الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
-صلى الله عليه و سلم-، و بعد .. ما أن منَّ الله عليكِ بالبدء في حفظ كتابه أو ختمه و اصطفاكِ لهذا الشرف العظيم فواجب عليكِ أخيَّتي تلاوته حق التلاوة و تدبّره و تفهُّم عجائبه
يكفيك قول الله عز وجل:
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]
قال الثعالبي: "أي: أنزلناه ليتفكروا في آياتِه التي من جُملتها هذه الآيات المعربة عن أسرار التكوين والتشريع، فيعرفوا ما يدبر ويتبع ظاهرها من المعاني الفائقة والتأويلات اللائقة"
و عند سماعه فلا بد من حسن الاستماع و الانصات لكتابه العزيز الذي يعيد الروح و الصلاح لقلبكِ الذي ربما يكون قسى بعض
الشيء من هجره أو انصراف القلب حين سماعه، بل الأصل أن يكون هناك خضوعًا و خشوعًا للجنان و الجوارح!
قال ابن تيمية تعليقًا على بعض الآثار: "وذلك أن الله - تعالى -
قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}
[ص: 29]،
وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}
وقال: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}
، وتدبر الكلام بدونفهم معانيه لا يُمكن كذلك؛ قال - تعالى
-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]،
وعقل الكلام متضمن لفهمه، ومن
المعلوم أنَّ كلَّ كلام المقصودُ منه فهم معانيه دون مُجرد ألفاظه، فالقُرآن أَوْلَى بذلك، وأيضًا فالعادةُ تَمنع أن يقرأ قوم كتابًا في فن من العلم؛ كالطب والحساب، ولا يستشرحونه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم، وبه نجاتهم وسعادتهم، وقيام دينهم ودنياهم؟!
من هنا وضعنا لكنَّ عشر وقفات طيبات كثيرًا بإذن الله من كتاب
"الوقفات العشر من كتاب ربّ البشر"
للشيخ "راحم بن خضر المالكي" حفظه الله
لعلّ الله أن ينزل على قلوبنا إيمانًا و على جوارحنا خشوعًا و لقلوبنا طمعًا في الجنان خضوعًا بإذنه سبحانه
تعليق