بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين.
قال ابن تيمية - رحمه الله - :
"وقع في القرآن أمثال وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر"
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -:
ومنها قوله تعالى في تشبيه من أعرض عن كلامه وتدبره:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين
قال ابن تيمية - رحمه الله - :
"وقع في القرآن أمثال وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر"
فقاس سبحانه من حمَّله كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب فقرأه به بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه
كحمار
على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا
فحظه مثل الذين حملوا التوراة من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره
فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به ولم يؤد حقه ولم يرعه حق رعايته.اهـ
قلت (أبو أنس):
إن المدقق في نصوص التوراة يعلم علم اليقين مدى (حميرية) اليهود،
بما يتبين له أن كاتبها غير موسى عليه السلام؛
لأن من يستعرض الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم
وهي الأسفار التي ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويزعمون أن موسى عليه السلام كتبها بيده
يعلم علماً لا يشوبه أدنى شك
أن هذه الأسفار ليست من كتابة موسى عليه السلام
ولا يمكن أن يكون قد كتبها بيده ,
بل الذي تدل عليه النصوص أن هذه الأسفار قد كُتبت بعد عصر موسى عليه السلام بفترة ليست قصيرة , وقد ذكر المحققون قديماً وحديثاً أمثلةً كثيرة تؤكد من خلالها استحالة نسبة هذه الأسفار كاملة إلى موسى عليه السلام .
ونحاول أن نضرب بعض الأمثلة على ذلك :
المثال الأول :
ورد في سفر التثنية الإصحاح الرابع والثلاثين خبر موت موسى ودفنه في أرض مؤاب حيث تقول الرواية في التوراة ما نصه " فمات هناك موسى عبدالرب في أرض مؤاب حسب قول الرب ودفنه في الجواء في أرض مؤاب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم وكان موسى ابن مئةٍ وعشرين سنة حين مات " انتهى من سفر التثنية .
فأي عاقلٍ يمكن أن يصدق أن موسى عليه السلام قد كتب خبر موته ودفنه وبكاء بني إسرائيل عليه في التوراة ,
ومن تأمل هذا النص خرج بأمرٍ مهم
وهو عبارة (ولم يعرف قبره إلى هذا اليوم) التي جاءت في سفر التثنية تدل دلالة قاطعة على أن هذه الجملة قد كُتبت بعد موسى عليه السلام بفترةٍ طويلةٍ جداً , وأدى طول هذه الفترة إلى استحالة معرفة قبر موسى عليه السلام.
أما المثال الثاني:
فقد ورد في سفر الخروج ما نصه : " فقال الرب لموسى أنظر أنا جعلتك إلهً لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك " انتهى .
إن ورود هذا النص في التوراة عند اليهود لدليل قاطع على وقوع التحريف فيها
إذ كيف يعقل أن يقول الله لموسى جعلتك إلهً وما أُرسل موسى وسائر الأنبياء إلا بالدعوة إلى التوحيد وإفراد الله بربوبيته وإلوهيته سبحانه وتعالى .
وكذلك يعترف أحبار اليهود وعلماءهم بوقوع التحريف في التوراة من بعد موسى عليه السلام فيقول الساموال ابن يحيى بعدما أسلم وقد كان من كبار أحبارهم ما لفظه " علماءهم وأحبارهم - أي اليهود - يعلمون أن هذه التوراة التي بأيديهم لا يعتقد أحد من علماءهم وأحبارهم أنها المنزلة على موسى ألبته لأن موسى صان التوراة عن بني إسرائيل ولم يبثها فيهم وإنما سلمها إلى عشيرته أولاد ليوي ولم يبذل موسى من التوراة لبني إسرائيل إلا نصف سورة يقال لها : هائينزو وهؤلاء الأئمة الهارونيون الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون أكثرها قتلهم بختنصر على دم واحد يوم فتح بيت المقدس ولم يكن حفظ التوراة فرضاً ولا سنة بل كان كل واحدٍ من الهارونيين يحفظ فصلاً من التوراة " انتهى كلام الإمام الساموال ابن يحيى من كتاب افحام اليهود صفحة 135 .
إذاً أحبابي في الله وبعد أن عرفنا أن كاتب التوراة المحرفة ليس موسى عليه السلام يرد علينا سؤال مهم جداً وهو
من الذي كتب هذه التوراة المحرفة؟
فنقول وبالله التوفيق والسداد , بالرجوع إلى ما كتبه العلماء والمحققون عن هذا الموضوع نجد أنهم يؤكدون أن كاتب التوراة بعد التحريف هو عزراء الوراق وأن كتابته للتوراة كانت بعد غزو بختنصر ملك بابل لأورشليم وتحطيم الهيكل وقتله عدداً كبيراً من اليهود
يقول ابن حزم في كتابه الفِصل ما نصه : " إن عزراء الوراق هو الذي أملأ على اليهود التوراة من حفظه وكان إملاء عزراء للتوراة بعد أزيد من سبعين سنة من خراب بيت المقدس "
انتهى من موسوعة فرق الشيعة
قلت (أبو أنس)
والأدلة على ذلك كثيرة لا تحصى ولا تعد. ليس من كلام المسلمين فقط بل ومن كلام علماء اليهود وغيرهم ممن شُهد لهم بدقة التحقيق وجودة البحث ، وبذلك يتبين صدق وصف الله لهم كما تقدم في الآية الكريمة
وقد يكون لمبدأ (الاستحمار) وجوه متعددة أذكر لكم بعضا مما وقفت عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله :
المشهد الأول شباب لا يفقه شيء
هذا المشهد شاهده بعض الإخوة يقول : رأيت فيه شباب مسلمين يلبسون لباس فريق رياضي انكليزي وهذا الفريق هو فريق ليفربول و كتب عليها Carlsberg وهي أكبر شركة لصناعة البيرة
المشهد الثاني معاكسة إسلامية
ويقول آخر : هذا المشهد أشاهده يوميا" عندما أفتح التلفاز على بعض القنوات الاسلامية الجديدة بنظرة خاطفة على شريط الرسائلSMS أسفل الشاشة، تلاحظ العجب العجاب، رسائل غرام وطلب زواج ومقابلات بين الجنسيين، فهذه رسالة لشاب مقيم بالسعودية يريد الزواج من سعودية ثرية تتق الله، وأخرى لفتاة جميلة ومتدينة تريد زوجا غنيا وسنه مش كبير ومتدين، وأخرى تبحث عن زوج ابن حلال،
وبالطبع يجد الشاب ضالته فيرسل هو الآخر رسالة للتواصل مع هذه الفتاة ويضع بريده!!
المشهد الثالث صباح يوم العيد
ففي صباح العيد تستيقظ العائلة وترسل ولدها لشراء النبات وعندما يأتي الفتى تشد الأم رحلها وتلبس السواد وتذهب الى زيارة القبور فيقول الولد:"يا ماما اليوم عيد ضروري اليوم" فتقول الأم:"أسكت يا جاهل أنا لما موت كل عيد تزورني"
المشهد الرابع يوم عاشوراء
يقول راوي المشهد هذا المشهد حساس ولكن موجود ونكرانه جهل بحيث أمر محمد صلى الله عليه وسلم صيامه
ولكنك ترى في هذا اليوم الأمر العجاب وأمور لم ينزل بها الله عز وجل من سلطان فترى الهرج والمرج والدماء تسيل وتحسب نفسك في مسلخ
ولكن المشهد المرعب هو الاتيان بالرضع وهم لا حول لهم ولا قوة ويتم شق رؤوسهم لماذا هذه الأعمال !!!!!
بالله عليكم هل هذا من الإسلام في شيء !!!!!!!
المشهد الخامس حلقات الذكر
وآخر يقول : هذا المشهد هو أكثر ما نراه في مصر أم الدنيا بحيث ترى حلقات ما يسمى بالذكر فترى الرجال يلبسون التنورة ويبدؤا بالتمايل والدوران وأصبحوا لهم طرق ومشايخ وكرامات فترى شيخهم مرفوع عنه الحجاب ويرى المصطفى صلى الله عليه وسلم في مواقع مختلفة حسب هواه
ولكن لم ينتهي الأمر الى هنا ولكن تطور الأمر حتى أصبح للذكر فن وفنانات وأصبحنا نرى العاهرات يرقصن على النغم التالي "صلي......على النبي صلي"
المشهد السادس ستار أكاديمي
ويحكي آخر ويقول : هذا المشهد استوقفني كثيرا" فقد رأيت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله - أقصد علم المملكة العربية السعودية-
يتمايل ويرقص بها على ألحان الفسق والمجون وعندما تنتهي الوصلة تضع هذه الراية على أحضان الفاجرات وأشباه الرجال
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين
قال ابن تيمية - رحمه الله - :
"وقع في القرآن أمثال وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر"
وهذا من أحسن القياس التمثيلي فإنه شبه تمزيق عرض الأخ بتمزيق لحمه ولما كان المغتاب يمزق عرض أخيه في غيبته كان بمنزلة من يقطع لحمه في حال غيبة روحه عنه بالموت لما كان المغتاب عاجزا عن دفعه بنفسه بكونه غائبا عن ذمه كان بمنزلة الميت الذي يقطع لحمه ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه
ولما كان مقتضى الأخوة التراحم والتواصل والتناصر فعلق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذم والعيب والطعن كان ذلك نظير تقطيعه لحم أخيه
والأخوة تقتضي حفظه وصيانته والذب عنه ولما كان المغتاب متفكها بغيبته وذمه متحليا بذلك شبه بأكل لحم أخيه بعد تقطيعه
ولما كان المغتاب محبا لذلك معجبا به شبه بمن يحب أكل لحم أخيه ميتا ومحبته لذلك قدر زائد على مجرد أكله كما أن أكله قدر زائد على تمزيقه
فتأمل هذا التشبيه والتمثيل وحسن موقعه ومطابقة المعقول فيه للمحسوس
وتأمل أخباره عنهم بكراهة أكل لحم الأخ ميتا ووصفهم بذلك في آخر الآية
والإنكار عليهم في أولها أن يجب مثل أعمال الكفار أحدهم ذلك فكما أن هذا مكروه في طباعهم فكيف يحبون ما هو مثله ونظيره
فاحتج عليهم بما كرهوه على ما أحبوه وشبه لهم ما يحبونه بما هو أكره شيء إليهم وهم أشد شيء نفرة عنه
فلهذا يوجب العقل والفطرة والحكمة أن يكونوا أشد شيء نفرة عما هو نظيره ومشبهه وبالله التوفيق.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين
قال ابن تيمية - رحمه الله - :
"وقع في القرآن أمثال وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر"
فشبه تعالى أعمال الكفار في بطلانها وعدم الانتفاع بها برماد مرت عليه ريح شديدة في يوم عاصف
فشبه سبحانه أعمالهم في حبوطها وذهابها باطلا كالهباء المنثور لكونها على غير أساس من الإيمان والإحسان
وكونها لغير الله عز وجل على غير أمره برماد طيرته الريح العاصف فلا يقدر صاحبه على شيء منه وقت شدة حاجته إليه
فلذلك لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء فلا يرون لها أثرا من ثواب ولا فائدة نافعة فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه موافقا لشرعه
والأعمال أربعة فواحد مقبول وثلاثة مردودة
فالمقبول الخالص الصواب فالخالص أن يكون لله لا لغيره والصواب أن يكون مما شرعه على لسان رسوله والثلاثة المردودة ما خالف ذلك.
وفي تشبيهها بالرماد سر بديع وذلك للتشابه الذي بين أعمالهم وبين الرماد في إحراق النار وإذهابها لأصل هذا وهذا فكانت الأعمال التي لغير الله عز وجل وعلى غير مراده طعمة للنار وبها تسعر النار على أصحابها وينشئ الله لهم من أعمالهم الباطلة نارا وعذابا كما ينشئ لأهل الأعمال الموافقة لأمره مثل الكلمة الطبية التي هي خالصة لوجهه من أعمالهم نعيما وروحا فأثرت النار في أعمال أولئك حتى جعلتها رمادا فهم وما يعبدون من دون الله وقود النار.
وللحديث بقية إن شاء الله فلا تنسوني من دعائكم
(أبو أنس)
التعديل الأخير تم بواسطة om khadija; الساعة 20-05-2009, 10:28 AM.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته جزاكم الله كل خير وجعله فى ميزان حسناتكم والله اسأل ان يجعلك ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه انه ولى ذلك وهو القادر عليه
إذا أعجبك موضوعى فأدعو لى بحفظ القرآن الكريم والآخلاص فى القول والعمل
اللهم اجعل أعمالي كلها صالحة و لوجهك الكريم خالصة و لا تجعل للناس منها شيئا ولا للشيطان منها نصيبا و تقبلها ربنا بقبول حسن
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين
قال ابن تيمية - رحمه الله - :
"وقع في القرآن أمثال وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر"
لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع
وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة
فكل عمل صالح مرضي لله عز وجل ثمرة هذا الكلمة،
وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضيالله عنهما قال: "أصلها ثابت قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن وفرعها في السماء يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء"
وقال الربيع بن أنس: "كلمة طيبة هذا مثل الإيمان والإيمان الشجرة الطيبة وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاص فيه وفرعه في السماء خشية الله"
والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن
فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل رفع العمل الصالح حين
وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة إلى السماء ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقها ومراعاتها حق رعايتها
فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها
فيعرف حقيقة الهيبة التي يثبتها قلبه لله
ويشهد بها لسانه
وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله عز وجل
وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات
وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلا
فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتى ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الرب تعالى
وهذه الكلمة الطيبة تثمر كثيرا طيبا كلما يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح الكلم الطيب
كما قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها كل وقت عملا صالحا كل وقت.
والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد المؤمن بها عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا متصفا بموجبها قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته فهذه الكلمة من هذا الشاهد أصلها ثبات راسخ في قلبه وفروعها متصلة مثل النخلة والمؤمن بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت
ومن السلف من قال إن الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمر الصحيح
ومنهم من قال هي المؤمن نفسه
كما قال محمد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ويعني بالأصل الثابت في الأرض والفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم فيبلغ قوله وعمله السماء وهو في الأرض
وقال عطية العوفي في: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ} قال ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى الله.
وقال الربيع بن أنس: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} قال ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك له
قال: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} قال أصل عمله ثابت في الأرض:
{وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} قال ذكره في السماء
ولا اختلاف بين القولين فالمقصود بالمثل المؤمن والنخلة مشبهة به وهو مشبه بها وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك
ومن قال من السلف إنها شجرة في الجنة فالنخلة من أشرف أشجار الجنة.
وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق ويقتضيه علم الذي تكلم به سبحانه وحكمته فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه به
فعروقها العلم والمعرفة واليقين
وساقها الإخلاص
وفروعها الأعمال
وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضى
فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور
فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به
والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله صلوات الله وسلامه عليهم
والإخلاص قائم في القلب
والأعمال موافقة للأمر
والهدى والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها
علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء
وإذا كان الأمر بالعكس
علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار
ومنها أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها فإذا انقطع عنها السقي أوشك أن تيبس
فهكذا شجرة الإسلام في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعمل النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم"
وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك
ومن هنا يعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وضعها عليهم وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم.
ومنها: إن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه
فإن تعاهده ربه ونقاه وقلمه كمل الغرس والزرع واستوى وتم نباته وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى
وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع ويكون الحكم له أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته
ومن لم يكن له فقه يقيس في هذا ومعرفته به فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين
قال ابن تيمية - رحمه الله - :
"وقع في القرآن أمثال وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها تشبيه شيء بشيء في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر"
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -:
ثم ذكر سبحانه مثل الكلمة الخبيثة فشبهها بالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار
فلا عرق ثابت ولا فرع عال ولا ثمرة زاكية ولا ظل ولا جنى ولا ساق قائم ولا عرق في الأرض ثابت مغدق ولا أعلاها مونق ولا جنى لها ولا تعلو بلى تعلى.
وإذا تأمل اللبيب أكثر كلام هذا الخلق في خطابهم وكتبهم وجده كذلك
فالخسران كل الخسران الوقوف معه والاشتغال به عن أفضل الكلام وأنفعه
قال الضحاك:
" ضرب الله مثلا للكافر بشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول ليس لها أصل ولا فرع وليس لها ثمرة و لا فيها منفعة
كذلك الكافر ليس يعمل خيرا ولا يقوله ولا يجعل الله فيه بركة ولا منفعة"
وقال ابن عباس:
"ومثل كلمة خبيثة وهي الشرك كشجرة خبيثة يعني الكافر اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان ولا يقبل الله عمل المشرك ولا يصعد إلى الله فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء يقول ليس له عمل صالح في السماء ولا في الآخرة
وقال الربيع بن أنس:
" مثل الشجرة الخبيثة مثل التثبيت بالقول الصالح الكافر ليس لقوله ولا لعمله أصل ولا فرع ولا يستقر قوله ولا عمله على الأرض ولا يصعد إلى السماء"
وقال سعيد عن قتادة في هذه الآية:
" إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال له: ما تقول في الكلمة الخبيثة؟
قال لا أعلم لها في الأرض مستقرا ولا في السماء مصعدا إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها يوم القيامة "
وقوله اجتثت أي استؤصلت من فوق الأرض
ثم أخبر سبحانه عن فضله وعدله في الفريقين أصحاب الكلم الطيب والكلم الخبيث
فأخبر أنه يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت أحوج ما يكونون إليه في الدنيا والآخرة وأنه يضل الظالمين وهم المشركون عن القول الثابت
فأضل هؤلاء بعدله لظلمهم وثبت المؤمنين بفضله لإيمانهم
وأثبت القول كلمة التوحيد ولوازمها فهي أعظم ما يثبت الله بها عباده في الدنيا والآخرة ولهذا ترى الصادق من أثبت الناس وأشجعهم قلبا والكاذب من أمهن الناس وأخبثهم وأكثرهم تلويا وأقلهم ثباتا
وأهل الفراسة يعرفون صدق الصادق من ثبات قلبه وقت الاختبار وشجاعته ومهابته ويعرفون كذب الكاذب بضد ذلك ولا يخفى ذلك إلا على ضعيف البصيرة
وسئل بعضهم عن كلام سمعه من متكلم به فقال والله ما فهمت منه شيئا الا أني سمعت لكلامه صولة ليست بصولة مبطل فما منح العبد منحة أفضل من منحة القول الثابت
تعليق