السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وصحبه وسلم ...وبعد...
يقول الله تعالى فى كتابه الكريم وهو يُخبرنا عن نصيحة المؤمنين الناصحين "لقارون" ::
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }القصص
وعندما نُمعن النظر فى تلك النصيحة فإننا نستخرج قواعد قرآنية شاملة مُطردة لإستخدام نِعم الله والتصرف فى ((المال)) _إحدى هذه النعم_ !!
فالآية الكريمة تحوى خمس جمل ، وكل منها تقرر قاعدة من القواعد القرآنية الثابتة حول استخدام نعم الله بصورة عامة ،وحول إستخدام نعمة الله بالمال على وجه الخصوص ....
إنَ هذه الآية الكريمة تُشير إلى الطريق الصحيح فى تصرُفنا بالمال ، وتعاملنا به ، وإنها تدلنا على النظرة الصائبة لهذا المال وكيفية توظيفه فى نفع صاحبه وإسعاد الآخرين ، وجعله وسيلة إلى تحقيق العبودية والإحسان لله ونيل جنته ورضوانه ...
ولنبدأ بحول الله وقوته فى التعليق على تلك القواعد سائلين المولى عزوجل أن ينفعنا والجميع بها وأن تصل تلك الكلمات إلى مسامع قلوب إخوتى الكرام وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ....
القاعدة الأولى :: إبتغاء الدار الآخرة فى المال والنعم ::...
يُوجهنا قوله تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ.....)) إلى أن نبتغى ونقصد ونتوجه فى المال الذى يمنحنا الله إياه ، والنعم التى يُنعم بها علينا ، نحو الدار الآخرة وأن نجعل كل هذه النعم مُوجهة نحو الدار الآخرة ، وأن تكون كل هذه النعم وسيلة لحصولنا على الفوز والسعادة فى الدار الآخرة ....
إنَ هذه النعم _ومنها المال_ ""ليست غاية بحد ذاتها وليست وسيلة للحياة الدنيا فقط"" ، ولكن هذه النعم كُلها وسيلة للنجاة والسعادة فى الدار الآخرة ، وعلى صاحبها أن يُحسن توظيفها لتحقيق تلك الغاية ، وعلى صاحبها أن يُحقق فى كل واحدة منها ، وفى كل جزئية من جزئياتها هذا المعنى القرآنى وهذه القاعدة الصائبة .....
جماعة الخير الكرام ::...
إن بعض الناس قد يُخطىء فهم هذه الجملة من الآية {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ)) وبخاصة عندما يقرنها بما بعدها ((وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا))
فيستخرج من الجملتين تقسيم النعم _ومنها المال_ قسمين ::
_القسم الأول:: معظم النعم يوجهها للدار الآخرة ..
_القسم الثانى:: بعض النعم يُوجهها لنصيبه من الدنيا ...
وهذا التقسيم قطعاً غير صحيح ولا يتفق مع القاعدة التى نتحدث عنها والتى استخرجناها من الجملة الأولى من الآية ...
إنها تدعونا إلى أن نجعل كل ما آتانا الله من النعم للدار الآخرة ، لا تُستثنى منها واحدة ، وهذا ما نُلاحظه فى كلمات الآية {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ)) فهى تدل على العموم والشمول ..
صحبة الخير المباركة ::..
أليست النعم وسيلة للسعادة والرفاهية ؟؟!!
أليس المال وسيلة للكسب والمتاع والرغد ؟؟!!
ومتى يُحقق الإنسان الرغد والسعادة والرفاهية ؟؟!!!!
هل يُحقق هذه المعانى فى الدنيا فتكون دائمة وباقية ؟؟!!
إنها فى الدنيا موقوتة محدودة فانية !!
وإنها فى الدنيا مشوبة بالكدر والهم !!
إن هذه المعانى المأمولة المطلوبة المبتغاة ، لا توجد على أفضل وأتم وأسمى صورها وحالاتها إلا فى دار النعيم ((فى الجنة ))!!
ولذلك يبتغيها المؤمن الفطن الذكى الذى وفقه الله لإدارك هذه الحقيقة ، يبتغيها من خلال توظيف نعم الله كلها لتحقيق تلك المطالب العالية السامية ، فيبتغى فى كل نعم الله عليه ، تلك الآمال فى الدار الآخرة {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ))
والحمد لله رب العالمين
ويتبع إن شاء الله...
تعليق