص الذي ينظر إليها ) .
                      ولا يعنى أنها دخلت في البحيرة .... ..
                      فعندما نقول غربت السفينة في المحيط لا يعنى ذلك أنها غرقت في داخل المحيط ...
                      وعندما نقول غربت الطائرة في المحيط لا يعنى ذلك أنها سقطت في المحيط
                      وعندما نقول غربت الشمس في البحيرة لا يعنى ذلك أنها دخلت داخل البحيرة ف
                      كلمة الغروب لا تدل على ذلك ...
                      بعكس كلمة sunset الإنجليزية والتى تعنى حرفياً الشمس جلست ...
                      ربما ظن قدماء الإنجليز أن الشمس تجلس في بحر الظلمات ...
                      5- بالعقل !!
                      ذو القرنين يتحدث مع سكان تلك البحيرة فلو كان القرآن يقصد أن الشمس تدخل في العين حقيقة فهل سيذكر قوم حول الشمس الساخنة ويعشون حياة طبيعية ...
                      6- أليس عندما وصل ذو القرنين إلى مشرق الشمس يفترض به
                      (على سياق فهمكم السقيم)
                      أن يجد الشمس تشرق في حفرة أو بحيرة ساخة بدلا من أن يجدها تشرق على قوم .
                      فلماذا قال أنها شرقت على قوم ولم يقل شرقت من عين حمئة ..
                      7- القرآن يذكر أن كل شيء في فلك يسبح الشمس والقمر واليل والنهار
                      (وكل في فلك يسبحون ) وهذا يدل على أن كل شيء
                      بما في ذلك النجوم والشمس والقمر والليل والنهار في فلك يسبحون
                      وإذا كانت الشمس تدور في فلك خاص بها فهذا يعنى أنها لا تدخل في الأرض ....
                      بل هي تدور في فلكها الخاص بها . كما تدور بقية الأشياء ....
                      8- رب المشارق والمغارب القرآن يذكر في عدة آيات كريمة
                      (مغارب الشمس ومشارقها )
                      ( ورب المشرقين ورب المغربين)
                      (ورب المشارق والمغارب)
                      وهذا هو الإعجاز فقد ألغى فكرة الغروب والشروق الموحد لجميع سكان المعمورة
                      فقد تشرق في بلد ولكن لا يعنى أنها شرقت في جميع البلدان ...
                      ففي الماضي كان الناس يعتقدون أن الأرض مسطحة
                      وأن الشروق هو شروق واحد لجميع البشر
                      والغروب هو غروب واحد لجميع البشر بينما يثبت القرآن ان هناك مشارق كثيرة ومغارب كثيرة
                      *************** *****
                      يقول الاستاذ أحمد الشايب وكيل كلية دار العلوم في موضوع له حول القصص في القرآن :
                      رأيت من الخير أن أشير في إيجاز شديد إلى بعض الأنواع الأدبية التي اشتمل عليها القرآن، ومكان القصص منها حتى لا يختلط الأمر فيها عند القراءة أو الدرس.
                      من هذه الأنواع الأدبية ـ أو الفنون الأدبية كما قد تسمى ـ
                      التقرير، والتصوير، والأمثال ـ أو التمثيل ـ والجدل، ومنها القصص،
                      وهي وإن كانت مختلفة الأساليب بحكم طبيعتها وأهدافها،
                      فإنها تنتهي جميعاً إلى غاية واحدة هي تحقيق رسالة الإسلام
                      التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام مؤيدة بهذا البيان المعجز في هذا الكتاب المبين. فالتقرير هو أسلوب التشريع الذي يورد الأحكام المتصلة
                      بالعبادات، ونظم المعاملات، والأحوال المدنية والاجتماعية مما تعبدنا به الله سبحانه وتعالى، وحفلت به كتب الفقه الإسلامي
                      وهذا الباب أشبعه الباحثون تأصيلا وتشقيقا مما لا مجال له هنا.
                      وأما القصص فهو هذا النوع أو الفن الأدبي الذي يسوق حياة الأنبياء والأمم السابقة وما يتصل بها للعظة وتثبيت فؤاد الرسول،
                      والقرآن الكريم ـ كما يلي ـ يسوق أنباءه صادقة كما هي في الواقع التاريخي،
                      وإن لم يلتزم هذه المعالم الشكلية لعلم التاريخ والقصة الحديثة،
                      وسنرى أن طبيعة القصص هنا ومراميه تنفي عنه ما يرميه به المبشرون وأضرابهم من أنه يخرج على التاريخ، ويزيد ويبتكر ويخترع في الأخبار، أو يدلس ويفتري الكذب ويسوقه على أنه التاريخ... وكل هذا سترد عليك هنا شواهده ومناقشته.
                      وأما التصوير فهو الأسلوب البياني أو البلاغي القائم على التشبيه والمجاز والاستعارة والمبالغة ونحوها، وهذا النوع لا يشترط فيه أن تكون دلالته حرفية أو يكون له مرجع واقعي حسي في جميع عناصره، لأن الغرض منه المبالغة، وقوة التأثير،
                      والاعتماد على ما ألف العرب مما يبعث فيهم الانفعال، وإدراك المراد في قوة وجمال كقوله تعالى في شأن المرابين:
                      (( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )) ،
                      فإذا كان المخاطبون لم يروا الشيطان فإن صورته الخيالية في أذهانهم
                      هي أنه يصيب الناس بالخبل وفساد النفس والجسم، فقام التشبيه في الآية الكريمة
                      على هذا الأصل التصوري كما يتوهمه العرب، وهذا التصوير يفيد في تقوية الفكرة
                      وإيضاحها من وجه، ولكنه من وجه آخر لا يعد كذبا، ولا يتخذ مقياسا يقاس به
                      وجوب توافر عناصر التشبيه كلها بشكل حسي بحيث تراه العين، ويتعامل معه الناس،
                      ذلك الوجود المادي الذي تلتمسه في التقرير.
                      ومن ذلك قوله تعالى في شجرة الزقوم( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) ،
                      حيث صور ثمر هذه الشجرة برؤوس الشياطين تقبيحا لها، اعتماداً على تخيل المخاطبين.
                      ومن قريب ذلك قوله تعالى في قصة ذي القرنين :
                      ((حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة )) ،
                      إذ صور مغيب الشمس بالعين الحمئة نزولاً على ما يتراءى لعين الناظر عند غروب الشمس، وبذلك يندفع ما يتشدق به تلاميذ الجغرافيا حين ينكرون هذه الصورة،
                      ويقيسونها بمقياس الفكرة أو الحقيقة العلمية،
                      ونحو ذلك مما لا يتصل بأصل الخبر وجوهر معناه، فلا يصح أن يقال فيه إنه يخالف الواقع،
                      لا يقال، ذلك، لأن الأسلوب يجاوز منطقة الفكرة إلى مجال الخيال،
                      وجمال التصوير، وحسن التعبير، ومن هنا نفرق بين أسلوبي التقرير والتصوير.
                      وقريب من ذلك أيضا ما يرد في العبارات الأدبية من ذكر آلهة الخير والشر عند قدماء اليونان، أو أصنام العرب، أو الأطلال والدمن عند الأدباء المحدثين،
                      فليس شئ من ذلك داخلا في عقائد الكتاب والشعراء المتأخرين أو المعاصرين،
                      وإنما هي صور ـ أكلشيهات ـ ترمز إلى معان باقية، أو هي تعبير عن معان جديدة بصور قديمة. ولعلك لاحظت أننا نذكر شيئاً عن هذه الأنواع الأدبية الأخرى غير القصص، لأنها تتصل بنفس ما اتهم به القصص من كذب وتبديل عند الذين لم يتبينوا الفرق بين الأساليب القرآنية.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                        السؤال :
                        كيف يمكن القول بأن عيسى لم يمت في الوقت الذي يؤكد فيه القرآن وفاته في سورة آل عمران ؟
                        الجواب :
                        لم يرد في القرآن الكريم نص يدل على موت عيسى عليه السلام الموتة النهائية ،
                        وإنَّما الذي ورد لفظ الوفاة والتوفي ، وهذه ألفاظ لا ينحصر معناها في الموت ،
                        بل تحتمل معاني أخرى منها : استيفاء المدة ،
                        وعيسى عليه السلام قد استوفى مدة مكثه الأول في الأرض ،
                        ومنه قوله تعالى: (( إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِليَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِّينَ كَفَرُوا ))
                        أي : آخذك وافيًا بروحك وبدنك وقد نقل هذا المعنى ابن جرير في تفسيره عن جماعة السلف ، واختاره ورجحه على ما سواه ،
                        وعليه يكون معنى الآية : إني قابضك من عالم الأرض إلى عالم السماء
                        وأنت حي ورافعك إلي ،
                        ومن هذا المعنى قول العرب : توفيت مالي من فلان أي قبضته كله وافياً .
                        وجاء في محاسن التأويل : 4 / 851 : ( إني متوفيك ) ،
                        أي مستوف مدة إقامتك بين قومك ،
                        والتوفي كما يطلق على الاماتة كذلك يطلق على استيفاء الشىء
                        - كما في كتب اللغة -
                        ولو ادعى أن التوفي حقيقة في الأول ، والاصل في الاطلاق الحقيقة ،
                        فنقول : لا مانع من تشبيه سلب تصرفه عليه السلام بأتباعه وانتهاء مدته
                        المقدرة بينهم بسلب الحياة ، وهذا الوجه ظاهر جداً
                        وقد دلت القرآئن من الاحاديث الصحيحة على ذلك .
                        وقد جزم القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام لم يقتل كما زعم النصارى ،
                        بل رفعه الله تعالى إليه ،
                        قال تعالى : ((... وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ ...)).
                        وأمَّا الآية التي في سورة مريم فهي قوله تعالى :
                        (( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ))
                        لا تدل على وفاته، بل الآية ذكرت ثلاثة أيام يوم ولادته ويوم وفاته ،
                        ويوم يبعث يوم القيامة. فمر منها يوم وبقي يومان ،
                        هما يوم وفاته بعد نزوله إلى الأرض ،
                        ويوم يبعث بعد الوفاة،
                        والقول الصحيح أن عيسى عليه السلام رفع إلى السماء حيّاً وسينزل حياً إلى الأرض.
                        وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

                        تعليق


                        • #13
                          رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                          سؤال :
                          هل القرآن مدح المسيح والنصارى والانجيل وأثنى عليهم ؟
                          جواب :
                          إن مدح سيدنا عيسى _ عليه السلام _ واجب معلوم من الدين بالضرورة .
                          وأما مدح النصارى والإنجيل ، فإنه بلا شك منصرف إلي الانجيل الخالي
                          من التناقضات والاختلافات .
                          والنصارى الذين انعقدت آراؤهم على ذلك الانجيل الصحيح .
                          بخلاف من انحرف من النصارى ، وساروا خلف المجامع والمثلثين .
                          ففرق كبير بين نصرانية المسيح والتوحيد وبين نصرانية المجامع وبولس والتثليث.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                            سؤال :
                            ما معنى قول الله سبحانه وتعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))
                            مع ان النبي لم يكن رحمة للكافرين ؟
                            الجواب :
                            أولاً : لقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة:
                            أنه ما أرسل هذا النَّبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى الخلائق إلا رحمة لهم.
                            لأنه جاءهم بما يسعدهم وينالون به كل خير من خير الدنيا والآخرة إن اتبعوه.
                            ومن خالف ولم يتبع فهو الذي ضيع على نفسه نصيبه من تلك الرحمة العظمى.
                            وضرب بعض أهل العلم لهذا مثلاً
                            قال : لو فجر الله عيناً للخلق غزيرة الماء، سهلة التناول.
                            فسقى الناس زروعهم ومواشيهم بمائها.
                            فتتابعت عليهم النعم بذلك، وبقي أناس مفرطون كسالى عن العمل.
                            فضيعوا نصيبهم من تلك العين، فالعين المفجرة في نفسها رحمة من الله،
                            ونعمة للفريقين.
                            ولكن الكسلان محنة على نفسه حيث حرمها ما ينفعها.
                            ويوضح ذلك قوله تعالى:
                            {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ }.
                            فالرسول صلى الله عليه وسلم كان رحمةً عامةً من حيث إنه جاء بما يسعدهم إن اتبعوه ، ومن لم يتبعه فهو الذي قصر في حق نفسه وضيع نفسه من الرحمة .
                            قال العلامة ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية :
                            وَقَوْله " وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ "
                            يُخْبِر تَعَالَى أَنَّ اللَّه جَعَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ أَيْ أَرْسَلَهُ رَحْمَة لَهُمْ كُلّهمْ فَمَنْ قَبِلَ الرَّحْمَة وَشَكَرَ هَذِهِ النِّعْمَة سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَنْ رَدَّهَا وَجَحَدَهَا خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَة اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار .
                            ثانياً : ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان رحمةً للكافرين أيضاً
                            من حيث إن عذاب الاستئصال أخر عنهم بسببه .
                            وقد روي عَنْ اِبْن عَبَّاس ,
                            فِي قوله سبحانه وتعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ }
                            قَالَ : مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر كَتَبَ لَهُ الرَّحْمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَمَنْ لَمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَرَسُوله عُوفِيَ مِمَّا أَصَابَ الْأُمَم مِنْ الْخَسْف وَالْقَذْف .

                            تعليق


                            • #15
                              رد: موسوعة الرد على الشبهات والاباطيل

                              السؤال

                              ما صحة حديث عائشة رضي الله عنها التي روت فيه أن الداجن قد أكلت من نسخة القرآن التي كانت معها ؟
                              الجواب
                              بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
                              أما بعد ،،،
                              كثيراً ما يستشهد أعداء الإسلام للتشكيك في نقل القرآن بحديث عائشة والذي جاء فيه :
                              (( لقد نزلت آية الرجم ، ورضاعة الكبير عشراً ، ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكلها ))
                              والحق أن هذا الحديث لا يصح فإما ذكر الرضاع فيه غلط ،
                              وقد أخرجه ابن ماجه ( رقم : 1944 )
                              وأبو يعلى ( رقم 4587 ، 4588 ) من طريق محمد بن اسحاق ،
                              عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة .
                              وعن عبدالرحمن بن القاسم ، عن أبيه عن عائشة ، به .
                              قلت : ابن اسحاق صدوق ، ومن كانت هذه صفته فإن حديثه يكون في درجة الحسن
                              بعد النظر الذي يخلص منه إلى نقائه من الخلل ،
                              كذلك هو رجل مشهور بالتدليس مكثر منه ، يدلس عن المجروحين ،
                              وشرط قبول رواية من هذا حاله أن يذكر سماعه ممن فوقه فإذا قال ( عن ) لم يقبل منه .
                              وابن اسحاق له في هذا الخبر إسنادان كما ترى ، وجمعه الأسانيد بعضها إلى بعض وحمل المتن على جميعها مما عيب عليه ، فربما كان اللفظ عنده بأحد الإسنادين فحمل الآخر عليه ، لأنه حسبه بمعناه ، وقد لا يكون كذلك .
                              قيل لأحمد بن حنبل : ابن اسحاق إذا تفرد بحديث تقبله ؟
                              قال : (( لا ، والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ،
                              ولا يفصل كلام ذا من ذا ))
                              تهذيب الكمال ( 24 : 422 ) .
                              نعم ربما كان يرويه تارةً فيذكر أحد إسناديه ،
                              كذلك أخرجه أحمد ( 6 : 269 )
                              وابن الجوزي في نواسخ القرآن ( ص : 118 _ 119 )
                              من طريق إبراهيم بن سعيد ،
                              عنه قال : حدثني عبدالله بن ابي بكر ، فذكره بإسناده دون إسناد ابن القاسم .
                              وحين رأى بعض الناس تصريح ابن اسحاق بالتحديث في هذه الرواية صححوها ،
                              قالوا اندفعت شبهة تدليسه ،
                              ونقول : فماذا عن شبهة تخليطه ؟
                              ولنجر الكلام في ظاهر الإسناد الآن في روايته عن ابن قاسم ،
                              هذا على جواز أن يكون ابن اسحاق حفظه بإسناد ابن أبي بكر .
                              والتحقيق أنه لم يحفظه . . . .
                              وببعض ما ذكرت تبطل رواية ابن اسحاق ، وإذا كان جماعة من العلماء الكبار
                              كأحمد بن حنبل والنسائي
                              نصوا على أن ابن اسحاق ليس بحجة في الأحكام ،
                              فهو أحرى أن لا يكون حجة تستعمل للتشكيك في نقل القرآن .
                              قال السرخسي: "حديث عائشة لا يكاد يصحّ ؛ لاَنّ بهذا لا ينعدم حفظه من القلوب،
                              ولا يتعذّر عليهم به إثباته في صحيفة أُخرى، فعرفنا أنّه لاأصل لهذا الحديث" .
                              على ان هناك بعض العلماء الافاضل قد بينوا معنى الحديث والمراد منه فقالوا :
                              إن التشريع الإسلامي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مر بمراحل عدة
                              حتى وفاته صلى الله عليه وسلم، وانتقاله إلى الرفيق الأعلى،
                              ومن ذلك وقوع النسخ لبعض الأحكام والآيات،
                              والنسخ عرفه العلماء بأنه: رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر.
                              ولم يقع خلاف بين الأمم حول النسخ، ولا أنكرته ملة من الملل قط،
                              إنما خالف في ذلك اليهود فأنكروا جواز النسخ عقلاً،
                              وبناء على ذلك جحدوا النبوات بعد موسى عليه السلام، وأثاروا الشبهة،
                              فزعموا أن النسخ محال على الله تعالى لأنه يدل على ظهور رأي بعد أن لم يكن،
                              وكذا استصواب شيء عُلِمَ بعد أن لم يعلم، وهذا محال في حق الله تعالى.
                              والقرآن الكريم رد على هؤلاء وأمثالهم في شأن النسخ رداً صريحاً،
                              لا يقبل نوعاً من أنواع التأويل السائغ لغة وعقلاً،
                              وذلك في قوله تعالى :
                              "مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
                              [البقرة:106]
                              فبين سبحانه أن مسألة النسخ ناشئة عن مداواة وعلاج مشاكل الناس،
                              لدفع المفاسد عنهم وجلب المصالح لهم،
                              لذلك قال تعالى:"نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا"
                              ثم عقب فقال: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )
                              والنسخ ثلاثة أقسام:
                              الأول: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، ومثاله آية الرجم
                              وهي
                              (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة..)
                              فهذا مما نسخ لفظه، وبقي حكمه.
                              الثاني: نسخ الحكم والتلاوة معاً:
                              ومثاله قول عائشة رضي الله عنها:
                              (كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات يحرمن) فالجملة الأولى منسوخة في التلاوة والحكم،
                              أما الجملة الثانية فهي منسوخة في التلاوة فقط، وحكمها باق عند الشافعية.
                              وقولها رضي الله عنها: (ولقد كان………..)
                              أي ذلك القرآن بعد أن نسخ تلاوة (في صحيفة تحت سريري)
                              والداجن: الشاة يعلفها الناس من منازلهم، وقد يقع على غير الشاة
                              من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها.
                              قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
                              (فصح نسخ لفظها، وبقيت الصحيفة التي كتبت فيها كما قالت عائشة رضي الله عنها
                              فأكلها الداجن، ولا حاجة إليها.. إلى أن قال: وبرهان هذا أنهم قد حفظوها،
                              فلو كانت مثبتة في القرآن لما منع أكل الداجن للصحيفة من إثباتها في القرآن
                              من حفظهم وبالله التوفيق.)
                              وقال ابن قتيبة:
                              (فإن كان العجب من الصحيفة فإن الصحف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى ما كتب به القرآن، لأنهم كانوا يكتبونه في الجريد والحجارة والخزف وأشباه هذا.
                              وإن كان العجب من وضعه تحت السرير فإن القوم لم يكونوا ملوكاً
                              فتكون لهم الخزائن والأقفال والصناديق، وكانوا إذا أرادوا إحراز شيء
                              أو صونه وضعوه تحت السرير ليأمنوا عليه من الوطء وعبث الصبي والبهيمة،
                              وكيف يحرز من لم يكن في منزله حرز ولا قفل ولا خزانة، إلا بما يمكنه ويبلغه وجده،
                              ومع النبوة التقلل والبذاذة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه،
                              ويخصف نعله، ويصلح خفه،
                              ويقول: "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد"
                              وإن كان العجب من الشاة فإن الشاة أفضل الأنعام، فما يعجب من أكل الشاة تلك الصحيفة، وهذا الفأر شر حشرات الأرض، يقرض المصاحف ويبول عليها،
                              ولو كانت النار أحرقت الصحيفة أو ذهب بها المنافقون كان العجب منهم أقل.
                              وقد أجاب أهل العلم عن هذا الحديث بأجوبة أبسط من هذا يرجع فيها إلى أقوالهم
                              لمن أراد المزيد،
                              وصدق الله تعالى إذ يقول:
                              "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ"
                              [النساء:83]
                              فلله الحمد والمنة، فنحن على يقين أنه لا يختلف مسلمان في أن الله تعالى
                              افترض التبليغ على رسول صلى الله عليه وسلم،
                              وأنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ كما أمر،
                              قال تعالى:
                              "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ "
                              [المائدة:67]
                              وقال تعالى:
                              "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "
                              [الحجر:9]
                              فصح أن الآيات التي ذهبت لو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبليغها لبلغها،
                              ولو بلغها لحفظت، ولو حفظت ما ضرها موته، كما لم يضر موته عليه السلام
                              كل ما بلغ من القرآن، وإن كان عليه السلام لم يبلغ أو بلغه ولكن لم يأمر
                              أن يكتب في القرآن فهو منسوخ بتبيين من الله تعالى،
                              لا يحل أن يضاف إلى القرآن.
                              ( كتبه الدكتور. عبد الله الفقيه )

                              تعليق

                              يعمل...
                              X