لفتة هامة ::: إلى المهتمين بقصص التنمية البشرية :::
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
لماذا لا يُوصَف الكافر بعلو الهمة ؟!!
من كتاب علو الهمة
تأليف محمد بن إسماعيل المقدم
عفا الله عنه وعن جميع علمائنا
يقول الشيخ :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُخطئ بعض الناس حين يصفون بعض شعوب الكفار كالألمان مثلا أو اليابانيين ،
أو أفرادهم من المخترعين والباحثين ،
بالهمة العالية ،
وهذا خطأبَيِّن ،
لأن
الهمة العالية حِكر على طلاب الآخرة ،
وهي – من شرفها وعزها – تأنف أن تسكن قلبا قد تنجس بالشرك والكفران ،
وتُلطخ بأقبح معصية في الوجود،
قال تعالى : "إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ"
و قال سبحانه : "وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ"
و قال عز وجلّ : "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا"
و قد بَيَّنا أن كمال (الإرادة) بكمال (المُراد)
فمن نظر إلى الإرادة ، وقطع النظر عن (المراد)وقع في هذا الخطأ البين .
و قد تواترت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية على ذم الدنيا و تحقيرها ،
ومدح الآخرة و تعظيمها ،
و هذا الكافر ليس له مراد إلا تعمير الدنيا ، فلها يكدح ، وعليها يقاتل ، مع إعراضه عن الآخرة ، و زهده فيها ، أو تكذيبه بالبعث و النشور ،
** وقال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "
و قال سبحانه : "وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ"
و قال سبحانه : " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ "
وقال تعالى : "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ"
و قال سبحانه : "زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا"
و قال عز وجل : "فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ"
و بين تعالى أن الدار الآخرة هي الحياة الحقيقية فقال عز وجل :"وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"
و لذلك شنع على الذين يفضلون الحياة الدنيا على الآخرة ، ويشتغلون بها عنها ، فقال تبارك وتعالى : " بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ "
و قال تعالى : " كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ . وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ "
و قال سبحانه : "إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا"
و قال عز وجل : "فَأَمَّا مَن طَغَىٰ . وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ "
و قال سبحانه : "وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ"
وحذََّر نبيَّه من التطلع إلى زهرة الحياة الدنيا فقال سبحانه :
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"
** و عن أنس رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" يُؤْتَى بِأنْعمِ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيُصْبَغ في جهنم صبغة ثم
يقال له : " يا ابن آدم ! هل رأيت خيرا قط ؟ هل مرَّ بك نعيم قط ؟
فيقول : لا و الله يا رب
و يؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا ، فيصبغ في الجنة صبغة ، فيقال له :
يا ابن آدم ! هل رأيت بؤسًا قط ؟ هل مرَّ بك شدة قط ؟
فيقول : لا و الله يا رب ! ما مر بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط "
رواه أحمد و مسلم وغيرهما.
فكيف يكون عالي الهمة من أمكنه أن يكون ملِكًا في مقعد صدق عند مليك مقتدر
فتقوم الملائكة في خدمته ، و تدخل عليه من كل باب " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار" ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
لماذا لا يُوصَف الكافر بعلو الهمة ؟!!
من كتاب علو الهمة
تأليف محمد بن إسماعيل المقدم
عفا الله عنه وعن جميع علمائنا
يقول الشيخ :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُخطئ بعض الناس حين يصفون بعض شعوب الكفار كالألمان مثلا أو اليابانيين ،
أو أفرادهم من المخترعين والباحثين ،
بالهمة العالية ،
وهذا خطأبَيِّن ،
لأن
الهمة العالية حِكر على طلاب الآخرة ،
وهي – من شرفها وعزها – تأنف أن تسكن قلبا قد تنجس بالشرك والكفران ،
وتُلطخ بأقبح معصية في الوجود،
قال تعالى : "إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ"
و قال سبحانه : "وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ"
و قال عز وجلّ : "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا"
و قد بَيَّنا أن كمال (الإرادة) بكمال (المُراد)
فمن نظر إلى الإرادة ، وقطع النظر عن (المراد)وقع في هذا الخطأ البين .
و قد تواترت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية على ذم الدنيا و تحقيرها ،
ومدح الآخرة و تعظيمها ،
و هذا الكافر ليس له مراد إلا تعمير الدنيا ، فلها يكدح ، وعليها يقاتل ، مع إعراضه عن الآخرة ، و زهده فيها ، أو تكذيبه بالبعث و النشور ،
** وقال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "
و قال سبحانه : "وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ"
و قال سبحانه : " قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ "
وقال تعالى : "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ"
و قال سبحانه : "زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا"
و قال عز وجل : "فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ"
و بين تعالى أن الدار الآخرة هي الحياة الحقيقية فقال عز وجل :"وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"
و لذلك شنع على الذين يفضلون الحياة الدنيا على الآخرة ، ويشتغلون بها عنها ، فقال تبارك وتعالى : " بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ "
و قال تعالى : " كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ . وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ "
و قال سبحانه : "إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا"
و قال عز وجل : "فَأَمَّا مَن طَغَىٰ . وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ "
و قال سبحانه : "وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ"
وحذََّر نبيَّه من التطلع إلى زهرة الحياة الدنيا فقال سبحانه :
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"
** و عن أنس رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" يُؤْتَى بِأنْعمِ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيُصْبَغ في جهنم صبغة ثم
يقال له : " يا ابن آدم ! هل رأيت خيرا قط ؟ هل مرَّ بك نعيم قط ؟
فيقول : لا و الله يا رب
و يؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا ، فيصبغ في الجنة صبغة ، فيقال له :
يا ابن آدم ! هل رأيت بؤسًا قط ؟ هل مرَّ بك شدة قط ؟
فيقول : لا و الله يا رب ! ما مر بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط "
رواه أحمد و مسلم وغيرهما.
فكيف يكون عالي الهمة من أمكنه أن يكون ملِكًا في مقعد صدق عند مليك مقتدر
فتقوم الملائكة في خدمته ، و تدخل عليه من كل باب " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار" ،
فإذا به يتنكب طريق الإيمان ، ويتمرغ
في وحل الكفر والفسوق والعصيان ،
و يزهد في جنة الرضوان ، و يأبى إلا أن يكون حطبًا للنيران ؟!
و يبذل نفسه و ماله و ولده في سبيل صد الناس عن سبيل الله ،
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا "
و كيف يكون عالي الهمة من فطره الله على التوحيد ، فأفسد فطرته ، وآتاه الله نعمة العقل ، فعطلها ،
وبثَّ له آيات توحيده ، ودلائل صدق رسوله صلى الله عليه وسلم – في الآفاق و في نفسه ،
و أنزل كتابه المعجز ، فأعرض عن ذلك كله و لم يرفع به رأسا ،
و جعل الدنيا أكبر همه ، و مبلغ علمه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله يُبغضُ كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق ، جيفة بالليل ، حمار بالنهار ، عالم بأمر الدنيا ، جاهل بأمر الآخرة "
رواه بن حبان في صحيحه .
فما أشد انطباق هذا الحديث على هؤلاء الكفار الذين لا يهتمون لآخرتهم ، مع علمهم بأمور دنياهم ،
و فرحهم بما عندهم منه ، كما قال تعالى فيهم :
"يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ"،
و قال سبحانه : " فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ "
فهم يجتهدون في العلم بأمور دنياهم ، و يمعنون في تحصيلها ،
مع جهلهم التام بأشرف العلوم ، وهي علوم الآخرة التي هي شرف لازم لا يزول ، ودائم لا يُمَل ،
فجدير بمن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير أن يبغضه الله ، ويمقته لشقاوته و إدباره ،
فالله سبحانه وتعالى كرمهم بنعمة العقل ، وميزهم بها على العجماوات ،
فسخروها أعظم تسخير في كل شيء من أغراض الدنيا الخسيسة ،
كالتأنق في الشهوات والمأكل والملبس و الترفه ،
إلا الشيء الذي خلقوا من أجله، و هو عبادة الله وحده ، لا شريك له ، و اتباع رسله عليهم الصلاة والسلام ،
و لهذا قال تعالى في حقهم : "وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ"،
و قال سبحانه : " أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا"
و قال جل وعلا :"وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ "
و قال عز من قائل في سورة الروم :"وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ"
يعني الكفار " لَا يَعْلَمُونَ" بحكمته تعالى ، في كونه ، و أفعاله المحكمة، الجارية على وفق العدل ، لجهلهم و عدم تفكرهم
" يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " و هو ما يوافق شهواتهم وأهواءهم
"وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ" التي هي المطلب الأعلى
" هُمْ غَافِلُونَ" أي :لا يخطرونها ببالهم ، فهم جاهلون بها ، تاركون لعلمها .
و قوله سبحانه "يعلمون" بدل من قوله:"لا يعلمون"
و في هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه ، و جعله بحيث يقوم مقامه ، و يسد مسده ،
ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ،
و بين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا .
"ظَاهِرًا" يفيد أن الدنيا ظاهرا و باطنا ،
فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها ، والتنعم بملاذها ،
و باطنها و حقيقتها : أنها مجاز إلى الآخرة ، يُتَزود منها إليها بالطاعة و الأعمال الصالحة ،
و قيل : "يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " يعني أمر معايشهم و دنياهم :
متى يزرعون ؟ و متى يحصدون؟ و كيف يغرسون ؟ و كيف يبنون ؟
و حدث و لا حرج عن مظاهر استغراق كفار زماننا و بخاصة الغربيون منهم في علوم الدنيا و دقائقها، مع إعراضهم التام عن علوم الآخرة .
و من الكفار من يريد الجنة ، ويكدح لنيلها ، لكنه يخطئ الطريق إليها ،
إذ يريد دخولها بعد أن سُدت كل الطرق إليها إلا طريقا على رأسه محمد صلى الله عليه وسلم ،
و هو يأبى الإيمان برسالته، والانقياد بشريعته، و يكابر في الحق بعد ما تبين ، و ظهرت أدلته ، أو يكتفي بتقليد الآباء و الأجداد، و الرؤساء و السادات،
فيكون جوابه إذا سئل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره :
"سمعت الناس يقولون شيئا فقلته"
عاشوا كما عاش آباء لهم سلَفُوا و أورِثُوا الدين تقليدا كما وجدوا
لم تنبعث همته للبحث عن الحق ، و النظر في الأدلة ،
و هؤلاء قال الله فيهم :"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً"الآيات ،
و قال سبحانه فيهم : "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا"
و قال أيضا:"وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"
و كيف يُعجب مسلم بكافر ،
و يمدحه بعلو الهمة بسبب أعمال غايتها تعمير الدنيا و إصلاحها ،
ثم إن كان فعلها تعبدا دون أن يسلم لله - عز وجل – فإنها لا تنفعه قطعا في الآخرة ،
بل يجعلها الله هباء منثورا :"وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا"
و قال عز وجل :"مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ "
و قال تعالى : "وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ"
انتهى كلام الشيخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة:
تم الاقتصار على ذكر بعض الأحاديث التي أوردها الشيخ في كتابه وليس كلها
والتي يدل فيها الرسول صل الله عليه وسلم على ذم الدنيا و تحقيرها و مدح الآخرة و تعظيمها
و الحمد لله رب العالمين
في وحل الكفر والفسوق والعصيان ،
و يزهد في جنة الرضوان ، و يأبى إلا أن يكون حطبًا للنيران ؟!
و يبذل نفسه و ماله و ولده في سبيل صد الناس عن سبيل الله ،
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا "
و كيف يكون عالي الهمة من فطره الله على التوحيد ، فأفسد فطرته ، وآتاه الله نعمة العقل ، فعطلها ،
وبثَّ له آيات توحيده ، ودلائل صدق رسوله صلى الله عليه وسلم – في الآفاق و في نفسه ،
و أنزل كتابه المعجز ، فأعرض عن ذلك كله و لم يرفع به رأسا ،
و جعل الدنيا أكبر همه ، و مبلغ علمه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله يُبغضُ كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق ، جيفة بالليل ، حمار بالنهار ، عالم بأمر الدنيا ، جاهل بأمر الآخرة "
رواه بن حبان في صحيحه .
فما أشد انطباق هذا الحديث على هؤلاء الكفار الذين لا يهتمون لآخرتهم ، مع علمهم بأمور دنياهم ،
و فرحهم بما عندهم منه ، كما قال تعالى فيهم :
"يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ"،
و قال سبحانه : " فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ "
فهم يجتهدون في العلم بأمور دنياهم ، و يمعنون في تحصيلها ،
مع جهلهم التام بأشرف العلوم ، وهي علوم الآخرة التي هي شرف لازم لا يزول ، ودائم لا يُمَل ،
فجدير بمن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير أن يبغضه الله ، ويمقته لشقاوته و إدباره ،
فالله سبحانه وتعالى كرمهم بنعمة العقل ، وميزهم بها على العجماوات ،
فسخروها أعظم تسخير في كل شيء من أغراض الدنيا الخسيسة ،
كالتأنق في الشهوات والمأكل والملبس و الترفه ،
إلا الشيء الذي خلقوا من أجله، و هو عبادة الله وحده ، لا شريك له ، و اتباع رسله عليهم الصلاة والسلام ،
و لهذا قال تعالى في حقهم : "وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ"،
و قال سبحانه : " أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا"
و قال جل وعلا :"وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ "
و قال عز من قائل في سورة الروم :"وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ"
يعني الكفار " لَا يَعْلَمُونَ" بحكمته تعالى ، في كونه ، و أفعاله المحكمة، الجارية على وفق العدل ، لجهلهم و عدم تفكرهم
" يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " و هو ما يوافق شهواتهم وأهواءهم
"وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ" التي هي المطلب الأعلى
" هُمْ غَافِلُونَ" أي :لا يخطرونها ببالهم ، فهم جاهلون بها ، تاركون لعلمها .
و قوله سبحانه "يعلمون" بدل من قوله:"لا يعلمون"
و في هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه ، و جعله بحيث يقوم مقامه ، و يسد مسده ،
ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ،
و بين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا .
"ظَاهِرًا" يفيد أن الدنيا ظاهرا و باطنا ،
فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها ، والتنعم بملاذها ،
و باطنها و حقيقتها : أنها مجاز إلى الآخرة ، يُتَزود منها إليها بالطاعة و الأعمال الصالحة ،
و قيل : "يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " يعني أمر معايشهم و دنياهم :
متى يزرعون ؟ و متى يحصدون؟ و كيف يغرسون ؟ و كيف يبنون ؟
و حدث و لا حرج عن مظاهر استغراق كفار زماننا و بخاصة الغربيون منهم في علوم الدنيا و دقائقها، مع إعراضهم التام عن علوم الآخرة .
و من الكفار من يريد الجنة ، ويكدح لنيلها ، لكنه يخطئ الطريق إليها ،
إذ يريد دخولها بعد أن سُدت كل الطرق إليها إلا طريقا على رأسه محمد صلى الله عليه وسلم ،
و هو يأبى الإيمان برسالته، والانقياد بشريعته، و يكابر في الحق بعد ما تبين ، و ظهرت أدلته ، أو يكتفي بتقليد الآباء و الأجداد، و الرؤساء و السادات،
فيكون جوابه إذا سئل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره :
"سمعت الناس يقولون شيئا فقلته"
عاشوا كما عاش آباء لهم سلَفُوا و أورِثُوا الدين تقليدا كما وجدوا
لم تنبعث همته للبحث عن الحق ، و النظر في الأدلة ،
و هؤلاء قال الله فيهم :"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً"الآيات ،
و قال سبحانه فيهم : "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا"
و قال أيضا:"وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ"
و كيف يُعجب مسلم بكافر ،
و يمدحه بعلو الهمة بسبب أعمال غايتها تعمير الدنيا و إصلاحها ،
ثم إن كان فعلها تعبدا دون أن يسلم لله - عز وجل – فإنها لا تنفعه قطعا في الآخرة ،
بل يجعلها الله هباء منثورا :"وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا"
و قال عز وجل :"مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ "
و قال تعالى : "وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ"
انتهى كلام الشيخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة:
تم الاقتصار على ذكر بعض الأحاديث التي أوردها الشيخ في كتابه وليس كلها
والتي يدل فيها الرسول صل الله عليه وسلم على ذم الدنيا و تحقيرها و مدح الآخرة و تعظيمها
و الحمد لله رب العالمين
تعليق