تعريف البوذية
نسبة إلى الأمير (سيد هاتا) والملقب ببوذا والتي تعني المستنير(148).
المطلب الثاني :نبذة تاريخية موجزة
ظهرت الديانة البوذية في الهند بعد الديانة البرهمية في القرن الخامس قبل الميلاد ، على يد مؤسسها (بوذا) والذي قضى طفولته في ترف، حيث كان والدة ملكاً فنشأ في قصر مترف، ولكنه عندما كبر رأى أن تقسيم الناس إلى طبقات وطوائف غير عادل ، ورأى أن تعاليم الكتب الهندوسية المقدسة غريبة باطلة، فعزم على تخليص الناس من آلامهم والتي كان منبعها الشهوات، فانتهج لنفسه منهجاً تقشفياً، فارق فيه زوجته، وخرج من القصر ليصبح راهباً متنقلاً هنا ونهاك.ومن خلال عزلته وتفكره توصل بوذا إلى أن الآلهة ليس لها القدرة على تغيير الظواهر الطبيعية ، وأنكر أن البرهما هو خالق كل شيء ، ثم اتخذ له بعد ذلك طريقاً ذي الثمان شعب التي تحوي القواعد الثمان للحياة وهي:
1-الإيمان بالحق .
2-القرار الحق.
3-الكلام الحق.
4- السلوك الحق.
5-العمل الحق.
6-الجهد الحق.
7-التأمل الحق.
8-التركيز الحق.
"انتشرت هذه التعاليم في جميع أنحاء مملكة أبيه، واعتنقها أهل المملكة ، ومع استمرار بوذا في نشر تعاليمه تعدت البوذية حدود الهند حتى أصبحت عالمية ؛ بينما الهندوسية كانت قومية لأهل الهند فقط"(149) .
بوذا ليس نبي:
إن بوذا لم يكن نبياً ولا صاحب دين ولم يتلقَّ وحياً ؛إنما هو باحث فيلسوف ومفكر ، ولكن الصفات الجيدة التي كان يتصف بها بوذا سببت لدعوته النجاح دون كثير من الجهد والعناء ، فقد كان بوذا رحيماً يشفق على كل كائن تدب فيه الحياة ، كما كان يترفع عن الكذب والغيبة والنميمة ، ولم يعرف عنه أنه سب أو نطق لسانه بكلمة أو عبارة جارحة(150).
وتوفي بوذا عن عمر يناهز الثمانين عام، سنة 470 ق.م، لكن تعاليمه بقيت إلى اليوم وإن كانت قد تغيرت كثيراً .
فالبوذية القديمة صبغتها أخلاقية ميزتها سذاجة المنطق وإثارة العاطفة ،أما البوذية اليوم فقد اختلطت تعاليم بوذا بآراء دقيقة في الكون ، وأفكار مجردة عن الحياة ، مبنية على نظريات فلسفية وقياسات عقلية يغلب عليها صبغة الفلسفة(151).
الآلهة:
لم يعتني بوذا بالآهة وكان ينهى أصحابه وزوَّاره عن الخوض في هذا الاتجاه، فكان سبباً قوياً لانتشار البوذية ؛ وذلك لعدم تعارضها مع آلهة الهنود ،فكان كثير من الهنود يتبعون البوذية في أخلاقها ، ومع ذلك يحافظون على ولائهم لآلهتهم(152).
البوذية بعد وفاة بوذا :
بعد أن توفي بوذا ، بدأت البوذية تنكمش ؛ إذ بدأت نقص وفجوة لم يجدلها الناس إجابة لموقع الإلهية(153).
ولكن أتباع بوذا بعد مرور سنوات طويلة نسوا تعاليم بوذا واتجهوا إلى تأليه بوذا ، وأقاموا له التماثيل بعد أن كان بوذا ينهى عن الأصنام(154)، وهكذا أصبح بوذا إله بجانب الآلهة المتعددة لدى الهندوس. وبعد أن ضعفت الديانة البوذية عادت الهندوسية إلى قوتها حتى أصبح بوذا ليس إلا واحداً من آلهة الهندوس، ولم يعد يوجد في الهند من أتباع بوذا إلا عدد قليل، إلا أن البوذية انتشرت شرقاً في الصين، واليابان ونيبال وجنوباً إلى نورما وسيام وسيلان (155).
المطلب الثالث :العقائد
1)بوذا ابن الله ، وهو المخلص للبشرية من مآسيها ويتحمل عنهم جميع خطاياهم (156)، ويعتقد البوذيون إن هيئة بوذا قد تغيرت في آخر أيامه وأنه قد نـزل عليه نور أحاط برأسه، وأضاء من جسده نور عظيم ، فقال الذين رأوه: ما هذا بشراً إن هو إلا إله عظيم(157).
2)لما مات بوذا قال أتباعه : صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض(158).
طقوس البوذية:
وللبوذية طقوس أضيفت إلى البوذية مؤخراً ، وقد كانت خالية منها في عهد بوذا مثل :
1)الصلاة: أمام تمثال بوذا في المعابد جلوساً.
2)الصيام: وهو الامتناع عن الطعام دون الشراب.
3)الحج: وهو شد الرحال إلى الهند وسينال لزيارة الأماكن المقدسة(159).
وللبوذية مذهبان كبيران:
1)المذهب الشمالي: وقد غالى أهله في بوذا حتى ألَّهوه (160)، وهذا المذهب يشترط للإيمان بالبوذية أن يلتزم البوذي في حياته بترسم خطى حياة بوذا(161).
2)المذهب الجنوبي : وهم أقل غلواً في بوذا ( 162)وأتباع هذا المذهب يقدسون بوذا على أنه معلم أخلاقي(163).
المطلب الرابع :كتب البوذية المقدسة
لا يدعي البوذيون أن كتبهم المقدسة منـزلة ،وإنما هم ينسبونها إلى بوذا ، وهي عندهم بمثابة كتب الحديث عند المسلمين (164).
وتختلف نصوص تلك الكتب بسبب انقسامها :
vفبوذيو الشمال تشتمل كتبهم على أوهام كثيرة تتعلق ببوذا .
v أما كتب الجنوب فهي أبعد قليلاً عن الخرافات(165).
وتنقسم كتب البوذيين إلى ثلاثة أقسام :
1)مجموعة قوانين البوذية ومسالكها (166).
2)مجموعة الخطب التي ألقاها بوذا (167).
3)الكتاب الذي يحوي أصل المذهب والفكرة التي نبع منها (168).
المطلب الخامس: أعياد البوذيين
للبوذيين عيدان في السنة :
1)عيد الميلاد البوذي، عند اكتمال القمر في مارس من كل عام (169).
2)عيد التبشير البوذي ، عند اكتمال القمر في تموز من كل عام (170).
المبحث السادس الجينية
المطلب الأول :تعريف الجينية(171)
وتسمى أيضاً ( الجانستية ) وهي ديانة مشتقة عن الهندوسية ، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد على يد مؤسسها ( مهاويرا )(172) وما تزال إلى يومنا هذا (173).
قامت الديانة ( الجينية ) لتحرير حركة ( البراهمة ) من مساوئ نظام الطبقات ، لذلك فهي تشابه إلى حد بعيد تاريخ تطور ( البوذية ) ونشوءها . وتكادان لا تفترقان في شيء غير أن ( الجينية ) تؤمن بتناسخ الأرواح والميل إلى نوع صارم من الزهد والتقشف ، إلا إنها اضطرت بعد فشل مقاومتها ( للبراهمة ) إلى العودة لقبول نظام الطبقات بشكل ما ، فقررت الاعتراف بالبراهمة ، وبذلك استطاعت البقاء في الهند (174).
بين مهافيرا زعيم الجينيه وبوذا :
"إن قصة حياة ( مهافيرا ) لا تختلف كثيراً عن قصة حياة ( بوذا) . فقد كانا كلاهما أميراً هندوسياً . وكلاهما درس عقيدته بحماس ، وكلاهما هجر بيته ليصبح راهباً ، وكلاهما وجد عدة عيوب في تعاليم عقيدته ، وكلاهما عاد بعد عدة أيام من التفكير ليبشر بتعاليم جديدة لشعبة الكبير "(175) .
المطلب الثاني :نبذة تاريخية موجزة
بدأ ( مهافيرا ) دعوته في أسرته وأهل مدينته الذين استجابوا لدعوته ، وأخذت دعوته تنمو بين الملوك والأمراء والقواد الذين رأوا في هذه الدعوة تعبيراً عما يجول بنفوسهم من رغبة في الثورة على البرهمانيين .
وظلت دعوته تواصل نجاحها حتى قضى نحبه سنة 527 ق . م وحيداً في خلوته ، ويقال أن ( مهاويرا ) كان
آخر أربع وعشرين داع للجينيه ،يسمى كل واحد منهم ( جينا )-وأن الجينية مذهب قديم جداً (176).وقد كانت الجينية فرقة وأحده طيلة حياة ( مهافيرا ) ولم تحدث فيها إلا خلافات بسيطة ليست ذات جذور عميقة وكانت سرعان ما تسوى هذه الخلافات .وبعد وفاة ( مهافيرا ) حدث انقسام خطير شق الفرقة إلى فرقتين :
1)إحداها تسمى ( ديجاميرا ) أي أصحاب الزي السماوي . وهم الذين اتخذوا السماء كساء لهم ، يميلون على التقشف معظمهم من الكهان والرهبان .
2)الأخرى تسمى ( سوتياميرا ) أي أصحاب الزي الأبيض . وهم طبقة العامة المعتدلون ؛ إذ يفعلون كل أمر فيه خير ويبتعدون عن كل أمر فيه شر وإزهاق أرواح كل ذي حياة .
ولكل من الفرقتين الرئيسيتين آراء في ( المهافيرا ) .
وقد ظلت الطائفة الجينية قليلة العدد ، وأغلبها من طبقة الصيارفة والتجار ؛ لأن المهن الأخرى ، أو الوظائف الحكومية مما تتعارض وتعاليم الدين(177) .
المطلب الثالث :العقائد
1)الإله :
لا تعترف الجينية بآلهة الهندوس خصوصاً الثالوث ( براهما – فشنو – سيفا ) .
ولكن خُلُق المسالمة والمجاملة دفعهم على الاعتراف بالآلهة الأخرى غير الثالوث .
وترتب على عدم اعترافهم بالآلهة ، إنكار الصلاة وإلغاء القرابين ، وعدم الاعتراف بالطبقات .
"الجينية في الأصل ثورة على البراهمة ، لذا فإنهم لا يعترفون بآلهة الهندوس وبالذات الآلهة الثلاثة( براهما – فشنو – سيفا ) ومن هنا سميت حركتهم بالحركة الإلحادية(178) " .
2)النجاة :"طريق الخلاص توبة تقشفية وامتناع عن إيذاء أي كائن حي مهما كانت ضآلته.. ونبذ للاستمتاع بكل لذة خارجية.. لأن اللذة الحسية خطيئة دائمة" (179).
فلا يزرعون الأرض ؛ لأن فيها تمزيق للتربة وسحق الديدان ، ولا يجوز لهم أن يقوموا بغلي الماء حتى لا تقتل الحشرات الموجودة بداخله والتي لا ترى بالعين ، كذلك لا يأكلون العسل لأنه حياة النحل ، ولا يأكلون اللحم فهم يحرمون على أنفسهم كل ما به أذى لأي كائن حي مهما كان صغيراً .
3)الانتحار نعمة : ابرز ما يميز الجينية هو ظاهرة العري والجوع حتى الموت .
" الانتحار مرتبة لا يصل إليها إلا خواص منهم الرهبان الجينيين ، وهم يعملون ذلك رغبة في الخلود والنجاة ، ولا يصلون إلى هذه المرحلة إلا بعد أن يقضوا ثلاثة عشر عاماً في مبادئ الجينية وتعاليمها القاسية (180)"
المطلب الرابع : كتبهم
تعتبر خطب ( مهافيرا ) ووصاياه هي المصادر المقدسة لدى الجينيين ، وقد أنتقل هذا التراث من جيل إلى جيل عن طريق المشافهة ، إلى أن جمع في 46 كتاباً في القرن الرابع قبل الميلاد صارت فيما بعد الكتب الجينية المقدسة .
ومن أهم هذه الكتب : كتاب ( الاثني عشر انكا ) .
وكتاب ( سوترا - كابت - انكا ) الذي يهدف إلى تحصين الرهبان والأحداث . وترسيخ المعتقدات في نفوسهم(181)
أماكن تواجدها :
واجهت ( الجينية ) صعوبات في انتشارها ؛ بسبب التقشف الشديد الذي تسلكه ، فلم تتجاوز حدود الهند .ويعتبر اتباع الجانتية من أثرياء الهند لأنهم يعملون في التجارة ولا يعملون في الزراعة ؛ لان ذلك إيذاء للأرض ولهم معابد تعد من عجائب الدنيا زينةً وزخرفة منها معبد ( آبو) (182) .
~(148)الموسوعة الميسرة ص(107).(149) قصة الديانات سليمان مظهر ، بتصرف ص 94-118.(150)موسوعة الأديان والمذاهب .العميد/عبد الرزاق أسود .ص75 ،بتصرف(151) المرجع السابق ص74.(152) الإنسان في ظلال الأديان د/ عمارة نجيب ص213 بتصرف.153 المرجع السابق ص117. (154) قصة الديانات .سليمان مظهر .ص123.(155) انظر الإنسان في ظلال الأديان .د/عمارة نجيب .ص215-216،وانظر قصة الديانات .سليمان مظهر .ص125. (156) الموسوعة الميسرة ص107. (157) المرجع السابق ص109. (158) المرجع السابق ص108. (159) المرجع السابق ص109.(160)المرجع السابق ص110. (161) موسوعة الأديان ص79. (162) الموسوعة ص110.(163) موسوعة الأديان ص79 (164) موسوعة الأديان والمذاهب ص81.(165) الموسوعة ص110.(166) المرجع السابق ص110.(167)المرجع السابق ص110.(168) المرجع السابق ص110.(169) موسوعة الأديان ص82. (170) المرجع السابق ص83.(171) و أحدها جيناً : أي القاهر لشهوته والمتغلب على رغباته المادية . الموسوعة الميسرة ص 194 (172) ( مهاويرا ) : البطل العظيم ، ويزعمون أن الآلهة اختارت هذا الاسم الموسوعة ص 194 (173) الموسوعة الميسرة ص 193(174) موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد أسود . ص 68 (175)قصة الديانات . سليمان مظهر ص 140 باختصار (176) انظر : الإنسان في ظل الأديان . د/ عماره نجيب ص 206 - 207 وانظر موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد اسود ص 70 (177)انظر موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق أسود ص 74 ، وانظر الموسوعة الميسرة ص 194 (178)الموسوعة الميسرة ص 195 (179)قصة الديانات .سليمان مظهر ص 144 (180)الموسوعة الميسرة . ص 198 (181)موسوعة الأديان والمذاهب . العميد / عبد الرزاق محمد أسود ص 70 باختصار . (182)الموسوعة الميسرة ص199.
منقول من ملتقى السنة
نسبة إلى الأمير (سيد هاتا) والملقب ببوذا والتي تعني المستنير(148).
المطلب الثاني :نبذة تاريخية موجزة
ظهرت الديانة البوذية في الهند بعد الديانة البرهمية في القرن الخامس قبل الميلاد ، على يد مؤسسها (بوذا) والذي قضى طفولته في ترف، حيث كان والدة ملكاً فنشأ في قصر مترف، ولكنه عندما كبر رأى أن تقسيم الناس إلى طبقات وطوائف غير عادل ، ورأى أن تعاليم الكتب الهندوسية المقدسة غريبة باطلة، فعزم على تخليص الناس من آلامهم والتي كان منبعها الشهوات، فانتهج لنفسه منهجاً تقشفياً، فارق فيه زوجته، وخرج من القصر ليصبح راهباً متنقلاً هنا ونهاك.ومن خلال عزلته وتفكره توصل بوذا إلى أن الآلهة ليس لها القدرة على تغيير الظواهر الطبيعية ، وأنكر أن البرهما هو خالق كل شيء ، ثم اتخذ له بعد ذلك طريقاً ذي الثمان شعب التي تحوي القواعد الثمان للحياة وهي:
1-الإيمان بالحق .
2-القرار الحق.
3-الكلام الحق.
4- السلوك الحق.
5-العمل الحق.
6-الجهد الحق.
7-التأمل الحق.
8-التركيز الحق.
"انتشرت هذه التعاليم في جميع أنحاء مملكة أبيه، واعتنقها أهل المملكة ، ومع استمرار بوذا في نشر تعاليمه تعدت البوذية حدود الهند حتى أصبحت عالمية ؛ بينما الهندوسية كانت قومية لأهل الهند فقط"(149) .
بوذا ليس نبي:
إن بوذا لم يكن نبياً ولا صاحب دين ولم يتلقَّ وحياً ؛إنما هو باحث فيلسوف ومفكر ، ولكن الصفات الجيدة التي كان يتصف بها بوذا سببت لدعوته النجاح دون كثير من الجهد والعناء ، فقد كان بوذا رحيماً يشفق على كل كائن تدب فيه الحياة ، كما كان يترفع عن الكذب والغيبة والنميمة ، ولم يعرف عنه أنه سب أو نطق لسانه بكلمة أو عبارة جارحة(150).
وتوفي بوذا عن عمر يناهز الثمانين عام، سنة 470 ق.م، لكن تعاليمه بقيت إلى اليوم وإن كانت قد تغيرت كثيراً .
فالبوذية القديمة صبغتها أخلاقية ميزتها سذاجة المنطق وإثارة العاطفة ،أما البوذية اليوم فقد اختلطت تعاليم بوذا بآراء دقيقة في الكون ، وأفكار مجردة عن الحياة ، مبنية على نظريات فلسفية وقياسات عقلية يغلب عليها صبغة الفلسفة(151).
الآلهة:
لم يعتني بوذا بالآهة وكان ينهى أصحابه وزوَّاره عن الخوض في هذا الاتجاه، فكان سبباً قوياً لانتشار البوذية ؛ وذلك لعدم تعارضها مع آلهة الهنود ،فكان كثير من الهنود يتبعون البوذية في أخلاقها ، ومع ذلك يحافظون على ولائهم لآلهتهم(152).
البوذية بعد وفاة بوذا :
بعد أن توفي بوذا ، بدأت البوذية تنكمش ؛ إذ بدأت نقص وفجوة لم يجدلها الناس إجابة لموقع الإلهية(153).
ولكن أتباع بوذا بعد مرور سنوات طويلة نسوا تعاليم بوذا واتجهوا إلى تأليه بوذا ، وأقاموا له التماثيل بعد أن كان بوذا ينهى عن الأصنام(154)، وهكذا أصبح بوذا إله بجانب الآلهة المتعددة لدى الهندوس. وبعد أن ضعفت الديانة البوذية عادت الهندوسية إلى قوتها حتى أصبح بوذا ليس إلا واحداً من آلهة الهندوس، ولم يعد يوجد في الهند من أتباع بوذا إلا عدد قليل، إلا أن البوذية انتشرت شرقاً في الصين، واليابان ونيبال وجنوباً إلى نورما وسيام وسيلان (155).
المطلب الثالث :العقائد
1)بوذا ابن الله ، وهو المخلص للبشرية من مآسيها ويتحمل عنهم جميع خطاياهم (156)، ويعتقد البوذيون إن هيئة بوذا قد تغيرت في آخر أيامه وأنه قد نـزل عليه نور أحاط برأسه، وأضاء من جسده نور عظيم ، فقال الذين رأوه: ما هذا بشراً إن هو إلا إله عظيم(157).
2)لما مات بوذا قال أتباعه : صعد إلى السماء بجسده بعد أن أكمل مهمته على الأرض(158).
طقوس البوذية:
وللبوذية طقوس أضيفت إلى البوذية مؤخراً ، وقد كانت خالية منها في عهد بوذا مثل :
1)الصلاة: أمام تمثال بوذا في المعابد جلوساً.
2)الصيام: وهو الامتناع عن الطعام دون الشراب.
3)الحج: وهو شد الرحال إلى الهند وسينال لزيارة الأماكن المقدسة(159).
وللبوذية مذهبان كبيران:
1)المذهب الشمالي: وقد غالى أهله في بوذا حتى ألَّهوه (160)، وهذا المذهب يشترط للإيمان بالبوذية أن يلتزم البوذي في حياته بترسم خطى حياة بوذا(161).
2)المذهب الجنوبي : وهم أقل غلواً في بوذا ( 162)وأتباع هذا المذهب يقدسون بوذا على أنه معلم أخلاقي(163).
المطلب الرابع :كتب البوذية المقدسة
لا يدعي البوذيون أن كتبهم المقدسة منـزلة ،وإنما هم ينسبونها إلى بوذا ، وهي عندهم بمثابة كتب الحديث عند المسلمين (164).
وتختلف نصوص تلك الكتب بسبب انقسامها :
vفبوذيو الشمال تشتمل كتبهم على أوهام كثيرة تتعلق ببوذا .
v أما كتب الجنوب فهي أبعد قليلاً عن الخرافات(165).
وتنقسم كتب البوذيين إلى ثلاثة أقسام :
1)مجموعة قوانين البوذية ومسالكها (166).
2)مجموعة الخطب التي ألقاها بوذا (167).
3)الكتاب الذي يحوي أصل المذهب والفكرة التي نبع منها (168).
المطلب الخامس: أعياد البوذيين
للبوذيين عيدان في السنة :
1)عيد الميلاد البوذي، عند اكتمال القمر في مارس من كل عام (169).
2)عيد التبشير البوذي ، عند اكتمال القمر في تموز من كل عام (170).
المبحث السادس الجينية
المطلب الأول :تعريف الجينية(171)
وتسمى أيضاً ( الجانستية ) وهي ديانة مشتقة عن الهندوسية ، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد على يد مؤسسها ( مهاويرا )(172) وما تزال إلى يومنا هذا (173).
قامت الديانة ( الجينية ) لتحرير حركة ( البراهمة ) من مساوئ نظام الطبقات ، لذلك فهي تشابه إلى حد بعيد تاريخ تطور ( البوذية ) ونشوءها . وتكادان لا تفترقان في شيء غير أن ( الجينية ) تؤمن بتناسخ الأرواح والميل إلى نوع صارم من الزهد والتقشف ، إلا إنها اضطرت بعد فشل مقاومتها ( للبراهمة ) إلى العودة لقبول نظام الطبقات بشكل ما ، فقررت الاعتراف بالبراهمة ، وبذلك استطاعت البقاء في الهند (174).
بين مهافيرا زعيم الجينيه وبوذا :
"إن قصة حياة ( مهافيرا ) لا تختلف كثيراً عن قصة حياة ( بوذا) . فقد كانا كلاهما أميراً هندوسياً . وكلاهما درس عقيدته بحماس ، وكلاهما هجر بيته ليصبح راهباً ، وكلاهما وجد عدة عيوب في تعاليم عقيدته ، وكلاهما عاد بعد عدة أيام من التفكير ليبشر بتعاليم جديدة لشعبة الكبير "(175) .
المطلب الثاني :نبذة تاريخية موجزة
بدأ ( مهافيرا ) دعوته في أسرته وأهل مدينته الذين استجابوا لدعوته ، وأخذت دعوته تنمو بين الملوك والأمراء والقواد الذين رأوا في هذه الدعوة تعبيراً عما يجول بنفوسهم من رغبة في الثورة على البرهمانيين .
وظلت دعوته تواصل نجاحها حتى قضى نحبه سنة 527 ق . م وحيداً في خلوته ، ويقال أن ( مهاويرا ) كان
آخر أربع وعشرين داع للجينيه ،يسمى كل واحد منهم ( جينا )-وأن الجينية مذهب قديم جداً (176).وقد كانت الجينية فرقة وأحده طيلة حياة ( مهافيرا ) ولم تحدث فيها إلا خلافات بسيطة ليست ذات جذور عميقة وكانت سرعان ما تسوى هذه الخلافات .وبعد وفاة ( مهافيرا ) حدث انقسام خطير شق الفرقة إلى فرقتين :
1)إحداها تسمى ( ديجاميرا ) أي أصحاب الزي السماوي . وهم الذين اتخذوا السماء كساء لهم ، يميلون على التقشف معظمهم من الكهان والرهبان .
2)الأخرى تسمى ( سوتياميرا ) أي أصحاب الزي الأبيض . وهم طبقة العامة المعتدلون ؛ إذ يفعلون كل أمر فيه خير ويبتعدون عن كل أمر فيه شر وإزهاق أرواح كل ذي حياة .
ولكل من الفرقتين الرئيسيتين آراء في ( المهافيرا ) .
وقد ظلت الطائفة الجينية قليلة العدد ، وأغلبها من طبقة الصيارفة والتجار ؛ لأن المهن الأخرى ، أو الوظائف الحكومية مما تتعارض وتعاليم الدين(177) .
المطلب الثالث :العقائد
1)الإله :
لا تعترف الجينية بآلهة الهندوس خصوصاً الثالوث ( براهما – فشنو – سيفا ) .
ولكن خُلُق المسالمة والمجاملة دفعهم على الاعتراف بالآلهة الأخرى غير الثالوث .
وترتب على عدم اعترافهم بالآلهة ، إنكار الصلاة وإلغاء القرابين ، وعدم الاعتراف بالطبقات .
"الجينية في الأصل ثورة على البراهمة ، لذا فإنهم لا يعترفون بآلهة الهندوس وبالذات الآلهة الثلاثة( براهما – فشنو – سيفا ) ومن هنا سميت حركتهم بالحركة الإلحادية(178) " .
2)النجاة :"طريق الخلاص توبة تقشفية وامتناع عن إيذاء أي كائن حي مهما كانت ضآلته.. ونبذ للاستمتاع بكل لذة خارجية.. لأن اللذة الحسية خطيئة دائمة" (179).
فلا يزرعون الأرض ؛ لأن فيها تمزيق للتربة وسحق الديدان ، ولا يجوز لهم أن يقوموا بغلي الماء حتى لا تقتل الحشرات الموجودة بداخله والتي لا ترى بالعين ، كذلك لا يأكلون العسل لأنه حياة النحل ، ولا يأكلون اللحم فهم يحرمون على أنفسهم كل ما به أذى لأي كائن حي مهما كان صغيراً .
3)الانتحار نعمة : ابرز ما يميز الجينية هو ظاهرة العري والجوع حتى الموت .
" الانتحار مرتبة لا يصل إليها إلا خواص منهم الرهبان الجينيين ، وهم يعملون ذلك رغبة في الخلود والنجاة ، ولا يصلون إلى هذه المرحلة إلا بعد أن يقضوا ثلاثة عشر عاماً في مبادئ الجينية وتعاليمها القاسية (180)"
المطلب الرابع : كتبهم
تعتبر خطب ( مهافيرا ) ووصاياه هي المصادر المقدسة لدى الجينيين ، وقد أنتقل هذا التراث من جيل إلى جيل عن طريق المشافهة ، إلى أن جمع في 46 كتاباً في القرن الرابع قبل الميلاد صارت فيما بعد الكتب الجينية المقدسة .
ومن أهم هذه الكتب : كتاب ( الاثني عشر انكا ) .
وكتاب ( سوترا - كابت - انكا ) الذي يهدف إلى تحصين الرهبان والأحداث . وترسيخ المعتقدات في نفوسهم(181)
أماكن تواجدها :
واجهت ( الجينية ) صعوبات في انتشارها ؛ بسبب التقشف الشديد الذي تسلكه ، فلم تتجاوز حدود الهند .ويعتبر اتباع الجانتية من أثرياء الهند لأنهم يعملون في التجارة ولا يعملون في الزراعة ؛ لان ذلك إيذاء للأرض ولهم معابد تعد من عجائب الدنيا زينةً وزخرفة منها معبد ( آبو) (182) .
منقول من ملتقى السنة
تعليق