لقد بين الله عز وجل في كتابه وعلى لسان رسوله أن له أسماءً تسمى بها وصفاتٍ اتصف بها
وينبغي على المسلم أن يتعبد لله عز وجل بهذه الأسماء والصفات إثباتاً لها وعملاً بمعانيها ومقتضياتها
متقرباً بذلك لله جل وعلا وإن الإيمان بهذه الأسماء والصفات ينمي في حس المسلم ووجدانه معاني الإيمان
ويحيي في قلبه معاني التعظيم لله جل وعلا وتقديره حق قدره.
إثبات صفتي السمع والبصر لله سبحانه وتعالى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فأن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة,
وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
فإن العلم بصفات الله جل في علاه هو أرقى العلوم وأشرفها، إذ العلم علمان: علم بالله, وعلم بأمره ونهيه. وأشرف العلوم على الإطلاق العلم بالله؛ لأنه ليس أحد أشرف من الله جل في علاه.
والعلم بالله ينقسم إلى علم بربوبيته جل في علاه، وعلم بأسماء الله الحسنى، وعلم بصفات الله جل في علاه.
لا يوصف الله جل وعلا بالبركة؛ لأنه لم يرد دليل من الكتاب ولا من السنة يصف الله بالبركة, وصفات الله جل في علاه توقيفية, يعني: لا نعرفها إلا عن طريق السماع من الكتاب أو السنة.
فلا نصف الله بالبركة، وإنما نصفه جل في علاه بتبارك؛ لأن الدليل جاء فقصرها على الله جل في علاه, فلا يصح أن نصف الله بالبركة.
السمع والبصر صفتان ثبتتا لله جل في علاه بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة،
فقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] فأثبت لنفسه السمع والبصر،
والنبي صلى الله عليه وسلم عندما تكلم عن سمع الله وبصر الله وضع أصبعه على عينه، ووضع الأصبع الآخر على أذنه، كما في السنن أنه فعله أبو هريرة ورفع الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الصحيحين عن أبي موسى لما كانوا في سفر وعلت أصواتهم فقال: لهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً، وإنما تدعون سميعاً بصيراً).
فأثبت لربه السمع والبصر.
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن لله سمعاً وبصراً.
المعنى اللغوي لصفتي السمع والبصر المثبت لله تعالى
والسمع في اللغة معلوم، فبه تسمع كل المسموعات، فلا يخفى على الله جل في علاه شيء، فيسمع حتى دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويرى مخ سوقها. فيسمع نبضات القلب، بل يسمع همسات الصدر,
ويسمع كل شيء، السر والنجوى، سبحانه جل في علاه. وأما معنى البصر: فهو أن الله أحاط بكل شيئاً بصراً, ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه قال: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه)، سبحات يعني: أنوار وبهاء وعظمة وجمال وجهه، قوله: ( ما انتهى إليه بصره من خلقه) أي: أن بصر الله ينتهي إلى جميع خلقه، فقد أحاط بكل شيء سمعاً وبصراً.
وفي البخاري أن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات كلها,
إن المرأة تشتكي لرسول الله وأنا في ناحية المنزل يخفى عليّ بعض حديثها، فأنزل الله جل في علاه:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا
أنواع سمع الله عز وجل
|
تعليق