لعله من الميسور أن ينضم المقبل على القرآن لركب السفرة الكرام البررة، كما أنه ليس من الصعب أن يظل القرآن في صدر حامله كالمصباح الذي لا يخبو أبدًا مهما امتدت السنين وتعاقب الدهر، لكن .. كيف ذا؟
هل يكون بشراب يُحتسى، أو أقراص تبلع فتعصم من النسيان بقاء العمر، وتجعل القرآن كله عند الحفظ كسورة الكوثر؟ كلا .. فالأمر يقوم على الإصرار والتصميم، فحين تصحب القارئ النية الصادقة والعزيمة التي لا تعرف الكلل، يجد العون من ربه، ومدخله في هذا هو التدبر.
وقد جاء في أكثر من آية أن المقصد من إنزال القرآن هو التدبر، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29]
قال الحسن البصري (ت: 110هـ): "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَمَاذَا عُنِيَ بِهَا".
لكن. ...كيف يتمكن القارئ من التدبر الذي قد يظن بعضهم أنه أمر عزيز الحصول؟
أقول: إن من أهم ما يعني به القارئ لكتاب الله تعالى حتى يتمكن من التدبر هو: التعظيم للمتكلم سبحانه وتعالى، قال الغزالي رحمه الله (ت: 505هـ) في الإحياء (1/ 281): "...القارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم، ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر، وأن في تلاوة كلام الله عز وجل غاية الخطر..، وأن يكون حاضر القلب يترك حديث النفس، ويتجرد له عند قراءته، وتنصرف همته إليه عن غيره".
أخي*أختي
...حامل القرآن منذ نعومة الأظفار، قبل أن تبلغ مبلغ الرجال: أتدري أي نعمة أسداها إليك -بفضل الله- أبوك ومعلمك؟ أتدري أي شيء يملأ جوفك؟ أتدري مع من أنت إن استقمت وتخلقت بالقرآن؟.
أختي *أخي.... يا من تبيت والرغبة تملأ صدرك أن تكون واحدًا ممن يحمل القرآن بين جوانحه.
يا... طالب العلم، أي علم تطلب والقرآن ليس له من جدك وجهدك محل، ولدي الطفل، ولدي الشاب والشابة، أخي وأختي في زمن الكهولة، أبي وأمي - يجب أن يكون القرآن منطلق الجميع، تدبرًا وحفظًا، ومن كان أكثر تدبرًا للقرآن فهو أرسخ علمًا، وأعمق فقهًا، وكلما تدبرنا الآيات بعمق ودقة زاد فهمنا، وتوسع أفق المعارف لدينا، وكانت الحصيلة على قدر عمق التدبر... وبالله التوفيق، ومنه الهداية والتدبير.
والآن نتابع السير في بستان التدبر
لنحصل علي كنوز أراد الرحمن أن يلفتنا لها
فضلا تابعونا
تعليق