{لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم﴾ [الأعراف: 16]:
مقعد الشيطان ليس فقط في الخمارة وأماكن الفجور، إنما يجلس كذلك على أبواب المساجد ومواطن الأجور، لكي يفسد على الطائع طاعته.
. ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الأعراف: 17]:
احتجاج العاصي على معصيته بالقَدَر مشابهة لإبليس.
. ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ [الأعراف: 17]
قال قتادة: «أتاك الشيطان يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله».
حصارالشيطان للإنسان!
قد يكون حصارا زمانيا بأن يغطّي كل لحظة في حياته من الماضي أو المستقبل، فقد أتاهم من بين أيديهم أي من جهة المستقبل ليقنِّطهم من توفيق الله، ومن خلفهم أي من قِبَل الماضي فآيسهم فيها من رحمة الله
. ﴿ولَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17]
عرف إبليس مبكِّرا قدر مقام الشُّكر؛ وأنه مِن أجَلِّ المقامات وأشرفها، فجعل غايته أن يقطعِ الناس عنه.
. ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف : 22]:
قال الرازي: «دلَّ على أنَّ كَشْفَ العَورةِ مِنَ المُنكَرات».
. ﴿وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ﴾[الأعراف : 22]:
قال أبو حيان: «لما كان وقت الهناء شُرِّفَ بالتَّصريحِ باسْمِه في النِّداءِ،
فقيل: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ﴾، وحين كان وقت العتاب أخبَر أنَّه ناداه، ولم يُصَرِّح باسمه».
. ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾
[الأعراف: 24]:
الحياة في الدنيا مؤقتة، وعارضة، فليست مسكنا حقيقيا، ولا مستقرا نهائيا، بل مجرد مقر نتزود منه للآخرة.
﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ [الأعراف: 25]:
قال ابن عطية: «وكأن هذا خطاب لجميع الأمم، قديمها وحديثها، هو متمكن لهم، ومتحصل منه لحاضري محمد ﷺ أن هذا حكم الله في العالم منذ أنشأه».
﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ [الأعراف : 27]:
حارب الإسلام التقليد الأعمى بكل صوره، وجعل للمسلم شخصية مستقلة، قائمة على استقلال الإرادة مع التقيد بالدليل.
. تنبؤ نبوي مخيف! في الحديث: «لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه». صحيح الجامع رقم: 5067
. ﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف : 29]:
إقامة الوجوه هي تمثيل لكمال الإقبال على الله بحال المتهيء لمشاهدة أمر هام، ولا يلتفت عنه يمنة ولا يسرة، وأطلق عليه إقامة لأنه جعل الوجه قائما دون أي التفات ولا توان.
. ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف : 31]:
تزيين الظاهر بالثياب مستحب لمن أراد الذهاب إلى المسجد، لكن تزيين الباطن بالإخلاص والخشوع أهم.
. ﴿خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف : 32]:
كم من مُنَعَّم في الدنيا، مُعذَّب يوم القيامة.
. ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأعراف : 33]:
قال ابن عباس : « ما ظهر منها فنكاح الأبناء نساء الآباء، وجمع بين الأختين، أو تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها».. في الحديث النبوي: «لا أحد أغير من الله، ولذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن». صحيح الجامع رقم: 7165
. ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف : 35]:
قال أبو بكر أحمد بن علي: «قوله: ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ كقول الطبيب للمريض: (لا بأس عليك) يعني أن أمره يؤول إلى العافية، وليس هذا بالوجه لأنه نفى الخوف والحزن مطلقا».
. ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
[الأعراف : 36]:
قال الرازي: «وقد تمسك أصحابنا بهذه الآية على أن الفاسق من أهل الصلاة لا يبقى مخلدا في النار؛ لأنه تعالى بيَّن أن المكذبين بآيات الله والمستكبرين عن قبولها هم الذين يبقون مخلدين في النار».
. ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [الأعراف : 37]:
يصيبهم من الكتاب ما سبق لهم به الحكم به في اللوح المحفوظ، فمن جرى بسعادته الحكم وقع عليه وصف السعادة، ومن سبق بشقاوته الحكم حقَّت عليه الشقاوة.
. ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ [الأعراف : 45]:
ينفِّر الظالمون الناس عن الإسلام بوصفهم له أنه دين معوج، أو دين إرهاب، أو دين تعصب وتشدد، فيصدون الناس بذلك عن الله.
. ﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف : 49]:
في الحديث:
«إن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان قال الله: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟!
فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك». صحيح الجامع رقم: 2075
﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾ [الأعراف : 50]:
طلبوا الماء خاصة لشدة ما في جوفهم من الاحتراق واللهيب بسبب شدة حر النار.
. ﴿أَفِيضُوا عَلَيْنَا﴾ [الأعراف : 50]:
دلالة على أن أهل الجنة أعلى مكانا من أهل النار.
. ﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ [الأعراف : 51]:
الجزاء من جنس العمل!
تركوا العمل الصالح في الدنيا، فتركهم الله في دركات النار!.
في سنن الترمذي: «يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقول الله: ألم أجعل لك سمعا وبصرا ومالا وولدا، وسخرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس وتربع، فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟
قال فيقول: لا! فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني». صحيح لجامع رقم: 7997
. ﴿كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ [الأعراف : 51]:
الأفعال مع الأقوال!
لم يكونوا في الدنيا ناسين لقاء يوم القيامة، فقد كانوا يذكرونه ويتحدثون عنه، لكن أفعالهم خالفت أقوالهم، فكانت أفعال من لا يصدِّق بالقيامة.
. ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ [الأعراف : 51]:
في ذكر اليوم أثر عظيم في زيادة حسرتهم وندامتهم، فإن حرمانهم من الرحمة كان في أشد أوقات احتياجهم إليها، وهذا من العذاب النفسي الذي يضاعِف أثر العذاب الحسي.
. ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف : 52]:
الكتاب الذي جعلناه منبع هداية لهم هجروه، والآيات التي فصَّلناها لتكون سبب رحمة لم يقربوها، فلا عجب أن يكون مصيرهم إلى النار.
. ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ﴾
التأويل هنا ليس التفسير بل بمعنى المآل والعاقبة.
. ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [الأعراف : 53]:
الغريق يتعلق بقشة!
توهموا طوق النجاة بأحد أمرين: أن يشفع لهم شفيع، أو يُرَدوا إلى الدنيا فيعملوا غير ما كانوا يعملون، وهيهات!
﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف : 54]:
قال الإمام مالك: «الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة».
﴿يَطْلُبُهُ حَثِيثاً﴾ [الأعراف : 54]:
كناية عن أن أحدهما يعقب الآخر ويخلفه بلا فاصل، فالليل يلاحق النهار، والنهار يلاحق الليل، ودوام الحال محال.
. ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾[الأعراف : 56]:
الجزاء مِن جنس العمل، فكما أحسن المؤمنون بأعمالهم، أحسَن الله إليهم برحمته، فتعامَل بالإحسان لتفوز برحمة الرحمن.
﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾[الأعراف : 56]:
ما أقرب الله من المحسنين!
قال ابن القيم: «إذا كانت الرحمة الإلهيَّة قريبة من المحسنين، فالموصوف تبارك وتعالى أَوْلى بالقرب منهم، بل قرب رحمته تبَعٌ لِقُربِه هو-تبارك وتعالى- من المحسنين».
. ﴿قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف : 61]:
حلم وأدب وصبر على سفاهات القوم.
. ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأعراف : 63]:
قالوا: هذا الترتيب في غاية الحسن، لأن المقصود من الإرسال: الإنذار، ومن الإنذار: التقوى، ومن التقوى: الفوز بالرحمة.
. ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ﴾[الأعراف : 69] :
بعض الناس يتعجب من الناصح إذا أنذرهم، لكن لا يتعجب من المفسد إذا ما إلى الفساد أرشدهم!
﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ﴾[الأعراف : 77]:
أسند العقر إليهم جميعا، لأنه كان برضاهم، وإن لم يباشره إلا واحد منهم.
. ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف : 80]:
قال ابن كثير: «وهذا شيء لم يكن بنو آدم تعهده ولا تألفه، ولا يخطر ببالهم، حتى صنعه أهل سدوم، عليهم لعائن الله».
. ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف : 80]:
قال الوليد بن عبد الملك: «لولا أن الله عز وجل قصَّ علينا خبر قوم لوط، ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا».
﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾[الأعراف : 82]:
فساد الفطرة! هل صار التطهر عيبا، والاستقامة جريمة؟!
والجواب: من عاش النجاسة وألفها أحبها، ثم كره الخروج منها، لذا كرهوا تطهر المؤمنين.
. ﴿إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾[الأعراف : 82]:
استُدِلَّ به على تحريم أدبار النِّساء.
قال مجاهد: «أي: عن أدبار الرجال وأدبار النساء».
﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾[الأعراف : 86]:
لا تقابلوا النِّعَم بضِدِّها! قال البقاعي: «لما كانت أفعالهم نقصَ النَّاس؛ إمَّا في الأموال بالبَخس، وإمَّا في الإيمان بالصَّدِّ- ذكَّرهم أنَّ الله تعالى فعَل معهم ضِدَّ ذلك من التَّكثير بعد القِلَّة،
فقال: ﴿فكَثَّرَكُم﴾ أي: كثَّر عددكم وأموالكم، وكُلَّ شَيءٍ يُنسَبُ إليكم، فلا تقابِلوا النِّعمة بضدِّها»
مقعد الشيطان ليس فقط في الخمارة وأماكن الفجور، إنما يجلس كذلك على أبواب المساجد ومواطن الأجور، لكي يفسد على الطائع طاعته.
. ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الأعراف: 17]:
احتجاج العاصي على معصيته بالقَدَر مشابهة لإبليس.
. ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ [الأعراف: 17]
قال قتادة: «أتاك الشيطان يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله».
حصارالشيطان للإنسان!
قد يكون حصارا زمانيا بأن يغطّي كل لحظة في حياته من الماضي أو المستقبل، فقد أتاهم من بين أيديهم أي من جهة المستقبل ليقنِّطهم من توفيق الله، ومن خلفهم أي من قِبَل الماضي فآيسهم فيها من رحمة الله
. ﴿ولَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17]
عرف إبليس مبكِّرا قدر مقام الشُّكر؛ وأنه مِن أجَلِّ المقامات وأشرفها، فجعل غايته أن يقطعِ الناس عنه.
. ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف : 22]:
قال الرازي: «دلَّ على أنَّ كَشْفَ العَورةِ مِنَ المُنكَرات».
. ﴿وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ﴾[الأعراف : 22]:
قال أبو حيان: «لما كان وقت الهناء شُرِّفَ بالتَّصريحِ باسْمِه في النِّداءِ،
فقيل: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ﴾، وحين كان وقت العتاب أخبَر أنَّه ناداه، ولم يُصَرِّح باسمه».
. ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾
[الأعراف: 24]:
الحياة في الدنيا مؤقتة، وعارضة، فليست مسكنا حقيقيا، ولا مستقرا نهائيا، بل مجرد مقر نتزود منه للآخرة.
﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ [الأعراف: 25]:
قال ابن عطية: «وكأن هذا خطاب لجميع الأمم، قديمها وحديثها، هو متمكن لهم، ومتحصل منه لحاضري محمد ﷺ أن هذا حكم الله في العالم منذ أنشأه».
﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا﴾ [الأعراف : 27]:
حارب الإسلام التقليد الأعمى بكل صوره، وجعل للمسلم شخصية مستقلة، قائمة على استقلال الإرادة مع التقيد بالدليل.
. تنبؤ نبوي مخيف! في الحديث: «لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه». صحيح الجامع رقم: 5067
. ﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف : 29]:
إقامة الوجوه هي تمثيل لكمال الإقبال على الله بحال المتهيء لمشاهدة أمر هام، ولا يلتفت عنه يمنة ولا يسرة، وأطلق عليه إقامة لأنه جعل الوجه قائما دون أي التفات ولا توان.
. ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف : 31]:
تزيين الظاهر بالثياب مستحب لمن أراد الذهاب إلى المسجد، لكن تزيين الباطن بالإخلاص والخشوع أهم.
. ﴿خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف : 32]:
كم من مُنَعَّم في الدنيا، مُعذَّب يوم القيامة.
. ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأعراف : 33]:
قال ابن عباس : « ما ظهر منها فنكاح الأبناء نساء الآباء، وجمع بين الأختين، أو تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها».. في الحديث النبوي: «لا أحد أغير من الله، ولذلك حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن». صحيح الجامع رقم: 7165
. ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف : 35]:
قال أبو بكر أحمد بن علي: «قوله: ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ كقول الطبيب للمريض: (لا بأس عليك) يعني أن أمره يؤول إلى العافية، وليس هذا بالوجه لأنه نفى الخوف والحزن مطلقا».
. ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
[الأعراف : 36]:
قال الرازي: «وقد تمسك أصحابنا بهذه الآية على أن الفاسق من أهل الصلاة لا يبقى مخلدا في النار؛ لأنه تعالى بيَّن أن المكذبين بآيات الله والمستكبرين عن قبولها هم الذين يبقون مخلدين في النار».
. ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [الأعراف : 37]:
يصيبهم من الكتاب ما سبق لهم به الحكم به في اللوح المحفوظ، فمن جرى بسعادته الحكم وقع عليه وصف السعادة، ومن سبق بشقاوته الحكم حقَّت عليه الشقاوة.
. ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ [الأعراف : 45]:
ينفِّر الظالمون الناس عن الإسلام بوصفهم له أنه دين معوج، أو دين إرهاب، أو دين تعصب وتشدد، فيصدون الناس بذلك عن الله.
. ﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ [الأعراف : 49]:
في الحديث:
«إن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان قال الله: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟!
فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك». صحيح الجامع رقم: 2075
﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ﴾ [الأعراف : 50]:
طلبوا الماء خاصة لشدة ما في جوفهم من الاحتراق واللهيب بسبب شدة حر النار.
. ﴿أَفِيضُوا عَلَيْنَا﴾ [الأعراف : 50]:
دلالة على أن أهل الجنة أعلى مكانا من أهل النار.
. ﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ [الأعراف : 51]:
الجزاء من جنس العمل!
تركوا العمل الصالح في الدنيا، فتركهم الله في دركات النار!.
في سنن الترمذي: «يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقول الله: ألم أجعل لك سمعا وبصرا ومالا وولدا، وسخرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس وتربع، فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟
قال فيقول: لا! فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني». صحيح لجامع رقم: 7997
. ﴿كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ [الأعراف : 51]:
الأفعال مع الأقوال!
لم يكونوا في الدنيا ناسين لقاء يوم القيامة، فقد كانوا يذكرونه ويتحدثون عنه، لكن أفعالهم خالفت أقوالهم، فكانت أفعال من لا يصدِّق بالقيامة.
. ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ﴾ [الأعراف : 51]:
في ذكر اليوم أثر عظيم في زيادة حسرتهم وندامتهم، فإن حرمانهم من الرحمة كان في أشد أوقات احتياجهم إليها، وهذا من العذاب النفسي الذي يضاعِف أثر العذاب الحسي.
. ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف : 52]:
الكتاب الذي جعلناه منبع هداية لهم هجروه، والآيات التي فصَّلناها لتكون سبب رحمة لم يقربوها، فلا عجب أن يكون مصيرهم إلى النار.
. ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ﴾
التأويل هنا ليس التفسير بل بمعنى المآل والعاقبة.
. ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [الأعراف : 53]:
الغريق يتعلق بقشة!
توهموا طوق النجاة بأحد أمرين: أن يشفع لهم شفيع، أو يُرَدوا إلى الدنيا فيعملوا غير ما كانوا يعملون، وهيهات!
﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف : 54]:
قال الإمام مالك: «الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة».
﴿يَطْلُبُهُ حَثِيثاً﴾ [الأعراف : 54]:
كناية عن أن أحدهما يعقب الآخر ويخلفه بلا فاصل، فالليل يلاحق النهار، والنهار يلاحق الليل، ودوام الحال محال.
. ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾[الأعراف : 56]:
الجزاء مِن جنس العمل، فكما أحسن المؤمنون بأعمالهم، أحسَن الله إليهم برحمته، فتعامَل بالإحسان لتفوز برحمة الرحمن.
﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾[الأعراف : 56]:
ما أقرب الله من المحسنين!
قال ابن القيم: «إذا كانت الرحمة الإلهيَّة قريبة من المحسنين، فالموصوف تبارك وتعالى أَوْلى بالقرب منهم، بل قرب رحمته تبَعٌ لِقُربِه هو-تبارك وتعالى- من المحسنين».
. ﴿قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف : 61]:
حلم وأدب وصبر على سفاهات القوم.
. ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأعراف : 63]:
قالوا: هذا الترتيب في غاية الحسن، لأن المقصود من الإرسال: الإنذار، ومن الإنذار: التقوى، ومن التقوى: الفوز بالرحمة.
. ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ﴾[الأعراف : 69] :
بعض الناس يتعجب من الناصح إذا أنذرهم، لكن لا يتعجب من المفسد إذا ما إلى الفساد أرشدهم!
﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ﴾[الأعراف : 77]:
أسند العقر إليهم جميعا، لأنه كان برضاهم، وإن لم يباشره إلا واحد منهم.
. ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف : 80]:
قال ابن كثير: «وهذا شيء لم يكن بنو آدم تعهده ولا تألفه، ولا يخطر ببالهم، حتى صنعه أهل سدوم، عليهم لعائن الله».
. ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف : 80]:
قال الوليد بن عبد الملك: «لولا أن الله عز وجل قصَّ علينا خبر قوم لوط، ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا».
﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾[الأعراف : 82]:
فساد الفطرة! هل صار التطهر عيبا، والاستقامة جريمة؟!
والجواب: من عاش النجاسة وألفها أحبها، ثم كره الخروج منها، لذا كرهوا تطهر المؤمنين.
. ﴿إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾[الأعراف : 82]:
استُدِلَّ به على تحريم أدبار النِّساء.
قال مجاهد: «أي: عن أدبار الرجال وأدبار النساء».
﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾[الأعراف : 86]:
لا تقابلوا النِّعَم بضِدِّها! قال البقاعي: «لما كانت أفعالهم نقصَ النَّاس؛ إمَّا في الأموال بالبَخس، وإمَّا في الإيمان بالصَّدِّ- ذكَّرهم أنَّ الله تعالى فعَل معهم ضِدَّ ذلك من التَّكثير بعد القِلَّة،
فقال: ﴿فكَثَّرَكُم﴾ أي: كثَّر عددكم وأموالكم، وكُلَّ شَيءٍ يُنسَبُ إليكم، فلا تقابِلوا النِّعمة بضدِّها»
تعليق