أولا: الخنس:
خنس: الخاء والنون والسين أصل واحد يدل علي استخفاء وتستر, قالوا: الخنس الذهاب في خفيه, يقال خنست عنه, وأخنست عنه حقه. والخنس: النجوم تخنس في المغيب, وقال قوم: سميت بذلك لأنها تخفي نهارا وتطلع ليلا, والخناس في صفة الشيطان, لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالي, ومن هذا الباب الخنس في الأنف انحطاط القصبة, والبقر كلها خنس.
ومعني ذلك أن الخنس جمع خانس أي مختف عن البصر, والفعل خنس بمعني استخفي وتستر, يقال خنس الظبي إذا اختفي وتستر عن أعين المراقبين. والخنوس يأتي أيضا بمعني التأخر, كما يأتي بمعني الانقباض والاستخفاء. وخنس بفلان وتخنس به أي غاب به, وأخنسه أي خلفه ومضي عنه.
ثانيا: الجوار: أي الجارية.( في أفلاكها) وهي جمع جارية, من الجري وهو المر السريع.
ثالثا: الكنس: ( كنس) الكاف والنون والسين تشكل أصلين صحيحين, أحدهما يدل علي سفر شئ عن وجه شئ وهو كشفه والأصل الآخر يدل علي استخفاء, فالأول كنس البيت, وهو سفر التراب عن وجه أرضه, والمكنسه آلة الكنس, والكناسة مايكنس. والأصل الآخر: الكناس: بيت الظبي, والكانس: الظبي يدخل كناسه, والكنس: الكواكب تكنس في بروجها كما تدخل الظباء في كناسها, قال أبو عبيدة: تكنس في المغيب.
وقيل الكنس جمع كانس( أي قائم بالكنس) أو مختف من كنس الظبي أي دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر, وسمي كذلك لأنه يكنس الرمل حتي يصل إليه. وعندي أن الكنس هي صيغة منتهي الجموع للفظة كانس أي قائم بعملية الكنس, وجمعها كانسون, أو للفظة كناس وجمعها كناسون, والكانس والكناس هو الذي يقوم بعملية الكنس( أي سفر شيء عن وجه شيء آخر, وإزالته), لأنه لا يعقل أن يكون المعني المقصود في الآية الكريمة للفظة الكنس هي المنزوية المختفية وقد استوفي هذا المعني باللفظ الخنس, ولكن أخذ اللفظتين بنفس المعني دفع بجمهور المفسرين إلي القول بأن من معاني فلا أقسم بالخنس* الجوار الكنس*: أقسم قسما مؤكدا بالنجوم المضيئة التي تختفي بالنهار وتظهر بالليل وهو معني الخنس, والتي تجري في أفلاكها لتختفي وتستتر وقت غروبها كما تستتر الظباء في كناسها( أي مغاراتها) وهو معني الجوار الكنس, قال القرطبي: هي النجوم تخنس بالنهار, وتظهر بالليل, وتكنس وقت غروبها أي تستتر كما تكنس الظباء في المغار وهو الكناس, وقال مخلوف: أقسم الله تعالي بالنجوم التي تخنس بالنهار أي يغيب ضوؤها فيه عن الأبصار مع كونها فوق الأفق, وتظهر بالليل, وتكنس أي تستتر وقت غروبها أي نزولها تحت الأفق كما تكنس الظباء في كنسها.. وقال بعض المتأخرين من المفسرين: هي الكواكب التي تخنس أي ترجع في دورتها الفلكية, وتجري في أفلاكها وتختفي.
هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين
اللهم أرزقني الهداية والثبات حتى الممات
وأرزق أبو رفيدة من حيث لا يحتسب
وأرزقني وزوجي وإبنتي حجة في السنة المقبلة يـــــارب
تعليق