تأملات في سنن الله عز وجل الكونية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي السنة الكونية
يقول الشيخ بن جبرين رحمه الله
السنن الكونية هي آيات الله التي تحصل في هذا الكون ، كالعقوبات السماوية للمشركين والكفار والنصر والتمكين الذي يؤيد الله به المؤمنين ، وسعة الرزق والغنى للمتوكلين على الله ، والابتلاء والامتحان لأهل الإيمان ليظهر الصبر والاحتساب ، وهكذا كل ما يحدث في هذا الكون من الآيات والعبر والعقوبات والنعم
نرى الان أحداث عاصفة تعصف بالأمة وتعصف بأبناء الامة قتل وسفك وتدمير وصعود لامم وهبوط لاخرى فتاوى هنا وهناك دماء واشلاء هنا وهناك دماء مؤيدين ودماء معارضين مظلومين وظالمين فتنة تقضي على كل شيىء
ويكثر التساؤل عن ما الذي يحدث وكيف نفهم هذا الامر او نعيش معه وفق سنن الله عز وجل
لابد من فهم سنن الله الكونية في عباده وفي الأمم
ومن سنن الله تعالى في البشر سنة التدافع؛
وهي سنة مذكورة في القرآن الكريم، فكل الآيات التي تدل على اختلاف البشر، والصراع بينهم، وحكاية أخبار حروبهم، ووقوف الرسل عليهم السلام في وجوه الملأ من أقوامهم فهي دالة على وقوع سنة التدافع فيهم (فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [البقرة:253].
وجاء التصريح بسنة التدافع في موضعين من كتاب الله تعالى؛ فأما الموضع الأول فبعد قصة حرب طالوت ومن معه من المؤمنين لجالوت ومن معه من الكافرين؛ إذ بعد الإخبار عن هزيمتهم أخبر سبحانه عن سنته قائلا (وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ) [البقرة:251].
وأما الموضع الثاني فعند الإذن بالجهاد وبيان مشروعيته؛ إذ إن الجهاد سبب لمدافعة الكفر وأهله (وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا) [الحج:40]
أي لولا مدافعة المؤمنين من أهل كل ملة كفار أمتهم لهدمت دور العبادة التي شرعها الرسل، وأنشأها أتباعهم، ولمُنعوا من ذكر الله تعالى فيها.
إن آثار هذه السنة الربانية عجيبة لمن درسها وتأملها، وإن صور المدافعة الواقعة لا تحصى من كثرتها، وهي دليل على استدامة هذه السنة، وأنها قانون مستمر لإصلاح ما فسد من حياة البشر وعقائدهم وأفكارهم وعباداتهم وأخلاقهم، وهي دليل على جريان سنة الابتلاء فيهم واستمرارها إلى آخر الزمان..
بسنة التدافع يُسخر الله تعالى المؤمنين للدفاع عن دينه، والذود عن حياضه مسترخصين أرواحهم وأموالهم ابتغاء رضوان الله تعالى..
وبسنة التدافع يُبتلى المؤمنون بالكفار والمنافقين الذين يقذفون شُبههم في الدين، فينبري لهم حملة العلم وأولو الفكر والرأي دحضا لباطلهم، وكسرا لحججهم، وإزالة لشبههم، وحفظا للعامة منهم، فتنشط العقول من كسلها، وتحسن الألسن فن الجدل والمناظرة ودفع الباطل، وتعرض أحكام الإسلام بأحسن صورة وأبهى حلة، فيعتز الإسلام وأهله، ويزداد يقين المسلمين بدينهم.
وبسنة التدافع ينبري المحتسبون لإزالة المنكرات والأخذ على أيدي أهلها، ومدافعة منشئيها ومروجيها في الناس.
وبسنة التدافع يسعى أهل الحق في إقامة شريعة الله تعالى في الناس، وتحكيمها فيهم، ومقاومة القوانين الوضعية البشرية.
وبسنة التدافع يرفع الله تعالى العذاب العام عن البشر، فلولا دفع الله تعالى بالمؤمنين والأبرار عن الكفار والفجار لهلكت الأرض بمن فيها (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [الفتح:25].
ونعيش من هذا الكثير والكثير الآن
تابعونا للحديث بقية
تعليق