الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,
حب النبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ على كل مسلم, والحب يكون بالإتباع لا بالإبتداع, ولقد قال بعض المبتدعة من غلاة الصوفية في زمننا هذا وأزمنة خلت أنهم يتصلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً في موالدهم وفي أماكن أخرى ! ومما وقع في يدي بهذا الشأن تسجيل صوتي لمفتي جمهورية مصر العربية فضيلة الشيخ عليّ جمعة غفر الله له ولنا وسامحه الله على ما قال, يقول فيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة !!! ويُشنِّع على من لم يقتنع برأيه! وأخذ يغمز ويهمز بنبرة استهزاء بالذين قالوا بالدليل باستحالة وقوع هذا, غفر الله له, وأحببت تبيان الحق في المسألة لإن الشيخ لم يعرض وجهة النظر المخالفة.
قال الشيخ عليّ جمعة سامحه الله: (كنت منهمكاً في قراءة كتب السيرة .. قرأت قرابة الأربعين كتاب .. ثم تجلى لي النبي فرأيته يقظة ) واستدل بهذا الحديث ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) وللأسف الشديد فقد قام المفتي عفا الله عنه ببتر شهادة الراوي في هذا الحديث, ولكن قبل أن أعلِّق على هذا الحديث أريد أن أسأل المفتي وكل من يؤمن بما قاله المفتي من إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعض الأسئلة المشروعة:
لماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم يقظة في مواقف كانت محددة لمصير الأمة ؟ لماذا لم يظهر يقظة للمهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة وقت الاختلاف على الخلافة ؟ لماذا لم يظهر لأبي بكر رضي الله عنه في شأن نزاعه مع الزهراء رضي الله عنها في قضية فَدَك؟ لماذا لم يظهر في صفين وفي حروراء ليفضَّ جمهور الخوارج عن عليٍّ رضي الله عنه ؟ لماذا لم يظهر يقظة لمعاوية فينهاه عن قتال عليّ وأهل العراق ؟
أعتقد أن هذه الأسئلة "منطقية" جداً ونريد إجابات مقنعة من المفتي وأنصار هذا الرأي, فهذه المواقف أحرى وأوجب لظهور الرسول صلى الله عليه وسلم يقظةً, وهي أعظم من الموالد والمناسبات العامة وحالات الاختلاء بالنفس.
وقد قال الحافظ السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وآله في اليقظة بعد موته:« لم يصل إلينا ذلك ـ أي ادعاء وقوعها ـ عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتُها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه» نقل ذلك القسطلاني في(المواهب اللدنية) (5/295) عن السخاوي.
وأيضاً ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني «أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك » ، ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله:« وهذا مشكل جدًا ولو حُمِل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعًا جمًا رأوه في المنام ، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف » (فتح الباري) (12/385).
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز/ في(حكم الاحتفال بالمولد النبوي): «بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له مُحَيِّين ومرحّبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون:15- 16) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلَّم :«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر.وأول شافع وأول مشفع » عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي ص وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ». اهـ (والحديث رواه مسلم).
أما حديث (من رآني في المنام فسوف يراني) فهو "مبتور", والراوي نفسه لم يذكر (فسوف يراني) وسكت, إنما قال في روايته عن حديث النبي: ( من رآني في المنام فسوف يراني أو لكأنما رآني في اليقظة ) وهذه التكملة تدل على وقوع الشك في رواية الراوي, لإن رواية البخاري ليس فيها هذا اللفظ (فسوف يراني) إنما لفظ البخاري هو (فقد رآني) فقط, من غير زيادة ولا نقصان.
وقال الشيخ شحاتة صقر: والرواية أخرجها مسلم (حديث رقم 2266) ، وأبو داود (حديث رقم 5023) ، و أحمد (5/306) الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة » وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني » أو «فقد رآني»؛ لأن كلًا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
فيتضح أن رواية الحديث الذي استدل به المفتي عفا الله عنه مبنية على الظن لقول الراوي (أو لكأنما رآني) وبالتالي نحن نأخذ المُحكَم ولا نأخذ المتشابه, والرواية المحكمة في الحديث هي (فقد رآني) أي أن رؤية النبي في المنام هي رؤية حق لإن الشيطان لا يتلبس بالنبي صلى الله عليه وسلم, وبالتالي فرؤيته في اليقظة مستحيلة من كل وجه.
حب النبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ على كل مسلم, والحب يكون بالإتباع لا بالإبتداع, ولقد قال بعض المبتدعة من غلاة الصوفية في زمننا هذا وأزمنة خلت أنهم يتصلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً في موالدهم وفي أماكن أخرى ! ومما وقع في يدي بهذا الشأن تسجيل صوتي لمفتي جمهورية مصر العربية فضيلة الشيخ عليّ جمعة غفر الله له ولنا وسامحه الله على ما قال, يقول فيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة !!! ويُشنِّع على من لم يقتنع برأيه! وأخذ يغمز ويهمز بنبرة استهزاء بالذين قالوا بالدليل باستحالة وقوع هذا, غفر الله له, وأحببت تبيان الحق في المسألة لإن الشيخ لم يعرض وجهة النظر المخالفة.
قال الشيخ عليّ جمعة سامحه الله: (كنت منهمكاً في قراءة كتب السيرة .. قرأت قرابة الأربعين كتاب .. ثم تجلى لي النبي فرأيته يقظة ) واستدل بهذا الحديث ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) وللأسف الشديد فقد قام المفتي عفا الله عنه ببتر شهادة الراوي في هذا الحديث, ولكن قبل أن أعلِّق على هذا الحديث أريد أن أسأل المفتي وكل من يؤمن بما قاله المفتي من إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعض الأسئلة المشروعة:
لماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم يقظة في مواقف كانت محددة لمصير الأمة ؟ لماذا لم يظهر يقظة للمهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة وقت الاختلاف على الخلافة ؟ لماذا لم يظهر لأبي بكر رضي الله عنه في شأن نزاعه مع الزهراء رضي الله عنها في قضية فَدَك؟ لماذا لم يظهر في صفين وفي حروراء ليفضَّ جمهور الخوارج عن عليٍّ رضي الله عنه ؟ لماذا لم يظهر يقظة لمعاوية فينهاه عن قتال عليّ وأهل العراق ؟
أعتقد أن هذه الأسئلة "منطقية" جداً ونريد إجابات مقنعة من المفتي وأنصار هذا الرأي, فهذه المواقف أحرى وأوجب لظهور الرسول صلى الله عليه وسلم يقظةً, وهي أعظم من الموالد والمناسبات العامة وحالات الاختلاء بالنفس.
وقد قال الحافظ السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وآله في اليقظة بعد موته:« لم يصل إلينا ذلك ـ أي ادعاء وقوعها ـ عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتُها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه» نقل ذلك القسطلاني في(المواهب اللدنية) (5/295) عن السخاوي.
وأيضاً ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني «أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك » ، ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله:« وهذا مشكل جدًا ولو حُمِل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعًا جمًا رأوه في المنام ، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف » (فتح الباري) (12/385).
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز/ في(حكم الاحتفال بالمولد النبوي): «بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له مُحَيِّين ومرحّبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ (المؤمنون:15- 16) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلَّم :«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر.وأول شافع وأول مشفع » عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي ص وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ». اهـ (والحديث رواه مسلم).
أما حديث (من رآني في المنام فسوف يراني) فهو "مبتور", والراوي نفسه لم يذكر (فسوف يراني) وسكت, إنما قال في روايته عن حديث النبي: ( من رآني في المنام فسوف يراني أو لكأنما رآني في اليقظة ) وهذه التكملة تدل على وقوع الشك في رواية الراوي, لإن رواية البخاري ليس فيها هذا اللفظ (فسوف يراني) إنما لفظ البخاري هو (فقد رآني) فقط, من غير زيادة ولا نقصان.
وقال الشيخ شحاتة صقر: والرواية أخرجها مسلم (حديث رقم 2266) ، وأبو داود (حديث رقم 5023) ، و أحمد (5/306) الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ «فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة » وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ «فكأنما رآني » أو «فقد رآني»؛ لأن كلًا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
فيتضح أن رواية الحديث الذي استدل به المفتي عفا الله عنه مبنية على الظن لقول الراوي (أو لكأنما رآني) وبالتالي نحن نأخذ المُحكَم ولا نأخذ المتشابه, والرواية المحكمة في الحديث هي (فقد رآني) أي أن رؤية النبي في المنام هي رؤية حق لإن الشيطان لا يتلبس بالنبي صلى الله عليه وسلم, وبالتالي فرؤيته في اليقظة مستحيلة من كل وجه.
تعليق