إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الذبح لغير الله تعالى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الذبح لغير الله تعالى

    الذبح - عبادة يتقرب بها الإنسانُ إلى ربه -سبحانه وتعالى- كذبح الأضحية، وذبح الهدي، والعقيقة، والذبيحة لإكرام ضيفه، وليطعم أهله، وكل ذلك يذكر الإنسان اسم الله عليه، وهذه الذبيحة يتقرب بها إلى الله -سبحانه وتعالى- فلا يجوز صرف هذه العبادة لغير الله
    قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ﴾ [الأنعام: 162، 163]، وقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].
    ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي﴾ [الأنعام: 162]، الصلاة في اللغة هي الدعاء، وأيضًا هي الصلاة المعروفة، ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ النسك: هو الذبح،
    ﴿وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ﴾ تأكيد على هذه القضية.
    ﴿وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ أي أول المُبادرين من هذه الأمة، أو أول المبادرين لهذا الأمر، القائمين بهذا الأمر، فنبينا -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله تعالى أول مَن يُبادر لذلك فيُخلص هذه العبادات لله، وهذا واجبٌ على كلِّ مسلمٍ.
    وبهذا يجب على كل مسلم ألا يصرف شيئًا من عبادته لغير الله -سبحانه وتعالى- فلا يذبح لغير الله، ولا يتقرَّب لقبرٍ، ولا لصنمٍ، ولا لوليٍّ، ولا لنبيٍّ، ولا لغيره، فلا يذبح لغير الله -سبحانه وتعالى.
    وقول الله -تبارك وتعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2] أمرٌ للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما /
    هنا يتقرب الإنسان بالنسك، بالأضاحي، والهدي، والهدي يكون للمُتمتع والقَارِن، والمُفرِد أيضًا فهو في حقِّه سُنَّة، وغيرها أيضًا من دم الجُبْرَان، فكل ذلك من الأمور المشروعة للعبد أن يتقرَّب بها لله رب العالمين، وكذلك العقيقة التي تذبح عن المولود يوم سابعه، أو في غيره، فكل هذا من العبادات التي يتقرب بها العبدُ لله رب العالمين.
    الآيات السابقة كلها دلَّت على أن الذبح عبادة، فلا يجوز صرف هذه العبادة لغير الله هذا هو المُحرَّم، وهو من الشرك أن نصرف العبادة لغير الله تعالى.
    وقد يذكر أهلُ العلم بعضَ الحالات الأخرى وهي: مَن يذبح للسُّلطان، من باب التَّقرُّب والتَّعظيم، فيذبح له عند نزوله ثم يتركه، هذا يدخل أيضًا في هذا الباب؛ لأنَّه من باب التَّعظيم.
    الذين يذبحون للأصنام، فيأتون بذبيحةٍ إلى هذا الصنم، ويُنزلونها ويذبحونها عنده، وهذه القضية موجودةٌ في كثيرٍ من بلاد المسلمين، فبعضهم يُسافر لمدة شهرٍ ومعه بهيمة ليُقرِّبها لغير الله -عز وجل.
    فالذبح لغير الله موجودٌ -للأسف الشديد- في بعض بلاد المسلمين، وأحيانًا يكون فيها كثيرٌ من التَّلاعب، فذكروا في بعض زوار القبور أنَّه يأتي عند القبر شخصٌ ويكون عنده خروفٌ واحدٌ، فيأتي شخصٌ ويشتريه لأجل أن يذبحه، ويستلم النقودَ منه، ثم يأت الثاني ويشتريه، ثم يأتي الثالث ويشتريه، ثم يأتي الرابع، فيُباع هذا الخروف إلى خمسة أو ستة أو عشرة أو مئة ويأخذون أموالهم، كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ﴾ [التوبة: 34].

    عن عليٍّ -رضي الله عنه- قال: "حدَّثني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بأربع كلماتٍ: «لَعَنَ اللهُ مَن ذَبَحَ لغَيرِ اللهِ، لَعَنَ اللهُ مَن لَعَنَ وَالِدَيهِ، لَعَنَ اللهُ مَن آوَى مُحدِثًا، لَعَنَ اللهُ مَن غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ»". رواه مسلم)}.
    عن عليٍّ -رضي الله عنه- قال: "حدَّثني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بأربع كلماتٍ" أي بأربع جملٍ، «لَعَنَ اللهُ مَن ذَبَحَ لِغَيرِ اللهِ». اللَّعنُ: هو الطَّرد والإبعاد من رحمة الله تعالى، وانظر هنا لما قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: 23] بدأ بأعظم الحقوق، وهو توحيد الله، وهنا بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بأعظم الذنوب وهو الذبح لغير الله؛ لأنَّه شركٌ ولعنٌ لمَن ذبح لغير الله تعالى، فهو طردٌ وإبعادٌ من رحمة الله، استحقَّ عليه صاحبه هذا الوعيد الشديد.
    مَن ذبح لغير الله سواءً ذبح بعيرًا أو بقرةً أو دجاجةً أو عصفورًا، فعلى المسلم ألا يذبح شيئًا لغير الله، فلا يتقرَّب بأيِّ شيءٍ لغير الله -سبحانه وتعالى.
    الثاني في هذا الحديث: قال: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيهِ»
    هذا حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ وَأُمَّهُ؛ فيَسُبُّ أَبَاهُ وأُمَّهُ» فيكون الإنسانُ سببًا في لعن والديه، فإذن هذا يستحق اللعن، لعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
    فيحذر الإنسانُ من أن يكون سببًا في ذلك لوالديه، وكما أن القريب أشد في البر، فكذلك يكون في الإثم أشد، فحقُّه في البر أعظم، وكذلك حقُّه في التعدي عليه ولعنه يكون أشد وأكثر، وإن كان لا يجوز لعن مسلمٍ أصلًا، فلا يجوز للمسلم أن يلعن إخوانه المسلمين.
    «لَعَنَ اللهُ مَن آوَى مُحْدِثًا» آواه أي نصره وساعده، أو أنَّه ضمن له السَّكن أو المكان، والمُحْدِثُ ما هو؟ عندنا أكثر من معنى للمُحْدِث: فهو المُبتدع الذي يدعو إلى بدعةٍ، فلعن الله من آواه، فالذي يأوي هذا ويُناصره ويُساعده ملعونٌ على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فشخص يدعو إلى بدعته، أو إلى ضلالته، كمن يدعو إلى القبور، ويدعو إلى الشرك، ويدعو إلى الضلالة، ويدعو إلى أيِّ بدعةٍ كانت، فهذا يكون ملعونًا على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
    أيضًا من معاني المحدث: من يُحدث حدثًا، كمن يقوم بسرقةٍ، أو يُفسد في بلدٍ، ويفجر، ويقتل من المسلمين، ويُخلُّ بالأمن، فهذا أيضًا يدخل في ذلك، فلا يؤوى ولا يُنصر بأيِّ حالٍ كان، فإذن يدخل في هذه النوعية، وأشدهما المُحدِث في الدين، المُبتدع في الدين، ولذلك نجد أن أثر الإحداث بالبدع يمتد ويكون له جذورٌ، أو تكون لها امتدادات كثيرةٌ على الأجيال القادمة.
    الجملة الرابعة: «لعَنَ اللهُ مَن غَيَّرَ مَنَارَ الأرضِ» ومنار الأرض هو علاماتها، العلامات التي في الأرض، والحدود التي بين هذا وهذا، فهذا ملك فلان وهذا ملك فلان وبينهما طريق، أو حد، أو علامات، مَن غيَّر هذه العلامات فهو ملعونٌ على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
    أيضًا مثل أن آتي إلى هذا الطريق وأمشي مع هذا الطريق فيُقال الرياض هنا على اليمين، فتأتي إليه وتضع السهم بالعكس وتقول: الرياض اتجاه اليسار، يجوز هذا؟ فآتي أنا مسكينٌ لا أعرف الطريق فأذهب يسارًا فماذا يكون؟ فهذا يدخل في تغيير العلامات.
    إذن لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأصناف الأربعة: الأول: مَن ذبح لغير الله، وهو أشدهم لأنَّه شركٌ. الثاني: مَن لعن والديه. الثالث: مَن آوى مُحدِثًا، فهو لم يُحدث وإنَّما آواه وناصره. الرابع: مَن غيَّر منار الأرض.
    ففي هذا دلالةٌ كافيةٌ على المنع أو تحريم الذبح لغير الله -سبحانه وتعالى.
    تأتي هذه القصة العظيمة التي رواها طارق بن شهاب، فحديث علي -رضي الله عنه- رواه الإمام مسلم، فهو في صحيح الإمام مسلم، والحديث الثاني: حديث طارق بن شهاب، هو صحيحٌ موقوفٌ على سلمان الفارسي -رضي الله عنه- وفي هذه القصة موقف عظيم.

    وعن طارق بن شهابٍ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «دَخَلَ الجَنَّةَ رَجُلٌ في ذُبَابٍ، ودَخَلَ النَّارَ رَجُلٌ في ذُبابٍ». قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «مَرَّ رجُلانِ عَلَى قَومٍ لهم صَنَمٌ، لا يَجُوزُه أَحَدٌ حتَّى يُقَرِّبَ له شَيئًا، فقَالُوا لأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ. قَالَ: لَيسَ عِنْدِي شَيءٌ أُقَرِّبُه. قَالُوا لَهُ: قَرِّبْ وَلَو ذُبَابًا. فقَرَّبَ ذُبَابًا، فَخَلوا سَبِيلَهُ، فَدَخلَ النَّارَ، وقالُوا للآخَرِ: قَرِّبْ. فقال: مَا كُنْتُ لأُقَرِّبَ لأحدٍ شَيئًا دُونَ الله -عز وجل- فضَرَبُوا عُنُقَه؛ فدَخَلَ الجَنَّةَ». رواه أحمد.


    «دَخَلَ رَجُلٌ الجَنَّةَ فِي ذُبَابَةٍ» أي بسبب ذبابة، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «مَرَّ رَجُلانَ علَى قَومٍ لهُم صَنَمٌ يَعْبُدُونَهُ مِن دُونِ الله تعالى، لا يَجُوزُهُ أَحَدٌ» أي لا يتجاوز أحدٌ مكانَ صنمهم حتى يُقرِّب له شيئًا، أي يُقدِّم له شيئًا يتقرَّب به له.
    «فَقَالُوا لأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ. قَالَ: لَيسَ عِنْدِي شَيءٌ أُقَرِّبُه» ما عندي شيءٌ، «قَالُوا: قَرِّبْ وَلَو ذُبَابَةً» والمقصود هنا هو الاستجابة، أي قرِّب ولو شيئًا يسيرًا، فقرب ذبابًا فخلوا سبيله، فدخل النار، لماذا؟ لأنَّه قرَّب لغير الله -عز وجل- فصرف العبادة لغير الله -سبحانه وتعالى.
    «وَقَالُوا للآخر: قَرِّبْ. قَالَ: مَا كُنْتُ لأُقَرِّبَ شَيئًا دُونَ اللهِ -عز وجل- فَضَربُوا عُنُقَه فَدَخَلَ الجَنَّةَ». رواه الإمام أحمد، وسنده صحيح إلى سلمان الفارسي.
    فإذن هذه القصة العظيمة فيها بيانُ أنَّ من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله الذبح، فلا يجوز أن يصرف لغير الله -عز وجل- وكم من الناس مَن يدفع ماله ليكون هذا المال وبالًا عليه، فإنَّه صرفه لغير الله -سبحانه وتعالى- وذبح وقرَّب لغير الله تعالى.
    فلا يجوز للمسلم أن يصرف هذه العبادة سواءً الذبح، أو النذر، أو غيرها من العبادات كلها، لغير الله رب العالمين
    د/عبد الله بن دجين السهلى (بتصرف)

  • #2
    رد: الذبح لغير الله تعالى

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم

    تعليق


    • #3
      رد: الذبح لغير الله تعالى

      وأنتم أهل الجزاء والخير

      تعليق


      • #4
        رد: الذبح لغير الله تعالى

        ​جزاكم الله خيراً
        قلتُ : يا أقصى سلاماً، قالَ : هل عادَ صلاح؟ قلتُ : لا إنّي حبيبٌ يرتجي منكَ السماح !
        #الأقصى_في_خطر


        تعليق

        يعمل...
        X