بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : (( فلا أقسم بمواقع النجوم * و انه لقسم لو تعلمون عظيم ))
يقسم الله تعالى في الآية 75 من سورة الواقعة بمواقع النجوم ، فما المقصود بمواقع النجوم ، و لماذا لم يكن القسم بالنجوم أنفسها أو بالمسافات الفاصلة بينها ؟
إن القسم بمواقع النجوم و التأكيد على عظمة هذا القسم يحمل بين طياته أكثر من دلالة ، فهو يشير بداية الى تلك المسافات الهائلة الفاصلة بين النجوم و التي يستحيل على العقل تصورها ، فلو أخذنا مجرتنا مجرة درب التبانة على سبيل المثال – و هي التي تعد من المجرات المتوسطة الحجم – لوجدنا أن طولها يزيد على مئة و خمسين ألف سنة ضوئية ! و ما هي السنة الضوئية ؟! إنها المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة ، فاذا علمت أن الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر ! فكم يسير في الدقيقة ؟ فكم يسير في الساعة ؟ فكم يسير في اليوم ؟ و كم يسير في الشهر ؟ و كم يسير في السنة ؟؟
* * *
بين الأرض و القمر ثلاثمئة و ستون ألف كيلومتر ، أي ثانية ضوئية واحدة و نيف !
بين الأرض و الشمس مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر ، أي ثماني دقائق و ثلث الدقيقة !
بين الأرض و أقرب نجم لنا بعد الشمس ( ألفا سنتورس ) – و هو يبعد عنا 42 مليون مليون كيلومتر تقريبا ً– 4.4 سنة ضوئية !
و لكن ماذا تعني هذه الأرقام ؟
يمكن القول أنه لو انطفأت الشمس في هذه اللحظة فانه سيصلنا نبأ إنطفائها بعد ثماني دقائق و عشرين ثانية ، كما يمكن القول أيضا ًأن الناظر الى النجم ( ألفا سنتورس ) يرى الضوء الذي انبعث منذ 4.4 سنين ، أي أنه ينظر اليه و هو بحالته التي كان عليها قبل 4.4 سنين ، فالحاضر هنا على الأرض يكون ماضيا ًهناك في الفضاء و ذلك بسبب البعد الشاسع للنجوم ، إنه أمر يفوق الخيال و لكنه من الحقائق العلمية المسلم بها ...
و هنا تتجلى الدلالة الثانية للقسم بمواقع النجوم ، فالأضواء التي ننظر اليها في السماء ما هي الا مواقع سابقة للنجوم ...
بين الأرض و الشمس مئة و ستة و خمسون مليون كيلومتر ، أي ثماني دقائق و ثلث الدقيقة !
بين الأرض و أقرب نجم لنا بعد الشمس ( ألفا سنتورس ) – و هو يبعد عنا 42 مليون مليون كيلومتر تقريبا ً– 4.4 سنة ضوئية !
و لكن ماذا تعني هذه الأرقام ؟
يمكن القول أنه لو انطفأت الشمس في هذه اللحظة فانه سيصلنا نبأ إنطفائها بعد ثماني دقائق و عشرين ثانية ، كما يمكن القول أيضا ًأن الناظر الى النجم ( ألفا سنتورس ) يرى الضوء الذي انبعث منذ 4.4 سنين ، أي أنه ينظر اليه و هو بحالته التي كان عليها قبل 4.4 سنين ، فالحاضر هنا على الأرض يكون ماضيا ًهناك في الفضاء و ذلك بسبب البعد الشاسع للنجوم ، إنه أمر يفوق الخيال و لكنه من الحقائق العلمية المسلم بها ...
و هنا تتجلى الدلالة الثانية للقسم بمواقع النجوم ، فالأضواء التي ننظر اليها في السماء ما هي الا مواقع سابقة للنجوم ...
* * *
و أما الدلالة الثالثة لهذا القسم العظيم بمواقع النجوم فهي أن هذه النجوم ليست ثابتة في أماكنها ، بل لها مواقع ، فكلمة الموقع لا تعني أن صاحبه مستقر فيه ، اذا ًفهي نجوم متحركة ، كما قال الله تعالى : في سورتي يس و الأنبياء عن الشمس و القمر و الأرض : (( و كل في فلك يسبحون )) ، و في سورة النازعات عن جميع الأجرام السماوية : (( و السابحات سبحا ً)) ، و هكذا يتضح لنا سر آخر من أسرار القسم بمواقع النجوم بدل القسم بالنجوم أنفسها ، ففي هذا اشارة واضحة الى أن النجوم متحركة و ليست ثابتة ...
من غير المعقول أن تخاطب الآيات القرآنية أناسٌ عاشوا قبل قرون طويلة و تخبرهم صراحة ً بأن النجوم التي يرونها فوقهم في السماء متحركة فهذا سيكون بمثابة تصادم مع ما تراه أعينهم ...
و لكنها أشارت الى مثل هذه الحقائق الكونية بصيغة لطيفة تستوعب جميع الأزمان ، فاحتملت في الأزمان السابقة أن يفسروها بتفسيرات تتناسب مع ما عندهم من معلومات ، و تحولت هذه الآيات القرآنية و ما تخبر به من حقائق كونية الى حجج دامغة في زمن العلوم و المعارف المتطورة ...
من غير المعقول أن تخاطب الآيات القرآنية أناسٌ عاشوا قبل قرون طويلة و تخبرهم صراحة ً بأن النجوم التي يرونها فوقهم في السماء متحركة فهذا سيكون بمثابة تصادم مع ما تراه أعينهم ...
و لكنها أشارت الى مثل هذه الحقائق الكونية بصيغة لطيفة تستوعب جميع الأزمان ، فاحتملت في الأزمان السابقة أن يفسروها بتفسيرات تتناسب مع ما عندهم من معلومات ، و تحولت هذه الآيات القرآنية و ما تخبر به من حقائق كونية الى حجج دامغة في زمن العلوم و المعارف المتطورة ...
* * *
و أما الدلالة و السر الرابع للقسم بمواقع النجوم فهي الإشارة الى أن أبعاد النجوم بالنسبة الى بعضها البعض مدروسة بعناية فائقة ، و ذلك لأن بين النجوم قوى تجاذب ، و هذه القوى تتناسب تناسبا ًعكسيا ًمع مربع المسافة الفاصلة بين أي نجمين ، و لو أن النجوم تغيرت عن أوضاعها الحالية لاختل توازن الكون ، و لارتطمت جميع النجوم ببعضها البعض ، و أصبح الكون كتلة واحدة ، و عن هذه الحقيقة يقول الله عز و جل في سورة فاطر : (( إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا )) ، فمعنى الزوال هنا ليس الفناء ، و انما الخروج عن المسار ، فالأرض اذا اقتربت من الشمس زادت من سرعتها حتى لا تنجذب الى الشمس ، و هذه الزيادة تولد قوة نابذة تكافىء القوة الجاذبة ، فتبقى في مسارها ...
* * *
فسبحان الله العظيم خالق كل شيء ، و منزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين نذيرا ً ...
تعليق