حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- «لَعَنَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج»، رواهُ أهل السنن، أبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، كلهم أخرجوا هذا الحديث، والصحيح من هذا الحديث: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور»، فهذا لعْن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
«والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج»، هذا اللفظة منها ضعيفة، لكن اتخاذ المساجد والسُّرُج وَرَدَ في أحاديثَ أُخرى، فبالتالي مَرَّ معنا الأحاديث: «لعنة الله على اليهودِ والنصارى، اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد»، وهذه الأحاديثُ صحيحة.
زائرات القبور: أي النساء اللاتي يَزرن القبور، والنساء كما تعلم أن كثيرات من النساء الآن إذا زُرن القبورَ، نجد منهن من يأخذ منها التراب، ومنهن مَن تَتبرك بالقبور، لهن أعمال كثيرة أكثر من الرجالِ، وإن هذا موجود أيضًا في النساءِ، لكنْ هنا جاء «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور»، جاءتْ فيه أحاديثُ أُخرى، حديث أمِّ عطية -رضي الله عنها- «نُهينا عن اتباعِ الجنائز، ولم يُعْزَم علينا».
لهذا السبب: اختلفَ أهلُ العلمِ في هذه المسألة، فذهب جمهور أهل العلم على تحريمِ زيارة النساء القبورِ، هذا مذهب جمهور أهل العلم؛ أي: لا يجوزُ للنساء أنْ تزور القبور.
وَذَهَبَ بعضُ أهل العلم إلى جوازِ ذلك، واستدلُّوا بحديثِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «كنت نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ، ألا فزُوروها، فإنها تُذكر الآخرةَ»، وهذه الأحاديثُ فيها ردٌّ على القبورية؛ «فإنها تذكركم الآخرة»؛ يعني لا تدعوها، ولا تتوجهوا إليها، وإنما تذكركم بالآخرة، هذا هو الغرض من زيارة القبور، وأيضًا الدعاء لهم كما كان يفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن هذا الحديث: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور»، هنا الخطاب للرجال أم للنساء، أم خطابٌ عام؟ ذهب بعض أهل العلم إلى أنه عام، ولذلك أجازوها، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها مخصوص حديث: «لعن رسول الله زائرات القبور»، فيكون مخصوصًا من هذا العموم بهذا الحديث، ولذلك الراجح من هذه الأحاديث هو نهي النساء عن زيارة القبور، النهي عن زيارة القبور، ولذلك جاء أيضًا في قصة المرأة التي كانت تَبكي على ولدها فلما رآها النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرها بالصبر فقالت: إليكَ عني، إليك عني، ثم لما ذهب، أُخبرت أنه رسول الله فلحقت به، فقصتها مشهورة في الحديث.
فلذلك الصواب من أقوال أهل العلم وهو الراجح من أقوال أهل العلم أن هذا الحديث دليل على منع النساء من زيارة القبور، نهي النساء عن زيارة القبور.
د/عبد الله بن دجين السهلى
تعليق