الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا "محمد" وعلى أله وصحبه وسلم...وبعد...
حياكم الله إخوانى وأخواتى فى الله....
*إن شاء الله سأبدأ مع حضراتكم سلسلة "روضة التوحيد" التى سنتناول فيها خواطر حول التوحيد نحاول فيها أن نتجول فيها فر رياض التوحيد وأن نقطف زهور يانعات نحاول من خلالها تثبيت معانى التوحيد فى قلوبنا ....
*إن ثبوت التوحيد فى يقين المسلم له أمارات وأهمها ::"الإعتقاد الراسخ بأن الضار والنافع هو الله وحده ولا أحد غيره فى السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ....فمن وصل به التوحيد إلى هذا المستوى الرفيع فهذا الموحد حقاً فعلاً وقولاً....
_ومن تمت له هذه النعمة اطمأن قلبه ولم تفزعه الأحداث ، ولم يزعزعه جبروت الطغاة ولا طغيان الظالمين ، لوثوقه الكامل أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه...
ولهذا المعنى لفت ربنا تعالى أنظار الناس إلى سبب العبادة فقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة21.......لقد أمرنا أن نعبده وحده وأن نفزع إليه وحده وألا نُشرك معه فى تكييف أمور الخلق أحداً أخر ، ضماناً لسعادتنا ، وتحقيقاً لراحتنا ، واتقاءاً لكل ما يعكر صفو حياة البشر .....
وقد بين الله سبحانه_وهو غنى عن ذلك_ العلة فى ذلك ::فهو الذى خلقنا والذين من قبلنا ، فهو وحده الأعلم بما ينفعنا وما يضرنا .....وجعل لنا الأرض عليها ننام ، وفى مناكبها نسعى ومن ترابها نستخرج الحب والثمر وكل ما يوفر لحياتنا أسباب السكينة والأمن والراحة .....
ومن كان هذا شأنه فهو وحده الأحق بالعبادة ....فمن التجأ إلى غيره فيما يريد ويطلب ، فقد أشرك مع الله أخرين يُستعان بهم ينفعون ويضرون وهذا عين المحال!!!!...
وما من شك أن من سما إلى هذا المستوى ، توافرت فيه كل عوامل العزة والنبل لأنه يقول الحق لا يخشى فيه لومة لائم ،، يدعو إلى الخير لا يرهبه ظلم ظالم .....وينشد الإصلاح لا يخاف معه غشم غاشم ....
هو مؤمن ....موحد ....وضريبة الإيمان وقوام التوحيد تنشدان الخير والدلالة عليه مهما كانت الصعاب التى تعترض طريقه وأيا كانت الصواعق التى تواجه عزيمته .....وما أجمل حياة يكثر فيها الموحدون لله بما ينشرونه من يسر وسعادة وإيمان!!!!
_وليس الأمر فى صدق التوحيد مقصوراً على النفع الدنيوى فحسب بل فيه أيضاً تكفير الذنوب وغفران الخطايا ويكون التوحيد الخالص حصناً للمؤمنين ، ووقاية للخاطئين .....فحمى الملك سبحانه العلام بصدق التوحيد كفيل بكل خير .....
قال رسول الله فيما أخبر عن رب العزة ((قال الله تعالى :::يا ابن أدم لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم أتيتنى لا تشرك بى شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة))).....
_أرأيتم أين يضع التوحيد الخالص المبتغى به وجه الله وحده ، أرأيت أين يضع المسلم من مغفرة الله ؟؟؟
على ماكان عليه المسلم من عمل ، وما كان الأمر فى هذا المقام "إعتباطاً" لأن رسوخ التوحيد فى قلب المؤمن ،جدير بأن يجعل علاقته بالله سليمة مستديمة ....فإن زلت به قدم فى هاوية ذنب كانت هذه الصلة السامية الغالية كافية للنهوض بعد كبوة .....وهكذا لا بد أن تكون مغفرة الذنوب هى خاتمة المطاف عند إحسان الله تعالى...
_ويتحقق هذا المعنى واضحاً جلياً فى الحديث القدسى الذى ذكرناه :::حيث يقرر الكبير المتعالى تفضلاً منه وتكرماً على عباده أنه من يأته منهم موحداً صادقاً مخلصاً لا يُشرك به شيئاً .....وكان مرتكباً من المخالفات ما يملأ طباق الأرض ذنوباً ، فإنه جل وعلا يأتيه بكل عالم الأرض مغفرة وإحساناً....
إذن فهذا الشرك بالله وعدم الإعتراف بواحدانيته ، وعدم اللجوء إليه فى كافة الأحوال ، وعلى مختلف الحالات ،هو وحده الذى لا يُقبل معه صرفاً ولا عدلاً ....صدق الله تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَلِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }النساء48....فانظر إلى هذا المدى الواسع فى تكفير الذنوب ومغفرتها لمن يشهد أن ""لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله "" .....فإذا ما صح منك اليقين إلى هذا فقد حق لك أن تركن إلى جانب الرحمن الرحيم أمناً مُطمئناً على ماكان منك من عمل....
_فافهم أخى وأختى فى الله ::
أن التلفظ بالشهادة وحده غير كاف بنجاة من النار ودخول الجنة بل قوامها التجرد من كل مقصود سواه ، وإختصاصه وحده سبحانه بالعبادة التى بين لنا طريقها وأوضاعها ، فمن ظنَ يوماً أن غير الله يضر أو ينفع ، يعطى أو يمنع ، يخفض أو يرفع ، يعز أو يُذل فإن (((توحيده مشكوك فيه))) به كثير من الدخل الذى لا يرضاه الله ولا يتبينه إلا من هدى الله......
الله أسأل أن يجعلها سلسلة نافعة لنا جميعاً .....وأن يعلمنا علماً نافعا .....
فستذكرون ما أقول لكم...... وأفوض أمرى إلى الله ....إن الله بصيرٌ بالعباد....
تعليق