إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

    الدولة الرستمية
    (160-296هـ/ 777-909م)

    قامت
    الدولة الرستمية فى المغرب الأوسط(الجزائر

    وتنسب إلى مؤسسها
    "عبدالرحمن بن رستم"زعيم الخوارج الإباضية
    ،
    ومنذ خرج
    "الخوارج"على"على بن أبى طالب"
    -رضى الله عنه-
    وتسببوا فى قتله على يد الخارجى
    "عبد الرحمن بن ملجم"
    ،
    وهم يتبنون سياسة الخروج والثورة على الخلافة الإسلامية يكفِّرون
    من خالفهم من المسلمين،وتستبيح بعض فرقهم دماءهم!

    وكان
    الخوارج قد فروا فى مرحلة مبكرة من الأمويين بدمشق والشام
    إلى المغرب.وحاول الخوارج نشر مبادئهم هناك،وكانت الدولة العباسية
    كالدولة الأموية تحاول القضاء على الخوارج بسبب أفكارهم الغريبة ومعتقداتهم،واستقرعبد الرحمن بن رستم فى إقليم"تاهرت"
    بالمغرب الأوسط
    ،وقام بنشرمذهبه هناك حتى بويع بالإمامة سنة
    160هـ/777م،فأعلن قيام دولته التى صارت ملجأ لإباضية
    العراق
    وفارس وغيرهما،وهم أحد الفرق المعتدلة
    ؛
    حيث تتعايش مع خصومها وتعدل عن قتلهم.

    نجح عبد الرحمن بن رستم
    فى توطيد دعائم دولته خلال الفترة التى قدر له
    أن يحكمها(144-168هـ) وقد خلفه من بعده ابنه عبد الوهاب الذى بقى
    فى حكم
    الدولة الرستمية
    عشرين سنة،
    ثم
    "أفلح بن عبد الوهاب"
    الذى حكم أكثرمن خمسين عامًا(188-238هـ)،
    ثم تتابع فى حكم الدولة الرستمية خمسة من الأمراء،هم:
    أبوبكر بن أفلح
    ،
    و
    أبو اليقظان
    ،
    ف
    أبو حاتم
    ،
    ف
    يعقوب ابن أفلح
    ،
    ف
    اليقظان ابن أبى اليقظان
    آخر أمرائهم.

    وظل أتباع هذه الدولة يتصارعون ويختلفون حتى انقرضت
    الدولة الرستمية
    سنة 296هـ/ 909م،فى عهد اليقظان بن أبى اليقظان على يد داعى الفاطميين
    أبى عبد الله الشيعي
    .
    لقد كانت علاقة
    الدولة الرستمية متوترة مع الأغالبة الذين يمثلون الدولة العباسية
    ،
    ولكنهم كانوا على علاقة طيبة ب
    الأمويين فى الأندلس،وذلك لأن الأمويين كانوا يبادلون العباسيين
    الكراهية والعداء.
    وانتهت
    دولة الرستميين
    رغم ما تمتعت به من حياة سهلة رغيدة مدة من الزمان؛
    لأن الذى يخرج عن جسم الأمة لابد أن تحاصره النهاية.

    وكانت هنا دويلة أخرى قامت فى
    جنوب المغرب الأقصى إلى جانب
    دولة
    الأغالبة
    والأدارسة والدولة الرستيمة،إنها دولة سجلماسة(أوالدولة المدارية
    )
    فى جنوب المغرب الأقصى
    (140-296هـ/758-909م)

    وقد يتساءل البعض عَمْن أسسها؟
    وكيف كانت علاقة هذه الدولة بجيرانها؟

    لقد أسسها"موسى بن يزيد المكناسي"وهى دولة كالرستمية أسسها خوارج

    لكنهم على
    المذهب الصفري
    ،ولهذا توطدت العلاقات بين هذه الدولة والدولة
    الرستمية
    فى شتى المجالات،ومؤسسها سودانى بنى العاصمة "سجلماسة"
    ،
    وقد قضى
    الفاطميون عليها كما قضوا على غيرها.



    دولة الأدارسة
    (172-364هـ/789-975م)

    ذُكِرَ أنه فى أيام الخليفة الهادى قامت ثورة"علوية" فى الحجاز،
    وهى من تلك الثورات التى كان العلويون يشعلون نارها طوال خلافة العباسيين.
    وقامت قوات"الهادي"بالقضاء على هذه الثورة فى موقعة"فخ".
    ولكن بعض رءوس هذه الثورة وقادتها قد أفلتوا من أيدى العباسيين وهربوا
    إلى أماكن نائية بعيدًا عن أيديهم.
    وكان ممن هربوا عَلَوِى يسمى"إدريس بن عبد الله بن الحسن ابن على"
    -رضى الله عنه-.وراحت قوات العباسيين تطارده،
    عيونهم وجواسيسهم تبحث عنه،فظل ينتقل من قطرإلى قطرآخرحتى
    وصل إلى مصر.وفى مصرالتقى بصاحب البريد،وكان قلبه مع العلويين،
    فدبر لإخفائه،واحتال حتى أرسله إلى أبعد أجزاء الدولة حتى يكون فى مأمن
    من سطوة الخليفة.وكان له ما أراد فوصل إلى أقصى المغرب.
    وهناك أعلن أنه من سلالة النبى-صلى الله عليه وسلم-،
    فأسرع البربربالالتفاف حوله غيرأن جيش أنصارالخليفة العباسى
    تمكن من هزيمته،ولكن ابنه إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن على
    تمكن من جمع أهل المغرب من حوله،وما أسرع ما بايعوه،ولم يجد صعوبة
    فى قيادتهم والاستيلاء على الإقليم جميعه،والقضاء على أى أثرللنفوذ العباسى فيه، واتخذ عاصمته فى فاس،وأقام دولة هناك نُسبت إليه فعُرفت بدولة الأدارسة،
    وهى نموذج للدولة المعادية للدولة العباسية،
    وهى أول دولة شيعية تظهر فى التاريخ،
    على أنَّ تَشَيُّعَها لم يكن يتجاوز حب آل بيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-
    والولاء لهم،وهى صفة يشترك فيها السنة والشيعة معًا،وإن بالغ فيها أهل التشيع.

    فلم يكن تشيع هذه الدولة ينال من حقيقة الإسلام الصافية شيئًا.
    ولهذا أحبها أهل السنة وانتصرت بهم،وكانت القبائل البربرية السنية فى
    المغرب
    حاميتهم وعماد دولتهم،
    ولهذا أيضًا عاشت دولة الأدارسة نحوًا من قرنين من الزمان.

    لقد كانت "دولة الأدارسة" ضعيفة نسبيّا وذلك لسببين:
    أولهما:
    أنها كانت محصورة بين الصحراء والمحيط والأمويين فى الأندلس
    ثم الأغالبة فى إفريقية.

    ثانيهما:
    هو أنها كانت تعتمد على البربروهم متقلبون يؤيدونها اليوم بينما يثورون
    عليها غدًا.وكانت سياسة الدولة نفسها متقلبة تميل مع مصالحها لتضمن البقاء والاستمرار،فهى يومًا تميل مع الفاطمين،فتدعو لهم،وتعتمد عليهم،وعندما يهددها الأمويون فى الأندلس تميل معهم وتدعو لهم،وهذا يفسرلنا بوضوح سر
    ضعف دولة "الأدارسة".
    وأراك تسألنى عن نهايتها،
    وأقول:لقد كانت نهايتها كنهاية دولة"الأغالبة"فى تونس
    -التى سيأتى ذكرها-على يد الفاطميين سنة 364هـ/ 975م
    بعد أن عاشت ما يقرب من قرنين،وأدت دورًا حضاريّا رائعًا فى
    المغرب الإسلامي،إذ انتشر بهم الإسلام فى المغرب بين البربر،
    وأسّسوا جامع القرويين الذى كان منارة للثقافة الإسلامية،
    وكانت فى المغرب كالأزهر فى المشرق.


    دولة الأغالبة
    (184-296هـ/800-909م)

    هل تعلم أن نية العرب يوم فتحوا شمالى إفريقية كانت تتجه إلى توحيد
    إدارتها وإدارة الأندلس فى ولاية واحدة أسموها"إفريقية" وعاصمتها"القيروان"؟!
    ولكن موقف"البربر"المتقلب،والبعد عن الخلافة،ونفوذ الأمويين فى الأندلس،
    كل ذلك ساعد على قيام الدويلات،فقامت"دولة الأدارسة"فى المغرب
    كما عرفتَ،وحاول الرشيد أن يوقف نفوذهم وتقدمهم،فاختار صديقًا له يدعى
    "ابن الأغلب"وولاه على القيروان(تونس).وأفهمه أن مهمته الأولى هي:
    إيقاف"الأدارسة"عند حدهم.واستطاع إبراهيم بن الأغلب بعد أن وصل إلى
    "القيروان"أن يوقف زحف الأدراسة العلوية،وأن يقى الدولة العباسية شرغزوات
    البربروالإغارة على الأقاليم الشرقية للدولة،وحقق إبراهيم بن الأغلب للرشيد
    ما أراد.وكانت هذه الدويلة تمثل الدويلات ذات العلاقة الاسمية بالدولة العباسية
    بخلاف دولة الأدارسة التى كانت معادية للخلافة العباسية.لقد استطاع
    "إبراهيم بن الأغلب" أن يوقف الأدارسة.
    وبعد مناوشات بين الطرفين اقترحوا عليه ألا يعتدى أحد الطرفين على الآخر،
    وأن يبقى كل فى إقليمه،فقبل "ابن الأغلب".
    واستقل"إبراهيم بن الأغلب"بالإقليم،ولكنه ظل على علاقة بالخلافة العباسية،
    فهو يذكراسم الخليفة فى خطبة الجمعة،ويضع اسمه على العملة،
    ولكن فيما عدا هذين الأمرين فليس للخليفة العباسى أى نفوذ على دولة الأغالبة،
    فهم يتوارثونها أبًا عن جد،ويصرِّفون أمورها كما يشاءون دون رقيب.
    ولما قويت شوكة الأغالبة بدءوا التوسع،
    ولكن الأدارسة حدوا من توسعهم غربًا،
    و
    الصحراء حدتهم جنوبًا،
    والعباسيون شرقًا،
    فلم يبقَ لهم سوى الاتجاه شمالا حيث البحر!
    فهل توقف الأغالبة؟
    كلا، فها هم أولاء ينشئون أسطولا ضخمًا،يبنونه فى سنوات معدودات،
    ويبدءون جهادهم المبارك ضد الصليبيين بقيادة "أسد بن الفرات" فى البحر
    الأبيض المتوسط
    ،
    ترى إلى أين؟
    هاجموا جزيرة "صقلية" مرارًا على مدى ثمانين عامًا حتى استطاعوا القضاء
    على مقاومة الرومان من أهل الجزيرة وحكامها،وضموها لأراضى المسلمين،
    ثم استولوا على جزيرتى "مالطة" و"سردينيا" ونزلوا بعد ذلك فى كثيرمن السواحل الأوربية،وبخاصة سواحل إيطاليا الجنوبية والغربية،والسواحل الجنوبية لفرنسا.
    لقد عاشوا أكثر من قرن من الزمان يحكمون تونس وملحقاتها،
    ويحكمون صقلية،ويفرضون هيبتهم على الدول الأوربية.
    وقد استطاعوا فى بعض هذه السواحل إقامة حاميات وحصون دائمة،
    وإن لم يستطيعوا التوغل فى بعض هذه البلاد والاستيلاء عليها من أيدى أهلها.

    وقد يتساءل البعض:ما قيمة هذه الفتوح وهى ليست إلا بعض جزر،
    وبعض نقاط السواحل؟

    إنها فى حقيقة الأمرعلى جانب كبيرمن الأهمية،
    ذلك أن هذه الجزروالسواحل الضيقة كانت جسرًا عبرت عليه الحضارة
    الإسلامية إلى أوربا فى زمن كانت فيه أوربا فى ظلام حالك.
    كما أن السيطرة على هذه الجزر كان يؤمن التجارة الإسلامية فى
    غرب البحر المتوسط وكانت الثقافة الإسلامية الضوء الوحيد فى العالم
    الذى أنار وجه الأرض حينذاك.
    وعاشت دولة الأغالبة قرنًا وتسعة أعوام من سنة800م إلى سنة 909م،
    وازدهرت الحياة الاقتصادية والعمرانية فى تونس على عهدهم،
    ولعبت مساجدهم فى تونس دورًا كبيرًا فى دعم الحضارة الإسلامية،
    وكان جامع الزيتونة جامعة إسلامية عظيمة.
    وقد انتهت حياتها على يد الفاطميين يوم دخلوا القيروان فاتحين.


    الدولة الطاهرية
    (205-259هـ/821-873م)

    قامت هذه الدولة فى
    خراسان
    ،
    وقد أسسها
    طاهربن الحسين أحد كبار قواد الجيش فى عهد الخليفة المأمون
    .
    ولكن كيف يتسنى له أن يقيم دولة والدولة العباسية فى أول عهدها،
    وفى عصرالمأمون الذى يعد العصرالذهبى للدولة العباسية؟!
    إن لقيام هذه الدولة قصة،
    فقد كان ل
    إقليم خراسان وضع خاص فى الدولة العباسية
    منذ نشأتها،
    إذ كان هؤلاء
    الخراسانيون-كما علمتَ فى قيام الدولة العباسية-يشعرون بأنهم أصحاب فضل على الدولة العباسية،وبأن سيدهم"أبا مسلم الخراساني"هو المؤسس الأكبرلهذه الدولة،ورغم ذلك لم يحسن العباسيون جزاءهم حين قتل المنصورأبا مسلم
    .
    والواقع أن
    الخلافة العباسية كانت تتجاوز كثيرًا عن الخراسانيين،وتحاول إرضاءهم؛ اعترافًا بفضلهم على الدولة.وفى عصرالمأمون،كان طاهربن الحسين وابنه عبد الله
    من كبار رجال الدولة وخيرة قادتها فى ذلك الوقت؛الذى بدأ فيه الصراع بين
    الأمين والمأمون
    .
    ولقد وقف
    طاهربن الحسين إلى جوارالمأمون
    فى كثيرمن المواقف الحرجة
    حتى تمكن من الخلافة.ولم يمرَّإلا عامان حتى أقدم
    "طاهر بن الحسين"
    على خطوة جريئة فى سنة 207هـ/ 823م.
    أتدرى ما هي؟

    لقد قطع الدعاء فى الخطبة للمأمون
    ،
    وكان قطع الدعاء يعنى الاستقلال عن الخلافة.
    ولكن يشاء الله أن يموت طاهر
    فى العام نفسه،
    ترى هل تعودالدولة الطاهريةإلىالدولة العباسية
    بعد موت مؤسسها؟

    لقد تولى ابنه طلحة بعد أبيه بأمرمن الخليفة المأمون،وظل الطاهريون يحكمون خراسان،ولكنهم يتبعون"الدولة العباسية"تبعية اسمية مما جعل الخلافة العباسية
    تلجأ إلى الطاهريين
    ،تلتمس منهم المؤازرة والمساندة ضد الخارجين على سلطانهم.
    لقد حارب
    عبدُالله بن طاهرنصرَبن شبث حين قام بثورة فى شمال حلب سنة 209هـ، وأتى به أسيرًا إلى المأمون.وظل الطاهريون على ولائهم للعباسيين
    حيث اشترك
    عبد الله بن طاهرفى إخماد فتنة وقعت فى عهد المعتصم بطبرستان،وهكذا استقل الطاهريون استقلالا داخليا هادئًا فى خراسان،وظلوا يتولون أمرها،ويتوارثون الإمارة فيها،ولم يمنعهم استقلالهم من مساندة الخلافة العباسية
    ،
    ومساعدتها فى كل ما واجهته من فتن وثورات.
    ولكن عندما جاءت سنة 259هـ/ 873م،
    استطاع
    يعقوب الصفارأن يقيم دولته على أنقاض دولة الطاهريين.


    الدولة الصفارية
    (254-290هـ/ 868-903م)

    قضى
    يعقوب بن الليث الصفارعلى الدولة الطاهرية
    ،وأقام دولته على أنقاضها،
    وقد لقب بهذا اللقب؛لأنه كان فى بداية أمره يحترف صناعة النحاس الأصفر
    ب
    سجستان،ثم اشتهربالفروسية،فتطوع لقتال الخوارج
    مع رجل صالح كان يظهر
    التطوع لقتال
    الخوارج فى سجستان بجنوب خراسان،فقاتل معه يعقوب
    ،
    ثم مع من خلفه حين مات،فصارالأمرإليه،فراح يحارب
    الخوارج فى"سجستان"
    معلنًا ولاءه للخليفة المعتز،ومظهرًا شجاعة خارقة فى قتال الخوارج
    حتى سيطر
    على
    سجستان،وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر،وصار يمد نفوذه على الأقاليم المجاورة حتى ملك "هراة"،وكانت تابعة للدولة الطاهرية
    .
    وقد توجه
    "الصَّفَّار"إلى "كِرْمَان"،وبسط نفوذه عليها،ثم توجه إلى فارس
    فأخذها
    بعد قتال عنيف مع غريمه
    "على بن الحسين"
    الذى وقع أسيرًا جريحًا فى يده.
    ولم يكتفِ بهذا،بل توجه إلى
    خراسان،وحاصرالعاصمة"نيسابور"
    ودخلها سنة
    259هـ/ 873م -خلافًا لما أمره به الخليفة-بحجة أن أهل
    خراسان طلبوه للضعف الذى يعانيه الطاهريون فى عهد الخليفة العباسى"المعتمد"
    ،
    وقبض على جميع
    الطاهريين بها،واستولى على البلاد التى كان يحكمها الطاهريون
    .
    وتقدم
    "الصّفار"فى البلاد بعد أن هزم خصومه،وذهب إلى"طَبَرِسْتان"فدخلها سنة 260هـ/874م،وهزم صاحبها"الحسن ابن زيد العلوي"
    الذى عاد إليها مرة أخرى
    فى نفس العام 261هـ/875م.
    ويدرك الخليفة خطره،فقد اتجه إلى
    بغداد
    ،ولم يبْقَ فى يد الخليفة إلا هي،
    بعد استيلائه على
    "الأهواز"،فأمرالخليفة أن يجهز جيشًا بقيادة أخيه الموفق
    لمواجهة "يعقوب"
    ،وذلك فى عام 262هـ/ 876م
    ويشاء الله أن تدورالدائرة على
    يعقوب فيهزم،ولكن"المعتمد"
    يرى الاحتفاظ بولائه للخلافة،فمثله يمكن الاعتماد عليه فى مواجهة الثورات والانتفاضات،
    فبعث إليه يستميله ويتَرضَّاه،ويقلده
    أعمال فارس
    وغيرها مما هو تحت يديه،
    ويصل رسول الخليفة إليه،وهو فى مرض الموت،ولكن بعد أن كَوَّنَ دولة،
    وبسط سلطانه عليها.
    ويظهرأخوه(
    عمرو)من بعده ولاءَهُ للخليفة،فيوليه الخليفة خراسان،وفارس،وأصبهان، وسجستان،والسند،وكرمان،والشرطة ببغداد،وكان"عمرو"
    كأخيه ذا أطماع واسعة،
    فانتهز فرصة تحسن العلاقة بينه وبين الخليفة وراح يتمم رسالة أخيه.
    لقد اتجه بنظره إلى
    إقليم ما وراء النهرالذى كان يحكمه السامانيون
    ،
    ولكن قوتهم لا يستهان بها،فما العمل؟
    كتب إلى الخليفة المعتضد
    ليساعده على تملك هذا الإقليم،
    ولكنْ
    على الباغى تدور الدوائر
    ،
    و
    ما طارطائروارتفع إلا كما طار وقع
    ،
    لقد هُزم
    عمرو بن الليث الصفار
    هزيمة ساحقة ماحقة،
    ووقع أسيرًا فى أيدى
    السامانيين،وأُرسل به إلى بغداد
    ليقضى عليه فيقتل سنة
    289هـ/ 902م.ولم تكد تمر ثمانى سنوات حتى كان
    السامانيون
    قد قضوا
    نهائيا على
    الصفاريين
    واستولوا على أملاكهم،
    والأيام دول.


    الدولة السامانية
    (266-389هـ/ 880-999م)

    تنتمى
    الدولة السامانية إلى"نصربن أحمد الساماني"الذى ولاه الخليفة"المعتمد"
    على ما وراء النهر سنة 261هـ،وكان لنصرهذا أخ يدعى"إسماعيل الساماني"
    فولاه الخليفة بخاري.وقد عرف أن السامانيين كانوا فى بلاد ما وراء النهر
    ،
    وأنهم قضوا على
    الصفاريين
    واستولوا على أملاكهم.
    حتى إذا جاء عام 279هـ/893م،مات
    نصرفقام أخوه إسماعيل
    مقامه فى
    بلاد ما وراء النهر
    ،فوطَّد أمرها،وثبت قواعدها،وقام بحملة عسكرية ضد المجاورين
    له من
    المسيحيين
    ؛لأنهم كانوا يهاجمون المناطق الإسلامية من حين إلى آخر،
    وقد نتج عن هذه الحملة انتصاره فى هذه الحروب،ودخول كبار قادة هذه البلاد
    فى الإسلام،وتبعتهم فى ذلك الجماهيرالتابعة لهم،لقد كان
    إسماعيل
    يحب الخير
    والعلم،فقرب إليه العلماء،ونشر الخير فيمن حوله.
    وفى عهده،تم القضاء على
    الدولة الصفارية،وامتد نفوذه إلى خراسان
    ،
    واستولى على
    طبرستان بعد أن انتصرعلى واليها العلوى"محمد بن زيد"
    عام
    287هـ/ 900م،وصرعه فى أثناء القتال.
    وتمكن
    إسماعيل بعد ذلك من ضم الرى وقزوين
    إلى حوزته وتحت سيطرته.
    وتوارثت الأجيال
    السامانية الولاية بعد إسماعيل السامانى حتى سنة389هـ/999م؛ حيث سقطت الدولة السامانية
    بسبب الأطماع والخلافات؛مما أطمع القواد والعمال
    فى الخروج على الحاكمين من
    السامانيين
    .
    ولا ينسى التاريخ أن يذكر
    للدولة السامانية اهتمامها بالعلم والعلماء ورعايتها للآداب، وقيامها بنهضة فنية رائعة فى العمارة،وصناعة الخزف والمنسوجات الحريرية، وصناعة الورق التى انتشرت فى سمرقند،ومنها انتشرت فى بقية العالم الإسلامي، وكان اهتمامهم باقتناء الكتب عظيمًا،فالمطلع على مكتبة الدولة يجد مالا يوجد
    فى سواها من كتب المعارف والعلوم.


    الدولة الغزنوية
    (351-582هـ/ 962-1186م)

    هل سمعت أو قرأت أحد هذين الاسمين؟
    "سُبُكْتِكين" و"البُتْكِين"
    ؟
    إنهما اسمان تركيان،أما أولهما فتنسب إليه الدولة الغزنوية
    ،
    وقد كان أحد مولى الثاني.وكان الثانى أميرًا على مدينة
    "هراة"التابعة لخراسان
    ،
    ويصدرأمر
    عبد الملك السامانى
    بعزله،
    فأين يذهب؟
    ذهب إلى"غزنة"
    واستولى عليها سنة 352هـ/963م،
    ويحل محله بعد موته على إمارة
    غزنة ابنه إسحاق،ويموت إسحاق
    وليس هناك
    من يرثه.
    لقد جاء الدورعلى
    "سبكتكين"أحد موالى"البتكين"الذى كان معروفًا بالتدين والمروءة، ورجاحة العقل،وكان لابد من توسيع رقعة مملكته لتشمل"بشاور"فى الهند،وخراسان التى كان يليها أول الأمرنائبًا عن السامانيين
    .
    ويتولى الأمربعد
    "سبكتكين"ابنه إسماعيل،ثم تولى الأمر بعده أخوه محمود
    .
    ولم تجئ سنة 388هـ/ 998م حتى كان
    محمود الغزنوى قد شرع فى مهاجمة "نيسابور" بعد أن ملك غزنة
    .
    ويتمكن
    محمود فى سنة 389هـ/ 999م من الاستيلاء على خراسان معلنًا ولاءه للخليفة العباسى القادربالله
    .
    ويولى
    "محمود بن سبكتكين"أخاه "نصرًا"قيادة جيوش خراسان،ويسير إلى"بلخ" فيجعلها دار ملكه.ويصبح"محمود الغزنوي"من الشخصيات العظيمة فى التاريخ الإسلامى بسبب جهاده المتواصل فى اتجاه الهند
    .لقد قاد سبع عشرة غزوة على
    الهند مكنته من ضم إقليم"البنجاب"،وجزء من"السند"
    إلى بلاده.
    إن المسلمين فى
    الهند وباكستان يذكرون"محمودًا الغزنوي"
    ولا ينسونه،
    وكيف ينسى وهو الذى حمل النورإليهم ونشرالإسلام بينهم؟!
    لم يكتفِ محمود بهذا،بل أخضع"الغور"وهى تجاور"غزنة"
    ونشرالإسلام هناك،
    فيا لها من جهود تُذكر فتُشكر!
    وإلى جانب فتوحاته فى
    كشميروبنجاب نراه قد استولى على بخاري،وما وراء النهر آخذًا بعض ممتلكات بنى بويه كالرى وأصفهان،وحتى إقليم سجستان أخضعه لسلطانه، وهكذا كان محمود الغزنوى
    رحمه الله،محبّا للجهاد والغزو ونشر دين الله فى ربوع الأرض.
    لقد لقى
    محمود ربه سنة 421هـ/ 1030م،وكان خَيرًا،عاقلا،دَينًا،عنده علم ومعرفة، قصده العلماء من أقطار البلاد،وكان يكرمهم،ويقبل عليهم،ويحسن إليهم،وكان عادلا، كثيرالإحسان إلى رعيته ملازمًا للجهاد،كثير الغزوات.
    ويتولى مسعود بن محمود
    أمرالبلاد بعد أبيه،ويسير على نهج أبيه،ولكن الدول
    تضعف فى أواخر عهده ؛وينتهى أمرهذه الدولة الفتية عام 582هـ.

    وبعد..فما أكثر الدول التى قامت فى
    فارس
    !
    إننا لا ننسى
    الدولة البويهية
    (323-447هـ/ 935-1055م)،
    وتنسب إلى
    أبى شجاع بن بويه،الذى كان رئيسًا لقبيلة من الديلم
    تسكن
    جنوبى بحر قزوين وتحترف الجندية
    .
    لقد قامت دولتهم فى
    فارس والرى وهمذان وأصبهان،وكان مؤسسوها من الفرس، وعندما نذكر الدولة البويهية نذكر"الدولة السلجوقية"التى قامت فى فارس وهمذان والعراق، ومؤسسوها من الأتراك
    .
    وقد عرفت أنهم قوم بدو نزحوا من
    بلاد التركستان إلى بخاري
    ،
    واعتنقوا المذهب السني،وظلت دولتهم قائمة من سنة (429-700هـ/1038-1301م).وخلفهم
    المغول
    فى حكم البلاد،

    ويأتى الحديث عن الدول المستقلة عن
    الخلافة العباسية إلى ذكر"الدولة الأيوبية"
    التى حاربت الصليبيين،وكانت مستقلة عن الخلافة العباسية
    أيضًا وإن ظلت
    على الولاء الظاهرى لها،
    "والدولة المملوكية"التى سقطت الخلافة فى عهدها على يد التتار
    ،
    فقامت بإحيائها فى
    القاهرة على يد الظاهربيبرس البندقداري
    .
    وتبقى
    الدولة العثمانية التى أخذت الخلافة من الخليفة العباسى فى مصر
    ،
    وظلت تقوم بمهام الخلافة إلى أن نجحت المؤامرات ف
    ى إسقاطها،
    وانفرط عقد الوحدة إلى يومنا هذا.


    يُتبع إن شاء الله ،،،،
    __________________

    تعليق


    • #17
      رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

      الدولة الطولونية
      (254-292هـ/ 868-905م)

      فى عهد
      الخليفة الواثق،كانت مصرمن نصيب"باكباك"
      التركى
      حيث ازداد نفوذ
      الأتراك
      ،وأخذوا يتولون المناصب الكبري،ويتقاسمونها فيما بينهم.
      ولكن
      "باكباك"فَضَّلَ أن يبقى فى العاصمة"بغداد"ويبعث من ينوب عنه فى ولاية مصر
      .
      ووقع الاختيارعلى
      أحمد بن طولون،ذلك الشاب الذى نشأ فى صيانة وعفاف ورياسة ودراسة للقرآن العظيم مع حسن صوت به،وكان والده مملوكًا تركيا بعث به والى بلاد "ما وراء النهر"إلى الخليفة"المأمون العباسي"ولما مات والده تزوج باكباك
      أمه.
      وجاء
      أحمد بن طولون ليحكم مصرنيابة عن"باكباك"التركي،ولكن موقع مصر الجغرافي،وبُعد المسافة بين العاصمة المصرية"الفسطاط"والعاصمة العباسية
      "بغداد"شجع والى مصر
      الجديد على الاستقلال بها.
      فلم يكد
      أحمد بن طولون يستقر فى مصر
      سنة 254هـ
      حتى أخذ يجمع السلطة كلها فى يده.
      لقد عزل الموظف العباسى المختص بالشئون المالية فىمصر
      واسمه
      "عامل الخراج" وصارهو الحاكم الإدارى والمالى والعسكري.

      وكان له ما أراد،فأقر الأمور فى البلاد،وقضى على الفتن،ونشر الطمأنينة
      فى ربوع الوادي، وعَمَّ البلاد الرخاء.


      استقلال مصرعن الخلافة
      ولقد أتاحت له الظروف أن يعلن استقلاله بالبلاد فى عهد الخليفة المعتمد العباسي، عندما بعث ابن طولون بإعانة مالية للخلافة مساعدة منه فى القضاء على
      "ثورة الزنج"
      .
      ولكن
      "طلحة"أخا الخليفة بعث يتهم ابن طولون
      بالتقصيرفى إرسال المال الكافي،
      ويتهدده ويتوعده،وهنا كان رد
      ابن طولون
      قاسيا وعنيفًا،ولم يكتف بهذا بل أعلن
      استقلاله بالبلاد.
      وتأسست فى
      مصر"الدولة الطولونية"نسبة إلى منشئها أحمد ابن طولون
      ،
      وراح
      أحمد بن طولون
      يعدّ جيشًا قوياً لحماية البلاد داخليا وخارجيا؛
      وقد بلغ جيش
      مصرفى عهد أحمد بن طولون مائة ألف جندي.

      القطائع عاصمة مصر
      وراح يفكرفى اتخاذ عاصمة له غير"الفسطاط"تضارعها وتنافسها،
      فاتخذ الأرض الواقعة بين
      السيدة زينب والقلعةوسماها"القطائع"
      ،
      وعليها أقام جامعه الكبيرالذى ما زال موجودًا حتى الآن،
      وجعله معهدًا لتدريس العلوم الدينية،وكان ابن طولون رجل صلاح وبرٍّ،
      يتصدق من خالص ماله فى كل شهر ألف دينار.

      وقد رابطت فى العاصمة الجديدة طوائف الجند حيث أقطعهم أحمد بن طولون
      أرضًا يقيمون عليها.

      حماية الثغور
      وأمام ما وصل إليه أحمد بن طولون من قوة،كان لابد أن تتقرب إليه الخلافة العباسية ليقف إلى جانبها فى مواجهة الروم البيزنطيين،الذين لا يكفُّون عن الإغارة من آسيا الصغري.
      إن شمال الشام منطقة حساسة،وكانت المناطق الملاصقة للروم
      فيه تعرف باسم
      "إقليم العواصم والثغور"
      فهى تشتمل على المنافذ والحصون القائمة فى
      جبال طوروس.فليس عجيبًا إذن أمام ضعف الخليفة وقوة أحمد بن طولون
      أن يعهد إليه بولاية الثغورالشامية
      للدفاع عنها ورد كيد المعتدين.

      لقد كان
      أحمد بن طولون
      مهيأً لهذه المهمة وجديرًا بها،فبعث بجزء من جيشه
      وأسطوله ليرابط هناك
      على الحدود،يحمى الثغور،ويؤمن المنافذ والحصون.

      الوحدة بين مصر والشام
      ثم يتوفى والى الشام التركى سنة 264هـ،فيضم أحمد بن طولون البلاد إليه
      لكى يستكمل وسائل الدفاع على
      إقليم الثغور
      .
      وصارت
      مصروالشام فى عهد الدولة الطولونية وحدة لها قوتها فى الشرق العربي، تحمل راية الدفاع عن أرض الإسلام ضد الروم،بينما عجزت الخلافة العباسية

      فى ذلك الوقت عن مواجهة قوى الشروالعدوان،وأمام قوة
      أحمد بن طولون وقيامه بتوحيد الشام ومصرتحت إمرته خشى أباطرة الروم
      سلطانه،وخافوا سطوته،
      فبعثوا إليه يودون أن يعقدوا هدنة معه،بل لقد حدث أكثر من ذلك،
      لقد عزم
      الخليفة العباسى"المعتمد"
      على مغادرة البلاد سرّا فرارًا من سيطرة
      أخيه
      الموفق"طلحة"
      ،
      فأين يذهب يا تري؟!
      لقد قرراللجوء إلى أحمد بن طولون صاحب القوة الجديدة فى مصروالشام
      ،
      ولكن أخاه
      الموفق أعاده إلى عاصمة الخلافة بالعراق
      .
      وظلت الوحدة بين
      الشام ومصرقائمة فى عهد أحمد بن طولون
      ،
      وراحت قواته البحرية والبرية تحمى هذه الوحدة وتعلى قدرها فى
      شرق البحر
      الأبيض المتوسط.


      ولاية خمارويّه
      ويتولى ابنه"خُمارويه"بعده حاملاً راية الدفاع عن مصروالشام كما كان أبوه.
      ولكن
      "طلحة"أخا الخليفة"المعتمد"يعود إلى محاولاته ودسائسه لإعادة مصر
      والشام إلى سيطرة الخلافة العباسية
      .
      ويعد
      خمارويه جيشًا يتولى قيادته بنفسه،ويهزم قوات أخى الخليفة عند دمشق

      فى معركة
      "الطواحين"سنة 273هـ/ 887م،فلا يملك إلا أن يعقد مع"خمارويه"
      صلحًا اعترفت فيه الخلافة العباسية بولاية خمارويه على مصروالشام
      ،
      ولأبنائه من بعده لمدة ثلاثين سنة.وكان نصرًا رائعًا أتاح له أن يسيطرعلى
      منطقة العواصم والثغور،وأصبح"خمارويه" قوة يرهبها الروم.

      مصاهرة الخليفة
      وهكذا القوة تكسب أصحابها الاحترام والسيطرة والنفوذ،
      وتزداد العلاقة بين
      خمارويه والخلافة العباسية قوة،حيث يتزوج الخليفة
      "المعتمدالعباسى" بنت خمارويه المعروفة باسم"قطر الندي"
      ،
      وهى التى جهزها أبوها بجهازلم يسمع بمثله
      .
      وراح
      خمارويه
      يهتم بمرافق الدولة،
      ويخصص الأموال لمساعدة الفقراء والمحتاجين،
      ويشيد القصورالضخمة فى عاصمة أبيه
      "القطائع"
      .
      وظل خلفاء
      خمارويه فى الحكم ما يقرب من عشرسنوات بعد وفاته
      مقتولا عام 282هـ/ 895م.

      إعادة الدولة إلى الخلافة
      لقد ولى مصربعد خمارويه ثلاثة من آل طولون لم يسيرواعلى نهجه،
      بل انغمسوا فى اللهووالملذات،فكثرالطامعون فى الحكم،
      وانتشرت الفوضي،وانتهى الأمربعودة جيوش
      الخلافة العباسية
      لاسترداد
      مصرمن يد رابع الولاة الطولونيين
      عليها.
      وفى سنة 292هـ/ 905م دخلت
      الجيوش العباسيةالقطائع
      تحت قيادة
      محمد بن سليمان وقد قبض على الطولونيين
      وحبسهم وأخذ أموالهم
      وأرسلهم إلى
      الخليفة،وأزال بقايا الدولة الطولونية
      التى حكمت
      مصروالشام مدة ثمانية وثلاثين عامًا.

      وتتوالى على مصر الدول المستقلة عن الخلافة


      الدولة الإخشيدية
      (323-358هـ/935-969م)

      عادت
      مصربعد سقوط الدولة الطولونية إلى الخلافة العباسية

      وعلى الرغم من ذلك ظلت ثلاثين عامًا تعانى من الاضطراب والفوضى
      والفتن الداخلية.وظل
      النفوذ العباسى غيرمستقرفى مصربعد زوال الدولة الطولونية. ويتطلع أحد القادة الأتراك فى الجيش العباسى فى مصر
      إلى الانفراد بالسلطة
      وحده دون
      القادة المتنازعين،والولاة العباسيين
      .

      فيا ترى من هو؟
      إنه"محمد بن طُغج الإخشيد"
      ،
      لقد ساعده على ذلك ما قدمه من خدمات فى الدفاع عن البلاد ضد هجمات
      الدولة الفاطمية التى قامت فى تونس،وراحت تهدد مصرمن جهة الشمال الإفريقي
      ،
      وذلك فى عام(321-324هـ/ 933- 936).وفى سنة 323هـ/935م
      تولى
      الإخشيد ولاية مصروصارالحاكم المطلق فى البلاد.

      سبب التسمية
      ولكن من أين"لمحمد بن طغج"هذا اللقب"الإخشيد"وهو لقب إيراني؟

      لقد رغب الخليفة"الراضي العباسى"فى اكتساب مودة محمد بن طغج
      إلى جانبه،
      فمنحه لقب
      "الإخشيد"وهو لقب إيرانى تلقب به الأمراء.
      ويدل هذا على مكانة الإخشيد فى مصروما بلغه من سلطان واسع ونفوذ كبير.

      توحيد مصر والشام وبلاد العرب
      لقد أصبح"محمد بن طغج"مؤسس الدولة الإخشيدية فى مصروإليه تنتسب أسرته. وظلت الأمور على ما يرام بين محمد بن طغج الإخشيد والخلافة العباسية
      حتى جاء اليوم الذى أرسل فيه الخليفةالراضى جيشًا بقيادة"محمد بن رائق"
      إلى الشام لانتزاع مصرمن الإخشيد
      سنة 328هـ/ 940م.
      وعندئذ ألغى
      الإخشيد اسم الخليفة العباسى من الخطبة وأعلن استقلاله بمصر
      ،
      واستطاع هزيمة القائد
      ابن رائق
      والاحتفاظ بملكه سليمًا.
      وكان
      ابن رائق قد هزم محمد الإخشيدى
      فى بداية الأمر،
      وانشغل جنود
      ابن رائق بجمع الأسلاب،فخرج كمين لابن الإخشيد
      عليهم،
      وهزمهم،وفرقهم،وتفرغ
      الإخشيد بعد هزيمة قائد الخليفة
      إلى الداخل،
      فنجح فى القضاء على الفتن والقلاقل الداخلية،
      وراح يعمل على دراسة أحوال العالم العربى المجاورل
      مصر
      .
      وأخذ يفكرفى وحدة تقف فى وجه العدوان الخارجى من قبل
      الروم
      .
      وبعد سنتين من قيام
      الدولة الإخشيدية ضم الإخشيد إليه الشام بعد موت ابن رائق

      سنة 130هـ ؛ليعيد القوة إلى
      الشرق العربي، وليتسنى له الوقوف فى وجه الرومالبيزنطيين،وهنا خاف أباطرة الروم،وأسرعوا يخطبون وده كما فعلوا مع أحمد بن طولون.
      وفى العام التالى لهذه الوحدة،مد الإخشيد نفوذه إلى مكة والمدينة
      ،
      وراح يتولى أمر
      الحجازويشرف على الحرمين الشريفين
      .
      ولقى
      الإخشيد ربه سنة 334هـ/469م.

      إمارة كافور
      وبعد وفاته تولى وزيره أبوالمسك كافورالوصاية على ولديه الصغيرين،
      وأثبت هذا الوصى مقدرة فى إدارة شئون البلاد والدفاع عنها ضد الأخطار
      التى تهددها من طائفة
      "القرامطة"
      ،وأفلح فى القضاء عليها.
      فلقد حافظ على وحدة
      مصروالشام وبلاد العرب
      ،
      وامتد سلطان
      الدولة الإخشيدية إلى"جبال طوروس"،فى أقصى شمال الشام

      وصارت قوية الجانب يرهبها
      البيزنطيون
      .
      و
      أبوالمسك كافورهذا هو الذى خلع عليه الشاعر
      المتنبى أجمل قصائد المدح،
      ثم عاد وهجاه؟

      نعم،إنه هو بعينه،
      فلقد كان المتنبى يطمع فى أن يوليه كافور"ولاية"
      تنافس مملكة
      سيف الدولة بن حمدان
      ، فمدحه لينال رضاه،فلما لم يولِّه هجاه.
      لقد بلغت إمارة
      كافورعلى مصرثلاثًا وعشرين سنة حكم فيها باسم أبناء الإخشيد
      عدا سنتين انفرد فيها بالأمروظل اسمه طوال هذه المدة موضع الهيبة والإجلال،
      ويدعي له من منابرالمساجد من
      طرسوس بأطراف الشام ومصروالحجاز
      ،
      ولقد كان
      كافور
      شهمًا جيد السيرة.

      ترى من يخلفه بعد وفاته؟
      وهل تظل الدولة الإخشيدية بعده رافعة أعلامها؟!

      سقوط الدولة بعد كافور
      لقد لقي كافور ربه فخلفه"أبو الفوارس أحمد بن علي أبو الحسن"
      حفيد الإخشيد
      ،وكان طفلا لم يبلغ الحادية عشرة من عمره،وكان لابد في مثل
      هذه الظروف أن تعود الفوضى إلى البلاد،وأن يكثرمن حولها الطامعون.
      واشتدت هجمات
      الفاطميين من بلاد المغرب على مصر
      حيث حاول
      الخليفة المعزلدين الله الفاطمي الاستيلاء عليها،وعجزت الدولة العباسية

      عن الوقوف إلى جانب
      الإخشيديين،فلم يكن بد من استيلاء الفاطميين
      عليها
      سنة 358هـ/ 969م،ليحلوا محل
      الدولة الإخشيدية.

      يُتبع إن شاء الله ،،،

      __________________


      تعليق


      • #18
        رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

        الدولة الحمدانية
        (317-399هـ/ 929-1009م)

        ينتسب
        الحمدانيون إلى قبيلة تغلب
        ،
        وكان
        بنو تغلببن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار
        ،
        وكانوا من
        نصارى العرب الجاهلية
        الذين لهم محل في الكثرة والعدد.
        وكانت مواطنهم في
        الجزيرة وديارربيعة
        ،
        ثم ارتحلوا مع
        هرقل إلى بلاد الروم
        ،ثم رجعوا إلى بلادهم،
        وفرض عليهم
        عمربن الخطاب
        الجزية،
        فقالوا:يا أمير المؤمنين،
        لا تذلنا بين العرب باسم الجزية،واجعلها صدقة مضاعفة ففعل.

        وعلى هذا فالحمدانيون من بني تغلب
        ينحدرون من أصل عربي أصيل
        من
        العدنانية
        التي ولدت العربية في كنفها.
        وما زالوا يتنقلون بماشيتهم وأموالهم وخيامهم على مثل حالة
        القبائل العربية
        من تهامة إلى نجد إلى الحجازإلى أرض ربيعة إلى ضفاف الفرات
        حيث نزلوا ساحل"الرقَّة" الفسيح،ومنها انتقل حمدان بن حمدون إلى"الموصل"
        .
        وكان
        حمدان جد الأمراء الحمدانيين
        رئيس قبيلة أنجبت عدة أولاد اعتمدوا
        على أنفسهم،وألقوا بأنفسهم في ميادين المغامرة والحرب،
        فانتصروا وخذلوا،وكانت حياتهم تتصف بالعنف والقوة،
        ولا تعرف الهدوء والسلم إلا قليلا.
        وقد رافقت نشأة الحمدانيين ضعف
        الدولة العباسية
        ،وغروب شمسها .
        ويشاء الله أن يشهد
        الحمدانيون الأحداث التي هزت الإمبراطورية الإسلامية
        هِزَّة انتهت إلى فرط عقدها وظهور دويلات وإمارات مستقلة على يد
        الأتراك
        ،
        و
        الفرس
        ،
        و
        الكرد
        ،
        و
        بعض القبائل العربية
        ،
        وشهدوا تقلص نفوذ العرب وذوبانه تحت سيطرة الدخلاء بشكل يدعو للأسف،
        فرأوا أن يقوموا بنصيبهم من حمل هذا العبء،وأن يصونوا التراث العربي،
        وأن يردوا ما استطاعوا هجمات
        الروم عن الثغور الإسلامية
        .
        يرافق ظهور
        الأسرة الحمدانية ارتقاء"المتقي"عرش الخلافة
        ،
        وقد تسلمها وهي على ما هي عليه من التفكك والانحلال،
        على يد
        الأتراك أصحاب وظيفة"أمير الأمراء"
        في بغداد ؛
        حيث استبد أولئك الأمراء بالسلطة دون
        الخليفة العباسي
        ،
        وراحت بعض القبائل العربية التي سكنت
        بادية الشام ووادي الفرات
        تستغل
        ضعف
        الخلافة العباسية
        ،وتستقل بالمدن والقلاع الواقعة في أرضها.
        ويعتبر ما قامت به قبيلة
        "تغلب"مثلا لهذا الذي كان يقع في فترة ضعف
        الخلافة وسيادة الأمراء.

        الدولة الحمدانية في الموصل
        لقد استطاعت"قبيلة تغلب"بفضل أبناء زعيمها"حمدان بن حمدون"
        أن تؤسس دولة في شمال العراق، وأن تتخذ من مدينة"الموصل"
        عاصمة لها(317-358هـ/929-969م).
        وتعصبت هذه الدولة للعروبة،وساءها استبداد
        الأتراك بالخلافة العباسية
        ،
        فجاء زعيمها
        "الحسن بن عبد الله الحمداني"إلى بغداد
        ،
        ومعه أخوه لمناصرة الخليفة المتقي بالله سنة 330هـ/ 942م.
        وكافأ الخليفة هذا الزعيم الحمداني بأن عينه في وظيفة
        "أمير الأمراء"
        ،
        ومنحه لقب
        "ناصر الدولة"،ثم منح الخليفة المتقي
        أخاه لقب
        "سيف الدولة الحمداني".

        موقف توزون
        وعاش الأخوان:"ناصر الدولة"و"سيف الدولة"ببغداد إلى جانب الخليفة
        الذي عرف لهما قدرهما،ولكن ذلك لم يعجب الأتراك،فاستطاعوا بزعامة قائدهم "توزون"أن يطردوا الحمدانيين،وأن يحملوهم على العودة إلى الموصل
        سنة321هـ/933م.

        الدولة الحمدانية في حلب
        وتطلع سيف الدولة بعد خروج الحمدانيين من بغداد إلى القيام بمغامرة حربية تعلي
        من شأن دولته ب
        الموصل فسار سنة323هـ/935م إلى شمال الشام واستولى على "حلب" وأخرج منها حاكمها التابع للدولة الإخشيدية،صاحبة السيادة حين ذاك على مصروالشام
        .
        وكانت هذه النزاعات بين أقاليم الأمة المسلمة الواحدة وراء التعجيل بنهاية هذه الدولة، وأصبح
        سيف الدولة بذلك صاحب الدولة الحمدانية وعاصمتها حلب
        التي استمرت في شمال الشام
        حتي سنة399هـ/1009م.

        ومن يقلِّب صفحات التاريخ يجد مجالس
        سيف الدولة الحمداني
        تضم أولئك
        المشهورين في تاريخ الحضارة الإسلامية وعلى رأسهم
        الشاعرأبوالطيب المتنبي
        ،
        و
        المؤرخ أبوالفرج الأصفهانيصاحب كتاب الأغاني
        ،
        و
        الخطيب الفصيحابن نباتة
        ،
        و
        الفارابيالفيلسوف المشهور
        ،
        و
        الشاعرأبو فراس الحمداني.

        قتال البيزنطيين
        وكان قيام الدولة الحمدانية على طول منطقة الأطراف الإسلامية المتاخمة لأراضي الدولة البيزنطية في جنوب آسيا الصغرى وفي شمال العراق حاجزًا ضد هجمات البيزنطيين في وقت أضحت الدولة الإسلامية نهبًا للفوضى والقلاقل الداخلية،
        وليس لديها قوة حربية كافية!
        ولقد خلد التاريخ اسم
        "سيف الدولة"من خلال حروبه المتكررة ضد البيزنطيين
        ، والتصدي لأعمالهم العدائية على أرض المسلمين.
        لقد بدأ إغارته على
        آسيا الصغرى
        سنة337هـ/949م
        دون أن تمرسنة واحدة بغير تجهيز حملة حربية لهذا الغرض النبيل،
        ولقد تسنى له أن يستولي على كثيرمن
        الحصون البيزنطية مثل"مرعش"
        وغيرها من مدن الحدود.

        ومن بطولات سيف الدولة:
        استيلاؤه على قلعة الحدث(وهي قلعة متاخمة لحدود الدولة البيزنطية
        )
        كان
        سيف الدولة قد بناها،وهجم عليها الرومان
        فخربوها،
        وهدموها فأعد
        سيف الدولة جيشًا قويا،وهزم الروم
        هزيمة ساحقة،
        واستولى على
        قلعة الحدث،وقد قال المتنبي
        في ذلك قصيدة طويلة في مدح
        سيف الدولة
        وبطولته في هذه المعركة،منها:
        يكلف سيف الدولة الجيش همـــه وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم

        سقوط حلب في أيدي البيزنطيين
        ولقد عاصرت حركات سيف الدولة قيام أعظم إمبراطورين عسكريين
        عرفتهما
        الدولة البيزنطية
        في هذه الآونة،
        فقد استطاع
        نقفور فوقاس أن يستولي على"حلب"نفسها عاصمة سيف الدولة
        سنة 351هـ/ 962م ودخل أنطاكية
        بجنوده،وقتل فيها ما يقرب من عشرين ألفًا،
        غيرأن
        الدولة البيزنطية انسحبت منها بعد ثمانية أيام بسبب المقاومة الحمدانية
        .
        وقد اتجه
        الإمبراطور الروماني"حنا شمشيق"إلى الاستيلاء على"بيت المقدس"
        ،
        وتوغل كثيرًا في
        أراضي الشام
        ،ولكنه عاد سريعًا من غارته الخاطفة بفضل
        مقاومة
        الحمدانيين في حلب،ومقاومة الفاطميين في سائرالشام.

        سعد الدولة
        ولقد تولى"سعد الدولة"ابن سيف الدولة بعد أبيه سنة
        (357-381هـ/967-991م)،
        لكن الدولة دخلت في مرحلة الضعف والنزاع الداخلي،
        وذلك بعد أن اعترف
        منصوربن لؤلؤة والي الحمدانيين على حلب بسلطان الفاطميين على حلب عام 383هـ وأصبحت إمارة فاطمية بعد أن كانت حارسة على أطراف الدولة الإسلامية في وقت لم يدرك الخلفاء العباسيون في بغداد
        قيمة الدفاع عنها.
        ولجأ بعض المتنازعين على السلطة من
        الحمدانيين إلى الخلافة القائمة
        في
        مصروالشام وقت ذاك على حين ظلت الخلافة العباسية
        غارقة في الضعف والفوضي.
        ورغم كل ذلك سقطت الدولة الحمدانية التي تمثلت كل عظمتها في شخص
        "سيف الدولة".

        يُتبع إن شاء الله ،،،،


        __________________


        تعليق


        • #19
          رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة


          الدولة الفاطمية
          (358-567هـ/ 969-1172م)

          مَنْ هم الفاطميون؟
          وإلى مَنْ ينتسبون؟
          وكيف نشأت دولتهم؟
          ومتي كان ذلك؟
          وهل تنتسب هذه الدولة إلى دول الإسلام؟

          حب آل البيت
          لقد ملك حب آل البيت النبوي قلوب المسلمين جميعًا،
          أما هؤلاء المعروفون بالشيعة والذين خرجوا علينا في التاريخ الإسلامي
          يغيرون في المفاهيم الواضحة لديننا الحنيف،
          ويسبون أئمة الهدي من الخلفاء الراشدين بدعوي أنهم سلبوا الخلافة من علي
          -رضى الله عنه-
          ،هؤلاء هم المتشيعون الذين يزعمون حب علي وهو منهم براء.
          لقد كان علي-رضي الله عنه-على العكس مما زعموا،
          فقد كان مستشارًا أمينًا، ووزير صدق للخلفاء جميعًا
          ،
          ولما قامت الدولة الأموية لم يتقبلها بعض المسلمين والهاشميين؛
          رفضًا لمبدأ توريث الخلافة.
          ولما قامت دولة بني العباس لم تُمَكِّن لأبناء علي بن أبي طالب أن يكون لهم
          شيء في الحكم والخلافة،ونشط المتشيعون يشعلون الثورات في كل مكان،
          لكن الدولة العباسية كانت في بدايتها قوية،فتمكنت من القضاء عليها جميعًا،
          وسحقتها في عنف وشدة.

          دعاة الشيعة
          فهل انقطعت حركة الشيعة أو توقفت أمام تلك المطاردة؟!
          لا..لم تنقطع حركات المتشيعين ولم تتوقف،فقد كانوا متعصبين لآرائهم،
          مؤمنين بفكرتهم، يزعمون أن أحق الناس بالخلافة أبناء علي من نسل فاطمة الزهراء-رضى الله عنها-،فإن نالها غيرهم فما ذاك إلا أمرباطل يجب أن يمحي،
          وما هو إلا شرّحَلَّ بالمسلمين يجب أن يزال.
          ونشط دعاة الشيعة في الدعوة إلى مذهبهم،وبخاصة في الجهات البعيدة عن مركز الخلافة،مثل أطراف فارس واليمن وبلاد المغرب.

          أبو عبدالله الشيعي
          وكان من هؤلاء الدعاة"أبو عبدالله الشيعي"وهو رجل من صنعاء اتجه إلى
          المغرب بعد أن رأى دويلات"الأغالبة"و"الأدارسة"وغيرهما تنشأ وتقام بعيدًا
          عن يد الدولة العباسية وسلطانها،وركز"أبو عبد الله"دعايته بين البربر،
          وسرعان ما انضموا إليه في آلاف عديدة،فأرسل إلى زعيمه الفاطمي الكبير
          "عبيد الله بن محمد".

          عبيد الله
          وقال"عبيد"هذا بأنه شريف علوي فاطمي،ولكن الخليفة العباسي علم بالأمرفطارد
          "عبيد الله"هذا،وأمر بالقبض عليه،فاضطر حين وصل مصرإلى أن يتنكرفي زي
          التجار،ثم حاول أن يفلت من دويلات شمال إفريقيا،ولكنه سقط أخيرًا في يد أمير "سجلماسة".

          الاستيلاء على القيروان
          كان"أبو عبد الله"الراعية الشيعي في هذا الوقت قد جمع قواته من البحر،
          وهاجم بها"دولة الأغالبة"التي ما لبثت أن سقطت في يده سنة297هـ/909م،
          ودخل عاصمتها،وأخذ من الناس البيعة لعبيد الله الأميرالأسير.
          وما لبث"أبو عبد الله الشيعي"أن سارعلى رأس جيوش ضخمة نحو"سجلماسة"
          لينقذ عبيد الله،ولما أدرك صاحب"سجلماسة"أن لا قِبلَ له بمواجهة الجيش المغير
          هرب من عاصمته بعد أن أطلق أسيره"عبيد الله الفاطمي".
          دخل عبيد الله القيروان التي اتخذها عاصمة للدولة الفاطمية،
          وهناك بايعه الناس ولقب"المهدي أمير المؤمنين"،وصارخليفة للمسلمين
          تأكيدًا لفكرة الشيعة عن أحقية أبناء علي-رضي الله عنه- بالخلافة،
          ولقد اعتبر نفسه المهدي المنتظرالذي سيملأ الأرض عدلا بعد أن
          مُلئت جورًا وظلمًا.

          الاستيلاء على دولة الأدراسة
          وتوالى الخلفاء من نسل المهدي عبيد الله،وكان منهم"المعزلدين الله الفاطمي"
          الذي أرسل قائده الشهير"جوهر الصقلي"ففتح"دولة الأدارسة"،
          ووصل إلى المحيط الأطلسي،ثم مد حدوده إلى مصروفتحها عام
          359هـ/969م.

          فكيف استولى عليها الفاطميون؟
          وماذا كان موقف الخلافة العباسية منهم؟

          الاستيلاء على مصر
          لقد أرسل"المعزلدين الله الفاطمي"قائده الكبير"جوهر الصقلي"ليفتح مصر،
          فسارفي جيش ضخم بعد أن مهد الطرق لمسيرالجيش،
          وحفر الآبارعلى طول الطريق،وأقام"استراحات"على مسافات معقولة في الطريق، وأحسن تدريب الجيش وتنظيمه وتموينه بعد أن جمع الأموال اللازمة لهذا كله.
          وسار الجيش إلى الإسكندرية،وما لبث أن دخلها دون قتال،وأحسن معاملة
          المصريين،وكَفَّ جنوده عنهم،ثم سارإلى"الفسطاط"فسلَّم له أهلها على أن
          يكفل لهم حرية العقيدة،وينشر الأمن والعدل والمساواة.
          وطار الخبر بالاستيلاء على مصرإلى"المعز"فسر سرورًا عظيمًا،
          وأقام الاحتفالات والولائم،وحوله الشعراء ينشدون.

          لقد ساعد علي نجاح هذا الغزو ضعف واضطراب الأحوال في مصر،
          وكثرة الشيعة الذين عاونوا الغزاة كل المعاونة آنذاك.
          وهكذا سُلخت مصرعن الخلافة العباسية،وأصبحت ولاية فاطمية عام
          359/969م.

          بناء القاهرة

          وهنا بدأ "جوهر" يعد العدة لنقل مركزالدولة الفاطمية إلى مصر؛
          فبنى للخليفة قصرًا فخمًا شمال الفسطاط،وبنى معه منازل الوزراء والجند،
          وكانت هذه بداية مدينة القاهرة.
          لقد كانت"الفسطاط"هي العاصمة بعد دخول عمرو بن العاص وبعدها"العسكر"
          في عهد العباسيين،ثم"القطائع"في عهد الطولونيين،ثم أصبحت"قاهرة المعز"
          هي العاصمة حتى الآن.

          وبعد أن تم إنشاؤها دعا "جوهر" "المعز"أن ينتقل إليها،وأصبحت القاهرة
          عاصمة الخلافة الفاطمية(362هـ/973م)،أي بعد أربع سنوات من فتحها،
          وأمرالمعزبمنع صلاة التراويح في رمضان،
          وأمربصيام يومين مثله
          ،
          وقنت في صلاة الجمعة قبل الركوع،
          وأسقط من أذان صلاة الصبح

          "الصلاة خير من النوم"
          وزاد
          "حي على خير العمل..محمد وعلي خير البشر".

          الاستيلاء على الحجاز
          وما لبثت جيوش المعزأن سارت نحو الحجازففتحته،
          وأصبحت المدينتان:مكة والمدينة تحت سلطان الفاطميين لا العباسيين،
          كما فتحت جيوشهم بلاد الشام،وفلسطين، وجزيرة صقلية.
          وهكذا أصبحت دولة الفاطميين تضم الحجاز،
          والشام،وفلسطين،ومصر،وشمال إفريقية حتى المحيط الأطلسي.

          بناء الجامع الأزهر
          ومن أعمال الدولة الفاطمية:
          إنشاؤها "الجامع الأزهر"
          الذي كان أول أمره مسجدًا عاديا،ثم أقيمت فيه حلقات الدراسة،
          وقد اهتم بهذه الدراسات خلفاء الفاطميين لأنها كانت مقتصرة على الفقه الشيعي،
          ثم تطورت بعد الفاطميين لما تولى صلاح الدين حكم مصر،
          فأصبحت تدرس الفقه على كل المذاهب والعلوم الدينية دون تمييز،
          وعلى غير ما أراد الفاطميون،
          فقد صارالأزهرأول جامعة في العالم لنشر الثقافة العربية الإسلامية،
          وما زال منارة يهتدي بها أبناء العروبة والإسلام،
          وحصنًا يحمي البلاد من المذاهب الهدامة والعقائد الفاسدة
          .

          نهاية
          لكل شيء نهاية،
          ففي آخرعهد الدولة الفاطمية حكمها عدد من الخلفاء الذين كانوا ضعاف الشخصية وصغار السن،فكان من نتيجة ذلك أن سيطر الوزراء على الدولة وأداروها
          لمكاسبهم الخاصة مهملين شئون الدولة إهمالا تامّا.

          لقد كانت ظاهرة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى واضحة
          في هذه الدولة،فمن هؤلاء كان كثيرمن الوزراء وجباة الضرائب والزكاة
          والمستشارين في شئون السياسة والاقتصاد والعلم والطب
          ،

          ولقد ترك الخليفة العزيزالفاطمي لوزيره اليهودي"يعقوب بن كلس"
          أمرتعليم الناس"فقه الطائفة الإسماعيلية"التي ينتمي إليها الفاطميون
          وهي من أشد فرق الشيعة تطرفًا وبعدًا عن حقيقة الإسلام.
          وقد ألَّف يعقوب نفسه كتابًا في فقه هذه الطائفة.

          فلا عجب إذن أن شهدت الدولة كثيرًا من المؤامرات والفتن والدسائس
          والقلاقل،فقامت ثورات داخلية،وانتفاضات،
          وراح الناس يستجيرون من تسلط اليهود والنصارى فلا يجارون،
          وزادت الحال سوءًا بظهورأفكار دينية شاذة كالاعتقاد بحلول روح الله في الخليفة،
          وأن الخليفة أعلى من بني الإنسان،
          وأن الخلفاء إلى الله أقرب ؛
          كما حدث للحاكم بأمرالله،الذي كان له كثير من البدع والخرافات التي أدخلها
          في دين الله تعالي،وألّهه بعض الناس وراح البعض ينتظر عودته بعد اختفائه،
          وعرف هؤلاء بالدروز الذين يوجد أسلافهم ببلاد الشام.وكثرت الأمراض،
          وهلك عدد كبير من الناس،في حين كان الأمراء والحكام الفاطميون ينعمون
          بالثروات ويعيشون في ترف وبذخ.

          وأسهمت المجاعات والأوبئة نتيجة انخفاض ماء النيل عدة مرات
          في اختلال الأمن،وكثرة الاضطرابات،وسوء الأحوال في البلاد،
          ولم ترالبلاد صلاحًا ولا استقام لها أمر،ولم يستقرعليها وزيرتحمد طريقته.

          فما أشبه اليوم بالبارحة !!!
          وما أشبه الحكام الأن بالفاطميين

          تفكك الدولة
          أما في الخارج فقد خرج بعض الولاة على الخلفاء الفاطميين
          خصوصًا في شمال إفريقية؛مما أدى إلى استقلال تونس والجزائر،
          واستولت الدولة السلجوقية السُّنِّية التي قامت بفارس والعراق على معظم
          بلاد الشام التابعة للفاطميين،وإلى جانب هذا كله عمل الصليبيون في الاستيلاء
          على الأراضي المقدسة فاستولوا على بيت المقدس من أيدي الفاطميين سنة
          492هـ/1099م،ثم أخذوا يغيرون على أطراف الدولة المصرية.
          وهكذا أخذت الدولة في الضعف حتى جاء صلاح الدين الأيوبي،
          وقضى على الخلافة الفاطمية وذلك في سنة567هـ/1172م.
          وانقض الصليبيون فهاجموا عدة مرات هذه الدولة التي طالما أعانتهم في
          بداية أمرهم على ضرب المسلمين من أهل السنة.

          __________________


          تعليق


          • #20
            رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

            الدولة الأيوبـية
            (567-648هـ/ 1172-1250م)

            يعتبر
            صلاح الدين يوسف بن أيوب هو المؤسس الحقيقي للدولة الأيوبية
            ،
            وذلك بعد أن عُيِّن وزيرًاللخليفة الفاطميونائبًا عن السلطاننورالدين محمود
            ،
            فعمل
            صلاح الدين على أن تكون كل السلطات في مصر
            تحت يده،
            وأصبح هو المتصرف في الأمور،وأعاد ل
            مصرالتبعية للدولة العباسية
            ،
            فمنع الدعاء
            للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي،وأغلق مراكزالشيعة الفاطمية
            ،
            ونشر المذهب السني.

            التوجه إلى النوبة
            ومما يذكر أن نورالدين محمود-الذي بعث أسد الدين شيركوه وصلاح الدين
            إلى مصر-ما زال حيّا،وكان صلاح الدين خائفًا أن يحاربه نورالدين
            ،
            ففكرلأجل ذلك أن ينظرمكانًا آخريقيم عليه دولة له،
            فبدأ
            صلاح الدين
            مبكرًا في إرسال بعض خاصته يستطلعون الأحوال
            في
            بلاد النوبة واليمن وبرقة
            .
            أما
            النوبة فكان يحكمها قبيلة الكنوزالتابعة للفاطميين فأرسل صلاح الدين
            أخاه تورانشاه،وعينَّه على"قوص"و"أسوان"و"عذاب"و"النوبة"
            ،
            ولما استدعى
            صلاح الدين أخاه إلى القاهرة أناب تورانشاه عنه رجلا من نوابه
            وزوده بقوة عسكرية.

            وفاة نور الدين
            أما برقة،فإن الفرصة لم تدع لأولئك -الذين بعثهم صلاح الدين لاستكشاف الأمر-
            أن يصنعوا شيئًا ذا بال؛لأن
            نورالدين محمود
            قد توفي في شوال سنة569هـ،
            وبدأ الأمر يستقرل
            صلاح الدين،وبدأ يعمل على توحيد الدولة الأيوبية
            وحماية أركانها في مصروالشام.

            امتداد الدولة
            بالفعل،بدأ صلاح الدين التوجه إلى بلاد الشام بعد وفاة نورالدين،فدخل دمشق،
            ثم استولى منها على
            حمص،ثم حلب،وبذا أصبح صلاح الدين سلطانًا على مصر والشام.ثم عاد إلى مصر
            وبدأ الإصلاحات الداخلية،
            وخاصة في
            القاهرة والإسكندرية،ثم سافرإلى الشام
            ؛
            ليبدأ ما كان قد بدأه من قبل،وهو جهاده المشرق ضدالصليبيين
            .

            وكانت
            دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد الحجاز؛حيث قام صلاح الدين
            بتحصين جنوب فلسطين،والاستعداد لأي أمر يقوم به أرناطصاحب قلعة الكرك
            ،
            والذي كان يدبرللهجوم على
            الأماكن المقدسة في مكة والمدينة
            ،
            وكان
            صلاح الدين قد اعتني بميناء القلزم وميناء جدة،لأن أرناط
            كان قد عمَّر
            أسطولا في
            ميناء أَيْلَة أوالعقبة،وأرسل سفنًا بلغت عِيذاب
            ،
            فاستولى
            صلاح الدين على أيلة،وأخذ منها أسرى من الصليبيين
            ،
            وكذلك قبض رجاله على بعض
            الصليبيين الذين وصلوا إلى عيذاب
            ،
            وأرسلوا جميعًا مصفَّدين بالأغلال،حيث ذُبحوا مع الهدي الذي أهداه الحجاج
            لله سبحانه في ذي الحجة سنة 578هـ ،واستولى
            صلاح الدين على بيت المقدس
            ،
            وقد وقع في الأسر
            ملك بيت المقدس،ونفر من الفرسان الصليبيين
            ومن بينهم
            أرناط الذي لم تكد عين صلاح الدين
            تقع عليه حتى أمر بقتله.

            وعقب استيلاء
            صلاح الدين على بيت المقدس سقطت في يده كل موانئ الشام
            ،
            فيما عدا
            موانىء إمارة طرابلس،وأنطاكية،وانتهت الحروب الصليبية بصلح الرملة
            بين صلاح الدين والصليبيين
            .

            وظل
            صلاح الدين
            رافعًا راية الجهاد حتى صعدت روحه إلى بارئها عام
            589هـ بعد أن قسم دولته بين
            أولاده وأخيه العادل
            ،
            ولكنهم تناحروا فيما بينهم،وظل بعضهم يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة
            تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد
            الصليبيين ممن يكيدون للإسلام
            ،
            ولم يمنع ذلك أن كانت لهم وقفات ضد
            الصليبيين،ففي الحملة الصليبية
            التي
            تعرضت لها
            دمياط،والتي كان يقودها لويس التاسع
            ،الذي وقع أسيرًا،
            وحبس في
            دارابن لقمان في عهد الملك توران شاه ابن نجم الدين أيوب
            ،
            وبوفاة
            توران شاه انتهت دولة الأيوبيين.



            دولة المماليك
            (648-923هـ/1250-1517م)

            من هم المماليك؟
            وما موطنهم الأصلي؟
            وكيف وصلوا إلى الحكم؟
            وما دورهم في حماية العالم الإسلامي ؟

            فضل المماليك
            إنها أسئلة تخطر بالبال حين يذكرأولئك الرجال الذين حكموا مصروالشام،
            وكان لهم شأنهم في موقعة
            "عين جالوت"
            ،
            ومازال العالم كله يذكرفضلهم في أول هزيمة أصابت
            المغول
            .
            إن المؤرخين جميعًا يعتبرون انتصار
            المماليك
            انتصارًا عالميّا؛
            فقد عجزت
            الدولة الخُوارزمية،والدولة العباسية عن مقاومة المغول
            أو مدافعتهم،
            وبعد أن انهارت
            القوى المسيحية أمام الزحف المغولي على أجزاء من"روسيا" و"بولندا"و"المجر"
            الحالية!
            لقد كانت
            "موقعة عين جالوت"أول صدمة في الشرق لجيوش المغول

            ورؤسائهم الذين خُيّل لمعاصريهم أنهم قوم لا يُغلَبون،فجاءت هذه الواقعة
            لتقول للدنيا لاغالب إلا الله،وأن فوق كل قوي من هو أقوى منه،
            وأن النصرمن عند الله ينصرمن يشاء.

            ومن هنا كسبت
            سلطنة المماليك مركزالصدارة بين سلاطين المسلمين
            ،
            كما استقامت ل
            مصرزعامة جديدة في العالم الإسلامي
            .
            ولكن،
            ما أصل أولئك المماليك؟

            أصل المماليك
            إنهم خليط من الأتراك والروم والأوربيين والشراكسة،
            جلبهم الحكام ليستعينوا بهم في القرن السادس الهجري وحتى منتصف القرن السابع.
            كان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده،وتدعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته، وممن عمل على جلبهم والاستعانة بهم الأيوبيون،وبخاصة في عصورهم المتأخرة
            لما أصابهم الضعف واحتاجوا إلى الرجال.لقد كانوا يُباعون للملوك والأمراء،
            ثم يُدَرَّبون على الطاعة والإخلاص والولاء.


            المماليك في مصر
            وعرفت مصرنوعين من هؤلاء المماليك:

            1-
            المماليك البحرية
            وهم الذين أسكنهمالملك الصالح الأيوبيقلعة في جزيرة الروضة
            ،
            ونسبوا إلى بحرالنيل،أو سمّوا بذلك لأنهم قدموا من وراء البحار،
            وهؤلاء حكموا مصرمن سنة(648-784هـ/1250-1382م)
            وتداول عرش مصرفي عهدهم أربعة وعشرون سلطانًا .

            2-أما النوع الثاني فهمالمماليك البرُجية أو الجراكسة
            ،
            وسُمّوا بذلك لأنالسلطان قلاوونأسكنهمأبراح قلعة الجبل
            ،
            ولأن الجراكسة كانوا أكثرعددًا،وهؤلاء حكموا مصرمن سنة
            (784-923هـ/1382-1517م)وهم ثلاثة وعشرون سلطانًا.

            لقد عرفت البداية لدولة المماليك
            ،
            ولقد كانت النهاية على يد
            العثمانيين عند مرج دابق والريدانية(حي العباسية
            )
            سنة 923هـ،وكانت الغلبة للعثمانيين الذين آلت إليهم ممتلكات
            المماليك
            ليبدءوا عهدًا جديدًا.
            ولم يأخذ
            المماليك بمبدأ وراثة العرش
            ،وإنما كان الطريق مفتوحًا أمام من أبدي
            شجاعة وإقدامًا ومقدرة.هذه هي المؤهلات في
            دولة المماليك
            التي قامت على
            أنقاض
            دولة الأيوبيين، وبعد مقتل توران شاه آخرسلاطين الأيوبيين بمصر.

            التصدي للمغول
            إن المغول يزحفون..
            وإن الخطرقادم فلتتوقف الخلافات بين المسلمين،
            ولتتوحد القوى في مواجهة هذا العدو!
            لقد استولى
            المغول على الأراضي الإسلامية التابعة لخوارزم شاه
            ،
            ثم واصلوا سيرهم -كما عرفت من قبل-
            مهددين
            العراق حتى أسقطوا الخلافة العباسية
            .
            كانت
            مصر في ذاك الوقت يحكمها علي بن أيبك
            الذي كان في الخامسة عشرة،
            والذي تولى
            مصربعد وفاة أبيه المعزأيبك،وكان ضعيفًا لا حول له في هذه الظروف الصعبة.وراحت مصر
            تتطلع إلى مملوك قوي يحمي حماها،ويصون أرضها.
            لقد سقطت
            الخلافة العباسية،واستولى التتارعلى بغداد وبقية مدن العراق
            ،
            ثم اتجهوا نحو
            بلاد الشام التي كانت مقسَّمة إلى إمارات يحكمها أمراء أيوبيون
            ،
            وتمكن
            التتارمن الاستيلاء على حلب سنة657هـ/1277م.

            سيف الدين قطز
            وفي هذه اللحظات التاريخية ظهر"سيف الدين قطز"وقد تولى حكم مصر،
            وقال قولته المشهورة:
            لابد من سلطان قاهريقاتل عن المسلمين عدوهم
            .
            ووصلت إلى
            مصر صرخات أهل الشام،واستغاثات أمرائهم من الأيوبيين
            :
            أن تحركوا واعملوا على إنقاذنا،لقد قتلوا العباد،وخربوا البلاد،
            وأسروا النساء والأطفال
            ،
            وأصبحت
            مصرهي الأمل بعدما ضاع الأمل في الخلافة
            ،
            وفي
            أمراء الشام.خرج"سيف الدين قطز"في عساكره،حتى انتهي إلى الشام.

            عين جالوت
            وكان اللقاء عظيمًا عند"عين جالوت"في الخامس والعشرين من رمضان
            الذي وافق يوم جمعة.

            ولأول مرة يلقى المغول
            من يصدهم ويهزمهم هزيمة ساحقة،وكان النصر
            لراية
            الإسلام.وكانت صيحة واحدة صدق بها المسلمون ربهم "وا إسلاماه"،
            وفي يوم واحد،انقلبت الأوضاع،وأذن الله بنصره بعد عصرطويل من الذل والمهانة، وبعد جبال الأشلاء وأنهارالدماء التي غرق فيها المسلمون .

            عزة بعد ذل
            ولكي تدرك مدى الضعف الذي كان عليه المسلمون قبل أن يعودوا إلى ربهم،
            فاعلم أنالتتريكان يلقىالمسلم فيبغداد
            وليس معه سيف،فيقول للمسلم:
            قف مكانك حتى أحضرالسيف لأقتلك.فيبقى المسلم جامدًا ذليلا في مكانه حتى
            يأتيه التتري بالسيف فيقتله به!

            لقد قاتل سيف الدين قطزقتالا عظيمًا،وقاتل معه الأمراء المماليك
            حتى النصر .
            ووقف
            قطز يوم "عين جالوت"
            على رجليه تاركًا جواده،وهو يقول لمن راح
            يلومه على ذلك خائفًا عليه:
            إنني كنت أفكر في الجنة،وأما الإسلام فله رب لا يضيعه!

            لقد قام قطزبنفس الدورالذي قام به صلاح الدين..
            عرف الحقيقة،وأعلنها على الناس:
            لقد انهزمتم أمام التتارلتهاونكم في أمر دينكم،فاستمسكوا بهذا الدين،
            والله منفذ وعده الذي وعد:
            (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون)
            [النور:55].

            الظاهربيبرس
            ولكنه لقي مصرعه وهو في طريق العودة بعد النصر!
            ويتولى الأمر من بعده
            "الظاهر بيبرس البندقداري"
            ،
            يتولى
            سلطنةمصر،والشام،ويبعث بإحضارأحد العباسيين إلى
            مصر
            ويعينه خليفة للمسلمين،وهو المستنصربالله،وقد تولى بعد مقتله الحاكم بأمرالله
            الخلافة بمصر،وأُطلق عليه أمير المؤمنين
            ،وكان يدعي له على المنابر،
            أما الأمروالنهي فهو
            للمماليك حتى سقطت الخلافة
            ،
            وانتقلت من
            العباسيين إلى العثمانيين.

            قتال الصليبيين
            وإذا كان التاريخ قد سجل للمماليك في حرب المغول بطولة رائعة،
            فقد سجل لهم قبل سنة 648هـ/ 1250م بسالتهم وإقدامهم في قتال
            الصليبيين عند"المنصورة"وعند"فارسكور"بقيادة الظاهربيبرس
            .

            إن
            الظاهربيبرس لم يترك سنة في فترة ولايته دون أن يغزو الصليبيين
            ويحقق انتصارات عليهم.لقد استرد"الكرك"
            سنة 661هـ/ 1263م،
            و
            "قَيْسَارِيَّة"سنة 663هـ/ 1265م،وكثيرًا من البلاد التي استولى عليها الصليبيون
            مثل "صفد"،و"يافا"،و"أنطاكية"
            سنة 666هـ/ 1268م.
            لقد وقف
            بيبرسللتتاروللصليبيين معًا بعد أن تحالفت قوى التتاروالصليبيين
            ضد المسلمين.وكان لهما بالمرصاد،وأسس دولة المماليك تأسيسًا قويّا،
            وعندما لقي ربه سنة 676هـ/1278م،
            استمر الملْك في ذريته حتى سنة 678هـ/ 1279م .

            الملك الأشرف خليل
            ومرت سنوات قبل أن يتولى الملك"الأشرف خليل"أمرالبلاد بعد وفاة والده
            قلاوون سنة 690هـ/1281م،وفيها أسدل الستارعلى الصراع الصليبي
            مع المسلمين في العصورالوسطى
            .
            لقد فتحت
            "عكا" وبقية مدن الساحل
            في هذه السنة،
            وهرب
            الصليبيون إلى "قبرص"التي أصبحت ملجأ لهم في الشرق
            ،
            وهكذا قطع الله دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين .

            لقد حُلّت العقدة التي سادت الناس جميعًا كما سادتهم قديمًا عن عدم إمكان هزيمة الجيوش المغولية مهما كانت أعدادها،وكسبت سلطنة المماليك مركزالصدارة بين سلاطين المسلمين،كما استقامت لمصرزعامة جديدة في العالم الإسلامي
            .

            "وهذا ما يبرر لمصر الدور الريادى الذى حباها الله به
            فى مختلف العصور إلى قيام الساعة،،،فلن تقوم للأمة قائمة
            بدون مصر أبداً،،،وأيضاً لهذا السبب كانت وما زالت مصرمطمعاً
            ومحط أنظارالغزو والإستعمار"

            غزو الصليبيين
            ويستمر عهد المماليك البحرية حتى سنة 784هـ/1382م،
            وكان عهد استقرارورخاء،ولكن بوفاة
            الناصرمحمد بن قلاوون

            سنة741هـ/1341م،اضطربت
            البلاد المملوكية مما شجع الصليبيين

            على غزو
            مصرسنة 767هـ/ 1366م،من جزيرة "قبرص"
            حتى سقطت
            الإسكندرية
            في أيديهم بعد أن ساءت أحوال البلاد لعدم وجود رجل قوي
            على رأس
            المماليك بعد الناصرقلاوون
            ،وسقط كثيرمن الشهداء على أيدي
            الصليبيينالذين اعتدوا على البنات والنساء.

            بداية عهد المماليك البرجية
            ولكن يشاء الله أن يبدأ عهد جديد على "المماليك البرجية" يعيد للمسلمين
            مجدهم، ويرفع راية الإسلام من جديد على ربوع الوادي .
            لقد بدأ عهد المماليك البرجية بالظاهربرقوق سنة784هـ/1382م،
            وانتهى بالأشرف قنصوه الغوري الذي قتل في مرج دابق على يد العثمانيين
            سنة 922هـ/ 1516م.

            ولا ننسى للمماليك بصفة عامة دفاعهم عن الإسلام وأهله ودياره ضد التتار
            ،
            فلقد أبلوا بلاء حسنًا،وكانوا خيرعَونْ ل
            لإسلام والمسلمين في كل فترة من فترات تاريخهم .

            حضارة المماليك
            ولقد اهتم المماليك بالأوضاع الحضارية من بناء للمدارس والمساجد والعمائر،
            حتى يعد عصرهم من أزهى العصور في العمارة،
            فقد كان
            للمماليك
            إسهام رائع في مجال العمارة،فقد أصبح فن العمارة على
            أيديهم إسلاميًا يستقي قواعده من مبادئ الإسلام وأصوله،
            ف
            فن بناء البيوت مثلا على عهدهم انطلق من مبدأ منع الاختلاط والغيرة على النساء،فتبني البيوت الطابق الأول للرجال ويسمى"السلاملك"والسفلي للنساء ويسمى"الحرملك"ومدخل البيت ينحرف غربًا نحو دهليزومنه إلىحجرة الضيوف، حتى لا يرى الدَّاخِل مَنْ في وسط البيت
            ،
            وكانت هناك مداخل خاصة بالنساء فقط،وكانت شبابيك البيوت مرتفعة بحيث
            لا يرى السائرفي الطريق ولو كان راكبًا من بداخل البيت،وكانت هذه الشبابيك
            عبارة عن خشب مثقوب يسمح بدخول الضوء والهواء،ويسمح لمن بداخل البيت
            برؤية من بالخارج بحيث لا يري من بالخارج من بداخل الحجرات
            "المشربية"
            .
            كما كانوا يجعلون أماكن خاصة في الدورالسفلي للدواب والمواشي،
            وحجرات خاصة للمطابخ،وهم الذين ابتكروا نظام دولاب الحائط الذي يوضع
            فيه الأطباق الخزفية،وعنهم أخذ هذا النظام.

            وكان لهم اهتمامهم بالزراعة والصناعة،إلى جانب تأليف الموسوعات العلمية
            والأدبية،ومن هذه الموسوعات التي ازدهرت في عهدهم
            "صبح الأعشى في صناعة الإنشا"للقلقشندي
            ،
            و
            "نهاية الأرب في فنون الأدب"للنويري
            .
            كما ازدهرت في عهدهم التآليف التاريخية،
            مثل
            "المواعظ والاعتباربذكرالخطط والآثار"للمقريزي
            ،
            و
            كافة مؤلفاته
            ،
            و
            مؤلفاتابن تغري بردي وغيرهما .

            يُتبع إن شاء الله مع ،،،

            دولة الخلافة العثمانية

            __________________

            تعليق


            • #21
              رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

              دولة الخلافة العثمانية
              لقد كان القرن السابع الهجري،(الثالث عشر الميلادي)
              فترة سوداء في تاريخ العالم الإسلامي بأسره،

              ففي الوقت الذي تقدمت فيه جحافل المغول الوثنيين من الشرق
              ،
              وقضت على
              الخلافة العباسية في بغداد

              كانت بقايا
              الجيوش الصليبية لا تزال تحتل أجزاء من شواطئ فلسطين
              !
              ومما زاد الحالة سوءًا أن الدولة الأيوبية التي تولت حماية العالم الإسلامي
              من هجمات الصليبيين أخذت تضعف بعد وفاة منشئها صلاح الدين.
              وقد ترتب على هذا أن أخذت مناطق المسلمين تتقلص بين
              ضربات الوثنيين من الشرق،وحملات الصليبيين من الغرب.
              وراح بعض الناس يعتقد أن الإسلام لن تقوم له قائمة مرة أخري،
              إلا أن الكارثة لم تقع.

              تُرى ما سبب ذلك؟
              يقول المؤرخون:هناك سببان:
              أولهما:
              أنه بالرغم من انتصارالمغول على المسلمين في ميدان الحرب
              فإن الإسلام انتصرعليهم في ميدان العقيدة،

              ففي أقل من نصف قرن دخلالمغول الإسلام
              ،
              فأصبحوا يدافعون عنه،وينشرونه بين أهليهم فيأواسط آسيا
              .

              أما ثانيهما:
              ف
              هوأن دولة المماليك التي خلفت الأيوبيين على مصرفي سنة
              648هـ/1250م،كانت دولة عسكرية قوية يرأسها قواد الجيش من المماليك.
              وكان هؤلاء المماليك،وهم من الأتراك والأرمن وغيرهما،
              قد وصلوا إلى المناصب العالية في الجيش أثناء حكم الأيوبيين.
              وأخيرًا،تولوا الحكم،وعينوا من بينهم السلاطين للدولة،
              وقد كان لهؤلاء المماليك الفضل في إيقاف زحف المغول عند
              "عين جالوت" سنة658/1260 م،
              كما انتزعوا من الصليبيين"عكا"وكانت آخرمعقل لهم في الشرق
              سنة692هـ/1292م.

              أصل العثمانيين
              يقول المؤرخون:
              إنالدولة العثمانية
              كانت أكبروأبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون
              اللغة التركية في العهود الإسلامية.
              وهي إلى جانب ذلك أكبردولة قامت في قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة.

              لقد كان مركزها الأصلي"آسيا الصغري"في أقصي الركن الشمالي الغربي

              من
              العالم الإسلامي
              ،ثم امتدَّت فتوحاتها إلى ثلاث قارات هي:
              آسيا وأوربا وإفريقية
              .
              وتركت بصمات قوية في تاريخ العالم عامة و
              الإسلام
              خاصة،

              ف
              كيف تم للأتراك العثمانيين ذلك؟
              ومَنْ هم؟
              ومن أين جاءوا؟

              أسئلة كثيرة تخطر بالبال حين يذكرأولئك الأتراك العثمانيون،
              ويتساءل الكثيرون عن أصلهم،
              ولابد من طرح هذه الأسئلة قبل الحديث عن حكمهم وفتوحاتهم.


              يعتقد الكثيرون أن أصلهم من أواسط آسيا،وقد هاجروا في جماعات نحو الغرب
              ،
              حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من
              منطقة بحرقزوين
              والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس
              .

              وفي
              أيام الدولة الأموية،
              تمكنت الجيوش الإسلامية من الوصول إلى منطقة سكناهم،
              إلا أنهم لم يعتنقوا الإسلام جديّا إلا في
              أوائل العصر العباسي
              .
              وقد قربهم
              الخليفةالمعتصم -كما علمنا- حين أراد أن يقضي علي سيطرة الفرس
              الذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في الدولة العباسية وبخاصة في عهد المأمون.
              وفي أواخر القرن الخامس الهجري،الحادي عشرالميلادي جاءت موجة أخري
              من
              الأتراك(المعروفين بالسلاجقة) وعلي رأسهم "طغرل بك"،وقضوا علي نفوذالبويهيين في بغداد،وخلصوا الخليفة العباسي من استبدادهم،وتقدموا حتى هددوا القسطنطينية،فتكتل المسيحيون في أوربا،وكان ذلك بسبب هزيمتهم أمام السلاجقة
              في ملاذكرد،وقاموا بتلك الحروب الصليبية
              التي أمدَّت في عمرالقسطنطينية
              أربعة قرون.

              كيف تكونت دولة الأتراك العثمانيين؟

              في حوالي سنة 622هـ/1224م كانت جيوش التتاربقيادة جنكيزخان
              تتقدم إلي الغرب في اتجاه الدولة العباسية
              .
              ومن بين الذين فروا أمام
              الزحف التتري مجموعة من الترك كانت تسكن منطقة "خُوارزم"،فتحركوا غربًا حتي وصلوا إلي آسيا الصغري
              بالقرب من دولة
              "سلاجقة الروم"
              سنة 1250م تقريبًا.
              وهناك اتصل قائدهم
              "أرطغرل" بالسلطان علاء الدين زعيم دولة سلاجقة الروم
              (وهم فرع آخر من نفس الجنس التركي)،فوافق علاء الدين
              علي وجودهم،
              ومنحهم
              منطقة حول أنقرة ليستقروا فيها علي الحدود بين دولته ودولة البيزنطيين
              .
              فلما وصلت
              جيوش المغول إلى "دولة السلاجقة" وقف "أرطغرل"
              إلي جانب
              "علاء الدين"،حيث تمكنا من هزيمة المغول وإنقاذ دولة السلاجقة
              .

              بعد وفاة
              "أرطغرل" سنة 688هـ/1288م،عُيّن ابنه "عثمان"
              خلفًا له،
              ف
              كان قويّا محبوبًا بين أهله،ذا مكانة في بلاط السلطان علاء الدين؛
              مما أثارحسد وزرائه
              .
              فلما مات
              علاء الدين كثرت المؤامرات،وضعفت الدولة،فاغتنم عثمان
              الفرصة،
              واستقل عن
              السلاجقة
              ،وأخذ يضيف بعض أجزاء دولتهم إلى سلطانه،
              وهكذا تأسست
              الدولة العثمانية
              ،وكان ذلك في سنة 700 هـ/1300م.
              وبذا فقد نسبت تلك المجموعة من
              الأتراك إلى هذا الرجل العظيم "عثمان"
              فسموا الأتراك العثمانيين؟
              وكان الإسلام هدف العثمانيين وشعارهم،له يعملون،وفي سبيله يجاهدون ويحاربون.

              فتوحاتهم المباركة
              كان الطريق مفتوحًا أمام هذه الدولة الناشئة ؛
              فلم يكن هناك ما يقف في طريق توسعها؛حيث إن
              الإمبراطورية البيزنطية

              خرجت بعد
              الحروب الصليبية
              وهي أسوأ حالا مما كانت عليه من قبل.
              ويذكر المؤرخون أَنَّ حملة من
              الحملات الصليبية قد احتلت القسطنطينية
              نفسها
              سنة 602هـ/1204م ،ولم تتخلص
              عاصمة البيزنطيين
              منهم إلا بعد أكثرمن
              ستين عامًا،فلما شرع
              عثمان في التقدم نحو الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية
              وجد الطريق مفتوحًا أمامه.
              وقد واصل ابنه
              "أورخان" هذه الفتوحات حتى بلغ "نيقية"
              وخضعت له
              آسيا الصغرى (تركيا)،كما تمكن من عبور"الدردنيل"،والوصول إلى"مقدونيا"
              غيرأنه لم يتقدم نحو أوربا
              .

              وكان لابد أن يتفرغ بعد هذا لتنظيم دولته،ف
              أنشأ جيشًا نظاميّا عُرف بالانكشارية
              (أى الجنود الجدد
              ).وكان هذا الجيش مكونًا من أبناء البلاد المفتوحة.
              فتم تدريبهم منذ الصغرعلى الإسلام والعسكرية،
              وأعدت لهم معسكرات وثكنات يعيشون فيها حتى لا يختلطون بغيرهم،
              مهمتهم التي أعدوا لها هي الدفاع عن الإسلام مع الفرسان من العثمانيين،
              فيشبون أقوياء الجسم،مطيعين لقوادهم الذين لايعرفون غيرالطاعة الكاملة..
              أتدري مَنْ أول من استخدم هذا الجيش استخدامًا فعالا؟

              السلطان مراد الأول
              إنه السلطان"مراد الأول" ابن "أورخان" وكان مراد نفسه جنديّا شجاعًا
              قرر أن يشن حربًا على أوربا بأسرها
              .
              لقد أراد أن ينتقم من
              الأوربيين لاعتدائهم على الإسلام والشرق أثناء الحروب الصليبية.هذا بالإضافة إلى حماسه للإسلام
              ،وحبه له وللدفاع عنه ضد أعدائه،
              ورغبته في نشر
              الإسلام في بلاد الكفر
              ،وتبليغ دعوة الله إلى العالمين،
              فمن المعروف أن
              الأتراك
              من أقوى الشعوب حماسة،ومن أقواهم عاطفة تجاه
              الإسلام والمسلمين
              ،وكان سمتهم في تعاملهم مع الأسرى سمتًا إسلاميّا يدل على
              فهمهم ل
              لإسلام ولمبادئ الحرب والقتال فيالإسلام
              ،
              وهذا ما شهد به أعداؤهم.
              لقد عبرت جيوشه
              الدردنيل(كما فعل والده من قبل)،واحتل مدينة "أدرنة"
              ،
              وجعلها عاصمته سنة 765هـ/1362م بدلا من العاصمة القديمة
              "بروسّة"
              ،
              وبذلك يكون قد نقل مقرقيادته إلى
              أوربا استعدادًا لتأديب وإخضاع تلك
              القارة
              المعتدية
              !
              شملت فتوحات
              "مراد":مقدونيا،وبلغاريا،وجزءًا من اليونان والصرب
              ،
              كما هدد
              القسطنطينية
              ،وأجبر إمبراطورها على دفع الجزية.
              لكن يشاء الله أن يقتل
              مراد
              في ميدان القتال سنة 793هـ/1389م،
              في الوقت الذي كانت فيه
              جيوش المسلمين الظافرة تحتل صوفيا عاصمة بلغاريا.

              السلطان بايزيد
              فمن يا تُرى يخلفه؟
              لقد خلفه ابنه "بايزيد"
              ومن شابه أباه فما ظلم.
              كانوا يلقبونه(ب
              الصاعقة

              وذلك لسرعة تحركاته في ميادين القتال وانتصاراته الخاطفة.
              أتدري ماذا حقق من انتصارات بعد أبيه؟
              لقد أتم فتح اليونان
              .
              أما
              الدولة البيزنطية فقد جردها من كل ممتلكاتها ماعدا القسطنطينية
              وحدها.
              لقد بلغ "
              بايزيد"من القوة ما جعله يمنع إمبراطورالقسطنطينية
              من إصلاح أحد
              حصون المدينة فيذعن الإمبراطورلأمره،وينزل عند رأيه.
              وكانت نتيجة هذا الجهاد المقدس انتشارالذعر في
              جميع أنحاء أوربا
              ،
              فقامالبابواتفيروما
              ينادون بالجهاد ضد المسلمين كما فعلوا سنة
              489هـ/1095م،وتجمعت فرق المتطوعين من فرنسا وألمانيا وبولندا
              وغيرها وقادهم
              سِجِسْمُنْد المجري
              .

              وفي سنة 799هـ/1396م اشتبك معهم
              "بايزيد" في معركة"نيقوبولس"
              وهزمهم هزيمة نكراء،
              فدقَّت أجراس الكنائس في جميع أوربا حدادًا على تلك
              الكارثة،وانتابها الذعروالقلق.وراحت أوربا تخشى مصيرها الأسود القاتم إذا تقدم
              ذلك القائد المظفر نحو الغرب.

              أما القسطنطينية فقد أوشكت على السقوط أمام جيوش بايزيد!

              هجوم التتار
              في هذه اللحظات التاريخية يتعرض جنوب الدولة العثمانية إلى هجمات التتار،
              وكانت هذه هي الموجة الثانية(بعد تلك التي قام بها هولاكو
              )
              جاء على رأسها
              تيمورلنك،فغزا بلاد فارس والعراق وأجزاء من سوريا
              ،
              ثم اتجه
              شمالا نحوالدولة العثمانية
              .
              ولما شعر
              بايزيد بذلك الخطرأوقف تقدمه في أوربا
              كما رفع الحصارعن
              القسطنطينية، واتجه جنوبًا
              لملاقاة العدو.

              وفي سنة 805هـ/1402م تقابل
              بايزيد مع تيمورلنك بالقرب من أنقرة
              ،
              ودارت الحرب بينهما زمنًا طويلا كان النصرفيها حليفًا ل
              قوات التتر
              !
              ووقع
              "بايزيد"في أسرعدوه تيمورلنك
              الذي عذبه عذابًا شديدًا.
              ويقال:
              إنه سجنه في قفص،وطاف به أجزاء مختلفة من الدولة حتى مات
              من شدة التعذيب.

              ترى هل كانت هذه الهزيمة نهايةً للأتراك العثمانيين؟
              لا؛ فقد انتعشوا مرة ثانية،
              وقاموا بأعمال تفوق تلك التي قام بها"عثمان" و"مراد" و"بايزيد".


              سقوط القسطنطينية
              مرت على الدولة العثمانية فترتان بين إنشائها واستيلائها على القسطنطينية.

              كانت الفترة الأولى

              واقعة بين استقلال عثمان بالدولة سنة 700هـ/1300م وبين هزيمة
              "بايزيد" في موقعة أنقرة سنة 805هـ/1402م.


              أما الفترة الثانية،

              فتبدأ من إعادة إنشاء الدولة سنة 816هـ/1412م حتى فتح
              القسطنطينية سنة 858هـ/1453م.

              وكانت المدة الواقعة بين هاتين الفترتين -وهي عشر سنوات-
              مدة قلاقل واضطرابات.
              ولكن
              ماذا فعل تيمورلنك بعد موقعة أنقرة وأسربايزيد؟

              عودة تيمورلنك إلى بلاده
              بعد موقعة أنقرة تراجع تيمورلنك،فلم يكن قصده احتلال آسيا الصغري،
              بل كان كل همه وأمله أسر
              بايزيد
              ،أمَا وقد تحقق له ما أراد،فليرجع إلى بلاده،
              لقد ترك البلاد مهزومة مفككة،وترك أولاد
              بايزيد
              يتحاربون فيما بينهم من أجل
              الملك.واستمرت فترة حكمه حوالي ثماني سنوات،أخذ يعمل فيها بحكمة وتعقل؛
              لكي يدعم سلطانه داخل الدولة،فاتبع سياسة المهادنة والصداقة مع كل الأعداء.
              لقد عقد هدنة مع إمبراطور
              القسطنطينية
              ،وقد رحب الإمبراطوربتلك الهدنة؛
              لأنه هو الآخر كان في حالة ضعف شديد نتيجة ضربات
              بايزيد
              المتوالية على دولته.
              أما
              السلاجقة،فقد ترك لهم "السلطان محمد" كل الأراضي التي تحت أيديهم،
              وتفادي أي اشتباكات معهم،وركزكل همه في توطيد سلطانه في الداخل،
              وكان له ما أراد.

              السلطان مراد الثاني
              فلما توفي"السلطان محمد" وخلفه ابنه "مراد الثاني"سنة825هـ/1421م،
              كانت حالة
              الدولة العثمانية
              تمكنها من اتخاذ بعض الخطوات الهجومية وقد كان.
              فلقد استردّ
              "مراد الثاني" ما أخذه السلاجقة من أراضي العثمانيين
              ،
              واستعاد
              العثمانيون ثقتهم وقوتهم في عهد مراد الثاني،فاتجهوا إلى أوربا
              .
              ولكن
              أوربا لم تنسَ هزيمتها في "نيقوبولس"
              وما لحق بها من عار،
              فراحت تكون جيشًا كبيرًا من
              المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين
              ،
              وهاجمت
              ممتلكاتالدولة العثمانية في "البلقان"
              .

              وفي البدء تمكن
              الصليبيون من إحرازعدة انتصارات على جيوش مراد
              ،
              إلا أن السلطان
              "مرادًا
              "جمع قواته،وأعاد إعدادها وتشكيلها حتى التقى مع أعدائه
              سنة 849هـ/1444م،فأوقع بهم الهزيمة،وعلى رأسهم ملك المجر
              "فلادسلاق"
              وصدهم حتى نهرالدانوب
              .
              رحم الله
              مراد،لقد أعاد الدولة العثمانية إلى ما كانت عليه أيام جده بايزيد
              .
              وهكذا لما توفي
              "مراد الثاني" في "أدرنة"
              سنة 856هـ/ 1451ترك لابنه
              محمد الثاني المعروف "بالفاتح" دولة قوية الأركان،عالية البنيان،
              رافعة أعلامها،متحدة ظافرة منتصرة.

              فتح القسطنطينية
              كان أول هدف لمحمد الفاتح القضاء علي القسطنطينية،
              تلك
              المدينة التي صمدت أمام كل الهجمات الإسلامية من عهد معاوية ابن أبي سفيان
              في منتصف القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن الخامس عشر
              .
              لقد كان الاستيلاء عليها أملا يراود الكثيرين من قادة
              الإمبراطورية الإسلامية
              وخلفائها،وفخرًا حاول الكثيرون أن ينالوه ويحظوا به،ولم لا وقد قال
              -عليه الصلاة والسلام-:
              "لتفتحن القسطنطينية،فلنعم الأميرأميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش".
              [أحمد والحاكم].

              السلطان محمد الفاتح
              جاءمحمد الثاني(محمد الفاتح)وكان مع الفتح على موعد،
              فعقد العزم على فتحها،وإضافتها إلى العالم الإسلامي الكبير،
              ولم يكن هذا هو هدفه الوحيد،بل كانت هناك عوامل كثيرة تحركه وتدفعه
              إلى تحقيق هذا النصروذلك الفتح العظيم،

              أيقال:إنه فتح الفتوح؟!
              أم أيقال:إنه فتح باركته ملائكة السماء؟!
              وكيف لا،
              والإمبراطورية البيزنطية كانت العدو الأول للإسلام بعد أن سقطت دولة الفرس
              في القرن السابع الميلادي،وظلت تصطدم مع المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين
              ،
              وفي
              خلافة الأمويين والعباسيين
              وما بعدها!
              وكثيرًا ما كانت تتحين فرص ضعف
              الدولة الإسلامية
              فتغيرعليها،
              وتنتزع بعض أراضيها.
              ولا يخفى أن بعد موقعة
              "ملاذكرد" في القرن الحادي عشرأصبحت القسطنطينية
              نفسها محورًا تتمركز فيه كل قوى الصليبيين المتجمعة من أطراف القارة الأوربية؛ لتشن الغارة تلو الغارة على الأراضي المقدسة،ومناطق نفوذ المسلمين
              الأخري.
              ولا ينسى أحد
              للقسطنطينية أنها في سنة 768هـ/1366م،تحالفت مع روما ودولأوربا الأخرى إلا أن بايزيد هزمهم في "نيقوبولس"
              .

              ولم يَنْسَ
              خلفاء الدولة العثمانيةللقسطنطينية
              أنَّها في سنة 846هـ/1441م
              تآمرت مرة أخرى مع
              ملوك البلقان ضد مراد الثاني،إلا أن الله نصرمرادًا
              عليهم فقضى على تحالفهم،وشتت شملهم،وَفرَّق جموعهم.

              فلْيقضِ
              محمد الفاتح على تلك القلعة الحصينة
              التي كثيرًا ما ضربتهم من الخلف،
              إن هو أراد أن يستمر في
              فتوحاتهالأوربية
              .
              وراح
              محمد الفاتح يضع الخطة بإحكام،عقد هدنة مع ملوك الصليبيين في البلقان
              لمدة ثلاث سنوات.واستغل هذه الفترة الآمنة الهادئة في تحصين حدوده الشمالية
              وتأمينها.
              ثم ماذا؟
              ثم جهزجيشًا قوامه 60 ألف جندي نظامي،واتجه بهم نحوالقسطنطينية
              وحاصرها،
              ومع أن
              حامية القسطنطينية
              لم تكن تزيد على 8000 جندي إلا أنها كانت محصنة
              جدّا،ف
              البحر يحيط بها من ثلاث جهات،أما الجهة الرابعة فقد أحيطت بأسوارمنيعة
              ،
              وهذا هو السبب الرئيسي في صمودها طوال هذه القرون واستعصائها على
              بني أمية وبني العباس
              .
              وقد كان تأخرسقوط
              القسطنطينية
              في أيدي المسلمين هو السبب في تأخرانهيار
              الدولة البيزنطية
              ،فسقوط العاصمة يتسبب عنه سقوط الدولة بأكملها،
              ولعل ذلك يرجع إلى أن قدرًا من الحضارة المادية كان عند
              البيزنطيين
              ؛
              بحيث يستطيعون تحصين عاصمتهم والدفاع عنها،وقد تأخرسقوط
              الدولة البيزنطية
              لمدة ثمانية قرون كاملة،على عكس الدولة الفارسية
              التي سقطت وزالت مبكرًا
              نتيجة سقوط
              "المدائن"
              عاصمتها في وقت قصير.
              إلا أن الأحوال قد تغيرت كثيرًا في سنة 858هـ/1453م عندما حاصرها
              محمد الفاتح
              .
              وكان العالم قد توصل في ذلك الوقت إلى اكتشاف البارود
              -الذي يرجع الفضل في اكتشافه إلى العلماء المسلمين-
              مما جعل الأسوار كوسيلة للدفاع قليلة الفائدة
              .
              وإلى جانب هذا وذاك،فإن
              الأسطول الإسلامي أصبح أقوى بكثيرمن
              أسطول
              البيزنطيين
              ،فحاصرالمدينة من جهة البحر،
              وأغلق مضيق البسفورفي وجه
              أية مساعدة بحرية.

              واستمر الحصارستة أسابيع،هجمت بعدها الجيوش الإسلامية
              ،
              وتمكنت من فتح ثغرة في أحد الأسوار،ولكن
              الحامية الصليبية
              - برغم قلتها-
              دافعت دفاعًا مريرًا،ومع ذلك فقد دخل
              محمد الفاتحالقسطنطينية
              ،
              وغيراسم القسطنطينيةإلى"إسلام بول"(أي عاصمة الإسلام

              ولكنها حرفت إلى إستامبول،كما جعل أكبر كنائس المدينة(أيا صوفيا
              )
              مسجدًًا بعد أن صلى فيهالجيش الفاتح بعد النصر،
              أما المسيحيون فلم يعاملهم بما كانوا يعاملون به المسلمين،
              لقد ترك لهم حرية العبادة،وترك لهم بطريقَهُم يشرف على أمورهم الدينية.


              تسامح المنتصر
              وقد وصف فولتيرالفيلسوف الفرنسي الشهيرموقف المنتصرالمسلم من المهزوم
              المسيحي بقوله:
              إن الأتراك لم يسيئوا معاملة المسيحيين كما نعتقد نحن،
              والذي يجب ملاحظته أن أمة من الأمم المسيحية لا تسمح أن يكون للمسلمين
              مسجد في بلادها بخلاف الأتراك، فإنهم سمحوا لليونان المقهورين بأن تكون لهم كنائسهم،

              ومما يدل على أن السلطان محمد الفاتح كان عاقلا حكيمًا تركه للنصارى
              المقهورين الحرية في انتخاب البطريق،ولما انتخبوه ثبته السلطان وسلمه
              عصا البطارقة، وألبسه الخاتم حتى صرح البطريق عند ذلك بقوله
              :
              إني أخجل مما لقيته من التبجيل والحفاوة،
              الأمرالذي لم يعمله ملوك النصارى مع أسلافي.


              هذه هي حضارة الإسلام ومبادئه في ميدان الحرب والتسامح
              مع أهل العقائد الأخري
              ،
              على خلاف النصارى في حروبهم مع المسلمين سواء في الحروب الصليبية
              أو في الأندلس أو في العصرالحديث في كل مكان،فإنهم يقتلون الأبرياء،
              ويحرقون الأخضرواليابس،ويخربون بيوت الله،ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.


              ولم يكتف "محمد الثاني" بهذا النصر،بل سار إلى أعدائه في الغرب
              ،
              وأخضع معظم
              دول البلقان،إلى أن وصل إلى بحرالأدرياتيك،وفي آسيا امتدت سلطة العثمانيين حتى نهرالفرات فهزموا السلاجقة،واستولوا على جميع أراضيهم.

              آخر خليفة عباسي
              وجاء "السلطان سليم" بعد محمد الفاتح،فدخلت الجيوش الإسلاميةالجزيرة العربية بأسرها،وعَرَّجوا على مصرفقضوا على حكم المماليك فيها،وضموها لممتلكاتهم.
              وفي
              مصر،وجد السلطانُ سليم آخرَسلالة الخلفاء العباسيين
              واسمه
              "المتوكل على الله الثالث"،وطلب منه أن يتنازل له عن الخلافة
              فقبل،

              وقد يتساءل:كيف يكون هناك
              خليفة عباسي مع أن التتارقضوا على
              الخلافة
              العباسية
              في بغداد
              سنة 656هـ.

              الواقع أنه بعد مقتل
              الخليفة المستعصم في بغداد
              تمكن بعض أفراد أسرته
              من الهروب إلى
              مصر،فآواهم سلاطين المماليك،ولقبوا أحدهم خليفة
              ،
              وكانت
              خلافة رمزية،الغرض منها إكساب دولة الخلافة
              سمعة كبيرة بوجود
              الخليفة
              فيها.
              واستمرت سلالة هؤلاء
              الخلفاء
              حتى سنة 924هـ/1518م،
              عندما دخل
              السلطان سليممصروهزم المماليك
              ،ولما أراد العودة إلى العاصمة
              إسلام بول أخذ معه الخليفةالمتوكل على الله الثالث الذي تخلى للسلطان سليم
              عن الخلافة،وسلمهالراية والسيف والبردة
              سنة 925هـ/1518م.

              يتبع سقوط الخلافة العثمانية ،،،
              __________________


              تعليق


              • #22
                رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

                سقوط الخلافة العثمانية

                وهكذا انتقلت الخلافة إلى الدولة العثمانية،واستمرت فيها حتى
                سنة 1342هـ/1923م،
                حتى ألغاها
                مصطفى كمال أتاتورك (داعى العلمانية فى تركيا
                )
                ونقل العاصمة إلى
                أنقرةعاصمة تركيا الحديثة
                ،
                وألغى اللغة العربية في 1342هـ/3 مارس 1924م.

                وكان
                اليهود قد حاولوا في عهد السلطان عبد الحميد الثاني
                التأثيرعليه
                بشتى الوسائل،وإغرائه بالمال،ليسمح بتأسيس وطن قومي لليهود،فأبي،

                وقال:
                تقطع يدي ولا أوقع قرارًا بهذا،لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية
                ما يزيد على ثلاثين سنة،فلن أسود صحائف المسلمين من آبائي وأجدادي السلاطين والخلفاء العثمانيين.

                وتجمعت كل القوى المعادية للإسلام لتقضي على الخلافة
                ،
                فكان لهم ما أرادوا،وتفرق شمل
                المسلمين
                ،واستبيحت ديارهم،
                ف
                إنما يأكل الذئب من الغنم الشاردة،
                وها نحن أولاء نشهد حربًا تدورفي الخفاء والعلن ضد الإسلام
                والمسلمين في كل مكان،ولا خلافة لهم تجمع كلمتهم وتدافع عنهم.

                منجزات الخلافة العثمانية

                1-فتح القسطنطينية،وتحقيق حلم وأمل المسلمين.

                2-وقوف السلطان عبد الحميد في وجه اليهود بقوة،
                ومنعهم من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.


                فيروى أنه بعد عقد "مؤتمر بال" بسويسرا
                1336هـ/1897م
                والذي قرراتخاذ
                فلسطين وطنًا قوميّا لليهود،ذهب(قره صو
                )
                إلى
                الخليفة عبد الحميد،وذكرله أن الحركة الصهيونية
                مستعدة أن تقدم
                قرضًا للدولة،قدره خمسون مليونًا من الجنيهات،وأن تقدم هدية لخزانة السلطان
                الخاصة قدرها خمسة ملايين من الجنيهات،نظير السماح
                لليهود
                بإقامة وطن
                قومي
                لليهود في فلسطين
                ،
                فصرخ الخليفة في حاشيته قائلا:من أدخل على هذا الخنزير.
                وطرده من بلاده،وأصدرأمرًا بمنع هجرة
                اليهود إلى فلسطين
                .

                3-
                من أبرزخدماتها للمسلمين أنها أخرت وقوع العالم الإسلامي تحت
                الاحتلال الأوربي،

                فما إن زالت الخلافة الإسلامية حتى أتى الغرب على دول المسلمين
                يبتلعها دولة بعد الأخرى،وقد وقف السلطان سليم الأول
                ومن بعده ابنه بقوة
                إلى جانب
                دولة الجزائر ودول شمال إفريقية وساعدهم في مقاومة
                الاحتلال
                الأوربي
                في بداية الأمرعندما استغاث خيرالدين بالسلطان سليم
                فأمده بالعدة والعتاد.

                4-دفاعهم عن الأماكن المقدسة
                ،
                ف
                عندما حاولت قوات الأسطول البرتغالي(مرتين)أن تحتلجدة
                وتنفذ منها إلى
                الأماكن المقدسة في الجزيرة،وقفت في وجهها الأساطيل العثمانية،
                فارتدت على أعقابها خاسرة،بل إن القوات البحرية أغلقت مضيق عدن
                في وجه الأساطيل البرتغالية،فكان عليها أن تأتي بالشحنات التجارية وتفرغها
                في مضيق عدن،ويقوم الأسطول الإسلامي العثماني بتوصيلها إلى عدن
                والموانئ الإسلامية.

                5-
                ويكفي أن الخلافة العثمانية كانت رمزًا لوحدة المسلمين،
                وقوة تدافع عن المسلمين وقضاياهم وأراضيهم،
                بالإضافة إلى الفتوحات الإسلامية، وحرصهم على الإسلام وحبهم له،

                كيف لا،
                وقد قامت دولتهم على حب الإسلام بغرض الدفاع عنه.
                هذا وقد ظلم التاريخ هذه الخلافة الإسلاميةخلافة العثمانيين
                ؛
                لأن تاريخها كتب بأيدي أعدائها سواء من
                الأوربيين
                أو
                من
                العرب الذين تربوا على مناهج الغرب
                ،
                وظنوا أنها احتلال للبلاد العربية،
                ولذلك فتاريخ هذه الخلافة يحتاج إلى إعادة كتابة من جديد.

                ولكن من سيكتب ومن سيقرأ !!!
                فكل العرب له شأن يغنيه
                ولله الأمر من قبل ومن بعد


                ملحق الحروب الصليبية

                القدس الإسلامية

                في عهد الخليفة عمربن الخطاب- رضي الله عنه-،تم فتح الشام
                وفلسطين،وجاء الخليفة بنفسه لتسلم القدس سنة16هـ/637م.
                والقدس مدينة هامة من الوجهة الدينية لدى الأديان الثلاثة.
                لقد فتحت هذه المدينة،وأصبح المسلمون سادتها،
                ولأنهم قد تعلموا من دينهم التسامح فقد فتحوا أبواب المدينة للحجاج
                المسيحيين
                يأتون ويعودون في سلام وأمان.
                وبقيت هذه السّنة الجميلة تقليدًا تبعه الخلفاء من بعده،فقد امتازعهد الرشيد
                بمستوى رفيع من التسامح الديني،فقد أهدى "شارلمان"وهو إمبراطورالمسيحيين
                في ذلك الوقت مفاتيح "كنيسة القيامة"،كما سمح له ببناء مستشفى فيها،
                ومكتبة جمعت كثيرًا من الدراسات المسيحية،وقد كان هذا التسامح سمة كل
                العصورالإسلامية قاطبة.

                بداية الحروب الصليبية
                كان البويهيون يقفون موقفًا سلبيّا من أعداء الإسلام بعد استيلائهم على الخلافة
                العباسية
                ببغداد؛ مما شجع ملك الروم سنة462هـ/1070م على غزو الشام،
                فقد خرج ملك الروم في ثلاث مائة ألف مقاتل،ونزل على"مَنْبح"وأحرق القرى
                بينها وبين أرض الروم،وقتل رجالهم،وسَبَى نساءهم وأولادهم.
                وفزع المسلمون في حلب فزعًا عظيمًا،ولم يكد العام ينتهي حتى عاود ملك الروم هجماته بجيش كثيرالعدد والعدة يريد القضاء على الإسلام والمسلمين،
                حتى وصل إلى"ملاذكرد"من أرمينيا،ولكن"ألب أرسلان السلجوقي"سارإليه
                في خمسة عشرألفًا،وكله إيمان بالله،ويقين بأن الله ناصردينه،قائلا:
                "إنني أقاتل محتسبًا صابرًا،فإن سلمت فبنعمة من الله تعالي،وإن كانت
                الشهادة(الموت في سبيل الله) فإن ابني"ملكشاه"ولي عهدي!

                وأشارالفقيه"أبو نصر البخاري"أن يكون يوم الجمعة بعد الصلاة هو موعد اللقاء
                مع الأعداء،بعد أن يدعو جميع الخطباء للمجاهدين في سبيل الله على المنابر،
                وصلى بهم
                الفقيه البخاري،وبكى السلطان،فبكى الناس لبكائه،ودعا ودعوا معه،
                ثم قال لهم:
                من أراد الانصراف فلينصرف،فما ههنا سلطان يأمر وينهي.
                ثم أخرج السلطان كفنه ليراه جنوده -ليحفزهم على الاستشهاد- ففعلوا مثله.

                وبدأ الزحف إلى الروم،فلما اقترب السلطان منهم نزل عن فرسه،وسجد لله-
                عزوجل-ومَرَّغَ وجهَه في التراب،ودعا الله،وطلب منه النصرعلى أعدائه،
                وأخذ في التضرع والبكاء،ثم ركب فرسه،وهجم على العدو فحملت العساكرمعه،
                وكان نصرالله على الرغم من قلة عدد المسلمين وكثرة أعدائهم،لكن النصرمن
                عند الله ينصرمن يشاء،وهو القوي العزيز.
                كان أرسلان،رحمه الله،عادلاً رحيمًا مقرّا بأنعم الله عليه،
                يتصدق على الفقراء،ولا سيما في رمضان.
                وشاء الله أن يقتل المسلمون من الروم عددًا كبيرًا حتى امتلأت الساحة بجثث القتلى منهم،وأُسرملك الروم،وافتدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار،كما افتدى قواده، وكان موقف أرسلان قويّا،يستمد قوته من عزة المسلم الذى يستمد عزته من عزة الله سبحانه،فقد فرض أرسلان على ملك الروم أن يرد كل أسيرمسلم في أيدي الروم، وشرط عليه أن يرسل إليه عساكرالروم عند طلبها في أي وقت.
                وكانت موقعة "ملاذكرد"هذه بين السلاجقة والروم سنة 463هـ/1071م،
                من المعارك الحاسمة التي أدت إلى هزيمة ساحقة مروعة للروم،وذلك رغم
                التفاوت الكبير بين القوتين،إذ لم تزد قوات أرسلان على عشر من قوات الصليبيين.


                اجتماع كليرمونت
                وقد أدى ذلك إلى أن يستنجد أحد أباطرتهم(ملكوهمأوربا ويستغيث بها،
                فراح البابا يدعو إلى اجتماع عام في"كلير مونت"بفرنسا ويدعو المجتمعين إلى
                غزو الشرق الإسلامي،وتخليص الأراضي المقدسة من الترك،وتخليص أراضي الإمبراطورية البيزنطية من الأعداء الغاصبين،وراح يحث الأمراء على
                توسيع أملاكهم وغزو الشرق الغني،
                فماذا كانت النتيجة؟

                وكيف كانت هزيمة "ملاذ كرد" سببًا في قيام الحروب الصليبية؟
                وفي أثناء هذه الحروب ظهرخطرالمغول،
                فكيف واجهت البلاد إعصارالمغول،والحروب الصليبية؟


                استيلاء الصليبيين على القدس
                وفي عام 491هـ/1097م؛تجمعت قوات الصليبيين في القسطنطينية،
                وبعد أن تم إعدادها عبرت البسفورإلى الشام،ودارت بينهم وبين السلاجقة معركة
                عام 1097م،عند "ضورليوم"،ولكن هزم فيها السلاجقة،ثم استولى الصليبيون
                على أنطاكية في شمالي الشام،وأسسوا بها أول إمارة لهم،ثم استولوا على الرها
                في إقليم
                الجزيرة الشمالي،وأسسوا إمارتهم الثانية واتجهوا إلى مدينة القدس وبها
                بيت المقدس.
                وأمام أربعين ألف مقاتل،لم يستطع جيش الفاطميين فك حصارهم للمدينة الذي استمر شهرًا كاملا،ودخلوها في النهاية في 15 يوليو سنة 1099م،وأقاموا فيها مذبحة
                قضوا على سكانها جميعًا رجالا ونساءً وأطفالا وكهولا،واستباحوا مدينة القدس
                أسبوعًا يقتلون ويدمرون حتى قتلوا في ساحة الأقصى فقط سبعين ألفًا من المسلمين.

                ويذكر أن ريموند القائد الصليبي احتل"مَعَرَّة النعمان"،وقتل بها مائة ألف،ٍ
                وأشعل النار فيها،ثم أقاموا دولتهم الكبرى المعروفة باسم مملكة القدس.
                وفي هذه الحملة،ظلت بعض مدن الشام الهامة مثل حلب ودمشق في أيدي المسلمين.
                لقد تم الاستيلاء على القدس،وشعرالصليبيون أنهم حققوا واجبهم الديني
                باستعادة المدينة المقدسة.

                وقد قسم الصليبيون هذا الإقليم إلى أربع إمارات:
                إمارة الرُّها 492هـ/ 1098م،وتشمل أعالي نهري دجلة والفرات،
                وتقرب حدودها الجنوبية الغربية من حلب،وكانت عاصمتها الرها التي توجد في
                بعض الخرائط باسم إدريسّا .
                أما الثانية فهي إمارة أنطاكية،وتقع في الإقليم الشمالي جنوب غرب إمارة الرها.
                ثم تليها جنوبًا إمارة طرابلس وهي تقع في شريط ضيق على الساحل وهي أصغر
                هذه الإمارات .
                أما الرابعة فهي مملكة القدس،وتمتد حدودها الشرقية من قرب بيروت الحالية،
                ثم تتبع نهرالأردن حيث تتسع قليلا،وتتجه جنوبًا إلى خليج العقبة،
                وكانت عاصمتها القدس نفسها.

                وكان لكل إمارة من هذه الإمارات أميرأوحاكم يحكمها،
                لقد استولوا على القدس،وها هو ذا نصرهم قد تم،وها هي ذي أوربا كلها في
                فرح متزايد،ولكن الخلافات بينهم قد عادت كأشد ما تكون بعد أن تم لهم النصر.


                انتصار نورالدين على الصليبيين
                وبرغم الآلام التي عانى منها المسلمون تحت مطارق الصليب،وبحار الدماء
                والحقد،عاد الإسلام-ولم يكن قد مات يومًا-يشعل صدورالمسلمين،فهبوا جنودًا لله
                كما كانوا،وقيض الله لهذه الأمة رجلا تركيّا هو"عماد الدين زنكي"الذي عرف أن
                طريق النصريبدأ دائمًا بالعودة إلى الله.
                كيف كان ذلك؟
                عندما انقسمت دولة السلاجقة بعد "ملكشاه"استطاع أحد مماليكه الأتراك
                وهوعماد الدين زنكي أن يستقل بإقليم الموصل.
                وما لبثت قوة هذا الرجل أن تضاعفت فقام بهجوم على"الرها"،وتمكن من الاستيلاء على عاصمتها رغم مناعة أسوارها سنة539هـ/1144م.وكان لسقوط "الرها"
                في أوربا هِزة عنيفة أدت إلى الدعوة إلى حملة صليبية أخري.
                ويحمل نورالدين محمود بن عماد الدين زنكي عبء الجهاد والدفاع عن أرض
                الإسلام بعد استشهاد أبيه عماد الدين عام 1146م،على يد أحد أتباع المذهب الإسماعيلي(المعروفون باسم الحشاشين الباطنية)،ويعيد نورالدين فتح الرها التي
                سارع الصليبيون إلى احتلالها بعد استشهاد أبيه،ويعود مظفرًا إلى حلب،
                ومن هناك يستعد للقاء الصليبيين،ويهزمهم بالقرب من دمشق،بل ويهاجم بعد ذلك
                إمارة إنطاكية ويستولي على أجزاء منها،ويقبض على أميرها بوهيموند وجماعة
                من أكابرأمراء الصليبيين،واستطاع أن يخضع باقي مدن الرها التي لم تكن قد
                خضعت من قبل.
                ثم توج جهوده لما دعاه أهل دمشق لحكمهم بعدما رأوا عدله وشجاعته،
                فتكونت جبهة إسلامية واحدة تمتد من حلب إلى دمشق ويدعمها ملك أخيه
                في الموصل.
                رحمك الله يا نورالدين،لقد أضأت للمسلمين طريقهم؛
                فعرفوا كيف يكون الجهاد والتضحية.

                موقف مصر من الصليبيين
                كانت مصرفي ذلك الوقت تحت سلطان الفاطميين الذين كانوا وقتذاك في أقصى
                حالات الضعف،فقد كانت السلطة الفعلية في أيدي الوزراء الذين كانوا يعملون على اختيارالخليفة من ضعفاء الفاطميين حتى يضمنوا سيطرتهم الدائمة على مصر!
                وكانت مصرشديدة الأهمية للصليبيين ولدولة نورالدين.
                إن وقوعها في أيدي الصليبيين يقويهم،ويمدهم بموارد لاحصرلها.
                ووقوعها في يد نورالدين يضع الصليبيين في موقف حرج حيث تهاجمهم
                قوات المسلمين من ثلاث جهات:الشرق،والجنوب،والجنوب الغربي،
                كما أن موارد نورالدين وجيوشه سوف تعظم وتتضخم إن هو استولى على
                مصر، فكيف السبيل إليها؟
                لقد هيأ الله لنورالدين أجمل الفرص.فقد عرف أن قيادة مصرفي ذلك الوقت
                كانت في أيدي الوزراء،وكان أكبرالمتنافسين الوزيران:"شاور"و"ضرغام"،
                وقد اضطر"شاور"إلى الهروب إلى نورالدين والاستنجاد به حين هزمه"ضرغام" وأوشك أن يفتك به.وبلغ"نورالدين"أن جيشًا من الصليبيين كان يتجه نحو مصر
                ليسبقه إليها.فتحرك نورالدين على عجل،وجهز جيشًا بقيادة"أسد الدين شيركوه"
                يصحبه ابن أخيه صلاح الدين،ودخل جيش نورالدين مصرعام 560هـ/1164م، وسرعان ما انتصرعلى قوات"ضرغام"وأعاد"شاور"إلى السلطة،
                ترى هل يقدِّر"شاور"ما قام به تجاهه نورالدين وقائد جيشه أسد الدين شيركوه ؟
                لا،بل أراد أن يتخلص من أسد الدين وجيشه عندما أحس أنهما يقاسمانه النفوذ.


                الوزير الفاطمي يستنجد بالصليبيين
                هنا تكون كارثة بكل ما في الكلمة من معني!
                لقد استعان شاوربجيش الصليبيين الذي كان يرابط على الحدود،وسرعان ما
                استجاب جيش الصليبيين لشاورفدخل مصر،واشتبك مع جيوش نورالدين!
                واشتد القتال،ولكن لما لم ترجح كفة أحد الفريقين اتفقا على أن يرحلا معًا عن
                مصر،وسرعان ما جلا جيش نورالدين وجيش الصليبيين.
                ولكن جيش نورالدين عاد إلى مصرثانية في عام 563هـ/1167م .
                وعند ذلك أرسل "شاور" يستنجد بملك القدس المسيحي الذي أرسل جيوشه
                لمحاربة أسد الدين شيركوه،ولكن شيركوه هزم الصليبيين،واستولى على الإسكندرية التي نصَّب عليها ابن أخيه صلاح الدين الذي أظهرمواهبه الحربية في الدفاع عن الإسكندرية.وعلى الرغم من انتصارات شيركوه المؤقتة فإنه شعر ألا سبيل أمامه للاحتفاظ بمصر،فاتفق مع الصليبيين للمرة الثانية على جلاء الفريقين عنها.
                ولكن الصليبيين نقضوا العهد حين أعدوا حملة دخلت مصربغرض الاستيلاء
                عليها،وقد استولوا على"بلبيس"وأعملوا في سكانها القتل والنهب.


                انتصار شيركوه وصلاح الدين على الصليبيين
                وهنا أرسل الخليفة الفاطمي مستنجدًا بنورالدين الذي أرسل جيشه للمرة الثالثة
                سنة 564هـ/1169م،يقوده شيركوه،وصلاح الدين،وسرعان ما تم النصر
                على حملة الصليبيين في مصر،وانسحبت تاركة النفوذ والسيطرة لجيش شيركوه .
                وقد حاول شاورالعودة إلى سياسته القديمة،والتخلص من شيركوه؛
                ولكنه فشل وقُبض عليه وأُعدم.
                وعُيّن "شيركوه"وزيرًا للخليفة الفاطمي بدلا من شاور.وعندما مات شيركوه
                خلفه في الوزارة وقيادة الجيوش ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة 564هـ/1169م،وقد تركزت في يد صلاح الدين جميع السلطات،وتمرالأيام
                وصلاح الدين يتألق نجمه،وتظهر مع الأيام عبقريته،ويموت الخليفة الفاطمي
                العاضد سنة567هـ/1171م بعد أن ألغي صلاح الدين الخلافة الفاطمية،
                وتصبح السلطة الفعلية والنفوذ الحقيقي في يده،يقبض عليهما بيد من حديد.
                وراح الصليبيون يفكرون،لقد خلصت مصرلقوات المسلمين،وأصبحت في يد هذا
                الرجل الحديدي الذي سيوحد قوي المسلمين ويحطم قوي الصليبيين،
                وإن غدًا لناظره قريب.
                ظل صلاح الدين حاكمًا على مصرزمنًا طويلا يدعو للخليفة العباسي ولنورالدين
                من بعده.وتأسست الدولة الأيوبية بمصربعد وفاة نورالدين محمود 569هـ/1174م على يد صلاح الدين الأيوبي.
                لقد كان الفاطميون من الشيعة،أما الأيوبيون فهم من أهل السنة،ومن أجل هذا راح صلاح الدين يلغي مظاهرالخلافة الفاطمية ورسومها،ويُعطل معاهد الدعوة الشيعية وطقوسها.وعادت السنة إلى مصر..
                السُّنِّية التي رفضت كل مُعْتَقَد دخيل على ما جاءها به نبيها،وتمرالأيام فيرث
                صلاح الدين دولة نورالدين،ويخضع له أميرالموصل سنة 583هـ/1168م.
                لقد كانت دولة نورالدين تضم ما بين المسلمين من الشام والحجازواليمن،
                كما ضمت أجزاء من شمال إفريقية.فأصبحت دولة صلاح الدين تضم شمالي
                العراق
                ،وشرقي الشام،ثم الحجازواليمن ومصروبعض شمالي إفريقية.
                لقد كان هذا أكبراتحاد للقوي الإسلامية في ذلك الوقت الذي كانت فيه الدولة
                العباسية
                مفككة ضعيفة لا سلطان لها.وإن بينها وبين الدويلات الصليبية غدًا قريبًا
                تسترد فيه الأرض وتحمي العرض.
                وفي بعض الفترات كان صلاح الدين يعقد معاهدات مع الصليبيين ليتفرغ لتوحيد
                الجهة الإسلامية،ولكنهم نقضوا العهد،ذلك أن رجنلد(أنارط)أميرالكرك الصليبي
                نقض هذه المعاهدة،وقام الصليبيون ببعض الاستفزازات للمسلمين منها أن
                رجنلد هذا أعد أسطولا يعبث بشواطئ الحجازويهاجم الحجاج المسلمين،
                ودأب على مهاجمة القوافل الإسلامية.
                لا مفرإذن من وقوع الحرب بين الفريقين،وتقدمت قوات صلاح الدين
                من دمشق، ووجهتها القدس.


                موقعة حطين
                كان نصرالله المبين حيث التقت جيوش المسلمين بجيوش الصليبيين
                في "حطين"وكان ذلك في عام 583هـ/1187م.
                لقد جمع الصليبيون عشرين ألف مقاتل جمعوهم من كل دويلات الصليبيين .
                واشتبك الجيشان،وانجلت المعركة عن نصرساحق لصلاح الدين مع تدميرتام
                لجيش أعدائه.لم يكن أمام جيش صلاح الدين بعد معركة حطين إلا أن يتقدم نحو
                القدس،وقبل أن يتقدم نحوها استسلم له حصن"طبرية"،وفتح"عكا"واستولى على "الناصرية" و"قيسارية" و"حيفا" و"صيدا" و"بيروت"،وبعدها اتجه صلاح الدين
                إلى القدس.


                استرداد القدس
                ولكن الصليبيين تحصنوا بداخلها،فاتخذ صلاح الدين جبل الزيتون مركزًا لجيوشه، ورمى أسوارالمدينة بالحجارة عن طريق المنجانيق التي أمامها،ففرالمدافعون،
                وتقدم المسلمون ينقبون الأسوار،فاستسلم الفرنجة،وطلبوا الصلح،
                فقبل صلاح الدين،واتفق الطرفان على أن يخرج الفرنجة سالمين من المدينة
                على أن يدفع الرجل عشرة دنانير،والمرأة خمسة،والصبي دينارين،
                ووفى المسلمون لهم بهذا الوعد،وكان ضمن من خرجوا البطريرك الأكبر
                يحمل أموال البِيَع(الكنائس)وذخائرالمساجد التي كان الصليبيون قد غنموها
                في فتوحاتهم.


                رحمة صلاح الدين
                وفي هذه الأثناء،قال بعض المسلمين لصلاح الدين:
                إن هذا البطريرك يقوى بهذا المال على حرب المسلمين!
                فأجاب
                صلاح الدين:
                الإسلام لا يعرف الغدر،وقد أمّنا وعلينا الوفاء.

                وخرج الرجل بهذه الأموال.
                ويروى أن مجموعة من النبيلات والأميرات قلن لصلاح الدين وهن يغادرن
                بيت المقدس:"أيها السلطان! لقد مننت علينا بالحياة،
                ولكن كيف نعيش وأزواجنا وأولادنا في أسرك؟!

                وإذا كنا ندع هذه البلاد إلى الأبد فمن سيكون معنا من الرجال
                للحماية والسعي والمعاش؟!

                أيها السلطان! هَبْ لنا أزواجنا وأولادنا،
                فإنك إن لم تفعل أسلمتنا للعار والجوع".

                فتأثر صلاح الدين بذلك،فوهب لهن رجالهن،

                رحمك الله يا صلاح الدين،فقد كنت مثالا للرحمة والعفو وحسن الخلق،
                وكنت مثالا حسنًا لمبادئ الحضارة الإسلامية وعظمة الإسلام.

                فليتقدم البطل الفاتح ليطهرالبلاد والعباد من شراذم الصليبيين الذين دنسوا الأرض، واعتدوا على العرض.
                وتقدم جيش البطل صلاح الدين بل جيش الإسلام والمسلمين؛
                ليستولي على معظم مستعمرات الصليبيين ومناطقهم الهامة.
                وقد ساعد على نجاح هذه الحملات أن معظم حاميات الصليبيين لقيت حتفها
                في حطين.
                ويجيء عام 586هـ/1189م، ولم يَبْقَ في أيدي الصليبيين من كل أرض سوريا وفلسطين سوى صور وأنطاكية وطرابلس وبعض مدن وقلاع صغيرة مبعثرة هنا وهناك.
                والحق أن هذه الأماكن الساحلية التي استهان المسلمون بها وتركوها في أيدي
                الصليبيين كانت سببًا في كثير من المتاعب للدولة الإسلامية بعد ذلك،
                فقد تجمع فيها
                الصليبيون الفارون من الأماكن الأخرى،وقاموا بمهاجمة البلاد
                الإسلامية المجاورة
                ،واستولوا على بعضها وساعدوا الحملات الصليبية الثالثة
                التي جاءت من الغرب وكبدت المسلمين خسائر فادحة.


                ملوك أوربا يقودون الحرب الصليبية
                فقد كان لهذه الانتصارات وعلى رأسها سقوط القدس صدى مؤلم في أوربا
                أدى إلى إثارة الحماس مرة أخري،وتصاعدت صيحات إنقاذ الأراضي المقدسة
                تتردد في أرجاء أوربا.واتجهت الكنيسة إلى جمع الضرائب للحروب الصليبية، وشجعت الناس على الخروج لقتال المسلمين،
                وأعلن البابا أن من لم يستطع أن يخرج بنفسه وتبرع بالمال غُفرت له ذنوبه،
                ثم تطورهذا الأمر إلى إصدار صكوك الغفران لكل من يتبرع لهذه الحرب،
                أو يخرج فيها.

                وتم تعبئة عدد من الحملات يقودها ملك إنجلترا"ريتشارد"الملقب بقلب الأسد،
                و"فيليب أوغسطس" ملك فرنسا،و"فريدريك بربوسا" ملك الألمان.
                لقد كانت الحملة التى قادها فردريك فاشلة،وذلك لأن قائدها نفسه قد غرق في
                نهربأرمينية،فعاد معظم جيشه من حيث أتي،ولم يصل منه إلى الأراضي المقدسة
                سوى عدد قليل.وهكذا وقع عبء الحرب على ريتشارد وفيليب.
                وقبل وصول هذين الأخيرين،أخذ الصليبيون يجمعون قواتهم،ويحاولون القيام
                بعمل مضاد لحركات صلاح الدين..فوجهوا قواتهم لتحاصرعكا من البر،
                وأساطيلهم لتحاصرها من البحر،وكان في استطاعة صلاح الدين أن يقضي على
                الجيش الصليبي لولا وصول ريتشارد وجيوشه في ذلك الوقت.
                وقد طال الحصارالبحري البري مدة عامين كاملين من سنة
                (586-588هـ/1189-1191م)ضرب فيها الفريقان أسمى أمثلة
                الشجاعة، وأخيرًا سقطت عكا في أيدي الصليبيين.

                الصليبيون يقتلون الأسري
                وتوصل الجانبان إلى اتفاق يطلق بمقتضاه الصليبيون سراح حامية عكا،
                شريطة أن يدفع صلاح الدين 200 ألف قطعة ذهبية.
                وقد حدث أن تأخر دفع المبلغ المتفق عليه،فأمرريتشارد بإعدام كل أسراه،
                وعددهم 2700 أسير،وهذه نقطة سوداء في تاريخه،يقابلها من جانب صلاح
                الدين
                نبل عظيم في معاملة أسراه؛حيث كان يتعامل معهم بالرحمة والتسامح.

                صلح الرملة
                استمرت المناوشات البسيطة بين الفريقين،ولكن ريتشارد مَلَّ الحرب،
                وخاف على ملكه في أوربا،فجرت بينه وبين صلاح الدين مشاورات ومراسلات،
                ومن أهم ما جاء في هذه المراسلات ماكتبه ريتشارد إلى صلاح الدين يقول:
                إن المسلمين والفرنج قد هلكوا وخربت ديارهم،وتلفت الأموال والأرواح،
                وليس هناك حديث سوى
                القدس والصليب،والقدس مُتَعَبَّدُنا ما ننزل عنه،
                و
                الصليب خشبة عندكم لا مقدارله، وهوعندنا عظيم؛فيَمُنّ به السلطان
                علينا ونستريح من هذا العناء.


                فأجاب صلاح الدين:
                القدس لنا كما هو لكم،وهوعندنا أعظم مما هو عندكم،فإنه مسرى نبينا
                ومجتمع الملائكة،فلا تتصور أن ننزل عنه،وأما البلاد فهي لنا واستيلاؤكم
                كان طارئًا عليها لضعف المسلمين،وأما الصليب فهلاكه عندنا قُربة عظيمة فلا
                يجوز أن نفرط فيه إلا لمصلحة أوفي منه.

                وقد أدت هذه المفاوضات إلى عقد اتفاق بين الجانبين وهو صلح الرملة
                سنة 589هـ/1192م،
                وشروطه:
                ترك أراضي الساحل للصليبيين،ومنها صوروعكا ويافا وعسقلان،
                في حين أصبح داخل البلاد لصلاح الدين على أن يسمح للمسيحيين بالحج
                إلى بيت المقدس،وأن يتعهد بحمايتهم.

                موقف أبناء صلاح الدين من الصليبيين
                ولما مات صلاح الدين سنة 589هـ/1192م،حكمت أسرته من بعده،
                فحكم أخوه العادل مصرومعظم أجزاء الشام،وخلفه ابنه الكامل الذي سقطت
                دمياط في عهده في يد الصليبيين لما هاجموا مصرسنة 615هـ،
                ثم انسحبوا منها مدحورين..بعد هزيمة فادحة أدت بهم إلى الجلاء عن مصر
                سنة 618هـ، بعد الصلح مع الملك الكامل،فقد قطع المصريون جسرالنيل
                فغرقت الأرض بالمياه وأوشك الصليبيون علي الهلاك،فطلبوا الصلح.

                أسر ملك فرنسا
                كما تعرضت مصرأيضا لحملة صليبية جديدة قادها ملك فرنسا لويس التاسع
                الذي استولى على دمياط سنة 647هـ،ولكنه وقع أسيرًا فحمل مكبلا بالسلاسل
                إلى المنصورة حيث سجن في دار قاضيها ابن لقمان،وكان ذلك بفضل حكمة
                وقيادة ركن الدين بيبرس للقوات المصرية،وافتدى نفسه بتسليم دمياط للمسلمين
                ودفع فدية مالية،وعادت دمياط إلى الأيوبيين سنة 648هـ .
                وأمام التهديد الدائم من قبل الصليبيين للإسكندرية وغيرها من مدن الشام،
                لم يقف المماليك البرجية مكتوفي الأيدي؛بل راحوا يفكرون في قطع دابر
                الصليبيين"بقبرص"وكان لهم ما أرادوا،حتى تمكنوا في عهد الأشرف بَرْسِباي
                سنة 829هـ/ 1426م،من هذا الأمل،وأسروا ملك الصليبيين الذي ظل أسيرًا
                بمصرحتى سنة 830هـ/1427م،ولم يفك أسره إلا بعد دفع جزية كبيرة
                على أن يعترف بسيادة المماليك علي قبرص!
                وتظل لمصرالسيادة على قبرص في عهد المماليك البرجية حتى سنة
                923هـ/ 1517م،
                وهي السنة التي آل فيها حكم البلاد إلى العثمانيين،
                وسقطت دولة المماليك البرجية.

                نتائج الحروب الصليبية
                وبهذا فشلت الحروب الصليبية،
                ولكن برغم الفشل السياسي والحربي للحملات الصليبية فإن هذه
                الحروب كان لها نتائج بالغة الأثر؛
                منها اتساع تجارة أوربا وبخاصة "جنوا" و"البندقية" و"بيزا"
                مع موانئ الشام.
                ولم يقتصرهذا الاتساع على الفترة التي سيطر فيها الصليبيون على
                الأراضي المقدسة،بل استمر حتى بعد أن أجلوا عن الإقليم كله.
                كما ساعدت على انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوربا.


                تمت بحمد الله وتوفيقه ،،،

                المرجع المستخدم فى إعداد الموسوعة
                كتاب موسوعة التاريخ الإسلامي
                تأليف: العلامة المحقق الدكتور أحمد شلبي-رحمه الله-
                وهو بشهادة الأكثرين من العلماء الباحثين المحققين المدققين الذين
                أثروا المكتبة الإسلامية بالكثيرمن المؤلفات والمصنفات الموثقة


                وسنتبع ذلك على فترات بترجمات لبعض شخصيات
                أثرت التاريخ الإسلامى
                ضمن تلك الموسوعة
                لتكون مرجع شامل لمن أراد

                __________________

                تعليق


                • #23
                  رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة


                  تعليق


                  • #24
                    رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

                    جزاك الله خيرا بارك الله فيك

                    تعليق


                    • #25
                      رد: موسوعة التاريخ الإسلامى للأسرة المسلمة

                      جزاكم الله خيراً ونفع بكم
                      القمم .. لأهل الهمم ، ومن هجر الرقاد سبق العباد

                      ----
                      من نذر نفسه لخدمة دين الله سيعيش متعبًا ولكن سيحيا كبيرًا؛
                      فالحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيل الله .
                      ________

                      خاب وخسر من أبتعد عن خدمة دين الله .






                      تعليق

                      يعمل...
                      X