وقفات قرآنية مع د.عمر المقبل (3) سورة النور
سورة النور هي سورة العفّة كما قال غير واحد من الأئمة،
فمن أراد أن يأوي إلى حصون العفة من جنود الشهوات، فليأوي إليها،
وأنصح هنا بقراءة الرسالة القيمة التي كتبها أخي الشيخ المتدبر/ عصام بن صالح العويد بعنوان (أسوار العفاف) فقد جلّى شيئاً من أسرار هذه السورة العظيمة.
وهذا أحد حصون العفة في هذه السورة، وحماية المجتمع من العبث بالأعراض:
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [النور: 4، 5].
مع عظيم البليّة، وشدة الفرية في قضية الإفك، إلا أن الله تعالى – العليم الحكيم الرحيم – قال:
لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور: 11]
فأي مصيبة في الدنيا عند مصيبة العرض النبوي تهون،
ومع هذا يقول الله: بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور: 11]
وصدق ربي، فكم من الخيرات التي تحققت من هذه الفتنة!َ
.منهج قرآني في تلقي الأخبار، وخاصة تلك التي تتعلق بأعراض الصالحين:
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور: 12]
فكما تحب أن يظن الناس بك خيراً لو أشيعت عنك إشاعة كاذبة، فكذلك كن حينما تسمع عن غيرك مثل هذا.
.من أعظم العلاجات القرآنية لداء الشائعات:
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ
[النور: 15]
فنسب الله القول فيه للأفواه، إشعاراً بأنه غير متيقن،
ثم قال سبحانه : يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [النور: 17]
فالإيمان الصادق يعصم صاحبه من الولوغ في الأعراض بغير حق.
ويلٌ لأهل الفضائيات الماجنة من وعيد قاله رب السماوات والأرض:
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النور: 19].
الشيطان لا يعرض المعصية الكبيرة على العبد مباشرة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ بل يزينها بخطوات أولى، حتى يصل إلى غايته: وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور: 21].
أيها العفيف! أيتها العفيفة!
لا تظنوا أن سلامتكم من مستنقع الشهوات الآسن بحولكم وقوتكم،
بل هذا كلّه محض فضل الله عليكم:
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ [النور: 21].
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور: 23 - 25]
إذا كان هذا الوعيد العظيم فيمن رمى امرأة من عامة المؤمنات،
فكيف بمن يرمي واحدةً من أمهات المؤمنين.
وهذه الاية: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [النور: 26]
من أعظم البراهين على عظم مكانة أمهات المؤمنين،
إذ لا أطيب من رسول الله ،
فلا يختار الله له إلا الطيبات من النساء، فالويل لمن طعن في واحدة منهن، فضلاً عن عائشة الصديقة المبرأة بنصٍ خاص!
آيات الاستئذان التي تبدأ بـيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور: 27]
كلها دليل على عظيم حرص الشريعة على صيانة الأعراض عن أي شيءٍ يخدشها، أو يفتح نافذةً على عليها،
فتعساً لمن فتحوا باب الاختلاط على مصراعيه دون تفصيل!
.لو لم يكن في غض البصر عن النساء من قبل الرجال إلا هذه الفائدة لكفى:
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور: 30] واربط هذه الآية بما سبق في قوله تعالى:
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاء
ُ لتدرك عظيم موقع تزكية النفس من الشرع، وموضعه عند الله!
وانظر كم نخسر إذا نحن أطلقنا الأبصار في الحرام.
.وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31]
إن شرعاً ينهى المرأة عن الضرب برجلها حتى لا يعلم أحد ما تخفي من زينتها، بعيدٌ جداً أن يبيح لها كشف الوجه مطلقاً .. وأين المقارنة بين القدم والوجه في الفتنة؟!
في ختام آية غض البصر بهذا النداء العام:
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31]
إشارة إلى أنه لا يكاد أحدٌ يسلم من مسألة النظر، ولكن هذا لا يسوّغ الاستمرار في المعصية، بل الواجب التوبة من ذلك.
قال بعض السلف حينما قرأ هذه الآية:
وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور: 32]
افعلوا ما أمركم الله به، ينجز لكم ما وعدكم به.
هذا المثل: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور: 35]
من أعظم أمثلة القرآن، وهو خليق بالتدبر والتأمل لأمور، منها:
ـ لصلته الوثيقة ببيان أثر القرآن على القلب.
ـ لكونه ورد بعد آيات غض البصر، وهي تشير – كما قال بعض الأئمة – إلى أن من غضّ بصره، أورثه الله نوراً في قلبه، يعقل به عن الله معاني كلامه، وكلام رسوله ، ويبصر به الشبهات.
والله إن الإنسان لينبغي يقرأ هذه الآية:
نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور: 35]
والتي تليها بآيات: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: 40]
ينبغي له له أن ينكس رأسه، وأن يسأل الله بتضرع وإخبات، أن يهديه لنوره، وأن لا يطمس هذا النور بظلمة المعاصي والبدع والشبهات،
فو الله إن المسألة محض توفيق!
وإلا فكم في الدنيا من هم أذكى منّا، وأقوى منّا فهماً، ولكن ما وفقوا لهذا النور!
وآخرون يمكن تصنيفهم بأنهم بسطاء أو أغبياء، فمنّ الله عليهم بهذا النور،
فيا ربي .. يا نور السماوات والأرض، اجعل لنا من نورك أوفر الحظ والنصيب.
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور: 60]
الإذن للقواعد بوضع الثياب غير متبرجات بزينة، يوضح لك أن الشابات لا يجوز لهن وضع ثياب الزينة التي تنادي عليهن!
لا أدري حقيقة كيف تقرأ أخواتنا - اللاتي يلبسن العباءات المزركشة – هذه الآية؟
، ودلّت الآية على أن الإذن بوضع ثيابهن يجيز النظر إليهن، ما لم يكن ذلك بشهوة.
.كم فزع الأئمة إلى هذه الآية في ردّ البدع، والتحذير من مجاوزة السنة، أو تقديم آراء الرجال على النصوص
: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].
سورة النور هي سورة العفّة كما قال غير واحد من الأئمة،
فمن أراد أن يأوي إلى حصون العفة من جنود الشهوات، فليأوي إليها،
وأنصح هنا بقراءة الرسالة القيمة التي كتبها أخي الشيخ المتدبر/ عصام بن صالح العويد بعنوان (أسوار العفاف) فقد جلّى شيئاً من أسرار هذه السورة العظيمة.
وهذا أحد حصون العفة في هذه السورة، وحماية المجتمع من العبث بالأعراض:
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا [النور: 4، 5].
مع عظيم البليّة، وشدة الفرية في قضية الإفك، إلا أن الله تعالى – العليم الحكيم الرحيم – قال:
لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور: 11]
فأي مصيبة في الدنيا عند مصيبة العرض النبوي تهون،
ومع هذا يقول الله: بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور: 11]
وصدق ربي، فكم من الخيرات التي تحققت من هذه الفتنة!َ
.منهج قرآني في تلقي الأخبار، وخاصة تلك التي تتعلق بأعراض الصالحين:
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور: 12]
فكما تحب أن يظن الناس بك خيراً لو أشيعت عنك إشاعة كاذبة، فكذلك كن حينما تسمع عن غيرك مثل هذا.
.من أعظم العلاجات القرآنية لداء الشائعات:
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ
[النور: 15]
فنسب الله القول فيه للأفواه، إشعاراً بأنه غير متيقن،
ثم قال سبحانه : يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [النور: 17]
فالإيمان الصادق يعصم صاحبه من الولوغ في الأعراض بغير حق.
ويلٌ لأهل الفضائيات الماجنة من وعيد قاله رب السماوات والأرض:
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النور: 19].
الشيطان لا يعرض المعصية الكبيرة على العبد مباشرة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ بل يزينها بخطوات أولى، حتى يصل إلى غايته: وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور: 21].
أيها العفيف! أيتها العفيفة!
لا تظنوا أن سلامتكم من مستنقع الشهوات الآسن بحولكم وقوتكم،
بل هذا كلّه محض فضل الله عليكم:
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ [النور: 21].
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور: 23 - 25]
إذا كان هذا الوعيد العظيم فيمن رمى امرأة من عامة المؤمنات،
فكيف بمن يرمي واحدةً من أمهات المؤمنين.
وهذه الاية: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [النور: 26]
من أعظم البراهين على عظم مكانة أمهات المؤمنين،
إذ لا أطيب من رسول الله ،
فلا يختار الله له إلا الطيبات من النساء، فالويل لمن طعن في واحدة منهن، فضلاً عن عائشة الصديقة المبرأة بنصٍ خاص!
آيات الاستئذان التي تبدأ بـيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور: 27]
كلها دليل على عظيم حرص الشريعة على صيانة الأعراض عن أي شيءٍ يخدشها، أو يفتح نافذةً على عليها،
فتعساً لمن فتحوا باب الاختلاط على مصراعيه دون تفصيل!
.لو لم يكن في غض البصر عن النساء من قبل الرجال إلا هذه الفائدة لكفى:
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور: 30] واربط هذه الآية بما سبق في قوله تعالى:
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاء
ُ لتدرك عظيم موقع تزكية النفس من الشرع، وموضعه عند الله!
وانظر كم نخسر إذا نحن أطلقنا الأبصار في الحرام.
.وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31]
إن شرعاً ينهى المرأة عن الضرب برجلها حتى لا يعلم أحد ما تخفي من زينتها، بعيدٌ جداً أن يبيح لها كشف الوجه مطلقاً .. وأين المقارنة بين القدم والوجه في الفتنة؟!
في ختام آية غض البصر بهذا النداء العام:
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31]
إشارة إلى أنه لا يكاد أحدٌ يسلم من مسألة النظر، ولكن هذا لا يسوّغ الاستمرار في المعصية، بل الواجب التوبة من ذلك.
قال بعض السلف حينما قرأ هذه الآية:
وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور: 32]
افعلوا ما أمركم الله به، ينجز لكم ما وعدكم به.
هذا المثل: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور: 35]
من أعظم أمثلة القرآن، وهو خليق بالتدبر والتأمل لأمور، منها:
ـ لصلته الوثيقة ببيان أثر القرآن على القلب.
ـ لكونه ورد بعد آيات غض البصر، وهي تشير – كما قال بعض الأئمة – إلى أن من غضّ بصره، أورثه الله نوراً في قلبه، يعقل به عن الله معاني كلامه، وكلام رسوله ، ويبصر به الشبهات.
والله إن الإنسان لينبغي يقرأ هذه الآية:
نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور: 35]
والتي تليها بآيات: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: 40]
ينبغي له له أن ينكس رأسه، وأن يسأل الله بتضرع وإخبات، أن يهديه لنوره، وأن لا يطمس هذا النور بظلمة المعاصي والبدع والشبهات،
فو الله إن المسألة محض توفيق!
وإلا فكم في الدنيا من هم أذكى منّا، وأقوى منّا فهماً، ولكن ما وفقوا لهذا النور!
وآخرون يمكن تصنيفهم بأنهم بسطاء أو أغبياء، فمنّ الله عليهم بهذا النور،
فيا ربي .. يا نور السماوات والأرض، اجعل لنا من نورك أوفر الحظ والنصيب.
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور: 60]
الإذن للقواعد بوضع الثياب غير متبرجات بزينة، يوضح لك أن الشابات لا يجوز لهن وضع ثياب الزينة التي تنادي عليهن!
لا أدري حقيقة كيف تقرأ أخواتنا - اللاتي يلبسن العباءات المزركشة – هذه الآية؟
، ودلّت الآية على أن الإذن بوضع ثيابهن يجيز النظر إليهن، ما لم يكن ذلك بشهوة.
.كم فزع الأئمة إلى هذه الآية في ردّ البدع، والتحذير من مجاوزة السنة، أو تقديم آراء الرجال على النصوص
: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].
تعليق