إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير القرآن الكريم للشيخ راتب النابلسى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    image.png.1b5c7caf6af4546bc147fb1660390840.png

    


    خطر الإفساد في الأرض


    { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (27) }سورة البقرة
    إيَّاك أن تكون أداة قطعٍ ، بل كن أداة وصلٍ ، لذلك : ليس منا من فَرَّق . حتى بعض المؤسسات مثلاً تعلق أنها تريد موظفاً يعمل لديها غير متزوج ، أو غير مصحوب بزوجته ، في دول الخليج أحياناً يطلبون موظفاً من دون زوجة ، زوجته أقرب الناس إليه ، ليس في الإمكان أن يعيش بعيداً عنها ، وليس في إمكانها أن تعيش بعيدةً عنه ، لا نقبلك بزوجة ، يبقى سنةً بأكملها في مكان ، وزوجته في بلد آخر ، هؤلاء يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، هؤلاء الذين يفرِّقون شمل الأسرة هؤلاء ليسوا على حق ، يأمرك القرآن والسنَّة أن تجمع شمل الأسرة ، هذه الآية واسعة جداً لا تنتهي


    { وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (27) } سورة البقرة

    سأل أحدهم أخته عندما جاءها مولود : ماذا قدَّم لكِ زوجكِ بمناسبة الولادة ؟
    قالت له : لم يقدِّم لي شيئاً ، فأجابها متسائلاً : أمعقول هذا ؟ أليس لكِ قيمة عنده ؟
    والله يليق بكِ شخص غيره أرقى منه ، ألقى بذلك قنبلة ومشى ، جاء زوجها ظهراً إلى البيت فوجدها غاضبة فتشاجرا ، وتلاسنا ، واصطدما ، فطلقها ،
    من أين بدأت المشكلة ؟
    من كلمة قالها الأخ ،

    مثلاً قد يسأل أحدهم : هذا البيت كيف يتسع لكم ؟ إنه يتسع لنا ، ليس لك أنت علاقة ، إنه يحب أن يُعَكِّر صفو الأسرة ، هو شيطان ، داخل فيه شيطان ، وهذا هو الفساد


    { وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (27) }
    يفسدون العلاقات ، يفسدون الأخلاق ، يفسدون براءة الصِغار ، هناك أعمال فنية مستوردة تُعْرَض على الصغار فيها كل شيء من الفسق والفجور والعلاقات الغرامية ، طفل عمره ثلاث سنوات أو أربع سنوات يشرب مع دمه هذه العلاقات الشائنة عن طريق أفلام نستوردها ، هذه لا تجوز ، لا بدَّ من أعمال تناسب الصغار المؤمنين ، كل عمل يُبعدك عن الله عزَّ وجل هذا قطعٌ لما أمر الله به أن يوصل .

    image.png.9b254600ab2617fa670e43950749bacf.png

    تعليق


    • #32
      النهي عن التباهي بحظوظ الدنيا



      (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)

      قطع ما أمر الله به أن يوصل والفساد في الأرض هذا من خصائص هذا العصر، مصدره أحياناً التباهي، النساء دائماً يحببن أن يستكثرن أمام صديقاتهن، هذا أيضاً فساد في الأرض، أكرمك الله بزوج حالته المادية جيدة، هل من المفروض أن تحدِّثي جيرانك عن طعامكم، وعن نزهاتكم، وعن فرشكم، وعن بيتكم ؟

      داخل فيها شيطان، عملية تحطيم، أنا كذا، زوجي كذا، دخله كذا، قمنا بنزهة بالمكان الفلاني، بالفندق الفلاني، حفل عُرسنا كان بالمكان الفلان، هذا الحديث الفارغ الذي يملأ القلب حسرةً، ويملأ الناس ضغينةً وحقداً، ما مبرراته ؟
      أليس يحمل في طياته خلافاً بين الأزواج قد ينتهي إلى الطلاق وتشريد الأولاد،
      إنه يقطع ما أمر الله به أن يوصل.


      المؤمن يذكر الله عزَّ وجل فيشكره، إذا أكرمك الله عزَّ وجل فاشكره دون أن تكسر قلب الآخرين، لئلا تقع في الفساد، هناك فساد بالكلمة، فساد بالأجواء، فساد بالمياه، فساد بالبيئة، فساد بالثمرات، فساد بالنباتات، الفساد واسع جداً، وهو إخراج الشيء عن طبيعته، والمؤمن لا يفسد إطلاقاً، إنما يصلح بين خلق الله عزَّ وجل.

      ﴿ ...وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) ﴾سورة البقرة


      (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ))
      [ الترمذي عن أبي هريرة ]
      كل إنسان يصَغِّر دنيا الناس عندهم، يكَرِّهه ببيته، يكرهه بزوجته، يكرهه بأولاده، يكرهه بمهنته، بحرفته، يستعلي عليه، هذا يفسد في الأرض، أفسد العلاقات، أفسد القرابات، أفسد الأعمال، فالفساد أيضاً واسع شره ونتائجه.
      الفساد واسع جداً وهو إخراج الشيء عن طبيعته:
      كلمة تنطق بها من سخط الله تهوي بها في جهنم سبعين خريفاً،

      كلمة استعلاء أحياناً تجرح الإنسان:
      جراح السنان له التئام وليس لجراح اللسان التئام


      يتكلم بعضهم أحياناً كلاماً جارحاً، يحفر عميقاً في نفس سامعه، حمله على الكلام مكرٌ أو خبثٌ أو جهل، فلماذا ؟
      أما كان الأجدر به أن يراقب الله فيما يقول ؟!!

      فاحذر أن ينزلق لسانك وتقطع عندئذٍ ما أمر الله به أن يوصل.



      موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية

      تعليق


      • #33
        الدنيا ساعة اجعلها طاعة

        ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)سورة البقرة ﴾

        الدنيا ساعة، الزمن يمضي سريعاً، الإنسان زمن، الإنسان بضعة أيام كلَّما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منه، والإنسان العاقل يَعُدُّ عمره عداً تنازلياً يقول: كم بقي لي من عمري ؟ كيف مضى الذي مضى ؟ مضى الذي مضى كلمح البصر، فإذا مضى ثُلثا العمر فالثلث الباقي يمضي كلمح البصر أيضاً، الإنسان فجأةً أمام حسابٍ دقيق، وجزاءٍ دقيق، وعقابٍ دقيق.
        قال علماء التفسير:

        ﴿ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً (28) ﴾
        أي كنتم في حالة العدم، الموت الأول موت العدم:
        ﴿ فَأَحْيَاكُمْ (28) ﴾
        جاء بكم إلى الدنيا، ثم أماتكم بعد انتهاء الحياة، ثم يحييكم يوم القيامة لتلقوا نتائج أعمالكم، إذاً أولاً موت العدم، ثم إحياء الدخول في الدنيا، ثم موت الخروج من الدنيا، ثم إحياء يوم القيامة للحساب والعقاب والجزاء.
        منحك نعمة الإيجاد، ومنحك نعمة الإمداد، ومنحك نعمة الهدى والرشاد، وهذه هي النعم الكبرى.

        ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) ﴾( سورة الإنسان )
        منحك نعمة الحياة، منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهُدى والرشاد.

        أنت بين قَوْسين قوس الحياة وقوس الممات، الله عزَّ وجل هو المتحَكِّم بالحياة، واهب الحياة، الله عزَّ وجل هو المميت، هو الذي ينهي حياة الإنسان، فإذا كانت البداية من خلق الله والنهاية من خلق الله لم لا تكون الحياة لله ؟
        " الدنيا ساعة اجعلها طاعة "

        ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ (28) ﴾
        استفهام تعجُّبي، استفهام إنكاري، استفهام توبيخي:
        ﴿ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) ﴾

        والله الموت وحده أكبر درس، كل شيء تملكه تفقده بثانية، يكون للميت درج خاصّ فيه، بعض التحف، يُفتح هذا الدرج وتؤخذ مقتنياته يؤخذ مفتاح سيّارته، لا يوجد شيء في حياته حريص عليه إلا ويفقده بعد موته، يُصبح جثةً هامدةً، يكون معه مئات الملايين، الخام أسمر وليس مقصوراً لأنه يحرم استعمال المقصور،
        القبر ؛ لا يوجد قبر خمس نجوم، ولا نجمة، وقد كان نقش خاتم عمر " كفى بالموت واعظاً يا عمر"، هذا الحدث الذي لا بدَّ منه، العاقل، والذكي، والموفَّق الذي يُعِد لهذه الساعة التي لا بدَّ منها، هذا الحدث ـ حدث الموت ـ ينبغي أن لا تفاجأ به، ينبغي أن تسعى ليلاً نهاراً إعداداً له، لأن القبر سيكون روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران ؛ فآل فرعون:﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً (46)﴾( سورة غافر: آية " 46 ")
        منذ ستة آلاف سنة:

        ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)﴾( سورة غافر: آية " 46 " )

        تعليق


        • #34
          نتيجة بحث الصور عن السلام عليكم رمضان
          معان متعددة لكلمة (خليفة)

          ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)سورة البقرة ﴾
          جعل الله عزَّ وجل هذا الإنسان المخلوق الأول، جعله خليفةً له، معانٍ كثيرة جداً.
          1ـ المعنى الأول لكلمة (خليفة) أي يأتي بعضهم وراء بعض ليتعظوا:
          أي أن سيدنا آدم حينما كان في الجنة لم يخرج منها بسبب ذنبه، لا، فسيدنا آدم مخلوق في الأصل للأرض، والدليل هذه الآية،
          لكن الله جعل هذا الدرس البليغ له ولذريته من بعده،
          ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (30) ﴾
          لكن الله شاءت حكمته أن يعطي سيدنا آدم درساً بليغاً في عداوة الشيطان، أما مصير الإنسان فهو إلى الأرض، هذه النقطة الأولى.
          النقطة الثانية، جعله خليفة أي قوماً يخلف بعضهم بعضاً قرناً بعد قرن، جيلاً بعد جيل، كما قال الله تعالى:
          ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ (165) ﴾( سورة الأنعام: آية " 165 " )
          وقال:﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) ﴾( سورة الزخرف )
          وقال:﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ (59) ﴾( سورة الأعراف: آية " 169 " )
          توضح هذه الآيات معنى كلمة الخليفة، وهو الله عزَّ وجل شاءت حكمته أن يأتي الناس إلى الدنيا تِباعاً، وأن يغادروها تباعاً ليتَّعظ بعضهم ببعض

          2ـ المعنى الثاني لكلمة (خليفة) أي لكرامة الإنسان عند الله أعطاه بعض صفاته:
          المعنى الثاني: أن الله لكرامة الإنسان عنده أعطاه بعض صفاته، الله عزَّ وجل فرد، وجعل الإنسان فرداً، ليس في الأرض كلها إنسان يشبهُك، أنت فرد نسيج وحدك، بلازما الدم تنفرد بها، رائحة الجلد تنفرد بها، قزحية العين تنفرد بها، الزمرة النسيجية تنفرد بها، نبرة الصوت تنفرد بها، بصمة اليد تنفرد بها، لكرامتك عنده جعلك فرداً لا مثيل لك، ولا مشابه لك، هكذا شاءت حكمة الله، لكرامتك عنده سمح لك أن تُشَرِّع، أعطاك نصوصاً ظنية الدلالة، ولك أن تجتهد، لكرامتك عنده سمح لك أن تُبْدِع عن طريق المورِّثات والتهجين، فالإنسان الآن يبدع في النباتات، وفي الحيوانات، وفي الزراعة، لكرامتك عنده سمح لك أن تحكم، جعلك خليفةً في الأرض لتقيم العدل، وتردع الظالم، وتكافئ المحسن، مَكَّنَك في الأرض، في الشخص القوي بيده مصير الأشخاص الآخرين، هذا خليفة الله في الأرض.
          ﴿ يَا داود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ (26) ﴾(سورة ص)

          الأنبياء والأولياء والعُلماء والدعاة هؤلاء خلفاء الله في أرضه ليقيموا أمر الدين، والملوك والأقوياء خلفاء الله في أرضه ليقيموا أمر الدنيا، فالله عزَّ وجل أعطى الإنسان قوة، الإنسان لديه قدرة أن يحرك جيشاً، يعلن حرباً، يفجِّر قنبلة مثلاً، سمح الله للإنسان أن يكون قوياً، فكلمة جعله خليفته في الأرض، المعنى الأول: يأتي بعضهم وراء بعض، والمعنى الثاني: لكرامة الإنسان عند الله أعطاه بعض صفاته، وهناك حديث يحتاج إلى شرح طويل:
          (( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ على صُورَتِهِ ))[ رواه حيى بن جعفر عن أبي هريرة ]
          لكرامة الإنسان عند الله عزَّ وجل.

          3ـ المعنى الثالث لكلمة (خليفة) أي أن الإنسان مُمَكَّن أمره نافذ ومعه سلطة:
          إذا كان لك أولاد، أنت تزوّجت أمهم وأنجبت هؤلاء، جعل أمرهم بيدك، طعامهم وشرابهم بيدك، تربيتهم بيدك،توجيهَهُم بيدك، أنت خليفة الله في أسرتك، أنت معلِّم أنت خليفة الله في صَفَّك، مدير مدرسة أنت خليفة الله في هذه المدرسة، أنت مدير تربية فأنت خليفة الله في هذه المحافظة، وزير تربية في القطر، كل إنسان ممكَّن؛ هذا بالتربية، هذا بالصحة، هذا بالاقتصاد، هذا بالأوقاف، فالإنسان مُمَكَّن معه صلاحية، أمره نافذ، معه سلطة، هذا معنى ثالث.

          تعليق


          • #35
            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
            تم دمج الموضوعين ويمكنكم تكملة التفسير هنا
            بارك الله فيكم

            تعليق


            • #36
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              رجاء تغير عنوان الموضوع ل (تفسير
              القرآن الكريم للشيخ راتب النابلسى) بدل من( تفسير الفاتحة للنابلسى )
              لانى سأستمربإذن الله نقل تفسيرة لجميع السور
              جزاكم الله خيراً

              تعليق


              • #37
                image.png.a6e11b772676c37c07fc4540903b6899.png

                كيف عرفت الملائكة أن البشر سيفسدون في الأرض ؟


                ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)سورة البقرة ﴾
                طبعاً تردد هذا السؤال مرَّات عديدة،
                كيف عرفت الملائكة أن الإنسان سيفسُد وسيسفك الدماء ؟
                تجيب الآية عن ذلك:

                ﴿ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ (27) ﴾
                أي من قبل الإنسان:
                ﴿ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) ﴾( سورة الحجر: آية " 27 " )

                عالم الجن ارتكبوا الموبقات، وسفكوا الدماء، وفسدوا في الأرض، فالملائكة قاسوا على الجن، لأن الله عزَّ وجل أعطى الأمانة للإنس والجن معاً:
                ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ (33) ﴾( سورة الأنعام: آية " 130 " )
                وقال:﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) ﴾( سورة الرحمن )
                وقال:﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾( سورة الذاريات )

                الصنفان اللذان قَبِلا حَملَ الأمانة هما صنف البشر وصنف الجن، وهما مكلَّفان، وكل جنس له طبيعة خاصَّة، فالبشر من طين والجان من نار، لذلك قالت الملائكة:
                ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ﴾

                أي إذا أنشأنا جامعة ضخمة جداً، وقسم من طلابها وليكن ربع الجامعة لم يدرسوا، ولم يتعلموا، وأهملوا واجباتهم هل نلغي الجامعة ؟ لا، لأنه يوجد طلاب في المقابل نالوا شهادات عُليا، وقدَّموا لأمتهم خدمات كبيرة جداً، فلو فرضنا أنه يوجد قسم فاسد هل نلغي الجامعة ؟ إننا لا نلغيها:
                سيكون هناك أنبياء كبار، وأولياء، ومؤمنون، ومجاهدون، ومجتمعات راقية جداً:

                ﴿ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ﴾

                هل الكمال في الجامعة أساساً أن ينجح جميع الطلاَّب كلَّهم بتفوق ؟ لا، الكمال في الجامعة أن تأتي النتائج وَفْق المقدِّمات، عندما ينجح المجتهد ويرسب الكسول هذا كمال في الجامعة، الكمال في خلق الإنسان أن تأتي الآخرة متوافقة مع الدنيا فقط.
                image.png.b1319a61c80dbcbf8ed2bf933f14d969.png
                جاء في بعض التفاسير:

                ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ﴾
                أي أن الله تعالى يقول:
                (( إنني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف ما لا تعلمون مع كل المفاسد التي ذكرتموها، سأجعل فيهم الأنبياء، أُرسِل فيهم الرُسل سيكون فيهم الصدّيقون، والشهداء، والصالحون، والعبَّاد، والزهَّاد، والأولياء، والأبرار، والمقرَّبون، والعلماء العاملون، والخاشعون، والمحبَّون لي، والمتبعّون لرسلي، وقد ثبت في الصحيح: أن الملائكة إذا صعدت إلى الرب تعالى بأعمال عباده يسألهم وهو أعلم: كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون آتيناهم وهم يصلّون.. فقد ورد عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
                " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ))
                [ البخاري عن أبي هريرة ]

                هؤلاء في المسجد هنا، لماذا أنتم هنا ؟ لا يوجد طعام ولا يوجد شراب، ولا تكريم ولا رواتب آخر الشهر، أنتم أتيتم لمعرفة الله، أتيتم لوجه الله، إذاً:

                ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ﴾
                يوجد عباد مؤمنون، صادقون، مخلصون، محبِّون، ورعون، مقبلون، محسنون، متفوِّقون، العبرة أن تأتي النتائج وَفْقَ المقدمات فقط:
                ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)﴾( سورة الجاثية)

                image.png.f04bcb2a3f94ee4d51a330e7c6c12a77.png

                تعليق


                • #38
                  المشاركة الأصلية بواسطة امانى يسرى مشاهدة المشاركة
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  رجاء تغير عنوان الموضوع ل (تفسير
                  القرآن الكريم للشيخ راتب النابلسى) بدل من( تفسير الفاتحة للنابلسى )
                  لانى سأستمربإذن الله نقل تفسيرة لجميع السور
                  جزاكم الله خيراً
                  وجزاكم وبارك فيكم
                  تم تعديل العنوان



                  تعليق


                  • #39
                    اسعدك الله في الدارين و حفظك الله من كل مكروه وانار الرحمن دربك بالايمان ...

                    تعليق


                    • #40
                      image.png.a0d5ac42997d65a9ef34c87b0d3b2f12.png

                      الامتثال لله وللرسول صلى الله عليه وسلم


                      ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ (34) سورة البقرة﴾
                      مادام الله أمر، انتهى الأمر، علة أي أمرٍ أنه أمر.
                      يحدث أحياناً أن إنساناً تغلق أمامه كل الطرق المشروعة، يفتح له باب واسع، لكن فيه شبهة، الكسب غير مشروع، هذا امتحان صعب، فحينما تقول: أنا لا أعصِ الله وليكن ما يكن، امتحنك الله ونجحت، يخضعك الآن لقانون العناية الإلهية المباشرة، فيكسبك شيئين ؛ يكسبك أجر العابدين، ثم يكشف لك عن الحكمة فتكون من العلماء، تجمع بين العبودية والعلم، إذا كشف لك حكمة الأمر قبل أن تفعله ضعف فيه عنصر العبودية لله، أما إذا أقبلت عليه دون أن تفهم حكمته طاعةً لله عزَّ وجل، فلما أقبلت عليه ونفذته، كافأك الله فكشف حكمة هذا الأمر، إذا كشف لك الحكمة بعد التنفيذ جمعت بين الشيئين ؛ بين العبودية لله، وبين علم العلماء، صرت عابداً عالماً بآن واحد
                      تتضح أحياناً حكمة الأمر الإلهي بشكلٍ جلي، وأحياناً تختفي حكمته، كلما اتضحت حكمة الأمر الإلهي ضعف فيه عنصر العبودية لله عزَّ وجل

                      ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ (102)﴾( سورة الصافات: آية " 102 " )
                      هو لا يذبح مجرماً !! بل نبياً:
                      ابنه:

                      ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) ﴾( سورة الصافات: 102)
                      هذا الأمر غير واضح على الإطلاق، صعب فهمه، تذبح ابنك النبي،،امتثل ابراهيم لأمر الله، وسارع إلى طاعته فلما وجده الله قد امتثل لأمره دون كسل واعتراض كشف الله هذا البلاء، ... فكلما اختفت حكمة الأمر ارتفع فيه عنصر العبودية لله عزَّ وجل،

                      أنت حينما يأمرك الله أمراً إنما تطيع أمر الله، قال لك: قَبِّل الحجر الأسود ـ حجر لا ينفع ولا يضر ـ تقبله تنفيذاً لأمر الله، قال لك: ارجم هذا الحجر، ترجمه تنفيذاً لأمر الله، ولكن لو قال لك أبوك: أطع الله، صلِّ يا بني وصليت، هل تنفذ أمر أبيك ؟ لا أبداً إنك تنفذ أمر الله عزَّ وجل، أي إنسان يدعو إلى الله لا يُنَفَّذُ أمره الشخصي، إنما يُنَفَّذ أمر الله الذي نقله لك عن كلام الله، وعن سنة رسول الله، وحينما قال الله عزَّ وجل:

                      ﴿ أطيعوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (59) ﴾( سورة النساء )
                      أي أنت مُلْزَم أن تطيع رسول الله من دون نظرٍ لمقياسٍ آخر، كأن يقول لك: يا أخي أنا أطيع الحديث بعد أن أتحقق وأجد له أصلاً في القرآن، لا، ليس لك هذا، أنت مكلفٌ أن تطيع رسول الله استقلالاً، بنص أمر الله عزَّ وجل:
                      ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (7) ﴾(سورة الحشر: آية " 7 " )
                      لأنَّه معصوم ولأنه لا ينطق عن الهوى.



                      image.png.ef912c8ae1134fc1a42134d0f9df6ac4.png

                      تعليق


                      • #41
                        image.png.f758b43dbcd9a0831feaeade6467ea06.png
                        قول لا أدري نصف العلم

                        ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا(32)﴾
                        قال الإمام الشافعي: " كلّما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي " ،
                        والإنسان المتعلّم أو طالب العلم الشرعي يجب أن يكون متواضعاً جداً وأن يُجْري على لسانه كلمة لا أدري، لا أدري نصف العلم،
                        جاء وفد من المغرب إلى المشرق معهم أسئلة عديدة جداً، فالتقوا الإمام مالك ـ إمام دار الهجرة ـ عرضوا عليه مجموعة أسئلة فأجاب عن ثلثها، وأما الأسئلة الباقية فقال عنها: لا أدري،
                        قالوا: يا الله الإمام مالك إمام دار الهجرة لا يدري ؟!
                        قال لهم: قولوا لأهل المغرب الإمام مالك لا يدري.

                        عوّد نفسك أن تقول عن شيء لا تعلمه: واللهِ لا أعلم، إن قلت: لا أعلم فأنت عالم، أما هذا الذي يعلم كل شيء فهو لا يعلم شيئاً إنه كذَّاب، عَوِّد تلاميذك، عود أخوانك كلمة لا أعلم طبيعية جداً، وأنت في مكانك العلي لا تستحي أن تقول: لا أعلم، لأنك إذا قلت ما لا تعلم فقد اقترفت إثماً مبيناً، وردت المعاصي في كتاب الله بشكل تصاعدي ؛ الفحشاء، والمنكر، والإثم، والعدوان، والشرك، والكفر، وأعلى معصية هي:

                        ﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)﴾( سورة البقرة )

                        النبي عليه الصلاة والسلام على علوّ قدره وعِظَم شأنه لا يعلم إلا أن يُعلِّمه الله:
                        يقول الإمام الغزالي: " العوام لأن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ".
                        وَطِّن نفسك إذا سئلت عن آية ما معناها أن تقول: والله لا أدري أراجعها إن شاء الله، ما معنى هذا الحديث ؟ والله لا أدري أراجعه إن شاء الله، فأنت عالم، هذه الموضوعية، وهذا التواضع العلمي، أما أن تجيب عن كل شيء بسرعة، وبلا تريّث، وبلا تَرَوّي فهذا من الجهل، ومن القول على الله ما لا تعلم !

                        ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا (32) ﴾

                        كن طبيعياً، سؤال فقهي، والله سأُراجعه، فتوى، دعني أُفكِّر فيها، هل تعلم ما معنى هذه الآية ؟
                        لا والله لا أعلم، لا أعلم أنت عالم، أما كلَّما سئِلت أجبت إجابة طائشة، فمعنى ذلك أنك لا تعلم، عوّد نفسك أن تقول:

                        ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا (32) ﴾
                        (( أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي البلاد شر ؟
                        فقال: لا أدري، فلما أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا جبريل، أي البلاد شر ؟
                        قال: لا أدري حتى أسأل ربي تبارك وتعالى، فانطلق جبريل، فمكث ما شاء الله ثم جاء، فقال: يا محمد، إنك سألتني أي البلاد شر، قلت: لا أدري، وإني سألت ربي تبارك وتعالى، فقلت: أي البلاد شر ؟ فقال: أسواقها.))
                        [الحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى والإمام أحمد عن جبير بن مطعم]
                        خيرها مساجدها، ففيها علم، ومعرفة، ووجهة إلى الله عزَّ وجل، وشرُّها أسواقها


                        موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية

                        تعليق


                        • #42
                          image.png.85ae3bbe4969161692f940f2b0372f5d.png
                          خطورة الكبر

                          { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ (34) }
                          ليس متاحاً للملائكة أن يعصوا ، الملائكة غير مكلفين ، المَلَك غير مكلف ، المَلَك مسيَّر ، اسجد يسجد ،
                          لا يوجد بين المخلوقات كلها إلا نوعان مخيَّران+ ؛ الإنس والجن ،
                          الإنس يتلقَّى الأمر ، يطيع ، أو يعصي ، أو يرد ، ثلاثة مواقف ، إذا أطاع فهو طائع ، إن لم يطع فهو عاصٍ ، إن احتقر الأمر ورده فهو كافر ، مطيع ، عاصٍ ، كافر ، قال لك : صلِّ ، الذي صلى مطيع ، والذي لم يصلِّ تهاوناً وتكاسلاً ـ الله يتوب علينا ، والله أنا مقصر ، إن شاء الله سوف أصلي ـ هذا عاصٍ ، أما لماذا الصلاة ؟ فهذا كافر ،
                          فرقٌ بين أن تطيع الله ، وبين أن تعصيه ، و بين أن ترد أمره ، هذا متاحٌ فقط للإنس والجن


                          { فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ (34) }
                          قد يقول قائل : الملائكة سجدوا ، وإبليس مستثنى منهم ، هل المعنى أنه مَلَك ؟
                          لا الاستثناء نوعان ؛ هناك استثناء متصل ، واستثناء منقطع ، إذا قلنا : دَخَلَ الطلاب إلا خالداً ، هذا استثناء متصل ، خالد طالب ، أما إذا قلنا : دخل الطلاب إلا المدرس ، هذا استثناء منقطع المدرس ليس من جنس الطُلاَّب ، لكن دخول الصف يشمل الجميع ، الطلاب والمدرس ، فهذا الاستثناء لا يعني أن إبليس مَلَك ، لا أبداً ‍! إبليس كان من الجن ، ولو كان مَلَكَاً لما عصى أبداً ، لما عصى ، لأنه مسيّر لا يستطيع أن يعصي


                          { فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ (34) }
                          معصية الكبر عند الله كبيرةٌ جداً : الكبر أن ترفض الحق ، ألا تقبله ، ألا تعبأ بالصلاة ، ألا تعبأ بالزكاة ، ألا تعبأ بالحج ، أن ترى نفسك فوق الشرع ، معصية الاستكبار كبيرة جداً ، إبليس استكبر
                          هناك ألف معصية سببها الغَلَبَة، يُغلَب الإنسان، وفي معصية سببها الكبر، معصية الكبر عند الله كبيرةٌ جداً:

                          ﴿ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) ﴾( سورة النساء )

                          الاستكبار في الطاعة مشكلة، لذلك ما الكبر ؟
                          قال:
                          (( الكبر بطر الحق وغمط الناس.)[مسلم عن عبد الله بن مسعود]
                          الكبر أن ترفض الحق، ألا تقبله، ألا تعبأ بالصلاة، ألا تعبأ بالزكاة، ألا تعبأ بالحج، أن ترى نفسك فوق الشرع

                          لذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل:
                          ((الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ))
                          [أحمد عن أبي هريرة]


                          ذنوب الَغَلَبة يسهل التوبة منها أما ذنوب الكبر فيصعب التوبة منها:

                          اعتقد اعتقاداً جازماً أن عندك يومياً عشرات الدروس من بدر وحنين، في كل قضية تعزو هذا الفضل إليك هذه حنين ـ تخلي ـ تعزو هذا الفضل إلى الله هذه بدر ـ تولي ـ أنت بين التخلي والتولي، وإذا كان أصحاب النبي وهم على ما هم عليه من رفعة الشأن، تخلى الله عنهم في حنين ـ مؤقتاً طبعاً ـ تأديباً لهم، فمن نحن ؟
                          إذاً:

                          ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) ﴾
                          ذنوب الَغَلَبة يسهل التوبة منها، أما ذنوب الكبر يصعب التوبة منها،
                          المعاصي بسبب الكبر يصعب التوبة منها، المعاصي بسبب الغَلَبَة والضعف يسهل التوبة منها، انتهت العملية

                          موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية

                          صورة ذات صلة

                          تعليق


                          • #43
                            أدلة من القرآن الكريم تُظهر أن الجنة في الآية التالية ليست جنة الآخرة:

                            هناك الآن تجربة عملية:
                            ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35)سورة البقرة ﴾
                            الأرجح، والأقوى، والأكثر رجحاً أن هذه الجنة ليست جنة الآخرة، لأن جنة الآخرة:
                            ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) ﴾( سورة الحجر )
                            في آياتٍ كثيرة سَمَّى الله البساتين جنة:
                            ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ (17)﴾( سورة القلم: آية " 17 " )
                            وقال:
                            ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ (35) ﴾( سورة الكهف: آية " 35 " )
                            آيات ثلاثة في القرآن وصفت جنات الأرض بالجنة، فالله هَيَّأ له مكاناً فيه كل حاجاته، فيه كل متطلباته.

                            ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ (35) ﴾
                            قال الله عزَّ وجل: اسكن، وهذا فعل أمر، لم يقل: اسكني، علماً أن المقصود أنت وزوجك وذلك حسب التغليب لأن كل أمر موجهٌ إلى الذكور هو حكماً موجهٌ إلى الإناث.
                            آدم مخلوق في الأصل للأرض وهذا درس عملى
                            هذه جنةٌ في الأرض جُعلت لآدم عليه السلام ولزوجته، ليكون الدرس العملي فيها، قد يقول قائل:
                            لولا أن آدم أكل من هذه الثمرة لما خرجنا من الجنة، كلا، والدليل قوله تعالى:

                            ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (30) ﴾( سورة البقرة: آية " 30 " )
                            آدم مخلوق في الأصل للأرض هذا درس عملي، تَعْرِض على الإنسان أحياناً قضية نظرية يقبلها، فإذا جاء التطبيق العملي لم يتحملها، ولذا يجب أن يحاول الإنسان أن يجرب كل شيء قبل أن يوافق عليه، قد تفتقر الموافقة النظرية إلى الخبرة العملية، فأروع شيء أن هناك موافقة نظرية وهناك خبرة عملية، الآن درس عملي من الله عزَّ وجل:
                            ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) ﴾
                            كل حاجاته فيها ؛ الطعام، والشراب، والمأوى، كل شيء يتمنَّاه أمامه، هناك إشارات، هو الآن في الجنة في طور التكليف، ما هو التكليف ؟ قال:
                            ﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا (35) ﴾
                            مسموح أن يأكل مليار نوع.

                            من لوازم التكليف الأمر والنهي:
                            قال تعالى:

                            ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ (35) ﴾
                            لا يوجد تكليف من دون نهي، لم يعد تكليفاً، أي قرار لا يوجد فيه منع لم يعد هذا قراراً، قانون السير: ممنوع أن تقف في المكان الفلاني، ممنوع أن تقود مركبة من دون شهادة، لولا المنع لما كان تكليف، ولما كان هناك أمر، ولم يعد للأمر أي معنى، فمن لوازم التكليف الأمر والنهي، لكن من رحمة الله:
                            ﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا (35) ﴾
                            عُدَّ لي كم شراباً يمكنك شربه ؟ يمكن أن يبلغوا ألفاً، كم فاكهة تستطيع أن تأكلها؟ كم طعاماً مسموح لك أن تأكل ؟
                            الخمر والخنزير محرمان فقط، المباح والحلال يفوق المنهي عنه بآلاف، بل بمئات ألوف المرات:

                            ﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ (35) ﴾

                            من لوازم العبودية وجود أمر ونهي لديك، وأنت مخير، قال:
                            ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا (36) ﴾
                            الشيطان كذب طبعاً على آدم، قال له:
                            ﴿ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى(120) ( سورة طه )
                            علّم الله عزَّ وجل آدم وذريته من بعده درساً لا ينسى.​​​​​​

                            تعليق


                            • #44
                              صورة ذات صلة

                              الحياة مبنية على الكدح

                              فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36) سورة البقرة

                              { فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ (36) }

                              ما دام المرء بالمعاصي والآثام ترك الصلاة ، ما دام ماله حراماً ، ما دام يرتاد الملاهي ، تجده مرتاحاً ولا يوجد عنده مشكلة ، عندما يلتزم بجامع يقول له الشيطان قد يكون هذا القرآن ليس من عند الله ، بل هو كلام محمد ؟ متى بدأ الشيطان يوسوس لهذا الإنسان ؟ بعد أن التزم ، وطريق الفجور لا يوجد فيه شيطان ، الطريق سالك ونازل ، وبعد أن التزم المرء قعد الشيطان على طريق الصلاح


                              { وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) }
                              هذه كلمة ﴿ إلى حين ﴾ إذا فهمها الإنسان ترتعد مفاصِلُه ، ﴿إلى حين﴾ ، عدة سنوات ، اعمل ما شئت لا بد من الموت ، إذا شيَّع الواحد جنازة ، ووقف على القبر ، وضع هذا الميت في القبر ، هذه الحادثة الرهيبة كلنا سوف نصل إليها ، كلنا ، مهما كان حجمك المالي ، مهما كان بيتك فخماً ، مهما كان لك هيمنة على الناس ، مهما كان لك أذواق رفيعة جداً في الاستمتاع ، مهما كنت أنيقاً عندك أذواق عالية ، مهما كان رصيدك كبيراً ، هذه اللحظة لا بد منها ، لذلك العاقل هو الذي يعد لهذه اللحظة التي لا بد منها عدتها
                              أي أنك بضعة أيام، كلما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منك، هذا الإنسان، ما من يومٍ ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد وعلى عملك شهيد، فتزوَّد مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.


                              ﴿ وَقُلْنَا اهْبِطُوا (36)
                              اهبطوا من هذه الحالة العالية، إذا كان الشخص مرتاحاً لا يوجد عنده ولا مشكلة اطلب تعطى:﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ (31)(سورة النحل )
                              هكذا الجنة، نزل إلى مستوى متعب، هناك كدح وسعي، يقول لك احدهم : بعد ثلاثين سنة سكنت في بيت مساحته مئة متر تحت الأرض في القبو، ما هذه الحياة ؟
                              تعمل عملاً يهد الجبال، لتشتري بيتاً صغيراً، إلى أن يتزوج ويكون له زوجة يقول لك: أصبح عمري أربعين سنة ولم أتمكن من الزواج بعد، هكذا الحياة، الحياة مبنية على الكدح.

                              ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ (6) ﴾( سورة الانشقاق: آية " 6 " )

                              الجنة ليست هكذا لأنها على الطلب، اطلب تُعطَ، تقول: أعطوني وأنت ماكث ؟ كله جاهز.﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ (31﴾( سورة النحل)
                              في الدنيا سعي، في الدنيا عمل، وفي الآخرة أخذٌ.


                              { وَقُلْنَا اهْبِطُوا (36) }
                              انتهت الآن الحالة المريحة ، انتهى الدرس ، اهبطوا ، مثل تقريبي : عندك طلاب أريتهم مزرعة جميلة ، تجعلهم يسبحون ، تطعمهم أكلاً لذيذاً ، تجدهم يحبونها ، الآن الذهاب إلى المزرعة للعمل والاجتهاد ، أول مرة يهمك أن تجعلهم يطمعون ، تريهم ما هي الجنة ، فهذه يسمونها تربية عالية جداً ، هذه الجنة ، وأنتم مخلوقون لهذه الجنة ، الآن اهبطوا منها ، الآن الجنة بالعمل فاعملوا واشتغلوا ، أعطاك نموذجاً عالياً جداً .

                              موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية

                              تعليق


                              • #45

                                نتيجة بحث الصور عن السلام عليكم
                                {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}(37)سورة البقرة

                                ﴿ فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾
                                هناك ذنبٌ بينك وبين الله، وهناك ذنبٌ بينك وبين العباد، فالذنب الأول يغفر والثاني لا يترك،
                                أما الذنب الذي لا يُغْفَر هو الشرك بالله عزَّ وجل، الشرك بالله ذنبٌ لا يغفر وما كان بينك وبين العباد ذنبٌ يغفر بشرط الأداء والمسامحة، وما كان بينك وبين الله يُغفر بطلب المغفرة،
                                ذنبٌ يغفر، ذنبٌ لا يترك، ذنبٌ لا يغفر.


                                { إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
                                معنى توَّاب صيغة مبالغة ، وصِيَغ المبالغة مع أسماء الله الحسنى تعني أنه يتوب على الإنسان من أكبر ذنبٍ اقترفه ، ويتوب عليه من آلاف الذنوب ، فهنا مبالغة كَماً ونوعاً ،
                                مهما كان الذنب في نظرك كبيراً يتوب الله عزَّ وجل عليك منه ، أي ذنبٍ مهما بدا لك كبيراً

                                ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (53) ﴾( سورة الزمر: الآية " 53 " )
                                وفي الحديث القدسي:
                                (( لو جئتني بملء السماوات والأرض خطايا غفرتها لك ولا أبالي ))[ حديث قدسي ]
                                وقال:

                                ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) ﴾( سورة الحجر )

                                التوبة تكون من الذنب الكبير ومن الذنوب الكثيرة لأن الله توَّاب.
                                ملخص الدين كله معرفةٌ واستقامةٌ وسعادة في الدنيا والآخرة:
                                بل إن الله عزَّ وجل يقول :

                                ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)﴾( سورة النساء)

                                هذه إرادة الله عزَّ وجل، بل إن الله عزَّ وجل يحمل الإنسان على التوبة، قال الله تعالى:
                                ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ (187) ﴾(سورة البقرة: الآية " 187" )
                                أي قبل توبتهم، تابوا فتاب الله عليهم، أما:
                                ﴿ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا (118) ﴾( سورة التوبة: الآية " 118 " )
                                أي ساق لهم من الشدائد ما يحملهم بها على التوبة،
                                علمنا الله عزَّ وجل من هذا الدرس أن الإنسان خلق للجنة، ولكن لهذه الجنة ثمنٌ، ثمنها طاعة الله في الدنيا، وطاعة الله عزَّ وجل لا تقع إلا إذا عرف الإنسان الله عزَّ وجل، وحينما يعرفه ويطيعه يسعده في الدنيا والآخرة هذا ملخص الدين كله، أي معرفةٌ واستقامةٌ وسعادة في الدنيا والآخرة.


                                ما معنى التوبة من الله إذا جاءت بعد توبة العبد ؟
                                أي أنه قبل التوبة ،
                                (( تابوا فتاب الله عليهم ))
                                إذا جاءت توبة الله بعد توبة العبد فمعناها أنه قبل هذه التوبة .
                                لذلك ، إذا قال العبد : يا رب وهو راكع ، قال الله له : لبيك يا عبدي ، فإذا قال : يا رب وهو ساجد ، قال الله له : لبيك يا عبدي ، فإذا قال : يا رب وهو عاصٍ ، قال الله : لبيك ، ثم لبيك ، ثم لبيك .

                                ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾
                                ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾


                                أركان التوبة

                                الندم على الذنب ....هذا الألم النفسي إلى ماذا يفضي ؟
                                يفضي إلى ثلاثة مواقف ، موقف متعلق بالماضي ، موقف متعلق بالحاضر ، موقف متعلق بالمستقبل ، أما الموقف المتعلق بالماضي فهو الإصلاح ، تكلم بكلمة ، يستسمح مِن الذي قالها فيه ، له دخل حرام يوقف هذا الدخل ، ويجعل ما مضى صدقة ، فأيُّ ذنب وقع في الماضي فلا بد من إصلاحه ، إذا كان متعلقاً بحقوق العباد ، إذاً : الإصلاح ، تابوا وآمنوا ، وعملوا الصالحات :

                                ﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾( سورة الأعراف )
                                بعد التوبة ، والعمل الصالح ، وإصلاح الخطأ الذي ارتكب :
                                ﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
                                هذه واحدة ، هذا موقف متعلق بالماضي ، الإصلاح ،
                                أما الموقف المتعلق بالحاضر فهو الإقلاع الفوري عن الذنب ،
                                أما الموقف المتعلق بالمستقبل أن يعقد العزيمة على ألا يعود إلى هذا الذنب ،
                                هذه أركان التوبة .

                                موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية

                                نتيجة بحث الصور عن اركان التوبه

                                تعليق

                                يعمل...
                                X