الجهاد عقيدة أم عبادة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
وبعد ..
الجهاد عقيدة أم عبادة سؤال يتردد في أذهان الكثيرين ، فبينما يقول أقوام بأن الجهاد هو عبادة كسائر العبادة لها شروط وأحكام ويضعون لها القيود ، يرى أقوام أخر أن الجهاد عقيدة ماضية وفريضة مضيعة لم تؤدي الأمة حقها وما عليها بخصوصها وفي هذه السطر سأعرض لهذا الأمر لنبين للناس هل الجهاد عقيدة أم عبادة .
الذين يقولون أن الجهاد عبادة مثله مثل الصلاة لا نختلف معهم كثيراً في كون أن الجهاد عبادة ، ولكن نختلف معهم في وقت هذه العبادة وإمكانية أدائها ، وهل استوفت الشروط اللازمة لأدائها أم أنها لم تستوفها ، فمثلاً الصلاة المكتوبة لها وقت معلوم فإذا جاء وقتها لا يجوز بحال أن يتخلف المرء عن أدائها إلا لمانع معتبر ، وإذا علمنا أنه حتى في انعدام الماء يتيمم المكلف لأدائها وحتى في حالة القتال شرع الله للمؤمنين المجاهدين صلاة الخوف ، فهذا في الصلاة التي هي عبادة لازمة تتعلق بالفرد المكلف ، فكيف بالجهاد الذي هو عبادة متعديه تتعلق بالأمة ككل ؟؟؟
وللجهاد كعبادة وقت كما للصلاة فوقتها يبدأ حين يدهم العدو بلداً من بلدان المسلمين ، أو حين يلتقي الصفان فلا تخلف حينها ، أو حين يعين الإمام أشخاصا بعينهم للنفير ، في حالتنا المعاصرة انطبقت الحالتان الأولى والثانية ، وتخلفت الثالثة إن أخذنا أن حكامنا لم يقوموا بما أوجبهم عليه الله تعالى من قتال الكفار ، فالعدو داهم بلداناً للمسلمين وليس بلداً واحداً وألتف على الأمة وأحاط بها لتطويعها ، والتقت الصفوف فلا يجوز التخلف ولو بالرأي والنصح ، وفوق هذا لم تتحقق الكفاية ، والأمة تذبح من وريدها لوريدها ، فكيف يطيب لك يا من تقول أن الجهاد عبادة أن تصلي والصلاة لازمة لك مع عظم تكليفها ومكانتها ، وتفصل بين هذه الصلاة وعبادة الجهاد التي بها قوام الدين ، وحفظ بيضته ومن لوازم الصلاة أنها تنهى عن الفحشاء و المنكر فهل هنالك منكر أكبر من سفك دم المسلم ظلماً وبهتاناً ، و انتهاك عرض الرجال والنساء على السواء وظلم الناس وأخذ حقوقهم بالبغي والعدوان ، ، وأنت أيها المصلي العابد تنظر ، فلا يتلظى قلبك ولا تدمع عينك ولا تحدث نفسك بغزو ، ناهيك أن تنفق من كرائم أموالك ما يقيك مصارع السوء ، أو تغبر أقدامك في سبيل الله تعالى لتكون كلمته هي العليا ثم دفاعاً عن المستضعفين من النساء والولدان ، ولا تسيل دماءك فداء لهذا الدين وهذه العقيدة ، فهل عبادتك وصلاتك تصح بهذا أم أن فيها دخناً ؟؟؟؟
إننا مع تسليمنا أن الجهاد عبادة نعتقد أن الجهاد عقيدة وفريضة مضيعة ، فإن احتج علينا بأنه كيف جعلتموها عقيدة وهي عبادة ، قلنا وما الذي جعل المسح على الخفين مضمناً في اعتقاد أهل السنة والجماعة ؟؟؟
فإن قال مخالفة للروافض المشركين ، وتمايزاً من أهل البدع والمحدثات من الأمور ، قلنا وكذلك الجهاد فإن الحكام لما بدلوا وغيروا وأرادوا للجهاد أن يندثر ، ولما أنكرته المرجئة وتحججت للتخاذل عنه طوائف وجماعات واستبدلت ذلك بالعمل السياسي الذي هو في جوهره تحكيم زبالة الأذهان وحثالة الأفكار ، كان الجهاد معلماً من معالم الطائفة المنصورة وصار بذلك عقيدة تمايزاً من أهل البدع والمحدثات من الأمور ، و مباينة للمخذلين والواهنين .
ثم هل هنالك مقارنة بين الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام وهو المصب الطبيعي لكل أعمال الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبين المسح على الخفين الذي هو فرع و ليس بأصل وهو رخصة وتخفيف على المقيم والمسافر ، فإذا علم الفرق عرف أن الأمر يحتاج إلى فقه وإعمال عقل وتدبر ، لا مجرد الحفظ والنظر في الكتب .
إننا حين نقول أن الجهاد عقيدة نستصحب أن هذا الجهاد هو الذي سيعلي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وبهذا الجهاد ستقوم دولة الإسلام التي طال انتظارها وباتت تترقبها الأمة من زمن بعيد ، خلافة على منهاج نبوة بإذن الله تعالى ، إن الجهاد عقيدة لأنه يحقق شريعة الله ويطبقها على أرض الواقع ، إن الجهاد عقيدة لأن شعيرة الحسبة تكون لها الغلبة فلا فوضى ولا منكرات ولا ظلم ولا عبث بمقدرات الأمة ، بل نظام وطاعة في المعروف وعدل وإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه .
وقضت حكمة الله تعالى ألا يوفق لهذا الأمر إلا القلة من أبناء الأمة وألا يكون الاصطفاء بالشهادة إلا لقلة من هذه القلة ، فأعلم يا من وفقك الله لسلوك هذا الدرب إما مناصرة لمن سار على هذا الطريق ، أو سيراً فيه إنما هذا اصطفاء ، وإنما عليك أن تترقى لتحوز منه الدرجات العلى ، وكل بحسب وسعه وطاقته إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ولكن من جد واجتهد فلا بد أن يكرمه الله ، ويقر عينه ، وبحسب إيمان العبد تكون الدرجات وتفتح أبواب الخيرات والبركات والكرامات ، فشمروا عن سواعد الجد والله الله في هذه العقيدة والفريضة المضيعة لا يلفتنكم عنها الكذبة من الدجاجلة ، ولا يخذلنكم عنها أهل المصالح الدنيوية من الذين ماتت هممهم وعجزت عن إدارك المجد ، بحجة مصلحة الدعوة ، فلا دعوة والطاغوت يتحكم في أقوالنا ويحاسبنا على نوايانا ، ويقيد عباداتنا كما هو حاصل في الكثير من بلدان المسلمين .
وكلنا رأينا كيف نقض حكم الله واستبدل بالقانون اللعين ، وها قدبدأ نقض الصلاة فهذه تونس يفرض فيها على المصلين بطاقات لضبط المصلين وتحدد لهم مساجداً بعينها والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) ، ويذهب صانع التغيير كما يسميه الكفرة من زبانيته إلى أنه لا يجوز إعارة هذه البطاقة ولا التنازل عنها وأنه من يريد ترك الصلاة عليه تسليم بطاقته ، كما وأنّ الرقابة على المساجد والمصلين وبالذات صلاة الفجر سبب للاعتقال والتضييق ، فيا من قلت أن الجهاد عبادة أليس هذا من موجبات قيامك بها ، الم يعد في قلبك ذرة من حياء لتقوم بما أمرك الله به من نسف لطواغيت الأرض ليصلي الناس كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يا من قلت أن الجهاد عبادة نقول لك عبادة وعقيدة ، فلا صلاة والخوف يسيطر على القلوب ، ولا صلاة والمرء يرقب الطاغوت أكثر من مراقبته لربه ، ولا صلاة إلا تحت ظلال السيوف فالله مولاك ، ومن كان الله وليه ومولاه وناصره ، فمن يعاديه ومن سيغلبه ، إن هي إلا نار أبداً أو جنة أبداً ، فانظر هل هدتك صلاتك لذروة السنام ، أم أن الذنوب أوهنت عزمك وبلدت حسك وخذلتك بالأوهام .
اللهم تقبل منا وثبتنا على الحق ، فإن الطواغيت ما تنركوا صالحا إلا آذوه ، ولا ركنا من أركان ديننا إلا حاولوا هدمه ، اللهم ثبتنا وارفع درجتنا وقو عزمتنا وزد في إيماننا ، ففتنة الصائل أذهبت عقول الرجال فضلوا عن معرفة الحق ونصرته ، وركنوا للظالمين وناصروا الكافرين ، اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى اللهم أرو بدمائنا شجرة الإسلام ، واجعل من جماجمنا صرحاً تقوم عليه راية لا إله إلا الله محمد رسول الله ، اللهم فك قيدنا ومتعنا بالجهاد في سبيلك ، واغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وانصرنا على القوم الظالمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
منقول : بتصرف
تعليق