موسوعة علوم القرآن في سؤال وجواب
الفصل الأول: تعريف القرآن ووصفه
ج: القرآن: هو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى، بواسطة جبريل عليه السلام، المُتعبَّد بتلاوته، وإعجاز الخلق عن افتيان بمثل أقصر سورة منه، المنقول إلينا نقلاً متواترًا وهو كلام الله منزلٌ غير مَخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهو مكتوب في المصاحف، مَحفوظ في الصدور، مقروء بالألسنة، مَسموع بالآذان، فالاشتغال بالقرآن من أفضل العبادات سواء أكان بتلاوته أو بتدبر معانيه فهو أساس الدين، وقد أودع الله فيه علم كل شيءٍ فإنه يتمن الأحكام والشرائع والأمثال والحكم، والمواعظ والتاريخ، ونظام الكون، فما ترك شيئًا من أمور الدين إلا بينه، ولا من نظام الكون إلا أوضحه، قال تعالى: " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " [النحل: 89] [انظر البرهان في تجويد القرآن للشيخ محمد صادق قمحاوي]
ومادة " قرأ " تأتي بمعنى الجمع والضم، والقراءة: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، والقرآن في الأصل كالقراءة: مصدر قرأ قراءة وقرآنا.
قال تعالى: " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ - فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ " [القيامة: 17 ، 18]
أي قراءته، فهو مصدر على وزن " فُعلان " بالضم كالغُفران والشُكران، تقول: قرأته قرءًا وقرآنًا، بمعنى واحد.
سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر.
وذكر بعض العلماء أن تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب الله لكونه جامعًا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم، كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ " [النحل: 89]، وقوله: " مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ " [الأنعام: 38]
وذهب بعض العلماء إلى أن لفظ القرآن غير مهموز الأصل في الاشتقاق، إما لأنه وضع علمًا مُرتجلاً على الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وليس مشتقًا من " قرأ "، وإما لأنه من " قرن " الشيء بالشيء إذا ضمَّه إليه، أو من " القرائن " لأن آياته يشبه بعضها بعضًا فالنون أصلية - وهذا رأي مرجوح - والصواب الأول.
والقرآن الكريم يتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس والفصول والخواص. بحيث يكون تعريفه حدًا حقيقيًا، والحد الحقيقي له هو استحضاره مَعهودًا في الذهن أو مشاهدًا بالحس كأن تشير إليه مَكتوبًا في المصحف أو مقروءًا باللسان فتقول: هو ما بين هاتين الدفتين، أو تقول: هو من " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ - الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [الفاتحة: 1 - 2] إلى قوله: " مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ " [الناس: 6]
ويذكر العلماء تعريفًا له يقرب معناه ويميزه عن غيره، فيعرفونه بأنه: " كلام الله، المُنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم، المُتعبَّد بتلاوته ".
فـ "الكلام" جنس في التعريف، يشمل كل كلام.
وإضافته إلى "الله" يخرج كلام غيره من الإنس والجن والملائكة.
و "المُنزَّل" يخرج كلام الله الذي استأثر به سبحانه: " قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً " [الناس: 6]