سورة المطففين
بصوت الشيخ سعد بن سعيد الغامدي
للاستماع هنا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ{1} الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ{2} وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ{3} أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ{4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ{5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{6}
ويل هنا كلمة عذاب ووعيد للمطففين
وفسر الله المطففين بقوله الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ أي الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يستوفونه كاملا من غير نقص.
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ أي: إذا أعطوا الناس حقهم، الذي للناس عليهم بكيل أو وزن، يُخْسِرُونَ أي: ينقصونهم ذلك، إما بمكيال وميزان ناقصين، أو بعدم ملء المكيال والميزان، أو نحو ذلك. فهذا سرقة لأموال الناس ، وعدم إنصاف لهم منهم.
وإذا كان هذا الوعيد على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان، فالذي يأخذ أموالهم قهرًا أو سرقة، أولى بهذا الوعيد من المطففين.
ثم توعد الله تعالى المطففين، وتعجب من حالهم وإقامتهم على ما هم عليه، فقال أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله، يحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه.
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ{7} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ{8} كِتَابٌ مَّرْقُومٌ{9} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ{10} الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ{11} وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ{12} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ{13} كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ{14} كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ{15} ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ{16} ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ{17}
يقول تعالي كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ وهذا شامل لكل فاجر من أنواع الكفرة والمنافقين، والفاسقين لَفِي سِجِّينٍ اي ضيق وضنك
وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ أي كتاب مذكور فيه أعمالهم الخبيثة
وقيل: إن سجين هو أسفل الأرض السابعة، مأوى الفجار ومستقرهم في معادهم ..
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ فويل وعذاب يومئد للمكذبين الذين يكذبون بيوم الجزاء، يوم يدين الله فيه الناس بأعمالهم.
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ على محارم الله، متعد من الحلال إلى الحرام أَثِيمٍ
أي كثير الإثم، فهذا الذي يحمله عدوانه على التكذيب، ويحمله عدوانه على التكذيب ويوجب له كبره رد الحق، ولهذا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا الدالة على الحق، وعلى صدق ما جاءت به رسله، كذبها وعاندها، وقَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي من ترهات المتقدمين، وأخبار الأمم الغابرين، ليس من عند الله تكبرا وعنادا.
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ{14} كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ{15
وأما من أنصف، وكان مقصوده الحق المبين، فإنه لا يكذب بيوم الدين، لأن الله قد أقام عليه من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، ما يجعله حق اليقين، وصار لقلوبهم مثل الشمس للأبصار ، بخلاف من ران على قلبه كسبه، وغطته معاصيه، فإنه محجوب عن الحق، ولهذا جوزي على ذلك، بأن حجب عن الله، كما حجب قلبه في الدنيا عن آيات الله، ثُمَّ إِنَّهُم مع هذه العقوبة البليغة لَصَالُوا الْجَحِيمِ ثم يقال لهم توبيخا وتقريعًا: هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ فذكر لهم ثلاثة أنواع من العذاب: عذاب الجحيم، وعذاب التوبيخ، واللوم.
يتبع إن شاء الله تعالي ....
تعليق