السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلسلة
(السعيد من اعتبر بغيره)
قصص واقعية
مقدمة:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديه ونستغفره، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرور أنُفْسِنَا ومِنْ سَيئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ َأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، ومن دعوة لا يُستجابُ لها...
وبعد ...
أولا :
قصص عن التوبة إلى الله
القصة لغة واصطلاحا:
والقصة في اللغة: الخبر،
والقِصص بكسر القاف جمع القصة التي تكتب ،
وتقصص الخبر تتبعه ،
والقِصة الأمر والحديث ،
واقتصصت الحديث رويته على وجه ،كأنه يتتبع معانيها وألفاظها ، ويقال : خرج فلان قصصاً في أثر فلان وقصاً ، وذلك إذا اقتصَّ أثره.
و ينظر لِسَان العَرَب : مَادة ( قصص ) 7/74 .
والذي يبدو أن التعريف الاصطلاحي للقصص يعني أحاديث الأخبار الماضية ، أو غير المرتبطة بزمن محدد .
ولكنها في الَقُرْآن الكَرِيم دالة على التاريخ الماضي حصراً .
وأما التوبة:
فهي عبارة عن ندم يورث عزمًا وقصدًا، ولتمامها علامة، ولدوامها شروط،
فعلامة صحة الندم:
- رقة القلب، وغزارة الدمع:
وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "اجلسوا إلى التوابين فإنهم أرق أفئدة".
- الجهد في الطاعة:
فإنه لما تطهر من الذنوب سطع في قلبه نور الطاعة وأطال المناجاة وأقبل على الله.
- الحزن والخوف:
فمرة يذكر ما كان فيخشى العقاب، ومرة يذكر ما فاته فيزداد ألمًا وحسرة.
- الشكر والرجاء:
شكر الله تعالى على فضله إذ وفقه للتوبة، ورجاء قبولها.
نسأل الله أن نكون ممن يعتبرون بغيرهم
القصة الأولى
توبة عاص
لقد تغير صاحبي.. نعم تغير..
ضحكاته الوقورة تصافح أذنيك كنسمات الفجر الندية
وكانت من قبل ضحكات ماجنة مستهترة تصك الآذان وتؤذي المشاعر..
نظراته الخجولة تنم عن طهر وصفاء
وكانت من قبل جريئة وقحة..
كلماته تخرج من فمه بحساب
وكانت من قبل يبعثرها هنا وهناك.. تصيب هذا وتجرح ذاك.. لا يعبأ بذلك ولا يهتم..
وجهه هادئ القسمات تزينه لحية وقورة وتحيط به هالة من نور
وكانت ملامحه من قبل تعبر عن الانطلاق وعدم المبالاة..
نظرت إليه وأطلت النظر ففهم ما يدور بِخَلَدي
فقال: لعلك تريد أن تسأليني: ماذا غيرك؟
قلت: نعم هو ذلك ..
فصورتك التي أذكرها منذ لقيتك آخر مرة من سنوات، تختلف عن صورتك الآن..
فتنهد قائلا: سبحان مغير الأحوال..
قلت: لا بد أن وراء ذلك قصة؟
قال: نعم..
قصة كلما تذكرتها ازددت إيمانا بالله القادر على كل شيء قصة تفوق الخيال..
ولكنها وقعت لي فغيرت مجرى حياتي.. وسأقصها عليك..
ثم التفتَ إلى قائلا: كنت في سيارتي متجها إلى القاهرة..
وعند أحد الجسور الموصلة إلى إحدى القرى
فوجئت ببقرة تجري ويجري وراءها صبي صغير..
وارتبكت..
فاختلت عجلة القيادة في يدي ولم أشعر إلا وأنا في أعماق الماء (ماء ترعة الإبراهيمية)
ورفعت رأسي إلى أعلى أجد متنفسا.. ولكن الماء كان يغمر السيارة جميعها.. مددت يدي لأفتح الباب فلم ينفتح.. هنا تأكدت أني هالك لا محالة.
وفي لحظات
– لعلها ثوان –
مرت أمام ذهني صور سريعة ملاحقة،
هي صور حياتي الحافلة بكل أنواع العبث والمجون..
وتمثل لي الماء شبحا مخيفا وأحاطت بي الظلمات كثيفة..
وأحسست بأني أهوي إلى أغوار سحيقة مظلمة
فانتابني فزع شديد
فصرخت في صوت مكتوم..
يارب ..
ودرت حول نفسي مادا ذراعي أطلب النجاة لا من الموت الذي أصبح محققا ..
بل من خطاياي التي حاصرتني وضيقت علي الخناق.
أحسست بقلبي يخفق بشدة فانتفضت..
وبدأت أزيح من حولي تلك الأشباح المخيفة
وأستغفر ربي قبل أن ألقاه
وأحسست كأن ما حولي يضغط علي كأنما استحالت المياه إلى جدران من الحديد
فقلت إنها النهاية لا محالة..
فنطقت بالشهادتين وبدأت أستعد للموت…
وحركت يدي فإذا بها تنفذ في فراغ ..
فراغ يمتد إلى خارج السيارة..
وفي الحال تذكرت أن زجاج السيارة الأمامي مكسور ..
شاء الله أن ينكسر في حادث منذ أيام ثلاثة..
وقفزت دون تفكير ودفعت بنفسي من خلال هذا الفراغ..
فإذا الأضواء تغمرني
وإذا بي خارج السيارة..
ونظرت فإذا جمع من الناس يقفون على الشاطئ
كانوا يتصايحون بأصوات لم أتبينها..
ولما رأوني خارج السيارة
نزل اثنان منهم وصعدا بي إلى الشاطئ.
وقفت على الشاطئ ذاهلا عما حولي غير مصدق أني نجوت من الموت وأني الآن بين الأحياء..
كنت أنظر إلى السيارة وهي غارقة في الماء فأتخيلها تختنق وتموت..
وقد ماتت فعلا..
وهي الآن راقدة في نعشها أمامي لقد تخلصت منها وخرجت ..
خرجت مولودا جديدا لا يمت إلى الماضي بسبب من الأسباب..
وأحسست برغبة شديدة في الجري بعيدا عن هذا المكان الذي دفنت فيه ماضي الدنس ومضيت..
مضيت إلى البيت إنسانا آخر غير الذي خرج قبل ساعات.
دخلت البيت
وكان أول ما وقع عليه بصري صور معلقة على الحائط لبعض الممثلات والراقصات وصور لنساء عاريات..
واندفعت إلى الصور أمزقها..
ثم ارتميت عل سريري أبكي ولأول مرة أحس بالندم على مافرطت في جنب الله..
فأخذت الدموع تنساب في غزارة من عيني..
وأخذ جسمي يهتز..
وفيما أنا كذلك إذ بصوت المؤذن يجلجل في الفضاء
وكأنني أسمعه لأول مرة ..
فانتفضت واقفا وتوضأت ..
وفي المسجد وبعد أن أديت الصلاة أعلنت توبتي
ودعوت الله أن يغفر لي
ومنذ ذلك الحين وأنا كما ترى..
قلت: هنيئا لك يا أخي وحمدا لله على سلامتك لقد أراد الله بك خيرا
والله يتولاك ويرعاك ويثبت على الحق خطاك
هذه القصة نشرت في مجلة الأمة القطرية العدد السبعين بقلم: حسين عويس مطر بعنوان توبة
ألتقيكم على خير
محبكم في الله
(أبو أنس)
حادي الطريق
عفا الله عنه
وعن جميع إخوانه
آمين
سلسلة
(السعيد من اعتبر بغيره)
قصص واقعية
مقدمة:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديه ونستغفره، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرور أنُفْسِنَا ومِنْ سَيئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ َأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، ومن دعوة لا يُستجابُ لها...
وبعد ...
أولا :
قصص عن التوبة إلى الله
القصة لغة واصطلاحا:
والقصة في اللغة: الخبر،
والقِصص بكسر القاف جمع القصة التي تكتب ،
وتقصص الخبر تتبعه ،
والقِصة الأمر والحديث ،
واقتصصت الحديث رويته على وجه ،كأنه يتتبع معانيها وألفاظها ، ويقال : خرج فلان قصصاً في أثر فلان وقصاً ، وذلك إذا اقتصَّ أثره.
و ينظر لِسَان العَرَب : مَادة ( قصص ) 7/74 .
والذي يبدو أن التعريف الاصطلاحي للقصص يعني أحاديث الأخبار الماضية ، أو غير المرتبطة بزمن محدد .
ولكنها في الَقُرْآن الكَرِيم دالة على التاريخ الماضي حصراً .
وأما التوبة:
فهي عبارة عن ندم يورث عزمًا وقصدًا، ولتمامها علامة، ولدوامها شروط،
فعلامة صحة الندم:
- رقة القلب، وغزارة الدمع:
وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "اجلسوا إلى التوابين فإنهم أرق أفئدة".
- الجهد في الطاعة:
فإنه لما تطهر من الذنوب سطع في قلبه نور الطاعة وأطال المناجاة وأقبل على الله.
- الحزن والخوف:
فمرة يذكر ما كان فيخشى العقاب، ومرة يذكر ما فاته فيزداد ألمًا وحسرة.
- الشكر والرجاء:
شكر الله تعالى على فضله إذ وفقه للتوبة، ورجاء قبولها.
نسأل الله أن نكون ممن يعتبرون بغيرهم
القصة الأولى
توبة عاص
لقد تغير صاحبي.. نعم تغير..
ضحكاته الوقورة تصافح أذنيك كنسمات الفجر الندية
وكانت من قبل ضحكات ماجنة مستهترة تصك الآذان وتؤذي المشاعر..
نظراته الخجولة تنم عن طهر وصفاء
وكانت من قبل جريئة وقحة..
كلماته تخرج من فمه بحساب
وكانت من قبل يبعثرها هنا وهناك.. تصيب هذا وتجرح ذاك.. لا يعبأ بذلك ولا يهتم..
وجهه هادئ القسمات تزينه لحية وقورة وتحيط به هالة من نور
وكانت ملامحه من قبل تعبر عن الانطلاق وعدم المبالاة..
نظرت إليه وأطلت النظر ففهم ما يدور بِخَلَدي
فقال: لعلك تريد أن تسأليني: ماذا غيرك؟
قلت: نعم هو ذلك ..
فصورتك التي أذكرها منذ لقيتك آخر مرة من سنوات، تختلف عن صورتك الآن..
فتنهد قائلا: سبحان مغير الأحوال..
قلت: لا بد أن وراء ذلك قصة؟
قال: نعم..
قصة كلما تذكرتها ازددت إيمانا بالله القادر على كل شيء قصة تفوق الخيال..
ولكنها وقعت لي فغيرت مجرى حياتي.. وسأقصها عليك..
ثم التفتَ إلى قائلا: كنت في سيارتي متجها إلى القاهرة..
وعند أحد الجسور الموصلة إلى إحدى القرى
فوجئت ببقرة تجري ويجري وراءها صبي صغير..
وارتبكت..
فاختلت عجلة القيادة في يدي ولم أشعر إلا وأنا في أعماق الماء (ماء ترعة الإبراهيمية)
ورفعت رأسي إلى أعلى أجد متنفسا.. ولكن الماء كان يغمر السيارة جميعها.. مددت يدي لأفتح الباب فلم ينفتح.. هنا تأكدت أني هالك لا محالة.
وفي لحظات
– لعلها ثوان –
مرت أمام ذهني صور سريعة ملاحقة،
هي صور حياتي الحافلة بكل أنواع العبث والمجون..
وتمثل لي الماء شبحا مخيفا وأحاطت بي الظلمات كثيفة..
وأحسست بأني أهوي إلى أغوار سحيقة مظلمة
فانتابني فزع شديد
فصرخت في صوت مكتوم..
يارب ..
ودرت حول نفسي مادا ذراعي أطلب النجاة لا من الموت الذي أصبح محققا ..
بل من خطاياي التي حاصرتني وضيقت علي الخناق.
أحسست بقلبي يخفق بشدة فانتفضت..
وبدأت أزيح من حولي تلك الأشباح المخيفة
وأستغفر ربي قبل أن ألقاه
وأحسست كأن ما حولي يضغط علي كأنما استحالت المياه إلى جدران من الحديد
فقلت إنها النهاية لا محالة..
فنطقت بالشهادتين وبدأت أستعد للموت…
وحركت يدي فإذا بها تنفذ في فراغ ..
فراغ يمتد إلى خارج السيارة..
وفي الحال تذكرت أن زجاج السيارة الأمامي مكسور ..
شاء الله أن ينكسر في حادث منذ أيام ثلاثة..
وقفزت دون تفكير ودفعت بنفسي من خلال هذا الفراغ..
فإذا الأضواء تغمرني
وإذا بي خارج السيارة..
ونظرت فإذا جمع من الناس يقفون على الشاطئ
كانوا يتصايحون بأصوات لم أتبينها..
ولما رأوني خارج السيارة
نزل اثنان منهم وصعدا بي إلى الشاطئ.
وقفت على الشاطئ ذاهلا عما حولي غير مصدق أني نجوت من الموت وأني الآن بين الأحياء..
كنت أنظر إلى السيارة وهي غارقة في الماء فأتخيلها تختنق وتموت..
وقد ماتت فعلا..
وهي الآن راقدة في نعشها أمامي لقد تخلصت منها وخرجت ..
خرجت مولودا جديدا لا يمت إلى الماضي بسبب من الأسباب..
وأحسست برغبة شديدة في الجري بعيدا عن هذا المكان الذي دفنت فيه ماضي الدنس ومضيت..
مضيت إلى البيت إنسانا آخر غير الذي خرج قبل ساعات.
دخلت البيت
وكان أول ما وقع عليه بصري صور معلقة على الحائط لبعض الممثلات والراقصات وصور لنساء عاريات..
واندفعت إلى الصور أمزقها..
ثم ارتميت عل سريري أبكي ولأول مرة أحس بالندم على مافرطت في جنب الله..
فأخذت الدموع تنساب في غزارة من عيني..
وأخذ جسمي يهتز..
وفيما أنا كذلك إذ بصوت المؤذن يجلجل في الفضاء
وكأنني أسمعه لأول مرة ..
فانتفضت واقفا وتوضأت ..
وفي المسجد وبعد أن أديت الصلاة أعلنت توبتي
ودعوت الله أن يغفر لي
ومنذ ذلك الحين وأنا كما ترى..
قلت: هنيئا لك يا أخي وحمدا لله على سلامتك لقد أراد الله بك خيرا
والله يتولاك ويرعاك ويثبت على الحق خطاك
هذه القصة نشرت في مجلة الأمة القطرية العدد السبعين بقلم: حسين عويس مطر بعنوان توبة
ألتقيكم على خير
محبكم في الله
(أبو أنس)
حادي الطريق
عفا الله عنه
وعن جميع إخوانه
آمين
تعليق