إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تدبر آية....(الكلم الطيب)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

    قد علم أنه من قرأ كتابا في الطب أو الحساب أو غيرهما فإنه لابد أن يكون راغبا في فهمه وتصور معانيه .. فكيف بمن يقرأ كتاب الله - تعالى - الذي به هداه وبه يعرف الحق والباطل والخير والشر؟ فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا يحصل معها المقصود إذ اللفظ إنما يراد للمعنى .. (ابن تيمية)

    من مفاتيح التدبر التأني في القراءة : روى الترمذي وصححه أن أم سلمه نعتت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي قراءة مفسرة حرفا حرفا وهذا كقول أنس - كما في البخاري : كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مدا .. وقال ابن أبي مليكة : سافرت مع ابن عباس، فكان يقوم نصف الليل، فيقرأ القرآن حرفا حرفا، ثم يبكي حتى تسمع له نشيجا ..

    دعاؤنا لربنا يحتاج منا دعاء آخر أن يتقبله الله .. قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام بعد أن دعا بعدة أدعية (ربنا وتقبل دعاء)

    (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) النور-35 تأمل وفقك الله كم حرم هذا النور أناس كثيرون هم أذكى منك! و أكثر اطلاعا منك! وأقوى منك! وأغنى منك. فاثبت على هذا النور حتى تأتي -بفضل الله- يوم القيامة مع (النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم) التحريم-8

    { قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ }، { وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي }، { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } قوة التأثر و الالتزام بما عليه الآباء و الأجداد حقيقة غالبة وأمر لا ينكر، فالهداية تتوارث فطرة، والضلال يورثه التعصب، لذا لابد أن يعي الآباء ذلك، فكيفما تحب أن يكون أبناؤك وأحفادك فكن : { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا }. [أ.د. ناصر العمر]


    { قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } الله أكبر .. كم في هذه الآية من معان سامية؟ كظم للغيظ، وحلم عن الجهال، ورأفة بمن آذوه، والاشتغال عن الشماتة بهم والدعاء عليهم ! ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام؟ [ يُنظر : تفسير القرطبي


    { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } ينبغي لكل مسلم ـ يخاف العرض على ربه ـ أن يتأمل هذه الآية الكريمة، ويُمعن النظر فيها مرارا وتكرارا؛ ليرى لنفسه المخرج من هذه الورطة العظمى، والطامة الكبرى، التي عمّت جُل بلاد المسلمين من هذه المعمورة، وهي هجر القرآن الكريم! [الشنقيطي]

    حين يقصر بعض الناس قوله تعالى : { وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ } على معرفة جنس الجنين، أو القدرة على تحديده - بإذن الله - فإن ذلك يحدث لهم إشكالات، بينما هي تشمل: الرزق، والأجل، والسعادة والشقاء، وغير ذلك مما يتصل بحياة الجنين، وحينها تزول تلك الإشكالات التي يثيرها بعضهم بسبب تقدم الطب في علم الأجنة. [أ.د. ناصر العمر]


    (والشعراء يتبعهم الغاوون .... إلا الذين آمنوا عملوا الصالحات) دلت الآية على أن للشعر حالتين : حالة مذمومة, وحالة مأذونة, فتعين أن ذمه ليس لكونه شعراً, ولكن لما حف به من معان وأحوال اقتضت المذمة. (التحرير والتنوير : 10/239)


    قوله تعالى : (ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين) يشير إلى أن الإسلام شيء والشرك شيء آخر, فلا يلتقيان, الإسلام هو التوحيد المطلق بكل خصائصه وكل مقتضياته, ومن ثم لا يلتقي مع لون من ألوان الشرك أصلاً (في ظلال القرآن 1/383)

    تعليق


    • #47
      رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

      قال رجل لابن عباس : أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر, فقال له ابن عباس : إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل وإلا فابدأ بنفسك , ثم تلا : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) وقوله تعالى : (لم تقولون ما لا تفعلون كبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) وقوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام : (ما أريد أن أخالفكم إلى ما انهاكم عنه) (لطائف المعارف : 1/17)


      لمثل في القرآن على أربعة أوجه : الشبه, قال تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً) (البقرة:17) والعبرة, قال تعالى : (فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين) (الزخرف:56) والصفة, قال تعالى : (مثلُ الجنة التي وعد المتقون) (محمد:15) والسنن, قال تعالى : (ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم) (البقرة:214) (الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري)

      قال تعالى : (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) (العنكبوت:45) روي عن بعض السلف أنه كان إذا قام إلى الصلاة ارتعد واصفر لونه فكُلِم في ذلك , فقال : إني أقف بين يدي الله تعالى وحق لي هذا مع ملوك الدنيا فكيف مع ملك الملوك (المحرر الوجيز:5/230)


      عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حياً من العرب فتثاقلوا فنزلت : (إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً) (التوبة:39) قال : كان عذابهم حبس المطر عنهم (رواه الحاكم في المستدرك (2/396) وصححه, ووافقه عليه الذهبي)

      قوله تعالى : (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) (البقرة : 213) من فوائد الآيــة : أنه كلما قوي إيمان العبد كان أقرب إلى إصابة الحق لقوله تعالى : (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا) ؛ لإن الله علق الهداية على وصف الإيمان , وما علق على وصف فإنه يقوى بقوته , ويضعف بضعفه , ولهذا كان الصحابة أقرب إلى الحق ممن بعدهم.. (تفسير القرآن للعثيمين 5/28)

      أرجى آية جاءت في فضل قراءة القرآن وبيان جزيل ثواب أهلها قوله تعالى : (إن الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارةً لن تبور . ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) , قال قتادة : كان مطرف بن عبدالله يقول : هذه آية القراءة ""رواه الطبري في تفسيره 87/21""


      قال ابن عباس : ضمن الله لمن قرأ القرآن ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ثم قرأ : (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)

      كان نبينا يقرن بين سورة الكافرون والإخلاص في مواضع، ففي سورة الإخلاص التوحيد القولي العلمي، وفي سورة الكافرون التوحيد القصدي العملي:{لا أعبد ما تعبدون}. وبهذا يتميز من يعبد الله ممن يعبد غيره وإن كان كلاهما يقر بأن الله رب كل شيء. [ابن تيمية] .

      {يا أيها الكافرون} فيه تصريح بكفرهم وتسميتهم بتسمية الله لهم، وبعضهم يتخاذل فلا يستطيع أن يسميهم إلا لقب (الآخر)!

      {قل هو الله أحد} لم يخبر أنه أحد في أي شيء؟ فدل على العموم: فهو أحد في ربوبيته، فلا أحد يخلق ويرزق ويملك غيره، وأحد في ألوهيته فلا يجوز أن يعبد أحد غيره، وأحد في صفاته المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة. [ينظر: تفسير السعدي]

      {لم يلد ولم يولد} فيها رد على أكثر فرق الضلالة، وعلى رأسهم اليهود الذين يقولون: عزير ابن الله، والنصارى الذين يقولون: المسيح ابن الله، وغيرهم من فرق الضلال. [ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية]

      {الله الصمد} أي الذي يصمد إليه في الأمور ويستقل بها {ولم يكن له كفوا أحد} أي لا مثل له. [ينظر: تفسير الطبري] فهل لنا أن يكون الله تعالى –الذي لا مثل له- أول من نلتفت إليه في كل حاجة نحتاجها في شدة أو رخاء أو رغبة أو رهبة؟

      تعليق


      • #48
        رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

        لم ينج الهدهد من وعيد سليمان عليه السلام، ولا تجرأ ـ مع ضعفه ـ على مخاطبة سليمان ـ مع قوته وسلطانه ـ بمثل هذا الخطاب: { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } لولا سلطان العِلْم. [ابن القيم]


        كل غني إذا طمعت فيه مقتك وحرمك وأقصاك إلا الله، فإنك إذا طمعت فيه ظفرت منه بالقرب والرضا والعطاء، فزكريا حين رأى لطف الله بمريم طمع فيما عنده : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى } فقرّبه ربه وأثنى عليه وأعطاه عطاء لا يليق إلا به سبحانه. [ د. عبدالله السكاكر ]


        { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } فلولا أن في وسعكم الفهم لأحكام القرآن ما أمركم بتدبره. [ ابن حزم ]

        فكما أن من تعامى في حياته صلى الله عليه وسلم عن نبع الماء من بين أصابعه وغير ذلك من معجزاته ملوم مدحور، ومأزور غير مأجور فكذلك من تعامى عن آيات الكتاب، وكأن لم يقرع أذنه قارع، فهو من هذا الباب؛ ولهذا نبّه تعالى بقوله: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ }. [ ابن الزبير الغرناطي ]


        لو أن شخصا نظر إلى ماضيه فوجده مثقلا بالآلام ـ كما وقع ليوسف عليه السلام ـ لضاقت به الأرض إلا أن يوسف الصديق بقي متألق اليقين وراء جدران السجن يذكر بالله من جهلوه، ويبصر بفضله من جحدوه وذلك شأن أولي الفضل من الناس، لا يفقدون صفاء دينهم إن فقدوا صفاء دنياهم، ولا يهونون أمام أنفسهم لنكبة حلّت بهم. [ محمد الغزالي ]



        لما سافر موسى للخضر وجد في طريقه مس الجوع و النصب فقال لفتاه: { آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا } ولما واعده ربه 30 ليلة وأتمها بعشر، فلم يأكل فيها لم يجد مس الجوعِ والنصب فالأول سفر لمخلوق والثاني سفر للخالق وهكذا سفر القلب وسيره إلى ربه، لا يجد فيه من الشقاء والنصب ما يجده في سفره إلى بعض المخلوقين. [ابن القيم]


        ما علّق العبد رجاءه وتوكله بغير الله إلا خاب من تلك الجهة، ولا استنصر بغير الله إلا خُذل كما قال الله تعالى : { وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } [ابن تيمية]


        قال إبراهيم عليه السلام : { إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } و لم يقل إلا الله؛ لفائدتين : 1) الإشارة إلى علة إفراد الله بالعبادة؛ لأنه كما أنه منفرد بالخلق؛ فيجب أن يُفرد بالعبادة. 2) الإشارة إلى بطلان عبادة الأصنام؛ لأنها لم تفطركم حتى تعبدوها، وهذه من البلاغة التامة في تعبير إبراهيم عليه السلام. [ ابن عثيمين ]


        { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } ففي أمر الملائكة لها بالقنوت والركوع والسجود، إشارة إلى أنه كلما منّ الله سبحانه وتعالى على إنسان بشيء، وازدادت عليه النعم أن يزداد على ذلك شكرا بالقنوت لله والركوع والسجود وسائر العبادات.[ ابن عثيمين ]

        تعليق


        • #49
          رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

          من تدبر القرآن علم أن الصالحين لا يخافون من شيء أعظم من خوفهم من أمرين: - الخوف من أعمالهم الصالحة أن لا تقبل: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ }. - الخوف من زيغ القلب بعد هدايته: { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }. [صالح المغامسي]


          الحيوان البهيم يتأمل العواقب، وأنت لا ترى إلا الحاضر! ما تكاد تهتم بمؤونة الشتاء حتى يقوى البرد، ولا بمؤونة الصيف حتى يقوى الحر، والذر يدخر الزاد من الصيف لأيام الشتاء، أفتراك ما علمت قرب رحيلك إلى القبر، فهلا هيأت لنفسك فراشا تمهد به الطريق؟ { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ }. [ينظر: بدائع الفوائد لابن القيم]


          {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّـهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} هدي الأنبياء أن المواهب الربانية توجب لأصحابها الشكر لا الفخر. [د. عبدالله السكاكر]


          ليس من شرط الإصلاح إدراك النجاح {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [د. محمد الحمد]

          {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} مئات القتلى في تشيلي، ومئات الآلاف يجلون من مساكنهم في اليابان، ورعب في عدة دول من تسونامي جديد .. لكن {وَمَا يَتَذَكَّرُ} أي : ما يتعظ بهذه الآيات {إِلَّا مَن يُنِيبُ} "والإنابة: الرجوع عن الكفر والمعاصي، إلى الإيمان والطاعة" [الشنقيطي]


          {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا}، {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} انظر كيف يتصبر أهل الباطل على باطلهم! فما بال بعض أهل الحق لا يصبرون؟[د. عبدالمحسن المطيري]


          سبحان من أعطى ثم أثنى .. أعطى الله نبيه صلى الله عليه وسلم الخلق العظيم، ثم أثنى عليه فقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } فهو الذي زينه بالخلق الكريم، ثم أضاف ذلك إليه .. [أبو حامد الغزالي]


          القرآن يتلى على الناس في دنياهم قبل أن يصلوا إلى أخراهم؛ لكي يسارعوا إلى اتباعه والعمل به، ولا يكونوا من أولئك الذين يقال لهم - وهم في عذاب جهنم خالدون - : {لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [محمد الراوي]

          وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} فتأمل قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} فإن أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم نسبوه إلى ما لا يليق به، وقالوا فيه ما هو منزه عنه، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يصبر على قولهم، ويكون له أسوة بربه سبحانه، حيث قال أعداؤه فيه ما لا يليق. [ابن القيم]


          {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} "وليس في حماية الفتاة من الاختلاط بغير محارمها، تضييق لدائرة الحياة في وجهها، وإنما هو احتفاظ بكرامتها، وتوفير لهنائها، إذ بصيانتها عن الاختلاط تعيش بقلب طاهر ونفس مطمئنة، وبهذه الصيانة تزيد الصلة بينها وبين زوجها، وأولي الفضل من أقاربها متانة وصفاء" [محمد الخضر حسين]


          لماذا يشمخ الإنسان بأنفه وهو لولا إعزاز الله ذليل؟ ولولا ستره مفضوح؟ وإذا كان لدى البعض فضل ذكاء أو ثراء فمن أين جاءه؟ {إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} ولو قطع الوهاب إمداده لانتقل العبقري إلى مستشفى المجانين ! ولمد القوارين - جمع قارون - أيديهم متسولين : {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}؟ [محمد الغزالي]


          .{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} تأملها، تجد تحتها معنى بديعا، فهم إذا دخلوا الجنة لم تغلق أبوابها بل تبقى مفتحة، بعكس أبواب النار فهي موصدة على أهلها. وفي تفتيح الأبواب إشارة إلى: 1) ذهابهم وإيابهم وتبوئهم من الجنة حيث شاءوا. 2) دخول الملائكة عليهم كل وقت بالتحف والألطاف. 3) أنها دار أمن، لا يحتاجون إلى غلق الأبواب كما في الدنيا. [ابن القيم]

          تعليق


          • #50
            رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

            { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } حين يقرأ بعض الناس هذه الآية يكاد ينصرف ذهنه إلى المجال العسكري أو السياسي ! إن الشورى أسلوب حياة، ينبغي أن يمارس في الأسرة، والعمل وفي كل المجالات. [ أ.د. عبدالكريم بكار ]

            من الاغترار أن تسيء فترى إحسانا، فتظن أنك قد سومحت، وتنسى :
            { مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } [ابن الجوزي]


            تدبر هذه الآية :
            { لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } يتضح لك أنه لا مجال للتوقف بحال، فتفقد إيمانك و عملك، فإن لم تكن تتقدم فإنك يقينا تتأخر. [ أ.د. ناصر العمر ]


            لن تحتاج إلى عناء لتتأمل شيئا من معاني وآثار اسم الله : ( الرحمن ) فقط تأمل قوله تعالى :
            { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } فإيجادك، ورزقك، وصحتك، وتسخير المخلوقات لك، وغير ذلك، كلها من آثار هذا الاسم ( الرحمن ) جل جلاله، فرحم الله عبدا ترجم شكره إلى عمل.


            { فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا } الحقيقة واحدة، ولكن بقدر صفاء النفوس وخلوصها تكون قدرتها على التعامل الإيجابي مع الأحداث مهما عظمت، وبمقدار ما فيها من غبش تعمى عن رؤية الواقع والمستقبل على وجهه الصحيح ! [ أ.د. ناصر العمر ]


            قال تعالى في الثناء على أيوب عليه السلام:
            { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } فأطلق عليه نعم العبد بكونه وجده صابرا، وهذا يدل على أن من لم يصبر إذا ابتلي فإنه بئس العبد. [ابن القيم]


            { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ }
            قد تأولت في البخل بالمال والمنع، والبخل بالعلم ونحوه، وهي تعم البخل بكل ما ينفع في الدين والدنيا من علم ومال وغير ذلك، كما تأولوا قوله : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } النفقة من المال والنفقة من العلم، والنفقة من العلم هي صدقة الأنبياء وورثتهم من العلماء. [ ابن تيمية ]


            أضيف لفظ ( الجاهلية ) في القرآن إلى أربع كلمات :
            { حكم الجاهلية } { ظن الجاهلية } { تبرج الجاهلية } { حمية الجاهلية } فالأول يأتي من فساد النُظُم، والثاني من فساد التصورات والمشاعر، والثالث من فساد اللباس لدى المرأة، والرابع من العصبيات والموروثات الفاسدة. [عبدالعزيز العومي]

            أرأيت توأمين متشابهين، لا يتميز عندك أحدهما عن الآخر إلا بجهد؟ عند ذلك تعرف نعمة الله تعالى في الاختلاف التي ذكرها في قوله:
            { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } [ ينظر : تفسير السخاوي ]


            إذا عمر القلب بتقوى الله انتفع العبد بالقرآن، مثله كمطر نزل من السماء، فإن وجد أرضا طيبة كان الربيع الذي يدهش العقول ويخلب الأبصار ألم تقرأ في أول القرآن هذه الحقيقة ؟ تأمل :
            { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } وبهذا يعرف سر عدم انتفاع كثير من الناس بالقرآن ! [د. محمد الخضيري]


            هل تحفظ سورة الإخلاص والمعوذات حقا ؟ إن الذي لا يكابد منزلة الإخلاص، ولا يجاهد نفسه على حصنها المنيع، ولا يتخلق بمقام توحيد الله في كل شيء رغبا ورهبا؛ فليس بحافظ حقا لسورة الإخلاص ! وإن الذي لا يذوق طعم الأمان عند الدخول في حمى " المعوذتين " لا يكون قد اكتسب سورتي الفلق والناس ! [د. فريد الأنصاري]

            تعليق


            • #51
              رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)




              استدل بعضهم بقول نوح عليه السلام لقومه : { وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } بأن ثمرة ذلك وجوب تعظيم المؤمن، وتحريم الاستخفاف به، وإن كان فقيرا عادما للجاه، متعلقا بالحِرف الوضيعة؛ لأنه تعالى حكى كلام نوح وتجهيله للرؤساء لمّا طلبوا طرد من اعتبروه من الأراذل. [ القاسمي ]




              من مظاهر التكبر العقلي، عدم الرضا بما يرضى به بسطاء الناس، { أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ } ، { وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } ، { إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ } ثم تبدأ صورة أشد من هذه حين يجعل المتكبر انقياده للأمر دليلا على أنه صحيح، وعدم انقياده للأمر دليلا على أنه خاطئ ! { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } ! [ ناصر المدلج ]



              كان الحسن البصري إذا قرأ : { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } قال : هذا وصف نهارهم، وإذا قرأ : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } قال : هذا وصف ليلهم. وها نحن ـ في هذه الليالي ـ نعيش 10 ساعات من بعد العشاء إلى الفجر ـ أفليس من الغبن العظيم أن تمضي كلها دون وقوف ـ ولو قليلا ـ بين يدي رب العالمين ؟



              (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } هذه سيرة الكريم يأتي بأبلغ وجوه الكرم، ويستقله، ويعتذر من التقصير. [ الرازي ]



              { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ } ، { مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } ، { وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ } ، { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } ، أي شيء أبلغ من هذا الحشد من الآيات في تربية القرآن لأهله ليعتنوا بتربية نفوسهم، وتعبيدها لرب العالمين ؟ [ د. عبدالعزيز العويد ]



              { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } فلا يقل أحد غير ما قال الله ! لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث والمشاركة بين الجنسين أعون على تصريف الغريزة المكبوتة، .. إلى آخر مقولات الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين، لا يقل أحد هذا والله يقول : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ } يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات، وعن رجال الصدر الأول ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق ! [ في ظلال القرآن ]




              { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } ويشبه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العتاب لطيف عجيب ! وهو أني عاديت إبليس إذ لم يسجد لأبيكم آدم مع ملائكتي، فكانت معاداته لأجلكم، ثم كان عاقبة هذه المعاداة أن عقدتم بينكم وبينه عقد المصالحة ؟ [ ابن القيم ]




              { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } كم احتفى القرآن بقصة آدم عليه السلام، وبتكريم الإنسان، وجعله منطلقا للحضارة الراقية ! ثم تنقلب الموازين لدى ما يسمى بالعالم المتحضر؛ ليضم الإنسان إلى جملة الموارد التي يجمعون بها المال ويشبعون بها الشهوات، مثله مثل باقي الموارد المادية والمالية التي تحتاجها المؤسسات، وهذا ما جعل الدنيا تعلو والآخرة تخبو.

              تعليق


              • #52
                رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                لما قيل لموسى { قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ } توجه إلى : ـ قومه أولا : { يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا } ؟! ـ نائبه في غيابه : { يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا } ؟ ـ صاحب الفتنة : { فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ } ؟ وإنما بدأ بهم في اللوم؛ لأن البالغ العاقل مسؤول عن نفسه، فليس يعذره قوة الإغراء، ولا تيسر أسباب الشر فالتبعة عليه أولا. [ د. عبدالمحسن المطيري ]


                كم من عالِم لا يرتفع بعلمه ! وذلك لضعف إيمانه، وقلة إخلاصه، وضعف عنايته بأمر قلبه، لا لقلة علمه، وذلك أن الله وعد بالرفعة من جمع الإيمان والعِلم فقال : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } وهذا سر ارتفاع قدر أفراد من العلماء من بين سائر أهل العلم. [ د. محمد الخضير ]

                { وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ } من خصه الله بنعمة من النعم يحتاج الناس إليها، فمن تمام شكر هذه النعمة أن يعود بها على عباد الله، وأن يقضي بها حاجاتهم؛ لتعليل الله النهي عن الامتناع عن الكتابة بتذكير الكاتب بقوله: { كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ } ومع هذا " فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ". [ ابن سعدي


                { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [الأعلى 16-17] السعيد يرغّبه الله في الآخرة حتى يقول : لا شيء غيرها، فإذا هضم دنياه وزهد فيها لآخرته، لم يحرمه الله بذلك نصيبه من الدنيا، ولم ينقصه من سروره فيها، والشقي يرغّبه الشيطان في الدنيا حتى يقول : لا شيء غيرها، فيجعل الله له التنغيص في الدنيا التي آثر، مع الخزي الذي يلقى بعدها. [ ابن المقفع ]


                { يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } تدبر كيف جمع أطراف القرابة المباشرة في هذه الآية، لعظيم أثرهم على المرأة صلاحا أو فسادا، مما يقتضي أهمية التحري عن البيت الصالح؛ لأثره المباشر : { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا } [ أ.د.ناصر العمر ]


                الماء خلق من خلق الله، أمره بإنجاء موسى : { فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ } وأمره بإغراق عدوه فرعون : { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ } كل ذلك مع ما كان فيه موسى من أسباب الضعف، وما كان فيه فرعون من أسباب القوة، فسبحان من هذا تدبيره ! [ د. عويض العطوي ]


                لمّا أعلن فرعون إيمانه عند الغرق، قيل له : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } فتأمل كيف نصّ على ذكر الإفساد دون غيره من معاصيه، وما ذاك ـ والله أعلم ـ إلا لشناعة نشر الفساد في الأرض، وعظيم تأثيره على أديان الناس ودنياهم وأخلاقهم وحقوقهم، فويل للمفسدين ! [د. عمر المقبل]


                {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [الشعراء : 61-62] قالها موسى ـ عليه السلام ـ و البحر أمامه والعدو خلفه، في لحظات عصيبة، وموقف رهيب؛ لكنه قالها بعد أخذه بكل أسباب النجاة، وقد اهتز في تلك اللحظة من اهتز، وارتاب من ارتاب، فإذا هو يعلن بكل قوة ويقين : { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } فتتحقق الآية الكبرى التي لا زالت تدوّي أبد الدهر، فلا نامت أعين اليائسين. [ أ.د. ناصر العمر ]


                متى رأيت تكديرا في حال فاذكر نعمة ما شُكِرت، أو زلة فُعِلت فإن الله يقول : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } [ ابن الجوزي ]


                زار قسيس معرضا أقامته وزارة الشؤون الإسلامية في جنوب أفريقيا فشرحوا له تعاليم القرآن باختصار، وأهدوا له نسخة من ترجمة معاني القرآن، فعاد لهم بعد قراءته فقال : " هذا ليس مجرد كتاب، إنه منهج حياة ! ". [د. محمد السحيم] تأمل كيف قال هذا في مدة قصيرة، فما أشبه قوله بقول مؤمني الجن ! وما أعظم البون بينه وبين زنادقة عرب يقرءون القرآن وليس الترجمة، ومع هذا يرون التمسك به تخلفا ! { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.


                تعليق


                • #53
                  رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                  قال تعالى:{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا} الكهف بعد أن أزيل غرُورهم بتأخر العذاب ، وأبطل ظنهم الإفلات منه ببيان أن ذلك إمهال من أثر رحمة الله بخلقه ، ضرب لهم المثل في ذلك بحال أهل القرى السالفين الذين أُخر عنهم العذاب مدة ثم لم ينجوا منه بأخَرة ، فالجملة معطوفة على جملة ) بل لهم موعد ( الكهف : 58 ) . والإشارة بـ(تلك) إلى مقدر في الذهن ، وكاف الخطاب المتصلة باسم الإشارة لا يراد به مخاطب ولكنها من تمام اسم الإشارة ، وتجري على ما يناسب حال المخاطب بالإشارة من واحد أو أكثر ، والعرب يعرفون ديار عاد وثمود ومدين ويسمعون بقوم لوط وقوم فرعون فكانت كالحاضرة حين الإشارة . تفسير ابن عاشور


                  كثيرا ما ننجز أمورا فتأخذنا الفرحة الغامرة ونعجب بذواتنا وبثناء الناس على قدراتنا..ولكن ينبغي للمؤمن ألا تسكره نشوة النجاح..وليكن حاله كحال ذي القرنين..فإنه لما أتم بناء السد قال:{هذا رحمة من ربي}[الكهف:98]فتبرأ من حوله وقوته ورد الأمر لصاحب الفضل كله.ينظر الظلال4/2293.


                  رأيت يوما شخصا يسير بسرعة ويصطدم بالناس فوقع في قلبي منه شيء ثم علمت بعد ذلك أن ولده أصيب في حادثة وكان عليه الذهاب إليه بسرعة فعذرته . . فحقا إن الأولى بالإنسان ألا يَحكم على أمر حتى يتبين ما وراءه . . وتأمل كيف أن موسى اعترض على الخَضِر في أفعاله في البداية فلما ظهرت الحكمة رضي وسلّم.


                  {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}[الرعد:11]هذه هي قاعدة التغيير..فإذا رأيت قوما عم فيهم الفساد فاعلم أن نفوسهم لم تتغير رغم أنهم يتظاهرون باتباع المنهج الإلهي. وإن شكونا من سوء حالنا فلنعرف أولا ماذا فعلنا ثم نغيره إلى ما يرضي الله عز وجل فيغير الله حالنا. ولذلك إذا وجدت كل الناس يشكون فاعلم أن هذا قد حدث بسبب أن الله غير نعمه عليهم؛ لأنهم غيروا ما بأنفسهم.مستفادة من الشعراوي


                  أذل البرامكة بعد أن كانوا أعزة وزراء وسكنوا غياهب السجون بعد أن كانوا منعمين في غرف القصور سأل أحدهم أباه فقال له يأبت ما هذا الذل الذي أصابنا بعد العز وما هذا الفقر الذي حل بنا بعد الغنى؟! فقال أبوه:يا بني دعوة مظلوم أصابتنا في ظلام الليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها!!وصدق الله حين قال:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}[آل عمران:26]


                  المؤمن هو الذي ينظر إلى قدر الله وقدرته وقضائه وعزته فيعلم أن الله لا تعارضه الأسباب وإن عظمت فإن القدر إذا جاء اضمحلت أمامه الحصون والأسباب:{وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}[الحشر:2]ولكن حكمة الله اقتضت أن تفعل الأسباب وتبني الحصون فمن فعل المأمور ساعده المقدور:{ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون}[المائدة:23] المواهب الربانية


                  قد يحار البعض..ما دام الله سيعذب الظلمة فلماذا يُنعمهم ويعطيهم الكثير من أسباب الرفاهية؟ والجواب يكمن في القرآن وتأمل..{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}[الأنعام:44]فلو أنك أوقعت خصمك من مسافة قريبة فلن يتضرر كثيرا أما لو أوقعته من مسافة بعيدة فالضرر لا شك سيكون أشد بكثير فالله يمهلهم ليزيد في عذابهم فمن أَلِف النعمة زمنا يكون فراقها بعد ذلك عليه مرا.مستفادة من الشعراوي.


                  هل تعلم أن” الحمد لله رب العالمين” من كلام أهل الجنة؟ (دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) “سورة يونس – الآية 10″. في المرة القادمة ، عندما تقرأ “الحمد لله رب العالمين” في سورة الفاتحة استشعر ذلك. جرب اليوم .. و تذوق الفرق !


                  اذا خلوت بمعصية من المعاصي في خلوتك ودفعتك نفسك الأمارة بالسوء إليها فاستحضر قول الحق سبحانه تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) فلعل في ذلك أثر في دفع سطوة هذه المعصية .

                  تعليق


                  • #54
                    رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                    {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}[العنكبوت:2] لابد من الابتلاء والتمحيص للدعوات كي لا يكون النصر رخيصا فتكون الدعوات هزْلا. فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دَعي بدعوة لا تكلفه شيئا. أو تكلفه القليل. ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولا لعبا. فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج، ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء..لذلك لا بد من مراحل التمحيص ..لابد من الضغط على الجدار حتى يزداد تماسكه وتتهاوى اللبنات الضعيفة.مستفاد من الظلال


                    حاشا لله أن يعذب المؤمنين بالابتلاء. ولكنه الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة. فهي في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالاستعلاء الحقيقي على الشهوات، وإلا بالصبر الحقيقي على الآلام، وإلا بالثقة الحقيقية في نصر الله أو في ثوابه، على الرغم من طول الفتنة وشدة الابتلاء.الظلال {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}[السجدة:24]


                    الايمان أمانة الله في الأرض، لا يحملها إلا من هم لها أهل وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص. وإنها لأمانة الخلافة في الأرض، وقيادة الناس إلى طريق الله، وتحقيق كلمته في عالم الحياة. فهي أمانة كريمة؛ وهي أمانة ثقيلة؛ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء{أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}{العنكبوت:2].الظلال بتصرف

                    {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}[الإسراء:81]هذا حكم الله..ولكن البعض قد يتساءل: ما دام أن الباطل زهوق وسينتهي، فما الداعي للمعركة بين حَق وباطل؟ والجواب أنه لولا عَضة الباطل للمجتمع لما استشرفَ الناس للحق ينقذهم، فالباطل نفسه جُنْد من جنود الحق، كما أن الكفر جُنْد من جنود الإيمان، فلولا الكفر وما يفعله الكافرون بالناس لما اشتاق الناس للإيمان، الذي يُوفِّر لهم الأمن والطمأنينة والراحة والمساواة.مستفاد من تفسير الشعراوي

                    لا يحسبن مفسد أو ظالم أنه مفلت وأن فساده وظلمه سيمر هكذا دون عقاب، ومن يحسب هذا فقد ساء حكمه، وفسد تقديره، واختل تصوره. فإن الإله الذي جعل الابتلاء سنة ليمتحن بها إيمان المؤمن ويميز بين الصادقين والكاذبين؛ هو الذي جعل أخذ المسيئين سنة لا تتبدل ولا تتخلف ولا تحيد.{أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون..أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون}[العنكبوت:2-4]. مستفادة من الظلال

                    الله القرآن نزل من عند لله (وإنه لتنزيل رب العالمين) لاإله إلا الله … عندما تريد قرءاة القرآن تذكر ((وإنه لتنزيل رب العالمين)) والسلام

                    الخبر أمانةٌ تتطلب فطنة وتثبتاً ، دقةً وصدقاً ، ونقل الأخبار بدون ذلك يؤدي إلى إثارة الفتن والقلاقل، وكم من مصيبة وقعت بسبب فهمٍ مغلوط أو تسرعٍ في النقل . قال تعالى: {يا أيها الذين امنوا أن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات:6]

                    {كلاّ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6-7] إنّ الإِنسان ليطغى لرؤيته نفسه مستغنياً . وعلة هذا الخُلق أن الاستغناء تحدث صاحبَه نفسُه بأنه غير محتاج إلى غيره وأن غيره محتاج فيرى نفسه أعظم من أهل الحاجة ولا يزال ذلك التوهم يربو في نفسه حتى يصير خلقاً حيث لا وازع يزعه من دين أو تفكير صحيح فيطغى على الناس لشعوره بأنه لا يخاف بأسهم لأن له ما يدفع به الاعتداء من لأمةِ سلاحٍ وخدمٍ وأعوان وعُفاة ومنتفعين بماله من شركاء وعمال وأُجراء فهو في عزة عند نفسه فقد بينت هذه الآية حقيقةً نفسية عظيمة من الأخلاق وعلم النفس . ونبهت على الحذر من تغلغلها في النفس .


                    المبادرون .. هذا ربكم يثني على المبادرين: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } [الحديد : 10].

                    تعليق


                    • #55
                      رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                      في أداء هذه الفريضة وَصْلُ حاضِرِ الأمة بماضيها ، وربطُ المسلمين بتاريخ هذا البيت العتيق ، فكل موقف من مواقف الحج مرتبط بِحَدَثٍ يُثير في نفوس الحجاج الذكريات . وفي أدائه تحقيقُ المساواة بين الناس على الرغم من اختلاف أجناسهم وألوانهم ، وتباين ألسنتهم ، وتباعد بلادهم ، فالجميع ربُّهم وخالقُهم واحدٌ ، كلُّهم من آدمَ ، و آدمُ من ترابٍ ، يذكرون الله – تعالى – ويلبونه ، ويتذللون له في كل موقف ، وكل مكان ، وفيه تقوية أواصر الأخوة و المحبة التي تربط المسلم بخالقه . {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96 ، 97]


                      إن الله تعالى لم يطلب من الإنسان أن يؤمن بمجرد سماع القرآن؛ بل دعاه إلى تدبر هذا الكلام والتفكر فيه؛ ليكون حكمه بعد ذلك عن علم ويقين, فهناك ينفع الإيمان ويثبت:
                      {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}[ص:29],فالتدبر هو الطريق الموصل للحق عن علم واقتناع, أما الجواب عن الخطاب بلا تدبر:تقليداً, أو إعراضاً وتكبراً, فهو ما ذمَّه الله تعالى. فإن الله قال فيمن ترك التدبر تقليداً {أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين},فلو جاءهم ما جاء آبائهم الأولين لآمنوا به. وهذا مانعٌ عن التدبر من خارج النفس. وقال عمَّن ترك التدبر عناداً وإعراضاً{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}[محمد:24]،وهذا مانعٌ عن التدبر من داخل النفس. فمن سلم هذين الأمرين حصل له التدبر على التمام.


                      سبحان الله القائل عن نفسه أنه
                      {ملك الناس* إله الناس} سبحان الله..تجد كل ملك لديه شعب، وتجد شعبه منهم يحبه، ومنهم يبغضه، ومنهم يخافه وهكذا. لكن سبحان الله، الله {ليس كمثله شيء}فلذالك هو ملك الناس،وهو إلههم. والألوهيه معنها التعلق. يقال:فلان ولهان أي متعلق. فسبحان الله العباد كلهم متعلقون به خوفا وطمعا ومحبة ومفزعا وإنابة وسؤالا لقضاء حاجاتهم وكل شيء فلن تجد على وجه الأرض ملكا بهذه الصفات سبحانه وتقدس.


                      {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}[الزخرف:32] لما كان الاصطفاء للرسالة رحمة لمن يُصطفَى لها ورحمة للنّاس المرسل إليهم ، جعل تحكمهم في ذلك قسمة منهم لرحمة الله باختيارهم من يُختار لها وتعيين المتأهل لإبلاغها إلى المرحومين . ووُجِّه الخطاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأضيف لفظ: ( الرب ) إلى ضميره إيماء إلى أن الله مؤيده تأنيساً له ، لأن قولهم : {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [ الزخرف : 31 ] قصدوا منه الاستخفاف به ، فرفع الله شأنه بإبلاغ الإنكار عليهم بالإقبال عليه بالخطاب وبإظهار أن الله ربّه ، أي متولي أمره وتدبيره .


                      {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}[الزخرف:32] أي: أهم الخزان لرحمة اللّه، وبيدهم تدبيرها، فيعطون النبوة والرسالة من يشاءون، ويمنعونها ممن يشاءون؟ {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}[الزخرف:32] أي: في الحياة الدنيا، والحال أن رَحْمَةَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ من الدنيا. فإذا كانت معايش العباد وأرزاقهم الدنيوية بيد اللّه تعالى، وهو الذي يقسمها بين عباده، فيبسط الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء، بحسب حكمته، فرحمته الدينية، التي أعلاها النبوة والرسالة، أولى وأحرى أن تكون بيد اللّه تعالى، فاللّه أعلم حيث يجعل رسالته. فعلم أن اقتراحهم ساقط لاغ، وأن التدبير للأمور كلها، دينيها ودنيويها، بيد اللّه وحده. هذا إقناع لهم، من جهة غلطهم في الاقتراح، الذي ليس في أيديهم منه شيء، إن هو إلا ظلم منهم ورد للحق.


                      {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي }[سبا:50] الخير كله من عند الله، وفيما أنزله الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد، ومَنْ ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه.[تفسير ابن كثير] وهذا يدلنا على أن طريق الهداية للعبد إنما يكون باتباع العبد للوحي من قرآن وسنة, وأن أي مخالفة إنما تكون سببا في زيغ العبد وانحرافه عن طريق الهداية



                      يقول الله تعالى
                      ” وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” عندما أحس أن ربى يحب الإحسان ، و أنه كتبه على كل شئ كما حدث نبيه الكريم ، فإننى أرفض الفوضى ، و التقصير ، و العجز ، و لا أباشر عملاً دينياً ولا دنيويا إلا تركت عليه طابع الإجاده و الجمال. إن الله الذى أعبده يكره التشويه ، والعبث ، و الدمامه. إنه أحسن كل شئً خلقه ….فلأكن فى هذه الحياة مثالاً لترتيب الأمور ، و تنسيق الأوضاع ، و إحكام العمل. محمد الغزالى – المحاور الخمسه فى القرآن



                      يقول الله -عز وجل- في غير ما آية عن القرآن:
                      {تنزيل من رب العالمين} تأمل معي هذه الآية الكريمة التي تخبر أن القرآن إنما نزل من رب العالمين رب الأولين والآخرين، ربكم ورب آبائكم أجمعين فهو سبحانه رب كل الناس ورب كل الخلق الذي يقوم على شئونكم وهو مربيكم وهو القائم على الخلق بالرعاية فهو سبحانه المربوب الحق المدبر لكل شيء فتأمل هذه الآية تجدها رسالة إلى الناس تبين لهم الطريق الصحيحة والسبيل القويم. فما عليك إلا أن تتلقى رسالة الله إليك بالقبول والتسليم والخضوع والاستسلام، فها هو القرآن الرسالة الخالدة التي أرسلها الله للناس أجمعين ليكون لهم هاديا ويكون لهم منارا يسيرون على نوره ويهتدون بهدية ويسيرون على نهجه ولم لا وهو تنزيل ممن تعهد العالمين بالخلق والتربية.

                      تعليق


                      • #56
                        رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)


                        جزاكِ الله خيرًا.


                        رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

                        اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


                        ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

                        تعليق


                        • #57
                          رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                          تشرفت بمروركم الكريم

                          تعليق


                          • #58
                            رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                            {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا} [التوبة:36] دلت الآية أن الواجب تعليق أحكام العبادات وغيرها بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون شهور العجم والروم وإن لم تزد على اثني عشر شهرا، لقوله : (منها أربعة حرم) وهي خاصة بشهور العرب. [القرطبي]

                            في آيات الحج عالج القران خصائص الجاهلية وكيفية تنقية المجتمع المسلم منها بأسلوب يستثمر المناسبة ويقتنصها، ومن ذلك التكبر على الناس والتميز عنهم، والفخر بالآباء والتعصب لهم، تدبر: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [البقرة:199] و{فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}[200] فما أحوج الدعاة والأمة جميعا لمثل هذا الأسلوب، ولذلك النقاء. [أ.د.ناصر العمر].

                            قال تعالى بعد ذكر المناسك: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} [البقرة:199] كثيرا ما يأمر الله بذكره بعد قضاء العبادات. عن وهيب بن الورد أنه قرأ: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} [البقرة:127] ثم بكى وقال: يا خليل الرحمن! ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك؟ [ابن كثير]


                            {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
                            [البقرة:197] الجملة تتضمن غرضين: الغرض الأول: الأمر بالتزود للحج؛ إبطالا لما كانوا يفعلونه من ترك التزود للحج، وقطعا لتعلق القلب بالخلق عن الخالق، ويؤيد هذا سبب النزول من قول ابن عباس: (كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}. والغرض الثاني لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة:197]: الحث على التزود من الطاعات للآخرة، وهو إشارة إلى استغلال موسم الحج بالطاعة فيه. ويؤيد هذا الغرض تعقيب الجملة بقوله تعالى: {فإن خير الزاد التقوى}.


                            لما بين الله تعالى أن نحر بهيمة الأنعام من الشعائر المتفق عليها بين الأمم، ختم الآية بقوله: {فإلهكم إله واحد فله أسلموا} [الحج:34] وهي إشارة واضحة إلى أن أعظم رابط يجمع الأمم هو توحيد الله تعالى،وما يتفرع عنه من أخلاق وأعمال، دون ما سواه من الروابط الأرضية. [د.عمر المقبل]


                            يقول أحدهم: لقيت بمنى شابا غير عربي، يحمل شيخا كبيرا فوق ظهره، فأردت أن أشكره لبره، فقلت:جزيت خيرا لبرك بأبيك، فقال: لكنه ليس أبي ولا من بلدي، قلت: فمن إذن؟ قال: وجدته بعرفة ليس معه أحد، فحملته على ظهري إلى مزدلفة، ومنها إلى منى، قلت:لم فعلت ذلك؟ فقال: سبحان الله {إنما المؤمنون إخوة}!.

                            تدبر {ليشهدوا منافع لهم} [الحج:28] وقف متأملا لقوله: {لهم} لتدرك أن كل عمل من أعمال الحج يعود عليك بنفع عظيم، خلافا لما يتصوره الكثيرون من أن الحج مجرد أعمال تعبدية لا يدركون أثرها، وهذا يفسر التسابق للبحث عن الترخص والتخلص من كثير من واجباته وأركانه، ولو أدركوا نفعه المباشر لهم لما فعلوا!! [أ.د.ناصر العمر]


                            {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:96] ففي قوله:{لله} تنصيص على أهمية الإخلاص في هاتين العبادتين. [السعدي] يسيرون من أقطارها وفجاجها ... رجالا وركبانا ولله أسلموا دعاهم فلبوه رضا ومحبة ... فلما دعوه كان أقرب منهم! [ابن القيم]


                            {إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر}. النحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر؛ ولهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشكر نعمته عليه بإعطائه الكوثر، بالصلاة له والنحر، كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده وافتدائه بذبح عظيم. [ابن رجب]

                            تعليق


                            • #59
                              رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                              قال رجل من اليهود لعمر: يا أمير المؤمنين، لو أن علينا نزلت هذه الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[المائدة:3] لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية، نزلت يوم عرفة، في يوم جمعة، متفق عليه. والسؤال: كم هم المسلمون الذين يعرفون من قيمة هذه الآية ما عرفه هذا اليهودي؟!


                              {ليشهدوا منافع لهم}[الحج:28] من منافع الحج العظيمة التي تشملها الآية:أن يتعلم الحجاج ما به منفعتهم في الآخرة. أما منفعة الدنيا فالناس أساتذة ذلك، لكن منفعة الآخرة الناس اليوم بأشد الحاجة إليه، وإذا كان زمن الحج قصيرا، فالواجب أن يكثف الجهد في الحج لتعليم الجاهل وتبصير الغافل، فأوصي كل من يذهب إلى الحج وله فضل علم أن يبلغه؛ لأن النبي نادى بعرفة فقال: (اللهم هل بلغت اللهم فاشهد). [صالح آل الشيخ]

                              ما أحسن العبد -وهو ذاهب لأداء نسكه- أن يستشعر هذه الآية: {آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً}[المائدة:2] لعل ذلك يحدوه إلى امتثالها، ودعاء الله بتحقيقها.

                              {يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير}[ق:44] جعل الله لهذا المنظر مثلا مقربا-مع بعد ما بين المثلين-، فالحج مظهر مصغر ليوم الحشر، يعيشه المرء فيدفعه للعمل الصالح وينشطه في مجال الخير ويهزم باعث المعصية في نفسه، ويبقى ذكر الموت وما بعده بين عينيه، وفي هذا من الآثار العظيمة ما يلمسه كل حاج مع نفسه. [د.ناصر الأحمد]

                              {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا}[الكهف:46]، {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا}[مريم:76]. الباقيات الصالحات هن الكلمات المأثور فضلها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن لم يقدر له بلوغ رحاب البيت العتيق، لعرض أو لمرض، فلا تفته عشر ذي الحجة المباركة فيعمل فيها أعمالا هي أفضل من الجهاد في سبيل الله في غيرها. [د.سعود الشريم]

                              {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}[النساء:95] فيه مخرج لذوي الأعذار (إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر): يا راحلين إلى البيت العتيق لقد * سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر وعن قدر * ومن أقام على عذر كمن راحا. [القاسمي]

                              من أعظم البراهين على منزلة أي عبادة من العبادات أن تراها مشروعة في جميع الشرائع، وهكذا كان النحر{ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام...}[الحج:34] فهل يقدر المسلم هذه الشعيرة قدرها؟! [د.عمر المقبل]

                              السيئة قد تعظم فيعظم جزاؤها بسبب حرمة المكان؛ كقوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}[الحج:25] أو حرمة الزمان؛ كقوله تعالى في الأشهر الحرام: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}[التوبة:36]. أو بسبب عظم الإنسان المخالف؛ كقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}[الإسراء:74-75]. [الشنقيطي]


                              لا أرى أن نسمي هذه الإجازة عطلة؛ لأنه ليس في أيام الإنسان المسلم المؤمن عطلة، بل ولا غير المؤمن، كل يعمل، قال تعالى: {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه}[الانشقاق:6] نعم هي عطلة من الدراسة النظامية؛ لكن لو سميت بدلا من العطلة إجازة فهذا جيد. [ابن عثيمين]

                              تعليق


                              • #60
                                رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)

                                في أداء هذه الفريضة وَصْلُ حاضِرِ الأمة بماضيها ، وربطُ المسلمين بتاريخ هذا البيت العتيق ، فكل موقف من مواقف الحج مرتبط بِحَدَثٍ يُثير في نفوس الحجاج الذكريات . وفي أدائه تحقيقُ المساواة بين الناس على الرغم من اختلاف أجناسهم وألوانهم ، وتباين ألسنتهم ، وتباعد بلادهم ، فالجميع ربُّهم وخالقُهم واحدٌ ، كلُّهم من آدمَ ، و آدمُ من ترابٍ ، يذكرون الله – تعالى – ويلبونه ، ويتذللون له في كل موقف ، وكل مكان ، وفيه تقوية أواصر الأخوة و المحبة التي تربط المسلم بخالقه . {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96 ، 97]


                                إن الله تعالى لم يطلب من الإنسان أن يؤمن بمجرد سماع القرآن؛ بل دعاه إلى تدبر هذا الكلام والتفكر فيه؛ ليكون حكمه بعد ذلك عن علم ويقين, فهناك ينفع الإيمان ويثبت:
                                {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}[ص:29],فالتدبر هو الطريق الموصل للحق عن علم واقتناع, أما الجواب عن الخطاب بلا تدبر:تقليداً, أو إعراضاً وتكبراً, فهو ما ذمَّه الله تعالى. فإن الله قال فيمن ترك التدبر تقليداً {أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين},فلو جاءهم ما جاء آبائهم الأولين لآمنوا به. وهذا مانعٌ عن التدبر من خارج النفس. وقال عمَّن ترك التدبر عناداً وإعراضاً{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}[محمد:24]،وهذا مانعٌ عن التدبر من داخل النفس. فمن سلم هذين الأمرين حصل له التدبر على التمام.


                                سبحان الله القائل عن نفسه أنه
                                {ملك الناس* إله الناس} سبحان الله..تجد كل ملك لديه شعب، وتجد شعبه منهم يحبه، ومنهم يبغضه، ومنهم يخافه وهكذا. لكن سبحان الله، الله {ليس كمثله شيء}فلذالك هو ملك الناس،وهو إلههم. والألوهيه معنها التعلق. يقال:فلان ولهان أي متعلق. فسبحان الله العباد كلهم متعلقون به خوفا وطمعا ومحبة ومفزعا وإنابة وسؤالا لقضاء حاجاتهم وكل شيء فلن تجد على وجه الأرض ملكا بهذه الصفات سبحانه وتقدس.


                                {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}[الزخرف:32] لما كان الاصطفاء للرسالة رحمة لمن يُصطفَى لها ورحمة للنّاس المرسل إليهم ، جعل تحكمهم في ذلك قسمة منهم لرحمة الله باختيارهم من يُختار لها وتعيين المتأهل لإبلاغها إلى المرحومين . ووُجِّه الخطاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأضيف لفظ: ( الرب ) إلى ضميره إيماء إلى أن الله مؤيده تأنيساً له ، لأن قولهم : {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [ الزخرف : 31 ] قصدوا منه الاستخفاف به ، فرفع الله شأنه بإبلاغ الإنكار عليهم بالإقبال عليه بالخطاب وبإظهار أن الله ربّه ، أي متولي أمره وتدبيره .


                                {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}[الزخرف:32] أي: أهم الخزان لرحمة اللّه، وبيدهم تدبيرها، فيعطون النبوة والرسالة من يشاءون، ويمنعونها ممن يشاءون؟ {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}[الزخرف:32] أي: في الحياة الدنيا، والحال أن رَحْمَةَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ من الدنيا. فإذا كانت معايش العباد وأرزاقهم الدنيوية بيد اللّه تعالى، وهو الذي يقسمها بين عباده، فيبسط الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء، بحسب حكمته، فرحمته الدينية، التي أعلاها النبوة والرسالة، أولى وأحرى أن تكون بيد اللّه تعالى، فاللّه أعلم حيث يجعل رسالته. فعلم أن اقتراحهم ساقط لاغ، وأن التدبير للأمور كلها، دينيها ودنيويها، بيد اللّه وحده. هذا إقناع لهم، من جهة غلطهم في الاقتراح، الذي ليس في أيديهم منه شيء، إن هو إلا ظلم منهم ورد للحق.


                                {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي }[سبا:50] الخير كله من عند الله، وفيما أنزله الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد، ومَنْ ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه.[تفسير ابن كثير] وهذا يدلنا على أن طريق الهداية للعبد إنما يكون باتباع العبد للوحي من قرآن وسنة, وأن أي مخالفة إنما تكون سببا في زيغ العبد وانحرافه عن طريق الهداية



                                يقول الله تعالى
                                ” وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” عندما أحس أن ربى يحب الإحسان ، و أنه كتبه على كل شئ كما حدث نبيه الكريم ، فإننى أرفض الفوضى ، و التقصير ، و العجز ، و لا أباشر عملاً دينياً ولا دنيويا إلا تركت عليه طابع الإجاده و الجمال. إن الله الذى أعبده يكره التشويه ، والعبث ، و الدمامه. إنه أحسن كل شئً خلقه ….فلأكن فى هذه الحياة مثالاً لترتيب الأمور ، و تنسيق الأوضاع ، و إحكام العمل. محمد الغزالى – المحاور الخمسه فى القرآن



                                يقول الله -عز وجل- في غير ما آية عن القرآن:
                                {تنزيل من رب العالمين} تأمل معي هذه الآية الكريمة التي تخبر أن القرآن إنما نزل من رب العالمين رب الأولين والآخرين، ربكم ورب آبائكم أجمعين فهو سبحانه رب كل الناس ورب كل الخلق الذي يقوم على شئونكم وهو مربيكم وهو القائم على الخلق بالرعاية فهو سبحانه المربوب الحق المدبر لكل شيء فتأمل هذه الآية تجدها رسالة إلى الناس تبين لهم الطريق الصحيحة والسبيل القويم. فما عليك إلا أن تتلقى رسالة الله إليك بالقبول والتسليم والخضوع والاستسلام، فها هو القرآن الرسالة الخالدة التي أرسلها الله للناس أجمعين ليكون لهم هاديا ويكون لهم منارا يسيرون على نوره ويهتدون بهدية ويسيرون على نهجه ولم لا وهو تنزيل ممن تعهد العالمين بالخلق والتربية.

                                {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا} [التوبة:36] دلت الآية أن الواجب تعليق أحكام العبادات وغيرها بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون شهور العجم والروم وإن لم تزد على اثني عشر شهرا، لقوله : (منها أربعة حرم) وهي خاصة بشهور العرب. [القرطبي]

                                في آيات الحج عالج القران خصائص الجاهلية وكيفية تنقية المجتمع المسلم منها بأسلوب يستثمر المناسبة ويقتنصها، ومن ذلك التكبر على الناس والتميز عنهم، والفخر بالآباء والتعصب لهم، تدبر: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [البقرة:199] و{فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}[200] فما أحوج الدعاة والأمة جميعا لمثل هذا الأسلوب، ولذلك النقاء. [أ.د.ناصر العمر].

                                قال تعالى بعد ذكر المناسك: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} [البقرة:199] كثيرا ما يأمر الله بذكره بعد قضاء العبادات. عن وهيب بن الورد أنه قرأ: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} [البقرة:127] ثم بكى وقال: يا خليل الرحمن! ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك؟ [ابن كثير]


                                {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
                                [البقرة:197] الجملة تتضمن غرضين: الغرض الأول: الأمر بالتزود للحج؛ إبطالا لما كانوا يفعلونه من ترك التزود للحج، وقطعا لتعلق القلب بالخلق عن الخالق، ويؤيد هذا سبب النزول من قول ابن عباس: (كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}. والغرض الثاني لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة:197]: الحث على التزود من الطاعات للآخرة، وهو إشارة إلى استغلال موسم الحج بالطاعة فيه. ويؤيد هذا الغرض تعقيب الجملة بقوله تعالى: {فإن خير الزاد التقوى}.


                                لما بين الله تعالى أن نحر بهيمة الأنعام من الشعائر المتفق عليها بين الأمم، ختم الآية بقوله: {فإلهكم إله واحد فله أسلموا} [الحج:34] وهي إشارة واضحة إلى أن أعظم رابط يجمع الأمم هو توحيد الله تعالى،وما يتفرع عنه من أخلاق وأعمال، دون ما سواه من الروابط الأرضية. [د.عمر المقبل]


                                يقول أحدهم: لقيت بمنى شابا غير عربي، يحمل شيخا كبيرا فوق ظهره، فأردت أن أشكره لبره، فقلت:جزيت خيرا لبرك بأبيك، فقال: لكنه ليس أبي ولا من بلدي، قلت: فمن إذن؟ قال: وجدته بعرفة ليس معه أحد، فحملته على ظهري إلى مزدلفة، ومنها إلى منى، قلت:لم فعلت ذلك؟ فقال: سبحان الله {إنما المؤمنون إخوة}!.

                                تدبر {ليشهدوا منافع لهم} [الحج:28] وقف متأملا لقوله: {لهم} لتدرك أن كل عمل من أعمال الحج يعود عليك بنفع عظيم، خلافا لما يتصوره الكثيرون من أن الحج مجرد أعمال تعبدية لا يدركون أثرها، وهذا يفسر التسابق للبحث عن الترخص والتخلص من كثير من واجباته وأركانه، ولو أدركوا نفعه المباشر لهم لما فعلوا!! [أ.د.ناصر العمر]


                                {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:96] ففي قوله:{لله} تنصيص على أهمية الإخلاص في هاتين العبادتين. [السعدي] يسيرون من أقطارها وفجاجها ... رجالا وركبانا ولله أسلموا دعاهم فلبوه رضا ومحبة ... فلما دعوه كان أقرب منهم! [ابن القيم]


                                {إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر}. النحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر؛ ولهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشكر نعمته عليه بإعطائه الكوثر، بالصلاة له والنحر، كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده وافتدائه بذبح عظيم. [ابن رجب]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X