السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"""""" صفحة رقم 13 """""
"
والشهوه والغضب ودخوله على العبد من هذه الابواب الثلاثة ولو احترز العبد ما احترز العبد ما احترز فلا بد له من غفلة ولا بد له من شهوة ولا بد له من غضب
وقد كان ادم أبو البشر ( صلى الله عليه وسلم ) من احلم الخلق وارجحهم عقلا واثبتهم ومع هذا فلم يزل به عدو الله حتى اوقعه فيما اوقعه فيه فما الظن بفراشه الحلم و من عقله في جنب عقل أبيه كتفلة في بحر ولكن عدو الله لا يخلص إلى المؤمن الا غيلة على غرة وغفلة فيوقعه ويظن انه لا يستقبل ربه عز وجل بعدها و ان تلك الوقعة قد اجتاحته واهلكته وفضل الله تعالى ورحمته وعفوه ومغفرته وراء ذلك كله
فإذا اراد الله بعبده خيرا فتح له من ابواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به وصدق اللجا اليه ودوام التضرع والدعاء و التقرب اليه بما امكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة به رحمته حتى يقول عدو الله يا ليتنى تركته ولم اوقعه
وهذا معنى قول بعض السلف ان العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار قالوا كيف قال يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه منه مشفقا وجلا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالى ناكس الراس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب انفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الامور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة
ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها ويستطيل بها ويقول فعلت وفعلت فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه فاذا اراد الله تعالى بهذا المسكين خيرا ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده وان اراد به غير ذلك خلاه
(1/13)
"""""" صفحة رقم 14 """"""
وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه
فإن العارفين كلهم مجمعون على ان التوفيق ان لايكلك الله تعالى إلى نفسك والخذلان ان يكلك الله تعالى إلى نفسك فمن اراد الله به خيرا فتح له باب الذل والانكسار ودوام اللجا إلى الله تعالى والافتقار اليه ورؤية عيوب نفسه وجهلها وعدوانها ومشاهدة فضل ربه واحسانه ورحمته وجوده وبره وغناه وحمده فالعارف سائر إلى الله تعالى بين هذين الجناحين لايمكنه ان يسير الا بهما فمتى فاته واحد منهما فهو كالطير الذي فقد أحد جناحيه
قال شيخ الإسلام العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل وهذا معنى قوله ( صلى الله عليه وسلم ) في الحديث الصحيح من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه
سيد الاستغفار ان يقول العبد اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي انه لايغفر الذنوب الا انت فجمع في قوله ( صلى الله عليه وسلم )
أبوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل
فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان
(1/14)
تعليق