السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ..
لنبدأ رِحلتَنا سَوِيًّا مع الحُرُوفِ ،
فنتعرَّف على حُرُوفِ الهِجاءِ ، حُرُوفِ القُرآن .
ولِكُلٍّ حَرفٍ معنا حِكايةٌ ، نعيشُ فيها مع :
مَخْرَجِهِ + صِفاتِهِ + حالاتِهِ + الأخطاءِ الشَّائِعةِ عند النُّطقِ بِهِ .
يقولُ الشَّيخُ الخَرْقانِيُّ :
زِنِ الحَرفَ لا تُخرِجْهُ عن حَدِّ وَزْنِهِ ... فَوَزْنُ حُرُوفِ الذِّكْرِ مِن أفْضَلِ البِرِّ
سيكونُ الأصلُ عندنا في هذا البَرنامج هو وَزن الحُروف .
سنتعلَّمُ كيف ننطِقُ الحَرفَ في كُلِّ حالاتِهِ .
سنتعلَّمُ كيف نُطَبِّقُ الصِّفاتِ ، وكيف نتعلَّمُ الأخطاءَ
مِنَ الأخطاءِ الشَّائِعةِ ونُصَحِّحُها .
عَدَدُ حُرُوفِ الهِجاءِ : 29 حرفًا .
يقولُ الإمامُ ابنُ الجَزَرِيِّ :
فأَلِفُ الجَوْفِ وأُخْتَاهَا وهِي .. حُرُوفُ مَدٍّ للهَوَاءِ تنتهِي
أَلِفُ المَدِّ وأُختاها ؛ اليَاءُ والوَاو المَدِّيَّات .
كيف أعرِفُ أنَّ هذه ألِفٌ مَدِّيَّة ، وهذه واو مَدِّيَّة ، وهذه ياء مَدِّيَّة ؟
الألِفُ لا يكونُ إلَّا مَدًّا ؛ لأنَّه لا بُدَّ أن يكونَ ما قبلَه مفتوحًا .
الواو المسبوقة بضَمٍّ ، ولا بُدَّ أن تكونَ ساكنةً .
اليَاءُ الساكنة ، وما قبلَها مكسورٌ .
إذًا ، شرطُ حَرفِ المَدِّ أن تكونَ قبلَه حَركةٌ مُجانِسةٌ ؛
يعني حَركة مِن جِنْسِ الحَرف .
الألِفُ مِن جِنْسِهِ الفَتحة ،
واليَاءُ مِن جِنْسِها الكَسْرة ،
والواو مِن جِنْسِها الضَّمَّة .
= مَخْرَجُ حُرُوفِ المَدِّ =
مَخرَجُها مَخرجٌ مُقَدَّرٌ ؛ بمعنى أنَّ العُلَماءَ لم يستطيعوا حَصْرَه بشكلٍ دقيقٍ ،
فقالوا : مُقَدَّرٌ ؛ يعني تقديريٌّ .
مِن أين تخرُجُ حُرُوفُ المَدِّ الثلاثة ؛ الألِف والواو واليَاء ؟
تَخرُجُ مِنَ الجَوْفِ .
أين هو الجَوْفُ ؟
حَدَّدَه العُلَماءُ بخَلاءِ الحَلْقِ والفَم ؛ المساحةُ الفارغةُ داخل الحَلْق وداخِل الفَم .
لأنَّهم لم يستطيعوا أن يَحصروا بالضبط مِن أين تَخرُجُ حُرُوفُ المَدِّ .
وهل يَخرُجُ مِن هذا المَخرج أحرُفٌ أخرى غير حُرُوفِ المَدِّ ؟
نعم ، الحَركاتُ بناتُ حُرُوفِ المَدِّ ؛ فالفَتحةُ بنتُ الألِف ،
والضَّمَّةُ بنتُ الواو ، والكَسْرةُ بنتُ اليَاءِ .
إذًا ، مَخرجُ حُرُوفِ المَدِّ هو مَخرجُ الحُرُوفِ ومَخرجُ الحَركاتِ الثلاثةِ .
= هل لحُرُوفِ المَدِّ صِفاتٌ ؟ =
لا ، الرَّاجِحُ أنَّه ليس لها صِفاتٌ .
لماذا ؟
لأنَّنا لكَي نُحَدِّدَ صِفةً ، لا بُدَّ أن نُحَدِّدَ مَخرجًا ،
والمَخرجُ عندنا غيرُ مُحَدَّدٍ بشكلٍ دقيقٍ ، فلا تُوجَدُ صِفاتٌ .
= كيف أتعامَلُ مع حُرُوفِ المَدِّ ؟
هل أمدُّ أيِّ وَقتٍ وأمدُّ أيَّ حَرفٍ ؟
لا ، حُرُوفُ المَدِّ لها ضَوابِطُ في المَدِّ .
= إذا لم يَكُن بعد حَرفِ المَدِّ هَمزةٌ ولا سُكون - لأنَّ سَبَبَ المَدِّ
أو سببَ طُول المَدِّ هو الهَمزة والسُّكون - تُمَدُّ مَدًّا طبيعيًّا .
الألِفُ تُمَدُّ حَركتين ، والواو حركتين ، والياءُ حركتين .
وهذه الأحرُفُ الثلاثة جُمِعَت في كلمةٍ في القُرآن ، وهِيَ : (( نُوحِيهَا )) .
( نُو ) ---> نُون مضمومة بعدها واو [ واو ساكنة قبلها مضموم ] .
( حِيـ ) ---> حَاء مكسورة بعدها ياء [ ياء ساكنة قبلها كَسْر ] .
( ـهَا ) ---> هاء مفتوحة بعدها ألِف [ ألِف ساكنة قبلها فَتح ] .
طالما وُجِدَ ألِف ، فلا بُدَّ أن يكونَ ما قبلَه مفتوحًا ،
لا يُمكنُ أن يكونَ ما قبله مضمومًا أو مكسورًا أو ساكنًا .
= كيف نقيسُ هذه الحَركاتِ ؟
إمَّا بالمُشافَهَةِ ؛ بأن تقرأ على شيخٍ مُتقنٍ مُتَّصِلٌ سَنَدُهُ بالنبيِّ
عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ، ويقولُ لكَ : هذا الوَزنُ مضبوط . أو نقيسُها .
قَدَّرَ العُلَماءُ الحَركةَ بمِقدار قَبْض الأصبع ( حركة ) أو فَتحه .
أو نَعُدُّها ( واحد ، اثنان ، ... ) .
= إذا كان سَبَب المَدِّ هَمزة ، سنَمُدُّ أربعَ حَركاتٍ ،
بشَرطِ أن تكونَ الهَمزةُ وحَرفُ المَدِّ في كلمةٍ واحدةٍ ،
مِثل : (( السَّمَاء )) .
إذا اتَّصَلَت الهَمزةُ بالكلمةِ ، فلا يَقِلُّ المَدُّ عن أربع حَركاتٍ ..
هذا عند الإمام حَفْص .
إذا انفصَلَت الهَمزةُ - جاء حَرفُ المَدِّ في آخِر الكلمةِ والهَمزةُ في أوَّل الكلمةِ
التي تليها - لنا أن نمدَّ حركتين أو أربع . مِثال : (( يَا أَيُّهَا )) .
= إذا جاء بعد حَرفِ المَدِّ حَرفٌ ساكنٌ أو حَرفٌ مُشَدَّدٌ ،
لا بُدَّ أن يكونَ المَدُّ سِتَّ حَركاتٍ ،
بشَرطِ أن يكونَ في كلمةٍ واحدةٍ . وقد يأتي في حَرف .
مِثال في حَرف : (( الم )) : حَرف ( ل ) / لام ، إذا تَهَجَّيْتُه : ( لام ألِف ميم ) .
لام مفتوحة - ألِف مَدِّيَّة - ميم ساكنة ؛ لأنَّ الحَرفَ مبنيٌّ على السُّكون .
الْتَقَى الألِفُ المَدِّيَّة والميمُ الساكنةُ ، نمدُّ سِتَّ حَركاتٍ .
لا يَقِلُّ المَدُّ عن سِتِّ حَركاتٍ ولا يَزيد .
( م ) / ميم : ياء مَدِّيَّة قبلها مكسورٌ ، وبعدها ميم ساكنة ،
حَرفٌ مبنيٌّ على السُّكون .
مِثال في كلمةٍ : (( ءَآلْآنَ )) ، هِجاءُ الكلمةِ : هَمزة ألِف ، وبعده لام ساكنة .
حَرفُ المَدِّ جاء بعده سُكونٌ ، اسمُه : مَدٌّ لازِمٌ ؛ نَمُدُّ سِتَّ حركاتٍ .
لا نَعُدُّ بسُرعة ولا نَعُدُّ ببُطء .
ضابِطُها الأصليُّ : التَّلَقِّي بالمُشافَهَةِ . لكنْ لو قُمتَ بالعَدِّ على أصابِعِكَ ،
تَعُدُّ بشكلٍ لا هو سريعٌ ولا هو بطيءٌ .
= الأخطاءُ الشَّائِعةُ في حُرُوفِ المَدِّ الثلاثةِ والحَركاتِ =
1- تركيبُ غُنَّةٍ في حَرفِ المَدِّ أو الحَركةِ . مِثال : في كلمةِ (( السَّمَاء )) .
2- ترعيدٌ لحَرفِ المَدِّ . وتَرعيدُ الصَّوتِ معناه أنَّنا نُضيفُ ألِفات أو ياءات
أو واوات ( حُرُوفَ مَدٍّ ) أثناء التَّرعيد .
والمَدُّ لا بُدَّ أن يَخرُجَ صريحًا ، لا كأنَّكَ مُرتعِدٌ أو كأنَّكَ ترتعِشُ .
مِثال للتَّرعيد : (( السَّمَااااااااء )) .
3- الاختلاسُ مِن زمن الحَركاتِ ( الفَتحة ، والضَّمَّة ، والكَسْرة ) ،
في مِثل قولِهِ تعالى : (( يَعِدُكُمُ )) - (( يَعِظُكُمُ )) .
4- إنقاصُ حَرفِ المَدِّ في مَواضِع كثيرةٍ يُغيِّرُ المعنى .
مِثل : (( وقُلْنَ يَا آدَمُ )) ، هذا الكلامُ على جَمْعٍ مِنَ النِّساءِ .
لكنَّ الكلامَ مِن رَبِّ العِزَّةِ ؛ الألِفُ بعد النُّون تدُلُّ على العَظمةِ ، نُون العَظَمةِ .
فنقولُ : (( وَقُلْنَا )) لا (( وَقُلْنَ )) .
5- أزمِنةُ المُدُودِ : مَن قلَّلَ في العَدَدِ أو زاد فيه ، فقد وقع في خطأ .
وهذا يُعتَبَرُ لَحنًا خَفِيًّا لا جَلِيًّا .
وجَلِيٌّ : يعني واضِح ، وخَفِيٌّ : يعني خطأٌ يَعرفه المُتَخَصِّصون .
لسَماع هذه المَادَّة بتفصيلٍ أكثر : [ هُنا ] .
يتبع
تعليق