إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدعوة للحملة الصليبية الأولى.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [شرح] الدعوة للحملة الصليبية الأولى.




    تولى الكرسي البابوي في سنة (480هـ) 1088م رجل من الرجال المهمين في الكنيسة الغربية، وكان لولايته الأثر في تغيير عدة صفحات متتالية من التاريخ، بل ولعل الآثار التي أحدثها هذا الرجل ما زالت موجودة إلى الآن. وهذا الرجل هو أوربان الثاني الذي تولى الكرسي البابوي في روما إحدى عشرة سنة، وذلك من سنة (480هـ) 1088 إلى سنة (492هـ) 1099م، وكان هو الآخذ لقرار الحروب الصليبية على المشرق الإسلامي[1].

    وكان أوربان الثاني رجلاً ذكيًّا سياسيًّا لبقًا، وكان خطيبًا مفوَّهًا، وكان أيضًا جريئًا حاسمًا، وكان مطلعًا على أحوال العالم المعاصر له، وفوق كل ذلك كان يُكِنُّ حقدًا كبيرًا على المسلمين، سواء في بلاد المشرق حيث يحكمون أرض المسيح عليه السلام، أو في الأندلس حيث يحكمون قطعة أوربية مهمَّة على مدار أربعة قرون متتالية حتى زمان تولِّيه البابوية. ثم إنه كان رجلاً ذا طموح كبير، وأحلام واسعة بأن يكون هو الزعيم الأكبر والأوحد للمسيحيين جميعًا في العالم، وذلك بتوحيد الكنيستين الغربية والشرقية؛ استكمالاً لجهود البابا الذي سبقه وهو جريجوري السابع[2].

    وكانت العلاقات كما ذكرنا قبل ذلك قد تحسنت نسبيًّا بين البابا السابق جريجوري السابع والإمبراطور البيزنطي ألكسيوس كومنين، ولقد طلب هذا الأخير المساعدة قبل ذلك من جريجوري السابع لنصرته ضد السلاجقة المسلمين، ولكن حركة جريجوري السابع لم تكن بالقوة المناسبة، ومن ثَمَّ فلم يكن هناك تحرك يُذكر لمساعدة البيزنطيين[3].

    غير أن الإمبراطور البيزنطي كرَّر المحاولة مرة ثانية، وأرسل وفدًا جديدًا إلى إيطاليا في مارس سنة (487هـ) 1095م لمقابلة البابا أوربان الثاني، وتجديد طلب المساعدة منه[4].

    فكر البابا أوربان الثاني في الأمر، ووجد أنه لو استجاب لطلب الإمبراطور البيزنطي، وعلى نطاق واسع، فسوف يحقِّق عدة أهداف في غاية الأهمية، وفي ضربة واحدة.

    فهو أولاً: سيعيد إبراز دور الكنيسة في حياة الأوربيين، حيث سيحمل البابا من جديد دعوة تهمُّ كل الشعوب الأوربية، وهي دعوة ستحمل بين طياتها الغفران الذي يبحث عنه الناس آنذاك بين يدي البابا[5].

    وثانيًا: سيقوم البابا بحملة عسكرية تشمل التنسيق بين ممالك وإمارات أوربا المختلفة، وسيحتفظ بالقيادة في يده، فهو بذلك سيستعيد سلطان الكنيسة العسكري والسياسي على كامل أوربا؛ وحيث إن القضية ذات طابع ديني، فالذي سيرفض قد يعاقب بالحرمان، وسحب الثقة، وقد يؤدِّي ذلك إلى زلزلة عرشه، وبالتالي يصبح البابا هو الشخصية الأولى في أوربا سياسيًّا كما هو دينيًّا[6].

    وثالثًا: لن يتحسن وضع البابا دينيًّا وسياسيًّا فقط، بل سيتحسن اقتصاديًّا أيضًا، فالبلاد التي ستفتح ستدر أموالاً كثيرة، والأوربيون الذين لن يستطيعوا المشاركة سيدفعون للكنيسة الأموال؛ تكفيرًا عن امتناعهم عن الذهاب لفلسطين.

    ورابعًا: الثروات التي ستأتي من فلسطينوالشام، ستحل المشاكل الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها أوربا؛ وبذلك ستستقر الأوضاع المضطربة في أوربا[7].

    وخامسًا: ستنصرف طاقات أوربا العسكرية إلى حرب خارجية يُبرِزون فيها قدراتهم ويستنزفون فيها رغباتهم العنيفة، وذلك بدلاً من التصارع الداخلي بين الإمارات والإقطاعيات[8].

    سادسًا: ستشن أوربا الصليبية حربًا على العدو التقليدي لهم وهم المسلمون، وهي حرب في نظر البابا لا نهاية لها، ولن يرضى من المسلمين بشيء إلا بتغيير الدين.

    سابعًا: سيقوم البابا بذلك بنجدة آلاف الفقراء الذين يموتون في أوربا سنويًّا نتيجة الجوع والمرض والبرد، وسيشعر الجميع بذلك بالرضا نحوه.

    وثامنًا: ستتاح للبابا الكاثوليكي الفرصة الذهبية ليضم الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية إلى كنيسته الكاثوليكية، وذلك تحت سيطرته هو، فهو الذي جاء من أقصى البلاد لينقذ النصارى الشرقيين من المسلمين.

    وتاسعًا: سيحقِّق حُلمًا عاطفيًّا دينيًّا قديمًا، بالسيطرة على الأرض التي وُلد فيها المسيح وعاش[9].

    وعاشرًا وأخيرًا: قد لا تتكرر بعدُ ذلك الفرصة المناسبة التي تبرر للشعوب هذه الحروب الضخمة والتضحيات الهائلة، فالآن النصارى الشرقيون يستغيثون[10]، ومن ثَمَّ فهناك مسوّغ أن تنفق الأموال، وتُزهَق الأرواح لنجدتهم، وستصبح صورة الحرب نبيلة، وستسكت الشعوب الأوربية عن مساءلة البابا عن الثمن الباهظ الذي سيدفعه في هذه الحروب، بينما لو كان المبرر للقتال ليس واضحًا فقد يَفْقد البابا عرشه إذا خسرت أوربا كثيرًا في حربها، وذلك مثلما حدث مع رومانوس الرابع إمبراطور الدولة البيزنطية، الذي خُلع من منصبه بعد الهزيمة الساحقة من السلاجقة في موقعة ملاذكرد[11]. فالبابا سيحقق كل المكاسب باستغلال هذه الفرصة، ولن يخسر شيئًا لو حدث مكروه للجيوش؛ لأنه في النهاية يحارب من أجل أهداف نبيلة فيما يبدو للناس.

    فتلك عشرة كاملة!!

    ومن هنا فإن البابا تحمَّس كثيرًا للطلب الذي طلبه الوفد البيزنطي الأرثوذكسي، بل إنه جعل الوفد يقابل المجمع الكنسي المجتمع في إيطاليا آنذاك؛ ليعرض صورة الوضع في الشرق، وذلك يكون أبلغ في التأثير في القساوسة، وينفي عن البابا شبهة التخطيط المنفرد للحملة ودون سبب واضح. وقد تحمس الحضور للفكرة، وتكلم البابا مؤيدًا لكلام الوفد البيزنطي، وقرر أن يُعِدَّ العدة لأخذ التدابير اللازمة لغزو الشرق الإسلامي.

    ماذا فعل البابا؟!

    لقد قرَّر أن يعقد مجلسًا كنسيًّا كبيرًا يضم القساوسة من أطراف أوربا الغربية، وذلك لبحث أحوال الكنيسة المتردية، ثم في نهاية هذا المجلس الكنسي يعقد مؤتمرًا موسعًا يدعو إليه أمراء الإقطاعيات المختلفة، وكذلك الملوك إن أمكن، بل ويدعو إليه عامَّة الشعب؛ ليصبح مؤتمرًا جماهيريًّا مؤثرًا، وفي هذا المؤتمر سيدعو إلى التوجُّه عسكريًّا إلى فلسطين.

    ولكن بقي السؤال: أين سيعقد هذا المؤتمر الكبير؟

    كان البابا على خلاف مع معظم ملوك أوربا، وخاصةً هنري الرابع ملك ألمانيا، ولكنه كان على علاقة طيبة مع أمراء الإقطاعيات، وخاصةً في فرنسا؛ ولذلك قرر البابا أن يستفيد من علاقاته هذه مع الأمراء في فرنسا فيعقد المؤتمر هناك[12]، وخاصةً أن الكثافة السكانية في فرنسا كبيرة، إضافةً إلى المجاعة الكبيرة التي ضربت شمال فرنسا وشرقه في السنوات العشر الأخيرة، مما أثَّر في الظروف الاقتصادية، وبالتالي سيكون قبولهم لفكرة الحروب ضد الشرق الإسلامي فكرة مقبولة لإخراجهم من أزماتهم الكثيرة[13].

    ومن ثَمَّ قرر البابا أن يعقد مؤتمره الجامع في مدينة كليرمون[14] الفرنسية وذلك في (488هـ) 27 من نوفمبر سنة 1095م (خريطة 9)، وقد آثر أن يكون الوقت متأخرًا نسبيًّا؛ ليكون هناك فرصة لتبليغ الدعوة في أطراف فرنسا، وليحضر أكبر عدد من الفرنسيين. كما آثر ألا يكون المؤتمر في باريس؛ لكي لا يصطدم مع فيليب الأول ملك فرنسا، الذي كان على خلاف مع البابا، وأيضًا على خلاف مع أمراء الإقطاعيات الذين يعتمد عليهم البابا في مهمته.

    كان البرد شديدًا في ذلك اليوم، ومع ذلك فقد لبَّت جموع هائلة دعوة البابا، واجتمعوا في أحد الحقول الفسيحة في كليرمون، بل وامتلأت القرى والمدن المجاورة لكليرمون بالقادمين من كل مكان لسماع الخطبة المهمة التي كان البابا يرتِّب لها منذ سبعة أشهر كاملة[15].

    خطب البابا خطبة طويلة عصماء، وكان بليغًا مفوهًا، وصبرت الجموع في البرد الشديد، بل وتفاعلت تفاعلاً كبيرًا مع كلمات البابا، الذي ضرب على أكثر من وتر في خطبته؛ وذلك ليؤثِّر في كل الحضور على اختلاف نوعياتهم وظروفهم وأهدافهم.

    وقد جاءت خطبة البابا في أكثر من رواية من الروايات الأوربية التي صوَّرت الحدث، واستخدم فيها أكثر من وسيلة لإقناع الحضور بضرورة التوجه إلى فلسطين لنجدة النصارى الشرقيين، ولحماية الحجاج المسيحيين الذين يعانون - كما يصور البابا - من ظلم وبطش الكفار (وهو يقصد المسلمين) [16].

    وكان من المؤثرات التي استخدمها البابا في خطبته أنه لا يتكلم في هذه الخطبة نيابة عن نفسه، وإنما يتكلم نيابة عن المسيح عليه السلام نفسه، فقال مثلاً: "ومن ثَمَّ فإنني لست أنا، ولكن الرب هو الذي يحثكم باعتباركم وزراء المسيح أن تحضوا الناس من شتى الطبقات"[17]. واستخدم فيها نصًّا من إنجيل لوقا فيه: "ومن لا يحمل صليبه، ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا"[18].

    وكان من المؤثرات أيضًا أنه وعد المشاركين في الحملة بالغفران، وهو مطلب جماهيري في ذلك الوقت، خاصةً مع شعور الناس أن الدنيا ستفنى قريبًا كما وضحنا قبل ذلك، وكان من كلام البابا في هذه النقطة أنه قال: "إني أخاطب الحاضرين، وأعلن لأولئك الغائبين، فضلاً عن أن المسيح يأمر بهذا، أنه سوف يتم غفران ذنوب كل أولئك الذاهبين إلى هناك، إذا ما انتهت حياتهم بأغلالها الدنيوية، سواء في مسيرتهم على الأرض، أو أثناء عبورهم البحر، أو في خضم قتالهم ضد الوثنيين (يقصد المسلمين)، وهذا الغفران أمنحه لكل من يذهب بمقتضى السلطة التي أعطاني الرب إياها". وهو في هذا المقام يقول للجميع أنكم في كل الأحوال محققون للفائدة والخير، فحتى لو وصل الأمر لحدِّ الموت، فإن المشارك سيموت وهو مغفور الذنب[19].

    وكان من المؤثرات أيضًا أنه استفاض في تصوير مدى الألم والمعاناة التي يشعر بها الحجاج النصارى في فلسطين، وهذا كله من الكذب والزور، ولكنه صوَّر القضية كقضية إنسانية مؤثرة[20].

    وكان من المؤثرات أيضًا أنه لوَّح بوضوح بالثراء الذي عليه بلاد الشرق، بل إنه ذكر لهم ما جاء في الإنجيل عن أرض فلسطين حيث قال: "ووهبنا هذه الأراضي التي تفيض لبنًا وعسلاً"[21]. يقصد فلسطين، وبذلك حرَّك عواطف الفقراء والأمراء معًا؛ فالفقير يبحث عن الحياة، والأمير يبحث عن التوسع والتملك.

    وكان من المؤثرات أيضًا أنه نبَّه الفرسان إلى وجود ميدان خصب لاستعراض قوتهم، وإبراز كفاءتهم بدلاً من التصارع معًا، وإخلال الأمن في داخل أوربا.

    وكان من المؤثرات أيضًا امتداح شجاعة الفرنسيين وقدراتهم القتالية، وأيضًا امتداح تاريخ أسلافهم، وتحميلهم تبعات سيادة أوربا وريادتها[22].

    وكان من المؤثرات أيضًا جذب المديون بوضع الدَّين عنه إذا شارك في القتال أو تقسيطه على فترات طويلة، وإعفاء أملاك الملاَّك من الضرائب أثناء القتال[23]، وإعفاء المجرمين من العقاب على جرائمهم إنْ هم شاركوا في الحملة[24].

    ولقد صاغ البابا أوربان الثاني كل هذه المؤثرات بأسلوب بديع، وكلمات مؤثرة، وحجج مقنعة حتى دخلت كلماته قلوب كل الحضور، وأشعلت - رغم البرد الشديد - حماسة كل السامعين، حتى إنه بمجرد الانتهاء من كلمته استجاب الحضور استجابة هائلة، وقاموا يطلقون صيحة واحدة، يقولون فيها: "الرب يريدها" Deus lo volt، وهي الصيحة التي صارت شعارًا للحرب بعد ذلك[25].
    يتبع...
    التعديل الأخير تم بواسطة khadeja; الساعة 08-06-2013, 02:34 AM.


  • #2
    رد: الدعوة للحملة الصليبية الأولى.

    ومن الجدير بالذكر أن البابا أوربان الثاني نفسه لم يكن يتوقع هذه الاستجابة الهائلة من الناس، بل إن هذه الاستجابة الضخمة أقلقته؛ لأنه كان يريد الاعتماد على الفرق النظامية والجيوش المدربة وليس العوام من الناس، ولكن العامَّة وجدوها فرصة للهروب من أزماتهم ومشاكلهم وديونهم وجوعهم ومرضهم، وبالتالي لم يكن هناك فرصة للتراجع[26].
    لقد كانت ثورة حقيقية في فرنسا، ومنها انتقلت إلى كل غرب أوربا[27]. وفي هذا المؤتمر أعلن البابا أوربان الثاني أنه على كل من قرَّر الخروج إلى هذه الحملة أن يحيك صليبًا من قماش أحمر ليضعه على كتفه؛ إشارةً إلى دينيَّة الحملة، ونبل المقصد[28].
    غير أن البابا لم يكتف بالحماسة الطاغية في المؤتمر، إنما أتبع ذلك بخطة عمل محكمة تضمن استمرارية الحماسة، وقوة التفاعل؛ ولذلك فقد قام البابا بعدة خطوات مؤثرة، كان منها ما يلي:
    أولاً: الحرص على وجود الغطاء الكنسيّ، والهيمنة البابوية على الحملة من بدايتها الأولى؛ ولذلك عيَّن في يوم مؤتمر كليرمون الأسقف أديمار دي مونتي أسقف لوبويLePuy قائدًا عامًّا رُوحيًّا للحملة، وكان بمنزلة نائب البابا في هذه الرحلة[29].
    ثانيًا: تواصل البابا مع كل المجامع الدينية في أوربا الغربية؛ ليأخذوا على عاتقهم مهمة تحميس الناس في مدنهم وقراهم، وبذلك تنتشر الدعوة إلى الحرب في كل مكان[30].
    ثالثًا: قام البابا بتكليف أحد رهبان اميان، وكان يُدعى بطرس الناسك، بالقيام بجولات مكثفة في أوربا لتحميس الناس، وجمع المقاتلين لغزو فلسطين، وكان بطرس الناسك هذا رجلاً موهوبًا في الخطابة، وكان يلبس الملابس الرَّثَّة، ويمشي حافي القدمين، ويركب حمارًا أعرجَ، فأخذ القضية بمنتهى الجدية، وبدأ في التجول في أنحاء فرنسا، وخاصةً في الشمال الشرقي منها، وكان له فعل السحر في الناس[31]، فكانوا يتبعونه بالعشرات والمئات والآلاف، واستطاع في غضون شهور قليلة أن يجمع خمسة عشر ألف رجل، غير نسائهم وأطفالهم[32]، وكان جُلُّ من انضم إليه من عوام الناس الفقراء، ومن المجرمين الخارجين على القانون، كما انضم إليه عدد قليل من الفرسان وأمراء الإقطاعيات. وعُرفت المجموعة التي كوَّنها بطرس الناسك بحملة الرعاع أو حملة العامة؛ لأنها لم تكن لها صبغة الجيش أو الميليشيات، إنما كانت عبارة عن مجموعات ضخمة من العوام غير المنظمين[33].
    وكما قام بطرس الناسك بجولته هذه، قام راهب آخر يدعى (والتر) ويلقَّب بالمفلس، واستطاع هو الآخر أن يجمع عددًا كبيرًا من المتطوعين الراغبين في الذهاب مع الحملة[34].
    رابعًا: لم يشأ البابا أن يترك الأمور هكذا مفتوحة دون تحديد حتى لا يطول أمد التجميع والتجهيز، فحدَّد موعدًا معينًا ومكانًا معينًا لاجتماع الجيوش والفرق من شتى البلدان؛ فأما الموعد فكان (23 شعبان سنة 489هـ) 15 من أغسطس سنة 1096م، وأما المكان فكان في القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، وكان هذا الموعد متأخرًا ليأخذ الفرصة لجمع الجيوش، وكذلك لتجميع المحاصيل في أول الربيع[35]، ثم تتحرك الجيوش مباشرة حيث ستقضي في الطريق ثلاثة أشهر تقريبًا. وكان المكان المختار للتجمع هو القسطنطينية؛ لأنها آخر محطة تقريبًا قبل دخول الأراضي الإسلامية في آسيا الصغرى، حيث كان من المخطط أن يحارب الصليبيون السلاجقة هناك ثم في الشام، وذلك قبل الانتقال إلى الهدف الأخير وهو فلسطين، وخاصةً بيت المقدس. ومن جانب آخر فإنه كان لا بد من لقاء الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس كومنين؛ وذلك لترتيب سبل التعاون معه لتسهيل أمور الحملة الصليبية.
    خامسًا: قام البابا بعدة مراسلات مع ملوك وأمراء أوربا ليحثهم على الخروج معه في الحملة، ولم يحقق في هذا المجال نجاحًا يُذكر مع الملوك، ولكن حقق نجاحًا كبيرًا مع الأمراء، وعلى رأس هؤلاء الأمراء ريمون الرابعكونت تولوزوبروفانس، وهو من الأمراء الكبار الذي كان مهتمًّا جدًّا بحرب المسلمين، حيث حاربهم قبل ذلك في الأندلس، كما ذهب أيضًا للحج في بيت المقدس[36]، وكان يرى في نفسه الكفاءة لقيادة الجيوش بكاملها، واستغل البابا حماسته هذه وعقد معه عدة اجتماعات، بل صحبه في مجمع نيم في يوليو 1096م[37]؛ وذلك لتحميس أكبر عدد من الناس للمشاركة في الحملة.
    وغير ريمون الرابع فقد استجاب عدد آخر من الأمراء، وسيأتي تفصيل ذكرهم عند الحديث عن تقسيم الجيوش الصليبية إلى مجموعات قبل الخروج.
    سادسًا: لم يكتف البابا بمراسلة الملوك والأمراء فقط، بل راسل أيضًا العسكريين والاقتصاديين في ميناء جنوة الإيطالي للمساعدة بأسطول بحري يسهِّل مهمة الحملة الصليبية، وقد استجاب الجنويون لنداء البابا، وأعدوا اثنتي عشرة سفينة بحرية، وناقلة كبيرة للجنود، وذلك في مقابل امتيازات كبيرة في بلاد الشام عند احتلالها[38].
    سابعًا: لم يقتصر البابا على المراسلات المكثفة التي أرسلها لكل رءوس الدول والإمارات، إنما أخذ يتجول بنفسه في مدن كثيرة وقرى عديدة، داعيًا لنفس المهمة، فعقد مجمعًا في ليموج Limoges في ديسمبر 1095م بعد المؤتمر الأول بأقل من شهر، ثم في عام 1096م قام بعدَّة جولات في أنجرزومانوتورزوبواتييهوبوردووتولوزونيم، وهذا كان في الفترة من يناير إلى يوليو 1096م[39].
    وقد أسفرت هذه الجهود عن تجميع عدد كبير من الجنود جُلُّهم من فرنسا، وإن كان هناك جنود جاءوا كذلك من إيطالياوإنجلترا وإسبانيا، بل ومن بعض البلاد البعيدة مثل إسكتلنداوالدنمارك[40].
    يتبع...
    التعديل الأخير تم بواسطة khadeja; الساعة 08-06-2013, 02:28 AM.

    تعليق


    • #3
      رد: الدعوة للحملة الصليبية الأولى.

      ثامنًا: هدَّد البابا بأن كل من يقرِّر المشاركة ويحمل شارة الصليب ثم يتخلف عن الخروج فإنه سيعاقب بعقوبة الحرمان[41]؛ وقد فعل ذلك لكي يتجنب خطورة الحماسة الطارئة التي ما تلبث أن تفتر، فيجد أن الأعداد الكبيرة لم تصبر معه على الخروج مما ينذر بخطر كبير. وهو بذلك التهديد قد ضمن أن كل من عرض الخروج سيخرج؛ وبذلك يستطيع أن يبني حساباته على أرقام صحيحة.
      لقد كان جهدًا كبيرًا ومنظمًا بذل فيه الكثير من الوقت والفكر والمال، وجمعت فيه جهود أوربا الغربية في قضية واحدة، وهذا لم يحدث منذ عدة قرون، ومنذ سقوط الإمبراطورية الرومانية القديمة.
      بعد ذلك الاستعراض لخلفية أوربا التاريخية، ولخلفية البابا الفكرية، وللجهود التي بذلت، وللجموع التي استجابت للدعوة نستطيع أن ندرك البواعث الحقيقية لهذه الحملة الصليبية.
      إن كثيرًا من المؤرخين يجعل الباعث وراء الحملة الصليبية سببًا معينًا واحدًا أو رئيسيًّا، وينكر ما دونه من أسباب ودوافع، وهذا ينافي الواقع الذي رأيناه، وينافي خروج هذا الشتات من الناس، حيث يمثِّلون عدة طبقات من المجتمع الأوربي، وعدة بلاد مختلفة، وعدة أمراء وزعماء، وعدة لغات ولهجات، وعدة مستويات اجتماعية.
      إن هذا التنوع العجيب يثبت - بما لا يدع مجالاً للشك - أنه ليس هناك دافع واحد جمع كل هذا الشتات، إنما كانت الدوافع مختلفة، والبواعث متعددة، وأفلح البابا أوربان الثاني في الضرب على كل وتر؛ حتى يقنع الجميع بالخروج في رحلة واحدة وهدف واحد.
      ونستطيع بملاحظة تاريخ أوربا قبل الحملة الصليبية، وبملاحظة طرق التحميس، وبملاحظة خط سير الحملة، والمواقف التي تمت في رحلة الذهاب إلى أرض الشام، ثم بملاحظة الأحداث التي رأيناها أثناء الحروب الفعلية في آسيا الصغرىوالشاموفلسطين، نستطيع بملاحظة كل هذه الأمور أن نحدِّد البواعث التي دفعت هذه الجموع المختلفة أن تجتمع للخروج في الحملة الصليبية، وهذه البواعث تضم ما يلي:
      أولاً: الباعث الديني:
      وهذا الباعث يشكِّل أحد الدعامات الرئيسية لهذه الحملة، وإن لم يكن كما ذكرنا الدافع الوحيد، ونحن نعلم من القرآن الكريم، وكذلك من السُّنَّة المطهرة أن الحرب أبدية بين الإسلام ومن يرفضه، ولن يقنع الكثير من الناس بالتعايش السلمي مع الإسلام حتى لو مدَّ الإسلام يده بالتصافح والتحابِّ؛ لذلك فليس مستغربًا أن يسعى البابا أوربان الثاني لحرب المسلمين حتى دون وجود مبررات معينة تدفع لهذه الحرب، فهم مسلمون وهذا في حدِّ ذاته يكفي أن يكون سببًا في حربهم. وقد تكررت في كلماته ألفاظ توحي بعدم اعترافه بالإسلام أصلاً، كإطلاق لفظ الكفار أو الوثنيين على المسلمين، وعلى ذلك فالدافع الديني واضح عند البابا، ولا شك أنه واضح أيضًا عند بعض القساوسة والرهبان، كما أنه واضح أيضًا عند بعض الأمراء والقوَّاد.
      وفوق كل ذلك فالهدف الديني هو الهدف المعلن للحملة، وإنقاذ الدولة البيزنطية من المسلمين كان السبب المتداول بين الناس، إضافةً إلى ادِّعاء البابا أن المسلمين يضطهدون الحجاج المسيحيين، وإن كان واضحًا أن هذا الادِّعاء ما ذكر إلا للاستهلاك المحلي في أوربا فقط[42]، ولتحميس الجيوش والشعوب النصرانية؛ لأنه لم يثبت أبدًا أن المسلمين اضطهدوا الحجاج النصارى، وقد ذكر أحد كبار المؤرخين الأوربيين وهوغيورغيفاسيلييف أن المسيحيين بوجه عام تمتعوا بقسط وافر من الحرية الدينية وغير الدينية في ظل الحكم الإسلامي، فلم يسمح لهم فقط بالاحتفاظ بكنائسهم القديمة، وإنما سمح لهم أيضًا بتشييد كنائس وأديرة جديدة، جمعوا في مكتباتها كتبًا دينية متنوعة في اللاهوت[43]. ويقول تومبسون - وهو مؤرخ -: "إن المسيحيين الذين خضعوا لحكم السلاجقة صاروا أسعد حالاً من إخوانهم الذين عاشوا في قلب الإمبراطورية البيزنطية ذاتها"[44].
      بل إن كلام بطريرك القدسثيودسيوس شخصيًّا في إحدى رسائله إلى بطريرك القسطنطينية سنة (255هـ) 869م امتدح المسلمين، وأثنى على قلوبهم الرحيمة، وتسامحهم المطلق، حتى إنهم سمحوا للمسيحيين ببناء مزيد من الكنائس دون أي تدخل في شئونهم الخاصة، وقد ذكر بطريرك القدس في رسالة حقيقية مهمة حين قال: "إن المسلمين قوم عادلون، ونحن لا نلقى منهم أي أذى أو تعنت"[45].
      هذه الكلمات والشهادات وغيرها تثبت - بما لا يدع مجالاً للشك - أن كلام البابا أوربان الثاني عن اضطهاد المسلمين للحجاج المسيحيين ما هو إلا فِرْية لا أصل لها، وتغطية مكشوفة على الدوافع الحقيقية وراء هذه الحملة العنيفة.
      وفوق هذا فإننا لم نَرَ في سلوك المحاربين في هذه المعارك - سواء في رحلتهم إلى بيت المقدس أو في أثناء حروبهم - أيَّ علامات للزهد أو الورع الذي يتصف به المتدينون، بل كانوا في غاية السفاهة والحمق، وبلغوا الذروة في الشر والإجرام، بل إنهم لم يتصفوا بذلك فقط عند تعاملهم مع المسلمين، بل كذلك عند تعاملهم مع النصارى الشرقيين، وسنرى طرفًا من هذا السلوك المقيت في أكثر من موضع من مواضع هذه القصة، سواء مع نصارى المجروالنمساوبلغاريا أو مع نصارى القسطنطينية ذاتها، التي زعموا أنهم جاءوا لإنقاذها[46]!
      إذن كان الباعث الديني موجودًا، ولكنه ليس هو الدافع الوحيد، بل لا ينبغي أن يُضخَّم كثيرًا؛ فعموم الحملة الصليبية لم يكن يعنيهم الدين لا من قريب ولا من بعيد، وإن كانوا جميعًا يضعون شارة الصليب على أكتافهم، ويدَّعون أنهم يريدون المغفرة!!
      ثانيًا: الباعث الاقتصادي:
      وهذا الباعث أيضًا من أهم البواعث في هذه الحملة الصليبية، فالجموع الهائلة من العامة خرجت لإحباطها التام من الحصول على أي قسط من رغد الحياة في أوربا، فخرجوا يبحثون عنها في فلسطين، وهم لن يخسروا شيئًا، فحتى الموت أفضل من حالتهم البائسة تحت نير الإقطاعيين والملوك[47].
      والأمراء الإقطاعيون ما خرجوا إلا بغية الثراء والتملك، وقد كانت الحرب في فلسطين فرصة للكثيرين من أمراء أوربا لتحقيق طموحات استحال عليهم تحقيقها في أوربا؛ لأن القانون الأوربي آنذاك كان يمنع تقسيم الميراث على كل الأبناء، بل كانت تنتقل الإقطاعية بكاملها إلى الابن الأكبر بعد وفاة الأب الأمير، وذلك حتى لا تتفتت الثروة وتقلُّ الأرض، وبالتالي تسقط الهيبة والكلمة[48]. وهذا الوضع خلق جيلاً من الأمراء لا أمل عندهم في التملُّك، فلما فتحت أمامهم أبواب الحرب في فلسطين سارعوا جميعًا للحصول على أي ملكية؛ لينافسوا بذلك إخوانهم الكبار.
      وكان هذا الباعث الاقتصادي واضحًا أيضًا عند تجَّار الموانئ الإيطالية، وأشهرها البندقيةوبيزاوجنوة، وكذلك تجَّار مرسيليا الفرنسية، وغيرهم من تجار أوربا؛ فقد رأى هؤلاء التجار أن الفرصة لتحقيق المصالح الذاتية لهم، ولو على حساب البابوية والكنيسة[49]، وكان تبادل المصالح واضحًا جدًّا بينهم وبين الكنيسة، فالصليبيون لن يستطيعوا الاستغناء أبدًا عن معونة الأساطيل البحرية، والتجار سوف يأخذون مقابلاً سخيًّا نظير هذه المعونة، وهذا المقابل كان عبارة عن امتيازات خاصة تُعطَى للجمهورية التي تساهم في هذه الحروب المتواصلة، ولم تكن الامتيازات تشمل فقط حرية التجارة في البلاد المفتوحة، بل كانوا يُعْطَون في كل مدينة تُفتح شارعًا وسوقًا وفندقًا به حمام ومخبزًا خاصًّا، وكان التنافس بين الجمهوريات الإيطالية في هذا المجال كبيرًا جدًّا، بل كان التصارع والتقاتل، وما لبثت مرسيليا أن سارت على نهجهم، وتنافست معهم، وأخذت امتيازات قوية في بيت المقدس ذاته[50].
      ولا يخفى على أحد أن النوايا الدينية لم تشغل أبدًا أذهان هؤلاء التجار الجشعين، وكانت كنوز الشرق وأراضيه هي الباعث الأكبر لهم على بذل كل الجهد لإنجاح الحملة الصليبية.
      يتبع...
      التعديل الأخير تم بواسطة khadeja; الساعة 08-06-2013, 02:27 AM.

      تعليق


      • #4
        رد: الدعوة للحملة الصليبية الأولى.

        ثالثًا: الباعث السياسي:
        وهذا الباعث الذي يهدف إلى توسيع النفوذ وقهر المنافسين، كان باعثًا رئيسيًّا عند البابا أوربان الثاني شخصيًّا، وكذلك عند ملوك أوربا، وهؤلاء الملوك لم يكن طموحهم يقف عند شيء، وكانت قوة كل ملك فيهم ترتبط بالمساحة التي يسيطر عليها، وهذا دفعهم بعد ذلك للمشاركة بقوة في الحملات الصليبية عندما شاهدوا النجاحات التي حققتها الحملة الأولى.
        كما أن ملوك أوربا كانوا يرون أن الدولة البيزنطية دخلت طورًا واضحًا من أطوار الضعف، ولو سقطت فإن هذا يعني فتح الباب الشرقي لأوربا لقوات المسلمين العسكرية، سواء من السلاجقة أو من غيرهم، وهذا قد يضعهم بين فكي كماشة، أي المسلمين القادمين من الشرق والمسلمين في أرض الأندلس؛ لذلك رأينا أنه برغم التباطُؤ الذي رأيناه من الملوك في بداية الحملات إلا أنهم تسارعوا بعد ذلك للمشاركة، بل ذهب بعضهم بنفسه إلى أرض فلسطين أو مصر على قيادة جيوشه.
        رابعًا: الباعث الاجتماعي:
        مرَّ بنا عند الحديث عن الحالة في أوربا قبيل الحروب الصليبية، الحالةُ المزرية التي كان يعيشها الفلاحون والعبيد في أوربا؛ ففضلاً عن قلة الأقوات وانعدام الطعام والشراب، كانت المعاملة في غاية السوء، ولم يكن لهم حقوق بالمرَّة، بل كانوا يباعون مع الأرض، ولا يسمح لهم بأي نوع من الملكية، والإنسان قد يصبر على الجوع أحيانًا لكن الامتهان النفسي والأذى المعنوي، قد يكون أشد ألمًا من الجوع والعطش؛ ولذلك رأى العوام الفلاحون في أوربا أن هذه فرصة لتغيير نظام حياتهم، والخروج المحتمل من قيود العبودية المذلَّة؛ ولذلك خرج الفلاحون بنسائهم وأولادهم، وحملوا معهم متاعهم القليل البسيط، لقد كان خروجًا بلا عودة، وتغييرًا كاملاً للأوضاع، وثورة حقيقية على حياة التعاسة والاستغلال؛ لذلك سنرى أثناء الأحداث أن هذه الجموع البائسة ما صبرت حتى تكتمل الجيوش وتنتظم، بل خرجت بمفردها مسرعة، وكأنها تهرب من أسرٍ طويل!
        ولقد شارك هؤلاء البائسين فريقٌ آخر من المجرمين والخارجين على القانون الذين كانوا يعانون أحكامًا قضائية أو مهددين بذلك، وقد وجدوا الخروج ليس فرصة للنجاة من الأحكام وحسب، ولكنه فرصة أيضًا لمزاولة السلب والنهب والقتل والاغتصاب كما اعتادوا ذلك في حياتهم؛ وهذا سيعطي الحملات الصليبية صبغة إجرامية لا يمكن تجاهلها أبدًا.
        كانت هذه هي البواعث التي من أجلها تحركت أوربا لغزو العالم الإسلامي، والسيطرة على أرضه ومقدراته وشعوبه.
        تُرى عن أي شيءٍ أسفرت هذه الجهود والإعدادات؟ وكيف كانت الصورة عندما خرجت أول الجموع إلى الشام؟ وماذا فعلت هذه الجيوش الكثيفة مع ملك القسطنطينية قبل أن تعبر إلى أراضي المسلمين؟ هذا ما سنعرفه في الفصل القادم بإذن الله.






        [1]محمد مؤنس: الحروب الصليبية العلاقات بين الشرق والغرب ص65،63.

        [2]محمد مؤنس: الحروب الصليبية العلاقات بين الشرق والغرب ص66.

        [3]Vasiliev: op. l, p. 358.

        [4]انظر نص الخطاب في: AOL, tom. ll, pp. 101-105
        وأيضًا انظر: قاسم عبده قاسم: الخلفية الأيدلوجية ص116،115، وعن حقيقة المساعدة العسكرية التي طلبها ألكسيوس من البابا انظر: Duncalf, "The Councils", pp. 227-228.

        [5]ول ديورانت: قصة الحضارة 15/16،15، وقاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية ص85،Chalandon: Hist. de la Premiere Croisade, p.p. 44 – 45.

        [6]Runciman: op. cit. 1, p.p. 108 – 109.

        [7]Michaud: op cit. Tome 1, p.p. 105 – 106.

        [8] Fulcher de Chartres, pp. 67; Baudri, pp. 14-15; Guibert le de Nogent, p. 11.

        [9] Fulcher de Chartres, pp. 65-66; Robert le Moin. pp.2-3.

        [10] Chalandon: Hist. de la Premiere Croisade. p.p. 37-41.

        [11] Vasiliev, op. cit., 1, p. 356.

        [12]قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية ص70.

        [13] انظر رواية روبير الراهب الذي كان من بين حضور مجمع كليرمون:
        Robert de Rheims, "Historia lherosolimitana", RHC, Occ., 111,pp.727-30.

        [14]تقع في جنوب فرنسا، على بُعد 330 كيلو مترًا تقريبًا من باريس.

        [15]H. Hagenmeyer, "Chronologi de la Premiere Croisade 1094-1100", ROL V1, p. 225.
        وعن الجولة التي قام بها البابا في الجنوب الفرنسي، وإعداده لمجمع كليرمون، انظر:
        Dunculf, "The Councils of piacenza and Clermont", in Setton, vol. 1, pp. 234-237.

        [16]Fulcher de Chartres, pp. 65-66; Robert le Moin. Pp.2-3.
        وأفضل دراسة لخطبة البابا في كليرمون قام بها مونرو، عن طريق مقارنة نصوص المؤرخين اللذين أوردوها، انظر:
        D.C.Munro, "The Speech of Pope Urban ll at Clemont", pp. 231-242.

        [17]Robert le Noin, p. 4: Baudri de Bourgueil, p.7: William of Tyre, vol. 1, p. 39.

        [18]إنجيل لوقا 14: 27.

        [19]Fulcher de Charts, pp. 61-63.

        [20] Chalandon: Hist. de la Premiere Croisade. p.p. 37-41.

        [21]Fulcher de Charts, pp. 65-66.

        [22] Fulcher de Chartres, p. 67; Baudri, pp. 14-15; Guibert de nogent, p. 11.

        [23]Mayer, The Crusades, pp. 41-42; Runciman, A Hist. 1, p. 109.

        [24] Thompson: op. cit., vol. 1, p. 302.

        [25] Robert le Moin, pp. 4-5; Fulcher de Charts, p. 68.

        [26] Riley – Smith op, cit, pp. 39-40.

        [27] قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية ص110، الحملة الصليبية الأولى نصوص ووثائق تاريخية ص17.

        [28] Mayer, The Crusades, pp. 41-42; Runciman, A Hist. 1, p. 109.

        [29] Cam. Med. Hist. vol. 5 p. 273.

        [30]Runciman, A Hist. of the Crusades, 1, pp. 108-109; Maver, The Crusades, pp. 42-43.

        [31] Grouset: Hist. des Croisades, 1, p. 50

        [32]Michaud: op. cit. Tome 1, p.p. 105-106.

        [33] عن حملة بطرس الناسك وأحداثها التفصيلية، انظر:
        Albert D`Aix, in Peters (ed.), The First Crusade, pp. 96-99; William of Tyre, 1, pp. 99-106; Chronique de Zimmern, A OL, ll, pp. 23-24; Anna Comnena, Alexiade, pp. 310-311; Runciman, A Hist. of the crusades, 1, pp. 123-127; Duncalf, "Clermont to Constantinople:, p. 260-262.

        [34]Vasiliv: op. cit., vol ll, p. 404.

        [35] قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية ص108.

        [36] Michel Le Syrien: (Rec. Hist. Cr Doc. Arm), 1. p. 372.

        [37] Cam. Med. Hist. vol. 5, p. 273.

        [38]Heyd. : Hist. du Commerce 1, p. 133; Setton: op. cit, 1, p. 252.

        [39] Hagenmeyer, "Chronologin", ROL, V1, pp. 224-225, p. 226,243; AOL, 1, pp. 109-110,116,119.

        [40] Runciman: op. cit. 1, p. 112.

        [41] Runciman: op. cit. 1, p.p. 108-109.

        [42]سعيد عاشور الحركة الصليبية 1/30.

        [43]Vasiliev: Byzantine Empire p.393.

        [44]Thomson: Economic& Social history of the middle age vol. 1.p.391.

        [45]Thomson: Economic& Social history of the middle age vol. 1.p.385.

        [46] William of Tyre, 1, p. 105-106, Hagenmeyer, "Chronologie", p. 243, 245-246; Anna Comnena, Alexiade, pp. 311

        [47] سعيد عاشور: الحركة الصليبية 1/36.

        [48]سعيد عاشور: أوربا في العصور الوسطى 2/263.

        [49]Heyd: Hist su commerce I, 132- 133.

        [50] سعيد عاشور:الحركة الصليبية ص33، 34.








        مأخوذ من كتاب قصّة الحُروب الصّليبيّة.

        د. راغب السرجاني.









        التعديل الأخير تم بواسطة khadeja; الساعة 08-06-2013, 02:27 AM.

        تعليق


        • #5
          رد: الدعوة للحملة الصليبية الأولى.

          بارك الله فيكم وجزاكم خيرا

          تعليق


          • #6
            رد: الدعوة للحملة الصليبية الأولى.

            ماشاء الله موضوع ممتاز
            بارك الله في الدكتور راغب السرجاني
            شكرا لك
            شاء من شاء وأبى من أبى لن نعيش إلا أحرار ولن نركع لغير الله ، وسنكسر الظالمين
            وسننتصر بإذن الله .. فهذا وعد الله

            أنَا هِنا حَيّ ( مبكية )

            تعليق

            يعمل...
            X